دور فكر الشهيد الصدر في الثورة الإسلامية في إيران (قراءة في التأثير المتبادل بين الحركة الإسلامية في العراق والثورة الإسلامية في إيران)

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

المقدمة

كانت ثورة بهمن (شباط) 1979م انعطافاً تاريخياً وبنيوياً في تاريخ  إيران والإسلام، بل في عالمنا المعاصر بشكل عام، ولذا عبر عنها الإمام الخميني بـ «المعجزة الإلهية»، وقد جعل هذه الثورة الكثيرين من المفكرين والسياسيين والمؤرخين في حيرة وعجب. وأهم أسباب ذلك التعجب والاستغراب هو أن الثورة لم تكن متوقعة بالنسبة لهم هذا من جهة، ومن جهة أخرى الأهداف والقيم السامية والمثالية التي طرحتهان كما أن أهميتها بالنسبة لعالمنا المعاصر تكمن أيضاً في البعد الأيديولوجي والديني اللذين تحملهما.

والحقيقة، هي أن أهمية الثورة وعظمتها تكمن في انتصار الفكر والعقيدة الإسلامية في جميع أبعاد الحياة البشرية. وعلى هذا الأساس فإن الغرابة التي فيها تعود للعامل الأساسي ذاته. وعلى حد تعبير ديليب هيرو: «على مدى السنوات الستة الأولى من الثورة كانت أكثر من جميع ما شهده العالم خلال ستين سنة من وقائع غريبة …»[1].

ففي الفترة التي كانت فيها قوة الإسلام السياسية والعسكرية تميل نحو السقوط تماماً وينحصر فيها دور الدين في حياة العالم، ظهرت هذه الثورة لتبرهن على قوة الثقافة الإسلامية، فكانت الأمل الذي أشرق في قلوب المسلمين وجعلهم يؤمنون بأن الإسلام وبوصفه ديناً حياً ونشطاً يمكنه أن يلعب الدور الأساس في خلاصهم وإنقاذهم لذلك كان للثورة تأثير كبير وواسع على المنطقة والعالم الإسلامي، وبالإمكان تلمس ذلك في بلدان مثل العراق ولبنان وفلسطين والجزائر و…

كما أن الثورة الإسلامية في إيران لم توجد من عدم، بل بتأثير من عقائد وأفكار ونظريات وتطورات متعددة ومتنوعة في العالم الخارجي.

وفي هذه الدراسة سنحاول إلقاء الضوء على التأثير المتبادل بين الثورة الإسلامية في إيران والحركة الإسلامية في العراق… وسؤالنا الأساسي هو: ما هي علاقة «الحركة الإسلامية العراقية» بالثورة الإسلامية في إيران؟ والسؤال بدوره ينقسم إلى قسمين، هما:

1- تأثير الحركة الإسلامية في العراق على الثورة الإسلامية في ايران.

2- انعكاسات الثورة الإسلامية في إيران على الحركة الإسلامية في العراق.

وقبل الخوض في البحث، لا بد من توضيح بعض المفاهيم والمصطلحات الواردة في الدراسة:

1- الثورة الإسلامية في إيران: ونقصد بها الحركة المباركة والعظيمة للشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني، والتي تستند إلى جذور في تاريخ الإسلام وإيران، واستطاعت أن تحقق النصر في 22 (بهمن – شباط) 1979م.

2- الحركة الإسلامية في العراق: هو تعبير عن التحرك الفكري والعملي للإسلاميين العراقيين الشيعة بقيادة آية الله (الإمام) الشهيد السيد محمد باقر الصدر، الذي بدأ بتأسيس «حزب الدعوة الإسلامية» ولا يزال هذا الحزب مستمراً إلى اليوم. وفي هذا البحث يكون استنادنا على الأفكار والمنهج السياسي للشهيد الصدر وأتباعه.

3- الارتباط (التأثير المتقابل): الذي يعبر عن نوع من التأثير والاتجاه الفكري والعملي لظاهرة أو حركة على ظاهرة أو حركة أخرى.

وعلى أساس سؤالنا والمفاهيم التي عرفناها أعلاه، سيكون محور بحثنا في هذه الدراسة هو الفرض التالي: «لأسباب تأريخية ونظرية وعملية كان لأفكار ومنهج الشهيد الصدر وحزب الدعوة الإسلامية تأثير بنيوي وأساسي على الثورة الإسلامية في إيران قبل وبعد انتصارها، ومن جانب آخر، كان للثورة الإسلامية في ايران انعكاسات واسعة على الحركة الإسلامية في العراق من حيث نموها واتساعها وتكاملها واتجاهها الراديكالي.»

البحث النظري:

إن أية حركة أو ثورة لا تقوم في الفراغ، كما أن جميع الظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية تخضع لتأثير أسباب وعوامل مختلفة. ولا تستثنى من تلك القاعدة الثورات والحركات.

وعلى هذا تكون الحركة أو الثورة نتيجة ونهاية من جهة ، وعلى حد تعبير القائد الوطني الإيطالي (جيوسبي مازيني) حول الثورة الفرنسية: «لا يمكن اعتبار الثورة الفرنسية برنامجاً، بل هي نتيجة … ولم تكن الثورة الفرنسية بداية عصر جديد، بل هي آخر ظاهرة لعهد مضى.»[2].

ولكن، تعد الثورة، من جهة أخرى، بداية وانطلاقه، الانطلاقة التي تبدأ بنظام جديد لبناء حضارة. وكما يقول توماس بين (حول الثورتين الفرنسية والأمريكية):

«… ما نراه اليوم في العالم من الثورتين الفرنسية والأمريكية، صورة حديثة عن النظام الطبيعي للأشياء…»[3] وأرى إمكانية تصور الثورة (وحتى الحركة) كائناً حياً وعضوياً، له حياة واسعة وشاملة، أكثر سعة مما يتصور عادةً، وهذه الحياة أو بعبارة أخرى « أرضية الثورة » تبدأ مع غرس بذور الثورة في أرضية الحياة الاجتماعية، أي تنبت هذه البذور وتنمو وتثمر فتصل إلى الكمال أو (البلوغ الثوري).

والبلوغ في الثورة يعد أهم مرحلة في حياتها، ويعني تحققها أو انتصارها. لكن أرضية الثورة لا تنتهي بهذه المرحلة، بل تستمر حتى نهاية عمر الحضارة التي تبنيها والأفكار التي تأتي بها في الثقافة العالمية، بعبارة أخرى الثورة ظاهرة متنامية ومستمرة  ومتحركة، لها مبدأ وحياة ونمو وبلوغ، وفي النهاية تبني مجتمعاً له قوانينه العضوية الخاصة.

وفهم طبيعة أية ثورة وحركة، بل وأية فكرة، يحتاج إلى معرفة لهذه الأرضية أو الحياة العضوية المستمرة. وبعد أن رسمنا هذه الصورة الممتدة عن الثورة، علينا الالتفات إلى أن هذه الظاهرة ليست مستقلة، لا تخضع لتأثيرات العالم الخارجي، وبتعبير آخر، «الثورة» و «الحركة» و «الفكرة» أو أية ظاهرة اجتماعية وسياسية وثقافية تتكون وتنمو وتتكامل على أساس عوامل مختلفة، داخلية وخارجية. وعند ذاك تشق طريقها داخل الظواهر الأخرى والمجتمعات الأخرى. إذن، الثورة والحركة الاجتماعية بوصفها ظاهرة – وبحكم استمرارها وامتدادها – تقع تحت تأثير ظواهر و… أخرى.

فدراسة جميع الثورات والحركات في تاريخ البشرية تقودنا إلى هذا التأثير المتقابل، فالثورة الفرنسية لها جذور في تاريخ القرون الوسطى، وفي التطورات التي شهدها الغرب وفي عصر النهضة وفي أفكار فلاسفة ومفكرين أمثال لوك وروسو و… وتجدر الإشارة إلى أن كثرة نقاط الالتقاء وعوامل الشد بين الثورة وسائر الظواهر، يزيد من عملية التأثير المتقابل ويوسع من دائرته.

فعلى سبيل المثال، يمكن الادعاء أن تأثير أفكار روسو على الثورة الفرنسية، أقوى وأوسع من تأثير أفكار ميكافيلي.

وعلى أساس ما تقدم؛ فمن الناحية النظرية، تشمل هذه القاعدة «الثورة الإسلامية في إيران» و«الحركة الإسلامية في العراق» أيضاً.

أرضية التأثير المتقابل:

لأن الثورة، في الأساس، تيار فكري وعقائدي، يتحقق في المجتمع في إطار تحرك وعمل، ولأنها تمتلك ديناميكية، فعلى أساس بعض مباني هذا التحرك والديناميكية والتيار الفكري تخضع الثورة لتأثير سائر التيارات الفكرية، أو أنها تتأثر بتلك الأفكار والتيارات الفكرية وهنا نشير إلى بعض تلك المباني:

1- الارتباط الثقافي: إن وجود ارتباط ثقافي بين مجتمعين – بالمفهوم العام  يوجد حالة من التأثير المتقابل بينهما في حال حدوث تطورات فكرية أو ثقافية في أحدهما. وعلى حد تعبير أحد الباحثين: «تكامل الأصولية الشيعية، كان نتيجة ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية وقعت في العراق وكذلك بتأثير من إيران وسوريا.»[4].

2- العوامل والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فالمجتمعات التي تعاني من الظلم، تتجه أساساً نحو العالم الخارجي. خاصة لو شاهدت في الخارج تحولاً مثالياً يمكن تطبيقه على ظروفها، وهذا الموضوع من عوامل الانعكاس والتأثير.

3- الانسجام ووحدة الهدف في التحرك، لو كانت الحركتان منسجمتين وتسعيان إلى هدف واحد في المجتمعين، فمن البديهي أن يكون التأثير المتقابل بينهما أمراً قطعياً. وهو ما شهدته بعض مدن العراق، مثل النجف وكربلاء من مظاهرات تأييداً للثورة الإسلامية بعد يوم من المظاهرات المليونية التي حدثت في إيران يوم 22 بهمن (11 – شباط – 1979).

