منهاج الصالحين‏ ج ۲
498

مخرج الآخر ولا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث والثمن ضرب مخرج أحدهما في مخرج الآخر وكان المتحصّل هو عدد الفريضة، ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعةً وعشرين حاصلةً من ضرب الثلاثة في الثمانية، وإذا اجتمع الثلث والربع كانت الفريضة اثني عشر حاصلةً من ضرب الأربعة في الثلاثة.
مسألة: إذا تعدّد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلةً من ضرب عددهم في مخرج الفرض، كما إذا ترك أربع زوجات وولداً فإنّ الفريضة تكون من اثنين وثلاثين حاصلةً من ضرب الأربعة (عدد الزوجات) في الثمانية مخرج الثمن، وإذا ترك أبوين وأربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية وأربعين حاصلةً من ضرب الثلاث (التي هي مخرج الثلث) في الأربع (التي هي مخرج الربع) فتكون اثني عشر فتضرب في الأربع (عدد الزوجات) ويكون الحاصل ثمانيةً وأربعين، وهكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم.
هذه نبذة ممّا ينبغي ذكره في المقام، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى المطوّلات.
إلى هنا انتهى ما أردنا إيراده من الجزء الثاني من رسالتنا «منهاج الصالحين»، وقد اعتمدنا في بعض أبوابها على تبصرة العلّامة أعلى الله مقامه؛ لأنّا كنّا قد علّقنا عليها حاشيةً عمليةً قبل مدّة فأدخلنا الحاشية في المتن مع زيادات اخرى قصدنا بها توضيح العبارة وإتمام الفائدة، وكان ذلك يوم الجمعة سابع محرم الحرام من السابعة والستّين بعد الألف والثلاثمئة هجرية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية، ومنه سبحانه نستمدّ المعونة، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله ربِّ العالمين.

497

خاتمة [في بعض صور اجتماع السهام‏]

مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة: الاثنان مخرج النصف، والثلاثة مخرج الثلث والثلثين، والأربعة مخرج الربع، والستّة مخرج السدس، والثمانية مخرج الثمن.
مسألة: لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين بأن كان مخرج أحدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرّراً كالنصف والربع فإنّ مخرج النصف (وهو الاثنان) يفني مخرج الربع وهو الأربعة، وكالنصف والثمن والثلث والسدس، فإذا كان الأمر كذلك كانت الفريضة مطابقةً للأكثر، فإذا اجتمع النصف والربع كانت الفريضة أربعة، وإذا اجتمع النصف والسدس كانت ستّة، وإذا اجتمع النصف والثمن كانت ثمانية. وإن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرّراً ولكن يفني مخرجيهما عدد ثالث إذا سقط مكرّراً من كلٍّ منهما كالربع والسدس فإنّ مخرج الربع أربعة ومخرج السدس ستّة، والأربعة لا تفني الستّة، ولكنّ الاثنين يفني كلًّا منهما، وكسرُ ذلك العدد وفق بينهما، فإذا كان الأمر كذلك ضرب أحد المخرجين في وفق الآخر وتكون الفريضة مطابقةً لحاصل الضرب، فإذا اجتمع الربع والسدس ضرب نصف الأربعة في الستّة أو نصف الستّة في الأربعة وكان الحاصل هو عدد الفريضة وهو اثنا عشر، وإذا اجتمع السدس والثمن كانت الفريضة أربعةً وعشرين حاصلةً من ضرب نصف مخرج السدس وهو ثلاثة في الثمانية، أو نصف مخرج الثمن وهو الأربعة في الستّة. وإن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني‏

496

دون بعض آخر إلّا على تقدير غير معلوم- كما إذا غرق الأب وولداه فإنّ الولدين لا يتوارثان إلّا مع فقد الأب- ففي الحكم بالتوارث إشكال، بل الأظهر العدم.

مسألة (5): المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين، فلو انتفت من أحدهما لم يحكم بالإرث من أحد الطرفين، كما إذا غرق أخوان لأحدهما ولد دون الآخر، وقيل: لا يعتبر ذلك ويحكم بالإرث من أحد الطرفين، وهو ضعيف.

مسألة (6): المسلم لا يرث بالسبب الفاسد[1]، ويرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا، فولد الشبهة يرث ويورث، وإذا كانت الشبهة من طرف واحد اختصّ التوارث به دون الآخر. والله سبحانه العالم.

 

[1] بمعنى أنّه إذا عقد على امرأة عقداً باطلا لم ترثه ولم يرثها ولو كانا يعتقدان صحة النكاح، ولكنّ ولد الشبهة الناتج عن هذا النكاح يرثها ويرثانه.

هذا آخر ما أردنا التعليق عليه، وقد فرغنا من ذلك في ليلة التروية الثامن من ذي الحجّة سنة( 1395 ه-)، والحمد لله في اليسر والعسر وفي الرخاء والبلاء، وإليه نبتهل سبحانه وتعالى أن يلهمنا الصبر واليقين ويختار لنا جواره مع الأنبياء والصدّيقين وحسن اولئك رفيقاً، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد والخلفاء المعصومين من آله الطاهرين.

