المقدمة
الحمد لله رب العاملين والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
وبعد … يعيش العالم الإِسلامي في حالة من الرجوع إِلى الذات والمبادىء الإِسلامية التي يعتنقها بعد أن ركض وراء سراب الشرق وتضليل الغرب ولم يلمس في مبادئها ما يروي غليله ويريح ضميره.
لقد وجد الإِنسان المسلم أن عقيدته الإِسلامية تنقذه من الآلام الإِجتماعية والمعاناة الإِقتصادية وتبعث فيه الحيوية والنشاط للعمل في جميع المجالات حتى يقوم المجتمع السليم على ساقيه ويعتمد على ذاته ويكتفي بنفسه من دون حاجة إلى نظام غريب عن عواطفنا وتقاليدنا ومبادئنا.
ووجد بأن الثقافات الأخرى قد وضعت من خلال دوافع سياسية يريد المخططون والمتآمرون انسلاخنا من واقعنا أولاً وابتزاز ثرواتنا ثانياً والتحكم بمصيرنا لأجيال متتالية ثالثة.
ووجد بأن الثقافة الإِسلامية والتعبئة الفكرية هما السبيلان الوحيدان للتخلص من شباك المستكبرين وحبائل خداعهم.
فأسرع إِلى الكتب الإِسلامية التي تتناول المسائل الإِجتماعية المختلفة بالبحث والدرس ورأى بأن في طليعة المفكرين هو الإمام السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه حيث شيد هذا الإِنسان العظيم في المنتصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري مدرسة علمية فكرية شاملة تتجلى في كتبه القيمة الباحثة عن الشريعة الإِسلامية وأصول الفقه، والفلسفة الإِسلامية والإِقتصاد الإِسلامي والخطوط العامة لتفسير القرآن الكريم والمواضيع الإِجتماعية والتاريخية والفكرية المتفرقة.
ومن الضرورة بمكان أن نقف عن كثب على حياة هذا الإِنسان العظيم الذي عاش منذ يوم ولادته إِلى حين استشهاده أقل من نصف قرن وقد أنتج من الأبحاث العميقة الشاملة ما يعجز عنه الرجال عبر التاريخ.
ولا يسعنا هنا إلا عرض حياته رضوان الله تعالى عليه بصورة مختصرة فنقول اسمه الشريف: محمد باقر الصدر.
أُسرته الكريمة:
ينتمي أُستاذنا إِلى أُسرة كريمة عريقة وأصيلة وشامخة في الإِيمان والتُّقى والعلم حيث ينتسب والده إِلى آل الصدر وهو لقب الجد الأكبر السيد صدر الدين محمد الموسوي العاملي الذي كان من أكابر العلماء في بلاد الشام. وتنحدر والدته من أُسرة آل ياسين وهي أُسرة علمية مرموقة في العراق. وله أخ واحد هو الحجة السيد إسماعيل الصدر. وأُخت واحدة هي آمنة المعروفة باسم بنت الهدى.
والده:
والده السيد حيدر بن السيد إسماعيل بن السيد صدر الدين بن… ويرقى هذا النسب الطاهر إِلى الإِمام السابع موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام.
وكان في سلسلة أجداده العظام آيات في التُّقى والفقه قد تسنّموا الزعامة والمرجعية للأُمة الإِسلامية منهم السيد إسماعيل والسيد صدر الدين. وقد تولى السيد حسن الصدر في كتابه (تكملة أمل الآمل)، ترجمة حياة العلماء الكبار من هذه السلسلة المباركة.
ولد السيد حيدر عام 1309 هـ 1887م في مدينة سامراء وتوفي عام 1356 هـ (1935م) في مدينة الكاظمية وعمر أُستاذنا يومذاك ثلاثة أعوام فقط.
وقد كتب عن السيد حيدر، المقدس السيد عبد الحسين شرف الدين مقالاً مهماً في العدد الثالث من مجلة (النجف) عام 1956. فليراجع.