4- أصل الدعوة وقبولها: عادة ما تطالب الثورات والحركات بإقامة العدل والنظام، وتوفير فرص لحياة سليمة وتنظيم شؤون المجتمع، وعلى هذا فلكل ثورةٍ «دعوةٍ» في طياتها، تخاطب بها البشرية، وفي مقابل أصل الدعوة، هناك أيضاً «قبول الدعوات» الذي يعد من طبائع البشر، ولهذا فإن لكل دعوة مستمعيها وأنصارها.

5- حب التطلع والبحث عن الحقيقة: فالتطورات الاجتماعية والأفكار الكبيرة تجذب إليها الأشخاص الأذكياء الذين يحاولون معرفة الحقيقة، وهو السبب في معرفتها وقبولها.

6- تصدير «الرسالة» أو الفكرة، تسعى كل فكرة أو حركة إلى الانتشار وتصدير رسالتها وأهدافها ورؤاها، وهو ما يجد صداه في المجتمعات الأخرى. خاصة الحركات والثورات التي تحمل رسالة إنسانية، فمثل هذه الثورات والحركات لا يمكن حصرها في أطر جغرافية أو قومية.

7- عوامل الشد (الربط)، هناك عوامل تؤدي إلى ترابط وقرب مجتمعين، كما تؤدي إلى سريان الافكار والتطورات من أحد المجتمعين إلى الآخر، فيكون لأي تغير في أحدهما انعكاسات في الآخر.

وفيما يتعلق بالعلاقة بين الثورة الإسلامية في إيران والحركة الإسلامية في العراق، لا بد من الالتفات إلى عدة عوامل تؤدي إلى ترابط هذين المجتمعين.

عوامل الربط (الشد):

من أهم العوامل التي أدت إلى تقارب وترابط الشعب الإيراني المسلم والحركة الإسلامية الشيعية في العراق، والتي لها أبعاد تاريخية مهمة، هي:

1- التشيع الاثنا عشري الذي أوجد علاقة معنوية خاصة بين شيعة العراق والشعب الإيراني – نظراً للعقائد السياسة المشتركة بينهما – وفي هذا الصدد يقول هراير وكمجيان:

«وجود مجتمعات شيعية واسعة في إيران والعراق، أوجد حالة من التعايش بين المؤسسات الروحية في البلدين.»[5].

2- النسيج الثقافي المتشابه، فعلى مدى قرون طويلة كانت أرض العراق الحالي جزاءاً من الإمبراطورية الإيرانية. ولا تزال آثار الحضارة الإيرانية تشاهد في المدائن والعديد من المدن العراقية. كما أن الشيعة العراقيين كانوا يرون أنفسهم دائماً في ظل حكومة إيران. لذلك فالنسيج الثقافي متشابه جداً بين الطرفين، مع أنه لا بد من الالتفات إلى الثقافة السامية في المنطقة.

3- التجاوز ووجود حدود طويلة مشتركة، خاصة وأن أغلب سكان المناطق الحدودية في البلدين هم من العشائر، التي لها تنقلاتها ومراعيها عبر الحدود، في حين لم تكن هناك فيما مضى سيطرة على الحدود من قبل الحكومات.

4- ومع الأخذ بأن السلطة في العراق كانت على الدوام بيد أقلية سنية (العثمانيون والعهد الملكي و …) فإن الشيعة كانوا على الدوام يتجهو نحو إيران في القضايا السياسية، باعتبارها تمثل عمقهم السياسي والمذهبي، وكانت الحكومات الإيرانية أيضاً تخطو بهذا الاتجاه. وقد كان لهذا الأمر أهمية خاصة حتى نهاية العهد القاجاري (1924م).

5- وجود الحوزات العلمية والعلاقة العلمية والفقهية ببين المجتعمعين، وتواجد مدرسين وعلماء وطلبة إيرانيين في الحوزات الشيعية العراقية – خاصة حوزتي النجف وكربلاء – وكذلك وجود علماء وطلبة عراقيين في الحوزات الإيرانية، إضافةً إلى ذلك هناك عدد كبير من الإيرانيين المقيمين في العراق، وما ينتج عن ذلك من تزاور وتلاقح بين المجتمعين.

6- وجود العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء في العراق، وزيارتها من قبل الشيعة الإيرانيين، وفي المقابل هناك العتبارت المقدسة في إيران، في مشهد وقم وزيارتها من قبل الشيعة العراقيين، قد أوجد هذا لأمر علاقة خاصة بين المجتمعين – أهل العلم على وجه الخصوص.

7- وجود مركزين مهمين – سياسياً وثقافياً – للشيعة، أحدهما في العراق (النجف) والثاني في إيران (قم)، ويعد هذان المركزان من أهم المراكز الثقافية والسياسية الشيعية في العالم. إضافة إلى أن هاتين المدينتين كانتا ولا زالتا محلاً لكبار مراجع الشيعة، فقد حافظتا دوماً على استقلاليتهما من الناحيتين السياسية والثقافية. وحتى انتصار الثورة الإسلامية في إيران كانت النجف لها أهمية كبرى، ففتوى تحريم التنباك المشهورة، أصدرها مرجع الشيعة الميرزا حسن الشيرازي من سامراء، لتحد من غطرسة القاجاريين في إيران.

وحول العلاقة الثقافية والعقائدية بين الشيعة في العراق وإيران بشكل عام. يقول أحد الباحثين: «… وكان للعلاقات المستمرة بين مراكز الفكر الشيعي في كلا البلدين، إيران والعراق، .أثر في ترسيخ الأثر الفارسي في العراق والأثر في العراقي في إيران. وقد أسفر هذا التفاعل الشيعي الفكري بين البلدين عن نشوء حالة فكرية دينية في العراق – حيث معظم السكان من الشيعة – الزعامة فيها للعلماء الإيرانيين، أو من أصل إيراني …»[6].

ويورد الباحث نفسه إحصائية عن طلبة المدراس العلمية (الحوزات) في النجف الأشرف في سنة واحدة، فيقول: إن من مجموع 1954 طالباً، هناك 898 إيرانياً و326 عراقياً، و324 باكستانياً، و270 تبتياً. والباقون من الهند وكشمير وسوريا ولبنان والبحرين والإحساء والقطيف[7].

المحور الأول:

تأثير الحركة الإسلامية في العراق على الثورة الإسلامية في إيران:

أ – بحث تاريخي:

1- بداية تحرك الشهيد الصدر:

يمكن القول: إن الحركة الإسلامية المعاصرة في العراق بدأت عندما قام الشهيد الصدر بتأسيس حزب ثوري، هو «حزب الدعوة الإسلامية». وعلى حد قول جريدة الجهاد الاسبوعية، فقد تأسس هذا الحزب في ربيع الأول 1377هـ الموافق لشهر اكتوبر 1957م[8]. وحسب مصدر آخر فان تاريخ تأسيسه يكون في بداية سنة 1958م[9]. وقد تأسس هذا الحزب من أجل إعادة الإسلام الحقيقي واستعادة المسلمين لهويتهم الفكرية، والدعوة للإسلام وتعئبة العلماء والناس فكرياً وسياسياً[10].

ويعد هذا الحزب اليوم بعد مضي 35 سنة على تأسيسه من أهم الأحزاب والمنظمات الشيعية في العراق، وحسب تعبير دكمجيان:

«وفي مقدمة الحركات والتنظيمات الثورية، يعتبر «حزب الدعوة الإسلامية» النواة الأساسية لحركة المقاومة الشيعية … والدعوة حزباً يقوده علماء ومتعلمون شباب يستلهمون أفكارهم من مجتهد مستنير وتقدمي هو محمد باقر الصدر … ومع ذلك، فقد بقي حزب الدعوة أقوى الحركات والتنظيمات الشيعية في العراق.»[11].

ويضع الحزب أربع مراحل لبلوغ أهدافه وإقامة الحكومة الإسلامية، هي: «المرحلة التغييرية، المرحلة السياسية ،مرحلة تأسيس الحكومة الإسلامية، وأخيراً مرحلة الإشراف على إجراء القوانين الإسلامية»[12].

إضافةً إلى ذلك، قام بعض العلماء في النجف الأشرف بتأسيس «جماعة العلماء المجاهدين» وذلك بعد ثلاثة أشهر من الانقلاب الذي جاء بـ «عبد الكريم قاسم» إلى السلطة وذلك لمواجهة التيارات الإلحادية والمنحرفة. وكانت قيادة الجماعة بيد آية الله السيد محسن الحكيم وقد كتب الشهيد الصدر أول بيان لها . وبتأثير من أفكار الشهيد الصدر السياسية، اتخذت الجماعة منحاً سياسياً في جهادها. وقد أصدرت مجلة باسم «الأضواء» فكان الشهيد الصدر يكتب افتتاحيتها، التي جمعت فيما بعد وطبعت باسم «رسالتنا». يقول السيد محمد باقر الحكم في مذكراته: «قامت جماعة من طلائع الحركة الإسلامية وأبناء «جماعة العلماء» بكتابة نموذجاً للدستور الإسلامي مستلهمين أفكارهم من آراء الشهيد السيد محمد باقر الصدر وفي ضوء إرشاداته ….»[13].

2- علاقات الحركة الإسلامية في إيران والعراق إلى ما قبل آيار (خرداد) 1363 في زمن مرجعية آية الله البروجردي، كان الشهيد الصدر يعرف الإمام الخميني من خلال كتاباته وبعض الأشخاص الذين يتحركون بين قم والنجف، وكان موضع اهتمام بالنسبة له. وفي هذا الصدد يقول السيد محمد باقر الحكيم: «في زمن مرجعية المرحوم السيد البروجردي وعندما كان الإمام الخميني في قم، كان آية الله الشهيد الصدر يذكر بعض علماء وشخصيات قم، وكان الإمام الخميني من الشخصيات المعجب بها …»[14].

وبعد وفاة آية الله البروجردي سنة 1961، بدأ الإمام الخميني تحركه بالتدريج. فكانت الخطوة الأولى في تلك الفترة مواجهة ما سمي بـ (لجان الولايات والمدن)، ومن بعده الاستفتاء الأمريكي على الثورة البيضاء. وكان آية الله الصدر باعتباره قائد الحركة الإسلامية في العراق يتابع بدقة وعن كثب أحداث إيران وأخبارها. وعلى هذا، قام بتأييد حركة الإمام الخميني في إيران، وفي هذا الصدد، يقول السيد محمد باقر الحكيم: «بعد وفاة المرحوم البروجردي وبداية تحرك الإمام ضد حكم الشاه الجائر، كان الشهيد الصدر من القلائل الذين أيدوا هذا التحرك السياسي، وكان يضغط – عن طريقي – على مرجعية آية الله الحكيم للسير في الاتجاه نفسه … وقد تكون أكثر مواقف السيد الحكيم الايجابية فيما يتعلق بتحرك الإمام الخميني، من ايحاءات السيد الشهيد الصدر مباشرة أو بشكل غير مباشر، بواسطة أخوة آخرين»[15].

