محمد باقر الصدر .. السيرةُ والمسيرة

إطلالة على مدرسة الشهيد الصدر الفلسفية

مقدّمة

قد يتصوّر البعض أنّ مهمة المورِّخ سهلة ويسيرة، ولا سيّما إذا كان لشخصية قريبةٍ ومعاصرة، لسهولة جمع المادة التأريخيّة من مصادرها الأوّليّة والثانوية، وما على الباحث إلاّ أن يقرأ ويطّلع ويستوعب وينتقي المعلومات والحقائق من مصادرها المتوفرة لديه، وما أكثرها!

بَيْدَ أنّ هذه نظرة ساذجة للبحث التأريخي ولعمل المؤرّخ؛ لأنّ المسألة ليست مسألة جمع وانتقاء للمعلومات فحسب، بل هي عملية معقّدة لا يدرك تعقيدها إلاّ الباحثون الذين مارسوا البحث التأريخي العلمي.

إن على المؤرخ أن يبحث ـ أولاً ـ عن المعلومات في مظانها ومصادرها، وأن ينتقي الأدق منها والأقرب إلى الحقيقة والواقع، وطبيعة الأشياء؛ لأنَّ فيها العديد من الاختلاف والتعارض. ثمّ تأتي مرحلة دراسة المادة وتنسيقها وتبويبها، والتمييز فيما بينها، وتنقيتها، وفحصها، ودراستها دراسة وافية فاحصة، لتأتي أخيراً مرحلة الكتابة وصياغة المعلومات والأحداث والوقائع، وما تتطلبه من مهارة ودقّة وفن، وصدق وموضوعية وأمانة علمية، لتطرح الآراء والأقوال المخلتفة، والاتجاهات المتباينة، بتجرّد وحيادية.

كتاب (محمد باقر الصدرالسيرة والمسيرة)

أوّل موسوعة بهذا الحجم، تؤرّخ للمرجع الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره)، بخمسة مجلّدات وبـ (2825) صفحة، اتّبعت المنهج التجزيئي الحولي الترتيبي، وفقاً لمراحل المرجع العمريّة منذ الولادة (1935م) وحتى الشهادة (1980م). والكتاب من إصدار مؤسسة العارف للمطبوعات، بيروت، سنة 2006م/1427هـ .

جاء (الكتاب ـ الموسوعة) بأجزائه الخمسة حصيلة جهود حثيثة مضنية، وعمل دؤوب، لسنوات عديدة، قضاها فضيلة الأخ المؤلف الشيخ أحمد أبو زيد (حفظه الله) في تجميع مادته، وتوفير مصادره، وتقصّي المؤلفات والمخطوطات والوثائق والرسائل المتبادلة بين السيد الشهيد وتلامذته، واللقاءات الدائبة مع طلابه ومريديه.

ولم ينس المؤلف ـ في بداية الكتاب ـ أن يشكر كلّ الذين ساهموا في مساعدته، وقدّموا شتى الخدمات لإنجاز موسوعته، ورأى أنّ «أخلاقية البحث العلمي» تستدعي التنويه إلى أنّ الكتاب لم يكن ليصدر بصيغته الحالية لولا مساعدة العديد من الأشخاص له، وتواتر خدماتهم، على حدِّ تعبيره، ولا سيما:

1ـ مدير مركز الأبحاث والدراسات التخصصيّة للشهيد الصدر السيد نور الدّين الأشكوري، يقول المؤلف: «الذي بسط لي يد جوده، وأطلق عنان عونه، ومنحني وافر ثقته، واضعاً تحت تصرّفي الكامل إرشيفاً معلوماتياً ضخماً».

2ـ السيّد حامد علي الحسيني، «الذي بذل على مدى سنين متمادية جهوداً جبّارة في سبيل جمع هذا الإرشيف».

3ـ اُسرة المرجع الشهيد الكريمة (زوجته السيدة اُم جعفر، ونجله السيّد محمد جعفر، وكريمتيه اُم أحمد واُم علي).

وقد ذكر المؤلّف ما يربو على (150) شخصية استفاد منها في إنجاز موسوعته، ممن عاصر السيد الشهيد، وعايشه، كما ذكر (29) مكتباً ومكتبةً ومركزاً، قدّموا له يد العون والمساعدة.

شكوى مؤلمة!

ومع ذلك، فإنّ المؤلّف يشكو في مقدمة الكتاب ممّا أسماه بـ «التغييب العمدي وغير العمدي لكثير من الحقائق المرتبطة بتأريخ السيّد الصدر(قدس سره)، ويقف إلى جانب ذلك إحجام بعض تلامذته المقرّبين منه عن الإدلاء بأيّة معلومات لا يشكُّ الباحث بمساهمتها في الكشف عن الكثير من الخفايا والملابسات».

ولهذا يلفت المؤلف نظر القارئ الكريم إلى ظاهرة مهمة، وهي «إذا قدّر أن يلاحظ أنّ هذا الكتاب لا يستند إلى بعض المقربين من السيد الصدر(قدس سره)، فذلك راجع إلى إحجامهم لا إلى عدم مبادرة الكاتب»[1].

ويحدّثنا عن معاناته بهذا الخصوص قائلاً: «فقد قابلت ما يقرب من مئة شخصية، بعضهم لا يعرف إلاّ الأُمور السطحية، أمّا من يعرف الأُمور الحسّاسة فلعلّي لم أجد إلاّ شخصاً واحداً لم يمانع من الإدلاء بشهادته، فما ذنبُ الكاتب في ذلك؟»[2]!

نسأل الله أن يوفّق هؤلاء الطلبة المقربين، والتلاميذ المخلصين الذي كان لهم السيد الشهيد كالوالد الشفيق، والشمعة التي تحترق لتضيء لهم الطريق، ليبوحوا بما لديهم من معلومات ووثائق ورسائل، ليتحوّل إحجامهم إلى إقدام، وإسرارهم إلى إعلان، لتسجل على صفحات التأريخ، وتقرأها الأجيال بالتفصيل لا بالإجمال، بدلاً من أن تبقى في صدور أصحابها، وخزائنهم المغلقة بالشمع الأحمر إن بقيت سالمة لم تَتَسنّه!

مقدّمة الكتاب: معالم المنهج

جاءت مقدّمة الكتاب (الموسوعة) ملفتة للنظر بطولها على امتداد (63) صفحة، والتي لا تخلو من إسهاب في بعض فقراتها، وسنتكلّم عن سرِّه. بيد أنّ العديد منها كانت ضروريّة لإيضاح منهج المؤلّف، ومعالم عرضه، ممّا سهّلت علينا ـ هذه المقدّمة ـ في تقديمنا للكتاب والتعريف به، وإن لم تُغن عن مراجعتنا لأجزائه الخمسة، بفصولها العشرة، وملاحقها ووثائقها.

وقد بحثت المقدّمة المعالم التالية:

المعلم الأوّل: اعتماد السّرد الحَوْلي غير الموضوعي

حرص المؤلف على اعتماد الطريقة التجزيئية في استعراض السيرة والمسيرة للمرجع الشهيد، وما تضمنته من أحداث ووقائع؛ ليسير وفق السنوات والتسلسل الزمني للأحداث، من الولادة وحتّى الشهادة. وتكلم عن الأُمور والأحداث التي حصلت في كلِّ عام، وإن لم يكن فيما بينها علاقة إلاّ السياق الزمني.

وقد برّر المؤلف منهجه السّردي الحولي بأنّه الخطوة الأُولى الضرورية في دراسة الشخصية التأريخية، والاطّلاع على تفاصيل حياتها وسيرتها ومسيرتها؛ «لتتاح الفرصة أمام الدارسين للكتابة موضوعيّاً»؛ لأنّ الكتابة الموضوعيّة خطوة متقدّمة على الكتابةِ التجزيئيّة، كما عبّر المرجع الشهيد عند حديثه عن العلاقة بين التفسير الموضوعي والتفسير التجزيئي.