والدته:
الصالحة التقية كريمة الشيخ عبد الحسين آل ياسين أحد أعاظم فقهاء عصره، المشهور بالتُّقى والزهد. حيث تولى المرجعية الدينية في العراق بعد وفاة الشيخ الأنصاري قدس سره في العقود الأخيرة من القرن الثالث عشر الهجري القمري.
أخته:
الفاضلة آمنة المشهورة باسم (بنت الهدى)، ولدت عام 1356هـ 1936م في الكاظمية وتتلمذت على أخيها السيد الصدر حتى بلغت من العلم درجة عالية.
أخوه:
الحجة السيد إسماعيل الصدر. ولد في شهر رمضان المبارك عام 1340هـ. ق 1919م في مدينة الكاظمية.
أمضى في طلب العلم والإِجتهاد فترة طويلة في الحوزة العلمية في النجف الأشرف على يد أساطين العلم والفقه. وأجازه في الإِجتهاد أُستاذه آية الله السيد عبد الهادي الشيرازي، ثم عاد إلى مدينة الكاظمية برغبة من الإِمام السيد الحكيم وأصبح من أعلامها المرموقين.
كتب ـ رحمه الله ـ بعض المؤلفات في الفقه والتفسير والقانون وطبع بعضها وبقي البعض الآخر مخطوطاً.
انتقل إلى جوار ربه في ذي الحجة عام 1388هـ.ق (1969م) في مدينة الكاظمية ودفن في النجف الأشرف.
قرينته وأولاده:
تزوج من بنت عمه كريمة المرجع الديني السيد صدر الدين الصدر شقيقة الإِمام السيد موسى الصدر. حيث عاشت في مدينة قم المقدسة واصطحبها السيد موسى الصدر إلى مدينة صور في لبنان وذهب سيدنا الأستاذ إِلى صور وتزوج منها وأخذها إلى النجف الأشرف.
وقد رزق منها خمس بنات وابناً واحداً هو رابع أولاده، يدعى السيد جعفر الصدر.
الإِمام السيد الصدر
ولد في 25/ 11/ 1353هـ.ق 2/ 3/ 1933م في الكاظمية وعاش في ظل والده ثلاثة أعوام ثم ترعرع في كنف والدته وأخيه السيد إسماعيل الصدر.
لقد كانت سمات النبوغ والعبقرية بادية عليه، وآثار الذكاء الخارق ظاهرة عليه، حيث توسم أساتذته فيه النبوغ والذكاء منذ نعومة أظفاره واكتشفوا فيه الذهن الوقاد والفكر الثاقب.
يقول[1] الأديب العراق محمد علي الخليلي عند عرض ذكريات أيام طفولته التي عاشها مع الشهيد الصدر في مدرسة منتدى النشر الإِبتدائية في مدينة الكاظمية:
(كانت تجمعنا به مدرسة واحدة ويفرقنا فارق السنّ والمرحلة الدراسيّة إذ كان حينها في الصفّ الثالث الإِبتدائي، أمّا أنا فكنت في السنة النهائية من هذه المرحلة الدراسيّة.
ويتابع قائلاً: كنا نعرف عنه أنّه مفرط في الذكاء ومتقدّم في دروسه تقدّماً يبزّ فيه زملاءه كثيراً أو ندر نظيره. وما طرق أسماعنا أن هناك تلميذاً في المدارس الأخرى يبلغ بعض ما يبلغه من فطنة وذكاء، لذا اتخذه معلموه نموذجاً للطالب المجدّ والمؤدّب والمطيع. فما من درس يمرّ بنا إلّا وكان حديث المعلّم عنه يطغى على ما يلقّننا من مادة، وكان ذلك يزيدنا احتراماً له وإعجاباً به).