وكان تأثير تحرك الشهيد الصدر على آية الله السيد الحكيم، من أجل هدفين:

1- دفع السيد الحكيم ومقلديه نحو الثورة.

2- تأييد ودعم تحرك الإمام الخميني في إيران.

إثر أحداث 15/ أيار/ 1963م (انتفاضة 15 خرداد) توالت على إيران العديد من الرسائل والبرقيات من العراق، وكان هناك شبه تعاون بين الحركة الإسلامية في إيران والحركة الإسلامية في العراق. ففي حديث صحفي لأحد الوزراء المستشارين الإيرانيين (جهانكير تفضلي)، بتاريخ 4/ 4/ 1963 (قبل الانتفاضة) يجيب الوزير على سؤال صحفي حول الاجراءات التي اتخذها علماء العراق، فيقول: «ليس هناك خبر رسمي دقيق. لكن الشائعات تقول: إن أغلب الطلاب الإيرانيين والعلماء الشرفاء الحقيقيين الإيرانيين في العراق أيدوا ثورة الشعب الإيراني (يقصد الثورة البيضاء أو الاصلاحات الأرضية)، إلا بعض المتلبسين بزي العلماء الذين وصلتهم أموال من العقيد (جمال) عبد الناصر، فقد تم تحريضهم لكي يغيروا اسم الخليج الفارسي إلى الخليج العربي ويواجهوا بنذالة ثورة الشعب الإيراني المقدسة …»[16].

هذه الهجمة الإعلامية الشرسة التي قادها النظام في إيران ضد علماء العراق، كانت بسبب وقوف العلماء إلى جانب انتفاضة الشعب الإيراني وقيادته. وفي تلك الفترة وصلت برقية من آية الله الحكيم إلى الإمام الخميني وعلماء إيران، يدعونهم فيها لهجرة جماعية إلى العراق (النجف) وقد أثارت هذه القضية غضب نظام الشاه بشدة، فقام وقبل وصول البرقية إلى قم بإرسال مجموعة عسكرية تحمل بلاغاً شديد اللهجة للإمام وعلماء قم من أجل الحيلولة دون هذا التحرك وبث الرعب بين طلبة الحوزة. ورغم أن الإمام امتنع من استقبال المبلغين (رئيس الشرطة والقائم مقام و… في مدينة قم)، فقد توجهوا إلى بيت السيد شريعتمداري وطلبوا منه إيصال بلاغ الحكومة إلى الإمام: «وصلتكم برقية من آية الله الحكيم يدعوكم فيها للخروج من إيران والتوجه إلى النجف. فإذا أردتم الذهاب، فستقوم الدولة بإعداد مستلزمات ذهابكم، أما لو أردتم إحداث ضجة حول البرقية، فسنرسل إلى بيوتكم قوات خاصة ونساء متسيبات، سنقتلكم ونهتك أعراضكم وننهب دوركم.»[17] وفي اليوم التالي وصلت برقية آية الله الحكيم إلى قم: جاء فيها:

«… لقد أدمت أحداث قم المؤلمة والمتلاحقة، والفجائع التي حلت بالعلماء الأعلام وطلبة الدين في قم قلوب المؤمنين والمتدينين، فحزنت كثيراً لذلك.

… فليهاجر العلماء بشكل جماعي إلى العتبات المقدسة، لكي نتخذ قراراً بحق الحكومة.» 8 من ذي القعدة 1383 محسن الطباطائي الحكيم.[18].

وبعد أن اجتمع الإمام الخميني مع علماء قم وتدارسوا الأمر بعناية، قرروا البقاء في إيران والاستمرار بجهادهم كما هو في السابق. وقد أرسل الإمام برقية إلى آية الله الحكيم، قال له فيها:

«… نعلم أن هجرة المراجع والعلماء الأعلام – أعلى الله كلمتهم – يعرض مركز التشيع الكبير إلى الهلاك والسقوط في الكفر والزندقة … سنبقى صامدين في هذا الجحيم … وندافع عن حقوق المسلمين وحريم القرآن واستقلال البلاد والإسلام … إلا أن تقدم الطغمة الجبارة على أمر، يجعلنا نقرر ما نستعيذ بالله تبارك وتعالى من اللجوء إليه …»[19].

3- من آيار 1963 إلى ذروة الانتفاضة (1977م)

لقد انتفضت الحوزات العلمية في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية بكل قواها إثر انتفاضة خرداد (أيار) 1963م وعبرت عن استيائها من النظام الشاهنشاهي في قمعه للعلماء، وأبدت تأييدها التام للإمام والشعب الإيراني، كما قاموا بسلسلة إجراءات مؤثرة أخرى. وضمن هذه الاتجاه، أرسلت برقيات عديدة إلى رؤساء الدول الإسلامية والمنظمات الدولية يطالبون فيها بإطلاق سراح الإمام الخميني ويستنكرون عمليات القتل الجماعي التي يتعرض لها الشعب الإيراني المسلم. وقد جاء في بعض تلك البرقيات والبلاغات والنشرات:

«… لا يقف سماحة آية الله الخميني وحده، فمعارضته الشرعية والقانونية للحكومة يؤيدها جميع علماء الشيعة والشعب الإيراني المسلم وجميع المسلمين في العالم.»[20].

إضافةً إلى ذلك، وفي الوقت نفسه نشر الإعلان المعروف بـ «الحكومة الكافرة.. والشاه الطاغية» من قبل جماهير كربلاء[21].

وإثر نفي الإمام إلى تركيا في سنة 1964م، صورت العديد من الإعلانات والنشرات والبرقيات، وقد دعت بعضها رئيس جمهورية تركيا إلى إطلاق سراح الإمام والتعامل اللائق معه[22].

وفي تلك الفترة، جاء في إحدى رسائل الشهيد الصدر إلى واحد من العلماء:

«وفيما يتعلق بإيران… أبعد السيد الخميني من قبل عملاء أمريكا في إيران إلى تركيا.

وفي هذه المرة استطاع السيد الخميني إسكات الشاه الذي اتهم معارضيه على الدوام بالرجعية.

فأي إنسان يمكنه تسمية المواجهة والجهاد ضد إعطاء امتيازات جديدة للأمريكيين بالرجعية والتخلف …»[23].

هنا وبسبب الضغوطات الداخلية والخارجية، خاصة ما قام به علماء النجف وإيران، وصل الإمام الخميني إلى النجف. ومع وصول الإمام إلى النجف، كان آية الله الصدر من القلائل الذين أعلنوا دعمهم التام للإمام والثورة الإسلامية في إيران.

وعلى مدى وجود الإمام في النجف كانت لآية الله الصدر اتصالات به. وكانت لهما مواقف وآراء مشتركة حول العديد من الأحداث السياسية في إيران والعراق. يقول دكمجيان: « حسب بعض التقارير، كان باقر الصدر وآية الله الخميني على اتصال مع بعضهم قبل الثورة الإيرانية وبعدها … »[24].

ويقول السيد محمد باقر الحكيم في هذا الصدد:

«كان الشهيد الصدر من المؤيدين لتحرك الإمام باتجاه الثورة الإسلامية في إيران، وكان على الدوام مؤيداً ومواكباً له. ومن الناحية الفقهية، لم يكن في وضع يوجب عليه طاعة الإمام والتحرك إلى جانبه، لكن نظرته الإسلامية والثورية والعملية، كانت توجب عليه هذا الدعم والإسناد … فكان يوصي، دوماً، طلابه الذين يعرفون الفارسية بالحضور في دروس ولاية الفقيه للإمام والاتصال به أكثر …»[25].

ويقول السيد حسين الصدر مؤيداً ذلك:

«أنا شخصياً أمرت من قبل السيد الصدر للحضور في دروس ولاية الفقيه للإمام الخميني في النجف، وهذا دليل على رغبة السيد الصدر بمشاركة طلابه في الدروس التي كان الإمام الخميني يلقيها.»[26] وقد ازداد ارتباط الإمام والصدر خلال عمليات النظام العراقي بإخراج علماء النجف من العراق، فوقفا بحسم أمام هذا الإجراء وكان موقفهما واحداً.

4- من ذروة الثورة حتى الانتصار (1977 – 1979)

بعد اشتداد الانتفاضة في إيران وتلاحق الأحداث، ازدادت علاقات هذين القائدين أكثر، وقد أعلن الشهيد الصدر تأييده المطلق للثورة الإسلامية والإمام. وكان ذلك في فترة من العلاقات الحسنة بين النظام العراقي ونظام الشاه (بعد معاهدة الجزائر 1975).

وبعد إخراج الإمام من العراق، كان الشهيد الصدر أول من أعلن سخطه لاخراج الإمام من العراق وذلك خلال اتصال هاتفي وبرقية بعث بها، وفي تلك الفترة أيضاً أصدر فتواه التاريخية حول شهداء الثورة الإسلامية في إيران:

«الذين يثورون في إيران دفاعاً عن الإسلام والمسلمين، ويقتلون، هم شهداء وسيحشرهم الله مع الإمام الحسين علیه السلام في الجنة.»[27].

كان ذلك في وقت يسعى فيه النظام العراقي لتشويه صورة الثورة الإسلامية في إيران عند الشعب العراقي المسلم، واليأس منها. وكذلك أوصى الشهيد الصدر تلامذته وأتباعه مؤكداً، فقال: «ذوبوا في الإمام الخميني، كما ذاب هو في الإسلام.»[28].

وبخروج الإمام من النجف أيضاً، أرسل الشهيد الصدر رسالة مفصلة له، أعلن فيها عن استعداده والشباب العراقي للعمل على انتصار الثورة الإسلامية، وخاطبه فيها بأنه يضع جميع إمكانياته في خدمة قيادته وأهدافه السامية.