إنّ الكتابة الموضوعيّة ـ على صعيد شخصية المرجع الصدر ـ غير المسبوقة بكتابةٍ تجزيئية، لها مؤاخذتان: الأُولى: اعتمادها على خلفيات القارئ ومعلوماته حول الشخصية، وهذا ما لا يتوفّر في المقام إلاّ لدى عدد ضئيل جدّاً من القرّاء.

والثانية: إعطاء القراءة الموضوعية صورة مشوّهة وغير متكاملة للكثير من الأحداث والوقائع إذا لم تُقرأ أوّلاً في سياقاتها التأريخيّة التي توفّرها القراءة التجزيئيّة[3].

ولهذا جاءت فصول الكتاب بمنهج القراءة التجزيئية الحوليّة إلاّ في الفصل الرابع: (جوانب من شخصية السيّد محمد باقر الصدر)، فقد اعتمد المؤلف في هذا الفصل الاتجاه الموضوعي، فذكر مقتطفات رائعة من أحوال المرجع الشهيد حول: عبادته، وأخلاقه، ومسكنه، وملبسه، ومأكله، وعلاقته باُسرته (والدته، وزوجته، وأولاده)، وعلاقته بطلاب درسه، وشظف عيشه…[4].

المعلم الثاني: شمولية العرض

شمولية العرض التي يمتاز بها الكتاب شملت جانبين:

أـ الكتب والمؤلفات

سعى المؤلف بما اُوتي من وسع أن تكون موسوعته حول المرجع الشهيد الصدر «مصدراً جامعاً»، يضم كلّ ما كتب عنه، ولا سيما المؤلفات التي اختصت به، ومن أهمها: (شهيد الأُمّة وشاهدها)، (الشهيد الصدر: سنوات المحنة وأيّام الحصار)، (محمد باقر الصدر: حياة حافلة، فكر خلاّق)، (الإمام الشهيد محمد باقر الصدر.. دراسةٌ في سيرته ومنهجه)، (ملامح من السيرة الذاتية)، (الصدر في ذاكرة الحكيم)، مقدمة كتاب (مباحث الأُصول) والتي صدرت مؤخراً ككتاب مستقل بعنوان: (الشهيد الصدر: سمو الذات، وسمو الموقف)، والكتاب الذي صدر مؤخراً (وجع الصدر.. ومن وراء الصدر اُم جعفر) والذي يتضمن أسراراً جديدة لم تكشف من قبل، على لسان زوجته ورفيقه عمره ومحنته السيدة اُم جعفر (حفظها الله).

ب ـ الأقوال والروايات

حاول المؤلّف أن يستعرض المقولات من عشرات الشخصيات الذين عاصروا المرجع الشهيد وتتلمذوا على يديه، وسعى إلى محاكمتها في ضوء ما توفر لديه من قرائن وشواهد, ووثائق وحقائق.

ويعترف أنّه في حرصه الشديد على استعراض الأقوال والمعلومات «قد يبدو مزعجاً» في بعض الأحيان، ومطنباً، بيد أنّه كانَ يحرص على «رسم قصة كاملة»، و«توثيق الحدث والتثبت من صحة الصورة المرسومة». وهو أمر يعتقد المؤلف «بضرورته» في الخطوة الأُولى، وإن رأينا غير ذلك في بعض الموارد[5].

المعلم الثالث: العرض المجرّد غير المعياري، مع ممارسة النقد

إنّ مسألة الموضوعيّة وعدم التحيّز شغلت بال المؤرِّخين والباحثين في كلّ زمان؛ لصعوبة إلغاء المؤرخ ذاته ومشاعره وعواطفه وانفعالاته وانتماءاته في تناول الأحداث والوقائع والأشخاص بصورة موضوعية مجرّدة. ولذا يرى علماء التأريخ أنّ الموضوعية مطلبٌ صعب المنال. وقد بحث المرجع الشهيد الصدر منابع خطر الذاتية. وذكر أربعة أسباب «بوصفها أهم المنابع لخطر الذاتيه»[6].

يحدّثنا المؤلف أبو زيد أنه قد حرص في بحثه على أن يكون موضوعياً متجرّداً من ميوله الخاصة وعواطفه، وإنْ أقرَّ بمدى صعوبة التخلّص من الذاتية، مهما حرص؛ «لأنّ العواطف، والمتبنيات، والنشأة البيئية والفكرية.. كلّها تدخل في آليات التعامل مع الموضوعات محل البحث»، مما تجعل الباحث لا يمكن أن يتخلّص من الذاتية مهما جاهد في توفير الموضوعية في تقييمه وحكمه، وترجيحاته للأقوال والآراء والروايات.

كما حرص على تجنّب «التعليقات المعياريّة» التي تحكم على الأحداث والوقائع التأريخية بالسلب والإيجاب، والخطأ والصواب، إلاّ في بعض الموارد «التي ـ كما يقول ـ لا ربط لي بها ممّا نقلته عن الآخرين ضمن نصوص لم أستطع فيها عزل الجانب المعلوماتي والاكتفاء به»، وليس من «الحديث المعياري» تحقيق الحدث تأريخيّاً وقبول شهادة وردّ اُخرى[7].

ولذا فقد التزم المؤلف مبدأ «نقد متون الأقوال ومضامينها» من خلال تسجيل ملاحظات نقديّة في الهوامش، فلا بدّ من «تحكيم النظر والبصيرة في الأخبار»، فإنّه لا ملازمة «بين إسناد المعلومة وبين الاعتماد عليها»، فكثيراً ما نرى المؤلّف يمارس عملية النقد ومحاكمة الأخبار والمعلومات ومعالجة التعارض فيما بينها وفق القرائن والمعطيات المتوفِّرة. ولا سيما أنّه لا حجية ـ بالمعنى الأُصولي ـ لخبر الثقة في مجال البحث التأريخي، وخصوصاً أنّه قد اكتشف حقيقة مُرّة خلال سنوات تأليف الموسوعة، ولم يستطع أن يكتمها، فقد وصلت في تراكمها إلى مرحلة (البثّ) الذي لا يمكن أن يكتم في الصدور، تتعلق ببعض (الثقات) وأقوالهم، ومدى تحريفهم للحقائق، وتزييفهم للوقائع إلى درجة «أنهم يلوون عُنُقَ الحقيقة مع سبق الإصرار والترصّد»[8] ، وقد أوكل اكتشاف تلك الموارد إلى ذكاء القارئ وفطنته، وإن أشار إلى بعضها بطرفٍ خفيّ.

وهناك نمطٌ من المخبرين يعيشون العاطفة الجيّاشة تجاه اُستاذهم مما يؤدي بهم في نقل الأحداث والوقائع إلى أن يذهبوا بعيداً في المبالغة إلى درجة لا يمكن قبولها، وفق المعطيات والشواهد، الأمر الذي يؤدّي إلى تغيير الحقيقة وتشويهها.

وقد حاول المؤلف أن يُعَلِّقَ على تلك المبالغات بإشارات سريعة ولبقة في العديد من الموارد والمواطن.

وقد أشار إلى هذه الملاحظة في المقدِّمة، وذكر عدداً من المعلومات التي لم تخلُ من عنصر المبالغة والإفراط في الإعجاب:

أـ إنّ السيد الشهيد قد ألّف (الحلقات) الثلاث في علم الأُصول اعتماداً على ذاكرته. مع أن الواقع غير ذلك.

