خلدون حمادة
المنهجية العامة لشخصية وكتابات الشهيد الصدر
قبل التطرق إلى موضوعنا الرئيسي وهو منهجية البنك اللاربوي في كتابات الشهيد الصدر، لعله من المفيد إلقاء بعض الضوء على المنهجية العامة لشخصية وكتابات الشهيد الصدر.
من الممكن إدراج شخصية وكتابات الشهيد الصدر في إطار الإسلام المجاهد والحركي، فهو يتمتع بنية صادقة وجادة من أجل الخروج من الدائرة المفرغة ومن الجمود الذي كان مسيطراً على الأوساط الدينية التقليدية، مع السعي لجعل أحكام الدين الإسلامي تشمل جميع أوجه الحياة والنشاطات الإنسانية؛ لأن الواقع الإسلامي في بداية هذا القرن ومنذ قرون عديدة أصبح يدور في دائرة موضوعات الأحكام الفردية مع إهمال الأحكام الاجتماعية والسياسية.
وهكذا فقد كانت الحركة الإسلامية عموماً في بداية الخمسينات حين تفتّح الشهيد الصدر على الأوضاع العامة للحياة في العراق تدور في حلقة ضيقة مركّزة نشاطاتها على العبادات وفقه المعاملات الفردية بدون تأثير جدي في الواقع المعاش.
ولهذا فقد ركّز الشهيد الصدر على العودة إلى مبادئ الإسلام الأصلية، والتي تجمع بين الاجتهاد في الدين وبين العمل الصالح والحركة الدؤوبة في خدمة الإسلام والمسلمين وأن الدين يجب أن يصبح مؤثراً في الواقع الفكري والاجتماعي والاقتصادي وأخيراً السياسي.
ولذا فقد بدأ الشهيد الصدر بموقف ناقد للأوضاع السائدة حوله ومحاولة إدخال نفس جديد في الاجتهاد، مع التأكيد بأن السياسة جزء من الدعوة، وأن الجهاد هو واجب كل المسلمين للدفاع عن عقيدتهم وعن حسن تطبيقها. وقد تطورت هذه المواقف المبدئية تدريجياً إلى التطبيق العملي، حين بدأ التفكير في ضرورة إنشاء حركة سياسية إسلامية، وهذا ما أدّى عملياً إلى إنشاء حزب الدعوة الإسلامية، وقد تطورت هذه المواقف السياسية وخصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، والتي قام الشهيد الصدر ومنذ البداية بإعطائها التأييد الكلي.
ولهذا فقد اتصفت كتابات الشهيد الصدر بالسعي لتجاوز المعالجات الجزئية للمواضيع ومحاولة استخدام نظام النظرة الشاملة للأمور، هادفاً من ذلك إلى استخراج النظرية العامة والتي تحكم الموضوع قيد المعالجة، ولهذا فهو أكثر اهتماماً بإستراتيجية الفكر الإسلامي من الدخول في التفاصيل والجزئيات، وهذا ما يجعل عمله أقرب إلى الموسوعية، ويجعله بالتالي من القلائل الذين استخدموا النظرة الموسوعية من أجل وضع أسس فلسفة العمل الإسلامي للقرن العشرين.
ويمكن مقارنة عمله بالمفكرين الإسلاميين المعاصرين ومنهم الجزائري مالك بن نبي والباكستاني محمد إقبال. وقد عمل كلاهما من أجل تأصيل نظرية إسلامية تأخذ الوقائع الجديدة في عين الحسبان، من أجل تطبيق أفضل للقواعد الشرعية الإسلامية الصحيحة، من أجل التأثير في الواقع لكي يصبح أكثر انطباقاً على القواعد الشرعية الإسلامية.
وهنا يجب الإشادة بنقطة هامة في أعمال الشهيد الصدر، أنه وإن كان اعتماده الأساسي على نظريات وأعمال فقهاء المذهب الجعفري الاثني عشري، أنه لا يتردد في الاستعانة بكتابات فقهاء المذاهب السنية الأربعة القدماء منهم والمعاصرين في إجمالي كتاباته.
أهمية الجذور الفقهية الجعفرية الاثني عشرية لكتابات الشهيد الصدر
إن الأمانة العلمية تقتضي الإشارة والتنويه بالجذور الفكرية للمذهب الجعفري الاثني عشري، والتي لا يمكن بدونها إعطاء البعد الكامل لأعمال الشهيد الصدر.
