کتابخانه
532

سمعه من رجلٍ عن عليّ بن الحسن؟ وبهذا يسقط عن الحجّية.

وأمّا الطريق الآخر المعتبر فهو هذا: محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سئل عن الزبيب كيف يحلّ طبخه حتّى يشرب حلالًا؟ قال: «تأخذ ربعاً من زبيبٍ فتنقّيه، ثمّ تطرح عليه اثني عشر رطلًا من ماء، ثم تنقعه ليلة، فإذا كان من غدٍ نزعت سلافته، ثمّ تنزع ماءه فتصبّه على الأوّل، ثم تطرحه في إناءٍ واحد، ثمّ توقد تحته النار حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وتحته النار، ثمّ تأخذ رطل عسلٍ فتغليه بالنار غليةً، وتنزع رغوته، ثمّ تطرحه على المطبوخ، ثمّ اضربه حتّى يختلط به، واطرح فيه إن شئت زعفراناً، وطيّبته إن شئت بزنجبيلٍ قليل، قال: فإن أردت أن تقسِّمه أثلاثاً لتطبخه فكِلْه بشي‏ءٍ واحدٍ حتّى تعلم كم هو، ثمّ اطرح عليه الأوّل في الإناء الذي تغليه فيه، ثمّ تضع فيه مقداراً، وحدّه حيث يبلغ الماء، ثم اطرح الثلث الآخر، ثمّ حدّه حيث يبلغ الماء، ثمّ تطرح الثلث الأخير، ثمّ تحدّه حيث يبلغ الماء، ثمّ توقد تحته بنارٍ ليّنةٍ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه»[1].

وتقريب الاستدلال بهذه الرواية، هو: أنّ عماراً يسأل أ نّه كيف يحلّ طبخه بحيث يشرب حلالًا؟ فبيّن الإمام عليه السلام أ نّه لابدّ من إذهاب الثلثين، ومقتضى ذلك الحرمة قبل ذهاب الثلثين.

والإنصاف عدم تمامية الدلالة، إذ أ نّا لو نظرنا إلى السؤال وحده فإنّما يدلّ على ارتكاز محذورٍ في نظر الراوي يبتلى به العصير الزبيبيّ أحياناً، فأراد أن يعرف طريقاً يتخلّص به عنه، ولعلّ ذاك المحذور عبارة عن مشكلة الإسكار،

 

[1] المصدر السابق: 290، الحديث 3

531

المحذور الشرعي، والاطمئنان بذلك ولو بلحاظ مجموع الروايات ممّا لا ينبغي الإشكال فيه.

لكن لعلّ هذا المحذور هو المعرضية للإسكار، لا الحرمة الفعلية، فالشارع أعطى‏ قاعدةً عامّة، وهي: أ نّه بعد التثليث لا يكون مسكراً، ويكون حلالًا ما لم يثبت صدفةً إسكاره، فالرواية مجملة إن لم نقل بأنّ ظاهرها هو ذلك، أي النظر إلى المعرضية للإسكار بقرينة قوله: «وهو شراب طيّب لا يتغيّر إذا بقي إن شاء اللَّه»، فهذا يناسب النظر إلى المحذور الذي ينشأ من طول الزمان وهو الإسكار.

مضافاً إلى أنّ الحديث غير معتبرٍ سنداً؛ لِمَا فيه من الإرسال، بغضّ النظر عن ملاحظة حال نفس المذكورين في السند.

الوجه الخامس: رواية عمّار، وله روايتان، والمطمئنّ به أنّهما واقعة واحدة، باعتبار أنّ كلّاً منهما تتعرّض إلى سنخ سؤالٍ واحدٍ وجوابٍ واحدٍ بتمام تفاصيله، مع وحدة الراوي عنه، والراوي عن الراوي عنه، فيحصل الاطمئنان بحساب الاحتمالات بأ نّه واقعة واحدة، ولكن نقل بالمعنى فاختلف النقل، وأحد السندين غير معتبر، والآخر معتبر، وإن اطلق في بعض الكتب على كلتا الروايتين أنّهما موثّقتان.