وقال عنه أحد أساتذته في المدرسة الإِبتدائية كما ورد في مجلة صوت الأُمة عدد 13 للسنة الثانية من شهر رجب عام 1401هـ.ق الموافق حزيران 1980م.
(وقد كان طفلاً يحمل أحلام الرجال ويتحلّى بوقار الشيوخ، وجدت فيه نبوغاً عجيباً وذكاءً مفرطاً يدفعانكَ إلى الإِعتزاز به ويرغمانك على احترامه وتقديره، كما شهدتُ كلّ المدرسين أيضاً يكنّون له هذا الإِحترام وهذا التقدير. لقد كان كلُّ ما يُدرَّس في هذه المدرسة من كافّة العلوم دون مستواه العقليّ والفكريّ، كان شغوفاً بالقراءة محباً لتوسيع دائرة معرفته ساعياً بجدٍ إِلى تنمية مداركه ومواهبه الفذّة. لا تقع عيناه على كتاب إلّا وقرأه وَفَقِهَ ما يحتويه في حين يعزّ فهمه على كثير ممّن أنهوا المرحلة الثانويّة. ما طرق سمعه اسم كتاب في أدب أو علمٍ أو إقتصاد أو تاريخ إِلّا وسعى إلى طلبه.كان يقرأ كلّ شيء).
وبعد الإنتهاء من المدرسة الإِبتدائية تفرغ (ره) لمتابعة الدروس الدينية على يد أخيه الحجة السيد إسماعيل. فدرس شطراً من المنطق وبعض الكتب الأولية من علمي الأُصول والفِقه في مدينة الكاظمية ثم اعتمد في دراسة كتب الأُصول والفقه من مستوى السطح على نفسه.
ثم هاجر عام 1365هـ. ق (1945م) من الكاظمية إلى النجف الأشرف، وعمره آنذاك اثنا عشرة سنة وتتلمذ على يدي عَلَمَيْن من أعلام النجف الأشرف في بحث الخارج من علمي الأُصول والفقه بعد أن قرأ أكثر أبحاث المرحلة المسماة بمرحلة (السطح العالي) معتمداً على نفسه نتيجة ذكائه الخارق. وهما:
1ـ الشيخ محمد رضا آل ياسين الذي يُعدّ من الفقهاء الكبار ومن أساتذة علم الفقه في النجف الأشرف وهو خال السيدة الشهيد (ره).
2ـ السيد أبو القاسم الخوئي أطال الله في عمره. وهو من كبار العلماء مشاهيرها.
لقد حضر أُستاذُنا درسَ السيد الخوئي في عِلمَيّ الفقه والأُصول عام 1365هـ. ق (1945م) وأنهى التتلمذ عليه في علم الأُصول عام 1378هـ (1958م) وفي علم الفقه عام 1379هـ (1959م).
وبدأ السيد بتدريس خارج علم الأُصول ـ أعلى مرحلة علمية حسب منهج الدراسة في الحوزات العلمية ـ من أوَله عام 1378 هـ 1958م وأنهاه عام 1391هـ (1971م). ثم بدأ بتدريس الدورة الثانية لخارج علم الأُصول حتى أيام وفاته.
كما بدأ بتدريس خارج علم الفقه على نهج كتاب العروة الوثقى للفقيه السيد كاظم اليزدي (ره) عام 1381هـ 1961م واستمر في التدريس قاطعاً شوطاً كبيراً من أبواب المسائل الفقهية حتى أيام اعتقاله واستشهاده.
وكان السيد الإِمام يدرّس ويكتب ويراجع في كل يوم أكثر من خمس عشرة ساعة في مختلف العلوم الإِنسانية معتمداً على نفسه وعلى ذكائه ونبوغه من دون أن يقرأ ويتتلمذ على أحدٍ أبداً.
مقامه العلمي
إن أُستاذنا كان مدرسة علمية شاملة تفيض بالعلوم الإِسلامية والثقافات المختلفة ذات الأفكار الجديدة والآراء الثاقبة والنظريات القيمة وصاحب مدرسة فكرية، لم نشهد لها مثيلاً في العصر الحديث.