وهنالك في تقديرنا خمسة محاور أساسية يمكن تحديدها:
1ـ ديناميكية الاجتهاد في المذهب الفقهي الجعفري الاثني عشري
لأنه ومن حسن الطالع لم يتم ولا حتى جزئياً إقفال باب الاجتهاد في المذهب الجعفري الاثني عشري كما ادّعى بعض الناس في المذاهب الفقهية السنية الأربعة، وإن كان موضوع إقفال أو فتح باب الاجتهاد لدى المذاهب السنية أمراً مبهماً، لم يعرف بشكل واضح من أقفل باب الاجتهاد أو من قام بفتحه، أما في المذهب الجعفري الاثني عشري فقد استمر الاجتهاد ناشطاً. وإذا حدّدنا تعريف الاجتهاد حسبما تعلّمنا في الجامعة على أستاذنا الدكتور أحمد مصطفى الزرقا[1]: (العلم بالأحكام الشرعية العملية مستمداً من أدلتها التفصيلية).
وهذه الأحكام الشرعية تقسّم بوجه عام إلى سبع زمر: العبادات، والأحكام الشخصية، والمعاملات، والسياسة الشرعية ۔ وهو ما يسمّى في عصرنا بالقانون الدستوري والقانون الإداري ۔ الحدود والعقوبات، العلاقات والحقوق الدولية، وأخيراً الآداب.
ففقهاء المذهب الجعفري الاثني عشري استمروا في الاجتهاد والفتوى وأبدوا قدرة متميزة في التعامل مع الواقع المعاش وإصدار فتاوي شجاعة وواقعية في مئات من مجالات الحياة المعاصرة، حيث يسود في غالب الأوقات الالتزام والتمسك بالعقيدة والمبادئ العامة مع مرونة أكثر في التطبيق العملي؛ ولذا فأعمال الشهيد الصدر وكتاباته تندرج في هذا الإطار العام والمتلائم مع استمرارية الاجتهاد والفتوى لدى المذهب الجعفري الاثني عشري.
2ـ استقلالية الاجتهاد لدى المذهب الجعفري الاثني عشري
إن استقلالية المجتهدين في هذا المذهب عن السلطات والدولة والفئات الحاكمة عموماً هو أحد الثوابت التاريخية، فالملاحظ أن الاتجاه الغالب لدى فقهاء المذاهب السنية الأربعة هو التركيز على الأحكام الفردية عموماً مع تجنب الخوض في المواضيع التي تؤدي إلى إزعاج السلطات الحاكمة أو التصادم معها؛ ولذا وتدريجياً فقد ضمرت الأبعاد العامة والسياسية في الإنتاج الفقهي السني، وأصبح الإنتاج الرئيسي في المجال الفقهي الرسمي يدور حول مواضيع العبادات وبالأخص موضوع الطهارة والوضوء، وفقه المعاملات والعقود بين الأفراد، والآداب والأخلاق، ولم يتم التركيز على النظريات السياسية أو الاقتصادية أو إدارة الدولة ومؤسساتها، بعكس فقهاء المذهب الجعفري الاثني عشري والذين استمروا في العمل على مواضيع الإمامة، وهو موضوع يمسّ السلطة والسياسة والدولة وكذلك معالجة المواضيع العامة للمجتمع وبهذا تشكّل أعمال الشهيد الصدر استمرارية متألقة في هذا المجال.
3ـ أهمية إدارة المال في المذهب الجعفري الاثني عشري
إن أحد مكوّنات المذهب وهو محبة أهل البيت والعترة النبوية الشريفة والدفاع عنهم، وبالتالي فإن من أسس العمل في الفقه الجعفري الاٍثني عشري متابعة الحقوق الشرعية والخمس المستحقة للإمام أو نوابه، وقد استمرت مساهمات متّبعي المذهب ومنذ نشوئه وحتى اليوم في تغذية النظام المالي الخاص بالمذهب، وهناك نظام متكامل لجمع الأموال والحقوق الشرعية وإيصالها إلى أصحاب الحقوق، والذين يقومون بإعادة توزيعها لتمويل الحسينيات والتدريس وأعمال الخير ونفقات السادة وغيرها؛ ولذا ففقه المال عموماً أكثر تطوراً لدى المذهب الجعفري الاثني عشري منه لدى باقي المذاهب السنية الأربعة، وعليه فليس من المستغرب أن يخصّص الشهيد الصدر جزءً هاماً من كتاباته لهذا الموضوع.
4ـ والمحور الرابع الذي يجب التنويه إليه يستند إلى نقطة مرتبطة بتعريف أصول الدين لدى المذهب الجعفري الاثني عشري
والذي يضيف أصل العدل إلى الأصول الثلاثة المعروفة لدى المذاهب السنية وهي الوحدانية والرسالة والمعاد، وأصل العدل يشكّل مبدأ هاماً، ولا يمكن فهم الأبعاد الحقيقية للمذهب الجعفري الاثني عشري بدون التركيز على أصل العدالة هذا. فالعدل هو من أصول الدين، فإشاعة العدل ومحاولة إحقاق الحق هو مكوّن فكري أساسي في المذهب الجعفري الاثني عشري؛ ولهذا نفهم لماذا استمر فقهاء هذا المذهب في الاجتهاد والنضال في خدمة مبادئ الحق والعدالة والتي بدونها ينقض أحد أصول الدين، وبهذا الصدد تشكّل أعمال وكتابات الشهيد الصدر استمرارية متألقة في هذا الصدد.
