التأسيس في فكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

أريد من «التأسيس» الإنجاز، الذي يمثل قاعدة جديدة لبناء، ومنطلقاً صالحاً لإشادة معمورة أو صرح عليه. ولعل مصطلح «التأسيس» – وهو من المصطلحات جديدة التداول – يستدعي مزيداً من الإيضاح والتحديد:

«التأسيس» – في ضوء جذره اللغوي – هو وضع الأساس، أي ما يصلح لإقامة البناء عليه. والأعمال التأسيسية في ميادين الفكر الإنساني هي: فئة الأعمال التي تتداخل مع فئات أخرى، وتمتاز عنها. فقد تدخل في فئة الأعمال الإبداعية، ولكن ليس كل عمل إبداعي صالحاً لأن يؤسس في ضوءه، وقد تدخل في فئة الأعمال التجديدية، وليس كل تجديد يمكن تشييد الصرح عليه. غير أن الإنجازات التأسيسية عامة تشكل منعطفات في تاريخ الأفكار.

أعني بالفكر- تناسباً ومحور البحث – ما يُراد من «السنة» في مصطلح العلوم الشرعية، الرجل الذي لم ينحصر نشاطه الفكري في حدود «الكلمة». بل تخطاها لُيعبر عن مشروعه من خلال الفعل والممارسة، فهو مصلح اجتماعي تحمل هموماً، وعاش ظرفاً لا يسعه فيه الإعراب عن بناهجه عبر الكلمات، نعم؛ كان الفعل في كثير من الأحيان هو الذي رسم معالم هذا البرنامج. ثم إنه لم يكن مصلحاً اجتماعياً فرداً، بل كان قائداً اجتماعياً، توفر على اتباع، ومن هنا أمكن قراءة أفكاره عبر سياق الأحداث، وما تقرره ردود أفعاله إزاء السلوك العام.

هدف البحث:

قد يرى بعض المتابعين أن الهدف الأساس لبحث يتمحور حول شخصية نظير السيد محمد باقر الصدر هو أن يُنصف الرجل؛ فنعيد تظهير إنجازاته، ونسجل له ما يستحق. وقد كان هذا الهدف يحدوني – لأسباب عاطفية أو موضوعية – صوب إشباع الدرس حول أستاذنا. لكنني ألمح في متابعتي هذه هدفاً يكاد يكون أكثر موضوعية وأقرب إلى الإنصاف. ذلك أنني أظن أن إنصاف الصدر بإعادة قراءته بعيداً عن الخطابة والشعر. واستهدف من هذا البحث وضع اليد على مستوى المنهج، أم كان يمس المفردات. ذلك أننا إن لم ننتوفر على رؤية هذه الإنجازات فسوف نكون مضطرين الى البدء مرة أخرى من الصفر، هذا الرقم الذي لا أعرف سره ، ولا أفهم سر إصرارنا على رفقته والتوفر عليه.

طريقتنا:

سؤالنا هو: هل كان للصدر عمل أو أعمال تأسيسية؟ ما هي طبيعة هذه الأعمال، وفي أي حقل من حقول المعرفة؟ من أين انبثقت، وكيف صح لنا تصنيفها على قطاع الإنجازات التأسيسية؟

وجدت أن الإجابة على هذه الأسئلة تستدعي متابعة تاريخية، نقرأ الرجل عبر تاريخه وتوالي حلقات حياته العلمية؛ لنضع اليد في ضوء هذه القراءة على ما نكتشفه من أعمال تأسيسية.

تأريخه العلمي:

في بداية العقد الرابع من القرن الميلادي الراهن بصر النور في سماء الكاظمية»، الضاحية الغريبة لعاصمة العراق بغداد.

تحدر من أسرة علمية عريقة، عُرفت بنبوغها في مجالات العلوم الإسلامية. وقد تلقى مبادئ العلم في محيط أسرته. هذه الأسرة التي فقدت عميدها ولا زال الابن «السيد محمد باقر» صبياً، لم يستوف عقده الأول. فكان الفقر حظ هذه الأسرة، هذا الحظ الذي لم يئن السيد محمد باقر عن مواصلة سعيه في طلب العلم، ليحظى عليه الأفذاذ في تاريخ البشر.

كان خياره من مجالات المعرفة خيار سلفه من الآباء والأجداد. فاتجه صوب النجف الأشرف، حيث كانت جامعتها مركز النقل لكل حوزات العلوم الإسلامية في العالم الشيعي.

تلمذ بشكل أساس في مجالات الفقه وأصوله على السيد أبو القاسم الخوئي.