وتمتاز هذه المدرسة بأمور أهمها ـ حسب ما ذكرهَ[2] تلميذه العالم السيد محمود الهاشمي:
1ـ الشمول والموسوعية:
إن مدرسة السيد الصدر إِحتوت على كافة شعب المعرفة الإِسلامية والإِنسانية ولم تقتصر على الإِختصاص بعلوم الشريعة الإِسلامية من الفقه والأُصول بل شملت علوم الفقه والأُصول والمنطق والفلسفة والعقائد والعلوم القرآنية والإِقتصاد والتاريخ والقانون والسياسة المالية والمصرفية ومناهج التعليم والتربية الحوزوية ومناهج العمل السياسي وأنظمة الحكم الإِسلامي.
2ـ الإِستيعاب والإِحاطة:
لقد كان من سمات سيدنا الأُستاذ البارزة التعمق في المسائل العلمية الفقهية أو الأُصولية أو الفلسفية أو الإِقتصادية أو المنطقية كما هو واضح في كتبه المؤلفة حيث كان يستعرض جميع الإِحتمالات المتصورة ثم يبدأ بالإِجابة على واحدة بعد أخرى من تلك الإِحتمالات.
وهذا أمر مهم جداً لإضفاء طابع المتانة والصحة والدقة على النظريات المتبناة لدى المؤلف (ره).
3ـ الإِبداع والتجديد:
إن المعارف والعلوم البشرية إنما تتقدم وتتطور نتيجة إبداع العلماء وتجديد الأفكار والنظريات وقد كان سيدنا الأُستاذ ـ (ق س) ـ من العباقرة المبدعين في جميع آفاق المعرفة الإِسلامية من علم الأُصول والفقه وبحوث الإِقتصاد الإِسلامي ومنطق الإِستقراء، والتاريخ السياسي لأئمة أهل البيت عليهم السلام حيث أبدع في المعطيات والأدلة وفي طريقة الإِستنتاج.
4 ـ المنهجية والتنسيق:
كان سيدنا الأُستاذ يتمتع بقدرة فذّة لوضع منهجية جديدة ودقيقة وفنية لكافة أبحاثه ودراساته حيث كان يفكك بين المسائل المتداخلة والجهات المتشابكة ويفرز بعضها عن البعض الآخر. كما كان يميز بكل دقة وانتباه أنه لابدّ لطريقة الإِستدلال في كل موضوع من أن تكون معتمدة على الدليل والبرهان أو أنها مسألة استقرائية ووجدانية.
5ـ النزعة المنطقية والوجدانية:
كان السيد الصدر ذا نزعة منطقية وبرهانية في التفكير ومع ذلك كانت براهينه تنسجم وتتلاءم مع الوجدان وتحصيل الإِطمئنان النفسي بالفكرة فكان ـ طاب ثراه ـ يدرك المسألة أولاً بحسّه الوجداني ثم يصوغ في سبيل دعمها علمياً ما يمكن من البرهان والإِستدلال المنطقي.
6- الذوق الفني والإحساس العقلاني:
لقد اعتمد ـ رحمة الله عليه ـ على الذوق الموضوعي والإِدراك العقلاني المستقيم حتى استطاع أن يضع المنهج المناسب في هذه المجالات وأن يؤسس طرائق الإِستدلال الذوقي والعقلاني ويؤصل قواعدها ومرتكزاتها خصوصاً في البحوث الفقهية التي تعتمد الإِستظهارات العرفية أو المرتكزات العقلانية.
وقلما تجتمع النزعة البرهانية المنطقية في الإِستدلال مع الذوق الفني، والحس العقلاني مع الذهنية العرفية في شخصية علمية واحدة.