5ـ أما المحور الخامس والأخير فهو وجود هيكلية هرمية في المذهب الجعفري الاثني عشري
لأن نظام التقليد والمرجعية يفرض بالواقع وجود عمود فقري ومؤسسة هيكلية هرمية في المذهب الجعفري الاثني عشري، ومن المفروض على كل معتقد في هذا المذهب تقليد مرجع والانتماء الفقهي إلى أحد آيات الله أو كبار الفقهاء والعلماء، وهذا الواقع الفقهي يأخذ عملياً أبعاداً سياسية ومالية هامة، وهذه نقطة تعاني منها المذاهب السنية الأربعة؛ لأن المذهب السني لا يعصب وليس هنالك مؤسسة هرمية دينية حقيقية، وهذا الدور قامت به تاريخياً الطرق الصوفية، بعكس الوضع لدى المذهب الجعفري الاثني عشري.
ولهذا فمن المفيد الأخذ بعين الاعتبار هذه المحاور الخمس، من أجل فهم القواعد الرئيسية والتي تستند إليها كتابات الشهيد الصدر عموماً والتي تشكّل مثالاً في مجال استيعاب هذه القواعد، من أجل إنجاز منظومة فكرية متكاملة ومشاريع تطبيقية إسلامية شاملة في الميادين الفكرية والسياسية والاقتصادية.
المنهجية الاقتصادية ومشروع البنك اللاربوي في كتابات الشهيد الصدر
لقد قدّم الشهيد مساهمتين رئيسيتين في مجال الفكر الاقتصادي الإسلامي:
المساهمة الأولى هي كتاب اقتصادنا وقد أصدرته دار التعارف في بيروت في أواخر السبعينات، علماً بأن الطبعة التي اعتمدنا عليها هي الطبعة السابعة عشر، مما يظهر مدى الرواج والأهمية التي نالها الكتاب منذ صدوره.وهو مؤلف كبير يضمّ ما يزيد عن 780 صفحة، وفي هذا الكتاب يقوم الشهيد الصدر بدراسة مقارنة بين النظريات الاقتصادية في الإسلام ومقارنتها بالنظريات الماركسية والراسمالية. ويركّز على دحض وإثبات تهاوي قوانين الديالكتيك وتزييفها، وكذلك نظرية المادية التاريخية والتي يعيب عليها مثلاً إهمالها لعمل الدين كمحرك رئيسي للبشر والمجتمعات، ثم ينتقل إلى نقد الرأسمالية، وأخيراً يقدّم الهيكل العام للاقتصاد الإسلامي.
وهنا يركّز على ثلاثة مبادئ رئيسية تحكم النظرية العامة الاقتصادية في الإسلام، وهي نظرية الخلافة في الأرض، وهو ما يسمّيه الشهيد الصدر مبدأ الملكية المزدوجة، ثم يركّز على نقطة محدودية الحرية الاقتصادية والتي تقيدها القواعد الشرعية، ثم ينتقل إلى شرح مبدأ العدالة الاجتماعية في الإسلام.
وبعد الأسس النظرية يقوم الشهيد الصدر بمعالجة عشرات من المواضيع الهامة وبشكل مفصل، ومنها نظرية التوزيع ثم يركّز على موضوع هام وهو موضوع ملكية الأرض وإدارة الملكية العقارية، ويدرس أيضاً موضوع العمل والحيازة والثروات المنقولة، ونظرية الإنتاج والفروق بين المفاهيم الإسلامية والمفاهيم الماركسية والرأسمالية، وأخيراً يتطرق لموضوع دور الدولة في إدارة الجانب الاقتصادي للمجتمع والدولة في الإسلام.
أما المساهمة الاقتصادية الثانية للشهيد الصدر فقد تمّت بناءً على دعوة المشرفين على مشروع بيت التمويل الكويتي[2] فيقوم بصياغة كتابه وعنوانه الكامل (البنك اللاربوي في الإسلام، أطروحة للتعويض عن الربا، دراسة لكافة أوجه نشاطات البنوك في ضوء الفكر الإسلامي) وهو أيضاً نشر دار التعارف في بيروت في بداية الثمانينات وهنا يجب لفت النظر إلى أن هذا الكتاب ليس سوى المقطع الأول من عمل أوسع وأكثر تكاملاً؛ لأن الجزء الأول يضع أسس عمل البنوك الإسلامية في دول لا تطبق وبشكل كامل القواعد الشرعية الإسلامية، وهو وإن كان قد تطرّق في كتابه لعمل البنك اللاربوي في الدول والتي تطبق القوانين الشرعية الإسلامية، فإن انتصار الثورة الإسلامية في إيران قدّم له فرصة استثنائية من أجل تطوير عمله وتقديم برنامج أسلمة العمل المصرفي ضمن نظام إسلامي شامل في دولة تسعى لتطبيق القواعد الشرعية الإسلامية على جميع أوجه النشاطات في المجتمع والاقتصاد والدولة، وقد أوقف استشهاد الشهيد متابعة هذا العمل إلى نهايته مع مزيد الأسف.