أما في المجالات الأخرى فلم يُعرف له أستاذ سوى «الفلسفة»، حيث التقى «الشيخ صدر البادكوبي» أحد أساتذة كتاب «الأسفار الأربعة»، لصدر الدين الشيرازي، وقرأ معه هذا الكتاب بدأ في الإنتاج مبكراً، فقبل سن الرشد كتب دراسة نقدية لمنطق أرسطوا، لم يشأ نشرها وفي نهاية العقد الثاني من عمره كانت له رسالة في علم أصول الفقه. وظهرت له في هذه الفترة دراسة تاريخية حول «فدك». وفي نهاية عقده الثالث أخرج كتابه «فلسفتنا»، ثم جاء بعده «اقتصادنا»، ف«البنك اللاربوي في الإسلام». وكان عقده الرابع حكراً على كتاب «الأسس المنطقية للاستقراء»، الذي أخرجته المطابع في نهاية هذا العقد.

توالت بحوثه في علم أصول النفقة والفقه في الظهور. هذه البحوث التي حرر جلها في عقده الثالث، ثم أخذ بإلقائها على طلاب العلوم الإسلامية في حوزة النجف الأشرف. فجاءت كلها بأقلام تلامذته، ولم تطبع جميعاً تحت إشرافه، بل قدر لأغلب أبحاث علم أصول الفقه أن تطبع بعد رحيله.

وكانت آخر محاولاته مجموعة محاظرات في فلسفلة التاريخ ألقاها في أيامه الأخيرة، ومجموعة كراسات تمثل تخطيطاً عاماً لنظام الحكم، أشبه ما تكون بمواد الدساتير. وهناك محاولة في دراسة موسعة، تكاد تكون تأسيسية في مجال دراسة العقيدة الإسلامية، هذه المحاولة التي كتب منها شيئاً كثيراً، لكنها فقدت مع ما فقد من تراثه إثر مصادرة النظام في العراق لكل ممتلكاته، التي لم تكن إلا كتباً وأوراقاً وأثاثاً منزلياً بالياً.

ساهم في عقده الثالث بتقديم دراسات وطرح أفكار في مجال التنظيم السياسي. واستمر يحمل هم تغيير النظام السياسي باتجاه إقامة الحكم الإسلامي. فمارس قيادة اتباعه، وتنظيم عملية بعث الدعاة والمبشرين في أرجاء العراق، ثم تصدى إلى مواجهة نظام الحكم في العراق، مخاطباً جماهيره علناً وسراً، حتى شهادته. وبذلك رسم منهجاً فكرياً في ميدان العمل السياسي والاجتماعي.

إذن؛ أمامنا إنتاجه في علم أصول الفقه، وأمامنا دراساته في مجال الاقتصاد الإسلامي، التي يمثلها بشكل أساس كتابه «اقتصادنا» و «البنك اللاربوي في الإسلام». وفي مجال الفلسفة والمنطق أمامنا كتاباه «فلسفتنا» و «الأسس المنطقية للاستقراء». وهناك مجال آخر وهو المعقل الحصين والمطلب المسلح، أعني: الفكر السياسي.

وما دمت في مجال التاريخ أود التركيز على هذا المجال، إذ إن درسه يعتمد أساساً على المنهج التاريخي، فدون قراءة تاريخية فاحصة لتطورات الأحداث في حياة الصدر، وتطورات الصدر في سياق الأحداث، ودون فهم لرواية الرجل التاريخية لا نستطيع أن نقف على تصور واضح لمنهجه السياسي. وهنا أدعو بإخلاص إلى دراسة مستأنفة لهذا المجال من فكر السيد محمد باقر الصدر، أدعوا إلى اقتحام هذا المعقل، الذي لم اتوفر على الشجاعة الكاملة لاقتحمه اليوم، وقد كنتُ أهم بذلك منذ أكثر من عقد من السنين، متوخياً الفرصة والظرف الموضوعي، الذي يتيح لي درساً منصفاً لهذا الحقل المعرفي.

هل أسس الصدر في مجال الفكر السياسي؟ إنه لسؤال يستدعينا أن نقوم ونستقرئ أبعاد هذا الفكر عبر الكلمة والممارسة، واستناداً إلى وثائق الأحداث. إنه لسؤال يستدعينا الحق والإنصاف والوطن والدين أن نجيب عليه. ماذا صنع الرجل؟ هناك من له رأي، ولكن لا بد من الاتفاق على ضرورة معالجة هذا الموضوع؛ لأنه مطلب حياتي يرتبط بالمصير المنظور لملايين من البشر! إن أقل الواجب هو أن يسعى الجميع صوب تهيئة المناخ الملائم بغية دراسة هذا الموضوع، وتمحيص الموقف منه للخروج برؤية علها تنفع الناس.

أعود إلى المجالات الأخرى منه فقه وأصول وفلسفة ومنطق واقتصاد… لنرى المنطلقات التأسيسية التي أرسى الصدر دعائمها في هذه المجالات. على أن نتذكر مرةً أخرى مفهوم «التأسيس» فحينما نقول: إن الصدر لم يكن مؤسساً في نظري «الوضع» أو في أساس «حق الطاعة» فهذا لا يعني على الإطلاق أن نسلب النبوغ والابتكار والتجديد عن هذه المعطيات. بل أنا مؤمن بأن عموم دراسات وأبحاث أستاذنا الصدر حفلت بالجدة وتضمنت ابتكارات، وبرهنت على نبوغ نادر. وإنما نحن نبحث عن«التأسيس» وما يجب علينا أن نمسك به كقاعدة حيوية ونقطة انطلاق.

