1ـ كان للمنطلق لقاء فكري مع سماحة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين..وقد طرحنا عليه الأسئلة التالية حول شخصية الشهيد الثالث السيد محمد باقر الصدر كمفكر اسلامي رائد..وكمفكر عالمي وتفضل ساحمته بالاجابة عليها:
1ـ ما هي الظروف الاجتماعية والسياسية التي نشأ فيها السيد الصدر كمفكر، وكان لها إسهام في بلورة اتجاهه أو شخصيته الفكرية؟
2ـ بم تتميز المدرسة الفكرية التي يمثلها السيد الصدر؟
3ـ هل تشاركونا الرأي في اعتبار السيد الصدر مفكراً عالمياً؟
4ـ ما هي تأثيرات المدرسة الفكرية للسيد الصدر على الساحة السياسية؟ وهل لذلك علاقة مباشرة باستشهاده؟
شهدت فترة ما بين الحربين العالميتين تحولات عميقة جداً في الأوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية في العالم الاسلامي..وفي العالم العربي بوجه خاص.. حيث نمت موجة التغريب، بشكل مكشوف..وغدت مسألة تقود سياسات الأنظمة الحاكمة في الدول العربية والإسلامية. ورافق هذه الفترة أشكال متنوعة من الحكم الاستعماري المباشر، على الصعيد السياسي.
ويتصل بموجة التغريب هذه تفشي ما يمكن أن نسميه نمط الحياة الغربية المتعلق بروح الترف..حيث نمت وسط هذا المناخ الحياتي المترف طبقة ثرية جداً، كما أخذت بالمنو طبقة وسطى أيضاً.. والقسم الأعلى من الطبقة الوسطى مع الطبقة الثرية جداً والتي اصطلح على تسميها بالطبقة الارستقراطية أنتجا قيادات سياسية وثقافية واجتماعية..هذا الواقع أوجد حالة صدمة، أصابت عامة الناس العادين الذين بدأ ينمو تحت أنظارهم وأسماعهم نمط جديد من الحياة. وأسلوب جديد من الحياة يختلف في قليل أو كثير.. ونقدر أنه يختلف في كثير من قناعاتهم الذهنية والعقيدية التي يتصل بعضها بالتقاليد ولكن معظمها يتصل بالعقلية والثقافة الإسلامية التي يحملها هؤلاء..حتى ولو كانوا أميين..لأن الثقافة ليست مسألة تعليمية، وإنما هي مسألة قناعات وفهم معين.. ولا شك أن فهم الأكثرية الساحقة من أمتنا في العالم العربي أو العالم الإسلامي الواسع كانت تستمد كثيراً من مقموماتها من المفاهيم والقيم الإسلامية..اصطدمت هذه الفئة الواسعة، ونكاد نقول الأمة باستثناء نخبة الطبقة الوسطى والطبقة «الارستقراطية» اصطدمت بهذا النموذج الذي ينمو تحت سمعها وبصرها، أصيبت بالذهول في حالات، بالدهشة في حالات، بالنفور في حالات.. وربما الفرح في حالات. ولكن الطبابع العام كان هو طابع الغربة..غربة الأمة عن هذا النمط الجديد من الحياة.
الفريق الثاني الذي صدم بهذه الظاهرة الجديدة بأوجهها الفكرية والسياسية والحياتية.. هي القيادة الإسلامية المتمثلة بعلماء الدين.. وهي التي تعتبر نفسها أمينة على هذا الفكر وعلى الأمة التي تعتنقه.. وقد واجهت هذه القيادات..وهنا علينا أن نواجه واقعنا بوضوح بولا محاملات وخارج نطاق المنطق التبريري الذي تعوده البعض، واجهت هذه القيادات، هذا الواقع الجديد بردود فعل متنوعة.. فمنها من واجهه بالاستسلام.. ولكن بالتأكيد ليس منها من واجهه بالرضا والقبول.. هذه الظاهرة بأوجهها ووجهت من قبل هذه القيادة بالرفض والإدانة والتبري.. ولكن هذا الرفض عبر عن نفسه بتعابير مختلفة: فمنها ما يمكن أن نسميه بالرفض الاستسلامي.. وموقف هذا الفريق متأثر بنوع من الثقافة التي بغلب عليها الطابع الصوفي أو الغيبي، الذي ربما يرى فيما حدث علامة من علامات القدر المبرم الذي لا يقاوم، وربما كان يرى فيها ظاهرة أخروية.. ذات رمزية أخروية.. رفضها واستسلم للواقع ولم يقاوم.. كان الرفض رفضاً عملياً بأي وجه من الوجوه. ويمكن للمتتبع في تاريخ مراكز القيادات الفكرية في انحاء العالم الإسلامي أن يجد شخصيات تصلح أن تكون نماذج لهذا النوع من الرافضين.