وسنقوم في هذه العجالة بعرض موجز لبعض النقاط الهامة والتي أثارها المؤلف في كتابه الهام.
هذا الكتاب هو أصغر حجماً من كتاب اقتصادنا، إذ لا يضمّ إلا حوالي 250 صفحة، وهو يتطرق لعشرات المواضيع المتعلقة بنظريات وطرق عمل البنك اللاربوي، هادفاً إلى إلغاء مبدأ التعامل بالربا قبضاً ودفعاً في هذا البنك، وهو يدرس موضوع الوديعة وتوظيف الأموال وتقديم القروض والتسهيلات وعمليات خصم الأوراق التجارية وعملية المضاربة. وفيما يلي عرضاً لبعض النقاط الهامة:
النقطة الأساسية والتي يجب أن ينطلق منها مشروع البنك اللاربوي في الثمانينات أنه يتم غالباً خارج نطاق الاقتصاد الإسلامي المتكامل وخارج نظام الدولة الإسلامية، إذن فهو ۔ حكماً ۔ يقوم بتطبيق جزئي ولا يمكن أن ننتظر منه إلا نتائج جزئية[3].
فما هي الشروط الرئيسية والتي يجب توافرها في البنك اللاربوي، والتي يحدّدها بثلاثة شروط أساسية:
1۔ أن لا يكون البنك اللاربوي مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
2۔ أن يكون هذا البنك قادراً على التحرك في جو فاسد غير مؤيد لتطبيق الشريعة الإسلامية، وعلى هذا فإن البنك اللاربوي بالتالي يجب أن يكون قادراً على التحرك والاستمرار الزمني والنجاح المهني.
3۔ يجب أن يتأمن لهذا البنك القدرة على النجاح كمؤسسة تجارية قادرة على الربح وتأدية نفس مهام البنوك وهي جمع الأموال العاطلة وتوجيهها للاستثمار مع إنماء اقتصاد البلد وتطوير الصناعة.
وهذه النقاط رغم بساطتها الواضحة تضع الأسس الصحيحة للبنك اللاربوي، علماً أنه في تقديرنا فإن عنوان البنك اللاربوي هو أكثر دقة وأمانة علمية من عنوان البنك الإسلامي، فكلمة اللاربوي تعني أنه لا يتعاطى بالربا وغير مخالف للقواعد الشرعية الإسلامية، بينما كلمة البنك الإسلامي تعني أنه يعمل بموجب القواعد الشرعية الإسلامية فعلاً، ومن أهمها ارتباط إدارة المال بمفهوم الإحسان والتعاضد.
وكذلك يمكن اختصار الخطوط العريضة لنظرة الشهيد الصدر للبنك اللاربوي في عدة نقاط أبرزها:
۔ إبراز عنصر العامل البشري مع التقليل والحد من دور ودخل الرأسمال.
۔ القبول ومنذ البداية بعامل الربح والخسارة وهو عامل أساسي لا يمكن استبعاده من أي نشاط اقتصادي.
۔ تطوير أرضيات عمل ونشاطات ووسائل جديدة خاصة بالبنك اللاربوي.
كما أن أحد المساهمات الرئيسية للشهيد الصدر في مجال النظرية العامة للبنك اللاربوي، والتي لم تأخذ بها أكثر البنوك الإسلامية للأسف، وربما كان ذلك بسبب وجود عقبات قانونية، هو المبدأ الشرعي لعمل البنك، فنظام البنوك في الغرب يعتمد أساساً على أن البنك مؤتمن وملزم بإعادة الوديعة عدا حالات القوة القاهرة، وقد اعتمدت أغلب البنوك الإسلامية على قاعدة أن البنك هو شريك مضارب يقوم بإدارة أموال المودعين، بينما يعتمد الشهيد الصدر إلى مبدأ الوكالة[4]. فالبنك اللاربوي هو وكيل صاحب المال وهو ليس بالشريك المضارب وليس بالمقترض وليس بالمؤتمن مستودع الوديعة، وهذه نقطة أساسية في غاية الأهمية لم تنل حظها من الشرح والتفصيل ويجب العودة إليها من أجل وضع القاعدة والتخريجات الشرعية، والتي تستند إليها العلاقة بين صاحب الأموال والبنك اللاربوي.