نبدأ بالفقه: لعل كتاب «اقتصادنا» هو أول أثر مطبوع انطلق من قاعدة فقهية، وتضمن درساً فقهياً تركه السيد الصدر. ثم كتابه «البنك اللاربوي في الإسلام»، وجاءت أخيراً بحوثه الفقهية التي واكبت الأسلوب السائد في حوزات الفقه الشيعي فتركزت حول كتاب «الطهارة».

ثم هناك دراسات لم تر النور انصب بعضها على مقارنة الفقه «فقه المعاملات» الإسلامي بالفقه الوضعي، وقد واكب في هذا المضمار اتجاه من سبقه من باحثين، ثم أخيراً «الفتاوى الواضحة» رسالته العملية.

إن نظرةً فاحصة لبحوث السيد الصدر الفقهية، أعني «بحوث حول العروة الوثقى» تنتهي بنا إلى:

-أن هذه البحوث في لغتها ومنهجها سايرت الأسلوب التقليدي، كما قرر في مقدمة الجزء الأول من هذه البحوث.

-أن هذه المسايرة وإن أثبتت مقدرة الفقيه البارع، لكنها لم تبرع في تأسيس أو تجديد.

-أن هذه البحوث استغرقت قرابة عقدين من عمره وعمر تلامذته، وقد انصبت جميعها على معالجة موضوع «الطهارة». هذا الموضوع الذي هو جزء من فقه العبادات. وهو – أي هذا الجزء – يرتبط بالسلوك الفردي المحضن في جل أحكامه.

كانت سياسة الصدر المستنير المجدد أن يساير ويداري النهج التقليدي المسيطر على حوزة النجف الأشرف العلمية، متربصاً الفرصة لكي يثور الفقه الإسلامي في مجالاته الفسيحة الأخرى. لكنها كانت الخسارة، فقد اختطفته يد المنون، وهو في ذروة نضجه، ولم تمهله الأقدار لكي يضع حجر الأساس لمشروعه الأساسي لمشروعه الأساسي في ميدان الدرس الفقهي عامة، هذا الطموح الذي تتطلع إليه الأجيال.

أجل؛ فكتابه «الفتاوى الواضحة» أكبر برهان على روح الاستنارة والتجديد، التي كانت روحه وزاده ونهجه. فقد جاء هذا الكتاب في لغته ومنهجه قفزة تجديدية في عرض الفقه الإسلامي للناس. كما أن كتابه «البنك اللاربوي في الإسلام» برهان آ×ر على هذا الادعاء؛ فقد كان هذا الكتاب محاولة لتكييف الفقه مع ظروف النظام المصرفي السائدة في عالمنا المعاصر، وقد تضمنت هذه المحاولة ابتكاراً وجدةً قائمة على تراث من رؤية فقهية فاحصة، وروح اجتهادي جسور.

والغريب حقاً أن نلاحظ: أن الصدر كان مجدداً ومؤسساً في كتاب «اقتصادنا»، هذا الكتاب حرره في نهاية عقد الثلث. بينما نجده مسايراً للنهج التقليدي في جل انتاجه الفقهي اللاحق. كم أعطى لهذه الحوزة من روحه! وكم سايرها ودارها لكي يهيئ الظرف المناسب لأداء رسالته! لقد خاطر بحياته من أجل إذكاء روح المعارضة للنظام الجائز، وكم كنت أتمنى لو خاطر قبل هذا فاستكمل مشروعه في البناء. وتأسيس ما يجب تأسيسه في ميادين الفقه وأصول استنباطه، وفي ميادين الفكر الإسلامي الأخرى!

فقد اغتالوا هذه الأمنية، ولم تكن لنا حيلة، ولم نع يومئذ أهداهم، التي تحققت اليوم.

نعود لنقرر أن الصدر كان مؤسساً في «اقتصادنا». ماذا أسس الرجل؟ ولم نسم هذا الجهد بالتأسيس؟ أطلق على هذا التأسيس مصطلح «فقه النظرية» وسوف أعالجه بشكل مستقل في القادم من هذا البحث.

نأتي على الحكمة والمنطق. لدينا «فلسفتنا» و «الأسس المنطقية للاستقراء».

بالنسبة ل«فلسفتنا» فالرأي بشأنها واضح، وقد سجلته عبر أكثر من دراسة. أما أطروحة «الأسس المنطقية للاستقراء» فالرأي بشأنها واضح، وقد سجلته عبر أكثر من دراسة. أما أطروحة تأسيسية في دائرة فكرنا نحن المسلمين. فالدراسات الاستقرائية خطت خطوات واسعة في الفكر العالمي المعاصر، لكن الفاتح لهذا الميدان في دائرة الفكر الإسلامي هو السيد محمد باقر الصدر بلا جدال. إذ إن جل الدراسات التي تناولت النهج الاستقرائي في عالمنا الإسلامي لا ترقى في أفضل الأحوال إلا إلى مستوى المحاكاة والتقليد لمدارس الفكر الغربي.