أمّا الطريق غير المعتبر فهو هذا: محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن (يعني ابن فضّال)، أو رجل، عن عليّ بن الحسن، عن عمرو ابن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى الساباطي‏[1]، فهنا كأنّ محمد بن يحيى متردّد لا يدري هل سمع الحديث ابتداءً من عليّ بن الحسن أو

 

[1] وسائل الشيعة 25: 289، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 2

530

لا يتغيّر إذا بقي إن شاء اللَّه …»[1].

وقد يناقش في دلالة الحديث بحمله على أنّ السائل راجع الإمام عليه السلام هنا كطبيب، والإمام أعطاه وصفة، فيدلّ على أنّ ذهاب الثلثين دخيل في الدواء.

ويؤيّد ذلك: بأنّ في بعض الروايات نقل الأمر باذهاب الثلثين عن الأطبّاء، كما عن السيّاريّ، عمّن ذكره، عن إسحاق بن عمّار، قال: شكوت إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام بعض الوجع، وقلت له: إنّ الطبيب وصف لي شراباً آخذ الزبيب وأصبّ عليه الماء للواحد اثنين، ثمّ أصبّ عليه العسل، ثمّ أطبخه حتّى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث، قال: «أليس حلواً؟!» قلت: بلى، قال: «اشربه»، ولم أخبره كم العسل‏[2].

إلّاأنّ حمل الحديث على مراجعة الإمام بوصفه طبيباً بعيد في نفسه، والذي يظهر من ملاحظة مجموع الروايات الواردة في هذا الباب أنّ الناس وقتئذٍ وقعوا في مشكلةٍ حينما حرم عليهم الخمر والمسكر؛ لأنّهم كانوا معتادين على أن يستعينوا على هضم غذائهم باستعمال المسكر، حتّى أفتى بعض علمائهم بجواز استعمال المسكر الكأس والكأسين والثلاثة والأربعة ما لم يبلغ درجةً توجب فقد وعيه وصيرورته إنساناً غير متوازن، وهذا الشخص يشتكي من هذه الناحية إلى الإمام عليه السلام بما هو إمام، أي بما هو محرِّم للمسكر، فيقول: أنت تحرِّم المسكر وأنا مبتلىً بالقراقر فماذا أصنع؟ فيقول: «اشرب ما نحن نشربه»، أي: اشرب شراباً ليس مسكراً أو محرّماً.

والحاصل: أنّ ظهور الرواية في أنّ الإمام بصدد بيان شرابٍ خالٍ من‏

 

