کتابخانه
224

الجامد.
ولكنّ هناك دلالةً عرفيةً اقتضائيةً يستفاد منها تنجّس الجامد بالجامد المتنجّس، وتلك هي: أنّ الآنية المتنجّسة لو لم تكن منجّسةً لِمَا يلاقيها لم يكن وجه لاهتمام الشارع بغسلها وأمره بتطهيرها، وبيان مراتب هذا التطهير شدّةً وضعفاً؛ لأنّها لا تقع بنفسها مورداً للاستعمال المشروط بالطهارة، وإنّما الذي يقع كذلك ما يلاقيها وما يوضع فيها من طعام، فلو لم تكن منجّسةً لكانت تلك الألسنة المختلفة الواردة في تطهيرها لغواً عرفاً، فصوناً لكلام الشارع عن اللغوية العرفية وبدلالة الاقتضاء ينعقد ظهور في أ نّها منجّسة، وبذلك يثبت أنّ المتنجّس الأوّل الجامد منجّس.
وهذه هي ميزة روايات غسل الأواني على روايات غسل الثياب والبدن، حيث إنّ الغسل هناك واضح الحكمة، باعتبار وقوع نفس البدن والثوب مورد الاستعمال المشروط بالطهارة حتّى لو لم يكن منجّساً.
وقد نوقش في هذا الاستدلال بمناقشاتٍ لا ترجع إلى محصّل، نقتصر على ذكر اثنتين منها:
الاولى: دعوى احتمال كون النكتة في الأمر بغسل الأواني هو الرجحان النفسيّ للأكل والشرب من الأواني الطاهرة، وهذه المناقشة واضحة الفساد، إذ كيف يمكن أن تكون مثل هذه الأوامر- المشدّدة والمؤكّدة والمركوز عرفاً كونها بملاك التخلّص عن المحاذير اللزومية- مجرّد استطراقٍ إلى أدبٍ شرعيٍّ في نفسه ليس واضحاً ولا مركوزاً في الأذهان بعنوانه؟ فهذا احتمال عقليّ ثبوتيّ لا عرفيّ إثباتي.
الثانية: دعوى أنّ الأمر بالغسل لعلّه من أجل تحصيل الاطمئنان بزوال ما تبقى‏ من أجزاء عين النجاسة في الآنية، وهذا الاحتمال أيضاً غير عرفي.

223

فقهياً وعرفاً أن يكون المتنجّس بالمائع المتنجّس أشدّ تنجيساً وحالًا من المتنجّس بعين النجس. نعم، يحتمل الفرق بينه وبين المتنجّس الثاني وما بعده من الرتب، بأن يكون تنجّسه بالمائع سبباً لمزيد قذارته، ويشمل البحث فرض وجود الرطوبة في المتنجّس، كما يشمل فرضها في الملاقي له، خلافاً للسيّد الاستاذ الذي حصر الكلام بالفرض الثاني ونفى الإشكال في التنجيس في الفرض الأوّل.

والروايات التي يمكن أن يستدلّ بها على التنجيس في كلٍّ من هاتين الجهتين عديدة، نستعرضها فيما يلي مع الإشارة إلى الحدود التي يمكن أن تثبت بكلٍّ منها:

فمنها: روايات غسل الأواني، التي ورد فيها الأمر بغسل الإناء الذي شرب منه الكلب أو الخنزير، أو وقعت فيه الميتة[1]، أو غير ذلك‏[2]، وهي تختلف في درجة اهتمامها وتأكيدها على الغسل مرّةً واحدة، أو مرّتين، أو ثلاثاً، أو سبعاً، مع التعفير أو بدونه، حسب اختلاف مراتب القذارات الملاقية للإناء. وقد اعتبر البعض‏[3] هذه الطائفة العمدة في إثبات تنجيس المتنجّس الأوّل.