495

تفرض سابقةً فيكون لُامّها التي غرقت معها الثلث ولأبيها الثلثان. وإذا غرق الأب وبنته التي ليس له ولد سواها كان لزوجته الثمن، ولا يفرض موته بعد البنت. وأمّا حكم إرث غيرهما الحيّ لأحدهما من ماله الذي ورثه من صاحبه الذي غرق معه فهو: أنّه يفرض الموروث لاحقاً لصاحبه في الموت فيرثه، وإرثه على هذا التقدير، ولا يلاحظ فيه احتمال تقدّم موته عكس ما سبق في إرث ماله الأصلي. وإذا كان الموتى ثلاثةً فما زاد فرض موت كلّ واحد منهم وحياة الآخرين فيرثان منه كغيرهما من الأحياء.

مسألة (2): إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب فلا توارث بينهما إن احتمل التقارن، وإن علم بعدم التقارن ففي نفي التوارث بينهما كما لعلّه المشهور إشكال، والأقرب أنّه إن علم تاريخ موت أحدهما وجهل تاريخ موت الآخر ورث من جهل تاريخ موته، ولا عكس، وإن جهل التاريخان عمل بالقرعة، وإذا كان الإرث من أحد الطرفين فقط حكم بالإرث مع العلم بتاريخ موت الموروث فقط، وبعدم الإرث مع العلم بتاريخ موت الوارث فقط، ومع الجهل بتاريخهما.

مسألة (3): إذا ماتا بسبب غير الغرق والهدم كالحرق والقتل في معركة قتال أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق والهدم قولان، أقواهما العدم‏[1]، فإن علم تاريخ موت أحدهما وجهل تاريخ موت الآخر ورث من جهل تاريخ موته ممّن علم تاريخ موته، وإن جهل التاريخان فإن احتمل التقارن فلا توارث من الطرفين، وإن علم بعدم التقارن عمل بالقرعة.

مسألة (4): إذا كان الغرقى والمهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض‏

 

[1] بل الأقرب شمول حكم الغرقى والمهدوم عليهم لهذه الحالة وأمثالها.

494

فصل في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم‏

مسألة (1): يرث الغرقى بعضهم من بعض وكذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة:

الأوّل: أن يكون لهم أو لأحدهم مال.

الثاني: أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الإرث من دون مانع.

الثالث: أن يجهل المتقدِّم والمتأخِّر والتقارن‏[1]، فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كلّ واحد منهما من صاحبه من ماله الذي مات عنه، لا ممّا ورثه منه، فيفرض كلّ منهما حياً حال موت الآخر فما يرثه منه يرثه إذا غرقا، مثلا: إذا غرق الزوجان واشتبه المتقدّم والمتأخّر وليس لهما ولد ورث الزوج النصف من تركة الزوجة، وورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها، فيدفع النصف الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد إخراج ربع الزوجة، ويدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج إلى ورثتها. هذا حكم توارثهما فيما بينهما، أمّا حكم إرث الحيّ غيرهما من أحدهما من ماله الأصليّ فهو: أنّه يفرض الموروث سابقاً في الموت ويورث الثالث الحيّ منه، ولا يفرض لاحقاً في الموت، مثلا: إذا غرقت الزوجة وبنتها فالزوج يرث من زوجته الربع إذا لم يكن‏[2] للزوجة ولد غير البنت ولا يرث النصف، وكذا إرث البنت فإنّها

 

[1] بمعنى عدم العلم بالتقارن، لا أنّ احتمال التقارن شرط في ثبوت الحكم المذكور.

[2] أي حتى إذا لم يكن للزوجة ولد غير البنت.

493

مسألة (9): دية الجنين يرثها من يرث الدية على ما تقدّم.

مسألة (10): المفقود خبره والمجهول حاله يُتربَّص بماله، وفي مدّة التربّص أقوال، والأقوى أنّها أربع سنين يفحص عنه فيها[1]، فإذا جهل خبره قسّم ماله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدّة التربّص، ولا يرث من مورثه لو مات بعد انتهاء مدّة التربّص، ويرث من مات قبل ذلك.

مسألة (11): إذا تعارف اثنان بالنسب وتصادقا عليه توارثا إذا جهل نسبهما[2]، والمشهور عدم ثبوت النسب بذلك، فلا يجوز التعدّي في الميراث من المتعارفين إلى غيرهما إلّا إذا تصادقا معه أيضاً، من غير فرق بين الولد والأخ وغيرهما، ولا يخلو من تأمّل.

 

[1] ومع عدم الفحص ينتظر عشر سنين ثمّ يقسّم المال.

[2] تقدّم تفصيل الحال في هذه المسألة في تعليقتنا على كتاب الإقرار فلاحظ.

492

مسألة (4): إذا تبرّأ الأب من جريرة ولده ومن ميراثه ثمّ مات الولد قيل: كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، وقيل: لا أثر للتبرّي المذكور في نفي التوارث، وهو الأقوى.

