بسم الله الرحمن الرحيم‏

«أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ»[1]

ألم يأنِ لهؤلاء الذين أضاء الإيمان عقولهم وتمكّنت العقيدة من نفوسهم، وتبيّن لهم الحقّ متجسّداً في أشرف رسالات السماء أن يفجِّر هذا الإيمان في نفوسهم موجاً من العاطفة، ويشعّ فيها انفعالًا خاصّاً يتّفق مع طبيعة ذلك الإيمان وجوهره حتّى تمتلئ قلوبهم بالخشوع للحقّ والإنقياد له والانصياع إلى أوامره ونواهيه.

بهذا يعلن الإسلام عن ضرورة ازدواج الفكر والعاطفة، واجتماع العقيدة وما تتطلّبه من ألوان الانفعال والاحساس حتى تدبّ الحياة في العقيدة وتصبح مصدر حركةٍ وقوة دفعٍ، وليست مجرّد فكرةٍ عقليةٍ لا يخفق ولا يستجيب لها الحسّ ولا تتدفّق بالحياة.

وهذه هي السياسة العامّة للدعوة الإسلامية. فهي دعوة فكرٍ وعاطفة، أو

 

[1] الحديد: 16