المنهج النقدي في مدرسة الشهيد الصدر

إطلالة على مدرسة الشهيد الصدر الفلسفية

وقبل الدخول في مفردات منهج النقدي في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره) يحسن بنا أن نتعرّض بشكل موجز وسريع للنقاط الآتية:

  1. النقد في اللغة:

قال في المعجم الوسيط: نَقَدَ الشي ءَ نقداً: نقره ليختبره، أو ليميز جيّده من رديئه. يقال: نقد الدراهم والدنانير وغيرهما نقداً: ميّز جيّدها من رديئها. ويقال: نقد النثر، ونقد الشعر: أظهر ما فيهما من عيب أو حُسن[1].

  1. النقد في الاستعمالات الحديثة:

استُخدمت كلمة «النقد» لدى المحدثين في مختلف أبواب المعرفة الإنسانية، مع المحافظة على مدلولها اللغوي المشترك، فيقال: النقد العلمي، النقد الأدبي، النقد السياسي، النقد الاجتماعي… إلخ.

وفيما يأتي عرض لبعض موارد استعمالاتها:

أ ـ النقد: يُعرِّف (كانْت) النقد بأنّه: « فحص حرّ »، ومدرسة (كانْت) النقدية أساسها النقد بمعنى «الفحص والاختبار»[2].

ب ـ النقد العلمي: هو عملية تقويم الأثر العلمي، ومن ثمّ تقييمه تقييماً يُبرز مدى التزامه باُصول البحث وقدرته على الوصول إلى النتائج المطلوبة[3].

جـ ـ النقد الأدبي: هو كشف للنصوص؛ أي تبيين قيمتها الفنية من حيث الجودة والرداءة، والحكم عليها[4].

وهكذا يمكن القول بأنّ الجامع لكلمة النقد في الاستعمالات الحديثة هو: «الكشف عن قيمة القضية سلباً أو إيجاباً وفق منهج معيّن».

أنواع النقد[5]:

وللنقد ـ بالنظر إلى منطلقاته ـ نوعان:

الأوّل: الموضوعي: وهو النقد المبني على أساس من التحليل والدراسة الواقعية للموضوع من أجل تشخيص الحقّ وتمييزه عن الباطل، مع مراعاة الضوابط الأخلاقية، والاستناد إلى الأدلّة والبراهين المتسالم عليها.

الثاني: غير الموضوعي: وهو النقد الذي لا ينطلق من أجل تشخيص الحقّ، بل بدافع التعصّب واتّباع الهوى. وقد تستخدم الأساليب غير المشروعة، كالمغالطات والشبهات، وحتى السباب والطعون التي تُنثر على الخصم من دون أي اتّزان.

  1. أقسام النقد بالنظر إلى مصبّ النقد:

الأوّل: النقد الذاتي: وقد جاء في تعريفه: «هو الرأي الذي يصدره الفرد عن أفعاله أو سلوكه بهدف تحسينها أو الاعتراف بنواحي نقصه، فهو ينقد ذاته. ويتسامح في إطلاق النقد الذاتي على الجماعة المتحدة بجهة من الجهات. فلو أنّ أحد أفرادها وجّه نقدا إلى الجماعة ككل يطلق عليه نقدا ذاتيا لكونه نابعا من داخل الجماعة»[6].

الثاني: نقد الآخرين: وتتّسع دائرة النقد هنا لتشمل الفرد والاُسرة والمجتمع والدولة، وعلى مختلف المستويات؛ النظرية والسلوكية.

  1. الحاجة إلى النقد الموضوعي المستدلّ[7]:

إنّ النقد الاستدلالي وسيلة لدراسة الأفكار المختلفة وإظهار قيمتها العلمية، ثمّ الحكم عليها سلباً أو إيجاباً، وبالتالي اتّخاذ الموقف المناسب منها، وتظهر أهمّية النقد من خلال قيامه بجملة من المهام، نذكر منها:

أ ـ الكشف عن القضية الصحيحة أو الخاطئة، وكشف المغالطات والشبهات.

ب ـ تشخيص المنهجية العلمية من غيرها.

جـ ـ إصلاح القضية من بعض النواحي.

د ـ الوصول إلى الأحسن والأفضل.

وقد حفل القرآن الكريم وحياة أهل البيت (عليهم ‏السلام) وأتباعهم من العلماء بالشواهد العديدة من النقد الموضوعي، نجدها هنا وهناك في أبواب الحوار والجدل والمناظرة والاحتجاج، كلّ ذلك من أجل تبيان الحقائق ودفع الأكاذيب والمغالطات والشبهات، بل ولتمييز المناهج والمعتقدات والشخصيات الصالحة من الفاسدة.

قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن }[8]

  1. مشروعيّة النقد:

من الواضح انّ النقد إذا لم يكن موضوعيا لا يعدّ ـ بحكم العقل ـ حسنا، بل هو مرجوح شرعا؛ لأ نّه يدخل تحت عنوان «الجدال والمراء» أو «الفضول» ونحو ذلك، ولكن لمّا كان مفهوم النقد الموضوعي قد يلتقي في بعض مصاديقه مع مفهوم المحاسبة ومفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومفاهيم اُخرى كالنصيحة، والتواصي بالحقّ، والتعاون على البرّ والتقوى إلخ، لذا فإنّ ممارسته من قِبل أهل الخبرة تكون واجبة إذا توقّف عليه التعريف بالحقّ وتمييزه عن الباطل، ومستحبّة إذا كان النقد مرشداً إلى فعل أو ترك ما هو الراجح أو المرجوح. هذا على مستوى النظرية.

وأمّا على مستوى التطبيق فلدينا شواهد كثيرة على جواز ممارسته، بل ضرورة ذلك، ومن هذه الشواهد ما ورد عن الإمام عليّ (عليه ‏السلام)، حيث نلتقي مع صور موضوعية صادقة عن النقد بكلا قسميه (الذاتي، نقد الآخري):

أ ـ على مستوى النقد الذاتي: أأقنع من نفسي أن يقال: هذا أمير المؤمنين ولا اُشاركهم في مكاره الدهر أو أكون لهم اُسوة في جشوبة العيش.

ب ـ وعلى مستوى نقد الآخرين: فقد كشف عن واقع الخلافة التي تولاّها من قبله في خطبته الشقشقية حيث يوضّح الإمام (عليه ‏السلام) للناس منزلته وحقّه في الخلافة، وأنّ من تقدّم عليه يعرف ذلك جيّداً، وقد صبر الإمام لمصلحة الإسلام، يقول (عليه ‏السلام): « أمَا واللّه‏ لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إليَّ الطير، فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى، فصبرتُ وفي العين قذى وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهباً إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه، بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال اللّه‏ خضم الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بِطنته»[9].

نعم، قد تطرأ الحرمة فيما لو تلوّثت حالة النقد بعناصر غير نزيهة كالغيبة وهتك الآخرين ونحو ذلك.

7 ـ صور النقد:

إنّ عملية النقد في نتائجها تكون إمّا إيجابية وإمّا سلبية، وتوضيح ذلك: هو أنّ القضية عندما تناقش فبعد التحليل وفرض الاحتمالات والصور إمّا تُثبت كلاًّ أو في بعض صورها، فتُدعم هذه القضية حينئذٍ وتقوى، وإمّا تردّ جميع الاحتمالات ولم يصمد أحدها أمام النقد الاستدلالي، فلا يبقى لها أي اعتبار وتذهب جفاءً.

