کتابخانه
502

تكن قيمته أكثر من ذلك المال لم يجب عليه شي‏ء، فالذي يشتري تنكة النفط بمئة فلسٍ من الحكومة لا خمس عليه فيه إذ لا تزيد قيمته على المئة فلس. نعم، الذي يشتري جملةً وافرةً من الحكومة بخمسةٍ وتسعين فلساً- مثلًا- فيبيعها على الناس بمئةٍ يكون عليه خمس الخمسة فلوس وهو خمس المعدن، وإذا كان المستخرج للمعدن من يعتقد وجوب الخمس فيه فباعه وجب على البائع إخراج خمسه، فإذا لم يخرجه وجب على المشتري إخراج خمسه، إذا شكّ المشتري في أنّ البائع دفع الخمس جاز له حمل البائع على الصحّة[1]، وإذا علم أ نّه لم يدفع الخمس وشك في أ نّه ممن لا يعتقد وجوب الخمس بنى على العدم ووجب إخراج الخمس على المشتري.

 

[1] لا يخلو من إشكال، ولكن يجوز للمشتري المؤمن التصرّف فيه حتّى مع العلم بعدم دفع البائع فضلًا عن الشكّ

501

ففيه إشكال، والأحوط تركه إلّابإذن الحاكم الشرعي. نعم، يجوز دفعه في البلد إلى وكيل الفقير وإن كان هو في البلد الآخر، ووكيل الحاكم الشرعي، وكذا إذا وكَّل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثمَّ ينقله إليه.

مسألة (75): إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك فالأحوط تحرِّي أقرب الأزمنة في الدفع، سواء أكان بلد المالك أم المال أم غيرهما.

مسألة (76): في صحّة عزل الخمس بحيث يتعيّن في مالٍ مخصوصٍ إشكال، وعليه فإذا نقله إلى بلدٍ لعدم وجود المستحقّ فتلف بلا تفريطٍ يشكل فراغ ذمّة المالك. نعم، إذا صحّ العزل فلا ضمان عليه.

مسألة (77): إذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس اشكال، فالأحوط وجوباً الاستئذان من الحاكم الشرعي في الاحتساب المذكور زائداً على استئذانه في أصل الدفع الذي عرفت أ نّه الأحوط.

مسألة (78): إذا اشترى المؤمن ما فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكافر ونحوه جاز له التصرّف فيه من دون إخراج الخمس، فإنّ الأئمّة- عليهم أفضل الصلاة والسلام- قد أباحوا لشيعتهم ذلك، سواءً أكان من ربح تجارةٍ أم معدنٍ أم غيرهما، وسواءً أكان من المناكح والمساكن أم غيرهما، وإذا اشترى المؤمن أو غيره ما فيه الخمس ممّن يعتقد وجوبه وجب عليه إخراجه‏[1]. ومن ذلك يظهر أنّ النفط إذا كان المستخرج له شركة أهلية كافرة لم يجب إخراج الخمس على المؤمن، أمّا إذا كان المستخرج له الحكومة وجب الخمس على من وضع يده عليه ولو ببذل مالٍ للحكومة، لكن بعد استثناء مقدار ذلك المال، فإذا لم‏

 

[1] بل يحتمل قوياً عدم الوجوب وإن كان أحوط استحباباً، ومنه يعلم حال شراء النفط

500

إذا كانت عليه نفقة غير لازمةٍ للمعطي.

مسألة (72): في جواز استقلال المالك في توزيع النصف المذكور إشكال، والأحوط وجوباً الدفع إلى الحاكم الشرعي، أو استئذانه في الدفع إلى المستحقّ. وقد أذنتُ للمالكين في دفع سهم السادة إليهم، وينبغي لهم ملاحظة المرجّحات الشرعية.

مسألة (73): النصف الراجع للإمام- عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام- يرجع فيه في زمان الغيبة إلى نائبه، وهو الفقيه المأمون العارف بمصارفه، إمّا بالدفع إليه، أو الاستئذان منه، ومصرفه ما يوثق برضاه عليه السلام بصرفه فيه، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات‏[1]– زادهم اللَّه تعالى شرفاً- وغيرهم، والأحوط[2] نية التصدّق به عنه عليه السلام، واللازم مراعاة الأهمّ فالأهمّ، ومِن أهمّ مصارفه في هذا الزمان الذي قلّ فيه المرشدون والمسترشدون: إقامة دعائم الدين ورفع أعلامه، وترويج الشرع المقدَّس، ونشر قواعده وأحكامه، ومؤونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين، وإرشاد الضالّين، ونصح المؤمنين ووعظهم، وإصلاح ذات بينهم، ونحو ذلك ممّا يرجع إلى إصلاح دينهم وتكميل نفوسهم، وعلوّ درجاتهم عند ربّهم تعالى شأنه وتقدّست أسماؤه، وما توفيقي إلّاباللَّه عليه توكّلت وإليه انيب. والأحوط لزوماً مراجعة المرجع العام المطَّلِع على الجهات العامة.