[1] وسائل الشيعة 25: 290، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 4

[2] المصدر السابق: 291، الحديث 5

529

الحسن، عن عليّ بن جعفر، ولا نبني على وثاقة عبد اللَّه بن الحسن.
وأمّا من حيث الدلالة فلأنّ غاية ما تدلّ عليه هذه الرواية هي: أ نّه كان من المركوز في ذهن السائل وجود محذورٍ فارقٍ بين ما قبل ذهاب الثلثين وما بعده، والإمام عليه السلام أمضاه بالسكوت، وكما يحتمل أن يكون ذلك المحذور المركوز في ذهنه هو الحرمة الفعلية كذلك يحتمل أن يكون هو المَعْرضية للإسكار.
وممّا يشهد أو يؤيّد الثاني قوله: «فيشرب منه السنة»، فهذا مؤيّد لكون نظره إلى الحرمة التي تحصل من امتداد الزمان، وهي حرمة النشّ من نفسه، والإسكار، فيرجع جواب الإمام عليه السلام إلى أ نّه بعد ذهاب الثلثين ترتفع المعرضية والحرمة الإسكارية.
الوجه الرابع: رواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: شكوت إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام قراقر تصيبني في معدتي، وقلة استمرائي الطعام، فقال لي:
«لم لا تتّخذ نبيذاً نشربه نحن، وهو يمرئ الطعام، ويذهب بالقراقر والرياح من البطن؟»، قال: فقلت له: صفه لي جعلت فداك، قال: «تأخذ صاعاً من زبيبٍ فتنقيه من حبّه وما فيه، ثمّ تغسله بالماء غسلًا جيّداً، ثمّ تنقعه في مثله من الماء أو ما يغمره، ثمّ تتركه في الشتاء ثلاثة أيّامٍ بلياليها، وفي الصيف يوماً وليلة، فإذا أتى عليه ذلك القدر صفّيته وأخذت صفوته وجعلته في إناء، وأخذت مقداره بعودٍ ثمّ طبخته طبخاً رقيقاً حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، ثمّ تجعل عليه نصف رطل عسلٍ، وتأخذ مقدار العسل ثمّ تطبخه حتّى تذهب الزيادة، ثمّ تأخذ زنجبيلًا وخولنجان ودارصيني وزعفران وقرنفلًا ومصطكي، وتدقّه وتجعله في خرقةٍ رقيقةٍ وتطرحه فيه وتغليه معه غلية، ثمّ تنزله، فإذا برد صفّيت وأخذت منه على غدائك وعشائك، قال: ففعلت فذهب عنّي ما كنت أجده، وهو شراب طيّب‏

528

النسخة التي وجدها المجلسّي هي بخطّ الآبي؟ وليس هناك شاهد على ذلك إلّا وجود اسمه عليها، وليس للمجلسّي طريق متّصل في مقام نقلها، ومجرّد أنّ الروايات المنقولة في الكتب عن زيدٍ موجودةٍ في هذه النسخة لا يوجب الاطمئنان بعدم وقوع التحريف على الأقلّ بزيادةٍ أو نقيصة، خصوصاً مع اشتمال النسخة على رواياتٍ غريبةٍ ومعانٍ مستنكرة، من قبيل رؤية اللَّه تعالى، ومخاصرة المؤمن له يوم القيامة، وقال هكذا: يخاصره‏[1] (تعالى اللَّه عن ذلك علوّاً كبيراً)، وهذا يوجب احتمال أنّ هذه النسخة هي التي زوّرها محمد بن موسى، ولعلّها غير النسخة التي كان للنجاشيّ طريق صحيح لها إلى محمد بن أبي عمير.

ونستخلص من كلّ ذلك عدم تمامية الرواية.

الوجه الثالث: رواية عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام، قال:

سألته عن الزبيب هل يصلح أن يطبخ حتّى يخرج طعمه، ثم يؤخذ الماء فيطبخ حتّى يذهب ثلثه، ثمّ يرفع فيشرب منه السنة؟ فقال: «لا بأس به»[2].

فيقال: لو فرض حلّيته حتّى قبل ذهاب الثلثين فأيّ وجهٍ للتقييد بذهاب الثلثين وبقاء الثلث في هذه الرواية؟

إلّاأنّ هذه الرواية غير تامّةٍ سنداً ولا دلالةً.

أمّا من حيث السند فلأ نّه رواها الكلينّي‏[3] بسندٍ فيه سهل بن زياد، وهو غير ثابت الوثاقة عندنا. ورواها الحميريّ في قرب الإسناد[4]، عن عبد اللَّه بن‏

 

[1] كما حكاه في بحار الأنوار عن كتاب زيد 7: 276، الحديث 51

[2] وسائل الشيعة 17: 236، الباب 8 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 2

[3] الكافي 6: 421، الحديث 10

[4] قرب الإسناد: 271، الحديث 1077

527

لا بأس به، إلّاأنّ هذا ليس هو كلام الآبي، وإنّما استنسخ الآبي هذه النسخة عن شخصٍ آخر، وهو محمد بن الحسن القمّي، وهذا ينقل عن التلعكبريّ، ولا يمكن للآبيّ أن ينقل عن التلعكبريّ مباشرةً.