النموذج الثاني هو التصدي.. ولكن التصدي يكون بأدوات تقع خارج المرحلة التاريخية.. يعني بأدوات تجاوزها التاريخ، بأسلوب فكري تجاوزه التاريخ، وبأسلوب عملي تجاوزه التاريخ أيضاً، هؤلاء كانوا يحسون بخطورة كبرى، وكانوا يرفضون انطلاقاً من المعطيات الفكرية الإسلامية.. وكانوا يحملون روحاً جهادية لا شك فيها.. ولكنهم كانوا يفتقرون الى اللغة والأسلوب اللذين يتناسبان مع المرحلة التاريخية التي ظهرت فيها هذه القضية.
غني عن القول أن الفئة الأولى لم تضف أي جديد الى مقاومة الأمة، ولم تلب حاجة الأمة المدهوشة أو الخائفة أو المتعجبة، لم تلب حاجتها الى القيادة الصحيحة..ربما ساهمات في خلق أجواء الحيرة.. ربما، بل لعلها (أي هذه الفئة) شاهمت في حالة في حالة الضياع الذي سادت في قطاعات واسعة من الأمة، ومن ثم خدمت بشكل غير مباشر موجة التغريب.
أما الفئة الثانية، فقد كانت بطبيعة الحال تطمح الى أن تقود عملية المواجهة، وقد قادتها ولكنها بطبيعة الحال فشلت في المواجهة، لأنها لم تكن كما قلنا، تملك الأداة التي تتناسب مع المرحلة التاريخية للمواجهة.. وأتكلم هنا عن المواجهات على مستوى الفكر ومستوى العمل الاجتماعي والتوجيهي وليس على المستوى العسكري وقيادة الثورات أو العصيان المسلح.. فهذه لها حديث آخر.. وهي مظهر كبير ولكنه مظهر لمقاومة الاستعمار السياسي ولا يتصل اتصالاً وثيقاً بموضوع حديثاً. هذه الفئة قادت لكنها بالتأكيد فشلت في قيادتها لأنها لم تكن تملك الأدوات الفكرية والتنظيمية المناسبة للمرحلة.. وترتب علي فشلها أيضاً تقديم فرص اضافية لقادة موجة التغريب. لقد مضت فترة، لعلها تبلغ عقدين أو أكثر من السنين.. والساحة مشغولة ومملوءة بأمثال هذه المواجهات السلبية الاستسلامية، أو الايجابية ولكن التي لا تملك الأدوات اللازمة للمواجهة.
طبعاً هذا الواقع كان ينطوي في ثناياه على إمكانات مستقبلية تنتجها المرحلة، على صعيد الإسلام ومواجهة الإسلام مع الموجة الغربية..
أستدرك فأقول إن الحال لم يكن متساوياً في كل العالم الإسلامي.. هناك استثناءات يمكن أن نذكرها كانت قريبة جداً من أن تملك أدوات المرحلة.. يمكن أن نذكر حالة (اقبال) بشكل خاص في شبة القارة الهندية.. ولكنه كان عمله عملاً فكرياً مجرداً يفتقر إلى التنظيم الذي يحوله إلى حقائق سياسية..لا شك بأنه ساهم فيما بعد في انضاج الحالة السياسية.. ويمكن أن نذكر أيضاً محاولات الشمال الأفريقي، خاصة قيادة ابن باديس، ولكن يبدو، ولست متأكدا من حكمي، يبدو لي أن كفاءاتهم الفكرية والتنظيمية لم تكن في مستوى المرحلة. ربما كانت من نوع المرحلة ولكنها لم تكن في مستواها. ربما لم تنجح في المواجهة، ولكنها نجحت في اذكاء روح المقاومة الشعبية. ويمكن أن نذكر في هذا السياق حركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.. كما نذكر بعض الأسماء البارزة في العراق كالشيخ محمد جواد البلاغي مثلاً أو في ايران.. ولكن كل هذا، وبالرغم من النجاحات المحدودة والمتفاوتة في محدوديتها والتي تحققت هنا وهناك.. لم يمنع موجة التغريب على صعيد الفكر والسياسة والمجتمع، وأسلوب ونمط الحياة من أن تكتسح.. هكذا مرت عقود من السنين والعالم الإسلامي يواجه بهذا الشكل.. إلا أن المرحلة، وهذا النوع من المواجهات وخيبات الأمل السياسية بوجه خاص.. ولدت بطبيعة الحال حالة وعي في صفوف القيادات الدينية الشابة، أو البراعم التي هي في دور تكويني..
