کتابخانه
352
الوصيّة بالحجّ‏

(مسألة 73): تجب الوصيّة على من كانت عليه حجّة الإسلام وقرب منه الموت، فإن مات تقضى من أصل تركته وإن لم يوصِ بذلك، وكذلك إن أوصى بها ولم يقيّدها بالثلث، وإن قيّدها بالثلث فإن وفى الثلث بها وجب إخراجها منه، وتقدّم على سائر الوصايا[1]، وإن لم يفِ الثلث بها لزم تتميمه من الأصل.

(مسألة 74): من مات وعليه حجّة الإسلام، وكان له عند شخص وديعة، واحتمل أنّ الورثة لا يؤدّونها إن ردّ المال إليهم وجب عليه أن يحجّ بها عنه، فإذا زاد المال عن اجرة الحجّ ردّ الزائد إلى الورثة. ولا فرق بين أن يحجّ الودعي بنفسه أو يستأجر شخصاً آخر، ويلحق بالوديعة كلّ مال للميّت عند شخص بعارية أو إجارة أو غصب أو دين وغير ذلك.

(مسألة 75): من مات وعليه حجّة الإسلام، وكان عليه دين وخمس وزكاة وقصرت التركة، فإن كان المال المتعلّق به الخمس أو الزكاة موجوداً بعينه‏

 

[1] تقديمها على الوصيّة بغير الحجّ من الواجبات إشكال، بل لا يبعد في صورة عدم وفاء الثلث بالحجّ والواجبِ الآخر الموصى به ورودُ النقص في الثلث عليهما معاً مع تكميل نقص الحجّ وتكميلِ نقص الواجب لو كان مالياً من أصل التركة.

351

اجرة.

 

350

(مسألة 67): يكفي في الاستنابة: الاستنابة من الميقات، ولا تجب الاستنابة من البلد[1].

(مسألة 68): من استقرّ عليه الحجّ إذا مات بعد الإحرام في الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، سواء في ذلك حجّ التمتّع والقران والإفراد، وإذا كان موته في أثناء عمرة التمتّع أجزأ عن حجّه أيضاً ولا يجب القضاء عنه، وإن مات قبل ذلك وجب القضاء ولو كان موته بعد الإحرام قبل دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون إحرام، والظاهر اختصاص الحكم بحجّة الإسلام، فلا يجري في الحجّ الواجب بالنذر أو الإفساد، بل لا يجري في العمرة المفردة أيضاً، فلا يحكم بالإجزاء في شي‏ء من ذلك، ومن مات بعد الإحرام في الحرم مع عدم استقرار الحجّ عليه فلا إشكال في إجزائه عن حجّة الإسلام، وأمّا إذا مات قبل ذلك فالظاهر وجوب القضاء عنه أيضاً.

(مسألة 69): إذا أسلم الكافر المستطيع وجب عليه الحجّ، وأمّا لو زالت استطاعته ثمّ أسلم لم يجب عليه.

(مسألة 70): المرتدّ يجب عليه الحجّ، لكن لا يصحّ منه حال ارتداده، فإن تاب صحّ منه وإن كان مرتدّاً فطرياً على الأقوى.

(مسألة 71): إذا حجّ المخالف ثمّ استبصر لا تجب عليه إعادة الحجّ إذا كان ما أتى به صحيحاً في مذهبه وإن لم يكن صحيحاً في مذهبنا.

(مسألة 72): إذا وجب الحجّ وأهمل المكلّف في أدائه حتّى زالت الاستطاعة وجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن ولو متسكّعاً ما لم يبلغ حدّ العسر والحرج، وإذا مات وجب القضاء من تركته، ويصحّ التبرّع عنه بعد موته من دون‏

 

[1] الأحوط الاستنابة من البلد.

349

العدّة.

(مسألة 60): لا يشترط في وجوب الحجّ على المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها، ومع عدم الأمن لزمها استصحاب محرم لها ولو باجرة إذا تمكّنت من ذلك، وإلّا لم يجب الحجّ عليها.

