كانت قد عقدت في طهران ندوة لدراسة “الاقتصاد الإسلامي” اشتركت فيها الجمهورية الإسلامية في إيران، والجمهورية التركية، والجمهورية الباكستانية، واستمرت لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من 29 ذي الحجة 1407 (25/8/1987) . وقد ساهم في الندوة سماحة الشيخ محمد علي التسخيري بالمقال التالي ندرجه بمناسبة (الأسبوع المصرفي الإسلامي)، راجين أن ينتفع به المعنيون بشؤون الصارف اللاربوية الإسلامية.
مقدمة:
حارب الإسلام الربا بكل أنواعه وهدد القرآن الكريم بالعقاب الشديد عليه، وجعله حرباً ضد كل القيم الإسلامية، ومن هنا، فقد عاش المسلمون في العصور الأخيرة في تناقض مرير بعد أن فقدوا سيطرة الإسلام على كل مرافق الحياة، وعانوا وضعاً مزدوجاً يجمع بين القوانين الغربية والتعاليم الإسلامية في مزيج غريب متنافر .
فهم، من جهة، يؤمنون بالإسلام والقرآن، ويقيمون الشعائر الدينية، ويعملون إلى حد كبير في أمورهم المدنية وفق أحكام الإسلام، لكنهم في المجال السياسي والحقوقي والتربوي والاقتصادي يتعاملون بأساليب لاإسلامية مرفوضة. ومن تلك الأساليب تعاملهم بالربا في النظام المصرفي إلى حد يطبع مجمل الحياة الاقتصادية بهذه الصفة المرفوضة إسلامياً.
وقد بلغ الأمر إلى حده الأقصى حينما ظن بعض المفكرين الإسلاميين أن النظام المصرفي الربوي ضرورة لا مناص منها، الأمر الذي دفعهم لتجديد النظر في المسلمات الإسلامية وتحريف النصوص، أو صرفها إلى الجهة التي تمكنهم من التوفيق بين أحكام الإسلام وهذا النظام المرفوض.
إلا أن هذه المحاولات ذهبت سدى ورفضها الفكر الإسلامي الواعي .
ومن هنا، تنبه المفكرون الإسلاميون إلى ضرورة تقديم اطروحات تعمل على التزام أحكام الإسلام في الوقت الذي تقوم فيه بالأدوار الإيجابية نفسها التي يقوم بها النظام المصرفي في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
وكانت أطروحة المرحوم الشهيد الكبير آية الله الصّدر أطروحة رائدة في هذا المجال، وقد كتبها جواباً على طلب تقدمت به الحكومة الكويتية في أوائل الستينات الميلادية، فكانت أطروحته بحق أدق أطروحة وأشدها وعياً للمشاكل، كما كانت ملحقاته العلمية فاتحة بحث علمي فقهي رائع في مجالات لم يكن الفقهاء ليبحثوا فيها كثيراً، إما ليأسهم من عودة الحياة كلها إلى الإسلام وإما لعدم وجدانهم الداعي الفعلي لها.
ولئن ألف غيره من المفكرين في ذلك المجال، فإنه إما كان عيالاً عليه وإما أنه لم يأت بمثل الإبداع الذي جاء به.
وعلى أي حال، فقد كان السيد الشهيد يخطط لقيام مجتمع إسلامي ونشر وعي اجتماعي إسلامي، في وقت لم يكن يحلم فيه الكثيرون بذلك. ولم تكن هذه الفكرة تمتلك بُعداً من التصديق إلا عند القلة من المخلصين والمؤمنين بغد الإسلام.
