الشهيد محمد باقر الصدر رهان المرجعية الواعية

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

لماذا الشهيد السيد محمد باقر الصدر رهان المرجعية الواعية؟ ولماذا الاختزال لتاريخ طويل سجلت المرجعية الدينية فيه مواقف خالدة، قد تفوق حجم ما قدمه الصدر، كماً لا كيفاً؟.

والسؤال الاخير يبدو اكثر شرعية اذا اضفنا له ان «الشهيد السيد محمد باقر الصدر رهان المرجعية الواعية» ليس مجرد دعوى بل ان الواقع يؤكده، وقد عبرت الامة عن ايمانها بهذه المقولة عبر الالتفاف الواسع حول مرجعيته ابان حياته، والتواصل المستمر معه بعد استشهاده. من هنا تبدو مراجعة المشروع الفكري والمرجعي للسيد الصدر في الذكرى العشرين لاستشهاده ضرورة حضارية تفرضها المرحلة الراهنة، لتحديد خصائص مشروع المرجعية الواعية التي حفزت الامة للرهان عليها في شخص محمد باقر الصدر؟

وهل تميز الصدر بمميزات ذاتية واخرى فكرية جعلته يجسد طموح الامة؟ وهل رهان المستقبل سيبقى مأسوراً لتكرر شخصية الصدر ثانية ام ان الصدر مشروع يمكن التواصل معه اذا استكشفنا اسسه واتجاهاته؟ ثم اخيراً هل حجم المنجز الفكري والثقافي والسلوكي الهائل للصدر ـ نوعاً لا كماً ـ يمنع من الغور في مداراته القصية لاستكشاف مبادئه وآليته، ام ان الحفر في اعماقه سيفتح امامنا آفاقاً واسعة تضعنا في الاتجاه الصحيح؟

لا شك ان السيد محمد باقر الصدر مشروع فكري راهنت الامة به على مستقبلها، ومرجع انساقت معه حينما احست الوعي ـ متجسداً به ـ يحطم كثافة الظلام الذي راكمته قراءات ناقصة للواقع الاسلامي والدين، قراءات زيفت الوعي وحاصرت الدين وقذفت بالمشروع الاسلامي في زاوية الانكفاء على الذات والانسحاب عن مسرح الحياة لصالح ترسبات قارة في اللاوعي، تستدعي باستمرار المنجز الفكري دون ان تلحظ تاريخيته، فلا يستجيب للواقع المتطور ولا يلبي حاجات الانسان المتجددة.

بينما كان للشهيد الصدر من التراث موقف مغاير للمألوف، فقد استدعى مكوناته وحلل بنيته، واستبعد كل ما هو تاريخي انتجته المرحلة استجابة لظروفها الضاغطة، وابقى العناصر الصالحة لبناء حاضر اسلامي زاخر بالمنجزات على صعيد الفرد والمجتمع والمستقبل يستجيب لطموحات الرسالة الاسلامية في سيادة القيم الاسلامية. ولهذا انتقل الفكر الاسلامي، على يده، نقلة نوعية اهلته لدخول الواقع بكفاءة عالية.

وانما احدث السيد الشهيد هذا التحول بفعل رصانة المنهج وقوة الادوات، فكانت الخطوة الاولى في مشروعه هي نقد الذات وتعريتها دون التنكر لها، وتقويمها بعيداً عن التضخيم والاختزال، وانما تحرى الموضوعية وعالج نقاط الضعف بعد تشخيصها، ولم يستعن بمنهج من خارج فضائه الثقافي، كما فعل بعض المتغربين فاخطأوا في تشخيص الواقع، بل توافر على منهج سليم ينتمي الى نفس البيئة التي ينتمي اليها السيد الشهيد، واستعار اقوى الادوات المعرفية لتنفيذ مشروعه، فكان على درجة عالية من الثقة بالنفس، ينقد ويفكّر وينظّر، لايخشى الممنوع ولا يتهيب من نقد الذات وانما يعتبره ضرورة ملحة لاكتشاف الاخطاء، وخطوة على طريق التجديد، يقول في نقد الذات: «الاستصحاب الذي قرأناه في علم الاصول، طبقناه على اساليب العمل، وطبقناه على حياتنا، فكنا نتجه دائماً الى ما كان، ولا نفكر ابداً في انه هل بالامكان ان يكون افضل مما كان؟… لابد لنا من ان نتحرر من النزعة الاستصحابية، ومن نزعة التمسك بما كان حرفياً بالنسبة الى كل اساليب العمل، هذه النزعة التي تبلغ القمة عند بعضنا، حتى ان كتاباً درسياً مثلاً ـ امثّل بأبسط الامثلة ـ اذا أريد تغييره بكتاب آخر في مجال التدريس ـ وهذا أضأل مظاهر التغيير ـ حينئذ يقال : لا، ليس الامر هكذا لابد من الوقوف، لابد من الثبات والاستمرار على نفس الكتاب الذي كان يدرس فيه الشيخ الانصاري رضوان عليه او المحقق القمي.