وتقريب هذه الدلالة: أ نّا لو نظرنا إلى حاقّ المدلول اللفظيّ المستفاد من هذه الطائفة فغاية ما يثبت بها كون عين النجس منجّسةً للإناء أو للمائع، وهو بدوره ينجّس الإناء؛ لأنّ هذه هي مرتبة الأواني التي ورد الأمر بغسلها إرشاداً إلى نجاستها وكيفية تطهيرها، وليس في ذلك ما يقتضي تنجيس المتنجّس الأوّل‏

 

[1] وسائل الشيعة 3: 418، الباب 13 من أبواب النجاسات، الحديث 1. و 516، الباب 70 من أبواب النجاسات، الحديث 1.

[2] وسائل الشيعة 3: 496، الباب 53 من أبواب النجاسات، الحديث 1.

[3] التنقيح 2: 227.

222

جوهراً عرفاً، لا عرضاً ومجرّد صفةٍ كالرطوبة غير المسرية- وأخذنا بعين الاعتبار أيضاً ما بنوا عليه من انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس مطلقاً فينتج:

أنّ الرطوبة المفترضة في المقام في أحد المتلاقيين تكون ماءً، وبالتالي تتنجّس بملاقاة المتنجّس، وإذا تنجّست نجّست الجامد الطاهر من المتلاقيين؛ لما بنوا عليه من كون الماء القذر منجّساً للجامد مطلقاً.

وهكذا يثبت أنّ الجامد الطاهر متى ما لاقى الجامد المتنجّس مع الرطوبة المسرية يحكم بنجاسته، بدون حاجةٍ إلى استئناف بحثٍ في ذلك، وإذا لم نبْنِ على انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس أجرينا هذا الكلام فيما إذا كانت الرطوبة من غير الماء.

وأمّا إذا لم نشترط في الرطوبة المسرية أن تكون على نحوٍ يصدق عليها عنوان الماء ونحوه فلا يتّجه هذا البيان رأساً؛ لأنّنا نفترض البحث في الجهة الثالثة والرابعة فيما إذا كانت هناك رطوبة مسرية غير واصلةٍ إلى تلك المرتبة فلا معنى لتنجّسها بما هي رطوبة، وإنّما القابل لأن يتنجّس حينئذٍ الجسم الجامد الملاقي، فيقع الكلام عن تنجيس المتنجّس له.

وعلى أيّ حالٍ فالكلام الآن يقع في الجهتين الثالثة والرابعة، أي في تنجيس المتنجّس الأوّل الجامد للجامد، وتنجيس المتنجّس الثاني الجامد وما بعده من الرتب للجامد، ونلحق بالبحث في الجهة الثالثة المتنجّس الأوّل بالماء المتنجّس، حيث تقدّم في الجهة الاولى أنّ الماء المتنجّس ينجّس ملاقيه‏[1]، فاذا حصلنا على دليلٍ على تنجيس الجامد المتنجّس بملاقاة المائع المتنجّس كان بنفسه دليلًا على تنجيس الجامد المتنجّس الأوّل بعين النجس أيضاً، إذ لا يحتمل‏

 

[1] تقدّم في الصفحة 215.

221

وهذا البيان لا يرد على مبانينا في الجهتين السابقتين إلّافي خصوص غير الماء من المائعات، وبالنسبة إلى المتنجّس الأوّل فقط، حيث يقال بأنّ متنجّساً أوّلًا لو لاقى‏ مائعاً مضافاً لنجّسه- لِمَا اختير في الجهة الثانية- وكان المائع منجِّساً للقلم بالملاقاة- لِمَا ذكر في الجهة الاولى- فالقلم أولى بأن يتنجّس إذا لاقى‏ ذلك المتنجّس الأوّل مباشرةً.

والتحقيق: أنّ هذا البيان غير تامٍّ؛ لأنّنا ننكر الأولويّة المدّعاة عرفاً بين تنجّس القلم بالماء المتنجّس وتنجّسه بما نجّس ذلك الماء؛ لأنّ الماء- والمائع عموماً- يتعقّل فيه عرفاً نحو أسرعيةٍ للتأثير وإسراء النجاسة من الجامد، كما هو أسرع في التأ ثّر بالنجس، فلا مانع على هذا الأساس من الالتزام بتنجّس القلم بالملاقاة للمائع المتنجّس؛ باعتبار شدّة تأثير المائع وما فيه من قوّة الإسراء والسريان، بينما لا يتنجّس القلم لو لاقى‏ ما تنجّس به ذلك المائع مباشرة؛ لكونه جامداً فاقداً لتلك الخصوصية من النفوذ والسريان.

