نظرية الاحتمال على وفق مذهب المفكر الصدر

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

تمهيد

من البداهة القول ان (القضايا المحتملة) هي قضايا تتضمن كلاً من العلم والجهل نسبياً، اي انها تتضمن العلم من جهة، والجهل من جهة اخرى. فالعلم التام والجهل التام هما مما لا يصدق عليهما قضية الاحتمال.

كما من البداهة القول ان الاحكام الاحتمالية، لا القطعية، هي الغالبة في تعاملاتنا مع مفردات الحياة العملية، فنقول ان هذه القضية محتملة او متوقعة الحدوث، او نقول ان درجة احتمالها هي النصف او الربع او غيرذلك. فالاحتمالات مستخدمة في مختلف مجالات الحياة العملية، وتستعين بها شركات الاعمال والتأمين وغيرها. كما تستعين بها العلوم الاجتماعية والنفسية عبر الاحصاءات المختلفة، وكذلك العلوم الفيزيائية وعلى رأسها الفيزياء الذرية وعلم الوراثة والجينات والعاب الحظ والمصادفة وغيرها. وعليه صرح هنري بوانكاريه انه بدون حسابات الاحتمال فان العلم يكون مستحيلاً. كما اشار فنتي Finetti بان هذه الحسابات تشكل الاساس لمعظم اعتقاداتنا الشخصية[1].

ورغم ان نظرية الاحتمال قد لعبت دوراً مهماً في تاريخ العلم، الا ان الاحتجاج بها لتأييد النظريات العلمية المتنافسة كان نادراً ومستثنى. فمثلاٌ ان كوبرنيكوس وكبلر ونيوتن واينشتاين ليس منهم من استخدمها في دعم نظريته، ولا كذلك ماكسويل او دالتن او كيلفن kelvin او لافوازيه  Lavoisier او غيرهم[2]. بل يسود الاعتقاد بان النظريات العلمية لا تخضع الى اعتبارات نظرية الاحتمال، حتى قال فون ميزس: (يجب ان نلاحظ ان العلماء حتى في أحاديثهم العادية التي لا يتوخون فيها الدقة قلما يستخدمون التعبير بأن احتمال النظرية احتمال صغير او كبير)، انما هناك معايير متعددة ومتنوعة تفرض على العالم أن يأخذ بها في تفضيله لنظرية على اخرى، كما يؤكد بذلك ميزس وهو يتحدث عن احتمالات النظريات[3]. والأمر مبرر من حيث وجود التنافس بين النظريات وان ما يرجى منها هو الفائدة التفسيرية لأكبر عدد ممكن من الظواهر دون البحث عن مطابقتها للواقع الموضوعي او النظر في احتمالات هذا الامر. لكن يظل ان النظرية العلمية لا يمكنها ان تستغني عن وجود قرائن المشاهدات التي تؤيدها، وعلى الأقل أن لا تتناقض معها. لهذا فالنظرية التي تتناقض مع حقيقة تجريبية تفقد شيئاً من اعتبارها وقد تفسح المجال لاحلال غيرها من النظريات المنافسة.

ومن الناحية التاريخية عُرفت نظرية الاحتمال لدى العرب والهنود وغيرهم قبل ان تلفت نظر الغربيين منذ النهضة الحديثة. واول ما بدأ الاهتمام بها عبر تحديد القيم الرياضية الخاصة بالعاب الحظ والمصادفة. وهناك بعض الاصطلاحات التي شاعت لدى الغرب ظهر ان مصدرها كان من العرب، ومن ذلك لفظة (هزرد (hazard التي تعني اللعب في قطعتي زهر او ثلاث، وقد اشير الى هذه اللعبة في ادبيات العصر الكنيسي في الغرب[4]. وكانت اللفظة شائعة قبل ان تحل محلها لفظة (الصدفة chance ). وعليه ذكر الاستاذ هاكن Hacking ان الرياضيات الاحتمالية، هي مثل نظام الارقام في الغرب، تعود الى اصل عربي، وان لفظة هزرد هي كلفظة علم الجبر algebra مأخوذة من العرب. وقد كان اوائل العلماء الاوروبيين – وهم الايطاليون – يعملون على حل مشاكل العاب الحظ والمصادفة للهزرد الشائعة في افريقا الشمالية، في الوقت الذي كانوا فيه منشغلين بتطوير علم الجبر وحل مسائله الرياضية. ومع ان العلم الخاص بلعبة الزهر له بصيص من الوجود لدى الاوروبيين خلال القرن الخامس عشر، الا ان اساس هذا العلم يرتد الى قديم الزمان. فمن المصادر التي تناولت العلم المذكور ما جاء في بعض الكتب الهندية القديمة، حيث وردت قطعة نصية تشير الى هذا النوع من العلم في كتاب (ماهاباراتا (Mahabarata، وذلك قبل ان يتعرف الاوروبيون عليه بقرون طويلة[5].

ويلاحظ ان اغلب الكتب التي تعرضت لتاريخ الاحتمال تبدأ بالفيلسوف الرياضي باسكال (1623ـ1662) وزميله فرما، حيث جرت بينهما عدد من الرسائل المتبادلة لحل بعض مشكلات الاحتمال. وقد كان لمثلث باسكال انذاك دور مهم في حل بعض المسائل الاحتمالية البسيطة كتلك المتعلقة بالعاب المصادفة وما شاكلها. واحياناً تُشير بعض الدراسات الى ان اوليات التفكير في القضايا الاحتمالية تعود الى ما قبل باسكال بقرن تقريباً. ومن ذلك ان المؤرخ تودانته  Todhunter، وهو من مؤرخي القرن التاسع عشر البارزين، لم يكتب عن الفترة التي سبقت باسكال الا ست صفحات من كتابه الذي تجاوزت اوراقه الستمائة صفحة، وقد تناول في الصفحات الست آراء كل من كاردان (1501ـ1576) وكبلر (1571ـ1630) وغاليلو (1564ـ1642)، ومن قبلهم لبريLibri  [6]. لكنه لم يشر الى ما قبل الفترة الحديثة ولا الى الدور العربي في علم الاحتمال رغم ما تضمنه كتابه من الحضور الواسع للفظة هزرد. وكأن صياغة الاحتمال من الناحية العلمية لم يتوفر ظرفها الا مع مطلع العصر الحديث، وبالتحديد مع باسكال.

على ان بداية اهتمام باسكال بالمشكلة الرياضية من الاحتمال كان منذ منتصف القرن السابع عشر (وبالتحديد سنة 1654)، حيث بدأ التفكير مع العاب الحظ الخاصة بزهر النرد. فمن ذلك الوقت بدأت مشاكل الاحتمال تفرض نفسها لتجد من يحلها من قبل العلماء. ومع ان باسكال ليس من الرياضيين، كما صرح هو بنفسه، لكن سبقه لطرح اولى المشاكل الاحتمالية وحلها بشكل صحيح، جعلاه مشهوراً كأول مساهم من الرياضيين لحل القضايا الاحتمالية، وذلك بمعية زميله فرما[7].

هكذا تؤرخ النشأة العلمية منذ باسكال لكونه يعد اول من تعرض الى طرح المشاكل الاحتمالية واجاب عنها. فقد وضع مثلثه المشهور لحل تلك المشاكل، وكان العلماء يلجأون الى هذا المثلث من بعده. وسمي باسمه باعتباره اكتشف عدداً من العلاقات والخصائص غير المعروفة حوله، رغم ان الاهتمام به سبق باسكال، وان ما يعزى اليه من دور تاريخي هام على صعيد نظرية الاحتمال كان مسبوقاً بنحو ما يزيد على ثلاثة قرون. فقد كان المثلث معروفاً ومستخدماً في الحسابات الخاصة بالعاب الحظ والمصادفة[8]، ومن ذلك ان الشاعر والرياضي المعروف عمر الخيام (المتوفي سنة 1214) قد استخدم المثلث في تحديد القيم الاحتمالية لبعض المسائل، وهو يعترف بان فكرة المثلث قديمة وليست من ابتكاره. وكان الاستاذ سارتون Sarton يقول بصدد هذا المثلث بأنه مثال عظيم من المعرفة الخفية او الغامضة، ذلك انه لعدد من المرات يكتشف فيضيع فيكتشف، حتى اصبح اخيراً معروفاً تمام المعرفة[9].

وعلى رأي الاستاذ هاكن أن تصور الاحتمال خلال القرون الثلاثة الماضية، وبالتحديد منذ عصر باسكال، ظل ثابتاً يتردد الى اصوله من غير تغيير. فدائرة الاراء في فهم الاحتمال اخذت تعيد نفسها مرة بعد اخرى، من دون اي تقدم يُحرز. وطوال هذه المدة لم يتجاوز مفهوم الاحتمال معنيين اثنين. وقد استدل هاكن على الطابع الدوري لمفهوم الاحتمال عبر مثالين، احدهما ان الصياغة الاكثر حداثة للاحتمال هي تلك التي كان رائدها رامسي Ramsey في كتابه (الحقيقة والاحتمال) سنة 1926، وكذلك القبول الواسع المنال لكتاب الاستاذ سفج  Savage(اصول الاحصاءات) سنة 1954، والبعض كان يطلق على النظرية التي قدمها كل من رامسي وسفج النظرية الذاتية  (subjectivism)، وكان الاستاذ سفج يطلق عليها النظرية الشخصية  (personalism)، لكن اغلب الاحصائيين كانوا يطلقون عليها نظرية بايس  (Bayesian theory)، فرغم ان بايس قد توفى (سنة 1760)؛ الا ان الفكرة الاساسية لمساهمته ظلت طوال قرنين من الزمن. اما المثال الاخر فيتعلق بالتفاسير المختلفة التي وضعت على عمل برنولي Jacques Bernoulli في كتابه (فن التخمين) سنة 1713. فبسبب انه قدّم لفظة (الذاتي (subjective في فلسفته التي تخص الاحتمال، فقد اُطلق عليه الفيلسوف الذاتي  (subjectivist)، وصرح الاستاذ هاكن بان برنولي هو المتبني الاول للنظرية الذاتية للاحتمال، بينما حكم عليه فون ميزس بانه رجل تكراري ضليع. كما قال آخرون ان برنولي قد سبق في نظريته نظرية كارناب المنطقية في الاحتمال، بل ان كارناب ذاته ردّ نشأة الاحتمال المنطقي الذي تبناه الى فترة متقدمة منذ الاهتمام العلمي بنظرية الاحتمال، كما يلاحظ انعكاس ذلك على عنوان كتاب برنولي الموسوم (فن التخمين)، حيث يعنى بالاحتمالات الخاصة بالفرضيات التي تعد صلب الاحتمال المنطقي، وهو الاحتمال الذي تم تتويجه على يد العالم الرياضي لابلاس[10]. كذلك ما زال آخرون يطلقون على برنولي بأنه رائد التصور التكراري في الاحصاء والذي يُعد فيه الاستاذ نيامن Neyman  الاكثر شهرة من المعاصرين المفسرين لذلك التصور. هكذا فعلى رأي هاكن، رغم ان افكار نيامن وكارناب والنظرية الذاتية كلها تتميز بالتغاير الجوهري، الا ان هذه الاعمال المختلفة كلها يمكن عدّ اصولها راجعة الى العمل الذي قام به برنولي من قبل[11].

بديهيات الاحتمال

لصنع الاحتمالات الرياضية لابد من ان تكون النظرية وافية في ان تنطبق عليها بديهيات الاحتمال. وعلى ما ينص برتراند رسل فان هناك عدداً من البديهيات التي تحتاجها الحسابات الرياضية بغض النظر عن التصورات المختلفة في تفسير الاحتمال، وهي بديهات معطاة بنفس الطريقة من قبل كتّاب مختلفين، لكنها جاءت مختلفة العدد، فبعضهم اعتبرها ثلاثة كما هو الحال مع كرامر Cramer، كما ان بعضاً اخر اعتبرها خمسة مثلما هو الحال مع كولموجوروف Kolmogorov . ومع ان رسل اعتبر انه يمكن اشتقاق القضايا الرياضية من بديهات خمس احصيت من قبل الاستاذ بينو  Peano، لكنه مع هذا قام بعرض ما افاده الاستاذ برود من بديهات ست جاء ذكرها في مقال له في مجلة (العقل). والبديهات الست التي نقلها رسل والتي اعتمد عليها المفكر الصدر هي كالاتي[12]:

1ـ اذا كانت لدينا واقعة نرمز اليها بـ (ل) ونريد ان نعرف احتمالها (ح) بالقياس مع ظرف معين نرمز اليه بـ (م)، فان هناك قيمة واحدة فقط للعلاقة (ل\م) تعبر عن الاحتمال (ح).