وقد قال المجلسيّ قدس سره: أخذناها من نسخةٍ عتيقةٍ مصحَّحةٍ بخط الشيخ منصور ابن الحسن الآبي، وهو نقله من خط الشيخ الجليل محمد بن الحسن القمّي، وكان تأريخ كتابتها (يعني عند القمّي) سنة 374، وذكر (يعني القمّي): أ نّه أخذها وسائر الاصول المذكورة بعد ذلك من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري‏[1].

وهنا يوجد إشكالان في هذا السند:

أحدهما: أنّ الشيخ الآبي لم يعاصر محمد بن الحسن القمّي، والموثوق به أ نّه لم يكن مولوداً بعد في تأريخ كتابة النسخة، فلابدّ له من طريقٍ إليه وهو مجهول عندنا.

وقد يعالج هذا الإشكال بلحاظ كان الآبي حصل على النسخة بخطّ القمّي، فلعلّ خطّ القمّي- لقرب العهد- كان معروفاً مشهوراً على نحوٍ ترجع شهادة الآبي معه إلى الحسّ.

والإشكال الآخر: أنّ محمد بن الحسن القمّي لم تثبت وثاقته، لا من كان بهذا العنوان الذي ورد في كلام المجلسّي، ولا بعنوان أبي الحسن محمد بن الحسين بن أيّوب القمّي، الذي نقل المحدّث المحقّق النوريّ وجدان اسمه على نسخةٍ من أصل زيد الزرّاد، وبذلك يسقط السند.

النقطة الرابعة: لو سلّمنا تمامية سند الآبيّ إلى زيدٍ يبقى أ نّه كيف نثبت أن‏

 

[1] بحار الأنوار 1: 43

526

ففي ترجمة زيد الزرّاد قال النجاشيّ: له كتاب، أخبرنا به محمد بن محمد (يعني المفيد وهو ليس قمّيّاً)، قال: حدّثنا جعفر بن محمد (يعني ابن قولويه القمّيّ من كبار القمّيّين)، قال: حدّثني، أبي، وعليّ بن الحسين (يعني أبا الصدوق الذي ضعّف الكتاب)، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي … إلى آخره‏[1]، فهؤلاء معاصرون للصدوق ولشيخه، أو متقدّمون عليهما حسب اختلاف رتبهم، فكيف يفرض أنّ تزوير تلك الاصول كان واضحاً عند الصدوق وشيخه على مستوى الحسّ، واختفى مع ذلك على هؤلاء الذين عاشوا نفس ظروفه؟

هذا، مضافاً إلى ما أشار إليه ابن الغضائريّ من قرينة خلوّ الطريق من محمد ابن موسى على عدم صحة التهمة، فلا يبعد إذاً وجود أصلٍ لزيدٍ في الجملة.

النقطة الثالثة: هي أ نّه كيف نثبت وجود هذه الرواية في أصل زيد النرسي، فقد وجدت نسخة عتيقة قال عنها المجلسيّ بأ نّها بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي، ولنفرض الآن العلم بأنّ تلك النسخة كانت بخطّ الشيخ منصور، ولكن من الواضح أنّ كتاب زيد النرسيّ ليس من المتواترات التي لا تحتاج إلى سند، فلابدّ من معرفة سند الآبي- الذي هو من تلامذة الطوسي- إلى زيد النرسي، الذي هو من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام، بعد الفراغ عن وثاقة الآبيّ نفسه.

وقد جاء في أوّل هذه النسخة على ما في البحار: حدّثنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيّده اللَّه، قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا جعفر بن عبد اللَّه العلوي أبو عبد اللَّه المحمدي، قال: حدّثنا محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي‏[2]. وهذا السند بتمامه‏

 

[1] رجال النجاشي: 175، الرقم 461

[2] بحار الأنوار 1: 43

525

ابن الغضائريّ شيئاً.