والمتتبّع لما ناقشه الشهيد الصدر (قدس‏ سره) من قضايا في مختلف تأليفاته يجد الشواهد من النوعين، ومن أمثلة ذلك نذكر:

  1. ظاهرة الإدراك: « فلو نظرنا إلى حديقة تمتد آلاف الأمتار، ورأينا فيها الأشجار والأزهار وبركة الماء والكراسي هنا وهناك، ثمّ الطيور الجميلة وسألنا أنفسنا ما هي هذه الصورة التي ندركها؟ وما حقيقة الجهاز المدرِك لها؟ هل هي صورة مادية قائمة في عضو مادي؟ أو صورة ميتافيزيقية مجرّدة عن المادة لا توجد في المادة؟! افتراضان: المادي، والميتافيزيقي يمكننا أن نستبعد الافتراض المادي استبعاداً نهائياً؛ وذلك لأنّ الصورة المدرَكة بحجمها وخصائصها الهندسية وامتدادها طولاً وعرضاً لا يمكن أن توجد في عضو مادي صغير في الجهاز العصبي، كما أنّ هذه الصورة المادية غير الصورة المدرَكة في عقولنا؛ لأنّها لا تملك ما تملكه الصورة المدرَكة من الخصائص الهندسية. فكما أنّ الحديقة التي أدركناها في نظرة واحدة لا يمكن أن نأخذ عنها صورة فوتوغرافية موازية لها في السعة والشكل والامتداد على ورقة مسطّحة صغيرة، كذلك لا يمكن أن نأخذ عنها صورة عقلية أو إدراكية تحاكيها في سعتها وشكلها وخصائصها الهندسية على جزء ضئيل من المخّ؛ لأنّ انطباع الكبير في الصغير مستحيل.

وإذن، يصبح من الضروري أن نأخذ بالافتراض الثاني، وهو أنّ الصورة المدرَكة ـ التي هي المحتوى الحقيقي للعملية العقلية ـ صورة ميتافيزيقية موجودة وجوداً مجرّداً عن المادة»[10].

2ـ التفسير المادي للوجود: للمادية في تفسير الوجود اتّجاهان: أحدهما: اتّجاه الآلية الميكانيكية، والآخر اتّجاه المادية الديالكتيكية، ويتّفق الاتّجاهان على أنّ أصل الوجود هو المادة ( الذرّات )، وأنّ جميع مفردات الوجود منبثقة عن هذه المادة، فالتفسير الميكانيكي يقول: « المادة هي مجموع تلك الجزئيات، والظاهرات الطبيعية فيها ناتجة عن انتقال الكتل وحركتها في المكان »، والتفسير الديالكتيكي يقول: «إنّ الحركة حصيلة تناقضات في المحتوى الداخلي للمادة، وإنّ هذه التناقضات تتصارع فتدفع بالمادة وتطوّرها».

وقد ناقش الصدر (قدس‏ سره) التفسير المادي بنوعيه، وأثبت بالأدلّة العلمية والوجدانية بطلانه، حيث أثبت العلم بالوسائل التجريبية أنّ مادة الذرة هي أجزاؤها الخاصّة من البروتونات والألكترونات وغيرهما، وأمكن للعلماء أن يحوّلوا المادة إلى طاقة، والطاقة إلى مادة، وهذا ممّا يؤكد لنا أنّ خصائص المادة ليست ذاتية، وإنّما هي صفات عرضية للمادة[11].

خصائص منهج النقد في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره)[12]:

عند دراستنا لحياة الشهيد الصدر (قدس‏ سره) العلمية سواء في حقل التدريس أو التأليف أو أي نشاط فكري، وكذلك عندما نتدبّر ما قاله عنه أساتذته وأقرانه وتلامذته وكلّ من كان له اطّلاع على تراثه الفكري، نجد أنّ الصدرّ (قدس‏ سره) يمثّل مدرسة عظيمة في النقد، لها خصائصها وسماتها الرائعة، نذكر من هذه الخصائص:

1ـ الأمانة في النقل: وذلك بنسبة الأفكار والنظريات إلى قائليها، وبالدقّة لترجمة ما يريده الآخرون من معانٍ وأغراض في تعبيراتهم، وإن قصرت أحياناً عن بيان تلك الأغراض، بل إنّك تراه قد يتبرّع عن الخصم بإقامة الحجّة، أو إفراغ مراداته في صياغات علميّة وبيانات رصينة تقصر عنها عباراته، أو إنّها لم تكن تخطر بباله أصلاً.

2ـ الموضوعية: فالصدر (قدس‏ سره) عندما يطرح مسألة علمية للبحث والنقاش يتّخذ مسبقاً موقفاً محايداً، ثمّ يبحث بروح الحياد، حتى ينتهي إلى نتيجة موضوعية ليس فيها شائبة الانحياز الذاتي إلى اتّجاه خاصّ، بل قد يردّ بعض الايرادات غير الدقيقة الموجّهة إلى نظريات خصومه.

ومن مظاهر الموضوعية هو طرح البديل، فما يمتاز به منهج النقد في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره) هو طرح البديل وإعطاء الإجابة الصحيحة في النقد السلبي ـ أي عندما تكون القضية المطروحة لا تمثّل الإجابة الصحيحة ـ من ذلك ما طرحه الشهيد من بديل في تفسير العلّة الحقيقية للوجود بكلّ ظواهره وتشكيلاته، بعد أن أثبت بطلان كون المادة هي المنبع والمحرّك لهذا الوجود. يقول الصدر (قدس‏ سره): « ولنلتفت ـ بعد كلّ ما سقناه من دلائل الوجدان على وجود القوّة الحكيمة الخلاّقة ـ إلى الفرضية المادية، لنعرف في ضؤ ذلك مدى سخفها وتفاهتها؛ فإنّ هذه الفرضية ـ حين تزعم أنّ الكون بما زخر به من أسرار النظام وبدائع الخلقة والتكوين قد أوجدته علّة لا تملك ذرّة من الحكمة والقصد ـ تفوق في سخفها وغرابتها آلاف المرات من يجد ديواناً ضخماً من أروع الشعر وأرقاه، أو كتاباً علمياً زاخراً بالأسرار والاكتشافات، فيزعم أنّ طفلاً كان يلعب بالقلم على الورق، فاتّفق أن ترتّبت الحروف فتكوّن منها ديوان شعر، أو كتاب علم:

{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أوَلم يكفِ بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد}»[13].

3ـ الأخلاقية: حيث الاتّزان المنطقي، وعدم التحامل على مخالفيه في الرأي بالسباب أو التوهين والتجريح، بل يحترم آراء الغير وإن كانت واهية وهزيلة.

4ـ الشجاعة الأدبية: فهو يصرّح بالحقيقة العلمية كما ظهرت في ميزان البحث العلمي، ولا يكتمها لخوف أو طمع أو أي اعتبار يريد مصادرة الحقيقة.

5ـ الرسالية: ففي كل أعماله ونشاطاته كان ينطلق (قدس‏ سره) من إحساسه بالمسؤولية تجاه رسالته، فكان يشخّص الحاجة والأولوية، ثمّ يتحرّك إمّا لسدّ خلّة أو لدرء خطر أو لدفع الرسالة خطوة إلى أمام، ففي كل دراساته وبحوثه النقدية أيضا تكمن وراءها منطلقات رسالية؛ فإنّ على الإنسان العارف تقع مسؤولية التصدّي للنقد البناء، سواء على مستوى نفسه أو غيره ـ الاُسرة، المجتمع، الدولة ـ العالم الإسلام، العالم غير الإسلامي، انطلاقاً من المسؤولية الإنسانية أو الشرعية في عملية التغيير والإصلاح؛ فإنّ القيام بمهمة النقد البنّاء يساهم في تطويق دائرة الفساد والانحراف من ناحية، ويعمل على نشر المفاهيم والمبادئ الخيرة والصالحة من ناحية اُخرى.