وقد شاء الله تعالى أن يحقق للشهيد السعيد حلمه الكبير على يد قائد الأمة الإسلامية وزعيمها الإمام الخميني الذي قاد شعبه المسلم ضد أعتى الطغاة. وقام حكم إسلامي شامل على أرض إيران، بل وانتشرت الصحوة الإسلامية في شتى أنحاء العالم الإسلامي، وراح الشوق يعم جميع الشعوب الإسلامية لغد إسلامي أمثل يحكم فيه القرآن على كل شؤون الحياة، وراح الطلب يزداد على المفكرين والعلماء ليقدموا للجماهير أطروحة الحياة الإسلامية العامة والحلول التي يقدمها الإسلام للمشاكل الكبرى ومنها المشكلة الاقتصادية.. كما أن مسيرة البناء الإسلامية كانت تتطلب الوصول إلى مثل هذه الأطروحة، وكانت مشكلة المصارف وتحويلها إلى مصارف إسلامية على رأس القائمة من المشاكل. الأمر الذي دعا المسؤولين في الجمهورية الإٍسلامية الإيرانية لأن يشمروا عن ساعد الجد ويكونوا لجاناً علمية متخصصة، أدت أعمالها بالتالي إلى ما سمي بقانون: العمليات المصرفية اللاربوية بعد أن وافق عليه مجلس الشورى الإسلامي بتاريخ 20/آب 1983م وأيده مجلس حفاظ الدستور فأصبح قانوناً رسمياً ونفذت خطوات واسعة للتوعية به وبالتالي تطبيقه على كل المصارف الإسلامية.
مقارنة بين الأطروحة والقانون
قبل كل شيء نلاحظ أن الأطروحة تشكل روح القانون وكأنه أب لها بلا ريب، إلا أن هناك فرقين أساسين بينهما شكلاً بالتالي سر كل الفروق التفصيلية، وهما:
أولاً – إن الأطروحة قدمت لغرض إنشاء مصرف لا ربوي في جو لا إسلامي، أي لا يسيطر عليه الإسلام وتتحكم في الساحة مصارف ربوية ضخمة، فأريد لهذا المصرف الإسلامي أن يقوم بالخدمات الإيجابية نفسها التي تقدمها المصارف الأخرى، ولكن مع التخلص من التعامل بالربا والاستفادة من عقد إسلامي مهم هو عقد المضاربة، في حين قدم القانون إلى مجتمع يحكمه الإسلام بشتى مجالاته، وبالتالي فلا منافس للمؤسسات التي تطبقه من قبل مؤسسات لا إسلامية في داخل المجتمع، وهذا الفرق أساس ومهم.
ثانياً – أن القانون وضع من قبل تجمع كبير من العلماء والمتخصصين الاقتصاديين الذين واكبوا المسيرة المصرفية واكتووا بنار مشاكلها من جهة، والذين يريدون لهذا القانون أن ينظم مجمل المسيرة المالية في البلاد، فهو قانون للمصرف المركزي المسيطر على مجمل العمليات المصرفية الأخرى. وعليه، فيجب أن يحقق انسجاماً مع باقي الاطروحات التنظيمية الأخرى.
هذان في عقيدتنا هما أساس الفروق التفصيلية بين الأطروحة والقانون الإسلامي. فلنشاهد بعد هذا ما يترتب على هذين الفرقين من فروق تفصيلية.
تركز الأطروحة على أن يمتلك المصرف الخصائص التالية:
إن لا يخالف الأحكام الشرعية.
أن يكون قادراً على التحرك الاقتصادي والحصول على الأرباح الضرورية لاستمراره.
أن يكون قادراً على تأدية الأدوار التجارية للمصارف الأخرى.
وكل هذه الخصائص تؤدي به لامتلاك العناصر التالية:
أن يتجه لإبراز العمل البشري كمصدر للدخل، ويقلل من دخل رأس المال، ولذلك فهو يرفض الربا رفضاً باتاً مع التركيز على العمولة من جهة، والدخول بنفسه إلى الحياة الاقتصادية من جهة أخرى.
يبقى المصرف الإسلامي مجرد وسيط بين المودعين والمستثمرين.
يستعد للتضحية بالربح في سبيل إشاعة الروح الإسلامية.
يظل يبحث لنفسه عن متنفس اقتصادي للدخل في مثل ذلك الجو الربوي الخانق.
وقد لاحظ القانون الإسلامي أغلب هذه الأمور ولكن دون أن يركز كثيراً على الأرباح نظراً لعدم وجود المنافس، وأضاف إليها عملية التخطيط للأهداف الاقتصادية الكبرى للدولة الإسلامية، وملاحظة ضرورة استقرار النظام النقدي، والاعتمادي، كما لاحظ مسألة وجود قسم الملكية التعاونية في الدستور الإسلامي فانسجم معه، وكان مما ركز عليه مسألة مكافحة تهريب العملة وأمثالها.