أما علم أصول الفقه فقد زخرت محاولات الصدر في هذا المجال بالابتكار والنبوغ والتجديد. ولكن لا يلوح لي أي عطاء تأسيسي في إطار هذا العلم، سوى استخدامه للدليل الاستقرائي، وسوف أدلل على هذا بشكل مستفيض في دراستي «المنطلقات العقلية للبحث في علم أصول الفقه». على أن نشير هنا للحق والإنصاف إلى أن أغلب بحوثه ومناقشاته سوف تكون بذوراً لاتجاهات تأسيسية شاملة، وهذا أمل وطموح أتذرع إلى الباري أن يحققه.

إذن تلخص لنا موضوعان تأسيسيان في فكر «الصدر» وهما:

«فقه النظرية» و «النزعة الاستقرائية» سنأتي على درسهما. على أن أشير إلى أن هذا اجتهاد في الاختيار، والمجتهد يُخطأ ويصيب.

فقه النظرية:

صنفت الدرس الفقهي في بحوث سابقة(1) إلى ثلاثة أصناف:

1– فقه الأحكام: وهو اللون السائد في حوزة الدراسات الفقهية الشيعية. حيث يتناول الفقيه مسائل مفردة، ويتعامل مع الأدلة مجتهداً؛ بُغية معاجلة كل حدة. وسيادة هذا اللون من الدرس الفقهي فرضته ظروف فقهاء الشيعة الإسلامية لم يكن لها مجال أوسع من مجال التطبيق الفردي. ولم يكن هناك مطلب ملح يفرض على الفقيه معالجةً.

تتعدى ما يتطلبه نشاط المتكلفين الشخصي من عبادة أو معاملة.

2– فقه النظرية: لنحدد أولاً دلالة مصطلح «النظرية»؛ هناك مفهوم سلبي لمصطلح النظرية، حتى إن من يعيب أحداً يقول: «إن ص ينظر»، ولعل هذا المفهوم السلبي نشأ من جراء الخلط بين الأقوال والنظريات، فهناك أقوال تقابل الأفعال. ومن يتكلم دون أن يفعل فهو منقول مدعي، وليس منظراً بالضرورة.

إن النظرية تعني الإطار العام للتفسير، وهي ضرورة أساسية لكل تصور متعدد المفردات فمتى ما توفنا على تصور ذي مفردات متعددة لزم أن نتوفر على محك ومقياس يصون لنا هذه المفردات من التناثر والتناشز، ويحفظ لها انسجامها. ولعل النظرية – وهي المجال الحيوي للتصورات المركبة – أمر تكويني لصيق بكل الكائنات. فبدءاً بالذرة وانتهاءً بأعقد الظواهر هناك مجال حيوي وإطار عام تنسجم في ضوئه مفردات وأجزاء هذه المركبات التكوينية.

إذن النظرية ضرورة إيجابية يستدعيها التركيب الفكري عامة، فبدون إطار نظري مترابط منسجم لا يستطيع الفنان أن يرسم لوحته، وإذا رسمها لا تأتي متناسقة منسجمة إلا في إطار مفروض صدقةً، أو خلقه اللاشعور الفني. ولولا الإطار النظري لا يستطيع عالم الاقتصاد أن يحلل ويوازن ما يزمع درسه من ظواهر اقتصادية، وبدونه يكون حاطب ليل، يأتي تحليله أكواماً مبعثرة من الكلمات.

نعود إلى مفهوم «فقه النظرية» في مدرسة الأستاذ السيد محمد باقر الصدر. حيث جاء هذا اللون من الدرس الفقهي في كتابه «اقتصادنا»:

كتاب اقتصادنا(2) – كما يعرفه المتابعون – تضمن جزأين رئيسين، الأول تناول فيه المؤلف عرض ونقد اتجاهات الاقتصادين الماركسي والرأسمالي. وخصص الجزء الثاني لطرح مذهب اقتصادي إسلامي.

أكد الصدر في بحثه عن المذهب الاقتصادي في الإسلام – وهو على حق في هذا التأكيد – أننا لا نملك مذهباً اقتصادياً إسلامياً جاهزاً، وإنما علينا إذا أردنا التعرف عليه استنباطه في ضوء المفاهيم الإسلامية العامة، وعلى أساس الأحكام الإسلامية، التي عالجت ظواهر تمس بشكل مباشر أو غير مباشر الممارسات الاقتصادية للفرد والأمة والحكم. من هنا يصبح استنباط المذهب الاقتصادي في الإسلام عملية اجتهادية، لكن الاجتهاد هنا ليس اجتهاداً بغية استنباط حكم الواقعة الفردية، بل هو اجتهاد من أجل استنباط المركب من المفاهيم والمبادئ العامة والأحكام التفصيلية. ومن هنا يضحى اكتشاف المذهب الاقتصادي الإسلامي اكتشافاً نظرياً؛ لأنه يتمحور حول مركب فكري يستدعي بالضرورة درجةً من الانسجام والترابط.