(مسألة 61): إذا نذر أن يزور الحسين عليه السلام في كلّ يوم عرفة مثلًا واستطاع بعد ذلك وجب عليه الحجّ وانحلّ نذره، وكذلك كلّ نذر يزاحم الحجّ.

(مسألة 62): يجب على المستطيع الحجّ بنفسه إذا كان متمكّناً من ذلك، ولا يجزئ عنه حجّ غيره تبرّعاً أو بإجارة.

(مسألة 63): إذا استقرّ عليه الحجّ ولم يتمكّن من الحجّ بنفسه لمرض أو حصر أو هرم، أو كان ذلك حرجاً عليه ولم يرج تمكّنه من الحجّ بعد ذلك من دون حرج وجبت عليه الاستنابة، وكذلك من كان موسراً ولم يتمكّن من المباشرة، أو كانت حرجيّة، ووجوب الاستنابة كوجوب الحجّ فوري.

(مسألة 64): إذا حجّ النائب عمّن لم يتمكّن من المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر أجزأه حجّ النائب وإن كان الحجّ مستقرّاً عليه، وأمّا إذا اتّفق ارتفاع العذر قبل الموت فالأحوط أن يحجّ هو بنفسه عند التمكّن وإذا كان ارتفع العذر بعد أن أحرم النائب وجب على المنوب عنه الحجّ مباشرة، ولا يجب على النائب إتمام عمله.

(مسألة 65): إذا لم يتمكّن المعذور من الاستنابة سقط الوجوب، ولكن يجب القضاء عنه بعد موته إن كان الحجّ مستقرّاً عليه، وإلّا لم يجب، ولو أمكنه الاستنابة ولم يستنب حتّى مات وجب القضاء عنه.

(مسألة 66): إذا وجبت الاستنابة ولم يستنب ولكن تبرّع متبرّع عنه لم يجزئه ذلك، ووجبت عليه الاستنابة.

 

348

المصارف لم يجب الحجّ على المبذول له إلّاإذا كان متمكّناً من شرائه بماله. نعم، إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول، وأمّا الكفّارات فالظاهر أ نّها واجبة على المبذول له دون الباذل.

(مسألة 53): الحجّ البذلي يجزئ عن حجّة الإسلام فلا يجب عليه الحجّ ثانياً إذا استطاع بعد ذلك.

(مسألة 54): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام أو بعده، لكن إذا رجع بعد الدخول في الإحرام وجب على المبذول له إتمام الحجّ وعلى الباذل ضمان ما صرفه للإتمام، وإذا رجع الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود.

(مسألة 55): إذا اعطي من الزكاة من سهم سبيل اللَّه على أن يصرفها في الحجّ وجب عليه ذلك، وإن اعطي من سهم السادة أو من الزكاة من سهم الفقراء واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحجّ لم يصحّ الشرط فلا يجب عليه الحجّ.

(مسألة 56): إذا بذل له مال فحجّ به ثمّ انكشف أ نّه كان مغصوباً لم يجزئه عن حجّة الإسلام، وللمالك أن يرجع إلى الباذل أو إلى المبذول له، لكنّه إذا رجع إلى المبذول له رجع هو إلى الباذل إن كان جاهلًا بالحال وإلّا فليس له الرجوع.

(مسألة 57): إذا حجّ لنفسه أو عن غيره تبرّعاً أو بإجارة لم يكفه عن حجّة الإسلام، فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك.

(مسألة 58): إذا اعتقد أ نّه غير مستطيع فحجّ ندباً قاصداً امتثال الأمر الفعلي ثمّ بان أ نّه كان مستطيعاً أجزأه ذلك، ولا يجب عليه الحجّ ثانياً.