2ـ القيم الممكنة لـ (ل\م) هي اعداد تبتدئ من الصفر وحتى الواحد الصحيح، أي انها تتخذ الصورة الرمزية الاتية: 0  ≤  ل\م ≥  1

3ـ في حالة كون (م) تستلزم (ل) فان: ل\م = 1 ، حيث يعبر الواحد للدلالة على اليقين.

4ـ وفي حالة كون (م) تستلزم عدم (ل) فان: ل\م = 0، حيث يعبر الصفر للدلالة على النفي المؤكد او الاستحالة.

5ـ احتمال ظهور كل من (ل) و (ك) معاً يقدر بضربهما سوية، ولنرمز الى المعية بـ (و)، وذلك كالاتي:

ح(ل و ك) = ل\م × ك\م و ل

او: ح(ل و ك) = ك\م × ل\م و ك

وتسمى هذه البديهة بالاتصال او الاقتران Conjunctive .

6ـ احتمال ظهور (ل) او (ك) يقدر بجمعهما سوية مع طرح احتمال ظهورهما معاً كالاتي:

ح(ل، ك) = ل\م + ك\م  –  ح(ل و ك).

او: ح(ل، ك) = ل\م + ك\م  –  ل\م × ك\م و ل

وتسمى هذه البديهة بالانفصال Disjunctive .

فمثلاً على البديهتين الاتصال والانفصال، لو كان لدينا (26) بطاقة حمراء مع (26) بطاقة سوداء مختلطة، وسحبنا عشوائياً بطاقتين على التوالي، فما هو احتمال ان تكون كل منهما حمراء كتطبيق لبديهة الاتصال؟

هذا يعني ان المطلوب هو (ل و ك\م)، وان احتمال البطاقة الاولى حمراء (ل\م) هو (26\52 = 1\2)، وان احتمال الثانية حمراء على فرض كون الاول حمراء (ك\م و ل) هو (25\51)، حيث اذا ظهرت لنا الاولى حمراء فان العدد المتبقي للكل هو (51)؛ منها (25) بطاقة حمراء. لذلك فان احتمال ان يكون كل منهما حمراء عبارة عن احتمال ان تكون البطاقة الاولى حمراء مضروبة باحتمال ان تكون الثانية حمراء على فرض كون الاولى حمراء، اي ان الناتج:

ل و ك\م = 1\2 × 25\51 = 25\102

اما بخصوص بديهة الانفصال سيكون المطلوب هو الحصول على بطاقة واحدة حمراء على الاقل من السحب السابق. اي انه عبارة عن احتمال البطاقة الاولى حمراء مضافاً اليه احتمال البطاقة الثانية حمراء مطروحاً منهما احتمال كونهما حمراء معاً. ومن الناحية الرياضية ستكون النتيجة كالآتي:

ل، ك\م = 1\2 + 1\2 – 25\102 = 77\102

قواعد الجمع والضرب في الاحتمالات

لحساب الاحتمال قواعد معينة تستند الى البديهات السابقة، منها قاعدة الجمع التي تنقسم الى قسمين: احدهما يتعلق بالاحتمالات المتنافية، والاخر يرتبط بالاحتمالات غير المتنافية. وفيما يخص الاول يشترط ان تكون الحوادث متضادة، كما هو الحال مع وجهي قطعة النقد، حيث ظهور احدهما مانع لظهور الاخر، بخلاف القسم الثاني الذي يمكن فيه ان تجتمع حالات الحوادث بالنسبة الى ظرف معين واحد. ولا شك ان الجمع بين احتمالات الحوادث المتنافية يفيد اليقين او الواحد الصحيح. وتسمى هذه الحالة في عرف الرياضيين بالمجموعة المتكاملة. فالمجموعة المتكاملة لابد ان تكون مساوية للواحد. وهذه الحالة مستخلصة من قاعدة الانفصال التي مرت معنا. اذ لما كانت الحوادث متنافية، فان اجتماعها يساوي صفراً، وعلى هذا فاحتمال ظهور اي واحد منها يقدر بجمع احتمالات كل الحوادث. في حين ان الجمع بين احتمالات الحوادث غير المتنافية يحتاج الى مراعاة طرح قيمة احتمال اجتماع الحوادث من مجموعة الاحتمالات.

ومن القواعد الاخرى قاعدة الضرب التي هي الاخرى تنقسم الى قسمين، احدهما يختص بالاحتمالات المشروطة، والاخر يتعلق بالاحتمالات المستقلة. فالقسم الاول يؤكد على تأثر بعض الاحتمالات بالبعض الاخر. فاذا كانت لدينا حقيبتان تحوي كل منهما خمس كرات، تضم احداهما ثلاث كرات بيض وكرتين سوداويتين، وتضم الاخرى كرتين بيضاويتين وثلاث كرات سود، فان سحب بعض الكرات من احدى الحقيبتين لا على التعيين يمكن ان يؤثر على قيمة احتمال نوع الحقيبة المنتخبة، وذلك بفضل عامل الضرب بين احتمال واحدة من الحقيبتين وبين احتمال سحب تلك الكرات على فرض الحقيبة التي تنتمي اليها، اي:

ح(ل و ك) = ل\م  × ك\م و ل

في حين ان القسم الاخر يتحدث عن الاحتمالات المستقلة – غير المشروطة -، كاحتمال ظهور وجه الكتابة مع ظهور الاس (1) لزهر النرد في رمية واحدة. وفي هذا النوع من الاحتمالات تضرب القيم كالآتي:

ح (ل و ك) = ل\م × ك\م

إذ أن: ك\م = ك\م و ل

علاقة بايس في الاحتمالات

تعد نظرية الاحتمال العكسي لتوماس بايس  (المتوفي سنة 1761) من النظريات الاولى المطروحة في الكشف عن تقدير احتمالات الفروض العلمية، وهي مستنبطة من مقولة الاتصال كالآتي:

ح(ل و ك) = ل\م × ك\م و ل

ح(ل و ك) = ك\م × ل\م و ك

وحيث ان طرفي اليمين متساويان، لذا فان طرفي الشمال متساويان ايضاً، اي:

ل\م × ك\م و ل = ك\م × ل\م و ك

ك\م × ل\م و ك

اذن: ك\م و ل = ــــــــــــــــــــــــــــــ

ل\م

هذه هي علاقة بايس الاولية التي تعني بأن قيمة احتمال حادثة معينة مرتبطة باكتشاف حقيقة معينة متصلة بها؛ تساوي قيمة احتمال الحادثة مضروبة في قيمة احتمال تلك الحقيقة في حالة وجود الحادثة معها، مقسومة على احتمال تلك الحقيقة قبل الكشف عنها. والبعض قام بتوضيح تطبيق هذه العلاقة على الفرض العلمي الخاص باكتشاف كوكب نبتون لتحديد قيمة احتمال نظرية الجاذبية، كما هو الحال مع برتراند رسل[13]. كما ان هناك العديد من الامثلة التي توضح هذه العلاقة، ابرزها مثال الرمي الذي يكثر التطبيق عليه كالاتي:

لنفترض اننا اردنا ان نصوب هدفاً لا نعلم وجوده بالضبط إن كان في منطقة (أ) او (ب)، لكنا نعلم ان احتماله في (أ) اقوى من احتماله في (ب)، ولهذا وجهنا الضربة اليه، فعرفنا فيما بعد اننا قد اصبناه، ففي هذه الحالة سيزداد احتمال ان يكون الهدف موضوعاً في (أ). ولو رمزنا الى احتمال كون الهدف في (أ) بـ (ك)، وكونه في (ب) بـ (س)، والى احتمال اصابتنا له على فرض كونه في (أ) بـ (ل)، وكذا بـ (ص) على فرض (ب)، ففي هذه الحالة ان احتمال (ك) بعد علمنا بالاصابة يساوي:

ك × ل(ك)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

احتمال الاصابة مطلقاً

لكن احتمال الاصابة يحصل في حالتين: اما عند كون الهدف في (أ)، او عند كونه في (ب)، لذا لابد من جمع الاحتمالين معاً، ويقدر احتمال كل واحد منهما بضربه في تقدير وجود الهدف. وعليه فاحتمال الاصابة يساوي احتمال كون الهدف في (أ) مضروباً في احتمال اصابته على هذا الفرض؛ مضافاً اليه احتمال كونه في (ب) مضروباً في احتمال اصابته على هذا الفرض. وبالتعويض الرمزي سنحصل على المعادلة التالية:

ك × ل(ك)

ك (بعد الاصابة) =  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ك × ل + س × ص

ولو كنا نحتمل (ك) قبل الاصابة بـ (2\3)، و(ل) بـ (4\5)، و(س) بـ (1\3)، و(ص) بـ (1\4)، لكان احتمال (ك) بعد الاصابة يساوي:

2\3 × 4\5

ك =  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2\3 × 4\5  + 1\3 × 1\4

ك = 32\37

وللتأكد من الحل لابد ان يكون (ل) مساوياً (5\37)، وذلك لاننا افترضنا التيقن من ان الهدف إما في (أ) او (ب)، وقد عرفنا ان مجموع الاحتمالات المتنافية يساوي واحداً. وبالتطبيق سنحصل على هذه النتيجة كالاتي:

1\3 × 1\4

ل =  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1\3 × 1\4 + 2\3 × 4\5

ل = 5\37

ك + ل = 32\37 + 5\37 = 1

وفائدة علاقة بايس هو انها قد رفعت من درجة احتمال وجود الهدف في (أ) مما كان قبل الاصابة المقدر بـ (2\3) الى ما هو بعد الاصابة المقدر بـ (32\37)، في الوقت الذي خفضت من قيمة احتمال وجوده في (ب) كما هو واضح.

واذا عدنا الى معادلة بايس السابقة:

ك\م × ل\م و ك

ك\م و ل = ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

ل\م

وكنا نفترض ان الاحتمالات المقابلة لكل من (ك\م) و(ل\م) هي (س\م) و(ص\م)، فستصبح:

ل\م = ك\م × ل\م و ك + س\م × ص\م و س

وبالتالي تكون معادلة بايس النهائية هي:

ك\م × ل\م و ك

ك = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــــ

ك\م × ل\م و ك + س\م × ص/م و س

مع هذا فان علاقة بايس واجهت العديد من الاعتراضات، اهمها انها لا تنفع في التقديرات الحسابية للفروض العلمية. فمن جهة انها تواجه مشكلة تتعلق بكيفية تحديد الاحتمالات القبلية. كما من جهة اخرى ان الواقع الفعلي ليس فيه ما يمكن تقسيمه الى الامكانات المتساوية كالذي يحصل مع الحسابات الخاصة بالعاب الحظ والمصادفة، حتى ان بعض فلاسفة العلم من امثال كارل بوبر قد استبعدها كلياً عن التفكير العلمي[14].

وواقع الامر ان مثل تلك الاشكالات هي ذاتها يمكن ان تثار ضد بديهتي الاتصال والانفصال وما يترتب عليهما من حسابات رياضية.

نظرية العلم الاجمالي للمفكر الصدر

يقيم المفكر الصدر فهمه للاحتمال طبقاً للعلم الاجمالي. ويتصف هذا العلم بانه كلي غير محدد، وان كل طرف من مجموعة أطرافه يحتمل ان يمثل معلوم هذا العلم غير المحدد، كما ان عدد هذه الاطراف يطابقه مجموعة الاحتمالات الممكنة، وذلك لأن كل طرف يحتمل له أن يمثل معلوم العلم الاجمالي، وانه يستحيل على مجموعة الأطراف أن تجتمع مع بعض، وأن قيمة مجموعة احتمالاتها لا بد أن تساوي رقم اليقين (واحد) لا اكبر منه ولا اصغر.

