بسم الله الرحمن الرحيم‏

رسالتُنا ومعالمها الرئيسيّة

لكلّ رسالةٍ معالمها الرئيسية التي تحدّد كيانها الخاصّ وتميّزه عن كيانات الرسالات الاخرى، وتختلف الرسالات في هذه المعالم تبعاً لاختلافها فيما ترتكز عليه من أفكارٍ ومفاهيم، ويمكننا تلخيص المعالم الرئيسية لرسالتنا الإسلامية في الامور التالية:
أولًا: النظرة الروحية إلى الحياة والكون بصورةٍ عامّة، ولا تعني الروحية هذه إنكار المعاني المادّية للكون أو حصر نطاق الوجود في الروح والروحيات كما يشاء الكثير من الكتّاب الاوروبّيين أن يفسِّروا النظرة الروحية بذلك. فالإسلام يعترف بالحقائق الروحية والمادية، وإنّما يربط تلك الحقائق جميعاً بسببٍ مشتركٍ أعمق وهو اللَّه تعالى. فالنظرة الروحية في جوهرها إذن عبارة عن إدراك صلة الحياة والكون باللَّه وانبثاقها عن قدرته وتقديره، وبهذا المعنى يمكن أن نعتبر الكون بصورة عامة روحياً، لأن تلك الصلة بالمبدع الخلّاق- صلة الخلق والإبداع- تشمل المادة كما تشمل الروح وتنفذ إلى سياستها جميع محتويات الكون وحقائقه.
وليست هذه النظرة الروحية التي تتمثّل فيها الحقيقة الكبرى للكون نظريةً مجرّدة، وإنّما تتّصل بالوجود العملي للإنسان كلّ الإتّصال، وتحدّد له موقفه من عالمه الذي يعيشه والحياة التي يحياها ويستمد الإنسان منها، أو على ضوئها اتّجاهه العام الذي ينعكس في نشاطاته وأفعاله.