7ـ القيمة الحضارية لمدرسة السيد الصدر:
إستطاع رضوان الله تعالى عليه أن ينسف أُسس الحضارة المادية الشرقية والغربية معاً ويطرح الحضارة الإِسلامية بديلاً عنها شامخة عالية.
فقد نازل الأفكار الماركسية في الفلسفة والإِقتصاد واقتلعها من جذورها، وصارع وجهة نظر الرأسمالية في الحياة وجعل عاليها سافلها وخرج من هذا المعترك الفكري ظافراً منتصراً، مشيداً صرح المدرسة الإِسلامية العتيدة من منابع الأصيلة من الكتاب والسُّنة.
نشاطه في توعية الأمة وتثقيفها
قام السيد الصدر بالبذل والسعي الحثيث لرفع مستوى وعي الأمة الإِسلامية والنهوض بها إلى المستوى الذي يريده الله سبحانه للمسلمين، من خلال توعية الحوزة العلمية وعلمائها وطلابها، وذلك بالإِشراف على مناهج الدراسة في (مدرسة العلوم الإِسلامية) التي أسسها المرجع السيد محسن الحكيم رضوان الله تعالى عليه. والإِنخراط في (جماعة العلماء) التي تشكلت بعد سقوط النظام الملكي عام 1958 في العراق، والمساهمة في كتابة المقالات الإِفتتاحية تحت عنوان (رسالتنا) لمجلة الأضواء التابعة لجماعة العلماء، إيماناً منه (ره) بأن الحوزة العلمية تحتل مركز القيادة للأُمة الإِسلامية، ولابد من تأهيلها وتطويرها كي تقوم بدورها الرسالي لدى المسلمين. فأصبح (ره) الرائد في عملية تغيير العمل القيادي المرجعي ونمط التبليغ والتوجيه للعلماء والخطباء والمؤلفين الإِسلاميين مما ساهم في نهوض الأُمّة ويقظتها.
يقول السيد محمد حسين فضل الله[3]: (وكان في داخل هذه الجماعة أي ـ جماعة العلماء ـ أشخاص طليعيون ينطلقون بعيداً عن الفكر التقليدي المحافظ ويفكرون بأن الهدى لا ينتشر إلّا من حيث انتشر الضلال. وبدأ التفكير بالمجلة الإِسلامية ـ مجلة الأضواء ـ التي يُراد لها أن تخاطب عقول الشباب بالمفاهيم الإِسلامية وفقاً لمتطلبات العصر ومعطياته، ليشعروا بأنّ الطروحات التي تقدمها الفئات الأخرى بأنّها تحلّ مشكلة الحياة والإِنسان ليست علاجاً سحرياً يمكن أن يُدْخل الناس إِلى الجنة الموعودة في الدنيا ـ إلى أن يقول ـ وقد كان لتحرك الصدر في تلك الفترة أثر كبير في إنطلاق الخط الإِسلامي الجديد في إطار نشاط (جماعة العلماء) وذلك من خلال موقعه العلمي المحترم بالرغم من صغر سنه).
ويتابع[4] (وفي طليعة هؤلاء ـ المجموعة المشْرفة على إصدار مجلة الأضواء ـ كان يقف المفكّر الإِسلامي السيد محمد باقر الصدر الذي كان فكره وقلمه يمثلان النقلة المتقدمة لحركة الإِتجاه الإِسلامي الرائد).
ويستمر قائلاً[5] (وقد كان لتحرك السيد الصدر في تلك الفترة أثر كبير في إنطلاق الخط الإِسلامي الجديد في إطار نشاط (جماعة العلماء) وذلك من خلال موقع خاله الحجة الشيخ مرتضى آل ياسين وأخيه الحجة السيد إسماعيل الصدر)… كل ذلك لأجل بناء الأُمة من جديد مع توعية إسلامية.