ومنذ ذلك الحين حتى انتصار الثورة الإسلامية في إيران خصص الشهيد الصدر جل وقته للحديث وإرسال البيانات والبرقيات عن الثورة الإسلامية في إيران. وبشكل عام، فرغم أن الإمام الخميني كان قد ترك النجف، إلا أنه كان لا يزال على اتصال بمجتمعها وبقادة الحركة الإسلامية في العراق، خاصة آية الله الصدر.

5- بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران:

تجلت قيادة الشهيد الصدر للحركة الإسلامية في العراق بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، في بعدين، هما:

الأول: دعم الثورة الإسلامية في إيران والسعي في التنظير لها.

الثاني: السعي باتجاه ثورة إسلامية في العراق.

وفي هذا الاتجاه قام الشهيد الصدر بتعطيل الكثير من دروسه ومشاريعه، ووضع معظم وقته لتحقيق هذين الهدفين المهمين.

دعم الثورة الإسلامية في إيران والتعاون معها:

ليلة انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أي مساء يوم 11 / شباط / 1979، تحدث الشهيد الصدر في مسجد الجواهري في النجف الأشرف حول الثورة الإسلامية وشكراً لله سبحانه وتعالى على انتصارها[29].

وحول تلك الخطبة يقول السيد محمد باقر الحكيم: «… أعلن بكل قاطعية أتباعه وإطاعته للإمام في حين كان يعد المرجع الثاني للعراق من حيث عدد المقلدين . وكان موقفه هذا، على الرغم من ملاحظات بعض المراجع. وعلى أية حال، نرى أنه كان يستشعر نفسه في الثورة الإسلامية المباركة في إيران …»[30].

كما أنه أرسل برقيتي تهنئة بانتصار الثورة، إحداهما للإمام والأخرى للشعب الإيراني، وبشكل عام كان الصدر يرى أن الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني أطروحة تهدف لتحقيق العدل الإلهي موضوعياً. وقد استمر اتصال الشهيد الصدر بالإمام الخميني منذ انتصار الثورة الإسلامية حتى الاقامة الجبرية التي فرضت عليه في بيته. وكان محمود الهاشمي هو الرابط بين القائدين والحركتين.

وفي اليوم التالي لانتصار الثورة الإسلامية، أمر الشهيد الصدر بإقامة مظاهرات تأييد للثورة، فخرجت في النجف الأشرف مظاهرة كبيرة لتأييد الثورة الإسلامية في إيران (وكذلك في سائر مدن العراق) وقد اعتقل عدد من المتظاهرين على يد النظام العراقي.

وأدت الضغوطات التي واجهها الشهيد الصدر من قبل النظام العراقي إلى أن يفكر بالهجرة إلى إيران. لكن الإمام طلب منه في آخر برقية أرسلها له أن يبقى في العراق ولا يخلي النجف. وجاء في البرقية: «علمنا أن سماحتكم تعتزمون مغادرة العراق بسبب بعض الحوادث، إنني لا أرى من الصالح مغادرتكم مدينة النجف الأشرف مركز العلوم الإسلامية وإنني قلق من هذا الأمر …»[31]

ورغم أن الشهيد الصدر كان يعلم جيداً بما سيقدم عليه النظام العراقي بحقه وأنه سيتشهد عاجلاً أم آجلاً، إلا أنه قبل برأي الإمام الخميني وبقي في العراق، وبعد أسبوع على ذلك اعتقل الشهيد الصدر إلا أن تظاهرات للشعب العراقي أجبرت النظام العراقي على إطلاق سراحه ووضعه تحت الإقامة الجبرية في بيته. وكانت النتجية انقطاع اتصاله لمدة تسعة أشهر وحتى استشهاده مع الخارج بشكل كامل.

وضع نظرية للثورة الإسلامية في إيران واستمرارها في العراق:

النبوغ العظيم الذي كان آية الله الصدر يمتلكه وإدراكه الصحيح لظروف الثورة بعد انتصارها، جعله يسعى لوضع نظرية لها. وفي هذا الاتجاه كتب كتابه القيم «الإسلام يقود الحياة» الذي يشتمل على ستة أقسام، وأرسله إلى الإمام الخميني. وحول ذلك يقول دكمجيان:

«… بعد العودة المظفرة للإمام الخميني إلى طهران بقليل، في بداية شباط … فبراير 1979م، أرسل باقر الصدر ستة أبحاث، تحت عنوان «الإسلام يقود الحياة» إلى رفيقه وصديقه الإمام الخميني …»[32].

إضافةً إلى ذلك، قام الشهيد الصدر بتعطيل بعض دروسه، وتدريس القرآن من أجل رفع مستوى الوعي عند الناس، وإرسال البرقيات والرسائل والمباحث إلى إيران وسائر مدن العراق وكذلك أرسل بعض تلامذته إلى إيران. وحسب تعبير الشيخ محمد مهدي الآصفي:

ولقد ارتبط الشهيد الصدر بوثوق مع قيادة الإمام الخميني في هذا التحرك، ومنذ بداية الانتفاضة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني، جعل الشهيد الصدر أكثر وقته بخدمتها وعطل من أجل ذلك مشاريعه ودروسه …»[33] .

إلى هنا عرفنا أن قيادة الحركة الإسلامية المعاصرة في العراق (1957 – 1980) كانت من الناحيتين النظرية والعملية بيد الشهيد الصدر، وأن حزب الدعوة وسائر القوى والتنظيمات كانوا يتبعونه. وقد تجلى هذا الموضوع بشكل أوضح منذ وفاة السيد الحكيم. ومع انتصار الثورة الإسلامية في إيران ركز الشهيد الصدر مساعيه لانتصار الحركة الإسلامية في العراق، فقام بتعطيل الدروس وطرح مباحث جديدة لرفع مستوى الوعي العام ورفد المسيرة الثورية في العراق، وأرسل العديد من طلابه إلى مختلف مناطق العراق وأمرهم بتوجيه الناس نحو الثورة.

ومن جانب آخر، بدأ هو شخصياً نشاطات خاصة فيما يتعلق بالقوى الإسلامية الحرة والنشطة – خاصة بقيادة الإمام الخميني – وأعد الأرضية لثورة إسلامية في العراق، طبق برنامج خاص. لكن البعثيين ومن خلال التجربة التي تعلموها من الثورة الإسلامية في إيران، قاموا بحركة جديدة فوضعوه تحت الإقامة الجبرية في بيتهن وقطعوا اتصاله حتى مع أقربائه. وقد استمر هذا الوضع عدة أشهر. بعدها أرسل صدام حسين ممثلاً عنه هو الشيخ عيسى الخاقاني بأربعة شروط إلى الشهيد الصدر، وكان قبولها أو قبول بعضها يعني نهاية الإقامة الجبرية، في حين أن عدم قبولها، كان يعني الإعدام. والشروط هي:

1- التوقف عن دعم الثورة الإسلامية في إيران والإمام الخميني.

2- تأييد مواقف البعثيين في بيان يصدر من قبله، حول إعطاء الأكراد الحكم الذاتي وتأميم النفط.

3- تحريم الانتماء إلى حزب الدعوة.

4- إبطال فتواه السابقة في تحريم الانتماء إلى حزب البعث وإظهار ميله نحو هذا الحزب. فقال الشهيد الصدر في جواب ذلك: لو لم أوافق على أية حال واحدة من تلك الشروط، ما الذي سيحدث؟ قال له المرسل: سيدنا كما قلت لكمن سمعت صداماً بأذني يقول: قولوا لمحمد باقر الصدر سأعدمه. فأجابه آية الله الصدر: اذهبوا لصدام وقولوا له إنني انتظر صدور حكمه… لقد عشت حياتي من أجل هدف واحد، هو إقامة الحكومة الإسلامية، ولقد تحق هذا الهدف بقيادة الإمام الخميني في إيران. وقد تحقق أملي الذي كنت أحلم به منذ زمن وأشكر الله على ذلك … أبلغوا صداماً، متى ما أراد فليعدمني.[34] وبهذا الشكل ألقي عليه القبض وهو محاصر في بيته والشوارع والأزقة خالية من الناس، واستشهد في 8 نيسان/ ابريل 1980م (22 جمادي الأولى 1400هـ) مع أخته العلوية بنت الهدى.

ب ـ تأثير أفكار ومؤلفات الشهيد الصدر على الثورة الإسلامية في إيران:

رغم الدور البارز للشهيد الصدر على المستويين المباشر والعملي في الثورة الإسلامية الإيرانية والتنظير لها، بحيث لقبوه بـ «رفيق الإمام الخميني» و«عراب الثورة الإسلامية في إيران» و«خميني العراق» و …، والثورة الإسلامية في إيران مدينة للتعاون والانسجام الفكري بين هذين القائدين الممتازين. لكن هذه الأمور لم تكن فقط نتيجة لعمل الشهيد الصدر وأتباعه تجاه الثورة الأسلامية في إيران، بل هي نتيجة لمؤلفاته وأفكاره وبياناته. وفي هذا القسم من الدراسة نتعرض لأفكاره ومؤلفاته بالبحث:

أولاً مؤلفات الشهيد الصدر

1- المؤلفات الأولى (السياسة – الاجتماعية)

من مؤلفات الشهيد الصدر الأولى، مقالاته التي كان يكتبها في مجلة «الأضواء» الصادرة عن جماعة العلماء، التي طبعت فيما بعد في كتاب مستقل تحت عنوان «رسالتنا»، وكذلك في أدبيات حزب الدعوة، وكانت لجميع تلك المؤلفات أبعاد سياسية واجتماعية.كما كان لهذه المؤلفات دور كبير أيضاً في رفع مستوى الوعي عند العلماء والطلبة في النجف وسائر البلدان الإسلامية.

أما تأثيرها على أفكار الثوريين الإيرانيين، لم يذكر بشيء، على الرغم من انتقالها إلى الساحة الإيرانية عن طريق تلامذته وأتباعه وعن طريق حزب الدعوة وجماعة العلماء وكذلك الإمام موسى الصدر في لبنان و… وفي هذا الصدد، يقول السيد محمد باقر الحكيم: «أذكر أن آية الله الشهيد الصدر، كتب بخط يده رسالة استدلالية في مشروعية «الحكومة الإسلامية». أنا شخصياً أخذت هذه الرسالة وعرضتها على بعض المجتهدين المعروفين آنذاك لكي يخطوا في طريق تعميق هذه الفكرة ونشرها.»[35].