ب ـ وقراءته لمجلّدات موسوعة (قصة الحضارة) لديورانت (43 مجلداً)، خلال اُسبوع واحد، عام 1379هـ. مع أنّ الكتاب آنذاك لم يترجم منه إلى العربية إلاّ (6) أجزاء فقط.

جـ ـ وما نُقل عنه (قدس سره) أنّه قال: إنّ المعادلات الرياضية التي اعتمدتها في كتاب (الأُسس المنطقية للاستقراء)، والمطالب الّتي توصّل إليها، كانت من خلال (التشخبط) بالقلم في اللّيل!

مع أنّه(قدس سره) قد درس عند بعض أساتذه الرياضيات العالية، وكان يذهب في أيام العطل إلى بغداد ليحضر الدروس، حتى قال له الأُستاذ: (قد أعطيتك إجازة الاجتهاد في الرياضيات)!، إضافة إلى تحضيراته الدائبة في حلّ المسائل الرياضيّة، واستعانتة بالكتب والمصادر الرياضية العربية والأجنبية (الإنجليزية والفارسيّة)، ومع أنّ المعادلات الرياضيّة التي اعتمدها في (الأُسس المنطقية) هي قوانين رياضية اكتشفها علماء الرياضيات على مدى قرون متطاولة، وقد درسناها في الجامعة.

المعلم الرابع: شفافيّة العرض

لقد أسهب المؤلّف في مقدمته بالتأكيد على هذا المَعْلَم (شفافيّة العرض)؛ ليوضّح مقاصده ونواياه في عرضه للكثير من الحقائق والوثائق والمعلومات التي تمسُّ بعض الشخصيات أو الكيانات، في الأوساط الحوزوية، لما لها من قدسية، حتى لا يُسارع القارئ إلى اتهام المؤلّف وجعله في مقام التجريح أو التسقيط أو الاستفزاز أو التهميش لتلك الشخصيات والرموز.

وقد أوضح مبررات (الشفافية) رغم ما بها من مخاطر، وتتلخّص في كلمتين: المقتضي موجود، والمانع مفقود. ومقتضي الشفافية هو «المساهمة في ترشيد وعي الناس عموماً، وطلاّب الحوزة خصوصاً»، والتنبيه إلى الأخطاء والسلبيات لاجتنابها والحذر منها .

أمّا المانع ـ بعنوانه الأوّلي، المتمثّل بـ «إشكاليّة الغيبة والإهانة»، وعنوانه الثانوي المزدوج  المتمثّل بـ «انكفاء النّاس عن المرجعيّة وابتعادهم عنها»، ولزوم «الهرج والمرج فيما يتعلق بردّة الفعل» ـ فمفقود؛ ذلك بأنّهُ لا شكّ في مشروعية هكذا عملٍ تأريخي، ينأى بنفسه عن التشهير والتوهين والإسقاط، وأنّ الانكفاء ـ إذا تحقق ـ فلا يكون عن المرجعيّة، وإنّما عن اتجاه فيها، «وإذا قدّر للقارئ الانكفاء عن أحدهما، فإنّه سيتفاعل مع الآخر»؛ لأن الكتاب يؤرّخ لاتجاهين في المرجعيات المعاصرة، وخطّين مختلفين في الهموم والتطلعات وطريقة الأداء، ولا بدّ للإنسان من أن يشخص الاتجاه الذي يراه أكثر وعياً، وأكبر كفاءة، والأقدر على تجسيد الإسلام وقيادة الأُمّة. فالانكفاء ـ والحال هذه ـ سيكون من مرجع إلى مرجع، ومن اتجاه إلى اتجاه في داخل الكيان الواحد، والمؤسسة الواحدة، والتستر على السلبيات والأمراض أعظم مفسدة من طرحها والمبادرة إلى معالجتها.

وما يعتقدهُ العوام من الناس في العلماء من “كرّية واعتصام” تجعلهم فوق النّقد، من الأُمور الخطيرة التي نبّه إليها بعض الأعلام المعاصرين كالشهيد مرتضى المطهري؛ لأنّ «الإسلام لا يقول بكريّة أحد ولا باعتصامه» بعد المعصومين علیهم السلام.

بَيْدَ أنَّ ذلك كلّه لا ينفي التريّث في إصدار الأحكام، وتوفير شروط البحث العلمي، وأخلاقية النّقد، حتّى لا نظلم أساتذتنا ومراجعنا باسم (الشفافيّة) و(حرية النقد) و(عدم الكرّيّة)!

وقد أسهب المؤلّف في توضيح هذا المعلم، إلى حدّ الإفراط، كما نرى، بحيث استغرق طرحه ما يربو على ثلاثين صحفة[9]! وما ذلك إلاّ لحذره من ردود الأفعال الخاطئة على الكثير من المعلومات، والوثائق، والحقائق التي تضمنتها الموسوعة، والتي يمكن أن يتّصف صاحبها بالشجاعة، أو الجرأة، بعد أن كانت مستورة لعقود من الزمن، فلا تذكر إلاّ بالكناية تارة، وبالإيماء اُخرى، وبالفراغات المنقّطة بدل الأسماء تارة ثالثة!

التحذير من المزايدات

ولذا يحذّر المؤلف من المزايدة عليه في حرصه على المؤسسة المرجعيّة، وإخلاصه لها ، وإيمانه العميق بدورها وقيمتها، وضرورة تكريس مسؤولياتها الكبرى في قيادة الأُمّة، وتسديدها، وترشيدها، وأنها ـ وعلى حدِّ تعبير المرجع الشهيد نفسه ـ «واجهة الإسلام في نظر الأُمّة، وهي المعبِّر الشرعي عن الإسلام وأحكامه ومفاهيمه وحلوله لمشاكل الحياة”»[10].

وقد تضمنت الموسوعة أروع المحاضرات للمرجع الشهيد حول الحوزة العلمية، ودورها، وعظمتها، وضرورة اضطلاعها بمهامها الجسام ومسؤولياتها العظام.

بيد أنّ هذا لا يمنع من ممارسة النّقد، وتشخيص الأخطاء، وتحديد الأعراض والأمراض، والسلبيّات في مسيرتها، ولا سيما إذا كان ذلك من قبل أبنائها وعلمائها ومراجعها.

من هنا، فإنّ العديد من المراجع الأعلام المعاصرين قد مارس النقد، وأكّد على ضرورة تفعيله، وتوفير (الشفافيّة) في تناول الشخصيات التأريخية، ومناقشة آرائهم ومواقفهم من دون مبالغة أوستر للوقائع والحقائق، ولا سيّما إذا كانت (الشفافية) ترفع الظلامة، وتكشف الحقيقة، وتشجب لا أخلاقية النقد.

عرضٌ موجزٌ للكتاب

يقع (الكتاب ـ الموسوعة) في خمسة مجلّدات كبيرة، تتضمّن الأربعة الأُولى منها عشرة فصول، فيما خُصص الجزء الخامس للصور والوثائق، حيث تطالعك رسائل المرجع الشهيد بقلمه وخطّ يده إلى تلامذته وطلاّبه المنتشرين في الأقطار والبلدان.

وقد اعتمد المؤلف ـ كما ذكرنا ـ المنهج الحولي الترتيبي ـ ما عدا الفصل الرابع ـ بيد أنّ ذلك لم يمنعه من أن يضع عنواناً لكلّ فصل من الفصول العشرة.

الفصل الأوّل: النّسب والأُسرة

بحث فيه نسب السيّد محمد باقر الصدر الذي ينتهي إلى الإمام عليّ بن أبي طالب(علیه السلام) عن طريق الإمام موسى الكاظم(علیه السلام)، بحيث يكون علي(علیه السلام) جدّه السّابع والثلاثون. كما بحث تأريخ اُسرة آل الصدر العريقة، علماً وفضلاً وأدباً، المنتشرة في بلدان متعددة (لبنان، العراق، مكّة المكرمة، إيران)، مع ترجمة لأبرز شخصيات هذه الأُسره الفذّة، ابتداءً من إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم(علیه السلام)، وانتهاءً بوالده السيد حيدر الصدر(قدس سره)[11].

