المخاطرة في بحث الأستاذ حسن الجواهري رفيق يونس المصري

[lwptoc]

بعنوان: (بيع التقسيط)

تعليق

د. رفيق يونس المصري

مركز أبحاث الإقتصاد الإسلامي

 

المخاطرة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فأني سأعلق، بعون الله، على ما جاء في ورقة الأستاذ حسن الجواهري بعنوان (بيع التقسيط)، مما يتعلق بالمخاطرة فقط.

رأي الأستاذ الصدر والأستاذ الجواهري في المخاطرة

في الصفحة 23 من الورقة ((المقصود الصفحة 23 من النسخة الأصلية من بحث بيع التقسيط أما في هذا الكتاب فقد تغيرت الصفحة وأصبحت الصفحة 68.)) ذهب الأستاذ حسن إلى أن المخاطرة ليست من عوامل الكسب في النظرية الإسلامية، حيث أنها ليست سلعة إقتصادية حتى يطلب ثمنها، وليس عملاً أنفق على مادة ليكون من حقه تملكها أو المطالبة بأجر على ذلك من مالكها.

ومرجعه في ذلك ما رآه الأستاذ محمد باقر الصدر في كتابه المعروف (اقتصادنا) فالمخاطرة، كما صورها الصدر هي: (حالة شعورية خاصة تغمر الإنسان، وهو يحاول الإقدام على أمر يخاف عواقبه، فإما أن يتراجع إنسياقاً مع خوفه، وإما أن يتغلب على دوافع الخوف، ويواصل تصميمه، فيكون هو الذي رسم لنفسه الطريق واختار بملء إرادته تحمل مشاكل الخوف، بالأقدام على مشروع يحتمل خسارته مثلاً، فليس من حقه أن يطالب بعد ذلك بتعويض مادي عن هذا الخوف ما دام شعوراً ذاتياً، وليس عملاً مجسداً في مادة ولا سلعة منتجة.

صحيح أن التغلب على الخوف بعض الأحيان قد يكون ذا أهمية كبيرة من الناحية

الفلسفية والخلقية، ولكن التقييم الخلقي شيء، والتقييم الإقتصادي شيء آخر) ((اقتصادنا: ص633.)).

وظن الأستاذ الصدر أن الإعتراف بالمخاطرة ضرب من التأثر بالفكر الرأسمالي (الذي يتجه إلى تفسير الربح وتبريره على أساس المخاطرة) ((اقتصادنا: ص634.)) وانتقد الرأسماليين (الذين يحاولون أن يضفوا على المخاطرة سمات البطولة، ويجعلوا منها سبباً للحصول على كسب في مستوى هذه البطولة) ((اقتصادنا: ص635.)).

وخطأ الصدر قول الذين قالوا: (أن الربح المسموح به لصاحب المال في عقد المضاربة، يقوم على أساس المخاطرة) ((اقتصادنا: ص634.)). ثم قال: (ولكن الحقيقة… هي أن الربح الذي يحصل عليه المالك، نتيجة لاتجار العامل بأمواله، ليس قائماً على أساس المخاطرة، وإنما يستمد مبرره من ملكية صاحب المال للسلعة التي اتجر بها العامل) ((اقتصادنا: ص634.)).

ثم ذهب الأستاذ الجواهري ـ مثل الصدر ـ مضيفاً أن في الشريعة الإسلامية عدة ظواهر تبرهن على الموقف السلبي من المخاطرة في تسويغ الكسب، فمن ذلك حرمة القمار، وحرمة الشركة في الأبدان، فإن القمار يرتكز على أساس المخاطرة وحدها…

وفي الصفحة 21 من الورقة ((المقصود الصفحة 21 من النسخة الأصلية من بحث بيع التقسيط، أما في هذا الكتاب فقد تغيرت الصفحة، راجع بحث بيع التقسيط في هذا الكتاب.))، ذكر الأستاذ الجواهري أن الإسلام لم ير للمخاطرة قيمة اقتصادية، فلم يجعلها طريقاً من طرق الكسب التجاري، حيث أن طرق الكسب في التشريع الإسلامي هي إما العمل المباشر من الأفراد، أو العمل المختزن الذي هو بصورة سلعة أو عين أنفق عليها عمل من الآخرين، لذا حرم القرآن والسنة النبوية أخذ الفائدة على الفرض الذي هو ليس إلا احساناً أو مخاطرة بالمال، بتعريضه للتلف، أو إيثار الآخرين على النفس، وإنما المخاطرة حالة شعورية ذاتية تستحق التقدير والإعجاب في أكثر الحالات، فيستحق صاحبها ثواباً من الله تعالى.