2- مؤلفاته المشهورة:

كان لمؤلفاته مثل «فلسفتنا» و«اقتصادنا» و«المدرسة الإسلامية»، التي ترجمت منذ زمن إلى الفارسية، ووضعت تحت أيدي المفكرين والجامعيين، تأثير عظيم في وعي الشعب الإيراني وتعرفه على قوانين الإسلام. وحول دور كتاب «اقتصادنا»، يقول شائول نجاش:

«من جملة الكتب التي كان لها نفوذها الخاص، كتاب «اقتصادنا»، تأليف السيد محمد باقر الصدر، وهو عالم شيعي من العراق، أعدم في نيسان 1980م بأمر من صدام حسين، رئيس الجمهورية العراقية. وكان تأثير الصدر في إيران كبيراً جداً، وكان كتابه مرجعاً للعلماء الإيرانيين الذين كانوا يبحثون عن مسوغ لتقييد الملكية الخاصة وتدخل الدولة في الاقتصاد.»[36]

ويضيف نجاش: «ولقد أظهرت نظريات الصدر في التشريع (التقنين) لعصر ما بعد الثورة أهميتها عن ثلاثة طرق، فقد قدم تعريفاً محدداً وشروطاً للملكية، وأعطى الهوية لمساحة من الأحكام الثانوية والقوانين الاختيارية، بحيث يكون للدولة الإسلامية في تلك المساحة صلاحيات واسعة، من أجل تنظيم الأمور الاقتصادية.»[37].

3- الإسلام يقود الحياة و…

إيمان الصدر بأن الثورة الإسلامية مشروع جديد مقابل الليبرالية والاشتراكية الغربية، وأنها سبيل ثالث أمام العالم، وطريق تجسد موضوعي للعدل الإلهي، جعله يسعى للتنظير لها.

فكتاب « الإسلام يقود الحياة » وكذلك «التفسير الموضوعي» والرسائل والبرقيات ما هي إلا مساعي لوضع أساس فلسفي – فقهي للثورة الإسلامية في إيران. ويشتمل كتاب الإسلام يقود الحياة، على ستة أجزاء:

أ – «لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في إيران». وهذا الكتاب في حقيقته مسودة لدستور الجمهورية الإسلامية في إيران، كتبه لكي تستفيد منه القيادة الإسلامية في وضعها للدستور الإسلامي، وقد أرسله إلى الإمام الخميني بواسطة تلميذه البارز السيد محمود الهاشمي. وبعد ذلك كتب بحثاً مشابهاً كان جواب سؤال طرحه عليه جماعة من علماء لبنان حول الحكومة الإسلامية. وفي هذا الصدد يقول دكمجيان:

«البحث الأول – الكتاب الأول – في الظاهر تفسير للمؤسسات القضائية والدستورية، الذي طرح في سنة 1979م. وقد أرسل باقر الصدر سنداً مشابهاً لذلك جواباً على استفسار طرحته عليه جماعة من علماء لبنان الشيعة حول المجتمع الإسلامي في إيران.»[38] وحول الشعب والثورة الإيرانية، يقول الشهيد الصدر في مقدمة هذا الكتاب:

«وقد استطاع الشعب الإيراني المسلم أن يشكل القاعدة الكبرى لهذا الرفض البطولي، والثبات الصامد على طريق دولة الأنبياء والأئمة والصديقين باعتباره الجزء الأكثر التحاماً مع المرجعية الدينية والمذهبية … ومن هنا كان طرح المرجعية الرشيدة للجمهورية الإسلامية – شعاراً وهدفاً وحقيقة – تعبيراً عن ضمير الأمة … والشعب الإيراني العظيم بحمله لهذا المنار، وممارسته مسؤوليته في تجسيد هذه الفكرة وبناء الجمهورية الإسلامية يطرح نفسه لا كشعب يحاول بناء نفسه فحسب، بل كقاعدة للإشعاع على العالم الإسلامي وعلى العالم كله في لحظات عصيبة من تاريخ هذه الإنسانية، يتلفت فيها كل شعوب العالم الإسلامي إلى المنقذ من هيمنة الإنسان الإوروبي والغربي وحضارته المستغلة ، ويتحسس فيها كل شعوب العالم بالحاجة إلى رسالة تضع حداً لأستغلال الإنسان للإنسان.»[39] .

ب – «صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي»، ويتضمن الخطوط العامة للاقتصاد الإسلامي. وفيما يتعلق بالشعب الايراني والثورة الإسلامية، يقول فيه: «وبعد فإني أشعر باعتزاز كبير يغمر نفسي، وأنا أتحدث إلى هذا الشعب العظيم، إلى هذا الشعب الإيراني المسلم الذي كتب بجهاده ودمه وبطولته الفريدة تاريخ الإسلام من جديد، وقدم إلى العالم تجسيداً حياً ناطقاً لأيام الإسلام الأولى؛ بكل ما زخرت به من ملاحم الشجاعة والإيمان»[40].

ج – خطوط تفصيلية عن اقتصاد المجتمع الإسلامي.

د – خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء.

هـ – منابع القدرة في الدولة الإسلامية.

و – الأسس العامة للبنك في المجتمع الإسلامي.

ثانياً: تأثيرات وانعكاسات أفكار الشهيد الصدر:

إضافة إلى علاقة الثورة الإسلامية في إيران المباشرة مع الشهيد الصدر، وإيمانه الخاص بها، فقد كان لأفكار الشهيد الصدر السياسية – ولأسباب عديدة – تأثير عظيم على الشعب الإيراني المسلم والثورة الإسلامية. ومن أهم أبعاد هذه المسألة، الجانب الشمولي والانساني لفكر الصدر.

كما أن الشهيد الصدر مطروح عالمياً على ساحة الصراع الفكري والثقافي والحضاري، وقد احتل مكانة مهمة في خندق المواجهة الفكرية، خارج الصبغة القومية.

ولذلك قام النظام العراقي باعتقاله، بعد أن كتب «الإسلام يقود الحياة» ومشروع دستور الجمهورية الإسلامية للشعب الإيراني. وبعد اعتقاله خاطبه مسؤولو الأمن العراقي: «أنت عربي، لماذ تدعم وتؤيد الفرس؟»فأجابهم: «أنا مسؤول أمام جميع مسلمي العالم، ويجب أن أعمل لمسؤوليتي تجاههم.»[41]

وعندما أقام آية الله الصدر الفاتحة على روح الشهيد مرتضى المطهري، جاءته مجموعة من قبل النظام العراقي وقالوا له: إن المطهري رجل إيراني، ونحن عرب. فأجابهم الصدر: «لا أهتم بما تؤمنون به، ولا أقبل القومية والحدود بين الشعوب. هذا موقفي ولن أتنازل عنه.»[42]

ومن خصائص فكر الصدر الأخرى، شمولية مشاريعه وأفكاره وعقائده. وعلى حد قول أحد الأساتذة: «هذا الرجل العظيم، دخل جميع ميادين الصراع بشجاعة، وبأصالة فكره الإسلامي وعمقه وثوريته، وخرج من جميعها منتصراً…»[43].

كما أن من خصوصياته الأخرى، الإبداع والاطروحات الجديدة والأساليب العلمية والعقلية التي تنسجم ومتطلبات العصر، ووعيه لقضايا المدارس الفكرية في العالم المعاصر، وكذلك تلازم عمله وسلوكه السياسي مع أفكاره وعقائده و … كانت من العوامل المؤثرة في انتشار أفكاره خاصة بين مسلمي العراق وإيران. وعلى حد تعبير الدكتور شريعتي: «إضافة إلى الثقافة، فهو – يقصد الصدر – يحمل وعي عصرنا ويستشعر آلامه، يتحدث بلغة أهله، كما أنه مطلع على أساليب هذا العصر العلمية، وهذه هي الأمور التي يحتاجها «العالم المسلم» في عصرنا، كما أنه «العالم المسلم» الذي يحتاجه عصرنا[44].

ثالثاً: عراب الدستور

هناك شواهد وأدلة عديدة على أن الصدر كتب مسودة دستور الجمهورية الإسلامية، قبل تدوين الدستور من قبل مجلس الخبراء، وأرسلها إلى الإمام بواسطة السيد محمود الهاشمي. وقد اعتبره البعض الجزء الأول من « الإسلام يقود الحياة » بذاته، فيما قال آخرون: إنه نص آخر. وعلى أية حال، فقد تركت أفكار الصدر وآراؤه تأثيراتها في دستور الجمهورية الإسلامية. وهنا سنقوم بمقارنة لما جاء في دستور الجمهورية الإسلامية (المصوب عليه سنة 1979م) من جهة وأفكار الشهيد الصدر أستناداً إلى كتابي: لمحة فقهية تمهيدية… و«خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء»من جهة أخرى:

الدستور[45] خلافة الإنسان و… [46]

– والمرجع الشهيد معين من قبل الله – تعالى – بالصفات والخصائص، أي بالشروط العامة في كل الشهداء التي تقدم ذكرها، ومعين من قبل الأمة بالشخص إذ تقع على الإمة مسؤولية الاختيار الواعي له. (ص 50)  … لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط الذي تعترف به الجماهير كقائد… (المقدمة)  للفقيه العادل… الذي تعرفه أكثر الجماهير وتتقبل قيادته… (المادة الخامسة). القيـــــــادة
 أن يكون مشرفاً ورقيباً على الأمة؛ وتفرض هذه الرقابة عليه أن يدخل لإعادة الأمور إلى نصابها إذا انحرفت عن طريقها الصحيح… (ص50)  حتى تضمن عدم انحراف المؤسسات والأجهزة المختلفة عن مسؤولياتها الإسلامية الأصيلة (المقدمة). لمسؤوليــــة
– والمرجع هو الإنسان الذي اكتسب من خلال جهد بشري ومعاناة طويلة الأمد استيعاباً حياً وشاملاً ومتحركاً للإسلام ومصادره، وورعاً معمقاً يروض نفسه عليه حتى يصبح قوة تتحكم في كل وجوده وسلوكه، ووعياً إسلامياً رشيداً على الواقع وما يزخر به من ظروف وملابسات ليكون شهيداً عليه (ص25 و26) للفقيه العادل، التقي، العارف بالعصر، الشجاع (المادة الخامسة).