كما أعتقد أيضاً أنه في هذا المناخ المحموم المملوء بخيبات الأمل والخوف والعنفوان في نفس الوقت ولدت إمكانات فكر جديد..
جديد لا في جوهر..إذ هو في جوهره فكر إسلامي.. ولكنه جديد في فهمه لحقيقة المشكلة، وجديد في تناوله للمسائل في فهمه لحقيقة المشكلة، وجديد في تناوله للمسائل وفي طرحه لها بعيداً عن التشنجات وأحكام الإدانة.. إنه يتناول المشكلة تناولاً علمياً محايداً يسعى إلى الفهم.. وليس تناولاً متعصباً لا يملك إلا الرفض.. وعلى هذا الأساس طرحت هذه المشكلة طرحاً أميناً وبحث عن أجوبتها في نطاق الفكر الإسلامي ومنه، وبالأسلوب وباللغة وبالروحية التي تتلاءم مع المرحلة. وأحب أن أقول كلمة عن الروحية يمكن أن تستعمل في بعض أقسام الحديث الماضي. نحن يمكن أن نفهم مشكلة ما فهماً صحيحاً، ويمكن أن نجد لها أجوبة صحيحة.. ولكن كل عملنا يفسد إذا لم نفهمها ولم نطرحها ولم نجب عليها بالروحية التي تتناسب مع المشكلة الروحية ماذا أعني أننا مثلاً الان في سنة 1400 هـ ، علينا أن ندرك أننبا أيضاً في نفس الوقت موجودون في سنة 1980 م.. يعني أننا موجودون في عالم ينتمي أكثره إلى مناخ حضاري اخر.. كما يعني أن شروط الحياة المادية والعاطفية التي تحكم الإنسان العادي.. تختلف عن شروط الحياة قبل نصف قرن.. وبالتالي أن نعي أن هذا الإنسان المسلم الذي نريد أن نحوله الى جندي وإلى مجاهد معرض كما لم يحدث في أي وقت مضى على مدى المساحة التاريخية كلها، معرض لتأثير إعلامي وفكري غير إسلامي طوال الوقت.. وأن هذا الإنسان يريد أن يحيا عالمه.. أن يحيا عصره، ولا يريد أن يعيش في عالم منفصل..
الفكر الجديد، أو النمط الجديد للفكر الإسلامي..فكر المواجهة، فكر التفسير أو إعادة التفسير.. وفي نفس الوقت فكر المواجهة يمتاز بهذه الخصوصية.. بالرغبة التي كانت ناجحة في بعض الحالات فاشلة في بعض الحالات.. بالرغبة في أن تفهم حالة الإنسان المسلم المعاصر..
في هذا المحيط بكل وعوده وآماله وبكل خيبات أمله نما محمد باقر الصدر.. في أسرة عريقة في الحياة العلمية الإسلامية، وفي مدينة تعتبر إحدى كبريات مراكز الفكر الإسلامي في العالم.. ونقدر أنه تفاعل فكراً وعاطفاً مع هذا الواقع. ويصادف نشوءه مع نشوء حركات التحرر السياسي التي كان يقودها في بعض الحالات الرفض الإسلامي، وفي بعض الحالات الفكر العلماني الذي مثلته إلى حد كبير الطبقة الوسطى النامية والمتأثرة بالفكر القومي الأوروبي.. وأعتقد أن هذا المناخ إلى حد كبير في دفع محمد باقر الصدر لأن يكون فقيهاً غير تقليدي، وأن يكون مفكراً غير تقليدي.. طبعاً مواهبه الشخصية، نبوغه، ذكاؤه، روحه العلمية جداً، محيطه العائلة والاجتماعي ساهمت إلى حد كبير في تكوين اتجاه الفكري ونوعية هذا الاتجاه..أضيف إلى ذلك الحمى السياسية التي كانت تطرح باستمرار أما جميع البصائر المتفتحة.
مصير الإنسان العادي.. بين أن يعيش حياة مقبولة نوعاً ما، ولكنها ممسوخة سياسياً وفكرياً.. يعني تعاني من الغربة الفكرية والاستلاب السياسي.. وبين أن يعيش خارج حركة التاريخ، على منطق الذين سميناهم بالرافضين المستسلمين.. أو أن يضع نفسه في حركة التاريخ ولكن من موقع إسلامي يحرمه الحياة التي تعد بها المؤسسات الجديدة المتغربة، وتبني وسائلها.