وطبقاً لهذه المعلومات نجد للمفكر الصدر تعريفين مختلفين للاحتمال، اولهما هو ان الاحتمال يتصف بانه عضو في مجموعة الاحتمالات المتمثلة في علم من العلوم الاجمالية، وقيمته تساوي دائماً ناتج قسمة رقم اليقين على عدد اعضاء مجموعة الاطراف التي تتمثل في ذلك العلم الاجمالي، فاذا رمزنا الى كل عضو في مجموعة الاحتمالات بـ (س) والى رقم اليقين بـ (ل) والى عدد اعضاء مجموعة الاطراف بـ (ح) فان قيمة (س) هي ناتج قسمة (ل) على (ح)، أي ل\ح.

أما التعريف الثاني فينص بأنا لو تصورنا بان مجموعة اطراف العلم الاجمالي تشتمل على مراكز، بحيث ان كل عضو من هذه الاطراف يحتل مركزاً واحداً من تلك المراكز، فسيكون احتمال (س) عبارة عن نسبة ما تحتله من مراكز الى مجموعة اطراف ذلك العلم.

ومن الناحية الرياضية فان قيمة (س) = ل\ح

حيث (ل) تمثل المراكز التي تحتلها (س)، و(ح) هي مجموعة اطراف العلم الاجمالي.

وبهذا يكون الكسر (ل\ح) رمزاً لنسبة البسط في المقام، وفي نفس الوقت فانه يحدد درجة احتمال (س).

اذن يقيم المفكر الصدر مذهبه في تفسير الاحتمال وفقاً لهذين التعريفين للاحتمال، كالذي سيتبين لنا عبر تفسيره لبديهات الاحتمال وحساباته الرياضية..

نظرية العلم الاجمالي وبديهات الاحتمال

من ابرز العلامات الدالة على حسن التعريف وجودته كونه يتمكن من تفسير اكثر ما يمكن من القضايا الاحتمالية، مع استناده لأقل ما يمكن من المصادرات القبلية المفترضة. وحيث ان للمفكر الصدر صيغتين من التعريف فانه يحق لنا التساؤل عن أي منهما له مثل تلك القدرة؟

الذي سيتضح لنا هو ان الصيغة الثانية هي وحدها التي لها هذا الامتياز؛ لكونها ابلغ شمولية في التطبيق بالنسبة الى كل من قضايا الاحتمال والبديهات. واذ تقر الصيغة الثانية بنسبة احتلال (س) من المراكز الى مجموعة اطراف العلم الاجمالي؛ فانها تفي بالمطابقة مع جميع البديهات الست السابقة، وذلك كالتالي:

البديهة الاولى: ان نسبة المراكز التي تحتلها (س) الى مجموعة اطراف العلم الاجمالي لابد ان تكون ذات قيمة واحدة. أي ان هناك قيمة واحدة لـ (ل\ح).

البديهة الثانية: ان تلك النسبة تبتدئ من الصفر الى الواحد، لأن (س) قد لا تحتل أي مركز فتساوي صفراً، وقد تحتل المراكز جميعاً فتساوي واحداً، كما قد تحتل بعضها فتصبح كسراً يتراوح بين الصفر والواحد.

البديهة الثالثة: اذا استلزمت (س) جميع مراكز أطراف العلم الاجمالي فان: ل\ح = 1.

البديهة الرابعة: اذا كانت (س) تستلزم عدم الاحتلال لأي مركز من تلك المراكز فان: ل\ح = صفر.

البديهة الخامسة: ان احتمال وجود (ل) و(ك) معاً يساوي عدد ما يشغله كلاهما معاً من المراكز الى مجموع أطراف العلم الاجمالي. وهو نفس ما تنطق به بديهة الاتصال من أن احتمال ظهور (ل) و(ك) معاً هو احتمال (ل) بالنسبة الى (ح) مضروباً في احتمال (ك) بالنسبة الى (ح) و(ل). مما يعني جواز استنتاج هذه البديهة من التعريف.

فمثلاً اذا كان هناك توأم عبارة عن طفلين نريد التعرف على لون الشعر الذي يحمله كل منهما، فيما لو افترضنا وجود احتمالين متساويين فقط، احدهما لصالح السواد، والاخر لصالح الصفار. ففي هذه الحالة يتكون لدينا علمان اجماليان يتوزعان على امكانات اللون لكل من الطفلين.

فأطراف العلم الاجمالي الخاصة بالطفل الاول هي:

1ـ ظهور صفة سواد الشعر.

2ـ ظهور صفة صفار الشعر.

ونفس الحال مع أطراف العلم الاجمالي الخاصة بالطفل الثاني:

1ـ ظهور صفة سواد الشعر.

2ـ ظهور صفة صفار الشعر.

ولو أردنا أن نعرف قيمة احتمال ظهور صفة سواد الشعر لكل منهما؛ ففي هذه الحالة يتكون لدينا علم اجمالي آخر يشتق من العلمين الاجماليين السابقين، و أطرافه تتحدد كالاتي:

1ـ ظهور صفة سواد الشعر للطفلين معاً.

2ـ ظهور صفة صفار الشعر للطفلين معاً.

3ـ ظهور صفة سواد الشعر للطفل الاول وصفاره للطفل الثاني.

4ـ ظهور صفة صفار الشعر للطفل الاول وسواده للثاني.

هذه أربعة أطراف متساوية القيمة الاحتمالية، أي أن كلاً منها له قيمة تقدر بـ (1\4). وحيث أن قيمة احتمال ظهور صفة سواد الشعر للطفلين معاً تشغل مركزاً واحداً من بين المراكز الاربعة؛ لذا فانها تساوي (1\4)، وهي نفس القيمة التي تحددها بديهة الاتصال.

ولو أضفنا صفتين اخريتين هما الذكورة والانوثة، ولنفترض أن جميع الصفات الاربع السابقة متساوية الاحتمال، ففي هذه الحالة سيتولد لدينا علمان اجماليان، احدهما يخص الطفل الاول، والاخر يخص الطفل الثاني، وذلك كالاتي:

1ـ ظهور صفتي الذكورة وسواد الشعر (أ).

2ـ ظهور صفتي الذكورة وصفار الشعر (ب).

3ـ ظهور صفتي الانوثة وسواد الشعر (ج).

4ـ ظهور صفتي الانوثة وصفار الشعر (د).

أما أطراف العلم الاجمالي الخاصة بالطفل الثاني فهي أيضا تتحدد بمثل ما تحددت به أطراف العلم الاول، أي كالاتي:

1ـ ظهور صفتي الذكورة وسواد الشعر (أَ).

2ـ ظهور صفتي الذكورة وصفار الشعر (بَ).

3ـ ظهور صفتي الانوثة وسواد الشعر (جَ).

4ـ ظهور صفتي الانوثة وصفار الشعر (دَ).

ومن هذين العلمين الاجماليين يمكن ايجاد علم اجمالي ثالث يحدد جميع الاطراف الممكنة كالاتي:

1ـ اجتماع (أ) و(أَ).

2ـ اجتماع (أ) و(بَ).

3ـ اجتماع (أ) و(جَ).

4ـ اجتماع (أ) و(دَ).

5ـ اجتماع (ب) و(أَ).

6ـ اجتماع (ب) و(بَ).

7ـ اجتماع (ب) و(جَ).

8ـ اجتماع (ب) و(دَ).

9ـ اجتماع (ج) و(أَ).

10ـ اجتماع (ج) و(بَ).

11ـ اجتماع (ج) و(جَ).

12ـ اجتماع (ج) و(دَ).

13ـ اجنماع (د) و(أَ).

14ـ اجتماع (د) و(بَ).

15ـ اجتماع (د) و(جَ).

16ـ اجتماع (د) و(دَ).

فاذا كنا نريد أن نعرف قيمة احتمال أن يكون الطفلان ذكرين ولكل منهما صفة سواد الشعر؛ فسنجد ان هناك مركزاً واحداً فقط من بين جميع مراكز العلم الاجمالي الذي يضم  ستة عشر طرفاً معلوماً. وعليه فان قيمة ذلك الاحتمال الذي يمثل اجتماع (أ) و(أَ) هو (1\16).

وهذه القيمة هي نفس ما تحددها بديهة الاتصال، اذ هي تقرر أن هذا الاحتمال يساوي:

1\4 + 1\4 = 1\16

البديهة السادسة: عرفنا في السابق أن بديهة الانفصال تعني أن احتمال ظهور (ل) او (ك) بالنسبة الى (ح) هو احتمال (ل) بالنسبة الى (ح) يضاف اليه احتمال (ك) بالنسبة الى (ح) مطروحاً منه احتمال (ل) و(ك) معاً.

فعلى نفس المثال االسابق اذا أردنا أن نعرف قيمة احتمال وقوع (أ) أو (أَ) – اي واحد منهما على الاقل – فلابد أن نجمع مراكزهما من المجموع الكلي، وسنجد أنهما يحتلان سبعة مراكز فقط، هي عبارة عن الاطراف الخمسة الاولى والطرف التاسع والثالث عشر، فتصبح القيمة مساوية لـ (7\16). وهذه النتيجة مماثلة لما تقدره بديهة الانفصال كالاتي:

ح (أ، أَ) = 1\4 + 1\4 – (1\4 × 1\4) = 1\2 – 1\16 = 7\16

وبهذا يتضح ان التعريف بالصيغة الثانية يمكنه أن يفسر لنا البديهات السابقة.

أما التعريف بالصيغة الاولى فيواجه نقصين: أحدهما أنه لا يمكنه تفسير القضايا المثبتة والمنفية؛ باعتباره يعبّر عن تصديق ناقص دائماً، وهو في هذه الحالة لا يحتاج الى البديهتين الثالثة والرابعة.

أما النقص الاخر فهو انه لا يفسر بديهتي الاتصال والانفصال، وذلك لأن القيم التي تظهر منهما قد تتضمن بسطاً لا يحمل العدد (1).

وبهذا تكون الصيغة الثانية مفضلة على الاولى لسببين:

الاول: كونها اكثر شمولاً بالتطبيق على القضايا الاحتمالية.

الثاني: باستطاعتها تفسير ما لا تفسره الصيغة الاولى.

نظرية العلم الاجمالي وحسابات الاحتمال

من الواضح ان التعريف الذي يفسر بديهتي الاتصال والانفصال يمكنه ان يفسر كل ما يستنتج منهما من متباينات حسابية. واذا نظرنا الى صيغتي تعريف نظرية العلم الاجمالي، فسنجد ان الصيغة الثانية تنفرد بقدرتها على التفسير، وذلك لكونها استطاعت ان تغطي تفسير ما تتضمنه البديهتين السابقتين. ويمكن تطبيق ذلك على بعض المتباينات، مثل علاقة بايس، من خلال استعراض بعض الامثلة كالتي وظفها المفكر الصدر للتوضيح:

فاذا كانت لدينا ثلاث حقائب (أ، ب، ج)، كل منها تحتوي على خمس كرات؛ بعضها بيضاء اللون وبعضها الاخر سوداء. ولنفترض ان الحقيبة (أ) فيها ثلاث كرات بيض، وان الحقيبة (ب) فيها اربع كرات بيض، وكان لا يوجد في الحقيبة (ج) اي كرة سوداء، اي جميع ما فيها كرات بيض. ففي هذه الحالة لو اننا اخترنا عشوائياً احدى تلك الحقائب واستخرجنا منها ثلاث كرات فصادف انها بيض كلها، فسوف يمكن ان نحدد قيمة احتمال ان تحظى كل حقيبة بان تكون هي التي اخترناها للسحب، وذلك عن طريق علاقة بايس. فمثلاً اذا اردنا ان نعين قيمة احتمال ان تكون الحقيبة (ج) هي التي اخترناها للسحب فعلينا ان نتبع الطريقة التالية:

اذا كانت (ح) تعبر عن الاحتمال، ورمزنا الى سحب تلك الكرات من الحقيبة (أ) بـ (س) على تقدير هذه الحقيبة، والى سحب الكرات من (ب) بـ (ص) على تقدير (ب)، والى سحب الكرات من (ج) بـ (ع) على تقدير (ج)، فان بامكان علاقة بايس تحديد القيمة كالاتي:

ح(ج × ع)

ح(ج) = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ح(ج × ع) + ح(أ × س) + ح(ب × ص)

ومن المعلوم ان سحب الكرات من الحقيبة (أ) له حالة واحدة، حيث توجد فيها ثلاث كرات بيض فقط، وعليه ان السحب يستوعبها جميعاً. اما السحب من الحقيبة (ب) فله اربع حالات، حيث انها لما كانت تضم اربع كرات بيض، فسحب ثلاث منها اما ان ينال الاولى والثانية والثالثة، او الاولى والثانية والرابعة، او الاولى والثالثة والرابعة، او الثانية والثالثة والرابعة. والسحب من الحقيبة (ج) له عشر حالات، لانها تضم خمس كرات بيض، فهو اما أن ينال الاولى والثانية والثالثة، أو الاولى والثانية والرابعة، أو الاولى والثانية والخامسة، أو الاولى والثالثة والرابعة، أو الاولى والثالثة والخامسة، أو الاولى والرابعة والخامسة، أو الثانية والثالثة والرابعة، أو الثانية والثالثة وا لخامسة، أو الثانية والرابعة والخامسة، أو الثالثة والرابعة والخامسة.

