عمل الإسلام لإيجادها في نفس المسلم وربطها بمفهومه الخاصّ عن المساواة ليصاغ المفهوم في شعورٍ عاطفيٍّ دفّاقٍ قادرٍ على الحركة والتوجيه طبقاً لمتطلّبات المفهوم.
وعلى ضوء ذلك نستطيع أن نرتّب ما يلي:
أولًا: أنّ العقيدة كما يجب أن تكون قاعدةً فكريةً للشخصية الإسلامية وحجر الزواية في تفكيرنا ومفاهيمنا طبقاً لما أوضحناه في العدد السابق كذلك يجب أن تكون قاعدةً للعواطف التي تنشأ عليها الشخصية الإسلامية وتُنَمَّى فيها بمختلف الوسائل والأساليب، لأنّ العواطف التي يرتضيها الإسلام للمسلم هي العواطف الفكرية، أي العواطف التي ترتكز على مفاهيم فكريةٍ معيّنة.
وحيث إنّ الإسلام هو القاعدة الأساسية للمفاهيم الفكرية التي تتكوّن منها العقلية الإسلامية كان من نتيجة ذلك طبيعياً أن يكون هو القاعدة والينبوع الأساسي لأعمق العواطف التي تتكوّن منها النفسية الإسلامية، وبمقدار ما تكون الرسالة أكثر عمقاً وتركّزاً في موضعها الرئيسي من عواطف المسلم ترتفع شخصيته النفسية ويكتمل طابعه الإسلامي، كما ترتفع شخصيته الفكرية ويكتمل طابعه بمقدار وجود القاعدة الإسلامية وتمركزها فيها.
وقد عبّر القرآن الكريم تعبيراً رائعاً عن العقيدة الإسلامية بصفتها الينبوع الأساسيّ لأعمق العواطف في النفسية الإسلامية، إذ قال: «قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ»[1].
[1] التوبة: 24