ونظير ذلك: أنّ الجسم الجامد اليابس لا يتنجّس بملاقاة العذرة اليابسة، ولكنّه يتنجّس بملاقاة الماء الذي أصابته تلك العذرة.

الوجه الثاني: أنّ المتنجّس الذي نبحث عن كونه منجّساً لملاقيه: إن لم نفترض في حالة الملاقاة رطوبةً في أحد المتلاقيين فلا معنى للبحث عن ذلك، إذ لا سراية بدون رطوبةٍ حتّى من عين النجس. وإذا افترضنا الرطوبة وأخذنا بعين الاعتبار ما بنى‏ عليه السيّد الاستاذ[1] وغيره من الأعلام‏[2] من أنّ الرطوبة المسرية الدخيلة في التنجيس لابدّ أن يصدق عليها عنوان الماء- أي تكون‏

 

[1] التنقيح 2: 198.

[2] منهم السيّد الحكيم قدس سره في مستمسك العروة الوثقى 1: 467.

220

فلا تقتضي الرواية أكثر من تنجيس المتنجّس الأوّل للمائع.
الجهة الثالثة: في أنّ المتنجّس غير المائع هل ينجّس الجامد؟ ونخصِّص الكلام هنا بالمتنجّس الأوّل، وهو المتنجّس بعين النجس، وأمّا منجّسية المتنجّس الثاني- أي المتنجّس بالمتنجّس- فيأتي الكلام عنها في الجهة الرابعة.
ولكن قبل الدخول في بحث هاتين الجهتين بلحاظ روايتهما لابدّ من الالتفات إلى نكتة، وهي: أ نّه يمكن أن يقال- بناءً على مباني جماعةٍ من الفقهاء كالسيد الاستاذ وغيره- بعدم الحاجة إلى استئناف بحثٍ في هاتين الجهتين؛ لكفاية النتائج التي خرجوا بها من الجهتين السابقتين للحكم بالتنجيس في هاتين الجهتين، وذلك بأحد وجهين:
الوجه الأوّل: أنّ هؤلاء الأعلام افترضوا في الجهة الاولى: أنّ المائع المتنجّس ينجّس على كلّ حال، وفي الجهة الثانية: أنّ الماء القليل- فضلًا عن غيره من المائعات- ينفعل بملاقاة المتنجّس مطلقاً، فاذا جمعنا بين هذين المبنيَين نتج: أ نّا لو جعلنا ماءً قليلًا يلاقي ثوباً متنجّساً- سواء كان متنجّساً أوّلًا أو متنجّساً ثانياً- لتنجّس الماء القليل بحكم ما بنوا عليه في الجهة الثانية من انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس مطلقاً.
ثمّ إنّ هذا الماء القليل لو لاقى‏ جسماً طاهراً جامداً- كالقلم- لنجّسه بحكم ما بنوا عليه في الجهة الاولى من تنجيس الماء المتنجّس، مع أنّ هذا الماء لم يكتسب نجاسته إلّامن الثوب المتنجّس بحسب الفرض، فنضمّ إلى ذلك دعوى أولويةٍ عرفيةٍ واضحة، وهي: أنّ القلم إذا كان يتنجّس بملاقاة ذلك الماء فهو أولى‏ بالتنجّس بملاقاة ما تنجّس به ذلك الماء ابتداءً، أي بملاقاة الثوب، إذ لا يزيد الفرع على الأصل، وهذا معناه كفاية نفس تلك النتائج التي انتهى إليها هؤلاء الأعلام في الجهتين السابقتين لإثبات التنجيس في هاتين الجهتين.