3– فقه النظام: هو فقه النظريات وفقه الأحكام معاً في عالم التطبيق. لكن آليته ومشكلاته تختلف اختلافاً أساسياً عن اللونين الأولين، وإن استوحى حلوله في ضوء معطياتهما. حيث تدخل فيه منطقة المرونة «أو ما يسميه الصدر منطقة الفراغ، ومشكلاتها وصلاحيات الحاكم وحدود هذه الصلاحيات. ثم جدوى النظريات الاجتهادية المختلفة في عالم التطبيق، وإمكانية استبدال المعالجات وحدود هذه الإمكانية…

«اقتصادنا» وفقه النظرية:

قرر الصدر في «اقتصادنا» حقيقةً في غاية الأهمية، هي أننا إذا أردنا معالجة مشكلات الحياة في ضوء تعاليم الإسلام لا بد لنا من التوفر على عنصرين رئيسين:

الأول: فهم آلية المشكلة، واستيعاب أبعادها بوصفها واقعاً موضوعياً.

الثاني: امتلاك منظار شامل لمصادر التشريع. أي أن نستبصر الأسس والمفاهيم والأحكام بعضها جنب الآخر.

على أساس هذا الفهم تنبثق ضرورة تأسيس «فقه النظرية»؛ لأننا إذا حاولنا أن نجيب على أسئلة محددة، وعلى وقائع تفصيلية، فليس هناك مشكلة أمام فقه الأحكام، ففقه الأحكام بقواعده وآليته المتداولة يؤمن لنا الإجابة على هذه الأسئلة. ولكن «حين يكون درسنا لتلك الأحكام، وعرضنا لها جزءاً من عملية اكتشاف المذهب الاقتصادي، فلا يجدي عرض المفردات فحسب لاكتشاف المذهب، وإن اكتفت بحوث كثير من الإسلاميين بهذا القدر، بل يتحتم علينا أن ننجز عملية تركيببين تلك المفردات، أي أن ندرس كل واحد منها بوصفه جزءاً من كل، وجانباً من صيغة عامة مترابطة؛ لننتهي من ذلك إلى اكتشاف القاعدة العامة التي تشع من خلال الكل، أو من خلال المركب، وتصلح لتفسيره وتبريره. وأما في طريقة العزل والنظرة الانفرادية فلن نصل إلى اكتشاف.»(3)

إذن لا بد من التركيب بين الأحكام للخروج بصيغة عامة تترابط عبرها أحكام التشريع. والنظرية ليس شيئاً آخر سوى هذه الصيغة والإطار الشامل الذي ينبغي اكتشافه.

والسؤال الذي طرحه الصدر هنا هو: كيف يتم صياغة هذه النظرية، وما هي المقاييس التي ينبغي اعتمادها في عملية الاكتشاف؟

وكانت إجابته: لا بد من عمل فقهي فكري اجتهادي، يتم في ضوئه الاكتشاف، على أساس مقاييس ومعايير.

وقد بذل السيد الصدر جهداً جديراً بالإكبار في سبيل تحديد آلية هذا العمل الفقهي. والكشف عن أصوله. وهذا هو التأسيس الذي نعنيه.

والمؤسف حقاً أن هذا الجهد والاجتهاد لم يتابع أدنى متابعة. وقد كنت أتصور خطأ أن مصطلح فقه النظرية هو ابتكار شخصي، لكن أحدث قراءة لكتاب «اقتصادنا» كشفت عن هذا الخطأ. فالصدر هون صاحب هذا المصطلح، حيث استخدمه في نص، وجدت من الملائم أن أنقله هنا:

«أما حين يريد هذا الفقيه أن يتخطى فقه الأحكام إلى فقه النظريات، ويمارس عملية اكتشاف المذهب الاقتصادي في الإسلام.. فإن طبيعة العملية تفرض عليه نوع الأحكام، فإن استطاع… وأما اذا لم يسعد بهذه الفرصة، ولم يسعفه اجتهاده بنقطة الانطلاق المناسبة.. فإن هذا لن يؤثر على تصميمه في العملة، ولا على إيمانه: بأن واقع التشريع الإسلامي يمكن أن يفسر تفسيراً نظرياً متسقاً شاملاً.» (4)

أجل، إن الفقه مدعو إلى فحص وتمحيص معطيات الصدر في مجال «فقه النظرية». بل تمحيص هذه المعطيات مسؤولية البحث الفقهي حصراً. لأننا إذا أوكلنا هذه المهمة لبحث لا يملك الوعي الفقهي المطلوب. فسوف نخاطر بأصالة الفكر الإسلامي على أن لا يكون هذا التحفظ مسوغاً للانكفاء والتشبث بفقه الأحكام؛ لأن هذا الفقه لا يشبع حاجات بحث في «نظرية». بل لا بد من البدء من حيث انتهى السيد محمد باقر الصدر. وقد حاولت متابعة الأستاذ في عرض نقدي لكتاب «اقتصادنا» نُسر في العدد الأول من مجلة الفجر. لكنني لم أجد أي رد فعل معقول يحث الباحث على متابعة الدرس في هذا الميدان الجاد، كما وجدت تثبيطاً غير مسوغ وأنا أعيد تظهير أطروحة الأسس المنطقية للاستقراء.