وهنالك فروق شرعية بين عقد الأمانة والوكالة والمضاربة والشراكة في الفقه الإسلامي ويمكن الاعتماد إليها وتطويرها من [أجل] إيجاد الحلول العصرية والمنطبقة على الشريعة.
ومما يلفت النظر وجود العديد من الفتاوى والتخريجات الجريئة والتي لو تم قبولها والأخذ بها من التيار العام الإسلامي لقدّمت حلولاً ومجالات واسعة لعملها، وهي اجتهادات وإن لم يوافق عليها جزء من باقي الفقهاء المسلمين إلا أنها تشكّل مبادرات اجتهادية جدّية وصادقة وذات أساس فقهي وعلمي واضحين، مع توافر النية الصادقة ورغبة إيجاد حلول واقعية قابلة للتنفيذ، ويعود بالتالي لكل بنك أو فرد الأخذ بها أو عدم تطبيقها حسب قناعته الشخصية.
ومن هذه التخريجات الجريئة والتي لم تأخذ بها أغلب البنوك الإسلامية موضوع خصم سندات الدين، ويتجه الشهيد الصدر إلى جواز ذلك شرعاً فهو يكتب في هذا الصدد:
وعلى أساس هذا التكييف لعملية الخصم يتّجه كثير من الفقهاء إلى جوازه شرعاً؛ لأن بيع الدين بأقل منه جائز شرعاً إذا لم يكن الدين من الذهب أو الفضة أو مكيل أو موزون آخر[5].
ومن التخريجات الجريئة أيضاً إمكانية قيام البنك اللاربوي بشراء سندات الدين الحكومية ذات الفائدة فهو يقول:
فالبنك اللاربوي يمكنه أن يوظّف جزءً من أمواله في شراء الأوراق المالية إذا كانت تمثّل سندات حكومية أو سندات مصدّرة من جهة أخرى، يجوز أخذ الفائدة منها للبنك اللاربوي، ولا يمكنه أن يتعاطى بيع وشراء السندات خارج هذه الحدود[6].
وهو أيضاً يأخذ في عين الاعتبار التنافس التجاري بين البنوك التجارية الربوية والبنك اللاربوي حول معدل الفائدة أو الربح، فهو يقول:
وأرى بحكم الظروف الموضوعية التي تحيط بالبنك اللاربوي أن لا تقلّ النسبة من الربح التي تخصّص للمودعين عن الفائدة التي يتقاضاها المودع من البنك اللاربوي[7].
كما يفتي بجواز التعامل بالربا مع الكافر غير الذمي إذ يقول:
الرأي الفقهي لذلك يقوم على أساس عدة أحكام، على رأسها الرأي الفقهي بجواز التعامل مع الكافر الغير الذمي بالربا وأخذ الزيادة منه، وهو قول يتفق عليه علماء المذهب الإمامي ويذهب إليه غيرهم من علماء المسلمين أيضاً كإمام المذهب الحنفي[8].
عند محاولة عرض وتقييم مساهمات الشهيد الصدر في وضع مشروع البنك اللاربوي يجب هنا الأخذ بعين الاعتبار نقطة هامة تشكّل تقريظاً لعمله ونقداً في نفس الوقت، وهي أن مساهماته كانت عموماً سابقة لنشوء أول البنوك الإسلامية على أرض الواقع، كما أنه لم يتح له الوقت الكافي للأسف فيما بعد للاطلاع على عملها اللاحق على أرض الواقع ومن ثم تطوير عمله وكتاباته في هذا المجال.
وهذه النقطة تشرح وجود بعض النواقص والثغرات في معالجته لهذا الموضوع، فهو لم يتعرض وبشكل مفصل لجانب الإقراض من جانب البنك اللاربوي، ولم يطور كثيراً تخريجات عقد المضاربة وكذلك عقود الإيجار والاقتناء، وعقود المرابحة والمشاركة والمشاركة المتناقصة، وكذلك عقود شراء وبيع العملات الأجنبية المختلفة في زمن التسليم والاستلام، والتي أصبحت تشكّل النشاط الرئيسي للبنوك الإسلامية حالياً.
علماً أن العديد من الكتّاب المسلمين ومنذ بداية القرن العشرين الميلادي قد تعرضوا لموضوع الفائدة والربا وصدرت العديد من الفتاوى تحليلاً أو تحريماً، ويستمر هذا النقاش إلى يوم الساعة، وخصوصاً أن الاقتصاد العالمي قد أصبح مدغماً بالربا بشكل يصعب الانفكاك منه، وهذا الأمر ليس مفاجأة؛ فقد أعلمنا عنه الأثر الشريف منذ 1400 سنة.
