الزئبق والذهب المذاب- بالتمسّك بإطلاقات أدلّة الانفعال؛ لعدم شمول المقيّد لمثل المقام؛ لأنّ المقيّد: إن كان هو الإجماع على عدم السراية مع الجفاف فلا يعلم بشموله لمحلّ الكلام، وإن كان هو الروايات الخاصّة الواردة في مثل السمن والزيت التي أناطت السراية بالذوبان والميعان فمن الواضح أنّ ذوبان ما وقع موضوعاً للكلام فيها من السمن والزيت ونحوهما إنّما هو ذوبان مائيّ مساوق للرطوبة الموجبة للتلوّث، فلا موجب للتعدّي إلى مورد الكلام.
ويمكن أن يقرَّب الحكم بعدم النجاسة:
تارةً بالتمسّك بإطلاق مقيِّدٍ من قبيل: «كلّ يابسٍ ذكيّ»[1]، بدعوى: أنّ اليبوسة في مقابل نداوة ماءٍ لا في مقابل مطلق المَيَعان.
واخرى بدعوى: أنّ المقيّد اللبّيّ- وهو الارتكاز القاضي بعدم السراية مع الجفاف- يشمل جزماً أو احتمالًا هذا النحو من المَيَعان غير المائي، ومع احتمال شموله لا يمكن التمسّك بإطلاق دليل الانفعال؛ لأنّه من موارد المقيّد المتّصل الدائر أمره بين الأقلّ والأكثر.
وثالثةً بدعوى إنكار وجود مطلقاتٍ في أدلّة الانفعال رأساً؛ لأنّ دليل الانفعال المطلق: إمّا أن يكون متصيّداً من الروايات الواردة في الموارد المتفرّقة، أو معتبرة عمّار الآمرة بغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء[2]، والمتصيّد لا يمكن أن يعمّم لمحلّ الكلام، والموثّقة موردها ملاقاة الماء.
وبما ذكرناه ظهر: أنّ الذهب المذاب ونحوه إذا كان مرطوباً برطوبةٍ مائية، ولاقى النجس سطحه ولم تسرِ النجاسة إلى تمامه شأنه شأن الجامد؛ لأنّ سراية
[1] وسائل الشيعة 1: 351، الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة، الحديث 5.
[2] وسائل الشيعة 1: 142، الباب 4 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1.