1000 – الصلاحية العلمية، والتقوى…

2 – الرؤية السياسية والاجتماعية والشجاعة… ( المادة 109 )

شروط القائــــد

الدستور لمحة فقهية تمهيدية

القائد الأعلى للجيش (ص25)

يرشح أو يمضي ترشيح الفرد… بمنصب الرئاسة… (ص26)

تعيين الموقف الدستوري… (ص26)

عليها البت في دستورية القوانين (ص26)

القيادة العامة للقوات المسلحة (المادة 110)

التوقيع على نتيجة انتخابات رئاسة الجمهورية بعد انتخابات الشعب. (المادة 110)

تعيين فقهاء مجلس صيانة الدستور (المادة 110)

وظائـــف القيــــادة
– إنشاء ديوان المظالم… (ص26 و 27)

– مجلس مركب… لتمارس المرجعية… (ص27)

– نصب أعلى مسؤول قضائي في الدولة (المادة 110)

– تشكيل مجمع تشخيص مصلحة النظام (الدستور المعدل في 1989)

– إن السلطة التشريعية قد أسندت ممارستها (ص3)

– يكون للسلطة التشريعية التي تمثل الأمة أن تسنن من القوانين…

(ص23)

– يتألف مجلس الشورى الوطني من نواب الشعب (المادة 62)

يستطيع مجلس الشورى الوطني أن يسن القوانين في القضايا كافة في الحدود المقررة في هذا الدستور (المادة 71).

السلطة التشريعية

الدستور: لمحة فقهية تمهيدية

– يعود إلى الأمة انتخاب رئيس…

(ص24)

– إقرار أعضاء الحكومة… (ص25)

توشيحه من المرجعية (ص24)

ينتخب رئيس الجمهورية من قبل الشعب… (المادة 114)

يبقى رئيس الوزراء (*) في منصبة ما دام يتمتع بثقة المجلس (البرلمان)

(المادة 135).

التوقيع على نتيجة انتخابات رئاسة الجمهورية… (المادة 110)

السلطة التنفيذية
– إن الله سبحانه وتعالى هو مصدر السلطات (ص 20)

– وهذا الحق، حق الاستخلاف…

(ص 23)

– السيادة المطلقة على الإنسان والعالم هي لله . (المادة 56)

– وهو الذي منح الإنسان حق السيادة على مصيره الاجتماعي… (المادة 56)

السيادة

(*) تناول الباحث في دراسته الدستور الذي أُقر سنة 1979 أي قبل التعديلات التي جرت عليه سنة 1989 والتي حذفت خلالها منصب رئاسة الوزراء وأصبح النظام رئاسياً (المترجم) .

الصدر ولبنان:

بما أن بعض الثوريين والمجاهدين الإيرانيين قبل انتصار الثورة الإسلامية من أمثال الشهيد شمران و… كانوا يتوجهون إلى سوريا ولبنان لكسب تجارب في العمل وخاصة العمل العسكري، كانوا يقعون تحت تأثير «الإمام موسى الصدر» و «حركة أمل» وأيضاً «حزب الدعوة». ومما تجد الإشارة إليه أن تحرك الشيعة في لبنان بشكله الواسع كان أيضاً بتأثير من أفكار ومؤلفات آية الله الصدر، وحول هذا الموضوع، تقول مجلة الشراع:

«في أحد أيام صيف 1969م، التقى في منزل العلامة السيد محمد باقر الصدر في النجف بالعراق السيد موسى الصدر وثلاثة من مشايخ الشيعة اللبنانيين، الذين كانوا يتلقون العلوم الدينية في الحوزة هناك، وهم الشيخ صبحي الطفيلي والشيخ حسين الكوراني والشيخ حسن ملك. وكان السيد موسى الصدر يقوم بزيارة إلى ابن عمه السيد باقر الصدر، وهو أحد المراجع الكبرى للطائفة الشيعية في العالم، ليضعه في صورة العمل الإسلامي في لبنان،… واعتبر هذا اللقاء فيما بعد، بداية لتنظيم العمل الثوري الشيعي في لبنان… إذ اتفق في نهايته على أن يعود الإمام موسى الصدر إلى لبنان وبصحبته المشايخ الثلاثة، لتأسيس حلقات سياسية فكرية من الشباب الشيعة، الذين يتهافتون لحضور محاضرات الإمام موسى الصدر وتنظيمهم لتدريسهم كتابي السيد محمد باقر «فلسفتنا» و«اقتصادنا» اللذين وضعا في التداول قبل مدة قصيرة…

وفي هذه الفترة بالذات، نشط العمل الإسلامي الشيعي في لبنان والعراق. فمن جهة عاد السيد محمد حسين فضل الله من العراق إلى لبنان وأسس «أسرة التآخي» في برج حمود وبدأ بتدريس كتابي «فلسفتنا» و «اقتصادنا»[47].

المحور الثاني: انعكاسات الثورة الإسلامية في إيران على الحركة الإسلامية في العراق.

كما أشرنا من قبل، للثورات تأثيرات كبيرة على العالم المحيط بها؛ لأنها حركات تقوم على أساس الفكر، بعبارة أخرى، ليست الثورة إلا عملية فكرية وعقائدية مستمرة، تتجلى على شكل تحرك موضوعي في المجتمع. وعلى هذا الأساس لا يمكن ايقافها أبداً، خاصة لو كانت الثورة تستند في فكرها إلى عقيدة ونظرة إلهية.

أما العوامل الأخرى. مثل، الترابط الثقافي والمسائل السياسية والعلاقات الاقتصادية والتجارية والأزمات الاجتماعية، إضافةً إلى النداء التي تأتي به الثورة، موضوع تصدير الثورة الذي هو جوهر كل تحرك ثوري وأصلي الدعوة وقبولها، فإنه يؤدي إلى مثل هذه الانعكاسات.

وطبعاً تصدير الثورة نوع من الإنذار يصدر عن حركة الثورة وخصوصياتها قبل أن يكون من قبل المجتمع الثوري.

وهذا ما يشير إليه الإمام الخميني حول تصدير الثورة:

«معنى تصدير ثورتنا، هو الوعي لجميع الشعوب والحكومات، وأن يخلصوا أنفسهم من هذه المحن التي يعيشونها، وهذه الهيمنة التي يعانون منها، ومن النهب لثرواتهم الذي يقوم به الآخرون، في حين إنهم يعيشون حياة الفقر والفاقة.»[48]

من الضروري هنا الالتفات إلى رد إسلامية الثورة» وإسلامية الحركة الشيعية في العراق، وأن الإسلام له خصوصيات مثل: الفطرية والشمولية والجامعية (الإنسانية).

العوامل المهمة والمؤثرة في انعكاس الثورة الإسلامية في إيران:

سنقوم بدراسة هذه العوامل في بعدين، الأول، العوامل الإيجابية التي أدت إلى سريان أفكار الثورة الإسلامية في إيران، والآخر، العوامل التي تعد من موانع الثورة والإقلال من تأثيراتها.

أ – العوامل الإيجابية:

1- وجود الإمام الخميني على مدى 14 عام (1963 – 1978) في العراق وفي المجتمع الشيعي وحريته في التحرك – بوجه النظام الإيراني – حتى سنة 1975م، ورغم الموانع التي كان النظام العراقي يضعها في هذا المجال، إلا أن الجور السائد في الحوزات العلمية والمدن العراقية الشيعية، جعلت الشعب العراقي يتأثر بتحرك الإمام الخميني. إضافة إلى ذلك، فإن أهم بحث سياسي للإمام – ولاية الفقيه – طرحه في حوزة النجف، وكان بعض تلامذة وأتباع الشهيد الصدر وبعض المراجع الآخرين يشاركون في ذلك البحث.

2- العلاقة بين الشهيد الصدر والإمام الخميني: كان الصدر مهتماً جداً بما يطرحه الإمام من آراء ونظريات، وكان يدعو الناس وخاصة تلامذته إلى طاعة الإمام. كما أن دعمه للثورة الإسلامية وسعيه للتنظير لها، جعل الشعب العراقي يلتفت أكثر إلى الإمام والثورة الإسلامية.

3- أسرة الحكيم، وتلامذة وأتباع الشهيد الصدر، وقربهم من إيران ثقافياً وجغرافياً وعائلياً أحياناً و…

4- مراسم العزاء في شهري محرم وصفر، وبرامج شهر رمضان المبارك، وارتباط هذه المراسم والبرامج في إيران والعراق.

5- وجود العتبات المقدسة والزيارات المتبادلة.

6- العلاقات الثقافية والعلمية بين الحوزات العلمية والطلبة والشيعة بشكل عام.

7- وجود كبار المراجع في كلا البلدين، العراق وإيران.

8- هجرة ونفي العلماء والمجاهدين العراقيين إلى إيران. فأصبحت إيران مأمن الحركة الإسلامية في العراق.

9- تحول مراكز التنظيمات والأحزاب الإسلامية العراقية إلى إيران.

10- عوامل الارتباط والشد بين الشعبين الإيراني والعراقي و …

ب – العوامل السلبية

وهذه بعض منها:

1- تعدد المراجع وتباين وجهات نظرهم مع الإمام الخميني والشهيد الصدر، خاصة وأن بعضهم كان له مقلدون كثيرون.

2- تعدد الأحزاب والمنظمات المجاهدة، واختلافهم في الرؤى السياسية، خاصة وأن كلاً منهم يريد الانفراد بالساحة.

3- عدم وجود إطار يجمع الحركة الإسلامية في العراق ويكون له منحى فكري محدد وقيادة موحدة.

4- فقدان السيد الشهيد الصدر، وعدم وجود من يستطيع أن يملأ الفراغ القيادي الذي تركه.

5- قوة النظام البعث في العراق من حيث التنظيم والضبط والإدارة.

6- ضغوطات وقمع النظام العراقي، وامتلاكه قوى مخابراتيه وبوليسية قوية، تقمع بعنف أية عملية معارضة.

7- شدة الإعلام البعث ضد إيران والثورة الإسلامية، فقد عرف البعثيون الثورة الإسلامية بأنها ثورة الفرس التي تحمل في نفسها كراهية للعرب، بل إنها ضد الإسلام، ويمكن مشاهدة ذلك بوضوح في خطابات صدام حسين ولطيف نصيف جاسم و … يقول لطيف نصيف جاسم في مقال له:

«يرى العراق أن تفكير الخميني هو امتداد لتفكير ينشأ أساساً من الحقد الفارسي»[49].

8- الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية، والتي جعلها البعثيون حرب دفاع العراق أمام مد الثورة الإسلامية في إيران.

9- وجود الفارين الإيرانيين – من أعداء الثورة – في العراق والنشاط الإعلامي الذي يقومون به.

10- الأبواق الإعلامية العالمية، خاصة العربية منها، بوجه الثورة الإسلامية.

المراحل التاريخية لانعكاسات الثورة الإسلامية على الحركة الإسلامية في العراق

يخضع تقسيم المراحل على أساس شدة الانعكاسات وضعفها، وكذلك شدة تحرك الحركة الإسلامية أو سكونها وهذه المراحل هي:

1- المرحلة التاريخية 1963 حتى 1978 (بداية الثورة حتى انتصارها) أو مرحلة التحضير.

2- المرحلة التاريخية 1978 حتى 1980 (انتصار الثورة حتى الحرب) أو مرحلة التحرك واليقضة.

3- المرحلة التاريخية 1980 حتى 1988 (الحرب المفروضة حتى قبول القرار 598 ) أو مرحلة الهدوء.

4- المرحلة التاريخية 1988 حتى 1991 (قبول القرار حتى نهاية حرب الخليج الثانية) أو مرحلة التحضير الثانية والتحرك الهادئ.

5- المرحلة التاريخية 1991 – إلى ما بعد (حركة الانتفاضة) أو مرحلة الانتفاض والثورة.

وهنا سنقوم بدراسة كل مرحلة وخصوصياتها بشكل سريع.

1- مرحلة التحضير (63 – 1978)

وتبدأ هذه المرحلة من بداية تحرك الإمام الخميني في إيران، أي من سنة 1963، حتى انتصار الثورة الإسلامية، ومن الناحية المنطقية، فنحن نرى الثورة مساراً فكرياً وعقائدياً وسياسياً، أثمر في مرحلة من التاريخ. لذلك لا يمكن تحديد بداية له، إلا أن يمكن اعتبار ذروة تحرك (الإمام الخميني) الثوري، كنقطة انطلاق للثورة، وعلى أساس ذلك، فهذا المسار الفكري والعقائدي والسياسي، نشاهده عند الشيعة منذ قرون في البلدين العراق وإيران، كما أن جذوره واحدة. من هنا، عندما نتحدث عن الانعكاسات، لا نقصد بها التحرك الظاهري في العراق، بل وقبل كل شيء التغير في التفكير والعقليات، فلا بد من أن تكون الثورة في الذات أولاً، ومن ثم تنطلق للناس بشموليتها للمجتمع[50].

وعلى أساس ما تقدم، فلهذه المرحلة خصوصيات مهمة، منها: وجود الإمام في العراق، العلاقة بين الثوريين الإيرانيين والعراقيين، وجود الشهيد الصدر وحزب الدعوة الإسلامية، حرية الإمام وأتباعه في التحرك، الأزمة في علاقات النظامين البعثي في العراق والبهلوي في إيران. قد شكلت هذه الأمور الأرضية اللازمة لنهضة الشعب العراقي، وإعادة الوعي، مما هيأ للمراحل الأخرى، وفي هذه الفترة، استفادة الحركة الإسلامية في العراق من آراء الإمام وكان لقربه منها أهمية خاصة.

ومما حدث في هذه المرحلة: إخراج 120 ألفاً من الإيرانيين المقيمين في العراق 1970م، وكذلك إخراج الإمام في النهاية من العراق. كما أنه كانت هناك أحداث كثيرة منها انتفاضة 20 صفر 1976م.

2- مرحلة النهوض والوعي (1979 – 1980)

بانتصار الثورة الإسلامية في إيران في شباط 1979م، عمت الفرحة جميع المدن العراقية خاصة مدن الشيعة، فقد كانوا يعدون انتصار الثورة الإسلامية في إيران انتصاراً لهم. يقول أحد قادة المجلس الأعلى: «كنا حينها نقول: إن الإسلام انتصر في إيران وسينتصر قريباً في العراق أيضاً. لذلك علينا أن نأخذ العبر منه ونتأسى به.»[51] وقبل ذلك احتفل الشعب العراقي بهروب الشاه وعودة الإمام إلى إيران.

وأرسل علماء العراق، خاصة الشهيد الصدر برقيات تهنئة إلى الإمام. ومن أهم خصوصيات هذه المرحلة هي الانتفاضة العامة التي حدثت في العراق بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وقد استمر هذا التحرك النشط الذي أدى إلى صراع ضد السلطة حتى بداية الحرب المفروضة.

ومن أهم ما يذكر في هذه الفترة هي جهود الشهيد الصدر وحزب الدعوة؛ للإطاحة بالنظام العراقي وإقامة حكومة إسلامية مشابهة للجمهورية الإسلامية وعلى أساس ولاية الفقيه كما ينظر لها الشهيد الصدر، أما استشهاد السيد الصدر وأخته بنت الهدى، واغتيال السيد حسن الشيرازي في لبنان، والحرب النفسية ضد إيران، وأعمال التخريب في المدن الحدودية الإيرانية، مجموع ذلك يعبر عن خوف النظام من شيء، وهو وقوع ثورة إسلامية في العراق وإقامة حكومة إسلامية على غرار ما حدث في إيران، وهو ما عبر عنه صدام حسين بنتائج تصدير الثورة الإيرانية، واعتبره تدخلاً في الشؤون الداخلية للعراق[52]. ولكي يقف بوجه التدخل في الشؤون الداخلية – حسب وجهة نظر صدام – وعملية تصدير الثورة، أو بعبارة أخرى من أجل إبطال انعكاسات الثورة الإسلامية على الحركة الإسلامية في العراق، قام بحربه ضد الجمهورية الإسلامية، إذن، فالحرب المفروضة هي أوضح دليل على انعكاسات الثورة الإسلامية في العراق. فالهجمة الاعلامية العراقية ضد الثورة الإسلامية ووصفها بأنها ضد العرب وضد الإسلام وأنها فارسية ومجوسية وعرقية، وكذلك تهجير أكثر من 120 ألف مسلم شيعي عراقي إلى إيران خلال هاتين السنتين، واعتقال وإعدام الألوف من المجاهدين والمناضلين، هو دليل مدى خطورة الثورة الإسلامية على النظام البعثي . ولهذا نعتبر هذه المرحلة ذروة انعكاسات الثورة الإسلامية وتأثيرها على الحركة الإسلامية. ومن التبعات السلبية للثورة في هذه المرحلة، هو شدة القمع الذي واجهته الحركة الإسلامية في العراق من قبل النظام[53].

3- مرحلة الهدوء (1980 – 1988م)

كانت الحرب المفروضة إحدى طرق النظام البعثي المؤثرة إلى حد ما في إيقاف عملية تصدير الثورة، لأنه استطاع ومن خلال تعبئة الناس وارسالهم إلى ساحات القتال، وبالاعلام الموجة والقوي، الوقوف بوجه الحركة الإسلامية في العراق. وفي هذه المرحلة أيضاً يشاهد تأثير للثورة الإسلامية، على الرغم من وجود الحرب بين البلدين ووجود أجهزة أمنية قوية وأبواق دعائية كثيرة. ومما تجدر الإشارة إليه في هذه المرحلة، هو: السخط الشعبي العام عن المشاركة في الحرب، تسليم الجنود أنفسهم إلى القوات الإيرانية – حسب اعتراف العديد من الأسرى العراقيين  والهروب من جبهات القتال واللجوء إلى إيران أو الدول الأخرى.

ويقول المسؤولون في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق: إن الشعب العراقي في هذه الفترة حافظ نسبياً على اتجاهه الثوري، إلا أنه لم يستطع إبرازه بسبب شدة قمع السلطات ومعاملتهم البوليسية للناس. إضافةً إلى ذلك، كانت التنظيمات الإسلامية وقياداتها قد خرجت من العراق. بعد استشهاد قائد الحركة، فلم يبق في العراق تنظيم نشط يقود التحرك وقد بدأت العمليات الفدائية والعسكرية داخل العراق ثانية بعد تشكيل فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى وبمساعدة حرس الثورة الإسلامية[54].

وتستمر هذه المرحلة حتى قبول القرار 598. وفي أواخر هذه المرحلة استخدم العراق الأسلحة الكيميائية ضد أهالي حلبچة، مما أعد الأرضية لتحرك شعبي جديد.

4- مرحلة النهوض الجديد والتحرك الهادئ (1988 – 1991)

وتبدأ هذه المرحلة، بقبول القرار 598 الصادر عن مجلس الأمن حول الحرب بين العراق وإيران. وفي هذه المرحلة نشاهد من ناحية تعب وإجهاد الجيش العراقي نتيجة لثمان سنوات من الحرب، ومن جهة أخرى فالسيطرة على الحدود ضعيفة نسبياً.

وعلى أساس ذلك هناك ارتباط، خاصة بعد احتلال العراق للكويت وما تبعه من هجوم أمريكا وحلفائها على العراق، والمساعدات الغذائية والطبيعة التي أرسلت للشعب العراقي من الحدود الإيرانية. وأثر ذلك بدأ الشعب العراقي تحركاً جديداً قبل بدأ الهجوم الأمريكي. كما سميت مدينة حلبچة بـ (مدينة الخميني)[55]، والانتفاضة الشعبية في جنوب العراق كانت في طورها للاعلان، حتى إن الجيش العراقي فقد سيطرته على بعض المدن الصغيرة. كما أن رجوع عدد كبير من الأسرى العراقيين من إيران إلى ذويهم له أهمية خاصة. وعلى أية حال فقد انطلقت الشرارات الأولى للانتفاضة، وعلى أساس ما تقدم نسمي هذه المرحلة بالنهوض الجديد، طبعاً على مدى الهجوم الأمريكي على العراق هناك حالة هدوء وسكون تشاهد في الحركة الإسلامية العراقية.