219

ثمّ على فرض الإطلاق فإن تمّ دليل من الخارج على انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس شمله الإطلاق المذكور، فيثبت أ نّه منجّس، وإن لم نقل بانفعال الماء القليل بالمتنجّس فقد يستشكل في فائدة الإطلاق المذكور في الروايتين، إذ موردهما الماء، ولا مصداق للماء القذر سوى الماء الملاقي لعين النجس، وما يمكن أن يتنجّس بملاقاة المتنجّس- وهو المضاف مثلًا- ليس مورداً للروايتين.

ويندفع: بأنّ ظاهر الروايتين إعطاء الضابط الكلّيّ في التنجيس، وهو: أن يكون الماء قذراً، وانحصار هذا العنوان في خصوص الماء بالملاقي لعين النجس لا ينافي تعدّد مصاديقه بلحاظ مطلق المائعات، وشمول الإطلاق لها بعد إلغاء خصوصية الماء في مقابل أقسام المائع الاخرى.

الجهة الثانية: في تنجّس المائع بالملاقاة للمتنجّس، وهذه عكس الجهة السابقة، إذ كنّا نتكلّم عن منجّسية المائع المتنجّس، وهنا نتكلّم عن تنجّس المائع بالمتنجّس.

وقد تقدّم الكلام عن ذلك تفصيلًا في أبحاث المياه من هذا الشرح‏[1]، واتّضح أنّ الماء القليل لا ينفعل بملاقاة المتنجّس، وأنّ غيره من المائعات إن قيل بانفعالها فإنّما تنفعل بملاقاة المتنجّس الأوّل، أي المتنجّس بعين النجس، ولا دليل على انفعاله بملاقاة المتنجّس الثاني؛ لأنّ مدرك الانفعال بالمتنجّس الأوّل رواية عمّار الواردة في دَنِّ الخمر، والدالّة على المنع عن وضع الخلّ فيه قبل أن يغسل، وهذا المنع يدلّ على أنّ الدَنَّ منجّس، وهو متنجّس أوّل،

 

[1] راجع الجزء الأوّل: 428- 445.

218

يدلّ على تنجيس الماء نفسه.

وعلى أيِّ حالٍ فتنجيس الماء المتنجّس بعين النجس هو القدر المتيقّن على كلّ حال، غير أ نّها كسابقتها في عدم الإطلاق لإثبات أنّ المائع المتنجّس منجِّس مطلقاً ولو كان قد تنجّس بالمتنجّس، على كلامٍ أشرنا إليه سابقاً[1].

ومنها: ما ورد في بَلِّ القصب بالماء القذر، كمعتبرة عمّار، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن البارية يبلّ قصبها بماءٍ قذرٍ هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال:

«إذا جفّت فلا بأس بالصلاة عليها»[2]. ونظيرها معتبرة علي بن جعفر، عن أخيه‏[3].

فإنّ إناطة الجواز بالجفاف يدلّ على تنجيس الماء القذر للبارية، وإلّا لجازت الصلاة عليها مطلقاً، من دون فرقٍ بين أن يكون الملحوظ في عدم الجواز مع عدم الجفاف تعرّض المصلّي للنجاسة، أو اشتراط طهارة المكان ولو بلحاظ موضع السجود، غايته أ نّه على الثاني لابدّ من تقييد الجفاف بالجفاف بالشمس، بناءً على مطهّريتها، كما هو واضح.

وتمتاز هاتان الروايتان بالإطلاق؛ لشمولهما لكلّ ماءٍ قذرٍ حتّى ولو كان قد تقذّر بالمتنجّس.

اللهمّ إلّاأن يقال بانصراف القذارة إلى القذارة العينية وانصرافها عن النجاسة الحكمية، وعليه فالقذر ما كان مبتلىً بقذارةٍ عينيةٍ، لا مطلق ما حكم بنجاسته.

 

[1] مضافاً إلى ضعفها بالمعلّى بن خنيس، الذي لم يثبت توثيقه.

[2] وسائل الشيعة 3: 454، الباب 30 من أبواب النجاسات، الحديث 5.

[3] المصدر السابق: 453- 454، الحديث 2.