إن فقه النظرية يطرح علينا أسئلة كثيرة، كان لا بد من متابعتها وتحليلها – خصوصاً أن الفقه الإسلامي قد انتقل إلى مرحلة التطبيق العملي في إطار دولة ونظام قائم -، وأنا مؤمن أن كثيراً من الإرباك إنما نشأ من جراء فقد الممارسة، وفقد تنضيج فقه النظريات؛ لأن النظام هو فقه نظرية بالدرجة الأولى.

ثم إن فقه النظرية يثير أمام البحث مشكلات قد تكون إنارة لفقه الأحكام وإثراءً له. فعلى سبيل المثال، ذهب الصدر إلى أننا لكي نجهز نظرية نعدها للتطبيق لا بد لنا من الاستعانة باجتهادات متعدة، وهذه الاستعانة يراها ضرورية وأساسية بغية اكتشاف القاعدة، والأساس الذي تقوم عليه أحكام التشريع.

وهذا الاتجاه في «فقه النظرية» يطرح أمام فقه الأحكام مشكلات:

الأولى: الرجوع إلى الميت.

الثانية: تقليد الأعلم.

الثالثة: ضرورة انحصار التقليد بفرد واحد من قبل المكلف…

فالنظرية ليس ترفاً فكرياً، وإنما هي اجتهاد فقهي بغية تطبيقه على أرض الواقع، ليضحى ممارسة يمارسها الناس (المكلفون على حد تعبير فقه الأحكام). فهل يعملون برأي الطوسي؟ هل يرجعون إلى غير الأعلم الحي؟

لعلنا لو اضحنا البحث في فقه النظرية امكننا أن نفتح أمام فقه الأحكام نوافذ بصيرة أخرى، وكوى مناخ آخر، يغير نتائج البحث في هذا الفقه!

على أي حال أود هنا أن أنتهز هذه الفرصة لكي أطرح وجهة نظر تمس موضوع البحث: قد يطرح في ذهب المتابع الاستفهام الثاني: أليس نقصاً في الإسلام أن لا يطرح مذهباً اقتصادياً جاهزاً، أو قل نظرية اقتصادية؟

أقف في الجانب الآخر من هذا الاستفهام. حيث أجد أن إغفال رسالة الإسلام للنظريات هو سر خلود وإعجاز هذه الرسالة:

لنأخذ حقل الاقتصاد نموذجاً: هل هناك آلية ثابتة للنشاط الاقتصادي؟

إن النشاط الاقتصادي عبر عصوره المختلفة، وتبعاً له الفكر الاقتصادي لم يكن قالباً ثابتاً، بل طبيعة النشاط الاقتصادية – كما يدلل عليها التاريخ – متغيرة متطورة، وليس تطورات هذا النشاط سطحية طارئة، بل الاختلاف عميق بين عصور الاقتصاد. ومن هنا ليس هناك نموذج نظري متكامل يصلح أن ينطبق على كل هذه العصور، بل هي نماذج تتناسب ومستوى النشاط الاقتصادي، وتنسجم مع درجة النضج الثقافي والتطور العلمي.

وإنه لأعجاز حقاً أن يتوفر البشر على مجموعة مفاهيم ورؤى عامة إلى جانب مجموعة أحكام فقهية، وأن تتمكن هذه المجاميع من أن تكون أساساً صالحاً لاكتشاف نظرية توجه النشاط الاقتصادي بعد أربعة عشر قرناً من ميلاد تلك الرؤى والأحكام.

النزعة الاستقرائية:

أشرت إلى أن الصدر مؤسس «النزعة الاستقرائية» في دائرة الفكر الإسلامي. وقلت في بحث سابق(5): إن الصدر نقلنا عقوداً أو قرناً، أي إن «الأسس المنطقية للاسقراء» اختصرت لنا المسافة الفاصلة بيننا وبين إنجازات البشر. والنظرة الاستقرائية قيمة مستقلة، والأمر كذلك لدى حكماء المسلمين. إذ السبيل الوحيد للعلم – في مدرسة أرسطو – ينحصر بالبرهان وقاعدته الصورية «القياس». والاستقراء مأذون – لا في الدخول إلى زمرة مناهج العلم – شرط أن يرتد إلى قياس منطقي.