امام إنسان مؤهل يملك كفاءات متميزة أو يعيش في ظروف وريي على الاخلاص للقضية التي يؤمن بها. أمام هذا الإنسان المشروع. الذي هو مشروع قيادة فكرية وسياسية، كانت نماذج الناس: الإنسان الحائر، الإنسان الممسوخ والإنسان المجاهد ولكن الذي يبحث عن هوية تأخذ بنظر الاعتبار حالة العصر.. لا تأخذ فقط سنة 1400 هـ وإنما تدخل في تقييم الموقف كوننا نعيش في مسار حضاري ثاني هو 1980 م..
أعتقد أن كل هذه الأفكار تصور إلى حد لا أعرف هل هو محدود أو كبير أو كامل..
المناخات التي نمت فيها الشخصية الفكرية والتوجه الفكري للسيد محمد باقر الصدر.
2ـ من المعلوم الآن أنه يمكن إلى مدى بعيد، وإلى مدى يتمتع بقدر كبير من الصدق، أن نقول: هناك مدرسة فكرية للسيد محمد باقر الصدر.. ومدرسة فكرية متميزة.. ولا يصعب على الانسان المتتبع للفكر الإسلامي في العصر الحديث، والمساهم فيه، أن يكتشف بسهولة بعض الخصائص الكبرى لهذه المدرسة.
أعتقد أنها تتميز أساساً بالأصالة.. فلأول مرة فيما أعلم يوجد فكر اسلامي حديث لا يتكىء على تبرير نفسه بالنظريات والفكر الغربي.. مقوماته إذا صح التعبير محلية تماماً، يعني إسلامية خالصة.. في نفس الوقت هو فكر عميق.. فكر يستحق هذه الكلمة وليس فكر سطحياً.. هذا إذا صح للسطحية أن تسمى فكراً. إنه يغوص إلى الجذور..
السمة الثالثة هي الشمولية.. في معالجاته نجد هذه الميزة، وهذا أمر له مغزاه الكبير.. أنه في فلسفتنا يعتبران المدخل لفكره الفلسفي هو المسألة الاجتماعية.. أنا لا أتذكر أن معالجة فلسفية مؤصلة وأصيلة تجعل حافزها ومدخلها المسألة الاجتماعية..وهذا يكشف عن خصوصية أخرى هي ليست لمحمد باقر الصدر بل هي لكل من ربي على القرآن والإسلام.. إن الفكر الفلسفي الذي هو أعلى أو أدنى مستويات الكثافة الحياتية المادية الملتصقة بهذا الفكر.
الشمولية يلاحظها الإنسان في كل آثاره الكبيرة في اقتصادنا وفلسفتنا وفي البنك اللاربوي وفي «الأسس المنطقية للاستقراء»، الذي هو كتاب أعتقد أنه لم يكتشف حتى الآن.. كما أوجه الأنظار إلى فكره الأصولي والفقهي الاكاديمي الذي كان يلقيه كدروس بالاضافة إلى معالجته التاريخية العامة أو التفسيرية العامة حيث يكتشف الإنسان فيها كلها هذه الشمولية بالاضافة إلى الخصوصيتين السابقتين اللتين هما: الأصالة والعمق. الأصالة ربما تفهم في كثير من الأوساط خطأ على أنها تعني مواجهة الفكر الآخر بروح عدائية.. وهو خطأ لم يقع فيه السيد محمد باقر الصدر..
الأصالة تعني أكثر فأكثر التعامل مع الفكر الآخر وليس الرفض التعصبي والمتشنج للفكر الآخر.
وهذه السمة من سمات الأصالة نلمسها في القرآن الكريم الذي عرض الله سبحانه وتعالى فيه جميع وجوه الفكر المضاد. وواجهها دون أن يخفيها أو يتجنبها.
3ـ لجهة السؤال عن السيد الصدر كمفكر عالمي. على بعض المقاييس، وفي مستوى المرحلة.. بالتأكيد يمكن أن نعطيه هذه الصفة كما نلاحظ.. هناك أسماء كثيرة خارج الفكر الإسلامي، أعطيت هذه الصفة.. بعضها بطبيعة الحال يستحق أن ينالها، وبعضها والكثير منها لا يستحق هذه الصفة. علينا أن نتفق على مقياس لهذه الصفة.. وعلى أساسه تعطى أو لا تعطى..