هذه النزعة الاستصحابية التي تجعلنا دائماً نعيش مع امة قد مضى وقتها، مع امة قد ماتت وانتهت بظروفها وملابساتها، تجعلنا نعيش باساليب كانت منسجمة مع امة لم يبق منها احد، وقد انتهت وحدثت امة اخرى ذات افكار اخرى، ذات اتجاهات اخرى، ذات ظروف وملابسات اخرى».

ولا ندّعي ان التجديد في الفكر الاسلامي  بدأ مع الشهيد الصدر، وانما هو تواصل مع مناهج المصلحين الاسلاميين الذي بدأ مع السيد جمال الدين الحسيني المعروف (بالافغاني)، غير ان الصدر حول المشروع الى واقع عملي عبر انجازاته المتعددة على اكثر من صعيد، وحوّل المقطع النظري الى واقع تجسد في سلوكه المتميز بالعطاء والتضحية. واذا كانت مساحة المقال لاتسمح بتقصي ابداعاته في شتى المستويات، الا انها لاتمنع مقاربة الموضوع مقاربة مكثفة.

فعلى صعيد علم الكلام قدم الشهيد الصدر نظرية جديدة في الاستدلال على اصول الدين، استبعدت المنهج القديم في الاستدلال واستخدمت منهجاً آخر يناسب مستوى التطور الذي رقى له العقل، وانتقلت بالفكر العقيدي من عالم التجريد الى مخاضات الواقع التي تنغص حياة الانسان كل يوم.

وتأتي اهمية المنجز العقيدي للشهيد الصدر بعد ان غادرت العقيدة السلوك العام واقتصرت وظيفتها، في ظل استغراقات العقل الكلامي القديم، على تبرير التواكل والفردية وتعميق الانا، اما العمل الصالح الذي قرنه القرآن الكريم بالايمان في اكثر من 50 آية، فليس للعقيدة دور في ربطه فيه، بينما قدم الصدر فهماً حياً للعقيدة فقال : «ان المعنى الحقيقي للايمان ليس هو العقيدة المحنطة في القلب، بل الشعلة التي تتقد وتشع بضوئها على الآخرين».

وعلى صعيد التفسير قدم الشهيد الصدر اطروحة التفسير الموضوعي استجابة للظروف الاجتماعية والسياسية في المرحلة الراهنة. وهذا النمط من التفسير حديث العهد في الساحة الفكرية الاسلامية، بينما ساد التفسير التجزيئي مناهج المفسرين، ويسجل الشهيد الصدر على الفهم التجزيئي للآيات انه «يقف دائماً عند حدود فهم هذا الجزء او ذاك من النص القرآني ولا يتجاوز ذلك غالباً… دون ان نكتشف اوجه الارتباط، دون ان نكتشف التركيب العضوي لهذه المجاميع من الافكار، دون ان نحدد في نهاية المطاف نظرية قرآنية لكل مجال من مجالات الحياة».

وفي حقل الفلسفة كان للشهيد الصدر اسهام على صعيد المنطق والفلسفة، فقد ألف رسالة في المنطق في سن مبكر جداً، سجل فيها جملة ملاحظات على القضايا المنطقية. بينما كان له في مجال الفلسفة اكثر من عمل ناقش فيها مسار الفلسفة الاوربية وانتقد اسس المادية الجدلية، وقدم رؤية جديدة عن الفلسفة الاسلامية بعد درس اتجاهات الفلسفة الاوربية منذ العصر الاغريقي. وعندما اتجه لدراسة الاساس المنطقي لتكوين العلم قدم نظرية في تفسير حساب الاحتمال بعد ان عالج اخطاء التفكير الغربي في تفسيرها، وقد وظف هذه النظرية في مجالات متعددة.