لقد كان همه الدائم تخلّف المسلمين وتأخرهم عن التقدم السياسي والإِقتصادي والإِجتماعي والعلمي نتيجة سباتهم وعدم وعيهم على إسلامهم وشريعتهم التي تبعث على المجد والعزّة والكرامة ونفض غبار الذّل والإِنحطاط والتحرر من قيود الإِستعمار الغاشم.
وبعد أن ألّف كتاب (إقتصادنا) وأرسله إلى المطبعة وخرج إلى الأسواق ونفذ في وقت قصير. كتب في مقدمة الطبعة الثانية لنفس الكتاب مبتهجاً مسروراً[6]:
(يسرني أن أُقدم للطبعة الثانية لكتاب إقتصادنا وقد ازددت إيماناً وإقتناعاً بأن الأُمة بدأت فعلاً تنفتح على رسالتها الحقيقية التي يمثلها الإِسلام وتدرك بالرغم من ألوان التضليل الإِستعماري، أن الإِسلام هو طريق الخلاص، والنظام الإِسلامي هو الإِطار الطبيعي الذي يجب أن تحقق حياتها وتفجر طاقاتها ضمنه وتنشيء كيانها على أساسه).
مؤلفاته
لقد كتب سيدنا الأُستاذ ـ طاب ثراه ـ الكتب القيّمة التالية: ـ
1ـ فدك في التاريخ. وهو كتاب تاريخي سياسي يعالج قصة فدك.
2ـ غاية الفكر في علم الأُصول. طبع منه جزء واحد عام 1374هـ 1953م وأشار السيد الصدر في أول هذا الجزء أنه شرع في تأليف هذا الكتاب قبل ثلاث سنين تقريباً.
3ـ فلسفتنا. طبع الطبعة الأولى سنة 1379هـ 1958م.
4ـ إقتصادنا. طبع الطبعة الأولى عام 1381هـ 1960م.
5ـ المعالم الجديدة للأُصول وهو مجلد واحد. طبع هذا الكتاب عام 1385هـ 1965م لتدريسه في كلية أُصول الدين التي أُسست في بغداد على أيدي جمع من العلماء والمثقفين.
6ـ الأُسس المنطقية للإِستقراء. طبع عام 1391هـ 1971م.
7ـ البنك اللاربوي في الإِسلام. طبع عام 1970م.
8ـ المدرسة الإِسلامية. ويتألف هذا الكتاب من حلقتين: ـ
أ ـ الإِنسان المعاصر والمشكلة الإجتماعية.
ب ـ ماذا تعرف عن الإِقتصاد الإِسلامي؟
9ـ بحوث في شرح العروة الوثقى. تشتمل هذه البحوث الفقهية الإِستدلالية التي ألقاها ـ السيد الصدر ـ في جلسات التدريس على جمع كبير من العلماء والفضلاء، على مجلدات عديدة وقد طبع منها خمسة أجزاء.
وطبع المجلد الأول منها عام 1391هـ 1971م.
10ـ دروس في علم الأُصول. ألّف ـ السيد الصدر ـ هذه الدروس في حلقات ثلاث متدرجة وأخرج الحلقة الثالثة في مجلدين، وقد طبعت عام 1397 هـ 1977م.
11ـ بحث حول المهدي.
12ـ بحث حول الولاية.
13ـ الإِسلام يقود الحياة. وهذا اسم لسلسلة من الحلقات الفكرية الثقافية التي كتبها ـ رحمة الله عليه ـ عام 1399هـ 1979م بمناسبة انتصار الثورة الإِسلامية. وهذه الحلقات المطبوعة هي: ـ
أ ـ لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإِسلامية.
ب ـ صورة عن إقتصاد المجتمع الإِسلامي.
جـ ـ خطوط تفصيلية عن إقتصاد المجتمع الإِسلامي.
د ـ خلافة الإِنسان وشهادة الأنبياء.
هـ ـ منابع القدرة في الدولة الإِسلامية.