(مسألة 59): لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة، كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن الحجّ الواجب عليها. نعم، يجوز له منعها من الخروج في أوّل الوقت مع سعة الوقت، والمطلّقة الرجعيّة كالزوجة ما دامت في‏

 

347

(مسألة 46): إذا اعطي مالًا هبة على أن يحجّ وجب عليه القبول، وكذلك لو خيّره الواهب بين الحجّ وعدمه‏[1]، وأمّا إذا وهبه مالًا من دون ذكر الحجّ لا تعييناً ولا تخييراً لم يجب عليه القبول.

(مسألة 47): لا يمنع الدين من الاستطاعة البذليّة. نعم، إذا كان الدين حالّاً وكان الدائن مطالباً والمدين متمكّن من أدائه إن لم يحجّ لم يجب عليه الحجّ.

(مسألة 48): إذا بذل مال جماعة ليحجّ أحدهم فإن سبق أحدهم بقبض المال المبذول سقط التكليف عن الآخرين، ولو ترك الجميع مع تمكّن كلّ واحد منهم من القبض استقرّ الحجّ على جميعهم.

(مسألة 49): لا يجب بالبذل إلّاالحجّ الذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفته حجّ التمتّع فبذل له حجّ القران أو الإفراد لم يجب عليه القبول وبالعكس، وكذلك الحال لو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام، وأمّا من استقرّت عليه حجّة الإسلام وصار معسراً فبذل له وجب عليه ذلك، وكذلك من وجب عليه الحجّ لنذر أو شبهه ولم يتمكّن منه.

(مسألة 50): لو بذل له مال ليحجّ به فتلف المال أثناء الطريق سقط الوجوب. نعم، لو كان متمكّناً من الاستمرار في السفر من ماله وجب عليه الحجّ وأجزأه عن حجّة الإسلام، إلّاأنّ الوجوب حينئذٍ مشروط بالرجوع إلى الكفاية.

(مسألة 51): لا يعتبر في وجوب الحجّ البذل نقداً فلو وكّله على أن يقترض عنه ويحجّ به وجب عليه.

(مسألة 52): الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل فلو لم يبذله وبذل بقيّة

 

[1] لا يخلو وجوب الحجّ في هذه الصورة من إشكال.

346

ولم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في سبيل الحجّ. نعم، الإتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحجّ بل يبقى الحجّ في ذمّته مستقرّاً فيجب عليه أداؤه ولو متسكّعاً، هذا كلّه في تلف الزاد والراحلة، وأمّا تلف ما به الكفاية من ماله في بلده فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر بل يجتزئ حينئذٍ بحجّه، ولا يجب عليه الحجّ بعد ذلك.

(مسألة 42): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحجّ لكنّه معتقد بعدمه، أو كان غافلًا عنه، أو كان غافلًا عن وجوب الحجّ عليه غفلة عذر، لم يجب عليه الحجّ، وأمّا إذا كان شاكّاً فيه، أو كان غافلًا عن وجوب الحجّ عليه غفلة ناشئة عن التقصير ثمّ علم أو تذكّر بعد أن تلف المال فلم يتمكّن من الحجّ، فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده.

(مسألة 43): كما تتحقّق الاستطاعة بوجدان الزاد والراحلة تتحقّق بالبذل، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدّداً، وإذا عرض عليه الحجّ والتزم بزاده وراحلته ونفقة عياله وجب عليه الحجّ، وكذلك لو اعطي مالًا ليصرفه في الحجّ وكان وافياً بمصارف ذهابه وإيابه وعياله. ولا فرق في ذلك بين الإباحة والتمليك، ولا بين بذل العين وثمنها.

(مسألة 44): لو اوصي له بمال ليحجّ به وجب الحجّ عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافياً بمصارف الحجّ ونفقة عياله، وكذلك لو وقف شخص لمن يحجّ أو نذر أو أوصى بذلك، وبذل له المتولّي أو الناظر أو الوصي وجب عليه الحجّ.

(مسألة 45): لا يجب الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذليّة. نعم، لو كان له مال لا يفي بمصارف الحجّ وبذل له ما يتمّم ذلك وجب عليه القبول، ولكن يعتبر حينئذٍ الرجوع إلى الكفاية.

