فالعقيدة الإسلامية ينبغي أن تكون في نظر الإسلام ينبوعاً لأعمق العواطف في نفس المسلم، كعاطفة الحبّ العميق للَّهولرسوله ولرسالته التي تسموا على كلّ عاطفةٍ وتهون في سبيلها كلُّ العلائق: علائق الابوّة، والبنوَّة، والاخوّة، والزوجية، والعشيرة، وعلائق المال والتجارة، والمسكن، ويقوم على أساسها التقدير العاطفي لكلّ موقفٍ ولكلّ واقع.
ثانياً: أنّ الطريقة العامّة للإسلام لمّا كانت قائمةً على مزج الفكرة بالعاطفة جاز للدعوة الإسلامية أن تمزج الفكرة بالعاطفة في تبشيرها ووسائلها، وأن تعتبر العواطف الموجودة في المجتمع التي تساعدها على إنجاح سياستها من القوى التي تتملّكها في سبيل التبشير، ولكن شريطة أن يتوفّر في تلك العواطف الطابع الإسلامي بأن تكون قائمةً على مفاهيم فكريةٍ معيّنةٍ تتّفق ووجهة نظر الإسلام العامّة.
وأمّا العواطف السطحية المائعة التي لا تستند إلى مفهوم والتي يثيرها الإحساس أكثر ممّا يثيرها الفكر فليس من الصحيح للدعوة أن ترتكز على هذه العواطف؛ لأنّ انتشار هذه العواطف المنخفضة الذي يؤدِّي إلى سيطرتها في المجتمع يشكلّ خطراً على الدعوات الفكرية التي تحاول الارتفاع بذهنية الامّة إلى المستوى الفكري والتسامي بها عن المشاعر المرتجلة والأحاسيس الساذجة.
وأكثر من تلك العواطف السطحية خطراً العواطف التي تستمدّ جذورها النفسية من مفاهيم فكريةٍ تتعارض مع مفاهيم الدعوة، وإن أمكن للدعوة من تجنّد تلك العواطف في سبيل الوصول إلى هدفٍ معيّنٍ وتحطيم قوةٍ معارضةٍ في الميدان، أو أن تستخدمها وتستثمرها إلى فترةٍ معيّنة، كما تفعل بعض الدعوات التي تتستّر في كثيرٍ من مراحلها بواجهاتٍ تستهوي عواطف الناس بالرغم من