ومن النظريات التي تميّز بين الفائدة والربا والتي تأخذ موقفاً جذرياً في هذا الموضوع الفصل المخصص للربا في كتاب (الكتاب والقرآن) للدكتور المهندس محمد شحرور نشر دار الأهالي دمشق 1991، ونحن وإن لم نتفق مع المؤلف في العديد من نظرياته إلا أن هذا لا يمنع من تقدير أهمية العمل كنقد جذري للمفاهيم التاريخية السائدة في فهم نصوص القرآن الكريم.
كما صدر مؤخراً كتاب (معاملات البنوك وأحكامها الشرعية) لفضيلة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، وهذا الكتاب كان قد صدر منذ سنوات حين كان الشيخ الطنطاوي مفتياً للديار المصرية وقد تمت إعادة طبعه مؤخراً في إطار مشروع مكتبة الأسرة. وهذا الكتاب قد أحدث حين نشره لغطاً وهجوماً شديداً لميله الواضح إلى التحليل الجزئي لبعض أشكال الفائدة، علماً بأنه يحدد بأن أهداف الشريعة أن ترعى مصالح الناس وأن تهدف إلى منع الظلم وتنظيم أسس التعامل ومنع الغش والخديعة والجشع، على أن يتم ذلك ضمن الأحكام الإلهية وهو يقول: إن (ربح مصلحة البريد لأصحاب الأموال المودعة في صندوق التوفير هو حلال لا حرمة فيه؛ ذلك لأن المال المودع لم يكن ديناً لصاحبه على صندوق التوفير ولم يقترضه صندوق التوفير منه، إنما تقدّم طائعاً مختاراً ملتمساً قبوله إياه وهو يعرف أن المصلحة تستغل الأموال المودعة لديها في مواد تجارية، ويندر فيها أو ينعدم الكساد أو الخسران).
وكذلك صدرت العديد من الفتاوى والتي تبيح للمسلمين المقيمين في الغرب القيام بتمويل شراء مساكنهم عن طريق قروض البنوك العقارية، وأحدثها الفتوى التي نشرت في المجلة الأوروبية والتي يصدرها التيار العام للإخوان المسلمين في أوروبا ۔ في العدد العاشر، السنة الثالثة، أبريل 1999، ص37 ۔ والتي قمت بتصويرها وإرفاقها بهذه العجالة[9] للاطلاع عليها كمثال على الفتاوى المعاصرة في هذا المجال.
نقد معطيات مشاريع وأداء البنوك الإسلامية
من أجل التمكن من وضع تصور صحيح لنظرية البنك الإسلامي أو البنك اللاربوي ومن ثم تطبيق هذه النظرية على الواقع والقيام بإنشاء البنك فعلياً يجب توافر عوامل عديدة أساسية على المستوى الفقهي والنظري وعلى مستوى الواقع والتطبيق، ولنرى أهم هذه النقاط بإيجاز:
من الناحية الفقهية والشرعية هنالك ضمور واضح في الإنتاج الفكري والشرعي في المجالات الاقتصادية بأنواعها، ما عدا فقه العقود والمعاملات، فلم يتم إنتاج كتب رئيسية في مجال النظريات الاقتصادية بالمعنى الشامل؛ لأن هذا الموضوع يمسّ موضوع الحكّام وإدارة أموال الدولة، وهو موضوع سياسي يؤدي حكماً إلى التصادم مع مصالح ومواقف الملوك والسلاطين وحكام الدول الإسلامية، وهذه الملاحظة تنطبق عموماً على الأحكام السياسية والإدارية، وهو ما كان يسمّى بالأحكام السلطانية.
وكذلك الأمر بالنسبة للعلاقات الدولية والخارجية للدول الإسلامية مع بعضها أو مع الدول غير الإسلامية وإذا استثنينا كتب الأموال والخراج والأحكام السلطانية لوجدنا أنه ندر وجود مراجع إسلامية فقهية تساوي في القيمة والأهمية ما قام بإنتاجه فقهاء المسلمين الكبار في الميادين الأخرى، ومن الواضح أن جميع هذه المواضيع تمسّ السياسة وسلطة الحاكم والذي لم يرغب إلا نادراً في تدخل الفقهاء في نطاق سياساته المالية والإدارية والخارجية.
والحق يقال إن مساهمات المثقفين والمسلمين بدأت في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي، ثم بدأت تظهر دراسات فقهية مستندة إلى الأسس الشرعية الإسلامية، ومن أكثرها لفتاً للنظر هي مساهمات الشهيد الصدر، وذلك نظراً لشمول كتاباته على محاولة وضع مفاهيم إسلامية اقتصادية مع دحض الفكر الغربي والماركسي وتقديم طروح ومشاريع عملية لإنشاء مؤسسات تعمل حسب القواعد الشرعية الإسلامية.