وبهذا يمكن ان نحدد قيمة احتمال ان تكون (ج) هي التي اخترناها من بين الحقائب كالاتي:

1\3 × 10\10

ح(ج) = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1\3 × 10\10 + 1\3 × 1\10 + 1\3 × 4\10

ح(ج) = 10\15 = 2\3

وقد فسر المفكر الصدر هذا المثال بالطريقة التالية:

ان عدد حالات السحب للحقائب الثلاث هي (15) حالة، حيث هناك حالة واحدة للسحب بالنسبة للحقيبة (أ)، واربع حالات بالنسبة للحقيبة (ب)، وعشر حالات بالنسبة للحقيبة (ج). ولما كنا نعلم اجمالاً بان حالة واحدة فقط من تلك الحالات هي التي تمثل معلوم العلم الاجمالي، فهذا يعني ان هناك خمسة عشر طرفاً محتملاً، وان (أ) تحتل مركزاً واحداً من هذه الاطراف، بينما تحتل (ب) اربعة مراكز، وتحتل (ج) عشرة مراكز، لذا فان قيمة احتمال ان تكون (أ) هي التي سحبنا منها الكرات الثلاث البيض هي (1\15)، وقيمة احتمال (ب) هي (4\15)، وقيمة احتمال (ج) هي (10\15) او (2\3).

وهذه النتيجة تطابق ايضاً ما حدده لابلاس في تعيين اكبر الاحتمالات الممكنة من خلال علاقته القائلة: (م+ 1\ن + 1).

اي ان احتمال (ج) = 4\6  = 2\3 .

وقد اعتبر المفكر الصدر ان القيمة الاحتمالية لسحب كرة اخرى بيضاء هي كما تحددها علاقة لابلاس القائلة: (م + 1\م + 2)، حيث بالتعويض ان القيمة تساوي (4\5). واكتفى في تفسير ذلك بقوله: (لما كانت الحقيبة تحتوي بعد سحب ثلاث كرات منها على كرتين، وكان من المحتمل ان نسحب اياً منهما فهناك احتمالان، اذا ضربناهما في الحالات الخمس عشرة المتقدمة تكون لدينا علم اجمالي تشتمل مجموعة اطرافه على ثلاثين عضواً، وكون الكرة التالية بيضاء يحتل 24 مركزاً في تلك المجموعة، وهذا يعني ان احتمال ذلك يساوي 24\30 = 4\5)[15].

التعريف وقانون برنولي

ان اول تقدم حقيقي شهدته نظرية الاحتمال كان على يد جاكوب برنولي (المتوفي سنة 1705). وهو عالم رياضي بذل ما يقارب عشرين سنة لانجاز كتابه الموسوم (فن التخمين)، ومع انه اثبت القسم الرئيسي من نظريته (سنة 1692) لكنه لم يكمل القسم الاخير من الكتاب، وسبب ذلك كما يقال انه لم يكن مطمئناً بصحة النتائج التي اوردها في كتابه، لذلك لم يقدم على طباعته، ولم يُنشر الا بعد وفاته بثمانية اعوام (سنة 1713)[16].

وملخص نظريته انه اذا كانت لدينا حادثة بدرجة احتمالية ثابتة او تميل الى الثبات، فان اقامة الاختبارات الكبيرة كفيلة بأن تعطي لنا معدلاً احتمالياً يقترب من تلك الدرجة كلما زادت الاختبارات باضطراد. وهذا يعني ان من الممكن تأسيس جسر بين الاحتمال القبلي الثابت من جهة، وبين الاحتمال البعدي المفترض عند الاختبارات الكبيرة من جهة اخرى. ويعتمد الامر على مسألة العلاقة الطردية بين كثرة الاختبارات وبين زيادة عدد التوافيق. فالقطع الكبيرة من التتابعات الصدفوية تسلك سلوكاً ثابتاً وموحداً من غير تقلبات ولا ذبذبات كبيرة، وذلك على عكس القطع الصغيرة التي ترينا حالة التقلبات والذبذبات الكبيرة. وبالتالي فنحن نجد في القطع الصغيرة ظاهرة العشوائية وعدم النظام، اما في القطع الكبيرة فلا نجد الا الثبات والنظام. وعليه سميت هذه النظرية بقانون الاعداد الكبيرة[17]. وهي كما يقول كينز تُظهر الشكل الرياضي الجبري اكثر مما تُظهر الرؤية المنطقية[18].

ويمكن توضيح ذلك من خلال المثال التالي المتعلق باحتمالات رمي قطعة النقد:

لنفترض ان الاحتمال القبلي لظهور وجه الكتابة يساوي (1\2) للرمية الواحدة، فاذا كانت لدينا أربعة اختبارات فانه ستصبح لدينا خمسة احتمالات متنافية يمكن أن يتحقق واحد منها في الواقع كالاتي:

1ـ احتمال ظهور وجه الكتابة في جميع الاختبارات.

2ـ احتمال عدم ظهور هذا الوجه في أي واحد من تلك الاختبارات.

3ـ احتمال ظهور ذلك الوجه في اختبار واحد فقط.

4ـ احتمال ظهوره في اختبارين.

5ـ احتمال ظهوره في ثلاثة اختبارات.

وهذه الاشكال الخمسة تختلف في عدد توافيقها. فالشكل الاول له حالة واحدة يظهر بها، اذ ان عدد توافيقه واحد، طالما لا توجد امكانية اخرى غير ظهور ذلك الوجه في كل الاختبارات..

وكذا الحال مع الشكل الثاني حيث ان عدد توافيقه هو الآخر يساوي واحداً لنفس السبب السابق.

والشكل الثالث له اربع حالات؛ لأن عدد توافيقه اربعة، وذلك حيث يتحقق إما في الاختبار الاول او الثاني او الثالث او الرابع.

والشكل الرابع له ست حالات، حيث عدد توافيقه يساوي ستة، وذلك لأنه يتحقق إما في الاختبار الاول والثاني، او الاول والثالث، او الاول والرابع، او الثاني والثالث، او الثاني والرابع، او الثالث والرابع.

والشكل الخامس له اربع حالات، حيث ان عدد توافيقه اربعة، وذلك لأنه يتحقق إما في الاختبار الاول والثاني والثالث، او الاول والثاني والرابع، او الاول والثالث والرابع، او الثاني والثالث والرابع.

تلك هي خمسة أشكال تضم ست عشرة حالة، فهي تعبر عن مجموعة التوافيق الممكنة.

ويحمل الشكل الرابع من تلك الاشكال اكبر عدد للتوافيق الممكنة خلال الاختبارات الاربعة، وحيث ان درجة احتمال الحادثة تساوي نصفاً، فهذا يعني انه يحظى بأقوى احتمال ممكن قياساً مع غيره من الاشكال الاخرى خلال تلك الاختبارات.

وفي جميع الاحوال تستخرج الاحتمالات من خلال معادلة برنولي التالية:

ن!

ــــــــــــــــــــــ × (هـ)م × (1-هـ)ن-م

م! (ن- م)!

حيث (هـ) تمثل احتمال الحادثة.

هكذا ان ظهور وجه الكتابة مرتين خلال اربعة اختبارات هو أقوى الاحتمالات الممكنة، وهو يقدر بـ (6\16)، حيث تقسم الحالات التوافيقية الملائمة على جميع الحالات الممكنة. وليس من الصحيح اعتبار اكبر الاحتمالات يساوي (8\16)، او نصف، ذلك انه لا يمكن ايجاد هذه النسبة الا في حدود الاختبار الواحد والاختبارين، أما ما عداهما من الاختبارات فالأمر يختلف، حيث لا يوجد عدد للتوافيق ينصف المجموعة الكاملة لاي شكل من الاشكال الممكنة.

ولو افترضنا اختبارات اكبر مما سبق لكان اقوى الاحتمالات الممكنة يتمثل دائماً بنصف عدد الاختبارات المفترضة. كما انه مع زيادة عدد ما نفترضه من اختبارات يزداد القرب من رتبة الاحتمال القبلي باطراد. اذ يلاحظ انه في حالة الاختبارات القليلة تصبح النسبة الاحتمالية بين الاشكال الممكنة متباعدة. ففي الاختبارات الاربع السابقة تتكون لدينا مجموعة من الاحتمالات المتباعدة نسبياً رغم تقارب اعداد التوافيق فيما بينها. في حين كلما زادت الاختبارات فان التباعد بين الاحتمالات يقل بالنسبة للتوافيقات المتقاربة.

فمثلاً ان احتمال ظهور وجه الكتابة في خمسين رمية من مجموع مائة رمية يقارب احتمال ظهوره في (48) او (49) او (51) او (52) او (53)، بينما احتمال ان يظهر هذا الوجه مرتين في اربع رميات ليس قريباً من احتمال ظهوره مرة واحدة او ثلاث مرات او اربع. وبحسب قانون التوافيق هناك 16% يمكن ان يظهر وجه الكتابة ضمن الحد ما بين (49ـ51). اما عند رمي القطعة الف رمية فان هناك ما يقارب 47% يمكن ان يظهر الوجه ضمن الحد ما بين (490ـ510). وعند رمي القطعة عشرة الاف رمية فان هناك ما يقارب 95% يمكن ان يظهر الوجه ضمن الحد ما بين (4900ـ5100)، وهكذا يزداد الاحتمال والاقتراب من الاحتمال القبلي عند زيادة الاختبارات[19].

هكذا يظهر أن زيادة التجارب والاختبارات تقرّب النسبة الاحتمالية للمرات التي يمكن ان تظهر فيها الحادثة من الاحتمال القبلي لها، وتكون العلاقة بين زيادة التجارب وبين الاقتراب من الاحتمال القبلي هي علاقة طردية. لذا ففي الاختبارات الكبيرة جداً يمكن افتراض الحصول على هذا الاحتمال من الناحية العملية، وذلك لضآلة الاحتمالات الاخرى المنافسة له.[20]

ويلاحظ ان لنظرية برنولي امكانيتين للتعبير، احداهما انه اذا كان لدينا حادثة محتملة بنسبة ما، وكان عدد التجارب لا نهائياً فان نسبة تكرار الحادثة التي نتوقعها تكون عبارة عن تلك النسبة المحتملة القبلية. اما الاخرى فانه اذا كان لدينا حادثة محتملة بنسبة ما، وكان عدد التجارب كبيراً جداً نرمز اليه بـ (ن)، فان هناك توقعاً قريباً من اليقين او الواحد بان نسبة نجاح الحادثة خلال (ن) هو ذات النسبة القبلية مع اختلاف يسير يضيق كلما اخذت (ن) بالزيادة والاتساع.