كما ترجم لأخواله اُسرة آل ياسين العلمية العريقة، ثم مدخل تأريخي وسياسي[12].

الفصل الثاني: النشأة العلمية (1353 ـ 1375هـ)

تضمن هذا الفصل ولادة السيّد محمد باقر الصدر عام (1353هـ) الموافق لسنة (1935م)، وولادة اُخته آمنة (بنت الهدى) بعد سنتين، ووفاة والده حيدر الصدر عام (1356هـ/1937م)، وعمره سنتان، والأحداث السياسية آنذاك، والتحاقة بالمدرسة الابتدائية (منتدى النشر)،ودراسته المقدّمات في الحوزة، ثم السطوح (1365ـ 1368هـ)، وحضوره البحث الخارج (1369هـ)، ومدى نبوغه المبكر وعبقريته التي مكّنته من أن يصل إلى درجة الاجتهاد والقدرة على استنباط الحكم الشرعي قبل مرحلة البلوغ! ثمّ الشروع في تدريس الكفاية عام (1375هـ).

الفصل الثالث: في ظلّ مرجعيّة السيّد الحكيم (1376 ـ 1379هـ)

تناول الكتاب تلك الفترة وما فيها من أحداث سياسيّة مهمة : بداية تشكيل حزب الدّعوة الإسلامية عام (1376هـ)، ووضعه (الأُسس الإسلامية)، والشروع بتدريس البحث الخارج (الأُصول) عام (1378هـ)، وتأسيس جماعة العلماء، وكتابته للمنشورات السبعة في العام ذاته، والتي كانت تذاع من إذاعة بغداد زمن الرئيس عبد الكريم قاسم، وهي بيانات خالدة في تلك الفترة العصيبة، كان السيد الشهيد يشيد فيها بالزعيم ويستنهضه، حتّى اعترض السيد محسن الحكيم على ذلك. فقيل له: هذا جواز مرور للإذاعة!

ثمّ صدور كتاب (فلسفتنا) (1379هـ)، ومجلة الأضواء، ومساهمته في كتابة (رسالتنا)، وهي افتتاحية لمجلة صدرت بنفس الاسم، وصدور كتاب (اقتصادنا) (1381هـ). ثمّ زواجه عام (1381هـ)، وانسحابه من حزب الدعوه عام (1382هـ).

وتضمن الجزء الثاني تكملة للفصل الثالث، وفيه: تأسيس كلية اُصول الدين، ووصول الإمام الخميني إلى النجف عام 1385هـ ، وكتابة اُطروحة البنك اللاربوي في الإسلام (1387هـ)، وغيرها.

الفصل الرابع: جوانب من شخصية السيد محمد باقر الصدر

اعتمد المؤلّف في هذا الفصل الاتجاه الموضوعي وليس التجزيئي، كما ذكرنا سابقاً، فذكر مقتطفات رائعة من أحوال السيّد الشهيد في: عبادته، وارتباطه بأهل البيت علیهم السلام، وأخلاقه، ومطالعاته، وملبسه، ومأكله، وعلاقته بطلاب درسه، وباُسرته (والدته، زوجته، أولاده)، ووصف منزله، وشظف عيشه[13]، حيث تنقل زوجته السيدة اُم جعفر أنه كان نادراً ما يخيط الملابس أو يشتري، وكان يكتفي بأقل شيء، ويقول: «عجباً! كم جسداً لي حتّى أخيط واشتري ملابس متعددة؟»[14]. وتنقل أيضاً أنّها بعد زواجها منه وجدت أنّهُ لا يملك إلاّ (دشداشة) واحدةً، فسألته: أين ملابسك؟ فأجاب بتلقائيّة: “لقد ارتديتها”، وكانت اُمّهُ حاضرة، فقالت له: «ألم أقل لك إنّ زوجتك سوف تتعجب من قلّة ما تملكه من ملابس؟!»[15].

أوصى أحد الحجاج بسيارته للسيّد، فلمّا استلمها، قال: لا أستخدمها. وبعد شهر طلب من أحد الإخوة أن يذهب لبيعها، فبيعت بـ (500/3) دينار عراقي، ثم قام بتوزيع المبلغ على الطلبة[16]!

وكان يقول: «لا أرضي بشراء الفواكه الغالية (الثمن) مهما كان المبرر، حتّى لو كان ذلك من أجل الضيوف، ويجب أن ننتظر إلى الوقت الذي يتمكن جميع الناس من شرائها»[17].

الفصل الخامس: المرحلة الانتقالية (1390 ـ 1394هـ)

عاد المؤلف إلى العرض التجزيئي الحولي الترتيبي ليتحدت في هذا الفصل عن أهم الأحداث لسنة 1390هـ : وفاة المرجع السيد محسن الحكيم، إعلان علماء إيران عن مرجعية السيّد الخميني.

وأحداث عام 1391هـ : صدور كتاب الأُسس المنطقية للاستقراء، استشهاد القيادي البارز في حزب الدعوة الأُستاذ عبد الصاحب دخيل، صدور كتاب (بحوث في شرح العروة الوثقى)، تسفيرات الأيام الستة.

وأحداث 1392هـ : اعتقال كوادر حزب الدعوة، اعتقال السيّد الصدر، زيارة زيد حيدر ممثلاً عن السلطة، بدايات التصدي للمرجعيّة[18].

وفي الجزء الثالث تكملة الفصل الخامس، بأحداث عام 1393هـ : الفصل بين جهاز المرجعية والعمل الحزبي.

عام 1394هـ : الحرب مع الأكراد، التأكيد على فكّ ارتباط الحوزة عن حزب الدعوة، اعتقال الشيخ عارف البصري وصحبه (قبضة الهدى)، اعتقال السيّدين محمود الهاشمي ومحمد صادق الصدر (الصدر الثاني)، إعدام الشهداء الخمسة، عارف

الفصل السادس: المرجعيّة الرشيدة (1395ـ 1398هـ)

عام 1395: محنة السيد الصدر في الحوزة، مباشرة كتابة الفتاوى الواضحة.

عام 1396: إثارة الفتنة بين السيد الصدر والسيد الخوئي، صدور الفتاوى الواضحة، كتابة (موجز في اُصول الدين).

عام 1397: الجماهير تتحدّى قرارات السلطة، الفراغ من كتابة الحلقة الثالثة في الأُصول.

عام 1398: اختفاء السيد الامام موسى الصدر، مغادرة الإمام الخميني العراق إلى باريس[19].

الفصل السابع: أيّام الجمر وأشهر الرماد (1399ـ1400هـ)

أحداث عام 1399هـ : عودة الإمام الخميني إلى إيران، تأليف كتاب الإسلام يقود الحياة، توسيع التحرّك بعد الانتصار، ضغوط السلطة الجائرة، تحريم الانتماء إلى حزب البعث، محاضرات في التفسير الموضوعي، تحرّك وفود البيعة، اعتقال السيّد في (17) رجب، انطلاقة الانتفاضة، نداءات الصّدر الثلاثة، فكرة القيادة النائبة[20].

هموم الدولة والدستور

وفي هذا الجزء (الرابع) يتحدّث الكتاب عن موقف المرجع الشهيد من الثورة الإسلاميّة في إيران وقائدها الإمام الخميني، فقد وصفها ـ كما جاء في رسائله إلى تلامذته في إيران ـ بالحلم الذي أصبح حقيقة، والفتح المبين، واللحظات الحاسمة، في الوقت الذي كان يشعر فيه بحاجة الثورة إلى أن تصبح دولة لها دستورها الدائم ولها مؤسساتها، وكوادرها السياسيّة.