أدوات النقد في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره):

ونقصد بأدوات النقد: نوع الاستدلال الذي استخدمه الصدر (قدس‏ سره) في مناقشته لأفكار الآخرين، ولا بدّ في هذا الاستدلال أن يكون مقبولاً عند الغير ومقتنعاً به، كما أنّه ينبغي أن يكون حاسماً لا يقبل التأويل والمصادرة، ولعلّ أبرز هذه الأدوات هي:

1ـ العقل والوجدان: حيث الانطلاق من البديهيات العقلية والمسلّمات الوجدانية التي تذعن لها كلّ النفوس غير المعاندة، كما في استحالة اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما، وكما في احتياج الموجود الممكن إلى العلّة[14].

2ـ النصوص الإسلامية: ممّا ورد في القرآن الكريم والسنّة المطهّرة، وهذا النوع من الاستدلال إنّما يكون مقبولاً لدى الإسلاميّين. ومن الأمثلة في هذا المجال ما قدّمه الشهيد من تفسير للمشكلة الاقتصادية بالاستفادة من قوله تعالى: {وإن تعدّوا نعمة اللّه‏ لا تحصوها إنّ الإنسان لظلوم كفّار}[15]، حيث أوضح لنا بأنّ منشأ المشكلة الاقتصادية ليس هو قلّة الانتاج كما تدّعي الرأسمالية، ولا التناقض بين الانتاج والتوزيع كما تزعم الماركسية، وإنّما منشأ هذه المشكلة هو الإنسان بظلمه وكفرانه؛ ظلمه في حياته العملية، وكفرانه بالنعمة الإلهيّة[16].

3ـ العلوم المعاصرة: بما قدّمته من قضايا علمية ومسلّمات تجريبية، وهذا اللون من الاستدلال استخدمه الشهيد الصدر (قدس‏ سره) في مناقشاته مع المدارس والأنظمة التي اتّخذت من النتائج العلمية المختلفة منطلقاً لها في بناء أفكارها ونظرياتها، من ذلك مثلاً الجزء الذي لا يتجزأ، والتوالد الذاتي، حيث إنّ معطيات العلوم الحديثة أبطلت دعوى الجزء الذي لا يتجزأ بعد انشطار الذرّة والتعرّف على مكوّناتها من الألكترونات والبروتونات، والتي هي عبارة عن أمواج، كما أبطل (باستور) دعوى التوالد الذاتي، وأثبت بتجاربه العلمية أنّ الجراثيم والميكروبات التي تعيش في الماء كائنات عضوية مستقلّة، ترد إلى الماء من الخارج ثمّ تتوالد فيه[17].

نماذج من النقد في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره):

وفيما يأتي نستعرض توضيح جملة من جوانب النقد في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره):

1ـ النقد الذاتي: في النقد الذاتي يسلّط الإنسان الأضواء على أفكاره وطروحاته، لا سيّما إذا كان من أهل العلم، حيث يمارس المطالعة والتدريس والبحث، فإنّه قد تنكشف له مبانٍ وأفكار تختلف عمّا كان يتبنّاه. وأحياناً يكون منشأ النقد للذات هو شعور الإنسان بالحاجة إلى تنبيه الآخرين، أو تذكير نفسه لأخذ الحيطة والحذر فيما يقدّمه لمعتقداته وأفكاره.

وشهيدنا الصدر (قدس‏ سره) قد مارس النقد الذاتي بصورتيه: في تغيير بعض أفكاره وطروحاته، وفي إشعار نفسه والآخرين بالمسؤولية الشرعية؛ ومن أمثلة ذلك:

أ ـ فقد كان رأي الشهيد بأنّ شكل الحكم في زماننا « زمان الغيبة » هو الحكم الشوروي أو حكم الاُمّة؛ لأنّ شكل الحكم في الوقت الحاضر لم يعالج في نصّ خاصّ وإنّما عالجت النصوص زمان ما قبل الغيبة، فهو يقول: « ومن الواضح أنّ مسألة شكل الحكم في الوقت الحاضر لم تعالج في نصّ خاصّ على مذهبي الشيعة والسنّة معاً، والمصدر التشريعي لهذا الشكل من الحكم قوله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}.[18]

وبعد فترة عدل عن رأيه إلى النيابة العامّة للمجتهد المطلق العادل الكفؤ، حيث قال: « النيابة العامّة للمجتهد المطلق العادل الكفؤ عن الإمام وفقاً لقول إمام العصر: « وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا؛ فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة اللّه» [19].فإنّ هذا النصّ يدلّ على أنّهم المرجع في كلّ الحوادث الواقعة بالقدر الذي يتّصل بضمان تطبيق الشريعة على الحياة؛ لأنّ الرجوع إليهم بما هم رواة أحاديثهم وحملة الشريعة يعطيهم الولاية؛ بمعنى القيمومة على تطبيق الشريعة وحقّ الإشراف الكامل من هذه الزاوية»[20].

ب ـ نُقل أنّ أحد المقرّبين جاء إلى السيّد وأخبره أنّ في المدرسة الشبّرية ـ من المدارس الدينية ـ أحد الطلبة لم يذق طعاماً منذ يومين، فاعتلت على وجه السيّد الشهيد كآبة وارتعدت فرائصه، وقال: صحيح هذا في النجف من الطلبة من هو جائع لم يذق طعاماً منذ يومين وأنا شبعان؟! ماذا أقول للإمام الحجّة؟ ماذا اُجيب ربّي يوم القيامة؟ وعندها ناول هذا الشخص خمسة دنانير وأمره أن يحثّ الخطى وأن يعتذر إليه، وطلب منه أن يستغفر له لأنّه لم يكن على علم بحاله[21].

إنّ «الشهيد الصدر أوّل من أماط اللثام عن السبب الحقيقي وراء الانفصال بين القواعد الشعبية والقيادة الإسلامية، فلم يفسّره بخيانة هذه القواعد ـ وإن كانت تتحمّل جزءً من المسؤولية ـ بل عمد إلى الكشف عنه، وذلك في محاظراته التي ألقاها عن المحنة ومحاظراته التي ألقاها عن الدور التأريخي للمرجعية، فوجد أنّ الخطأ يكمن في طبيعة العلاقة بين القواعد الشعبية وقيادتها الإسلامية… وقرّر البحث عن وسائل جديدة تتناسب مع الظروف التي تعيشها هذه القواعد»[22].

2ـ نقد الآخرين: الإنسان في المنظور الإسلامي تقع عليه مسؤولية الإصلاح والتغيير بحكم الشريعة الإسلامية، حيث يقول الرسول (صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله ‏و سلم): «كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته»[23]، وذلك في مختلف ميادين الحياة، وعلى كلّ الأصعدة: الأفراد، الجماعات، المؤسّسات، الأفكار؛ من مصطلحات ونظريات ومفاهيم… إلخ، وبكلّ الوسائل والأدوات الشرعية. والنقد الاستدلالي هو أحد هذه الوسائل التي تُدرس فيها أفكار الآخرين وأعمالهم المتنوّعة، ويشخص الجيّد من الردي ء، فيعرف الآخرون سبل الهدى من الضلال، وتتجلّى للناس معالم الحقّ من الباطل.