مسألة (74): يجوز نقل الخمس من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحقّ، بل مع وجوده إذا لم يكن النقل منافياً للفورية، أمّا إذا كان منافياً لها

 

[1] إطلاقه محلّ إشكال

[2] استحباباً

499

المبحث الثاني في مستحقّ الخمس ومصرفه‏

مسألة (67): يقسّم الخمس في زماننا (زمان الغيبة) نصفين، نصف لإمام العصر الحجّة المنتظر عجَّل اللَّه تعالى فرجه وجعل أرواحنا فداه، ونصف لبني هاشم: أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم، ويشترط فيهم جميعاً الإيمان، كما يعتبر الفقر في الأيتام، ويكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم ولو كان غنياً في بلده إذا لم يتمكّن من السفر بقرضٍ ونحوه على ما عرفت في الزكاة، والأحوط وجوباً اعتبار أن لا يكون سفره معصية، ولا يعطى‏ أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده، والأظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم.

مسألة (68): الأحوط أن لا يعطى‏ الفقير أكثر من مؤونة سنته، ويجوز البسط والاقتصار على إعطاء صنفٍ واحد، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحدٍ من صنف.

مسألة (69): المراد من بني هاشم: من انتسب إليه بالأب، أمّا إذا كان بالامّ فلا يحلّ له الخمس وتحلّ له الزكاة، ولا فرق في الهاشميِّ بين العلوي والعقيلي والعباسي، وإن كان الأولى تقديم العلوي، بل الفاطمي.

مسألة (70): لا يصدَّق من ادّعى‏ النسب إلّابالبينة، ويكفي الشياع الموجب للوثوق والاطمئنان.

مسألة (71): لا يجوز إعطاء الخمس لمن تجب نفقته على المعطي‏[1] إلا

 

[1] على الأحوط على تفصيل تقدّم في الزكاة، فيجوز الإعطاء للتوسعة بالمقدار الزائد على النفقة الواجبة بالنحو الذي تقدم جوازه في الزكاة

498

السنة السابقة[1]، لا من أرباح سنة الاستيفاء، وإن كان الدين عروضاً ففيه إشكال، وإن كان الأظهر جريان حكم النقد عليه، فإن أمكن استيفاؤه أخرج خمسه فعلًا، وإن لم يمكن استيفاؤه ينتظر في وجوب دفع خمسه استيفاؤه فإذا استوفاه وجب دفع خمسه حينئذٍ.

 

[1] بمعنى‏ أنّ مؤونة السنة السابقة تخرج من ذلك الدين المقبوض في السنة اللاحقة ويخمّس الزائد لو كان، وفي ذلك إشكال، بل لا يبعد إخراج مؤونة السنة السابقة من قيمة الدين بما هو دين في آخر تلك السنة، فلو فرضت المساواة لم يجب عليه خمس بلحاظ تلك السنة، وحين قبض الدين في السنة اللاحقة يعتبر التفاوت بين قيمة المقبوض فعلًا وقيمته بما هو دين من أرباح هذه السنة، فلو وجدت مؤونة معادلة لها بلحاظ هذه السنة لم يجب الخمس رأساً، خلافاً لِمَا إذا بني على ما في المتن من احتساب الدين المقبوض فعلًا بتمام ماليته من أرباح السنة السابقة فإنّه يجب الخمس

497

والسرقفلية[1]، فإنّ هذه المؤن مستثناة من الربح، والخمس إنّما يجب فيما زاد عليها، كما عرفت. نعم، إذا كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقّاً في أخذها من غيره وجب تقويم ذلك الحقّ في آخر السنة وإخراج خمسه، فربّما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية، وربّما تنقص، وربّما تساوي.