لكن الغرب عبر نهضته الحديثة زلزل صورة «أرسطوا»، الذي ارتهنت قرون البحث العلمي لمنطقة. بدءاً طُرح الاستقراء كمنهج قائم بذاته، تستدعيه متطلبات البحث في العلوم، ثم تجرأ حكماء الغرب للنيل من قيمة القياس الأرسطي في العلوم التجريبية، وتطور الأمر ليعصف الشك في عماد الفكر الأرسطي، أعني نظرية البرهان الأرسطية. وبلغ هذا الزلزال ذروته في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن الراهن، إذ قررت الوضيعة المنطقية «حلقة فينا» أن العلم برمته تجريبي استقرائي، حتى العلوم البحتة «الرياضيات». لكن العاصفة أعقبت أناةً حاولت إعادة الاعتبار لأرسطو، لا أقل في ميدان العلوم البحتة من رياضة ومنطق. ولا زال الفكر الغربي يتوالد بنسبة عكسية مع نسبة التوالد السكاني؛ على عكس النسبة في الشرق!!

لقد ظل العالم الإسلامي طيلة ثلاثة قرون أجنبياً تماماً عن كل التطورات الفكرية التي ساقت عجلة النهضة الأوربية الحديثة. ولا يزال القطاع الواسع من رواد الحكمة والمنطق في عالمنا أوفياء لأرسطو ومدرسته. متخذين هذه المدرسة وطئاً نهائياً. لا تجوز الهجرة مه. لكن هذا التوطين القسري لم يفحل دون أن ترفع هنا وهناك صيحات تبتغي كسر الطوق، دون جدوى؛ لأنها لم تأت إلا ردة فعل انفعالية ساذجة.

نعم، هناك محاولات محدودة اكتسبت طابعاً علمياً، وكانت أبرزها محاولة الدكتور زكي نجيب محمود في كتابة «المنطق الوضعي»، حيث حاول مواكبة المدرسة الوضعية الحديثة «حلقة فينا»، التي تمثل تراث الغرب في نهاية القرن الماضي وبداية هذا القرن. أجل؛ فجلُ الدراسات التي صدرت في العالم العربي والإسلامي حديثاً جاءت تعليقاً ونقداً على فكر الغرب في قرنية الثامن عشر والتاسع عشر، أو كانت ترجمة لفكر الغرب المعاصر. ولا نستطيع – للحق والإنصاف – أن نسجل لأحد عملاً أساسياً باتجاه دراسة فلسفة العلم المعاصر ومنهجه الرئيس سوى ما يشجل لأستاذنا العالم والإنسان السيد محمد باقر الصدر.

كانت دراسته «الأسس المنطقية للاسقراء» غزواً للفكر الغربي في عقر داره، ومحاولةً اعتمدت أصالة وتراث الشرق، لكي تخرج بنتائج موضوعية، بشأن أحد أخطر المنعطفات في الفكر الإنساني. وهنا لا يمكن أن نعده مؤسساً في دائرة الفكر الإنساني عامة؛ لأن النتائج والأسس التي اعتمدها رغم الاجتهاد والنبوغ الذي عكسته لم تكن أساساً جديداً في الفكر الإنساني عامة.

نعم هو مؤسس «النزعة الاستقرائية» في دائرة الفكر الإسلامي. فهو الذي ابتدأ دراسة الاستقراء بادئاً من حيث انتهى الغرب، وهو الذي أقام هذا الدرس على أساس تمحيص معطيات الفكر الغربي ونقده. وهو الذي تسلح بسلاح الفكر الغربي من رياضة ومنطق، ثم طوى البحث وجاء بنتائجه محتفظاً بشخصية الباحث المستقل، دون تقليد أو محاكاة. وهو الذي توفر على شجاعة الباحث الجسور، الذي يقارع أقدس صور الحكماء «أرسطو» وموقفه من الاستقراء.

وهنا يلزمني أن أشير إلى الحقائق التالية بشأن موقفنا من أطروحة الأسس المنطقية للاستقراء:

الأولى: أن هناك إهمالاً أو إغفالاً متعمداً لهذه الأطروحة، يسوغه أو هذه الأطروحة فكر جاد يتطلب بذل طاقات عقلية ورصد جهود وإمكانيات، والفكر الجاد هو أداة ازدهار وتقدم الشعوب، ونحن شعوب كتب علينا أمر آخر.

إن هذا الإغفال يؤثر بجد على علوم الشريعة أيضاً، إذ إن الرجل قد اعتمد الاستقراء ومصادراته ونظرية الاحتمال فيه أساساً لأهم قواعد الاستنباط الفقهي، وأكثرها خطورة على نتائج العملية الفقهية. وإن الرعيل المتقدم من تلامذته يقلدونه أو يوافقونه على هذا الاتجاه، بل اطلعت أخيراً على دراسة أصولية معاصرة، ذهب صاحبها مذهب الصدر في اعتماد الاحتمال والاستقراء كمنهج رئيس من مناهج البحث في علم أصول الفقه.

ومن المعلوم أن «الأسس المنطقية للاستقراء» هو أساس فهم هذا الرعيل لفكرة الاستقراء الحديثة، إذن؛ لماذا لا يعمم تعليمها، ولماذا يدعي بعضهم احتكار فهمهما؟ وأنا أشك في أساس هذا الادعاء!