وقد مارس شهيدنا الصدر (قدس‏ سره) هذا النوع من النقد بشكل واسع انطلاقاً من هذه المسؤولية الشرعية والوجدانية؛ ليوضّح للناس ـ كلّ الناس ـ الكلمة الطيّبة من الكلمة الخبيثة.

وإنّك لتجد الصدر (قدس‏ سره) يحلّل ويناقش مختلف القضايا التي اقتضت الحاجة طرحها على طاولة البحث، فيخرج منتصراً غانماً، وإليكم لقطات من جوانب هذا النقد كما ورد في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره):

أ ـ النقد العلمي: ويشمل مختلف العلوم التي تناولها الصدر (قدس‏ سره) بالبحث؛ كالفقه، اُصول الفقه، الاقتصاد، الفلسفة، التاريخ، التفسير… إلخ، وفي مختلف مفرداتها: المصطلحات، النظريات، المناهج… إلخ، نورد لبعضها جملة من الأمثلة:

1ـ نقد المصطلحات:

أً ـ فقد أورد نقده على خطأ تعريف الحكم الشرعي ـ القائل: «هو الخطاب الشرعي المتعلّق بأفعال المكلّفين»[24] ـ بقوله: « فإنّ الخطاب كاشف الحكم، والحكم هو مدلول الخطاب، أضف إلى ذلك أنّ الحكم الشرعي لا يتعلّق بأفعال المكلّفين دائماً، بل قد يتعلّق بذواتهم أو بأشياء اُخرى ترتبط بهم؛ لأنّ الهدف من الحكم الشرعي تنظيم حياة الإنسان، وهذا الهدف كما يحصل بخطاب متعلّق بأفعال المكلّفين كخطاب «صلّ» كذلك يحصل بخطاب متعلّق بذواتهم أو بأشياء اُخرى تدخل في حياتهم، من قبيل الأحكام والخطابات التي تنظّم علاقة الزوجية وتعتبر المرأة زوجة للرجل في ظلّ شروط معيّنة»[25]

ثمّ يطرح بعد ذلك التعريف الصحيح، فيقول:

«الحكم الشرعي: هو التشريع الصادر من اللّه‏ تعالى لتنظيم حياة الإنسان، والخطابات الشرعية في الكتاب والسنّة مبرزة للحكم الشرعي وكاشفة عنه، وليست هي الحكم الشرعي نفسه»[26]

بً ـ نقده لتفسير الحقيقة الذي قدّمه (وليم جيمس) في مذهبه الجديد في المعرفة الإنسانية «البراجماتزم» أو مذهب الذرائع، حيث يعرّف الحقيقة: «مقدرة الفكرة المعيّنة على إنجاز أغراض الإنسان في حياته العملية، فإن تضاربت الآراء وتعارضت كان أحقّها وأصدقها هو أنفعها وأجداها»[27]يقول الشهيد الصدر (قدس‏ سره) في نقد هذا التعريف: «إنّ من حقّنا التساؤل عن هذه المنفعة العملية التي اعتُبرت مقياساً للحقّ والباطل في «البراجماتزم»، أهي منفعة الفرد الخاصّ الذي يفكّر؟ أو منفعة الجماعة؟ ومن هي هذه الجماعة؟ وما هي حدودها؟ وهل يقصد بها النوع الإنساني بصورة عامّة أو جزء خاصّ منه؟ فالمنفعة الشخصية إذا كانت هي المعيار الصحيح للحقيقة وجب أن تختلف الحقائق باختلاف مصالح الأفراد، فتحدث بسبب ذلك فوضى اجتماعية مريعة حين يختار كلّ فرد حقائقه الخاصّة دون أي اعتناء بحقائق الآخرين المنبثقة عن مصالحهم، وفي هذه الفوضى ضرر خطير عليهم جميعاً. وأمّا إذا كانت المنفعة الإنسانية العامّة هي المقياس فسوف يبقى هذا المقياس معلّقاً في عدّة من البحوث والمجالات؛ لتضارب المصالح البشرية واختلافها في كثير من الأحايين، بل لا يمكن البتّ حينئذٍ بحقيقة مهما كانت ما لم تمرّ بتجربة اجتماعية طويلة الأمد، ومعنى هذا أنّ (جيمس) نفسه لا يمكنه أن يعتبر مذهبه «البراجماتزم» صحيحاً ما لم يمرّ بهذه التجربة، ويثبت جدارته في الحياة العملية، وهكذا يوقف المذهب نفسه»[28].

ثمّ يقدّم الصدر (قدس‏ سره) تعريفاً صحيحاً فيقول:

«الحقيقة: هي الفكرة المطابقة لذلك الواقع، والمماثلة له، فالمقياس الفاصل بين الحقّ والباطل وبين الحقيقة والخطأ هو مطابقة الفكرة للواقع»[29].

2ـ نقد النظريات والقواعد والقوانين: تعرّض الشهيد الصدر (قدس‏ سره) لعدد من النظريات والقواعد والقوانين بالبحث والتحليل موضّحاً لنا جوانب الضعف والقوّة والفساد أو الصحّة، وقد جاءت هذه النظريات بشكل طبيعي في بحوثه المتنوّعة، نذكر من هذه النظريات والقواعد:

أً ـ قاعدة «التجربة هي المقياس الأساسي لتمييز الحقيقة»[30]، يقول (قدس‏ سره): « إنّ المذهب التجريبي يقول: بأنّ التجربة هي المصدر الأوّل لجميع المعارف البشرية، ويستند في ذلك إلى أنّ الإنسان حين يكون مجرّداً عن التجارب بمختلف ألوانها لا يعرف أيّة حقيقة من الحقائق مهما كانت واضحة؛ ولذا يولد الإنسان خالياً من كلّ معرفة فطرية، ويبدأ وعيه وإدراكه بابتداء حياته العملية، ويتّسع علمه كلّما اتّسعت تجاربه، وتتنوّع معارفه كلّما تنوّعت تلك التجارب، فالتجريبيّون لا يعترفون بمعارف عقلية ضرورية سابقة على التجربة، ويعتبرون التجربة الأساس الوحيد للحكم الصحيح، والمقياس العام في كلّ مجال من المجالات»[31].

وقد ناقش شهيدنا الصدر (قدس‏ سره) هذه القاعدة، وأورد عليها عدّة نقود، نذكر منها:

«الأوّل: إنّ القاعدة المذكورة التي هي ركيزة المذهب التجريبي إن كانت خطأً سقط المذهب التجريبي بانهيار قاعدته الرئيسية، وإن كانت صواباً صحّ لنا أن نتساءل عن السبب الذي جعل التجريبيين يؤمنون بصواب هذه القاعدة، فإن كانوا قد تأكّدوا من صوابها بلا تجربة فهذا يعني أنّها قضية بديهية، وأنّ الإنسان يملك حقائق وراء عالم التجربة، وإن كانوا قد تأكّدوا من صوابها بتجربة سابقة فهو أمر مستحيل؛ لأنّ التجربة لا تؤكّد قيمة نفسها»[32].