مسألة (65): إذا حلّ رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثمّ دفعه تدريجياً من ربح السنة الثانية لم يحسب ما يدفعه من المؤن، بل يجب فيه الخمس، وكذا لو صالحه الحاكم على مبلغٍ في الذمّة فإنّ وفاءه من أرباح السنة الثانية لا يكون من المؤن، بل يجب فيه الخمس إذا كان مال المصالحة عوضاً عن خمس عينٍ موجودة. وإذا كان عوضاً عن خمس عينٍ أو أعيانٍ تالفةٍ فوفاؤه يحسب من المؤن ولا خمس فيه.

مسألة (66): إذا حلّ رأس السنة فوجد بعض مال التجارة ديناً في ذمّة الناس: فإن كان نقداً وأمكن استيفاؤه وجب دفع خمسه‏[2]، وإن لم يمكن انتظر استيفاؤه في السنة اللاحقة[3]، فإذا استوفاه وجب إخراج خمسه وكان من أرباح‏

 

[1] إذا كان الحصول على الدكّان المطلوب متوقّفاً على دفع السرقفلية، وأمّا إذا كان لم يكن متوقّفاً وكان دفعها على أساس كسب حقٍّ يضمن للمستأجر البقاء في الدكان- مثلًا- سنين عديدةً فالسرقفلية من مؤونة الحصول على ذلك الحقّ المذكور، فيستثنى مقدار السرقفلية المدفوع من مالية هذا الحقّ في المورد الذي يكون شرعياً ويخمّس الباقي

[2] هذا الحكم مبنيّ على الاحتياط

[3] بل هو مخيّر بين الانتظار إلى الاستيفاء في السنة اللاحقة وبين تقدير خمس مالية ديون التجارة وقيمتها فعلًا على نفسه فيدفعه، فإذا استوفى‏ الدين في السنة الثانية كان الزائد على ما قدّره للدين من ماليةٍ من أرباح سنة الاستيفاء

496

اشترى داراً للسكنى فسكنها ثمّ وفى‏ في السنة الثانية ثمنها لم يجب عليه خمس الدار[1]، وكذا إذا وفى‏ في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن لم يجب الخمس في الحصّة من الدار.

مسألة (63): إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية في وجهٍ من وجوه البِرِّ[2] لم يجب عليه إخراج خمس نصف أرباحه، ووجب عليه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه بعد إكمال مؤونته.

مسألة (64): إذا كان رأس ماله مئة دينارٍ- مثلًا- فاستأجر دكّاناً بعشرة دنانير، واشترى آلاتٍ للدكان بعشرة، وفي آخر السنة وجد ماله بلغ مئةً كان عليه خمس الآلات فقط، ولا يجب إخراج خمس اجرة الدكّان؛ لأنّها من مؤونة التجارة، وكذا اجرة الحارس والحمّال والضرائب التي يدفعها إلى السلطان‏

 

[1] ولا الخمس في مال الوفاء إذا كانت الدار لا تزال داخلةً في مؤونته، وكذلك الحال في فرض وفاء بعض الثمن. نعم، لو كان له في مقابل ثمن الدار أو مقدار منه ربح في السنة الاولى ثمّ وفى‏ بعد ذلك دينه من أرباح السنة الثانية وجب الخمس في مال الوفاء، ولا خمس في ذلك المقدار من أرباح سنة الشراء

[2] إذا كان المنذور صرف ذلك النصف قبل أن تكتمل سنته فلا يجب تخميسه لو صرفه في البرّ ولو لم يكن هناك نذر؛ لأنّه يكون من المؤونة، وإذا كان المنذور صرف ذلك النصف في نهاية السنة، فإن كان المراد بالنصف: الكلّي في المعيَّن أو ما يساوي النصف انعقد النذر ووجب إخراج خمس تمام المال أيضاً من النصف الباقي أو غيره، وإن كان المراد بالنصف: النصف بنحو الإشاعة فإن قيد المنذور بدفع خمس تمام المال ولو من مالٍ آخر انعقد النذر ووجب دفع خمس تمام المال ولو من مالٍ آخر، وإلّا لم ينعقد النذر بالنسبة إلى خمس النصف