نظام المصرف اللاربوي
وقد قسّم المرحوم الشهيد بحثه فيه إلى قسمين:
الأول: كيفية إقامة المصرف اللاربوي.
الثاني: كيفية قيامه بوظائف المصرف.
مخالفاً بذلك الأسلوب المتداول من البحث أولاً عن المصادر، وثانياً على الاستفادة من الأموال، لأنه أسلوب ربوي، بينما يعتبر المصرف اللاربوي المصدر والعمل جزءاً من المضاربة.
وعندما بحث المرحوم الشهيد القسم الأول وهو كيفية إقامة المصرف اللاربوي سار وفق الخطوات التالية:
أولاً- ركز على كون المصرف وسيطاً بين المودعين والمستثمرين في عقد المضاربة.
ثانياً- قسّم الودائع إلى ثابتة ومتحركة وودائع التوفير.
ثالثاً- راح يبين شروط المودع التي اختصرها فيما يلي:
أن يلتزم شرعاً بقاء الوديعة لمدة معينة.
أن يلتزم شروط المصرف التفصيلية.
أن يفتح حساباً جارياً، وقد جعل هذا شرطاً مرناً.
رابعاً- ثم ذكر شروط المستثمر وهي:
الأمانة.
الكفاءة.
وضوح المشروع.
تفضيل أهل السوابق الحسنة مع المصرف.
التزام شروط المصرف، ومنها أقساط الربح، كما أن منها أن يفتح حساباً جارياً يودع فيه حسابات المشروع، ومنها التسجيل الدقيق، وفتح إضبارة خاصة لكل عملية مضاربة.
خامساً- ثم تعرض لحقوق المودع، بعد أن حلل دوافع المودعين، مستنتجاً الأمور التالية كهدف للإيداع وهي:
ضمان الوديعة.
الدخل المترتب.
القدرة على السحب في نهاية المدة.
ورأى بعد ذلك أن المصرف اللاربوي يمكنه أن يضمن الوديعة كشخص ثالث وهذا الضمان ليس ضمان قرض ولا ضماناً من قبل العامل.
كما أن الدخل يمكن توفيره من خلال النسبة المئوية من الربح والتي يجب أن تكون أعلى من قيمة الفائدة المطروحة في الساحة لتسد مسألة احتمال النقص نتيجة عدم ربح المشروع.
أما القدرة على سحب الوديعة فهي أمر ممكن مع تحديد مدة معينة لا يتم فيها السحب ثم يسمح به بعدها، وهنا يستطيع المصرف أن يضمن بقاء السيولة النقدية لديه من خلال الأمور التالية:
ليس من المفروض أن تحل الآجال في وقت واحد.
وليس من المفروض أن يقدم الجميع على السحب.
الاستفادة من حسابات المشاريع الجارية والحسابات الجارية الأخرى وحينئذ يخصص الأرباح لنفسه.
سادساً – ويبحث هنا في حقوق المصرف. وتتمثل في الجعالة التي تنقسم إلى قسمين.
الأول: أجر ثابت على الوساطة، ويحدد بالتفاوت بين الفائدة التي تعطيها المصارف الربوية والفائدة التي تتقاضاها، ناقصاً زيادة حصة المودع من الربح على سعر فائدة الوديعة.
الثاني: أجر مرن في حصة العامل من الربح ويقدرها بالفرق السوقي بين أجرة رأس المال المضمون (وتساوي الفائدة الربوية المدفوعة للمصارف) وأجرة رأس المال المخاطر به في المضاربة (وهي أكثرها طبعاً).
سابعاً – ويؤكد هنا أن للمصرف أن يدخل في المضاربة برأسماله أو بالأموال المتحركة.
ثامناً – ويتحدث هنا عن حقوق العامل المستثمر فهو صاحب الحق في الربح بعد عزل حصة المصرف والمودع.
تاسعاً – ويبحث فيه عن كيفية معرفة الأرباح.