وبعبارة اخرى، لو كانت لدينا تجارب تؤكد بان احتمال حادثة معينة نرمز اليه بـ (ح)، وكان الرمز (ص) يعبر عن عدد صغير، فان تكرر هذه الحادثة في (ن) من المرات، يجعلنا نتوقع بما هو قريب من الواحد من ان الحادثة سوف تظهر في حدود لا تكون اصغر من  ن(ح ـ ص) ولا اكبر من ن(ح+ص)، كلما كانت (ن) تميل الى اللا نهاية[21].

مع هذا يمكن القول ان نظرية برنولي كانت عرضة للعديد من اساءة الفهم، ومن ذلك ما اخطأه البعض عندما تصور بأن هذه النظرية هي مثل القانون الطبيعي تحمل ضماناً في تحقق الاحتمال القبلي عند الاختبارات الكبيرة، وقد اعتبر نيل ان من الخطأ الاعتقاد بوجود مثل هذا الضمان، نافياً ان يكون هناك جسر ممدود بين الاحتمال واليقين، حيث كل الاحتمالات واردة، وإن كان بعضها اقوى من البعض الاخر[22].

تظل ان هناك مشكلة تلوح نظرية برنولي، وتتمثل بكيفية التحديد الاولي او القبلي لنسبة احتمال الحادثة، فتارة ان هذه النسبة تكون معلومة سلفاً قبل اقامة الاختبارات، واخرى انها تتقدر من خلال عدد الاختبارات التكرارية. وواضح ان دقة النظرية تعتمد على العلم المسبق والدقيق للاحتمال القبلي للحادثة، لكن كيف فيما لو لم يكن لدينا مثل هذا العلم الذي يفترض فيه التساوي في الاحتمال. ذلك ان برنولي قدّم نظريته لمثل هذه الحالات التي ليس لدينا فيها معرفة قبلية عن الاحتمال للحادثة، مستخدماً بذلك الطريقة الاحصائية[23]. فحيث انها تعتمد على المشاهدات الخارجية اكثر مما تعتمد على الافتراضات القبلية، لذا فهي تحتاج الى شروط مسبقة كتماثل الحالات والاستقلالية او ما يطلق عليه الحرية التامة للحوادث. وفي هذه الحالة نكون بين امرين، فاما ان نعتمد على الافتراضات القبلية التي هي غير مقنعة، او ان نقتنع بالنتائج الخارجية التي هي في العادة غير دقيقة[24].

مع هذا فما زالت هذه النظرية موضع اعتماد على النطاقين العلمي والعملي، ومن ذلك ما يستفاد منها في النظرية الحركية للغازات، حيث ان حجم الغاز يحتوي على عدد ضخم جداً من الجزيئات تتحرك باتجاهات متعددة، وتتصادم فيما بينها ومع جدران الحاوي من وقت لاخر. واذا امكن تحديد احتمال حركة جزيئة معينة باتجاه معين من السطح في لحظة معينة، ولنفترض ان الحاوي فيه اتجاهان لليمين وللشمال، فان من الطبيعي ان تكون حركة الجزيئة عبارة عن (1\2) باتجاه اليمين مثلاً. لكن حيث الملاحظ ان هناك تماثلاً واطراداً في حركة الجزيئات، لذا فان نسبة الاحتمال ستكون ثابتة باطراد في اي وقت كان. او يمكن القول ان هناك درجة قريبة جداً من الواحد نتوقع فيها ان تتساوى حركة الجزيئات في الاتجاه طبقاً لقانون برنولي، وذلك لاحتواء هذه الجزيئات على درجة عالية من التماثل والاطراد. كما يستفاد من نظرية برنولي في عدد من القضايا العملية، ومن بينها شركات التأمين. حيث ان الاحتمالات المقدرة تبعاً للاحصاءات السابقة تخول هذه الشركات الاعتماد عليها في تقدير الاحتمالات البعدية للسنوات القادمة، وحيث انها تتعامل مع مجاميع الناس حسب ظروفهم الخاصة فان ذلك يضمن لها توقعاً كبيراً في الحفاظ على تلك النسبة التكرارية، الامر الذي يجعلها تتوقع الحفاظ على ثبات ارباحها تقريباً[25].

أما بخصوص تفسير المفكر الصدر لنظرية برنولي، فكما علمنا انه قد اعتمد على ايجاد علم اجمالي يضم كافة الاطراف المحتملة للاختبارات المقامة. ففي مثالنا السابق عن الاختبارات الاربعة لرمي قطعة النقد، عرفنا ان هناك ستة عشر طرفاً احتمالياً ممكناً، وقد حاز الشكل الرابع منها على ستة مراكز. ولو افترضنا عدداً اكبر من الاختبارات فان اطراف العلم الاجمالي تزداد تبعاً لذلك، وبالتالي تصبح اكثر المراكز عائدة للشكل الذي تكون قيمته الاحتمالية مساوية للقيمة القبلية (1\2). وعند افتراض عدد كبير من الاختبارات فان احتمال الحصول على نفس النسبة القبلية يصير كبيراً جداً، وذلك نتيجة تضاءل الاحتمالات الاخرى المنافسة له. مع ان هذه النظرية لا تريد ان تثبت كون الشكل الذي يطابق احتماله للاحتمال القبلي هو الذي يقترب من اليقين خلال الاختبارات الكبيرة؛ لسبب ضآلة جميع احتمالات الاشكال الاخرى. اي ان من الخطأ اعتبار النظرية تعبر عن العلاقة التالية[26]:

عدد ما يحتله ذلك الشكل من المراكز

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ         يقترب جداً من الواحد

عدد اطراف العلم الاجمالي

ذلك انها لا تعين الشكل الذي يقترب من الواحد؛ لاستبعاد تحققه بعينه من بين الاشكال الكثيرة. كما من الخطأ تصور ان بقية الاشكال الاخرى ضئيلة الاحتمال. فجوهر النظرية يثبت بان الاختبارات الكبيرة تفضي الى ايجاد نسبة احتمالية تقترب باطراد من نسبة الاحتمال القبلي، وذلك نتيجة ما يستبعد من الاشكال التي تتضمن المنافسة مع هذه النسبة. اذ تصبح بقية الاشكال عالية الاحتمال لقوة ما تملك من اعداد كبيرة للتوافيق. وظهور أي شكل من هذه الاشكال يحقق حالة الاقتراب من النسبة القبلية رغم التفاوتات الضئيلة التي من الممكن اهمالها عملياً.

كما يلاحظ ان المفكر الصدر لم يوحد في تعامله مع الحوادث التي تختلف نسب احتمالاتها القبلية. فهو يفرق بين الحادثة التي تكون قيمة احتمالها نصفاً، وبين سائر الحوادث الاخرى التي لا تصدق عليها هذه النسبة. فمثلاً حاول أن يفسر حاثة (أ) المقدرة بـ (2\3) بالطريقة التالية:

لما كانت هذه الحادثة تعبّر عن ظهور (أ) مرتين في كل ثلاث مرات؛ فلابد أن يكون هناك علم اجمالي يضم ثلاثة اطراف، تحتل فيه (أ) مركزين فقط وهو الاحتمال القبلي لها. الا أن هناك احتمالاً آخر ينتج عما نفترضه من التجارب، إذ ينشأ من العلم الاجمالي الذي يتألف من مجموعة اعداد توافيق الاشكال الممكنة لتكرر الحادثة (أ). وبضرب العلمين ببعضهما يتكون لدينا علم اجمالي ثالث تتساوى قيم اعضائه المحتملة، فتحصل الحادثة (أ) على المراكز التي تحتلها من مجموعة الاعضاء الكلية، وبذلك تطابق الاحتمال القبلي للحادثة بما قيمته (2\3)[27].

وطبقاً لهذا التفسير لو افترضنا وجود اختبارين فان عدد مجموع التوافيق فيهما يكون، ولو ضربنا هذا العلم بالعلم الاجمالي القبلي ذي الاطراف الثلاثة لكان الناتج مساوياً لـ (12) عضواً، حيث يُفترض أن تحتل الحادثة (أ) ثلثي الاعضاء، فتصبح قيمتها نفس القيمة القبلية. ويمكن تصوير هذه الطريقة كالاتي:

1ـ ظهور (أ) في تجربة واحدة فقط.

2ـ ظهور (أ) في التجربتين معاً.

3 ـ عدم ظهور (أ) في كلا التجربتين.

ويمتلك الشكل الاول (2) من التوافيق، حيث إما أن تظهر (أ) في التجربة الاولى أو الثانية. أما بالنسبة الى الشكلين الآخرين فيمتلك كل منهما (1) من التوافيق، اذ لكل منهما امكانية واحدة، وبهذا تصبح مجموعة التوافيق (4). ومع ضرب هذه المجموعة بأطراف العلم القبلي نحصل على (12) طرفاً تتوزع لصالح كل من ظهور الحادثة وعدمه.

لكن هذه الطريقة تخالف قانون برنولي الذي يأخذ باعتبار مقدار الاحتمال القبلي مع عدد التوافيق. فبحسب هذا القانون انه سواء كانت قيمة الحادثة نصفاً أو غير نصف لابد من ضرب قانون التوافيق بالقاعدة الرياضية التي تقدر قيمة احتمال حالة من الحالات المتساوية لاي شكل من الاشكال السابقة، فمثلاً ان الشكل الاول له حالتان توفيقيتان متساويتا الاحتمال، وكل منهما يمكن ان يستخرج عبر هذه القاعدة:

(هـ)م × (1-هـ)ن-م

حيث (هـ) تمثل القيمة الاحتمالية للحادثة، و(ن) مجموع التجارب المفترضة، و(م) مقدار التجارب التي نعينها لظهور الحادثة[28]. ومن ثم فاستخراج قيمة احتمال أي شكل كان يتحدد بمعادلة برنولي التالية:

ن!

ــــــــــــــــ × (هـ)م × (1-هـ)ن-م

م! (ن- م)!

فاحتمال الشكل الاول هو:

2!

ــــــــــــــ × 2\3 × 1\3 = 4\9

1 × 1

واحتمال الشكل الثاني هو:

2!

ـــــــــــــــ × 4\9 × 1 = 4\9

2!  ×1

واحتمال الشكل الثالث هو:

2!

ـــــــــــــ × 1 × 1\9 = 1\9

1 × 2

والملاحظ في هذه الاحتمالات ان مجموع الامكانات عبارة عن تسعة، بينما تكون الامكانات حسب طريقة المفكر الصدر اثني عشر امكاناً. كذلك فان القيمة الاحتمالية العظمى التي يحددها الصدر هي (8\12) او (2\3)، بينما قيمتها الحقيقية حسب قانون برنولي هي (4\9).

وفي حالة افتراض اربع تجارب فسيوجد هناك ستة عشر توفيقاً ممكناً. وطبقاً للمفكر الصدر فان هذا العلم يضرب بالعلم الاجمالي الاول فيتكون لدينا (48) عضواً، حيث تحتل الحادثة (أ) ثلثي اعضائها. في حين ان مجموع الامكانات الكلية طبقاً للقانون السابق هي (81)، حيث تتوزع على خمسة اشكال محتملة تحظى بالقيم التالية:

1ـ احتمال ظهور (أ) في جميع التجارب الاربع:

4!

ـــــــــــــــــــــــ × 16\81 × 1 = 16\81

4! (4 – 4)!

2ـ احتمال عدم وقوع (أ) في أي تجربة مطلقاً:

4!

ـــــــــــــــــــــــــــــ × 1 × 1\81 = 1\81

صفر! (4 – 0)!

3ـ احتمال وقوع (أ) في تجربة واحدة فقط:

4!

ـــــــــــــــــــــــــ × 2\3 × 1\27 =  8\81

1! (4 – 1)!

4ـ احتمال وقوع (أ) في تجربتين:

4!

ـــــــــــــــــــــــــ × 4\9 × 1\9 = 24\81

2! (4 – 2)!

5ـ احتمال وقوع (أ) في ثلاث تجارب:

4!

ـــــــــــــــــــــــ × 8\27 × 1\3 = 32\81

3! (4 – 3)!