5- مرحلة الانتفاضة (1991)

في هذه المرحلة التي تبدأ بانسحاب العراق من الكويت ونهاية حرب الخليج الفارسي والتي لا تزال مستمرة إلى حد ما، هناك عوامل وأسباب كثيرة أدت إلى الأنتفاضة الإسلامية العامة في العراق:

أ – ضعف الجيش واندحاره على يد أمريكا.

ب – الضغوطات والصعوبات والفقر والجوع الناتج عن الحصار الاقتصادي والهجوم الأمريكي.

ج – إعادة الارتباط بين الشعب العراقي والشعب الإيراني.

د ـ استئناف الأحزاب والتنظيمات المجاهدة لنشاطاتها.

هـ ـ تذمر وضيق الشعب العراقي بحكامه.

ومع الأخذ بهذه العوامل والأسباب، انطلقت الانتفاضة في 15 شعبان 1411هـ (1991) بقيادة العلماء من مدينة البصرة، وعلى مدى أسبوع عمت جميع مدن الجنوب وأغلب مدن الوسط. ففقد النظام وجيشه السيطرة على ما يقرت 70% من مدن العراق. وفي الانتفاضة نشاهد الشعب العراقي يحمل صوراً للإمام الخميني والقائد الخامنئي والسيد الشهيد الصدر، ويعلن شعارات تطالب الدولة الإسلامية بالنصرة، منها: «النجدة يا إيران و …»[56]. وكان هدف الشعب في انتفاضته الاطاحة بالنظام، وإقامة حكومة إسلامية على غرار حكومة إيران الإسلامية. وفي هذه الأحداث نشط حزب الدعوة والمجلس الأعلى وسائر التنظيمات والحركات الإسلامية المجاهدة.

إذن، يمكن مشاهدة تأثيرات الثورة الإسلامية بوضوح في هذه الانتفاضة. إلا أنه وللأسف الشديد تم أخماد انتفاضة الشعب العراقي العامة هذه والأسباب عديدة، منها:

1- عدم وجود تنسيق في الانتفاضة بين المناطق والمحافظات، فكانت بعض المناطق تقع بيد المنتفضين في حين تسقط أخريات من أيديهم في الوقت نفسه[57].

2- استخدام النظام لأجهزة ومعدات عسكرية حديثة مقابل الأسلحة الخفيفة التي كانت بأيدي الشعب.

3- تجرأ الجيش لاستعادة حيثيته التي فقدها في الحرب مع أمريكا.

4- بقاء المراكز الاقتصادية والصناعية المهمة بيد النظام.

5- إحكام النظام لسيطرته على العاصمة بغداد والحيلولة دون أي تحرك فيها.

6- فرض حصار اقتصادي على الشعب المسكين من قبل النظام إضافةً إلى الحصار الدولي.

7- تدمير المؤسسات والمرافق الصحية والاقتصادية على يد القوات الأمريكية والمتحالفة أثناء حرب الخليج، حيث لم يكن لدى المجاهدين أبسط الإمكانيات المعيشية[58].

8- شدة القمع الذي قام به النظام، بحيث لم يشاهد مثل ذلك في تاريخ العراق اطلاقاً.

9- تشريد الناس والإعدامات الجماعية في الملأ العام.

10- عدم وجود تنظيم وقيادة.

11- الإعلام البعثي وتعاون القوات الغريبة مع النظام في إخماد الانتفاضة.

محمد حسين جمشيدي

ترجمة: علاء الرضائي

Iran vnder The , London: from Dilip hiroAyatollahs Routlege   and   Kegan,, – 1985 PREPACE . [1]

[2]  – THE DUTIES OF MAN AND GIUSEPPE OTHES ESSYS BY JOSEPPE OTHES ESSYS BY JOSEPH MAZZINI          ,                NEW

: ,       1912,          P.            251 . AZZINI YORK DENT

[3]  – بيتر كال ورت، الثورة، ترجمة: أبو الفضل صادق بور، طهران، جامعة طهران، ط2، 1979م، ص80 (بالفارسية) نقلاً عن:

, NEW :  DENT ,  1930 ,  P .   135 .

THOMS PALNE ,  RIGHTS OF YORK MAN …

[4]  – هرايرد دكمجيان، الحركات الإسلامية في العالم العربي، ترجمة: حميد أحمدي (بالفارسية) طهران: كيهان ط1، 1987، ص191.

[5]  – المصدر نفسه، ص194.

[6]  – عبد الله فهد النفيسي، دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث، بيروت: دار النهار للنشر 1973، ص49و 50.

[7]  – المصدر نفسه، ص51.

[8]  – صحيفة الجهاد، 24 تشرين الثاني 1986، ص1.

[9]  – السيد محمد باقر الصدر، من فكر الدعوة، حزب الدعوة الإسلامية، الأعلام المركزي بدون تاريخ، ص5.

[10]  – , THE  ISLAMIC MOREMENT OF ,

..           WILEY IRAQI       SHI”AS       ,

..LONDON :   L.  R.   PIOJOYCEN

1992,  PP31 –  34

[11]  – هراير دكمجيان، مصدر سابق، ص195 – 204.

[12]  – حسين هداي وعلي رضا بهشتي، حركات التحرير، طهران: منشورات الحزب الجمهوري الإسلامي، ص12 – 14.

[13]  – السيد صدر الدين القبانجي، الفكر السياسي للسيد الشهيد الصدر، بدون تاريخ وناشر، صد6.

[14]  – الهه كولائي وآخرون، في ذكرى آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر، طهران. انتشارات ناصر 1981م، لقاء مع السيد محمد باقر الحكيم، ص45. (بالفارسية).

[15]  – المصدر نفسه.

[16]  – جريدة اطلاعات الفارسية، الخميس، 5 نسيان 1963.

[17]  – سيد حميد روحاني، دراسة وتحليل لنهضة الإمام الخميني، قم: جامعة مدرسي الحوزة، ج2، 1982م، ص399. (بالفارسية).

[18]  –  المصدر نفسه، ص400.

[19]  – المصدر نفسه، ص404.

[20]  – المصدر نفسه، ص542 – 543.

[21]  – المصدر نفسه، ص552.

[22]  – المصدر نفسه، ص761.

[23]  – الهة كولائي وآخرون، مصدر سابق، ص28.

[24]  – دكمجيان، مصدر سابق، ص198.

[25]  – الهة كولائي وآخرون، مصدر سابق، ص28.

[26]  – صحيفة اطلاعات 8/ نيسان/ 1982، لقاء صحفي، ص10.

[27]  – الهة كولائي، وآخرون، مصدر سابق، ص17.

[28]  – أنباء مدرسة الدم الحسيني، صحيفة اطلاعات، 9/ نيسان/ 1983م، ص17.

[29]  – صحيفة اطلاعات، 9/ نسيان/ 1983، لقاء مع السيد عبد العزيز الحكيم، ص13.

[30]  – الهة كولائي وآخرون، مصدر سابق، ص47.

[31]  – صدر الدين القبانچي، الجهاد السياسي للسيد الشهيد الصدر، ص157 و…

[32]  – هراير دكمجيان، مصدر سابق، ص198 – 199.

[33]  – صحيفة اطلاعات، 8/ نيسان/ 1982، ص12، لقاء صحفي مع الشيخ محمد مهدي الآصفي و…

[34] – صحيفة اطلاعات، 21/ نسيان/ 1987م، العدد 220806، ص7.

[35] – صدر الدين القبانچي، الفكر السياسي للسيد الشهيد الصدر.

[36] – شائول نجاش، الإسلام والعدالة الاجتماعية في إيران، التشيع، المقاومة والثورة، مجموعة مقالات مؤتمر دولي في جامعة تل أبيب (1984) طهران: فاروس، 1989 م.

[37] – المصدر نفسه.

[38] – دكمجيان، مصدر سابق، ص198 – 199.

[39] – السيد محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، طهران: وزارة الإرشاد الإسلامية، ص6، 7.

[40] – الإسلام يقود الحياة، ص23 – 24.

[41] – الهة كولائي وآخرون، مصدر سابق، ص20 و …

[42] – ع. عصياني، آية الله الشهيد الصدر، انطلاقة نداء في الأمة الاسلامية في العراق، صحيفة كيهان، 8/ نيسان/ 1982، العدد 11547، ص10.

[43] – السيد محمد باقر الصدر، السنين التاريخية في القرآن.

[44] – السيد محمد باقر الصدر، التشيع مولود الإسلام الطبيعي، ترجمة: علي حجتي كرماني، مع نقد بقلم الدكتورعلي شريعتي، طهران: مركز النشر والأبحاث الإسلامية، بدون تاريخ، ص137.

[45] – دستور الجمهورة الإسلامية، 1979م.

[46] – السيد محمد باقر الصدر، خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء، بيروت: دار التعارق، 1979م.

[47] – شريف الحسيني، حزب الله حركة عسكرية أم سياسية أم دينية؟ مجلة الشراع، 17 آذار 1986م.

[48] الإمام الخميني، صحيفة النور (مجموعة أقوال الإمام) طهران: وزارة الارشاد الإسلامية، حديث الإمام مع سفراء الدولة الإسلامية بتاريخ 20/تشرين الأول/ 1980م.

[49]1981, 8 ,,

NEWSWEEK SEPTEMBER

[50] انظر: مرتضى المطهري، حول الثورة الإسلامية، طهران: صدرا بدون تاريخ. (بالفارسية).

[51] لقاء مع الأخوة المسؤولين في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.

[52] راجع: مهجر عراقي، تاريخ المهجرين، قم: مركز نشر الأفكار الإسلامية، 1989م. (بالفارسية).

[53] راجع: عبد الأمير فولاد زادة، جرائم النظام البعثي في العراق، قم: مركز النشر، 1990م. (بالفارسية).

[54] – لقاء مع الأخوة المسؤولين في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.

[55] – صحيفة جمهوري إسلامي، بتاريخ 28/ نيسان/ 1987، كذلك صحيفة لواء الصدر 8/ نيسان/ 1987م.

[56] – كانت أغلب الشعارات تطالب إيران بالمساعدة والنجدة، كما أنها تدعو للاستمرار في طريق الثورة الإسلامية في إيران، نموذج ذلك الفلم الذي عرضه تلفزيون الجمهورية الإسلامية عن المظاهرات التي قامت في كربلاء.

[57] – لقاء مع المجاهدين العراقيين المقيمين في إيران.

[58] – المصدر نفسه.