و ـ الأُسس العامة للبنك في المجتمع الإِسلامي.
14ـ الفتاوي الواضحة. وهذه هي الرسالة العملية التي أراد ـ رحمه الله ـ أن يخرجها في مجلدات أربعة ولكنه لم يكتب إلّا المجلد الأول الذي يتناول مسائل الطهارة والنجاسة والعبادات الروحية.
15ـ المرسِل، الرسول، الرسالة.
16ـ نظرة عامة في العبادات.
17ـ تعليقة على جزئي منهاج الصالحين: الرسالة العملية للإِمام السيد محسن الحكيم.
18ـ المدرسة القرآنية. السنن التاريخية في القرآن الكريم.
19ـ موجز أحكام الحج وهو رسالة عملية خاصة بمناسك الحج.
20ـ تعليقة على مناسك الحج لأُستاذه السيد الخوئي حفظه الله. وقد كتب هذه التعليقة عندما أراد التشرف بزيارة بيت الله الحرام عام 1390هـ 1970م لأداء فريضة الحج. وهي غير مطبوعة للإِستغناء عنها بعد طباعة موجز أحكام الحج.
21ـ أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف.
22ـ مقالات كثيرة نُشر معظمها في مجلة (الأضواء) ومجلة (رسالة الإِسلام).
23ـ دروس فقهية ألقاها على جمع من تلامذته وكتبها بعض الأفاضل من التلامذة.
24ـ تعليقة على الرسالة العملية للشيخ محمد رضا آل ياسين المسماة بـ(بلغة الراغبين).
25– تعليقة على صلاة الجمعة من الشرائع.
والإِنسان المنصف يعرف بأنه ليس كل عالم يستطيع ـ مهما كان قادراً ومتمكناً في العلم والمعرفة ـ أن يكتب هذا العدد من الكتب والمؤلفات المتنوعة على هذا المستوى من العمق والإِستيعاب والدقة وفي فترة قصيرة لا تتجاوز ثلاثين عاماً، إلَّا إذا كان عبقرياً ومتفوقاً على الجميع في الذكاء والنبوغ والحفظ.
وبعد مرور عشرة أعوام على وفاة السيد الأُستاذ رحمه الله وتوفر الكتب الإِسلامية في الأسواق العالمية من مختلف الكتاب والمؤلفين وعلى مستويات مختلفة نرى الطلب المتزايد على كتب السيد الصدر من قبل المثقفين والجامعيين وأصحاب الدراسات العليا من المناطق المختلفة في العالم.
لقد قام أخونا العزيز تلميذ مدرسة السيد الصدر صاحب دار التعارف للطباعة والنشر في بيروت بإعادة طبع كل ما تركه أُستاذنا المقدس من الكتب والمقالات في (المجموعة الكاملة لمؤلفات السيد محمد باقر الصدر) التي تحتوي على ستة عشر مجلداً لتيسير الأمر على الباحثين. فجزاه الله عن الإِسلام والمسلمين خيراً.
ورحم الله أُستاذنا السعيد في سبيل اعلاء كلمة الله، العظيم في عقله وعلمه وقلبه، الكريم في عطائه وبذله وتضحياته الذي أغنى المكتبة الإِسلامية علماً وثقافة ومعرفة، والإِنسان المسلم هدياً ووعياً ونوراً والأجيال تلو الأجيال تطلعاً إِلى الإِسلام وأملاً بالإِسلام والرجوع إِلى الإِسلام.
محمد الغروي
23/ رجب/ 1410، 19/ 2/ 1990
[1] في كتاب له لم يطبع بعد.
[2] مقدمة مباحث الدليل اللفظي ـ الجزء الأول ـ بحوث في علم الأُصول.
[3] مقدمة كتاب رسالتنا ص14.
[4] مقدمة كتاب رسالتنا ص15.
[5] مقدمة كتاب رسالتنا ص15.
[6] اقتصادنا ص7.