هل المفكر العالمي هو الأكثر شهرة.. أم هو الأكثر التصاقاً بقضايا الإنسان والأكثر تمثيلاً لطموحات أمته.. والأكثر معاناة في سبيل هذا الفكر وهذه الطموحات..ربما تشتغل بعالم الفكر والكتابة وهي لا تستحق بالتأكيد هذا اللقب..
وإنما تكون الشهرة راجعة لوسائل الدعاية العصرية التي نعرفها.. ولشركات العلاقات العامة التي نعرف تأثيرها الواسع النطاق في هذا العصر.
بالتأكيد بعض االمشهورين يستحقون شهرتهم، ولكن كما قلت، كثيرون منهم لا يستحقون هذه الشهرة. فلنأخذ مثلاً على ذلك سولجنستين، الذي لم يكن معروفاً خارج نطاق الاتحاد السوفياتي. إلى أن التزم بموقف سياسي معين، فحوله الاعلام الغربي إلى المفكر عالمي.. وهو لا يستحق أن يكون مفكراً عالمياً.
ربما كان يستحق هذا اللقب لانجازه الفلسفي الذي قد نوافق على بعضه أولا نوافق على كله، ولالتزامه السياسي.. ولما يبدو أنه صادق فيه من التزامه الفلسفي.. ولكن حينما نصدم باتجاهه الصهيوني سنتوقف كثيراً.. وقد توقفت الأمة كما تلاحظون فكرت إطلاق هذه الصفة عليه واستحقاقه لها.. حينما نجد هذا الانفصام بين الفكر والشعار، وبين الموقف السياسي كما تجلى من موالاته لاسرائيل.. فإننا نصل إلى أن ليست من سمات المفكر العالمي..
الشهرة ليست مقياساً. بعض السياسيين في العالم الذين لا يساوون قيمة الورق الذي يكتب عنهم، بالتأكيد هم مشهورون أكثر من كل المفكرين، بعض ممثلات السينما أو ممثلي السينما مشهورون أيضاً أكثر من أي مفكر عالمي.
من هذا المقياس، نعتبر على مستوى عالمي.. ولا يؤثر في هذه الحقيقة كونه لم يكن في نطاق نظام سياسي يخدم شهرته.. وكونه لم يكن يملك الوسائل المالية التي تخدم شهرته. إذ المهم أنه أعطى فكراً أصيلاً يعبر عن شخصية أمته، وعاش حياة ملتزمة بهذا الفكر وختم هذه الحياة بأعلى مستوى للالتزام بهذه الفكر.. هو مستوى الشهادة.
4ـ أما لجهة تأثيرات هذه المدرسة الفكرية، فأقول بسعادة أننا هذه نلاحظ أنها ذات تأثير واسع النطاق وعميق وذو طابع يتجاوز الممارسة الأكاديمية المحضة إلى كونه يشكل طريقة حياة لدى الكثيرين من الرجال والنساء الذين التزموا به على أنه الصيغة السياسية للمرحلة.
أعتقد أن هذه التأثيرات لا تزال في بداياتها، ولا أقول في بدايتها لأنها منذ عقد من السنين على الأقل تجاوزت البداية..
نعم هي في أوائلها.. وكلما مضى وقت أكثر في الحمى السياسية التي تستوعب العالم العربي على الأقل والعالم الإسلامي بوجه عام بعد نجاح الثورة الإسلامية في ايران. أعتقد أن فرص النمو والتعمق لهذا الفكر تتضاعف باستمرار، وخصوصاً على الساحة السياسية.. نظراً لتأثيره بالذات على نمط الالتزام السياسي وأسلوب المواجهة السياسية للمرحلة.
أعتقد أن هذه التأثيرات لا تزال في بداياتها، ولا أقول في بدايتها لأنها منذ عقد من السنين على الأقل تجاوزت البداية..
نعم هي في أوائلها.. وكلما مضى وقت أكثر في الحمى السياسية التي تستوعب العالم العربي على الأقل والعالم الإسلامي بوجه عام بعد نجاح الثورة الإسلامية في ايران. أعتقد أن فرص النمو والتعمق لهذا الفكر تتضاعف باستمرار، وخصوصاً على الساحة السياسية.. نظراً لتأثيره بالذات على نمط الالتزام السياسي وأسلوب المواجهة السياسية.
أما إذا كان لذلك علاقة مباشرة باستشهاده.. فإن الجواب هو بالتأكيد نعم..بل أكاد أقول إن توجهه الفكري الملتزم هو المسبب الوحيد لاستشهاده: التزامه من جهة.. وكون فكره أصبح فكر التزام وليس فكر ترف. أو فكر مجرداً من جهة.
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
مجلة المنطلق