ولذا فيمكننا اعتبار قيام الشهيد الصدر بالتصدي لدحض الهجمة الفكرية الماركسية والغربية على العالم العربي والإسلامي ومحاولته تقديم ردود وحلول إسلامية هو في حد ذاته موقف ريادي ويجب الإشادة به.
ومن أهم الدراسات السابقة أو المعاصرة لأعمال الشهيد الصدر يمكن الإشارة إلى كتب (العدالة الاجتماعية في الإسلام) لسيد قطب، و(الإسلام والنظم الاقتصادية المعاصرة) للأستاذ أبو الأعلى المودودي، وهي بحوث كتبت بالأصل بالأوردية وترجمت للعربية، وهنالك حسب معلوماتي لنفس المؤلف كتاب في الربا وآخر في ملكية الأرض لم يتح لنا الاطلاع عليها، وكذلك كتاب (اشتراكية الإسلام) للدكتور مصطفى السباعي.
وقد ظهرت فيما بعد مساهمات هامة تسعى إلى تقديم نظرية متكاملة إسلامية تأخذ في الاعتبار واقع العالم الاقتصادي ومستندة إلى المفاهيم الشرعية الإسلامية ومن أحدثها وأهمها كتاب (الإسلام والتحدي الاقتصادي) تأليف الدكتور محمد عمر شابرا وترجمة الدكتور محمد زهير السمهوري ومراجعة الدكتور محمد أنس الزرقا، وقد قام بنشر النسخة العربية المعهد العالمي للفكر الإسلامي في أمريكا والمعهد العربي للدراسات المالية والمصرفية في عمان، وقد عمل مؤلف الكتاب ۔ وهو باكستاني الأصل ۔ كمسؤول كبير في مؤسسة النقد السعودي لمدة طويلة وأتيح له الاطلاع على طريقة عمل النظام الاقتصادي والنقدي العالمي وتمكّن بالتالي في صياغة كتابه الهام.
وكذلك فمن أجل وضع نظرية البنوك الإسلامية يجب معرفة الاقتصاد العالمي المعاصر ونظرياته بشكل علمي، علماً بأن هذه الملاحظة وإن كانت أساساً موجّهة إلى الفقهاء ودارسي العلوم الشرعية، إلا أنها تنطبق بعامة على مساهمة العالمين العربي والإسلامي في الفكر الاقتصادي العالمي الحديث، فليس هنالك أسماء بارزة أو كتب هامة صدرت من قبل اقتصاديين عرب في الاقتصاد العالمي والمعاصر.
وحسب معلوماتنا المحدودة فلسنا نعرف كتابات رئيسية عربية سواء في الفكر المادي الماركسي أو الفكر الليبرالي الغربي، لا في نطاق النظريات العامة ولا في مجال تقنيات الاقتصاد وفروعه، ولهذا فإن النظرية الاقتصادية العامة يجب أن تقدّم منهاجاً نظرياً متكاملاً حول علاقات الإنتاج والتوزيع وسياسة الدولة الاقتصادية وموضوع الضرائب والميزانية العامة للدولة والسيولة النقدية وحل إشكالية الانتقال من النقد المعدني إلى النقد الورقي ومن ثم إلى النقد الخطي والإلكتروني آخذين بعين الاعتبار العلاقات المتشابكة مع الاقتصاد العالمي، وعلى سبيل المثال يكفي أخذ أهمية قطاع النفط في البلاد العربية والإسلامية لإظهار مدى التشابك مع اقتصاديات العالم الصناعي والربوي، وعلى سبيل المثال أيضاً فمن شبه المستحيل تقنياً ومالياً بناء مصفاة نفط كبيرة في العالم بدون اللجوء إلى النظام المصرفي العالمي حتى وإن لم تحتج هذه المصفاة للتمويل.
ومعرفة النظام المصرفي والمالي المعاصر تشكّل نقطة هامة في طريق بناء المؤسسات المالية الإسلامية والبنك الإسلامي؛ لأن النظام المالي والمصرفي السائد في العالم الغربي والصناعي وامتداداته في البلاد العربية والإسلامية هو نتيجة تطور استمر على ما يزيد عن 400 سنة، وقد تطورت البنوك بالتوازي مع الاقتصاد والنهضة الصناعية ونشوء النقد الورقي وتناهي حجم التجارة والعلاقات الدولية وانضمّت إليها تدريجياً شركات التأمين والبورصة، ولذا فيجب لإمكانية منافسة أو الحلول مكان هذه البنوك والمؤسسات المالية الغربية والقائمة على نظام الربا، معرفة تاريخها وتطورها وأوضاعها الحالية وطرق عملها ونقاط ضعفها، علماً بأن النظام المالي الغربي كله له العديد من المنتقدين في الغرب نفسه والكثيرون يتوقعون له انهياراً عاماً وكبيراً قريباً.