217

التعدّي إلى المراتب الطولية من المائع المتنجّس.
ومنها: رواية العيص بن القاسم، قال: سألته عن رجلٍ أصابته قطرة من طشتٍ فيه وضوء، فقال: «إن كان من بولٍ أو قذرٍ فيغسل ما أصابه» «1».
وهي في دلالتها على نجاسة الملاقي كما سبق، وفي إطلاقها للمائع المتنجّس بغير عين النجس كلام مبنيّ على أنّ القذر هل هو بالمعنى‏ المصدري فيختصّ بعين النجس، أو بالمعنى الوصفي فيشمل المتنجّس؟ واللفظ إن لم يكن ظاهراً في عين النجس كفى الإجمال في عدم الجزم بالإطلاق.
هذا، مضافاً إلى سقوط الرواية سنداً، إذ رواها المحقّق في المعتبر «2»، والشهيد في الذكرى «3» مرسلةً عن العيص.
ومنها: رواية معلّى‏ بن خنيس، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الخنزير يخرج من الماء فيمرّ على الطريق فيسيل منه الماء، أمرّ عليه حافياً؟ فقال:
«أليس وراءه شي‏ء جافّ؟» قلت: بلى، قال: «فلا بأس، إنّ الأرض يطهّر بعضها بعضاً» «4».
وهي تدلّ على تنجّس قدم الرجل بقرينة احتياجها إلى المطهّر، والضمير في «أمرّ عليه» إن رجع إلى الماء دلّ على تنجيس الماء للقدم، وإن رجع إلى الطريق المرطوب فمع فرض امتصاص الأرض للماء يدلّ على تنجيس الماء للأرض وتنجيسها للقدم، ومع فرض عدم الامتصاص وإصابة القدم للماء نفسه‏

216

منها: الروايات الواردة في تنجّس ملاقي الماء الذي شرب منه الكلب أو الخنزير، من قبيل رواية محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الكلب يشرب من الإناء؟ قال: «اغسل الإناء …»[1].

ودلالة الرواية واضحة، باعتبار أنّ الأمر بالغسل في أمثال المقام إرشاد إلى النجاسة على ما تقدّم مراراً، غير أ نّه لا إطلاق فيها للمائع المتنجّس بغير عين النجس لو تمّ دليل على تنجّس المائع بغير عين النجس؛ لأنّ مفادها تنجيس المائع المتنجّس بعين النجس، والتعدّي إلى المراتب الطولية لا يقتضيه الارتكاز العرفي، بخلاف التعدّي إلى المراتب العَرْضية؛ لأنّ الارتكاز لا يأبى‏ عن تنازل النجاسة وضعفها بتعدّد المراتب الطولية، كما هي الحالة في القذارات العرفية.

اللهمّ إلّاأن يضمّ إلى ذلك دعوى: أنّ الأمر بغسل الإناء يدلّ على أنّ الإناء ينجس أيضاً لو لم يغسل، مع أ نّه متنجّس بالمتنجّس، ويكون التعدّي حينئذٍ إلى المائع المتنجّس بالمتنجّس بلحاظ المراتب العَرْضية لا الطولية. وسيأتي الكلام عن ذلك إن شاء اللَّه تعالى‏[2].

ومن روايات هذه الجهة: موثّقة عمّار، الواردة في ماء الإناء الذي توضّأ منه وصلّى‏ ثمّ وجد فيه فأرةً متسلّخة، فأمر الإمام عليه السلام بإعادة الوضوء والصلاة، وغسل ثيابه وكلّ ما أصابه ذلك الماء[3].

وفقرة الاستدلال قوله: «واغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء»، والكلام فيها- كما سبق- من حيث الدلالة على تنجيس الماء، ومن حيث الاستشكال في‏

 

[1] وسائل الشيعة 1: 225، الباب 1 من أبواب الأسآر، الحديث 3.

[2] ولكن على أيّ حالٍ الرواية ضعيفة بالحسين بن الحسن بن أبان.

[3] وسائل الشيعة 1: 142، الباب 4 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1.