ولهذا فقد بادر إلى كتابة لمحة فقهية تمهيدية عن دستور الجمهورية”، كان يستهدف منها السيد الشهيد هدفين أساسيين، وقد ذكر ذلك في مقطع من رسالته إلى أحد تلامذته في لبنان، في ربيع الأوّل لعام 1399هـ ، يقول فيه:

«وهذا الكتاب ]لمحة فقهية عن مشروع دستور الجمهورية[ الذي بادرتُ بكتابته وإرساله إليك لطبعه، هو أحد شواهد عدم التباطؤ، وكنتُ اُريدُ به أمرين:

أحدهما: انقاذ السيّد من ورطة التحدّي الفكري التي يواجهها.

والأمر الآخر: إشعار السيّد ]الخميني[ وكلّ الكيان بأننا نواكب وضعه بتسديدهم وسدّ حاجاتهم»[21].

وقد دعا الإمام الخميني، السيّد الصدر لسدّ الفراغ الفكري في الدولة الفتيّة، وقد بعث لهُ بقائمة «اشتملت على ما يقرب من ثلاثين أو أربعين موضوعاً»[22].

وقد رأينا مدى اهتمام السيد الشهيد بالدستور وإنجازه لسدً الثغرات الحاصلة جرّاء قيام الدولة التي لها متطلباتها المختلفة عن متطلبات الثورة.

حيث كتب مقالاً وأرسله إلى أحد تلامذته يقول فيه: «إنّها لفرصة ثمينة لهذه الأُمّة (الإسلاميّة) أن تجد بعد عناءٍ جهيد وصبرٍ طويل قيام تجربةٍ إسلاميّة تحاول أن تستمدَّ دستورها من مبادئ الإسلام فحسب، وفي ضوء ما يشرّعه من أنظمة وقوانين ومناهج كفيلة بأن تضمن لإنسانها في كافة شؤونه، وما يحتاج إليه في الحياة، العدالة والسعادة والرقي».

«وهذه فرصة بقدر ما توجب الشعور لدى الواعين من أبناء الأُمّة العارفين قيمة إيديولوجيتهم بالارتياح والنصر والعزّة، تثير فيهم من ناحية اُخرى مخاوف خطيرة من جرّاء احتمالات فشل هذه التجربة وعدم نجاحها في تحقيق كلّ تلك الآمال التي كانت تعيشها الأُمّة وتنتظرها، ويقصد إليها المخلصون من أبنائها عبر صراعهم الفكري والإيديولوجي مع الاتجاهات الأُخرى المعاصرة».

ثمّ يقول: «.. ذلك أن وضع دستور يستمدِّ كلّ بنوده وفصوله من الإسلام بنحو يكفل تنظيم كلّ جوانب الحياة الإنسانية المعاصرة، وإشباع كلّ ما تتطلبه من حاجات على مستوى العصر ليس بالأمر الهيّن اليسير، إذ الموسوعات الفقهية وكتب الفتاوى التقليدية ـ كما تعلمون ـ لا تتضمن ما يمكن فرضه مباشرةً دستوراً شاملاً للدولة، ونظاماً متكاملاً لحياة الأُمّة»[23].

ويقول في فقرة اُخرى من الرسالة ذاتها: «هنا لك تبرز الحاجة القصوى أمام المتصدّين لوضع صيغة دستورية إسلامية من هذا القبيل إلى الاستعانة بمذاهب إسلامية لا تزال أبواب الاجتهاد مفتوحة عند فقهائها، ولا يزال يمارس اُولئك الفقهاء علاج المشاكل المستجدة والمعاصرة عن طريق استنباط حكمها الإسلامي من الكتاب والسنة مباشرة»[24].

نداءات الصدر إلى الشعب العراقي

أصدر المرجع الشهيد نداءاته الثلاثة الشهيرة إلى الشعب العراقي سنة 1979م، وقد أعلن في النداء الثاني الصادر يوم 4/7/1979م الموافق 10/شعبان/1399هـ تصميمه على الشهادة، بقوله: «وأنا اُعلن لكم ـ يا أبنائي ـ أنّي قد صمّمتُ على الشهادة! ولعل هذا آخر ما تسمعونه منّي، وإنّ أبواب الجنّة قد فتحت لتستقبل قوافل الشهداء حتّى يكتبَ  اللهُ لكم النّصر».

ودعا فيه أيضاً الشعب العراقي إلى إدامة الجهاد:

«فعلى كلِّ مسلم في العراق، وعلى كلّ مسلم في خارج العراق أن يعمل كلّ ما بوسعه ـ ولو كلّفه ذلك حياته ـ من أجل إدامة الجهاد والنّضال لإزالة هذا الكابوس عن صدر العراق الحبيب وتحريره من العصابة اللإنسانيّة، وتوفير حكم صالح فذٍّ شريف يقوم على أساس الإسلام»[25].

وأوضح في بيانه الثالث والأخير في نهاية شهر شعبان من عام 1399هـ/ 1979م، حقيقةً لم ندرك مغزاها إلاّ حينما وقعت الفتنة اليوم في العراق باسم الطائفية، حيث يقول:

«فأنا معك يا أخي وولدي السنّي بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي.. أنا معكما بقدر ما أنتما مع الإسلام…

إنّ الطاغوت وأولياءَه يحاولون أو يوحوا إلى أبنائنا البررة من السنة أنّ المسألة مسألة شيعةٍ وسنّه ليفصلوا السنّة عن معركتهم الحقيقيّة ضدّ العدو المشترك.

واُريد أن أقولها لكم يا أبناء عليّ والحسين، وأبناء أبي بكر وعمر: إنّ المعركة ليست بين الشيعة والحكم السنّي..»[26].

وقد انقلبت المعادلة حيث يحاول أصحاب الفتنة أن يصوروا إلى السنّة اليوم في العراق بأنّ الحكومة شيعيّة، وأن الشيعة يريدون ابتلاع العراق، بل السيطرة على المنطقة بأكملها، وهذا ما يقصدونه بـ (الهلال الشيعي!).

مساومات السّلطة

وفي هذا الفصل، عام 1399هـ بدأت أيام الحصار، وقد جاء العنوان (أيام الحصار، الفترة الثانية: المحنة واليأس)[27].

يستمر الحصار عام 1400هـ ، وحتى اعتقال المرجع الشهيد الأخير، بعد أن رفض كلّ المساومات التيّ قدّمها ممثل الطاغية صدّام (موفد السلطة)، والتي ابتدأت معه بالشروط الخمسة المعروفة:

1ـ عدم تأييد الثورة الإسلامية في إيران.

2ـ شجب وفود البيعة في رجب.

3ـ إصدار فتوى خطية بحرمة الانتماء لحزب الدعوة الإسلامية.

4ـ التخلّي عن فتوى حرمة الانتماء لحزب البعث.

5ـ إصدار بيان يؤيد السلطة ولو في بعض منجزاتها، كتأميم النفط، أو الحكم الذاتي للأكراد، أو محو الأُميّة.

فقال السيد الشهيد لموفد الطاغية صدام:

ـ وإذا لم أستجب لهذه المطالب.

ـ الإعدام.

ـ تفضل، أنا الآن مستعد للذهاب معك إلى بغداد لتنفيذ حكم الإعدام[28].

الفصل الثامن: أصداء الشهادة

وفيه: أنباء عن اعتقال السيد الصدر، استشهاد السيد الصدر يوم 9/4/1980م، وليس من باب الصدفة أن يكون سقوط نظام الطاغية في اليوم ذاته 9/4/2003م، ولكن بعد (23) سنة!