هذه خمسة اشكال محتملة يحظى فيها الشكل الخامس أعظم قيمة للاحتمال، وليس بينها ما يحمل ثلثي المراكز المقدرة.

على هذا نخلص بأن الطريقة السابقة لتفسير القضايا الاحتمالية ذات الاطراف اللا ثنائية ليست صحيحة، ولا يوجد مبرر معقول لتمييزها عن القضايا الاخرى الثنائية. وفي جميع الاحوال ان من الممكن تفسير تلك القضايا تبعاً لاعتبار وجود مراكز وعوامل مفترضة، حيث تتوزع الحصص المستحقة لكل طرف من الاطراف الممكنة. بل ان صياغة قانون برنولي قائمة على هذا الشكل المنطقي مثلما تصوره النظرية التقليدية للاحتمال، وكل عملية تفسير قائمة على الامكانات وتساويها، تبعاً لمبدأ عدم التمييز، لا جدوى لها، لانها ليست سوى تحصيل حاصل.

البديهات المضافة للتعريف

ان اولى المصادرات التي اضافها المفكر الصدر الى جملة بديهات الاحتمال الست السابقة هي تلك التي تخص الصيغة الاولى من التعريف فقط، وهي تنصّ على ان العلم الاجمالي ينقسم بالتساوي على اعضاء مجموعة الاطراف التي تتمثل فيه[29].

أما البديهة الثانية فتتعلق بتحديد أطراف العلم الاجمالي كي لا يتسرب ضمنها عضو غريب من الخارج. ولتوضيح ذلك نفترض أن عالماً للاثار عثر على ثلاث حفريات، واحدة منها نباتية، واخرى حيوانية فقرية، والثالثة حيوانية لا فقرية، فاذا علمنا اجمالاً أن واحدة من هذه الحفريات كانت غريبة الطور، فما هو احتمال ان تكون هذه الحفرية هي النباتية منها؟

طبيعي أن احتمالها – فيما لو لم تكن لدينا أي معلومات أخرى مسبقة – يساوي (1\3). الا أن من الممكن أن نغير هذه القيمة وذلك بعد تغيير مجموعة الاطراف الممكنة. فمثلاً اذا اعتبرنا هذه الاطراف تتمثل في طرفين فقط، هما حفرية النبات وحفرية الحيوان – سواء كان فقرياً أو غير فقري – فإن القيمة الاحتمالية للحفرية الاولى ستكون (1\2) بعد ان كانت (1\3).

والملاحظ أن سبب الخطأ في النتيجة الاخيرة يعود الى أننا لم نقسم الحفرية بما أمكن لها من التقسيم الاصلي. فكل تقسيم أصلي ممكن لابد من اجرائه في أي طرف كان، حتى لو لم يوازه تقسيم آخر لبقية الاطراف الاخرى في العلم الاجمالي، الا في حالة وجود تقسيمات متناظرة لكافة الاطراف، حيث يمكن اهمال التقسيم لكل منها. أما اذا لم يكن التقسيم أصلياً فلا يجوز أن تُضم اعضاؤه المنقسمة الى مجموعة أطراف العلم الاجمالي.

فمثلاً يمكن أن نقسم الحفرية الفقرية من حيث انتسابها النوعي، اذ قد ترجع الى الكلب أو الحصان أو القرد… الخ. وهذا التقسيم الفرعي لا يزيد من عضوية تلك الحفرية في مجموعة الاطراف الثلاثة، وذلك حيث لا تأثير فيه على جنس الحفرية التي نريد تحديد احتمالها؛ فيما لو لم تكن لدينا أي معلومات مسبقة سوى ما حددناه آنفاً.

وعليه تتقرر البديهة الثانية على الشكل التالي: لابد أن تكون أطراف العلم الاجمالي عبارة عن اقسام أصلية لا فرعية، ولا يجوز اهمال أي تقسيم أصلي ما لم يناظره اهمال لبقية الاطراف جميعاً[30]. وهذه البديهة تشابه المصادرة التي وضعها كينز ليتجنب التناقضات التي لحقت بمبدأ عدم التمييز كالذي واجهته نظرية لابلاس التقليدية.

التعريف وبديهة الحكومة

هناك بديهة ثالثة اضافها المفكر الصدر الى تعريفه واطلق عليها (الحكومة). حيث انها تحدد لنا بعض الحالات التي لا يصح فيها الضرب بين العلوم الاجمالية. اذ تفترض ان يكون هناك تعارض بين بعض القيم الاحتمالية لأحد تلك العلوم مع بعض قيم أي علم آخر. لكن لما كان الضرب يصح حتى في حالات تعارض بعض القيم الاحتمالية بين علم وآخر؛ لذا لابد من تحديد مجال الوظيفة التي يصح ان تعمل في نطاقه تلك البديهة. ولأجل التمييز بين الضرب والحكومة فقد قام الصدر بالتمثيل على كل منهما كالاتي:

في حالة الضرب اذا كان لدينا علمان اجماليان، وكان لكل منهما بعض القيم الاحتمالية التي تتنافى مع الاخر، فانه بعملية الضرب سيتكون لدينا علم اجمالي ثالث يحتوي على أطراف؛ بعضها يملك قيماً احتمالية تختلف عما كانت في حالة العلمين الاجماليين المنفصلين. فاذا فرضنا أننا رمينا قطعتين للنقد والزهر فسيتكون لدينا علمان اجماليان كل منهما يحدد قيمة احتمال ظهور أي عضو من اعضائه العائدة اليه. لكن لنفترض أن وقوع وجه الصورة من قطعة النقد لا يمكنه أن يظهر الا مقترناً مع الآس (1) من الزهر، ففي هذه الحالة ستتغير قيمة احتمال كل منهما عن قيمتيهما الاصليتين، وهما النصف لوجه الصورة، والسدس للآس (1). اذ ستكون اطراف العلم الاجمالي الثالث عبارة عما يأتي:

1ـ ظهور وجه الكتابة مع الاس (1).

2ـ ظهور وجه الكتابة مع الاس (2).

3ـ ظهور وجه الكتابة مع الاس (3).

4ـ ظهور وجه الكتابة مع الاس (4).

5ـ ظهور وجه الكتابة مع الاس (5).

6ـ ظهور وجه الكتابة مع الاس (6).

7ـ ظهور وجه الصورة مع الاس (1).

8ـ ظهور وجه الصورة مع الاس (2).

9ـ ظهور وجه الصورة مع الاس (3).

10ـ ظهور وجه الصورة مع الاس (4).

11ـ ظهور وجه الصورة مع الاس (5).

12ـ ظهور وجه الصورة مع الاس (6).

لكن حسب الفرض السابق القائل بأن الصورة لا تظهر الا مقترنة مع الاس (1)؛ فان اقترانهما مع الاسات: (2) و(3) و(4) و(5) و(6) غير ممكن لذلك الاعتبار، ومن ثم تصبح مجموعة الاطراف الكلية عبارة عن سبعة. وتكون قيمة احتمال وجه الصورة (1\7)، مما يعني انها قد انخفضت عن قيمتها الاصلية وهي النصف. كذلك ستصبح قيمة احتمال ظهور الاس (1) مساوية لـ (2\7)، اي انها ارتفعت عما كانت عليه في العلم الاجمالي السابق؛ حيث كانت تُقدر بـ (1\6). وكذا الحال مع بقية الاطراف الاخرى، حيث كل منها لابد ان يتغير عما كان عليه بسبب عملية التنافي في بعض القيم الاحتمالية بين العلمين الاجماليين[31].

بيد انه في حالات معينة يتوفر فيها وجود تعارض بين بعض القيم الاحتمالية لاطراف علم اجمالي وبين قيم اطراف علم آخر؛ الا انها مع ذلك لا تخضع لتطبيق عملية الضرب، حيث ان أحد العلمين له خاصية التحكم بالعلم الاخر، الامر الذي به تثبت القيم الاحتمالية لاطراف العلم الاخر من دون زيادة ولا نقصان، وهو المعني بقاعدة الحكومة.

فمثلاً اذا كان لدينا كروموسومان (ن) و(م)، ونعلم ان الكروموسوم (ن) يضم  عشرة جينات مختلفة، وقد تعرض لطفرة فقدَ على اثرها أحد هذه الجينات، ولنفترض اننا لم نستطع تحديد وترجيح هوية هذا الجين المفقود، مما يعني ان الجينات (أ) و(ب) و(ج).. الخ؛ كلها متساوية الاحتمال، حيث ان أي واحد منها يحتمل له ان يكون هو المفقود بقيمة قدرها (1\10). الا ان هذه الصورة سوف تتغير فيما لو شككنا في عدد تلك الجينات؛ فهل هي عشرة كما كنا نعتقد سابقاً، او انها تزيد على ذلك بجين واحد –  نرمز اليه (هـ) – ترددنا بوجوده في (ن) او (م) بقيمة احتمالية متساوية، أي ان قيمة احتمال وجوده في أي واحد منهما هي (1\2). وبطبيعة الحال لو كنا نعلم يقيناً بوجود (هـ) في (ن) لكان احتمال ان يكون هو الجين المفقود يساوي (1\11). أما ونحن نشك بوجوده في (ن) فلابد ان يتكون لدينا علم اجمالي جديد، فيصبح هناك علمان اجماليان، أولهما يتعلق بفقدان أحد الجينات من الكروموسوم (ن)، والاخر يتعلق بوجود (هـ) في (ن) أو (م). وواضح أن هناك تعارضاً بين قيمة احتمال وجود (هـ) في (م) وبين قيمة احتمال أن يكون (هـ) هو المفقود في الكروموسوم (ن).

وإذا ما علمنا باحتمال كبير أن يكون الجين (هـ) في (م)؛ فان ذلك سيؤدي الى خفض احتمال وجوده في (ن)، وبالتالي يتضاءل – كثيراً – احتمال كونه هو المفقود.

لكن هل من الجائز أن نعكس هذه الصورة فنعتبر انخفاض القيمة الاحتمالية لفقدان الجين (هـ) من (ن) هو السبب في رفع القيمة الاحتمالية لوجود (هـ) في (م)؟

على رأي المفكر الصدر أن هذه الصورة غير جائزة، والسبب في ذلك هو أن القيمة الاحتمالية لفقدان (هـ) من (ن) تعتمد بالاساس على القيمة الاحتمالية لوجوده في (م). وهذا يعني أن القيمة الاخيرة هي التي تتحكم في القيمة الاولى. وحيث أن التحكم والتأثير من جهة واحدة فلا موضع للضرب بين العلمين الاجماليين السابقين.

هكذا فان المقصود من بديهة الحكومة هو أنها تعني وجود قيمتين احتماليتين راجعتين الى علمين اجماليين، وقد تأثرت احداهما بالأخرى دون العكس، مما يمنع استخدام الضرب في العلمين المحددين لهما.

وعليه يصبح تعريف بديهة الحكومة كالتالي: (اذا وجدت قيمتان احتماليتان مستمدتان من علمين اجماليين احداهما مثبتة لقضية ما والاخرى نافية لها، وكانت احدى القيمتين الاحتماليتين في اثباتها او نفيها للقضية تنفي طرفية تلك القضية للعلم الاجمالي الاخر دون العكس؛ فهي حاكمة على الأخرى، ولا تصلح الأخرى للتعارض معها، وبالتالي لا مبرر لضرب أحد العلمين بالأخر وتكوين علم اجمالي ثالث)[32].

والميزة الاساسية في هذه البديهة هو أنها تمنع من حدوث الضرب بين العلمين الاجماليين، أو بين قيم أحد العلمين مع قيم العلم الاخر. لكن قبل مناقشة هذه المسألة لا بد من ذكر الحالات التي تصدق عليها، فعلى رأي المفكر الصدر أن هناك حالتين يمكن أن تكونا مصداقاً لها، وهما كالاتي:

الاولى: هو فيما لو كان لدينا علم اجمالي أول، كالعلم الاجمالي لفقدان جين ما، وكان هذا العلم يتصف بصفة معينة كصفة وجود جينات في (ن)، وكانت هذه الصفة تصدق على طرف مع الشك في الطرف الاخر – أي أنها لازمة أعم للطرف الاول -، كإن نعلم أنها تصدق على عشرة جينات محددة ونشك في صدقها على الجين (هـ). ففي هذه الحالة ان أي عامل يضعف أو يقوي من قيمة احتمال اتصاف الطرف الاخر – الجين (هـ) – بتلك الصفة – وهي صفة الوجود في (ن) – فانها تعتبر حاكمة على القيمة الاحتمالية التي تؤيد طرفيته في العلم الاجمالي الاول.