 

345

(مسألة 37): إذا كان عنده مقدار من المال ولكنّه لا يعلم بوفائه بنفقات الحجّ، لم يجب عليه الحجّ، ولا يجب عليه الفحص وإن كان الفحص أحوط.

(مسألة 38): إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحجّ منفرداً أو منضمّاً إلى المال الموجود عنده، فإن لم يكن متمكّناً من التصرّف في ذلك المال ولو بتوكيل من يبيعه هناك، لم يجب عليه الحجّ، وإلّا وجب.

(مسألة 39): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحجّ وجب عليه الحجّ ولم يجز له التصرّف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة ولا يمكنه التدارك. ولا فرق في ذلك بين تصرّفه بعد التمكّن من المسير وتصرّفه فيه قبله، بل الظاهر عدم جواز التصرّف فيه قبل أشهر الحجّ أيضاً. نعم، إذا تصرّف فيه ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك حكم بصحّة التصرّف وإن كان آثماً.

(مسألة 40): الظاهر أ نّه لا يعتبر في الزاد والراحلة ملكيّتهما، فلو كان عنده مال يجوز له التصرّف فيه‏[1] وجب عليه الحجّ إذا كان وافياً بنفقات الحجّ مع وجدان سائر الشروط.

(مسألة 41): كما يعتبر في وجوب الحجّ وجود الزاد والراحلة حدوثاً كذلك يعتبر بقاءً إلى إتمام الأعمال، بل إلى العود إلى وطنه، فإن تلف المال في بلده أو في أثناء الطريق لم يجب عليه الحجّ وكشف ذلك عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر، ومثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري، كما إذا أتلف مال غيره خطأ

 

[1] بمعنى أنّ وجود المال عنده لأجل أن ينتفع به، كما إذا نذر شخص أن يجعل‏مقداراً من المال عند شخص على أساس أن ينتفع به دون أن يملّكه ذلك المال، فلا يشمل من كان المال عنده عارية أو أمانة غير أ نّه يعلم بطيب نفس المالك بصرف المال.

344

غيره، فلو وهبه أحد مالًا، يستطيع به لو قبله، لم يلزمه القبول، وكذلك لو طلب منه أن يؤجّر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً ولو كانت الخدمة لائقة بشأنه. نعم، لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ واستطاع بذلك، وجب عليه الحجّ.

(مسألة 32): إذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحجّ واستطاع بمال الإجارة، قدّم الحجّ النيابي إذا كان مقيّداً بالسنة الحالية، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة القادمة وجب عليه الحجّ وإلّا فلا، وإن لم يكن الحجّ النيابي مقيّداً بالسنة الفعليّة قدّم الحجّ عن نفسه.

(مسألة 33): إذا اقترض مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ وكان قادراً على وفائه بعد ذلك وجب عليه الحجّ.

(مسألة 34): إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحجّ وكان عليه دين ولم يكن صرف ذلك في الحجّ منافياً لأداء ذلك الدين، وجب عليه الحجّ وإلّا فلا. ولا فرق في الدين بين أن يكون حالّاً أو مؤجّلًا وبين أن يكون سابقاً على حصول ذلك المال أو بعد حصوله‏[1].

(مسألة 35): إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحجّ لو أدّاهما وجب عليه أداؤهما، ولم يجب عليه الحجّ.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون الخمس والزكاة في عين المال أو يكونا في ذمّته.

(مسألة 36): إذا وجب عليه الحجّ وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها ولم يجز له السفر إلى الحجّ ما لم يؤدّها، ولو كان ثياب طوافه وثمن هديه من المال الذي قد تعلّق به الحقّ لم يصحّ حجّه.

 

[1] حصوله بعد الاستطاعة إذا كان بسببٍ اختياري يكون من قبيل إتلاف المال لا يرفع وجوب الحجّ.