وقد نفّذ الطاغيّة حكم الإعدام بالمرجع الشهيد الصدر من دون محكمة ولا محاكمة، ولسنا نعرف حتّى اليوم من كان القاضي، أو المدّعي العام،أو المحامي!! كما نفذ حكم الإعدام باُخته العلوية آمنة الصدر (بنت الهدى)، ولا أحد يعلم حتّى اليوم بمكان جثتها الطاهرة!!

الفصل التاسع: نقل الجثمان

يتحدث هذا الفصل عن قصّة نقل جثمان المرجع الصدر مرتين من قبره الأوّل الذي دفن فيه عام 1980م، وذلك في سنة 1994م، وفي سنة 1997، خوفاً من أن تخفي جثته السلطة الجائرة.

وقد اندهش الشهود الذين حضروا النقلة الأُولى حينما وجدوا الجثّة محتفظة بطراوتها بعد مرور نحو (15) عاماً على دفنها، وكأنّه دُفن قريباً!! وكانت لحيته محترقاً نصفها، ووجدوا ثقباً فوق حاجبه الأيمن وقد حشّي بالقطن، وثلاث طعناتٍ في صدره.

ولمّا نزعوا القطن الذي كان على جبهته فاذا بدمٍ عبيطٍ يتقاطر منه!!

كما يروي لنا الكتاب قصة النقل الثاني سنة 1997م[29].

الفصل العاشر: الملحقات

يتضمن هذا الفصل من الجزء الرابع ستة ملاحق:

المحلق الأول: آثار السيد الصدر

المحلق الثاني: أبرز طبعات كتبه

المحلق الثالث: موسوعة (تراث الشهيد الصدر)

المحلق الرابع: ما كتب عن السيد الصدر

المحلق الخامس: تواريخ دروس الدورتين الأُصوليتين

المحلق السادس: تلامذة السيد الصدر[30].

كما يتضمن المصادر والمراجع، وقد بلغت (1732) مصدراً ومرجعاً، الوثائق الخطية منها بلغت (575) وثيقة[31].

أما المجلد الخامس فقد خُصص للصور، والوثائق، ووثائق الشهيدة بنت الهدى.

وقد بلغت الوثائق أكثر من (575) وثيقة مهمة وتأريخيّة!

كلُّ ذلك في (608) صفحة[32].

الشهيدة بنت الهدى.. رفيقة الدرب

لم ينس المؤلف أن يتحدث عن العالمة والمربية آمنة الصدر رفيقة الدرب، التي أبت إلاّ أن ترافق أخاها في مسيرته العلمية والجهادية اللاحبة، فلم تتزوج رغم كثرة الخاطبين وعلوِّ شأنهم؛ لأنّها ربطت حياتها بحياة أخيها، وهمومها بهمومه، ومصيرها بمصيره.

سُئلت ذات يوم: لماذا تمتنعين من الزواج؟

فقالت: «إني لو تزوّجت فقد اُسعد بتربية طفلين أو ثلاثة، ولكنّي الآن أكثر سعادةً وأشدّ فرحاً وهياماً، وأنا أرى أمامي هذه الأفواج من الفتيات الطاهرات والنساء الصالحات، إذ وفقني الله لخدمتهنّ وتنشئتهنّ بما يُرضي الله»[33].

ومع ذلك، فهي لم ترغب أن يُعرف عنها ذلك حتّى لا تتحوّل إلى سنّة عند المريدات والطالبات، ولذا حينما سألتها إحدى النساء: علويه! إنك لم تتزوّجي لأنّك متفرّعة للعمل؟

اجابت العلوية الشهيدة بانفعال واضح: «أنا لا أرضى بهذا الكلام الذي يُقال عنّي، أنا لم أرفض الزواج..».

سألتها إحدى المقربات إليها: ولكن لماذا هذا الانفعال؟

قالت: «أخشى أن تكون بدعة، وتصبح سنّة سيئة، بترك النساء الزواج بحجة التفرّغ للعمل، والحال أنّه لا يوجد تضاد بين الزواج والعمل».

ونقرأ في إحدى رسائلها لإحدى صديقاتها تحثها فيه على الهجرة من العراق والالتحاق بزوجها: «إذهبي وأنت سعيدة قريرة العين، فإنّ أثمن شيء في حياة الزوجة هو أن يجتمع شملها في حياةٍ سعيدةٍ هانئة آمنه تركنُ فيها إلى كنف زوجٍ فاضلٍ، وتعطف خلالها على أطفال أعزاء، وتجعل من بيتها جنة صغيرة. نعم، إذهبي راضيةً قانعةً، فإنّ المرأة المؤمنة العاقلة تتمكّن أن تكيّف نفسها وفقاً لما تتطلبه الأحوال، فتنسجم مع كلِّ وضع، وتتلاءم مع كلِّ اُسلوب في الحياة»[34].

لقد تضمن الجزء الخامس من الكتاب عدداً من الرسائل الخطيّة للعالمة الشهيدة بنت الهدى إلى بعض صديقاتها، نتلمس فيها الهموم الرسالية الكبيرة، والعواطف الجياشة، والأدب الرفيع. ومما جاءَ في إحدى رسائلها:

«عزيزتي، لقد كنا نشترك في المعاناة، وتحمّل الآلام، ولكن على اختلاف في أنواعها، والحمد الله الذي جعلنا من القوم الممتحنين في مسرح الحياة»[35].

ونقرأ الهموم الرسالية ضمن رسالتها إلى إحدى صديقاتها في لبنان والتي كانت معها في النجف:

«أرجو من الله أن يمكّنك من استعمال قوّة شخصيتك وصدق عقيدتك في لبنان أيضاً، فتدعين إلى فكرتك المثلى ولو في نطاق خاص وعلى نحو مخفف، فإنّي لأعلم أنّ الأفكار التي نعتنقها هنا في النجف، لا مجال لها في لبنان، ولا يمكن لأحدٍ أن يردّدها على أسماع فتيات بيروت. ولكن لا بأس من إعطائهنّ فكرة عامة عن اُمور رئيسة في الدين، كمقدرة الإسلام على الحكم في كلّ عصر ومصر، وكإثبات أنّ دين الإسلام دين التحرّر من قيود الجاهلية، ودين العزّة والمساواة، ونفي الفكرة المأخوذة عنه من أنه دين رجعي»[36].

نظرات نقدية

يعدُّ الكتاب أوّل موسوعة تؤرّخُ حياة المرجع الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره)، مسيرة وسيرة، من ولادته وحتى شهادته (1935 ـ1980م). وتحكي القصة الكاملة لحياة مرجع عبقري فذ قد سبق زمانه، وتقدّم أقرانه، بكل آلامها وآمالها، همومها وتطلعاتها، تلك الحياة الحافلة بالجدّ والاجتهاد، والزهد والرشاد، المفعمة بالتضحية والعطاء،  والإباء والمضاء، والبأساء والضرّاء.

لقد استفاد الشيخ المؤلف أحمد أبو زيد ـ حفظه الله ـ من جميع ما اُلّف وكُتب، وقيل وروي، عن طريق أساتذة المرجع الشهيد ورفاقه، وتلامذته وطلابه، والمؤرخين لحياته، والمطّلعين على أسراره وحالاته، والدارسين لأفكاره وطروحاته، وأخيراً عائلته الكريمة (الزوجة والأولاد) التي تعلم من أسرار حياته، وخفايا سلوكه ما لا يعلمه إلاّ الله. تلك العائلة المجاهدة الممتحنة، التي أنجاها الله من براثن الطاغية، وحصاره الرهيب، ومكره وكيده، وإن خرجت جريحة كليمة، مهيضة الجناح، مكسورة الخاطر، متمزقة الأشلاء، بيد أنها لا تزال وستبقى ـ بإذن الله ـ منيعة عزيزة، صابرة محتسبة، تشكو إلى الله تعالى جور الأبعدين، وخذلان الأقربين، ترتل: «إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ»، وتردّد: (ما رأيت إلاّ جميلاً)!