«الثالث: إنّ الفكر لو كان محبوساً في حدود التجربة ولم يكن يملك معارف مستقلّة عنها لما اُتيح له أن يحكم باستحالة شيء من الأشياء مطلقاً؛ لأنّ الاستحالة بمعنى عدم إمكان وجود الشيء ليس ممّا يدخل في نطاق التجربة، ولا يمكن للتجربة أن تكشف عنه، وقصارى ما يتاح للتجربة أن تدلّل عليه هو عدم وجود أشياء معيّنة، ولكن عدم وجود شيء لا يعني استحالته»[33].

بً ـ قاعدة «قبح العقاب بلا بيان»: وهي القاعدة التي يقول بها كثير من الاُصوليّين، وتعني: أنّ المكلّف لا يكون مسؤولاً عن التكاليف المشكوكة ولو احتمل أهمّيتها بدرجة كبيرة. ويرى هؤلاء الأعلام أنّ العقل هو الذي يحكم بنفي المسؤولية؛ لأنّه يدرك قبح العقاب من المولى على مخالفة المكلف للتكليف الذي لم يصل إليه، وما دام المكلّف مأموناً من العقاب فهو غير مسؤول، ولا يجب عليه الاحتياط… ويُستشهد لذلك بما استقرّت عليه سيرة العقلاء من عدم إدانة الموالي للمكلّفين في حالات الشكّ وعدم قيام الدليل، فإنّ هذا يدلّ على قبح العقاب بلا بيان في نظر العقلاء»[34].

ويناقش الشهيد الصدر (قدس‏ سره) هذه القاعدة بقوله:

«ولكي ندرك أنّ العقل هل يحكم بقبح معاقبة اللّه‏ تعالى للمكلّف على مخالفة التكليف المشكوك أو لا، يجب أن نعرف حدود حقّ الطاعة الثابت للّه‏ تعالى، فإذا كان هذا الحقّ يشمل التكاليف المشكوكة التي يحتمل المكلّف أهمّيتها بدرجة كبيرة ـ كما عرفنا ـ فلا يكون عقاب اللّه‏ للمكلّف إذا خالفها قبيحاً؛ لأنّه بمخالفتها يفرّط في حقّ مولاه فيستحقّ العقاب. وأمّا ما استشهد به من سيرة العقلاء فلا دلالة له في المقام؛ لأنّه إنّما يثبت أنّ حقّ الطاعة في الموالي العرفيّين يختصّ بالتكاليف المعلومة، وهذا لا يستلزم أن يكون حقّ الطاعة للّه‏ تعالى كذلك أيضاً؛ إذ أي محذور في التفكيك بين الحقّين والالتزام بأنّ أحدهما أوسع من الآخر؟!»[35].

جً ـ نظرية القيمة أساس العمل: وهي نظرية في الاقتصاد اعتمدها (ماركس) في مجال تحليل القيمة التبادلية، ومفادها: « إنّ العمل البشري هو جوهر القيمة التبادلية، فالقيمة التبادلية لكلّ منتوج إنساني تقدّر على أساس كمية العمل المتجسّد فيه، وتتفاوت قيم الأشياء بتفاوت العمل المهراق فيها، فقيمة السلعة التي يتطلّب إنتاجها ساعة واحدة من العمل تساوي نصف قيمة السعلة التي ينفق عليها في العادة ساعتان من العمل»[36].

وقد تناول الصدر (قدس‏ سره) هذه النظرية بالتحليل والدراسة الوافية، وأورد عليها النقود المنطقية والوجدانية، نذكر منها:

«وظاهرة اُخرى لا تستطيع الماركسية أن تفسّرها على ضؤ قانونها الخاصّ في القيمة بالرغم من وجودها في كلّ مجتمع، وهي: انخفاض القيمة التبادلية للسلعة تبعاً لانخفاض الرغبة الاجتماعية فيها، فكلّ سلعة إذا تضاءلت الرغبة فيها ولم يعد المجتمع يؤمن بمنفعة مهمّة لها تفقد بسبب ذلك جزءً من قيمتها التبادلية… بالرغم من احتفاظها بنفس الكمية من العمل الاجتماعي، وبقاء ظروف إنتاجها كما هي دون تغيير»[37].

3ـ نقد المناهج: والمنهج: «هو الطريقة المتّبعة في البحث»، وبعبارة اُخرى: هو «مجموعة من القواعد العامّة يعتمدها الباحث في تنظيم ما لديه من أفكار ومعلومات؛ من أجل أن توصله إلى النتيجة المطلوبة»[38]

وقد عالج شهيدنا الصدر (قدس‏ سره) بالنقد والتحليل ظاهرة غياب أو ضعف المنهج في الدراسة الحوزوية، موضّحاً لنا الثغرات وما ينبغي اتّخاذه من خطوات مراعاة للزمن وحاجة العصر، فطرح المنهجية المناسبة للمادة الدراسية وللدارس، ولاحتياجات الاُمّة والرسالة، وفي أبواب متعدّدة؛ كالتفسير، والعقائد، والسيرة، واُصول الفقه، والفقه، وغيرها، نذكر لكم هذا المثال من الفقه ـ الرسالة العملية ـ حيث يقول الصدر (قدس‏ سره):

«وقد كانت الرسالة العملية التي يكتبها المجتهدون لمقلّديهم هي الأساس لتعرف المقلّدين على فتاوى من يقلّدون، وبالتالي على ما يحتاجون إليه من الأحكام الشرعية، وقد قامت الرسائل العملية بدور مهم وجليل في هذا المجال، ولكن على الرغم ممّا تمتاز به عادة من الدقّة في التعبير والإيجاز في العبارة توجد فيها على الأغلب ملاحظتان تستدعيان التغيير والتطوير:

الاُولى: إنّ هذه الرسائل تخلو غالباً من المنهجية الفنّية في تقسيم الأحكام وعرضها وتصنيف المسائل الفقهية على الأبواب المختلفة…

الثانية: إنّ الرسائل العملية لم تعدّ تدريجاً بوضعها التاريخي المألوف كافية لأداء مهمّتها؛ بسبب تطوّر اللغة والحياة، والأحكام الشرعية بصيغتها العامّة وإن كانت ثابتة ولكن أساليب التعبير تختلف وتتطوّر من عصر إلى عصر آخر، ووقائع الحياة تتجدّد وتتغيّر، وهذا التطوّر الشامل في مناهج التغيير ووقائع الحياة يفرض وجوده على الرسائل العملية بشكل وآخر»[39].

ب ـ النقد السياسي: السياسة في الإسلام تعني رعاية شؤون الاُمّة وفق أحكام الإسلام، وبعبارة اُخرى: قيادة الاُمّة والعمل على إصلاحها. وعملية الإصلاح هذه تتمّ من خلال التقويم المستمرّ للاُمّة لتشخيص عوامل النهوض والكمال من عوامل الضعف والسقوط، فيؤخذ بعوامل النهوض ويحثّ عليها، ويُعمل على معالجة أو تجنّب عوامل الضعف والانحطاط، كما قال إمامنا الحسين (عليه ‏السلام): «وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي»[40]

وفي مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره) تتجلّى لنا ظاهرة النقد السياسي وعلى مختلف الأصعدة، حيث نجده يسلّط الأضواء على الجوانب الإيجابية ويدعو إلى تعميقها والالتزام بها، كما يسلّط الأضواء على الجوانب السلبية ويحذّر من مغبّة السكوت عنها، ناهيك من الركون إليها أو الاستسلام لها، وإليكم توضيح ذلك:

1ـ النقد في الوسط غير الإسلامي: ومن مفرداته:

أً ـ نقد الأنظمة السياسية: فقد ناقش الصدر (قدس‏ سره) أفكار وقواعد الأنظمة السياسية التي تحكم العالم «النظام الديمقراطي الرأسمالي، النظام الاشتراكي، النظام الشيوعي»، وأظهر مآسيها وعجزها عن رسم النظام الصالح للإنسان، من ذلك نذكر نقده للنظام الرأسمالي، حيث يقول (قدس‏ سره): «وإذا أردنا أن نستعرض الحلقات المتسلسلة من المآسي الاجتماعية التي انبثقت عن هذا النظام (الرأسمالي) المرتجل لا على أساس فلسفي مدروس، فسوف يضيق المجال… فأوّل تلك الحلقات: تحكّم الأكثرية في الأقلّية ومصالحها ومسائلها الحيوية، فإنّ الحرية السياسية كانت تعني أنّ وضع النظام والقوانين وتمشيها من حقّ الأكثرية، ولنتصور أنّ الفئة التي تمثّل الأكثرية في الاُمّة ملكت زمان الحكم والتشريع وهي تحمل العقلية الديمقراطية الرأسمالية، وهي عقليّة مادّية خالصة في اتّجاهها ونزعتها وأهدافها وأهوائها، فماذا يكون مصير الفئة الاُخرى؟ أو ماذا ترتقب للأقليّة من حياة في ظلّ قوانين تشرّع لحساب الأكثرية ولحفظ مصالحها؟ وهل يكون من الغريب حينئذٍ إذا شّرعت الأكثرية القوانين على ضؤ مصالحها خاصّة وأهملت مصالح الأقلّية واتّجهت إلى تحقيق رغباتها اتّجاهاً مجحفا بحقوق الآخرين؟ فمن الذي يحفظ لهذه الأقلية كيانها الحيوي ويذبّ عن وجهها المظلم ما دامت المصلحة الشخصية هي مسألة كلّ فرد، وما دامت الأكثرية لا تعرف للقيم الروحية والمعنوية مفهوماً في عقليتها الاجتماعية؟ وبطبيعة الحال، إنّ التحكّم سوف يبقى في ظلّ النظام كما كان في السابق، وإنّ مظاهر الاستغلال والاستهتار بحقوق الآخرين ومصالحهم ستحفظ في الجوّ الاجتماعي لهذا النظام كحالها في الأجواء الاجتماعية القديمة، غاية ما في الموضوع من فرق: أنّ الاستهتار بالكرامة الإنسانية كان من قِبل فرد باُمّة، وأصبح في هذا النظام من الفئات التي تمثّل الأكثريات بالنسبة إلى الأقلّيات التي تشكّل بمجموعها عدداً هائلاً من البشر»[41]

بً ـ نقد الاستعمار: والاستعمار يعني الاستغلال والاستعباد للشعوب وبمختلف الأساليب، منها الغزو الفكري، والغزو العسكري. وللاستعمار دول وأحزاب ومؤسّسات وعملاء يعملون هنا وهناك لا سيّما ضدّ الإسلام؛ لأنّه يقف أمام مقاصدهم الشيطانية، ويكشف خططهم وأساليبهم العداونية، وقد كشف شهيدنا الصدر (قدس‏ سره) القناع عن طبيعة الاستعمار وأذنابه محذّراً الاُمّة الإسلامية من كيده وخطواته، يقول (قدس‏ سره):

«فقد استعمل الغزاة الآثمون كلّ الطرق والأساليب للقضاء على وعي الإسلام من ذهن الاُمّة، وحجب أضوائه وأنواره عنها بما نثروه هنا وهناك من مفاهيمهم وأفكارهم وتشويهاتهم للإسلام المشرق العظيم»[42].

ويقول مخاطباً النساء في زيارته: «… وتحمل بيدها الاُخرى العلم والثقافة، لكن لا هذه الثقافة التي أرادها المستعمرون لنا منذ أن دخل المستعمرون عالمنا الإسلامي قبل ستّين سنة. أرادوا أن يقنعوا شبابنا وشاباتنا بأنّ الثقافة عبارة عن لون من المجون، عبارة عن ألوان السفور والاختلاط، عبارة عن السعي وراء الشهوات والنزوات، عبارة عن الابتعاد عن المسجد وعن الإسلام وعن المرجع وعن الصلاة. قالوا لشبابنا وشاباتنا: بأنّ الإنسان التقدّمي والإنسانة التقدّمية المثقّفة هي من تقطع صلتها بهذه الاُمور، وتنغمس إلى رأسها في الشهوات والملذّات»[43].

جـً ـ نقد السلطة الحاكمة: والسلطة الحاكمة في العراق تتمثّل بقيادة صدام، وهو شخص إرهابي حاقد على الإسلام، وربيب للدوائر الاستعمارية، كما تتمثّل بجهاز مخابرات ليس لديه دين ولا ضمير، وبحزب قائم على أساس من التضليل أو الطمع أو الخوف، وهو أداة بيد الحاكم.

وقد عانى الشعب العراقي من هذه السلطة اللاإنسانية مختلف الويلات والمآسي، كالتهجير، والسجن، والإعدام، وسحق الكرامة، وغيرها، كلّ ذلك بمرأى ومسمع من الشهيد الصدر (قدس‏ سره)، ولذا شمّر الشهيد الصدر (قدس‏ سره) عن ساعديه للقيام بمسؤوليّته في الدفاع عن حقوق الاُمّة، وسدّد نقوده الصائبة التي كانت بمثابة البراكين لزلزلة دعائم السلطة الغاشمة، نذكر من هذه النقود:

تشخيصه لطبيعة صدام: يقول الشيخ النعماني: «وقد سمعته كراراً يردّد هذا التشخيص ويقول: ما دام هذا الشخص في الحكم لا يمكننا عمل شيء، بل إذا سكتنا عنه فسوف يحطّم ويهدم الكيان الإسلامي في العراق»[44]

وفضحه لممارسات المسؤولين من أفراد المخابرات والحزب: حيث يقول مخاطباً الشعب العراقي في محنته:

«ألا ترون يا أولادي وإخواني أنّهم أسقطوا الشعائر الدينية التي دافع عنها عليّ وعمر معاً!

ألا ترون أنّهم ملأوا البلاد بالخمور وحقول الخنازير وكلّ وسائل المجون والفساد التي حاربها عليّ (عليه ‏السلام) وعمر!

ألا ترون أنّهم يمارسون أشدّ ألوان الظلم والطغيان تجاه كلّ فئات الشعب، ويزدادون يوماً بعد يوم حقداً على الشعب وتفنّناً في امتهان كرامته والانفصال عنه والاعتصام ضده في مقاصيرهم المحاطة بقوى الأمن والمخابرات، بينما كان عليّ وعمر يعيشان مع الناس وللناس وفي وسط الناس ومع آلامهم وآمالهم!

ألا ترون إلى احتكار هؤلاء للسلطة احتكاراً عشائرياً يسبغون عليه طابع الحزب زوراً وبهتاناً!»[45].

2ـ النقد في الوسط الإسلامي: ومن مفرداته:

أً ـ نقد القيادة: والقيادة للاُمّة الإسلامية في عصرنا تتمثّل بالمرجعية الصالحة، وقد ناقش فيها الصدر (قدس‏ سره) من ناحيتين.

