حقيقية، وأن توجد التغيير الشامل الكامل في حياتها على أساس ذلك المبدأ، فما كان اللَّه ليغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم، كما دلّ على ذلك التنزيل الحكيم[1].
وامّتنا الإسلامية الكريمة لا تفقد في الحقيقة من عناصر الشرط الأساسيّ لنهضتها البنّاءة إلّاواحداً منها، فالمبدأ موجود لديها متمثّل في دينها الإسلامي العظيم الذي لا يزال وسيبقى أبد الدهر أقوى ما يكون على تحمّل أعباء القيادة المبدئية، وتوجيه الامّة وجهتها المثلى، والإرتفاع بها من نكستها إلى مركزها الوسطيّ من امم الأرض جميعاً كما شاء اللَّه لها، والامّة الإسلامية كلّها مجمعة على الإيمان بهذا المبدأ وتقديسه ديناً وعقيدة، غير أنّ هذا الإيمان ضعيف في الغالب ومحدود لدى كثيرٍ من الأشخاص، وأكبر سببٍ في ذلك عدم امتلاك الامّة بصورةٍ عامةٍ وغالبيةٍ العنصر الثالث وهو فهم المبدأ، فالامّة تؤمن بالمبدأ الإسلامي إيماناً إجماعياً ولكنّها لا تفهمه فهماً إجماعياً، وهذا هو التناقض الذي قد يبدو غريباً لأول وهلة، فكيف تؤمن الامّة بالمبدأ وتدين له بالولاء وهي لا تفهمه حقّ الفهم ولا تعرف من مفاهيمه وأحكامه وحقائقه إلّانزراً يسيراً؟! ولكنّ هذا هو الواقع الذي تعيشه الامّة منذ منيت بالمؤامرات الدنيئة المستترة تارةً والسافرة اخرى من أبناء الصليبيّين المستعمِرين، أعداء الإسلام التاريخيّين، تلك المؤامرات الهائلة التي شنّوها على الامّة وكيانها حتى انتهت بالغزو الاستعماري المسلّح، فلم يكن للغزاة من همٍّ بعد القضاء على كيان الإسلام الدولي إلّاأن يباعدوا بين الامّة ومبدئها. وقامت عملية الفصل هذه بين الامّة والمبدأ على قدمٍ وساقٍ، وهي تعني سلب الامّة إيمانها بالمبدأ وفهمها له،
[1] نصّ قوله تعالى:« إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ». الرعد: 11