ولا نشّك أنّ هذا الإحساس الأليم بالحاجة إلى الرسالة البنّاءة في كلّ الميادين الفكرية والعملية، هذا الإحساس الذي يسيطر على الامّة، وأنّ هذه اليقظة الخيِّرة التي بدأت تباشيرها تبدو هنا وهناك، وأنّ هذا الموج المعنويّ المتزايد الذي بدأ يفجِّر تيّاراً من الشعور الإسلامي لا نشكّ في أنّ هذا كلّه يؤكّد أنّ رسالتنا المقدّسة إنّما بدأت تسير في طريقها إلى مركزها الطبيعي، إلى مركز القاعدة الفكرية من الذهنية الإسلامية، وذلك حينما يستأنف المسلمون إيمانهم بالرسالة إيمان وعيٍ لا إيمان تقليد، وإخلاصهم لها إخلاصاً أصيلًا لا إخلاصاً سطحياً يعتمد على الوراثة والبيئة فحسب:
«سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»[1].
[1] فصِّلت: 53