لقد جاءَ (الكتاب ـ الموسوعة) ثمرة خمس سنوات من البحث والاستقصاء، والكتابة والإحصاء، واللقاءات والحوارات، والتهاتف والاتصالات، موظّفاً ما قرره الطلبة المجتهدون، وجمعه الباحثون المحققون، وسجّله ورواه المؤرّخون المطلعون، محقّقاً ومدقّقاً، مقارناً وموازناً، مستقرباً ومستبعداً، في ضوء ما توفّر لديه من أخبار ومعلومات وحقائق ووثائق، بحذر ونباهة وذكاء مستعيناً بالهوامش الطويلة والمتوسطة، التي تعتبر من معالم الموسوعة البارزة ولا سيما في القضايا الحساسة، والأُمور المهمة، التي تُعدُّ انعطافات في مسيرة المرجع الشهيد وسيرته، كقضية تأسيس الحركة الإسلامية المعاصرة، وعلاقته معها، ومواكبته لها[37]، ودوره في جماعة العلماء وكتابته لمنشوراتها السبعة[38]، وموقفه من الثورة الإسلامية في إيران وقائدها، ووفود البيعة، ومشروع القيادة النائبة[39]، وشروعه بدرس البحث الخارج[40]، والحكم بالفصل بين الحوزة والعمل الحزبي[41]، وعلاقته بمرجعية السيّد الخوئي[42]، ومرجعية السيد محسن الحكيم[43]، وتصدّيه  للمرجعيّة[44].

لا نريد في هذا (النقد) أن نذكر الإيجابيات ومعالم الكتاب، وإن كان النقد يتضمن ذلك، بيد أننا قد تحدّثنا عنهما من خلال استعراضنا للمقدّمة التي وفّرت علينا ـ كما أشرنا ـ جهد اكتشاف المنهج والأُسلوب. لذا، نسجّل بعض (السلبيات)، التي قد يُنظر لبعضها ـ من منظور آخر ـ بأنها إيجابيات وحسنات. ولعل من أهمها:

أولاً: تدوين الأحداث والوقائع والمعلومات ـ في كثير من الأحيان ـ بصورة متجزّئة متفاصلة، تجعل القارئ ينتقل من حدثٍ إلى آخر لا علاقة له به، لا من قريب ولا من بعيد؛ لإنه يشترك معه في وعاء الزمن، كما تجعل فصول الموضوع الواحد متباعدة وأحداثه متناترة؛ لأنها وقعت في تواريخ مختلفة. حيث نجد ـ مثلاً ـ في صفحة واحدة الأُمور التالية: معاهدة الجزائر بين العراق وإيران، بلوغ بحث (المفاهيم)، وفود الحاج عبّاس، مشكلة المياة بين العراق وسورية[45]!

وقد نبّه المؤرِّخ إلى هذه (السّلبية) التي فرضها عليه المنهج المختار، الحولي الترتيبي الذي يتناول الأحداث بحسب السنين العمريّة للمرجع الشهيد، واعتبر ذلك ضرورياً كخطوة اُولى لقراءة الأحداث ضمن سياقاتها، والوقائع حسب ظروفها وملابساتها، تتبعها ـ بعد ذلك ـ خطوات اُخرى قادمة بإذن الله، تعتمد المنهج الموضوعي في تناول الأحداث والوقائع، وتوفِّر للباحثين موضوعياً الجهد والوقت، من خلال سيرة جاهزة، ومسيرةٍ حاضرة. وذلك شبيه بما طرحه المؤرَّخ له (المرجع الشهيد) في اعتبار التفسير الموضوعي “خطوة متقدمة” على التفسير التجزيئي.

وقد يضطر المؤلف ـ من أجل توضيح الصورة كاملة غير مجزّأة ـ فيلجأ إلى المنهج الموضوعي، كما فعل ذلك في الفصل الرابع الذي جاء بعنوان: جوانب من شخصيته[46]، والموقف من علي شريعتي[47]، والموقف من عمائم السوء[48]، والتصدّي للمرجعية[49]، وغيرها.

نتمنى من الأخ المؤلف أن يقوم هو بنفسه في طرح الموضوعات والأحداث بشكل موضوعي؛ لتكتمل الصورة بأبعادها المختلفة في الموضوع الواحد، ولا سيما في القضايا المهمة والحيويّة، كالحوزة العلمية وتطورها، والدولة ونظريتها، والحزب الإسلامي ودوره..

ثانياً: عدم دقّة الناقلين (الرواة) الذين شكّلوا مصدراً أساسياً من مصادر الموسوعة، وأخذت كلماتهم حيّزاً كبيراً، ولا سيّما إذا كانَ الناقل (الراوي) يحدّثنا عن معلومةٍ لم يسمعها أحدٌ غيره من فم المرجع الشهيد، أو يكون الناقل يتحدّث عن نفسه، أو جماعته، وما جاء من مدح بحقهما.

وأسباب عدم الدقّة كثيرة ومتعددة، قصوراً أو تقصيراً؛ لأن الإنسان مهما كانَ ثقة في نقله فإنه معرّضٌ للسهو والنسيان، والزيادة والنقصان، وبذلك يصل الحدثُ مشوّهاً، وقد يؤثر حذف كلمة (قيد أو شرط أو صفة) على الخبر فتغير من معناه ومغزاه.

وقد تلعب العواطف والمشاعر دورها في تشويه النقل من خلال أخطر اُسلوبين إعلاميين حذّر منهما القرآن الكريم ، وهما اُسلوب التضليل واُسلوب التعتيم:

«… لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (آل عمران: 71).

«وَلاَ تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة: 42).

فقد جاءت الآية الأُولى باُسلوب السؤال الاستنكاري التعجبي، فيما جاءت الآية الثانية باُسلوب النهي.

وهكذا تُطمس الكثير من المعالم والحقائق التأريخية، وتُحرّف الأحداث والوقائع.

وقد نبّه المؤلف إلى هذه السلبيّة، وأعطاها مبررين واقعيين:

1ـ قد يكون المتحدّث (الرواي) هو الوحيد الذي سمع من السيد الشهيد لظروف عديدة واقعية وموضوعية، فإنّ “طبيعة موقع الشخص قد تجعله الوحيد القادر على الإدلاء بشهادات من هذا القبيل”، كما هو الحال في فترة الحجز وغيرها من الأُمور التي انفرد بالاطّلاع عليها شخصٌ واحد بحكم الظروف والملابسات وطبيعة العلاقات وسرّيتها.

2ـ التفريق بين (النقل) و(التبنّي)، فإنه ـ كما يرى المؤلف ـ «لا ملازمة بين إسناد المعلومة وبين الاعتماد عليها، ولذلك لم أتردد في ممارسة هذه العملية (عملية التقويم ونقد المتون المروية)، حيث قمت بمناقشة ومحاكمة بعض الأُمور التي ظهر لي عدم دقّتها بتشذيبها دون أن أهمل ذكرها، إذ ربّما أفادت غيري. وإذا وقع تعارض بين مجموعة من الأقوال كنتُ أعمد إلى ترجيح بعضها على البعض الآخر وفق القرائن والمعطيات المتوفرة»[50].

ويؤكد التفريق بين ما يذكره وما يتبناه، بقوله: «فما أثبتّه في الكتاب لا يعني أكثر من أنّي أرويه، إلاّ حيث أنصّ على ذلك»[51].

وقد أشار إلى عدد من المحاذير في المقدّمة:

1ـ تجريد الحدث عن قرائنه.