ومنها: انتشار النقل في كتب الأصحاب عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، كما في كتب الصدوق‏[1] نفسه، وكتاب كامل الزيارات‏[2]، والكافي‏[3]، حتّى قال بعضهم‏[4]: إنّ الصدوق لعلّه أيضاً عدل عن إنكاره للأصل؛ لأنّه نقل عن محمد ابن أبي عمير عن زيد النرسي في كتاب ثواب الأعمال‏[5]. إلّاأنّ هذه القرينة لا يمكن الاعتماد عليها إذا لم يعلم كون النقل عن أصل النرسي، وليس في المنقول ما يدلّ على ذلك.

ومنها: أنّ الروايات المنقولة عن زيد النرسيّ في الكتب المعتبرة موجودة في الأصل المنسوب إليه، ومن البعيد- بحساب الاحتمالات- وضع كتابٍ مزوّرٍ على شخصٍ وتقع فيه من باب الصدفة تمام الروايات التي نقلت في الواقع عنه، ولكنّ هذا إنّما يستبعد إذا لم يكن الواضع بصيراً، واحتمل إعماله للعناية في التلبيس والتقاط الصحيح ودسّه في غيره للتمويه.

ومنها: أ نّه يغلب على الظنّ أن يكون كلام الصدوق وشيخه مبنيّاً على الحدس، لا على حسٍّ واضح، إذ يبعّد ذلك أنّ الرجال الذين وقعوا في طريق النجاشيّ إلى النرسيّ والزرّاد كلّهم- تقريباً- من كبار القمّيّين، أي من كبار الحوزة التي عاش فيها محمد بن الحسن بن الوليد والصدوق.

 

[1] من لا يحضره الفقيه 4: 207، الحديث 5482

[2] كامل الزيارات: 510، الرقم 795

[3] الكافي 2: 185، الحديث 3، و 4: 147، الحديث 6

[4] لم نعثر عليه

[5] ثواب الأعمال: 20، وفيه:« زيد البرسي»، وهو غلط

524

إلّا عن ثقة. أو عن طريق وقوعه في أسانيد كامل الزيارات، بناءً على كبرى غير مقبولةٍ تقتضي بشمول توثيق صاحب الكتاب لجميع من دخل في أسانيده.

النقطة الثانية: في تحقيق أنّ زيداً هل له أصل بالنحو الذي تفترضه الرواية المذكورة، أو لا؟ فالشيخ الطوسيّ والنجاشيّ ذكرا: أ نّه كان له كتاب، ونقلاه عن ابن أبي عمير، وصرّح النجاشيّ بطريقه إليه‏[1]، ويعارض ذلك ما نقله الشيخ في الفهرست عن الصدوق وشيخه، إذ قال: زيد النرسي وزيد الزرّاد لهما أصلان لم يروِهما محمد بن علي بن الحسين.

وقال في فهرسته: لم يروِهما محمد بن الحسن بن الوليد، وكان يقول: هما موضوعان، وكذلك كتاب خالد بن عبد اللَّه بن سدير، وكان يقول: وضع هذه الاصول محمد بن موسى الهمداني‏[2]. ويمكن أن نضعّف هذه الشهادة النافية بامور:

منها: ما نقل عن ابن الغضائريّ- على تقدير ثبوت كلماته- من تخطئة الصدوق وشيخه في ذلك، قائلًا: قال أبو جعفر: إنّ كتابهما موضوع، وضعه محمد ابن موسى السمّان، وغلط أبو جعفر في هذا القول، فإنّي رأيت كتبهما مسموعة من محمد بن أبي عمير[3].

غير أنّ ظاهر كلام ابن الغضائريّ- على تقدير ثبوته- الاعتماد في معارضة أبي جعفر على قرينةٍ حدسية، وهي: أ نّه لو كان محمد بن موسى هو الواضع لوقع في طريق نقل الموضوع، وهذه القرينة ندركها أيضاً، فلا يزيدنا كلام‏

 

[1] رجال النجاشي: 174، الرقم 460

[2] الفهرست: 130، الرقم 299

[3] نقله عنه في مجمع الرجال 3: 84