الشهادة الالهية

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

يرى الشهيد الصدر (رض) انّ خط الشهادة الالهية يمثل التدخل الربّاني من اجل صيانة الانسان الخليفة من الانحراف وتوجيهه نحو اهداف الخلافة الرشيدة، فالله تعالى يعلم ما توسوس به نفس الانسان وما تزخر به من امكانات ومشاعر، وما يتأثر به من مغريات وشهوات، وما يصاب به من الوان الضعف والانحلال، واذا تُرك الانسان ليمارس دوره في الخلافة بدون توجيه وهدى كان خلقه عبثاً ومجرد تكريس للنزوات والشهوات وألوان الاستغلال. وقد صنّف القرآن الكريم الشهداء الى ثلاثة اصناف فقال: (انّا انزلنا التوراة فيها هدىً ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربّانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) المائدة / 44، والاصناف الثلاثة على ضوء هذه الآية هي: (النبيون والربّانيون والاحبار) فالاحبار هم علماء الشريعة، والربّانيون درجة وسطى بين النبي والعالم وهي درجة الامام، فيكون الخط ممثلاً بـ 1ـ الانبياء 2ـ الائمة الذين يعتبرون امتداداً ربّانياً للنبي في هذا الخط 3ـ المرجعية التي تعتبر امتداداً رشيداً للنبي والامام في خط الشهادة، والدور المشترك لهذه الاصناف الثلاثة يتمثل فيما يلي:

أ ـ استيعاب الرسالة السماوية والحفاظ عليها.

ب ـ الاشراف على ممارسة الانسان دوره في الخلافة وتوجيهه ضمن احكام الله تعالى.

ج ـ حماية المسيرة من الانحراف والتدخل لانقاذها حين يتطلب الامر ذلك.

اما الفروق الجوهرية بين الشهداء بأصنافهم الثلاثة في طريقة اداء هذا الدور فيتضح من كون النبي هو حامل الرسالة من السماء باختيار الله تعالى، والامام هو المستودع للرسالة الربانية، والمرجع هو الانسان الذي اكتسب من خلال جهد بشري ومعاناة طويلة استيعاباً حيّاً وشاملاً ومتحركاً للاسلام ومصادره، وورعاً عميقاً يروّض نفسه عليه حتى يصبح قوّة تتحكم في كلّ وجوده وسلوكه، ووعياً اسلامياً رشيداً على الواقع وما يزخر به من ظروف وملابسات ليكون شهيداً عليه.

والنبي والامام معينان من الله تعالى، واما المرجع فهو معيّن تعييناً نوعياً وذلك بتحديد الشروط العامة للمرجع وترك للامة الواعية مهمة تطبيق هذه الشروط على مرجع بعينه.

وارتباط الفرد بالنبي ارتباطاً دينياً والرجوع اليه في اخذ احكام الله تعالى عن طريقه يجعل منه مسلماً بالنبي، وارتباطه بالامام على هذا النحو يجعل منه مؤمناً بالامام، وارتباطه بالمرجع على النحو المذكور يجعل منه مقلّداً للمرجع.

بقي ان نقول انّ المرجعية هي عهد ربّاني الى الخط لا الى الشخص، والخط هو طرف التعاقد مع الله كمواصفات عامّة ذكرها الامام العسكري (ع) بقوله: «فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام ان يقلّدوه».

احمد علي