الثانية: فيما لو كان لدينا علم اجمالي اول لقضية ما يتصف بصفة نحتمل صدقها على احد طرفين دون ترجيح؛ فان أي عامل يضعف او يقوي أحد هذين الطرفين فانه يعتبر حاكماً له على طرفيته بالنسبة للعلم الاجمالي الاول.

فمثلاً لو ان الكروموسوم (ن) يحمل جيناً واحداً قد فُقد بالطفرة الوراثية، وكنا نتردد ان يكون هذا الجين هو (أ) او (هـ) من دون ترجيح؛ ففي هذه الحالة ان أي عامل يضعف او يقوي من قيمة احتمال ان يكون الجين (هـ) هو الموجود في (ن) فانه يعتبر حاكماً على القيمة الاحتمالية لفقدانه بالطفرة، أي انه حاكم على طرفيته بالنسبة للعلم الاجمالي الاول[33].

والملاحظ في الحالتين السابقتين انهما يختلفان شكلياً من حيث علاقة القيمة الاحتمالية الحاكمة بالقيمة الاحتمالية المحكومة. ففي الحالة الثانية تكسب القيمة الاحتمالية المحكومة نفس القدر الذي عليه القيمة الحاكمة، بينما في الحالة الاولى ليس الامر كذلك. لكن في كلا الحالتين نعتقد ان استخراج القيمة الاحتمالية تصدق عليها عملية الضرب، وهي العملية الخاصة بالقضايا المشروطة. فمثلاً في الحالة الاولى يمكن استخراج قيمة احتمال ان يكون الجين (هـ) هو المفقود وذلك من خلال ضرب احتمال كونه في (ن) مع احتمال كونه هو المفقود على افتراض انه فيها. فاذا كانت قيمة احتمال كونه في (ن) تساوي (1\2) فان قيمة احتمال ان يكون هو المفقود تساوي:

1\2 × 1\11 = 1\22 = 11\242

أما قيمة احتمال أي جين من الجينات العشرة الباقية فهي (1 و23\242). وتعتبر كل القيم مجموعة متكاملة مساوية للواحد كما هو المفروض.

كذلك يمكن تفسير الحالة الثانية على أساس الضرب. ففي مثالنا السابق لو كانت قيمة احتمال وجود (هـ) في (ن) هي (3\4)، ففي ضربها بقيمة احتمال كونه هو المفقود على افتراض وجوده في (ن)؛ سيكون الناتج نفس القيمة، أي كالاتي:

3\4 × 1 = 3\4

بهذا يثبت لنا أن الحكومة لا تعارض عملية الضرب، ومن ثم فلا حاجة لافتراضها كمصادرة قبلية للاحتمال. وتأكيداً لهذا الامر اعترف المفكر الصدر بأن قضايا السببية التي تخضع الى الحكومة يمكن تفسيرها أيضاً على أساس عملية الضرب، وإن لم يبين هذه الصورة[34]. ولايضاحها يمكن المقارنة بين كلا العمليتين كالاتي:

فيما يخص خضوع السببية الى الحكومة أوضح المفكر الصدر انه اذا كانت لدينا فئتان أحداهما عبارة عن أطراف لعلم اجمالي خاص بأسباب تستلزم اطراف فئة أخرى؛ فان القيم الاحتمالية لفئة الاسباب تعتبر حاكمة على القيم الاحتمالية لفئة المسببات.

فمثلاً اذا كانت لدينا قطعتان من الزهر والنقد، وفرضنا أن الآسات الاربعة الاولى من الزهر لا يظهر أحدها الا حين وقوع وجه الصورة للنقد – عند رميهما معاً -، كذلك لا يظهر أحد الآسين المتبقيين للزهر الا مع ظهور وجه الكتابة.. ففي هذه الحالة، رغم ان وجه الصورة يلزم عنه اربع حالات ممكنة لظهور الآسات الاربعة؛ فان قيمته الاحتمالية لا تتغير، بينما تتغير القيم الاحتمالية للآسات لكونها محكومة بالنسبة الى قيمتي وجهي النقد الحاكمتين. وعليه ان القيم الاحتمالية للآسات اللازمة لوجه الكتابة هي اكبر من قيم احتمالات الآسات الاخرى التي تلزم عن وجه الصورة.

ولا شك انه يمكن استخراج القيم الاحتمالية عن طريق عملية الضرب، وذلك كالاتي:

لنفترض اننا نريد ان نعرف قيمة احتمال ظهور الاس (1) اللازم عن وجه الصورة، ففي هذه الحالة نستخرج قيمة احتماله من بين الاربعة آسات الممكنة والمتساوية الاحتمال على افتراض وقوع حادثة الصورة. أي كالاتي:

1\4 × 1\2 = 1\8

وهذه القيمة تصدق على كل آس من الآسات الاربعة اللازمة عن وقوع حادثة الصورة.

كما أنه يمكن استخراج أي قيمة احتمالية للآسين (5) و(6) اللازمين عن ظهور وجه الكتابة، وذلك كما يلي:

1\2 × 1\2 = 1\4

ولو جمعنا كافة الاحتمالات الممكنة للآسات لكانت تساوي واحداً كما هو المفروض في مجموعة الاحتمالات المتنافية:

1\8 × 4 + 1\4 × 2 = 1

وبهذا فإن الحكومة في الاسباب والمسببات هي الاخرى لا تستغني عن عملية الضرب.

مهما يكن فانه بخصوص هذه الحالة من الحكومة وضع المفكر الصدر بديهة اخرى تتعلق بالتمييز بين التقييد المصطنع والتقييد الحقيقي للعلم الاجمالي. فالعلم الاجمالي لفئة المسببات له معلوم كلي مقيد تقييداً حقيقياً، وذلك لأن اطراف هذه الفئة متقيدة بأطراف فئة الاسباب. فمثلاً ان الآس (1) مقيد بظهور وجه الصورة حسب مثالنا السابق، والآس (6) مقيد بظهور وجه الكتابة. أما العلم الاجمالي لفئة الاسباب فله معلوم كلي مقيد تقييداً مصطنعاً، وذلك لأنه وإن كان مقيداً بأحد الاطراف الممكنة، الا انه ليس بلازم عن أي طرف منها على وجه التحديد.

وبهذا يصل المفكر الصدر الى صياغة البديهة الرابعة كالاتي: (ان التقييد المصطنع للكلي المعلوم بالعلم الاجمالي في قوة عدم التقييد، والتقييد المصطنع يتمثل في كل قيد لا يحدد من انطباق الشيء المقيد، لأن جميع احتمالات انطباق الشيء تستلزم أو تستبطن توفر القيد)[35].

التعريف والعلم الاجمالي الشرطي

قسّم المفكر الصدر العلم الاجمالي الى نوعين، أحدهما حملي كقولنا: إن أحد هذين الإنائين متنجس؛ على افتراض جهلنا بتحديد المتنجس منهما، والاخر شرطي كقولنا: إذا علمنا بأن الحامض النووي هو RNA ، فلابد أن يكون إما mRNA  او tRNA  او rRNA .

وفي المثال الاخير الخاص بالعلم الاجمالي الشرطي نلاحظ وجود ثلاثة أطراف شرطية محتملة كالاتي:

1ـ ان الحامض النووي اذا كان  RNA   فهو   mRNA.

2ـ ان الحامض النووي اذا كان  RNA  فهو  tRNA .

3ـ ان الحامض النووي اذا كان  RNA  فهو   rRNA.

وتعبّر هذه الاطراف عن وجود شرط واحد مشترك مع ثلاثة جزاءات، يتحتم أن يكون واحد منها صحيحاً.

ولكن حين نتردد في وجود الشرط بين أن يكون عبارة عن الحامض النووي RNA  أو هو DNA؛ فان الجزاءات الثلاثة السابقة ستفقد صفة القطع واليقين الخاص بالمجمل الذي يمثل المعلوم الكلي للعلم الاجمالي السابق، اذ يمكن أن تكون جميع الجزاءات غير صادقة في الواقع.

واذا عرفنا يقيناً أن الحامض النووي ليس mRNA ولا tRNA فان هذا العلم سيصبح مصدر قوة لاحتمال كبير في نفي أن يكون الحامض هو  RNA، وبذلك تكبر قيمة احتمال وجود الحامض  DNA، حيث أنها ستكسب الجامع من قيمتي الحامضين المنفيين mRNA  و tRNA .

وقد ميّز المفكر الصدر بين هذا العلم الشرطي الذي يتصف بوجود جزاء معين في الواقع لا  نعلمه الا اجمالاً، وبين علم شرطي آخر يتصف بأن جزاءه غير محدد في الواقع. فمثلاً لو كنا نعلم حقيقة وجود ثلاث كرات بيض في حقيبة، ثم طرحنا على أنفسنا هذا السؤال: اذا كان في هذه الحقيبة كرة سوداء فأيّ من تلك الكرات يحتمل لها ان تكون؟ فهذا العلم لا يحدد لنا جزاءاً محدداً للواقع؛ لأننا نعلم مسبقاً بأنه لا توجد كرة سوداء، ومن ثم ليس باستطاعته ان ينمي أي درجة احتمالية، بخلاف العلم السابق الذي له جزاء محدد في الواقع.

لكن يلاحظ ان المفكر الصدر طبّق هذا العلم الاخير على نوع من الامثلة الهامة في نظرية الاحتمال فخرج بنتيجة غير متوقعة، اذ ذكر يقول: (اذا كانت حقيبة (ن) تحتوي على عشر كرات مجهولة اللون مرقمة من (1) الى (10) قد جمعت دون ان يكون للونها أي اعتبار في جمعها في تلك الحقيبة، وسحبنا منها تسع كرات من (1) الى (9)، ورأيناها بيضاء، فقد تطبق نظرية الاحتمال بطريقة تؤدي الى اعطاء احتمال ان تكون الكرة العاشرة بيضاء قيمة احتمالية كبيرة على اساس علم اجمالي شرطي، وهو العلم الاجمالي بأن الحقيبة لو كان فيها كرة غير بيضاء لكانت إما الكرة (1) وإما الكرة (2) وإما الكرة (3) وإما.. وإما الكرة (10). وهذا العلم الاجمالي الشرطي يحتوي على عشر قضايا شرطية محتملة، وكلها تشترك في شرط واحد وهو افتراض ان يكون في الحقيبة كرة واحدة غير بيضاء، وتختلف في الجزاء: فالقضية الشرطية المحتملة الاولى تعين الكرة السوداء المفترضة في الكرة (1)، والقضية الثانية تعينها في الكرة (2)، وهكذا.. ونحن نعلم بأن الجزاء في القضايا الشرطية المحتملة التسع التي ترتبط بالكرة (1) الى الكرة (9) غير ثابت في الواقع، لأننا رأينا ان الكرات التسع كلها بيضاء، وهذا يعني: ان القيمة الاحتمالية لتلك القضايا الشرطية التسع تبرهن على نفي الشرط بدرجة احتمال الجامع بين تلك القضايا التسع، لأن الطريق الوحيد للحفاظ على صدق القضية الشرطية التي نعلم ان جزاءها غير ثابت، هو افتراض ان شرطها غير ثابت. وبهذا يصبح احتمال ان تكون الكرة العاشرة بيضاء كبيراً نتيجة تجمع القيم الاحتمالية للقضايا الشرطية التسع المحتملة. ان هذا التطبيق يعتبر خطأً، لأنه يحدد قيمة احتمال بياض الكرة (10) على اساس القيم المستمدة من العلم الاجمالي الشرطي بأنه لو كان في الحقيبة كرة غير بيضاء فهي إما الكرة (1)، وإما الكرة (2)، الخ. وهذا العلم الاجمالي الشرطي يدخل في القسم الثاني، لأن الجزاء فيه غير محدد، فهو لا ينبئ عن واقع وانما يعبر فقط عن عدم امكان التناقض في الافتراضات، فلا يصلح أساساً لتحديد القيمة الاحتمالية)[36] .