495

إخراج خمس تلك الأعيان الباقية[1] وصارت معدودةً من أرباح السنة الثانية. وكذا الحكم إذا اشترى أعياناً لغير المؤونة كبستانٍ وكان عليه دَين للمؤونة يساويها لم يجب إخراج خمسها، فإذا وفى‏ الدين في السنة الثانية كانت معدودةً من أرباحها ووجب إخراج خمسها آخر السنة[2]، وإذا اشترى بستاناً- مثلًا- بثمنٍ في الذمّة مؤجّلًا فجاء رأس السنة لم يجب إخراج خمس البستان، فإذا وفى‏ تمام الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية ووجب إخراج خمسها[3]، فإذا وفى‏ نصف الثمن في السنة الثانية كان نصف البستان من أرباح تلك السنة ووجب إخراج خمس النصف، فإذا وفى‏ ربع الثمن في السنة الثانية كان ربعها من أرباح تلك السنة، وهكذا كلّما وفى‏ جزءاً من الثمن كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة. هذا إذا كانت البستان موجودة، أمّا إذا تلفت فلا خمس فيها، وكذا إذا ربح في سنةٍ مئة دينارٍ- مثلًا- فلم يدفع منها عشرين ديناراً حتّى جاءت السنة الثانية فدفع من أرباحها عشرين ديناراً وجب عليه خمس العشرين ديناراً التي هي الخمس مع بقائها، لا مع تلفها، وإذا فرض أ نّه‏

 

[1] لا يجب إخراج خمس تلك الأعيان الباقية إذا وفى‏ الدين في السنة اللاحقة، وإنّما يجب عليه الخمس في مال الوفاء نفسه إذا كان من الأرباح. نعم، لو وفى‏ الدين في نفس السنة تعلّق الخمس بالأعيان؛ لأنّها تكون حينئذٍ من فاضل المؤونة

[2] بل الظاهر عدم وجوب الخمس فيها، وإنّما يجب عليه الخمس من المال المدفوع لوفاء الدين إذا كان من الأرباح، وفي زيادة تلك الأعيان حيث يقال بتعلّق الخمس بالزيادة

[3] الظاهر عدم وجوب الخمس في البستان، وإنّما يثبت الخمس في الزيادة حيث يقال بتعلق الخمس بالزيادة وفي المال المدفوع لوفاء دين البستان إذا كان من الأرباح، فلو فرض أنْ لا زيادة في البستان وأنّ مال الوفاء كان إرثاً أو نحوه فليس عليه خمس من ناحية البستان

494

وخمس الأربعة أخماس الباقية في آخر السنة، وإذا ورث المال الذي لم يخرج خمسه وجب عليه إخراج خمس تمام المال لا غير.

مسألة (61): قد عرفت أنّ رأس السنة أول الشروع في الكسب‏[1]، لكن إذا صعب على المكلف ذلك أمكنه أن يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله ليغيّر رأس السنة[2]، فيجعله في زمان آخر بالمصالحة معه على ذلك ويكون المدار عليه في المؤونة والخمس، كما أ نّه يجوز بالمصالحة جعل السنة عربيةً[3] وروميةً وفارسيةً وغيرها حسبما يتّفقان عليه.

مسألة (62): يجب على كلِّ مكلفٍ في آخر السنة أن يخرج خمس ما زاد عن مؤونته ممّا ادّخره في بيته لذلك من الارز، والدقيق، والحنطة، والشعير، والسكر، والشاي، والنفط، والحطب، والفحم، والسمن، والحلوى‏، وغير ذلك من أمتعة البيت ممّا أعدّ للمؤونة فيخرج خمس ما زاد من ذلك. نعم، إذا كان عليه دين استدانه لمؤونة السنة وكان مساوياً للزائد لم يجب الخمس في الزائد، وكذا إذا كان أكثر، أمّا إذا كان الدين أقلّ أخرج خمس مقدار التفاوت لا غير، وإذا بقيت الأعيان المذكورة إلى السنة الآتية فوفى‏ الدين في أثنائها وجب‏

 

[1] بل عرفت أنّ رأس السنة هو ظهور الربح

[2] بل متى أحبّ أن يغيِّر رأس السنة أمكنه ذلك بدفع خمس ما ظهر من الربح واستئناف الحساب للأرباح الجديدة، بلا حاجةٍ إلى المصالحة ومراجعة الحاكم. هذا إذا كانت الأرباح قد تحققّت، وإلّا فلا تكون السنة قد ابتدأت بالنسبة إليه ليحتاج إلى تغييرها

[3] يجوز للمكلف دائماً ملاحظة أكبر مقدارٍ للسنة من السنوات المتعارفة، وإذا أراد أن يجعل بداية سنته أول السنة الرومية بدلًا عن أول السنة العربية- مثلًا- أمكنه ذلك بملاحظة ما تقدّم في التعليقة السابقة