الناحية الاُولى: تشخيص المصداق الخارجي لهذه القيادة، ودعوة الاُمّة للذوبان في قيادته؛ لأنّه أعطى وجوده للإسلام، كما حصل بالنسبة لقيادة المرجع آية اللّه‏ السيد الخميني (قدس‏ سره)، حيث كان فقيهاً، عادلاً، كفوءً، جسّد الإسلام العظيم في كلّ أبعاده، يقول الصدر (قدس‏ سره): «ويجب أن يكون واضحاً أيضاً: أنّ مرجعية السيّد الخميني ـ التي جسّدت آمال الإسلام في إيران اليوم ـ لابدّ من الالتفاف حولها، والإخلاص لها، وحماية مصالحها، والذوبان في وجودها العظيم بقدر ذوبانها في هدفها العظيم، وليست المرجعية الصالحة شخصاً وإنّما هي هدف وطريق، وكلّ مرجعية حقّقت ذلك الهدف والطريق فهي المرجعية التي يجب العمل لها بكلّ إخلاص»[46].

الناحية الثانية: الدعوة إلى المرجعية الموضوعية (الصالحة)، في مقابل المرجعية الذاتية؛ لأنّ المرجعية الذاتية محدودة في مشروعها وحياتها، بينما المرجعية الموضوعية تتّسم بسمة الاستمرار والبرمجة. يقول الشهيد الصدر (قدس‏ سره): «إنّ أهمّ ما يميز المرجعية الصالحة تبنّيها للأهداف الحقيقية التي يجب أن تسير المرجعية في سبيل تحقيقها لخدمة الإسلام، وامتلاكها صورة واضحة محدّدة لهذه الأهداف، فهي مرجعية هادفة بوضوح ووعي، تتصرّف دائماً على أساس تلك الأهداف، بدلاً من أن تمارس تصرّفات عشوائية وروح تجزيئية، وبدافع من ضغط الحاجات الجزئية المتجدّدة.

وعلى هذا الأساس كان المرجع الصالح قادراً على عطاء جديد في خدمة الإسلام، وإيجاد تغيير أفضل لصالح الإسلام في كلّ الأوضاع التي يمتدّ إليها تأثيره ونفوذه»[47]

بً ـ نقد الاُمّة الإسلامية: من ذلك نذكر:

تسليط الأضواء على جانب القوّة في الاُمّة الإسلامية وشدّها بهذا الجانب لخدمة الإسلام: لقد رأى السيّد الصدر (قدس‏ سره) أنّ الجماهير وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها السلطة لمسخ هويّتها وإرادتها وكرامتها لا زالت حيّة تستجيب لنداء الحقّ، متى ما وجدت القيادة الرشيدة والواعية.

يقول الشيخ النعماني: «وقد سمعته يقول: من كان يظنّ أنّ الجماهير ستستجيب إلى هذا الحدّ، وتتوافد إلى النجف تطلب منّي أن أبقى معها، أو تعلن عن بيعتها على الموت في سبيل اللّه‏ تعالى في مثل هذه الظروف الأمنية القاسية؟! إنّ هؤلاء جميعاً يعلمون أنّ ثمن مجيئهم الإعدام أو السجن على أحسن التقادير، ومع ذلك فقد تحدّوا الموت وجاءوا، إنّ هذا هو النصر المبين»[48]

كشف جانب الضعف لدى الاُمّة الإسلامية ودعوتها إلى معالجته حتى تستطيع النهوض إلى المستوى المطلوب؛ يقول الشهيد الصدر (قدس‏ سره):

«إنّ الشرط الأساسي لنهضة الاُمّة ـ أي اُمّة كانت ـ أن يتوفّر لديها المبدأ الصالح الذي يحدّد لها أهدافها وغاياتها، ويضع لها مثلّها العليا، ويرسم اتّجاهها في الحياة، فتسير في ضوئه واثقة من رسالتها، مطمئنة إلى طريقها، متطلّعة إلى ما تستهدفه من مُثل وغايات، مستوحية من المبدأ وجودها الفكري وكيانها الروحي. ونحن نعني بتوفر المبدأ الصالح في الاُمّة وجود المبدأ الصحيح أوّلاً، وفهم الاُمّة له ثانياً، وإيمانها به ثالثاً، فإذا استجمعت الاُمّة هذه العناصر الثلاثة فكان لديها مبدأ صحيح تفهمه وتؤمن به أصبح بإمكانها أن تحقّق لنفسها نهضة حقيقية، وأن توجد التغيير الشامل الكامل في حياتها على أساس ذلك المبدأ، فما كان اللّه‏ ليغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم، كما دلّ على ذلك التنزيل الحكيم.

واُمّتنا الإسلامية الكريمة لا تفقد في الحقيقة من عناصر الشرط الأساسي لنهضتها البناءة إلاّ واحداً منها، فالمبدأ موجود لديها متمثّل في دينها الإسلامي العظيم الذي لا يزال وسيبقى أبد الدهر أقوى ما يكون على تحمّل أعباء القيادة المبدئية، وتوجيه الاُمّة وجهتها المثلى، والارتفاع بها من نكستها إلى مركزها الوسطي من اُمم الأرض جميعاً كما شاء اللّه‏ لها. والاُمّة الإسلامية كلّها مجمعة على الإيمان بهذا المبدأ وتقديسه ديناً وعقيدة، غير أنّ هذا الإيمان ضعيف في الغالب ومحدود لدى كثير من الأشخاص، وأكبر سبب في ذلك عدم امتلاك الاُمّة ـ بصورة غالبية ـ العنصر الثالث، وهو فهم المبدأ، فالاُمّة تؤمن بالمبدأ الإسلامي إيماناً إجماعياً ولكنّها لا تفهمه فهماً إجماعياً، وهذا هو التناقض الذي قد يبدو غريباً لأوّل وهلة؛ فكيف تؤمن الاُمّة بالمبدأ وتدين له بالولاء وهي لا تفهمه حقّ الفهم ولا تعرف من مفاهيمه وأحكامه وحقائقه إلاّ نزراً يسيراً؟! ولكن هذا هو الواقع الذي تعيشه الاُمّة…»[49]

3ـ النقد الافتراضي: فيما تقدّم كنّا نتحدّث عن صور للنقد على نحو القضية الفعلية، وهناك لون آخر من النقد يمكن أن نطلق عليه النقد الافتراضي أو التقديري، ونعني به: محاسبة النفس أو الغير في قضايا لو قُدّر لها ان تقع فإنّ على المرء أن يوطّن نفسه لما تقتضيه المصلحة الشرعية التي قد لا يجزم الإنسان بمراعاتها نتيجة لسبب وآخر.

ولهذا النقد في مدرسة الشهيد الصدر (قدس‏ سره) شواهد عديدة نذكر منها:

أ ـ النقد الافتراضي على مستوى الذات: يقول الشهيد الصدر (قدس‏ سره):