والواقع انه لو صدقت النتيجة التي ادلى بها المفكر الصدر لكان يعني انه لا يمكننا مثلاً أن نتنبأ باحتمال قوي لحدوث النهار في اليوم التالي نتيجة ما كسبناه من مشاهدات سابقة كثيرة، كما لا يمكننا التنبؤ بقيمة عالية أن تكون الكرة المسحوبة الاخيرة بيضاء اللون حين نسحب عشوائياً مليون كرة يظهر جميعها بنفس ذلك اللون. وهذا خلاف الوجدان والواقع.

أما سبب الخطأ فهو الظن بأن المثال السابق لا يملك جزاءاً محدداً بالنسبة للعلم الاجمالي الشرطي، مع ان الحقيقة هو انه عند سحب الكرات التسع ما زال ينتابنا التردد الواقعي في حقيقة لون الكرة الاخيرة التي يحتمل ان تكون بيضاء، بينما العلم الاجمالي الذي يفتقر الى الجزاء الواقعي لا يملك احتمالاً او تردداً حقيقياً، وانما هو يعبر عن افتراض كاذب لا رابط له بالواقع اطلاقاً. لهذا فالمثال السابق لا يمكن فصله عن العلم الشرطي ذي الجزاء المحدد، وهو يشابه المثال المذكور بخصوص هذا العلم، ويختلف كلياً عن المثال المذكور بخصوص العلم الشرطي ذي الجزاء غير المحدد في الواقع[37].

واهمية هذا المثال ترتبط بمسألة تنمية احتمال القضايا المستقلة عن افتراض العلم بالسببية، ولو نجحت المحاولة السابقة لكانت تنمية احتمال هذه القضايا مستحيلة. ففي بعض المناسبات حاول المفكر الصدر ان يثبت هذا المدعى بمثل ما ذكره في المثال السابق[38]. وكرر هذه النتيجة حين اراد تحديد بعض القيم الاحتمالية الخاصة بمثال حقيبة لابلاس الذي افترض وجود حقيبة ذات خمس كرات، ونملك حولها ثلاثة احتمالات متساوية، فهي إما ان تحتوي على اربع كرات بيض، او ثلاث كرات بيض، او جميعها بيض، وقد صادف ان سحبنا عشوائياً ثلاث منها فظهرت كلها بيضاء. ولعل من الطبيعي في هذه الحالة ان نتوقع ان تكون الحقيبة ذات خمس كرات بيض، ولو سحبنا كرة رابعة لكنا نتوقع ايضاً ان تكون بيضاء. لكن ما رآه المفكر الصدر هو ان سحب الكرات البيض من تلك الحقيبة لا يؤثر على قيمة احتمال سحب كرة بيضاء رابعة[39]. وهذا يعني انه لو كانت لدينا حقيبة تحوي الف كرة وكنا نتردد باحتمالين متساويين فيما اذا كانت الكرات كلها بيضاء او ان واحدة منها – فقط – سوداء، فعلى ذلك الرأي يفترض انه لو سحبنا – عشوائياً – كل الكرات عدا واحدة، وتبين انها بيض جميعاً، فسوف لا يؤثر ذلك على احتمال لون الاخيرة المقدر بـ (1\2)، وهو خلاف الوجدان والواقع.

على ان الطريقة التي أُعتمدت في تحديد النتيجة السابقة هي طريقة شائعة لدى عدد من المفكرين الغربيين الذين لم يعولوا على مبدأ التعلم من التجارب السابقة في الحسابات الاحتمالية المستقلة، وقد ذهب اليها فلاسفة مشهورون من امثال بيرس (سنة 1883) وفتجنشتاين wittgenstein  (سنة 1921)، بل وحتى كينز في احد فصول كتابه (رسالة في الاحتمال)، رغم انه في الفصول الاخرى اكد ببلاغة تامة ضرورة التعلم من التجربة والخبرة، وقد طُرحت هذه الطريقة لاجل حل مشكلة الاستقراء والتنبؤ، واطلق عليها كارناب الطريقة الفردية في قبال تلك التي تعتمد على مبدأ التعلم من التجارب السابقة والتي اوسمها الطريقة الاحصائية[40]. وقد ذهب احد الباحثين الى ان هناك اختلافاً حول نتائج هذه الحسابات الاحتمالية بين صاحب النظر الموضوعي للاحتمال وصاحب النظر الذاتي له. فمثلاً لو كان لدينا جرة فيها كرات غير معلومة اللون، فان سحب واحدة منها عشوائياً ومن ثم ارجاعها سيجعل من احتمال سحب الاخرى موضع اختلاف في تحديد القيمة الاحتمالية لها. فصاحب النظر الموضوعي يرى ان احتمال سحب الثانية مستقل عن واقعة سحب الاولى، ولنفرضها كانت سوداء، بتبرير مستمد من عدم وجود علاقة سببية بين لوني الكرتين، او انه لا يوجد اتصال سببي او تجريبي بين الحادثتين للسحب، وبالتالي فان احتمال سحب الثانية لا يختلف عن احتمال سحب الاولى. لكن الامر مع صاحب النظر الذاتي للاحتمال مختلف، كما هو الحال مع فنتي الذي يرى بأن الحوادث في تعاقب السحب ليست مستقلة كلياً، فهي ليست مستقلة بالنسبة الى المعرفة، او الى درجات الاعتقاد. فتتابع الحوادث يزودنا بالدليل على نتائج الحوادث المستقبلية، او انه يقوم بالتأثير على درجات الاعتقاد حول الفرضيات المستقبلية[41]. ومع انا نرى ان مبررات الاعتماد على مبدأ التجارب السابقة قوية لا يمكن اغفالها، وانها تقبل التموضع منطقياً، ومن ثم الاعتماد عليها في الحسابات المتأثرة بتلك التجارب، الا انه ليس من المعلوم ان تكون هناك طريقة احادية يمكن ترجيحها على غيرها من الطرق الكفيلة في الحسابات الاحتمالية، رغم انه لا غنى في جميع الاحوال من الاعتماد على مبدأ عدم التمييز.

من جهة اخرى عارض المفكر الصدر اعتبار الحقائب الثلاث المفترضة متساوية الاحتمال قبل السحب، رغم ان هذه القيمة يفرضها مبدأ عدم التمييز الذي اتخذه اساساً لبناء نظرية الاحتمال، على منوال طريقة لابلاس. وقد قدّم لذلك تبريراً مستبعداً، حيث ردها الى حساب التردد في احتمالات اللون للكرات الموجودة في الحقيبة، مع انه مهما بلغ هذا التردد فسيستحيل عليه ان يؤثر على قيم افتراضات الحقيبة قبل السحب.

مهما يكن هناك بديهة تفرق بين العلوم الشرطية من خلال معرفة حقيقة الجزاء، وهي البديهة الخامسة والاخيرة التي اضافها المفكر الصدر الى سائر بديهاته السابقة. وهي تنص بأنه (كلما كان العلم الاجمالي الشرطي يتحدث عن جزاء غير محدد في الواقع، فلا يصلح ان يكون اساساً لتنمية الاحتمال بتجمع عدد من قيمه الاحتمالية في محور واحد. وهذا يعني: ان الشرط الاساسي لهذه التنمية – على اساس العلم الاجمالي الشرطي – ان يكون معبراً عن جزاء محدد في الواقع)[42].

فهذه هي البديهات التي اضافها المفكر الصدر ليكون تفسيره للاحتمال منضبطاً ودقيقاً. لكن الإشكال الجوهري في الموضوع هو ان تعريفه للاحتمال حسب الصيغتين السابقتين قد لاقى – لدينا – عدداً من المؤاخذات، كالذي عالجناه في دراسة مستقلة.

يحيى محمد

[1] Bruno De. Finetti, ‘Foresight: Its Logical Laws, Its Subjective Sources’, in Kyburg and Smokler, Studies in Subjective Probability, 1937, printed in the U.S.A, 1964, p156.  .

[2]  Clark Glymour, ‘Why I am not a Bayesian’, Theory and Evidence, 1981,The Philosophy of Science, ed. by David Papineau, Oxford University Press, New York, 1996, p. 292.

[3] فلسفة العلم، ص393 و394.

[4] F.N. David, Games, Gods and Gambling, Printed in (UK), Glascow, ed.1, 1962, p.34ـ35.

[5] Ian Hacking, The Emergency of Probability, First Published 1975, First Paper Back Edition 1984, Cambridge University Press, p.6ـ7.

[6] M.A. Todhunter, A History of the Mathematical Theory of Probability, Chelsea Publishing Company, New York, 1949.

[7] William Kneale, Probability and Induction, First Edition 1949, Reprinted 1963, At The University Press, Oxford, p.123.  .

[8] A. C. King and C. B. Read, Pathways to Probability, Printed in the U.S.A, 1963, p.22.

[9]   David; p.34.  .

[10] Rudolf Carnap, ‘Statistical and Inductive Probability’, in: Madden, The Structure of Scientific Thought, Great Britian, 1968, p.271ـ272.

[11] Hacking; p.15ـ16 and 143.  .

[12] Russell;1948, p.357ـ363. Also: J. R. Lucas, The Concept of Probability, Oxford University Press, 1970, p.27.

[13] Russell; 1948; p.365.

[14] R. A. R. Tricker, The Assessment of Scientific Speculation, Great Britian, 1965, p.63. Also Lucas; p161.

[15] نفس المصدر، ص213.

[16] Hacking; p.143.

[17]  Popper; p.180.

[18] Mariana Belis, ‘On the Causal Strucure of Random Processes’, in: Logic, Language and Probability, Holland, D. Reidel Publishing Company, 1973, p.67.

[19] Mises; p.108.

[20]  حول اشتقاق قانون الاعداد الكبيرة لبرنولي يراجع كتابنا: الاستقراء والمنطق الذاتي، مؤسسة الانتشار العربي، 2005م.

[21] Mises; p.105.

[22] Kneale; p.139ـ140.

[23] Hacking; p.155.

[24] Lucas; p.162.

[25] Kneale; p.141.

[26] الاسس المنطقية للاستقراء، ص215ـ216.

[27] لاحظ: الاسس المنطقية للاستقراء، ص218. والصحيح ان يقال أن (أ) تحظى بمراكز تتناسب طرداً في قربها من النسبة (2\3) كلما كانت الاختبارات كبيرة، ولا يمكنها أن تطابق هذه النسبة مع أخذ اعتبار منتهى الدقة الرياضية. اذ كما عرفنا ان نظرية برنولي لا تقر بتطابق النسبة بين الاحتمالين القبلي والبعدي، انما تؤكد على اقتراب الاحتمال البعدي من الاحتمال القبلي كلما زاد عدد الاختبارات باضطراد.

[28] يلاحظ ان هذه القاعدة لا تصح فيما لو كانت الحادثة مؤكدة او منفية، اي فيما لو كانت قيمة الحادثة واحداً او صفراً. كما يلاحظ انه اذا كان احتمال الحادثة نصفاً فان المقدار الناتج عن هذه القاعدة لكل الاشكال يظل ثابتاً لا يتغير.

[29] لاحظ: الاسس المنطقية للاستقراء، ص200.

[30] الاسس المنطقية للاستقراء، ص208.

[31] المصدر السابق، ص224ـ225.

[32] المصدر السابق، ص230.

[33] المصدر السابق، ص231ـ234.

[34] نفس المصدر، هامش ص238.

[35] نفس المصدر، ص234ـ237.

[36] نفس المصدر، ص244ـ245.

[37] المصدر السابق، ص239ـ244.

[38] نفس المصدر، ص295ـ299.

[39] نفس المصدر، ص312.

[40] Carnap; p.277.

[41] Henry E Jr. Kyburg, and Howard E. Smokler, Studies in Subjective Probability, printed in the U.S.A, 1964, p.13

[42] الاسس المنطقية للاستقراء، ص246.