بحياة كاملة تتوفّر فيها مصالحه الطبيعيّة والاجتماعيّة:
أحدهما: أن يعرف تلك المصالح، وكيف تحقّق؟
والآخر: أن يملك دافعاً يدفعه بعد معرفتها إلى تحقيقها.
[إمكانيّة توفير المصالح الطبيعيّة:]
ونحن إذا لاحظنا المصالح الطبيعيّة للإنسان- كاستحضار عقاقير للعلاج من السلّ- وجدنا أنّ الإنسانيّة قد زوّدت بإمكانات الحصول على تلك المصالح، فهي تملك قدرة فكريّة تستطيع أن تدرك بها ظواهر الطبيعة والمصالح التي تكمن فيها، وهذه القدرة وإن كانت تنمو على مرّ الزمن نموّاً بطيئاً ولكنّها تسير على أيّ حال في خطّ متكامل على ضوء الخبرة والتجارب المستجدّة، وكلّما نمت هذه القدرة كان الإنسان أقدر على إدراك مصالحه، ومعرفة المنافع التي يمكن أن يجنيها من الطبيعة.
وإلى جانب هذه القدرة الفكريّة تملك الإنسانيّة دافعاً ذاتيّاً يضمن اندفاعها في سبيل مصالحها الطبيعيّة، فإنّ المصالح الطبيعيّة للإنسان تلتقي بالدافع الذاتي لكلّ فرد. فليس الحصول على العقاقير الطبّية مثلًا مصلحة لفرد دون فرد، أو منفعة لجماعة دون آخرين. فالمجتمع الإنساني دائماً يندفع- في سبيل توفير المصالح الطبيعيّة- بقوّة من الدوافع الذاتيّة للأفراد التي تتّفق كلّها على الاهتمام بتلك المصالح وضرورتها بوصفها ذات نفع شخصي للأفراد جميعاً.
وهكذا نعرف أنّ الإنسان ركّب تركيباً نفسيّاً وفكريّاً خاصّاً يجعله قادراً على توفير المصالح الطبيعيّة، وتكميل هذه الناحية من حياته عبر تجربته للحياة والطبيعة.