عاشراً – ويبحث هنا عن أساليب التشويق والتشجيع لأصحاب الأموال المودعة، ويقترح هنا وضع جعالة على التوكيل وترتفع بارتفاع المبلغ. ولكنه بعد ذلك يكرهها.
حادي عشر – ويبحث في هذا الفصل عن الحسابات الجارية وتؤخذ كقرض من أصحابها، أما المصرف فلا يقرض الآخرين نتيجة ظروفه إلا إذا لم تمكن المضاربة. ويشترط على المقترض شروطاً، منسجماً مع ظرف القرض، ومنها شرط التأمين على القرض.
ثاني عشر – ويبحث هنا في مسألة إلغاء الربا، موضحاً أن الرأسماليين يقدرون أن الفائدة تتكون من ثلاثة عناصر هي:
مبلغ يفترض للتعويض عن الديون الميتة.
نفقات المصرف.
ربح رأس المال.
أما العنصر الأول فيمكن معه التأكيد على الائتمان العيني والتقليل من الائتمان الشخصي. كما يمكن الاستفادة من فكرة التأمين على الديون وهذه العملية يستطيع المصرف أن يؤمنها، كما يمكنه أن يطالب العميل بالتأمين، دافعاً أجور التأمين بنفسه، أو بواسطة توكيل المصرف للدفع. وهناك صعوبة تكمن في تحديد أجرة التأمين لأنه يتم على مجموع القروض.
وأما الثاني فيمكن للمصرف أن يطالب به على أساس الأمر بكتابة الدين.
وأما الثالث فيلغى تماماُ ولكنه يستطيع أن يشترط على المقترض أن يقرضه مبلغاً إلى خمس سنوات مثلاً (وهو أمر لم نتحقق نحن من صحته).
كما يمكنه أن يشجعهم على دفع مبلغ كهدية وحبوة مستحبة، ويمكنه أن يعدهم بالأولوية في الأقراض التالية.
وأخيراً: فإنه يقترح بعض الملاحظات العامة وهي:
يقترح أن يكون رأس المال كبيراً باعتباره يتحمل تبعات أكبر من تبعات المصارف الأخرى، إلا أنه يجب أن يراعي الحد الذي يكون فيه توظيف رأس المال في العمل المصرفي فيه أعلى من توظيفه المباشر في الاستثمار.
يرى أن مثل هذا المصرف يستطيع أن يساهم في توجيه الاقتصاد، لأنه يعيش مع المستثمرين في مشاريعهم ويهمه نجاحها ويحرص على ربحيتها.
يمكن أن يتم نوع من التشابه بين التركيبة الداخلية للمصرف اللاربوي والربوي مع التأكيد في المصرف اللاربوي على إنشاء دائرة للمضاربات، والتركيز على أن يكون الموظفون من المتدينين المخلصين لرسالتهم.
كانت هذه خُلاصة لما قام به المرحوم الشهيد في الفصل الأول، فإذا ما قارنا هذا بمواد القانون الإسلامي المعمول به في الجمهورية الإسلامية رأينا كيف يتجلى الفرق الأساس الذي ذكرناه في مطلع هذا البحث. فمع غض النظر عن الجوانب التفصيلية غير الأساس، نلاحظ أن القانون يوسع من دائرة توظيف الأموال فلا يقتصر بها على المضاربة ليجعلها تشمل المشاركة، والمضاربة، والإجارة بشرط التمليك، والبيع بالتقسيط، والمزارعة، والمساقاة والتوظيف المباشر، ومعاملات بيع السلف، والجعالة وكل هذه الأمور لها أحكامها التي يشير إليها الفصل الثالث من القانون.
ويلتقي القانون مع الأطروحة في مواضع كثيرة من قبيل:
الرضا بضمان الوديعة من قبل المصرف، كما يظهر من المادة الرابعة.
العمل على أخذ أجرة العمل، وهذا ما نلاحظه في الفقرة (4) من المادة العشرين وترجعها المادة (23) إلى ملكية المصرف بخصوصه فلا توزع بين المودعين .
