الخارج عاملًا آخر في تكوين الإقطاع حسب اعتراف الماركسيّة نفسها، وهو بدوره أيضاً بعيد عن تلك القوانين.
ومن الطريف أنّ الثورات التي كان يجب- وفقاً للمادّية التاريخيّة- أن تنفجر في لحظة التحوّل الفاصلة نجد أ نّها قد شبّت قبل انهيار المجتمع العبودي بقرون، كحركة الأرقّاء في (أسبرطة) قبل الميلاد بأربعة قرون، التي تجمّعت فيها الالوف من الأرقّاء قريباً من المدينة وحاولت اقتحامها، وألجأت قادة (أسبرطة) إلى طلب المساعدة العسكريّة من جيرانهم، ولم يتمكّنوا من صدّ الأرقّاء الثائرين إلّا بعد سنين عديدة[1]. وكذلك حركة العبيد في الدولة الرومانيّة التي تزعّمها (سبرتاكوس) قبل الميلاد بسبعين سنة تقريباً، واحتشد فيها عشرات الالوف من العبيد، وكادت أن تقضي على كيان الامبراطوريّة[2]. وقد سبقت هذه الثورة نشوء المجتمع الإقطاعي بعدّة قرون، ولم تنتظر إلى أن توجد التناقضات وتشتدّ بين العلاقات وقوى الإنتاج، وإنّما كانت تستمدّ وقودها من وعي متزايد بالاضطهاد، وقدرة تكتّليّة وعسكريّة وقياديّة تفجّر ذلك الوعي بالرغم من وسائل الإنتاج التي كانت حينئذٍ على وئام مع النظام العبودي. فمن الخطأ إذن أن نفسّر كلّ ثورة على أساس تطوّر معيّن في الإنتاج، أو بوصفها تعبيراً اجتماعيّاً عن حاجة من حاجات القوى المنتجة.
ولنقارن بعد هذا بين تلك الثورات الهائلة التي شنّها العبيد على نظام الإنتاج العبودي- قبل أن يتخلّى عن الميدان إلى النظام الإقطاعي بقرون عديدة- وبين ما كتبه أنجلز قائلًا:
«ما دام اسلوب إنتاجي ما لا يزال يرسم مدرجا
[1] دائرة المعارف 3: 358- 359
[2] قصّة الحضارة 9: 283