مسألة (5): ولد الزنا لا يرثه أبوه الزاني، ولا امّه الزانية، ولا من يتقرّب بهما، ولا يرثهم هو، بل يرثه ولده وزوجه أو زوجته ويرثهم هو، وإذا اختصّ الزنا بأحد الأبوين اختصّ عدم التوارث به، وإذا مات مع عدم الولد فإرثه للمولى المعتق ثمّ الضامن ثمّ الإمام، وإذا كان له زوج أو زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى، ولا يردّ على الزوجة إذا لم يكن وارث إلّا الإمام، بل يكون له ما زاد على نصيبها. نعم، يردّ على الزوج على ما سبق.

مسألة (6): الحمل وإن كان نطفةً حال موت المورِث يرث إذا سقط حياً وإن لم يكن كاملا، ولابدّ من إثبات ذلك وإن كان بشهادة النساء، وإذا مات بعد أن سقط حياً كان ميراثه لوارثه وإن لم يكن مستقرَّ الحياة، وإذا سقط ميتاً لم يرث وإن علم أنّه حيّ حال كونه حملا أو تحرّك بعد ما انفصل إذا لم تكن حركته حركة حياة.

مسألة (7): إذا خرج نصفه واستهلّ صائحاً ثمّ مات فانفصل ميتاً لم يرث ولم يورث.

مسألة (8): يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين احتياطاً[1] ويعطى أصحاب الفرائض سهامهم من الباقي، فإن ولد حياً وكان ذكرين فهو، وإن كان ذكراً وانثى أو ذكراً واحداً أو انثيين أو انثى واحدةً قسّم الزائد على أصحاب الفرائض بنسبة سهامهم.

 

[1] إلّا إذا حصل الاطمئنان بعدم تعدّد الحمل.

491

فصل في ميراث ولد الملاعنة والزنا والحمل والمفقود

مسألة (1): ولد الملاعنة ترثه امّه ومن يتقرّب بها من إخوة وأخوال والزوج والزوجة، ولا يرثه الأب، ولا من يتقرّب به وحده، فإن ترك امّه منفردةً كان لها الثلث فرضاً والباقي يردّ عليها على الأقوى، وفي رواية صحيحة: ترث الثلث والباقي للإمام، لكنّها مهجورة[1]، وإن ترك مع الامّ أولاداً كان لها السدس والباقي لهم للذكر مثل حظّ الانثيين، إلّا إذا كان الولد بنتاً فلها النصف ويردّ الباقي أرباعاً عليها وعلى الامّ، وإذا ترك زوجاً أو زوجةً كان له نصيبه كغيره وتجري الأحكام السابقة في مراتب الميراث جميعاً، ولا فرق بينه وبين غيره من الأموات إلّا في عدم إرث الأب ومن يتقرّب به وحده كالأعمام والأجداد للأب، ولو ترك إخوة من الام وإخوة من الأبوين قسّم المال بينهم جميعاً بالسوية وإن كانوا ذكوراً وإناثاً.

مسألة (2): يرث قرابة امّه على الأشهر[2]، وقيل: لا يرثهم إلّا أن يعترف به الأب، وهو ضعيف.

مسألة (3): لا يرث أباه إلّا أن يعترف به الأب بعد اللعان، ولا يرث هو من يتقرّب بالأب إذا لم يعترف به، وهل يرثهم إذا اعترف به الأب؟ قولان، أقواهما العدم.

 

[1] ومعارضة؛ لأنّ ما دلّ على أنّ ميراثه لُامّه لا يقبل عرفاً التقييد بالثلث.

[2] في إرثه لغير امّه من قرابتها إشكال.

490

بزوجته ورثته، وإذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل ولا مهر لها ولا ميراث، وكذا لو ماتت قبل الدخول بها ثمّ مات هو في مرضه، فراجع.

المبحث الثاني: في الولاء، وأقسامه ثلاثة:

الأوّل: ولاء العتق.

الثاني: ولاء ضمان الجريرة.

الثالث: ولاء الإمام.

مسألة (15): إذا فقد الوارث المناسب والمولى المعتق وضامن الجريرة كان الميراث للإمام، إلّا إذا كان له زوج فإنّه يأخذ النصف بالفرض ويردّ الباقي عليه، وإذا كان زوجة كان لها الربع والباقي يكون للإمام، كما تقدّم.

مسألة (16): إذا كان الإمام ظاهراً كان الميراث له يعمل به ما يشاء[1]، وكان عليّ (عليه السلام) يعطيه لفقراء بلده، وإن كان غائباً كان المراجع فيه الحاكم الشرعي، وسبيله سبيل سهمه (عليه السلام) من الخمس يصرف في مصارفه، كما تقدّم في كتاب الخمس.

مسألة (17): إذا أوصى من لا وارث له إلّا الإمام بجميع ماله في الفقراء والمساكين وابن السبيل ففي نفوذ وصيّته في جميع المال كما عن ظاهر بعضهم وتدلّ عليه بعض الروايات، أوْ لا كما هو ظاهر الأصحاب إشكال، فالأظهر عدم نفوذ الوصية. والله سبحانه العالم‏.

 

[1] حسب مصالحه كإمام مسؤول عن المسلمين.