هي تبعثه فعلًا بما يشعّ في نصوصها القرآنية والنبوية من وعدٍ بالنصر إذا خلصت النية وأحكمت الخطّة على أساس الإسلام.
وثالثاً: الدافع الذاتي، فإنّ الإنسان العادي مهما تصل به دوافعه المثالية فإنّ للدافع الذاتي أثراً بليغاً في حياته واندفاعه، ومن هنا تنشأ المشكلة في كثيرٍ من الدعوات والرسالات، لأنّ الرسالة تتطلّب المثالية في الدوافع وروح التضحية والمفاداة، والدعوة تتطلّب شيئاً من الدوافع الذاتية التي تزيد من حرارتها وقوتها واندفاعها؛ ولأجل ذلك نجد أنّ الدعاة كثيراً ما يغرقون بعد زمنٍ قصيرٍ أو طويلٍ من دعوتهم أو انتصارهم في الدوافع الذاتية، وتخبو في نفوسهم تلك الدوافع المثالية بالتدريج لتحلّ مكانها دوافع الذات، وتصبح الرسالة أداةً ومبرّراً لتلبية هذه الدوافع بعد أن فقدت في نفوس الدعاة دوافعها المثالية. وأمّا الإسلام فهو يختلف عن بقية الرسالات في قدرته على تسخير الدوافع الأنانية والمثالية معاً لصالحه، فإنّ طبيعة الرسالة الإسلامية إقناع المسلم بأنّ الإخلاص لهذه الرسالة والدعوة إليها والتضحية في سبيلها مكسب شخصيّ قبل أن يكون مكسباً مثالياً أو اجتماعياً، وربح لجزاءٍ ونعيمٍ لا حدود له قبل أن يكون عاطفةً مثالية أو اندفاعاً تحمسياً. وهكذا تجنّد الرسالة الإسلامية جميع الدوافع الإنسانية لصالحها، وتجعل من الدوافع الأنانية دوافع خيّرةً تواكب الدوافع المثالية في مقتضياتها ومتطلّباتها، فالرسالة الإسلامية إذن:
رسالة عقيدةٍ وإيمان.
رسالة أملٍ ورجاء.
ورسالة تجنيدٍ لكلّ الدوافع والقوى الإنسانية.