«أنا ـ حينما مرّ بالعراق المدّ الأحمر الشيوعي ـ كنت ألف مرّة ومرّة امتحن نفسي، اُوجه إلى نفسي هذا السؤال: إنّي أنا الآن أشعر بألم شديد لأنّ العراق مهدّد بخطر الشيوعية، لكن هل إنّي سوف أشعر بنفس هذا الألم وبنفس هذه الدرجة لو أنّ هذا الخطر وُجّه إلى إيران بدلاً عن العراق، لو وُجّه إلى باكستان بدلاً عن العراق وإيران، لو وُجّه إلى أي بلد آخر من بلاد المسلمين الكبرى بدلاً عن هذه البلاد، هل سوف أشعر بنفس الألم أو لا أشعر بنفس الألم؟ اُوجّه هذا السؤال إلى نفسي حتى أمتحن نفسي؛ لأرى أنّ هذا الألم الذي أعيشه لأجل تغلغل الشيوعية في العراق هل هو لأجل خبز سوف ينقطع عنّي؟! أو لمقام شخصي سوف يتهدّم؟! أو لكيان سوف يضيع؟! لأنّ مصالحي الشخصية مرتبطة بالإسلام إلى حدٍ ما، فهل إنّ ألمي لأجل أنّ هذه المصالح الشخصية أصبحت في خطر؟ إذا كان هكذا إذن فسوف يكون ألمي جرّاء المدّ الشيوعي في العراق أشدّ من ألمي له في إيران أو في باكستان، وأمّا إذا كان ألمي للّه‏ تعالى، إذا كان ألمي لأنّي اُريد أن يعبد اللّه‏ في الأرض واُريد أن لا يخرج الناس من دين اللّه‏ أفواجاً، فحينئذٍ سوف ارتفع عن حدود العراق وإيران وباكستان، سوف أعيش لمصالح الإسلام، سوف أتفاعل مع الأخطار التي تهدّد الإسلام بدرجة واحدة، دون فرق بين العراق وإيران وباكستان وبين أيٍّ من أرجاء العالم الإسلامي الاُخرى!»[50].

ب ـ النقد الافتراضي على مستوى الغير: نقتطع لكم هذا المقطع من حديث له مع تلامذته عن حبّ الدنيا، حيث يقول (قدس‏ سره):

« يا أولادي، يا إخواني، يا أعزائي، يا أبناء عليّ، هل عُرضت علينا دنيا هارون الرشيد؟ لا، عرض علينا دنيا هزيلة، محدودة، ضئيلة، دنيا ما أسرع ما تتفتّت! ما أسرع ما تزول! دنيا لا يستطيع الإنسان أن يتمدد فيها كما كان يتمدد هارون الرشيد، هارون الذي يلتفت إلى السحابة يقول لها أينما تمطرين يأتيني خراجك، في سبيل هذه الدنيا سجن موسى بن جعفر (عليه ‏السلام)! هل جرّبنا أنّ هذه الدنيا تأتي بيدنا ثمّ لا نسجن موسى بن جعفر (عليه ‏السلام)؟! طرحنا هذا السؤال على أنفسنا؟ كلّ واحد منّا يطرح هذا السؤال على نفسه بينه وبين اللّه‏. إنّ هذه الدنيا دنيا هارون الرشيد كلّفته أن يسجن موسى بن جعفر، هل وضعت هذه الدنيا أمامنا لكي نفكّر بأنّنا أتقى من هارون؟! ما هي دنيانا؟ هي مسخ من الدنيا، هي أوهام من الدنيا، ليس فيها حقيقة إلاّ حقيقة رضوان اللّه‏، كلّ طالب علم حاله حالة عليّ بن أبي طالب، إذا كان يعمل للدنيا فهو أتعس إنسان؛ لأنّه سوف يخسر الدنيا والآخرة، لا دنيا الطلبة دنيا، ولا الآخرة يحصل عليها، فليكن همّنا أن نعمل للآخرة، أن نعيش في قلوبنا حبّ اللّه‏ سبحانه بدلاً عن حبّ الدنيا»[51]

السيّد عبد الحسن النفّاخ

مجلّة فقه أهل البيت (ع) / 20

[1] المعجم الوسيط ( لجنة التأليف ): 944.

[2] الصحاح في اللغة والعلوم ( نديم مرعشلي واُسامة مرعشلي ) 2:600.

[3] اُصول البحث ( د. عبدالهادي الفضلي ):198.

[4] الإسلام والفنّ ( د. محمود البستاني ): 61.

[5] انظر: في رحاب نهج البلاغة ( الشهيد المطهري ): 121.

[6] معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية (د.أحمد زكي بدوي): 32.

[7] انظر: الاُسس المنطقية للاستقراء، بحث وتحقيق (يحيى محمّد):26ـ27.

[8] النحل:125.

[9] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 151و197.

[10] انظر: فلسفتنا، السيد محمّد باقر الصدر: 328ـ 330، بتصرّف.

[11] المصدر السابق: 115، 190، 290، 292. المصدر السابق: 115، 190، 290،292.

[12] انظر: مباحث الدليل اللفظي ( آية اللّه‏ السيّد محمود الهاشمي ) 1: 8 ـ 11. اُصول البحث: 239ـ 243. دروس في علم الاُصول / المقدّمة ( السيّد محمّدباقر الصدر (قدس‏ سره) ) 1: 50ـ 54.

[13] فلسفتنا ( السيّد محمّدباقر الصدر ): 317، والآية من سورة فصلت: 53.

[14] انظر: فلسفتنا ( السيّد محمّد باقر الصدر ): 233، 274ـ276.

[15] إبراهيم: 34.

[16] انظر: اقتصادنا ( السيّد محمّدباقر الصدر ): 332.

[17] انظر: فلسفتنا (السيّد محمّد باقر الصدر): 303ـ 304، 310.

[18] الإمام السيّد الشهيد محمّدباقر الصدر دراسة في سيرته ومنهجه ( محمّد الحسيني): 350، والآية من سورة الشورى: 38.

[19] الوسائل 27: 140.

[20] الإسلام يقود الحياة ( الشهيد الصدر (قدس‏ سره) ) 1: 16.

[21] الإمام السيّد الشهيد محمّدباقر الصدر دراسة في سيرته ومنهجه ( محمّد الحسيني ): 80.

[22] المصدر السابق: 85.

[23] صحيح البخاري 8:104.

[24] دروس في علم الاُصول، الحلقة الاُولى ( السيّد محمّدباقر الصدر ): 104.

[25] المصدر السابق: 104ـ 105.

[26] المصدر السابق: 104.

[27] فلسفتنا (السيّد محمّدباقر الصدر): 164.

[28] المصدر السابق: 165.

[29] المصدر السابق: 163.

[30] المصدر السابق: 68.

[31] المصدر السابق: 66ـ 67.

[32] المصدر السابق: 68ـ 69.

[33] المصدر السابق: 69.

[34] دروس في علم الاُصول، الحلقة الاُولى (السيّد محمّدباقر الصدر): 324ـ 325.

[35] المصدر السابق: 325.

[36] اقتصادنا (السيّد محمّدباقر الصدر):180ـ 181.

[37] المصدر السابق: 191.

[38] اُصول البحث (د. عبدالهادي الفضلي): 51.

[39] الفتاوى الواضحة (السيّد محمّدباقر الصدر): 94ـ 96.

[40] مقتل الحسين (عليه ‏السلام) (عبدالرزّاق المقرّم): 156.

[41] فلسفتنا (السيّد محمّدباقر الصدر): 20ـ 21.

[42] رسالتنا (السيّد محمّدباقر الصدر): 23ـ 24.

[43] سنوات المحنة وأيّام الحصار (الشيخ محمّدرضا النعماني): 270ـ271.

[44] المصدر السابق: 193.

[45] مباحث الاُصول، القسم الثاني (السيّد كاظم الحائري):152.

[46] المصدر السابق:146.

[47] سنوات المحنة وأيّام الحصار (الشيخ محمّدرضا النعماني):165ـ 166.

[48] المصدر السابق: 273.

[49] رسالتنا (السيّد محمّدباقر الصدر): 21ـ 23.

[50] سنوات المحنة وأيّام الحصار (الشيخ محمّدرضا النعماني): 28ـ 29.

[51] حديث الروح (السيّد محمّدباقر الصدر): 169ـ170.