مرفق: حكم شراء البيوت عن طريق البنوك الربوية
(مجلة الأوروبية، العدد العاشر، السنة الثالة، ذوالحجة 1419ق / أبريل 1999، ص37)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وأفضل الخلق أجمعين وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد:
كثر السؤال في السنوات الأخيرة من قبل المسلمين المقيمين في الغرب عن حكم شراء البيوت عن طريق البنوك الربوية. وهذا الموضوع لا شك أنه حساس جداً؛ لأنه يتعلق بأمر من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة وهو تحريم الربا الذي ثبت بالنصوص القطعية من القرآن والسنة الصحيحة. إلا أن هذا الأمر بالنسبة للمسلمين المقيمين في غير ديار الإسلام يجب أن يُنظر إليه نظرة شمولية.
فالمسلمون في هذه الديار أصبحوا مستقرين بل أصبحوا جزءً من المجتمع وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لا تُقارن بأوضاع أصحاب البلاد من الأوروبيين. فالمسلمون هم فقراء هذه المجتمعات وهم الذين يعيشون في المستوى الأدنى، لأن البطالة في أوساطهم كبيرة جداً. كما أن الأحياء السكنية التي يعيشون فيها أصبحت أوكاراً للفشل الدراسي لأبنائهم وأوكاراً لتداول المخدرات والعنف.. .
فأصبح عدد كبير من الآباء الغيورين على دينهم وعلى أبنائهم يريدون الهروب بدينهم ودين أبنائهم من هذه الأحياء السكنية ولا يجدون حلاً إلا في القروض الربوية.
وأعتقد أن مسألة القروض الربوية هي واحدة من المسائل الكثيرة كالتأمينات والعقود الأخرى التي تحتاج من أهل العلم إلى اجتهادات جديدة تراعي المقاصد العامة للشريعة ولا تهمل الواقع الذي تنزل عليه هذه الأحكام. والناظر إلى المقاصد العامة للشريعة يجد أنها ما جاءت إلا لمصلحة العباد ورفع الحرج عنهم.
ولهذا فإننا نجد أن أحكاماً كثيرة أجازها الشارع الحكيم لضرورة الناس أو لحاجتهم كالسلم وغيرها. كما أن فهقاءنا قديماً منعوا إقامة الحدود على المسلمين خارج ديار الإسلام. وهناك من الفقهاء من أجاز التعامل بالعقود الفاسدة مع غير المسلمين في غير ديار الإسلام برضاهم دون غش أو خديعة، وإن كنت لا أميل إلى هذا الرأي الذي ذهب إليه الأحناف.
والذي أراه وبالله التوفيق جواز الإقبال والتعامل مع هذه البنوك في شراء البيوت. والدليل على ذلك هو الضرورة التي تجعل المسلم يتملك بيتاً ليستقر فيه مع أبنائه حتى يستطيع أن يتمكن من تربيتهم ويبعدهم عن الأحياء المضرة والمفسدة للشباب. وإذا أقبل المسلم على مثل هذه القروض يبقى دائماً يعتقد بحرمة الربا، إلا أن الضرورة ألجأته إلى مثل هذا التعامل.
وهذا الذي قلته ذهب إليه عدد من العلماء المعاصرين وفيهم من خرّجه على مذهب الأحناف، ومنهم من خرّجه على المصلحة، ومنهم من خرّجه على الضرورة وهو الذي أرجّحه وبالله التوفيق. ويبقى الموضوع مطروحاً للحوار والنقاش.
وأعتقد أن فقه الضرورة يحتاج إلى إحياء وخاصة في جانب المعاملات من قبل علماء مقيمين في أوروبا، أو من المترددين عليها العارفين بأوضاع الجالية الإسلامية، لأن هذا الفقه سيرفع بإذن الله الحرج والمشقة التي تعاني منهما هذه الجالية يومياً.
والله أسأل أن يعصمنا من الزلل وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أنيس بن عبدالرحمن قرقاح
مدرس الفقه بالمعهد الأوروبي
وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث
[1]. انظر كتيب الفقه الإسلامي ومدارسه لأستاذنا مصطفى أحمد الزرقا، نشر دار القلم والدار الشامية، دمشق وبيروت، 1995.
[2]. الإمام الشهيد محمد باقر الصدر.. دراسة في سيرته ومنهجه، محمد الحسيني، دار الفرات، بيروت، 1989.
[3]. م. ن.
[4]. لا على سبيل الحصر (المصحح).
[5]. البنك اللاربوي في الإسلام، السيد محمد باقر الصدر، دار التعارف، بيروت، ص159.
[6]. م. ن، ص 163.
[7]. م. ن، ص 34.
[8]. م. ن، ص 14.
[9]. راجع: ص ۴۲۳.