في أساليب التشجيع يطرح القانون فكرة الجوائز غير المقدرة، وفكرة التخفيف أو الإعفاء عن الأجرة أو حق الوكالة، وفكر الأولوية في الاستفادة من التسهيلات المصرفية، وكل ذلك نلاحظه في المادة السادسة .
وفي الفصل الثاني، يتعرض المرحوم الشهيد للوظائف الأساس للمصارف ويلخصها في الخدمات المصرفية، والقروض والتسهيلات، والاتجار بأموال النقد وشهادات الاستثمار.
أولاً – الخدمات المصرفية ويركز فيها على مسألة قبول الودائع المصرفية.
ويعتبرها – كما هو الحق في التصور الإسلامي – قروضاً، إن كانت متحركة، وودائع، إن كانت ثابتة، مع الحصول على حق التوكيل للمضاربة. أما الحساب الجاري، فيسير مع تاريخه لدى الفقه الغربي ليستقر مع الفقه الإسلامي الذي يجري فيه المقاصة بين الدينين، وقد تسمى العملية بالتهاتر. ثم يقترح أن لا نتصور عقدين في البين ونعتبر الأمر ديناً واستيفاء للدين. ثم يدخل في تفصيلات السحب والإيداع في الحساب، ويتعرض بعد ذلك لودائع التوفير فيدخلها في المضاربة، ويستطرد فيذكر الودائع الثابتة التي تحدث عنها من قبل، ويرى أن الأمر في الودائع العينية سهل . ثم يتحدث عن الحوالات والكمبيالات وخطابات الضمان ومسائل حفظ الأوراق المالية، وأحكام النقود.
وهي بحوث تفصيلية علمية رائعة ينبغي لكل باحث أن يستعرضها ويراجع بالخصوص الملحقات الفقهية العميقة التي ذكرها في نهاية الأطروحة وهي ما يميزها عن غيرها من البحوث حقاً.
ثانياً – القروض والتسهيلات المصرفية (غير المغطاة) وكان قد تحدث عنها من قبل ويتحدث هنا عن الكمبيالات.
ثالثاً – ويتعرض هنا لمسائل الاتجار بشراء الأوراق المالية والسندات مؤكداً لزوم مراعاة القواعد والشروط الإسلامية فيها.
فإذا عدنا إلى القانون وجدناه يتحدث عن جوانب من هذه التسهيلات في الفصل الثاني منه تاركاً التفصيل للوائح الداخلية.
خاتمة:
وفي خاتمة هذا الاستعراض السريع نلاحظ إننا إذا كنا لا نتوقع من الأطروحة أن تقوم بعملية تسهيل مسألة القرض الحسن وإشاعة هذه السنة في المجتمع وذلك لأنها جاءت في ظرف تنافس حاد يراد معه للمصرف اللاربوي أن يستقر على قدميه ويجذب إليه الودائع ويقوم بكل الخدمات، ولكن بعيداً عن الوقوع في الربا، وهو أمر صعب لا يمكن معه أن يتحمل مسألة الإشراف على توسعة القرض الحسن، فإنه كان على القانون أن يتوسع أكثر مما هو عليه في مجال القرض الحسن، ويجعله ركيزة أساساً في معاملاته وخصوصاً في بعض المجالات الحيوية والخدماتية مستعيناً بالجو الاجتماعي الإسلامي العام، والقدرة المالية التي يملكها والحس الإسلامي الخير لدى الناس، والحق أن المصارف اتجهت إلى حدٍ ما لهذا الاتجاه ولكنه لا يتناسب مع المطلوب. ومن هنا لا حظنا رئيس المصرف المركزي للجمهورية الإسلامية الإيرانية يصرح بأن القانون رغم حسنه يعد مرحلياً لا نهائياً في مجال التنظيم المالي للبلاد وهي خطوة نباركه عليها.
ثم أن هناك الكثير من التساؤل حول مستوى أجرة العمل الذي يطلب بشكل نسبة من القروض باعتبار توفره في كثير من الموارد على شبهة الربا في التصور العرفي، الأمر الذي يدعو لتجديد النظر تماماً في مستوى هذه الأجرة والاقتصار بها على الحد العرفي المناسب فقط.
والله تعالى هو الموفق.
مجلة التوحيد