2ـ نقل الراوي حدسه لا ما يقع تحت حسّه.

3ـ ملء الفراغ لمختزنات الحاضر.

4ـ شهادة الكلي ونقل الجزئي.

5ـ التسرّع في التعميم الاستقرائي.

6ـ دخالة الراوي في رسم الحدث التاريخي[52].

ثالثاً: وجود العديد من الأخطاء المطبعيّة في الكتاب ـ وليس النحوية ـ وكان ينبغي تلافيها بالاستعانة بمصححين ومراجعين.

يعترف المؤلف بوجود هذه الأخطاء المطبعية والفنية في مقدمة الكتاب، ويعزو ذلك إلى أنه «قد عمد إلى تصحيح الكتاب من خلال جهاز (الكمبيوتر)، لا من خلال الأوراق، الأمر الذي يؤدّي. بطبيعته إلى وجود عدد لا بأس به من الأخطاء المطبعية»، كما يعترف بأنّ «من الخطأ تصدّي المؤلف نفسه لتصحيح ما كتب؛ لأن الأخطاء تكون مختزنة في ذهنه بنحو يغفل عنها إذا تعثّر بها»[53].

ويقول في موضع آخر: «لقد قمت بتنضيد الكتاب وتصحيحه ومراجعته وإخراجه بنفسي، ولما بلغت مرحلة الإرهاق النفسي والجسدي نتيجة العمل المتواصل، أعانني الأخ الشيخ أحمد عمّار»[54].

ونحن إذ نبارك للأخ المؤلف هذه الجهود الرائعة، والمباركة، وهذا العزم الكبير، والإصرار على إنجاز هذه الموسوعة القيّمة لوحده، كما نقدّر له هذه الاعترافات على الأخطاء المتوقعة، بيد أنّ ذلك لا يجعلنا بمنأى عن (العتاب) بعدم الاستعانة بآخرين لتصحيح النصوص وتخليصها من أخطائها المطبعية والفنيّة.

ألا يحقُّ لنا أن نسأل: لماذا لم يستعن الأخ المؤلف بمصححين ومخرجين ومدققين، لتلافي (الكتاب ـ الموسوعة) العديد من الأخطاء؟ من اعترافه أيضاً بـ «ضيق الوقت» الذي لم «يسمح لي فعلاً بتصحيحه بشكل متأنٍ وإخراجه بشكل متقن»[55]!

لو كان هناك مساعدون لتوفرت لهذا الكتاب القيّم درجة أعلى من الكمال والجمال، حتّى لا تكتب (العذريّة) بدلاً من المعذّرية (ج1 ص294)، و(نقنى) بدلاً نفنى (ج1 ص330)، و(الأحول) بدلاً من الأحوال (ج1 ص333)، وحتى لا تتحوّل (الإحاطة) إلى (الاحاظة) (ج1 ص382)، و (السلوك) إلى (السلكوك) (ج2 ص63)، و(المباحات) إلى (المناجاة) (ج2 ص62)، و(نقطة) إلى (نقظة) (ج4 ص217)، و(رجال الأمن) إلى (رجال المن) (ج4 ص341). وحتّى لا تمتزج بعض الكلمات، كما في (رمياً بالرصاصو لم يتم) أي: رمياً بالرصاص ولم يتم (ج4 ص203)، أو في (يدر سهمكتاب المعارف) أي: يدرسهم كتاب المعارف (ج2 ص 306). وحتّى لا نجد سطراً كهذا: (ولكن إلى مـ حـ؟! إلى مـ حـ تستمرُّ فترة الانتقال) (ج4 ص193)، وغير ذلك من الأخطاء المطبعية والفنية، التي كنّا نتمنى أن لا نعثر عليها في مثل هذه الموسوعة الرائعة.

بيد أنّ هذه ـ الأخطاء قليلة على كثرتها، نسبةً إلى ضخامة الكتاب وعدد كلماته التي تربو على (المليون) كلمة على أقل التقادير.

وأخيراً وليس آخراً نسأل الله تعالى أن يوفّق المؤلف المؤرّخ إلى تلافي الأخطاء المطبعية والفنية في الطبعات المقبلة للكتاب، وإضافة ما فاته من وثائق وحقائق ومعلومات، كما نسأله تعالى أن تكون هذه الجهود المباركة التي بذلها في هذا (الكتاب ـ الموسوعة) صدقةً جارية في الحياة الدنيا، وذخراً وزاداً في الآخرة «يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (الشعراء: 88 ـ 89).

السيد عبد السلام زين العابدين(*)

مجلّة المنهاج / 46

(*) أُستاذ الدراسات القرآنية في الحوزة العلمية، من العراق.

[1] اُنظر: محمد باقر الصدر .. السيرة والمسيرة 1: 73 المقدمة.

[2] أنظر: المصدر نفسه: 74 المقدمة.

[3] راجع: المصدر نفسه: 30 ـ 31 المقدمة.

[4] المصدر نفسه 2: 277 ـ 334.

[5] المصدر نفسه 1: 34 المقدمة.

[6] راجع كتاب: اقتصادنا: 402 ـ 415.

[7] محمد باقر الصدر .. السيرة والمسيرة 1: 35 المقدمة.

[8] المصدر نفسه 1: 37.

[9] أنظر: المصدر نفسه 1: 39 ـ 70 المقدمة.

[10] المصدر نفسه: 41.

[11] المصدر نفسه 1: 3 ـ 78.

[12] المصدر نفسه: 87 ـ 95.

[13] المصدر نفسه 2: 277 ـ 334.

[14] المصدر نفسه: 300.

[15] المصدر نفسه.

[16] المصدر نفسه: 313.

[17] المصدر نفسه: 327.

[18] المصدر نفسه: 457 ـ 514.

[19] المصدر نفسه 3: 97 ـ 190.

[20] المصدر نفسه 4: 7 ـ 233.

[21] المصدر نفسه: 44.

[22] المصدر نفسه: 49.

[23] المصدر نفسه: 91.

[24] المصدر نفسه: 92.

[25] المصدر نفسه: 201.

[26] المصدر نفسه: 206.

[27] المصدر نفسه: 212 ـ 233.

[28] المصدر نفسه: 261.

[29] المصدر نفسه: 335 ـ 344.

[30] المصدر نفسه: 349 ـ 448.

[31] المصدر نفسه: 451 ـ 586.

[32] المصدر نفسه 5: 9 ـ 608.

[33] اُنظر كتاب: وجع الصدر: 121.

[34] محمد باقر الصدر .. السيرة والمسيرة 5: 577.

[35] المصدر نفسه: 575.

[36] المصدر نفسه: 567.

[37] المصدر نفسه 1: 345 ـ 346 و 255 ـ 286.

[38] المصدر نفسه: 297 ـ 327 و 360 ـ 364.

[39] المصدر نفسه 4: 252 ـ 258.

[40] المصدر نفسه 1: 165.

[41] المصدر نفسه 3: 62 و 65 ـ 72.

[42] المصدر نفسه 1: 172 ـ 184.

[43] المصدر نفسه: 237 ـ 393.

[44] المصدر نفسه 3: 108 ـ 114.

[45] المصدر نفسه: 103.

[46] المصدر نفسه 2: 277 ـ 337.

[47] المصدر نفسه 3: 352 ـ 371.

[48] المصدر نفسه 3: 118 ـ 140.

[49] المصدر نفسه: 108 ـ 114.

[50] المصدر نفسه 1: 36 المقدمة.

[51] المصدر نفسه: 37 المقدمة.

[52] المصدر نفسه: 86 ـ 87 المقدمة.

[53] المصدر نفسه: 81 المقدمة.

[54] المصدر نفسه.

[55] المصدر نفسه: 71 المقدمة.