الثانية: أن الصدر لم تتح له الفرصة – بحكم ظروفه الخاصة – لكي يواكب تطورات فلسفة العلوم في الغرب المعاصر، فقد وقف عند «كينز» كممثل للمدرسة المنطقية في الاحتمال، بينما لم يتابع «رودلف كارناب» فيلسوف العلم المعاصر وعميد مدرسة شيكاغو، وأحد أهم تطورات المدرسة المنطقية في الاحتمال. ولم يتابع «كارل بوبر» أحد أخطر فلاسفة العلم المعاصرين، الذي جاءت بحوثه – بشأن الاستقراء، بل نظرية المعرفة عامة – هزة عنيفة في النصف الثاني من القرن العشرين.

أجل، إن أحداً لا ينتظر يقظتنا، بل لعلهم يغتبطون لهذا الإغفال اللئيم، فالعالم والعلم يزدهر لدى الشعوب الحية وتزدهر به، ولا تستأذننا في مواكبة المسير.

الثالثة: لأنني لا زلت متفائلاً ومؤمناً بأن هناك ضمائر منصفة، إذا لم يتح لها أن تنهض اليوم فستقول كلمتها قريباً.

وفي سبيل تلافي الإهمال الذي أشرنا إليه اقترح ما يلي:

1– أن ترصد إمكانيات وأن تبذل جهودٌ في سبيل تعميم درس كتاب «الأسس المنطقية للاستقراء»، وفهمه فهماً واضحاً.

2– أن تعاد الحيوية لبحوث هذه الأطروحة عبر مناقشتها ونقدها ومحاولة استكمال جوانبها.

3– الفات النظر إلى التطورات اللاحقة والقائمة بشأن مناهج العلوم وفلسفة العلم المعاصر.

الرابعة: أن الاهتمام الجاد في سبيل درس الاستقراء، وتعميق البحث في مناهج العلوم السائدة في جامعتنا العلمية ومناهج البحث في الحوزات العلمية. كما له الأثر الخطير على مستقبل العلوم في عالمنا الأسلامي.

وأخيراً أؤكد: أن اختياري للجانب التأسيسي في فكر الصدر يسوغه أهمية البنية التحتية للمعرفة، وأثرها على التطور الفكري. لقد اطلعت في إحدى الإصدارات الأخيرة على مناقشة لا تخلو من قسوة وانحياز ارتكبها المتجادلان معاً.

فالأول حاول أن يحرم الصدر من ابتكار نظرية الوضع القائم علي القرن الأكيد بين اللفظ والمعنى، ناسباً إياها لعالم النفس والفسلجة الروسي «بافلوف»، والثاني حاول الثأر للصدر وإعادة الحق إلى نصابه، وهنا أقول لهما معاً:

اتركوا هذه المتابعات، فهي لا تجدي على العلم ولا على أصحابها شيئاً. إن متابعة عثرات العلماء حواش لا تنفع، وقديماً قيل عليكم بالمتون لا بالحواشي. وأدل دليل على ذلك هو أن القرن اللفظي كأساس لنظرية الوضع ليس ابتكاراً لبافلوف، بل هي نظرية التفت إليها اللغويون الأوائل، وقد أكدها العالم اللغوي الرضي السترابادي في كتابه «شرح الكافية» في بحثه عن الدلالة.(6)

إن الاهتمام الجاد ببحوث السيد الصدر يستدعي قراءة جذرية لأسس تفكير هذا الرجل الاستثنائي ومحاولة فهمها المصنف. ثم لا ضير في نقدها، بل يجب أن تناقش وتنقد على أساس من العلم والبصيرة.

اللهم ألهمنا الصبر وعلمنا الإنصاف وأزل الغشاوة عن بصائرنا إنك سميع مجيب.

عمار أبو رغيف

 (1) دراسة نقدية للفكر الاقتصادي الإسلامي في إيران المعاصرة، تُرجمت ونشرت باللغة الفارسية في جريدة «خراسان» على حلقات.

(2) لنا عرض لهذا الكتاب في دراسة لم تنشر، تمثل متابعة نقدية للفكر الاقتصادي الإسلامي المعاصر.

(3) اقتصادنا، محمد باقر الصدر، ص395 – 396.

(4) المصدر نفسه، ص422.

(5) منطق الاستقراء، عمار أبو رغيف، المقدمة.

(6) لقد أشرت في البحث حول «نظرية الإدراك» إلى هذا الموضوع، الذي اطلع عليه أستادنا عام 1978م في النجف الأشرف، وقد اهتم بمراجعة مصدره، وطلب مني تحديد صفحات الكافية التي جاء فيها هذا الابتكار. وهنا لا بد لي من إرجاع الفضل لأصحابه، حيث لم أستطع الإشارة في كتابي «نظرية الإدراك» إلى مكتشف هذا الابتكار، وهو أحد معلمينا الدكتور عبد الهادي الفضلي، حيث نشر مقالاً أظنهُ في مجلة «رسالة الإسلام» كشف فيه أن نظرية المنعكس الشرطي لبافلوف اكتشفها الرضي الاسترابادي قبل قرون.

*     *      *