كما نجح السيد الشهيد في وضع اسس فهم نظرية المعرفة البشرية عندما اكتشف «المذهب الذاتي للمعرفة»، وثار على نظرية القياس الارسطية.

ويبقى اصول الفقه دائرة تخصص الشهيد الصدر، كعالم دين ينتمي الى بيئة علمية يمثل اصول الفقه احد العلوم الاساسية فيها، فكانت اسهاماته واسعة في تطوير آرائه ونظرياته بعد ان استوعب تراث اسلافه ومارس النقد على مبانيه واسسه. ويمكن ان نشير الى شيء من ابداعاته ابتداء من تعريف علم الاصول ثم نظريته الجديدة في تفسير الاحكام الظاهرية، وسيرة المتشرعة وسيرة العقلاء اللتين صاغهما على اساس حساب الاحتمالات، ومروراً بنظرية التعويض، ونظرية حق الطاعة، ونظرية القرن الاكيد في الوضع، وغيرها من المسائل الاخرى.

وتطور الفقه على يد الشهيد الصدر وارتقى القمة حينما تحرك الاستدلال لديه نحو فقه النظرية وهو شيء لم يسبقه فيه احد من الفقهاء، فافرز هذا الجهد العلمي صياغة نظرية في الاقتصاد الاسلامي، واطروحة البنك اللاربوي في الاسلام.

وقد استنزفت بعض أبواب الفقه التقليدي، الذي يندر فيه الابداع باعتباره من العلوم المحترقة في بعض حقوله «كالطهارة والنجاسة»، استنزف من السيد الشهيد ثلاثة عقود من عمره استجابة للاعراف السائدة، وليس تلبية لحاجات عصرية.

وكانت تلك الاعراف التي وأدت القابليات واماتت الابداع، واخّرت المسيرة، وقفز في ظلها رجال الى واجهة الاحداث فتسببوا في اخفاق الوعي، كانت تحدياً صعباً بالنسبة للمجدد الرسالي، لكن رغم ذلك قدم للانسان المسلم اول رسالة تضمنت الاحكام الشرعية، وتميزت باسلوب جديد في عرضها، فمكن كل انسان متعلم، ولو بمستوى متوسط من فهم الاحكام واستيعاب جزئياتها، بمعزل عن التفسير والتأويل وحرر الرسالة العملية الفقهية من سلطة المفسرين واستبعدها من مأزق اللبس المتواصل في العبارة.

ثمة حقيقة، ان تراجع الوعي لم يتسبب في استدراج الشهيد الصدر للفضاء الثقافي السائد في بيئته، بل حفزه على ايقاظ الضمير الاسلامي وترشيد وعي الامة في اطار مشروع فكري ـ سياسي ساهم في احداث يقظة امتدت اشعاعاتها خارج حدود الانتماءات الطائفية والدينية والاجتماعية. فعمل الصدر ضمن مشروعه على ثلاثة اصعدة :

1ـ الصعيد الفكري.

2ـ الصعيد الحركي.

3ـ الصعيد المرجعي.

فنهض بالمسؤولية الكبرى في ضوء وعيه للمرحلة التي عايش تفصيلاتها، وشخص اخطاءها، وتعرض ـ بسبب ذلك ـ للمقاطعة والتجويع والسجن والتعذيب، هو وعائلته، حتى اختطفته أيد اثيمة وهو لما يكمل مشروعه الذي نذر نفسه من اجله. الا ان تفاعل الامة معه، ابقى الصدر حياً في ضميرها وظل حلماً يطمح المخلصون للتواصل معه في كل قضيه، فكرية او سياسية.

وكان الصدر قادراً لولا وعيه وشعوره بالمسؤولية ان يعيش افضل حياة، وهو يتألق علمياً واجتماعياً، الا انه ابى ان يغادر خندق الامة او يتقوقع في دائرة الانا او يجعل مصالحه الشخصية هدفاً لتحركه، وانما كان مهموماً بالاسلام وتجديد الفكر واحياء القيم الاسلامية، حتى ساهم بكل اخلاص على جميع الاصعدة.

فعلى صعيد الفكر كان للشهيد الصدر انتاج علمي ثر يتحرك في اطار مشروعه التغييري، وكانت خطواته في هذا الحقل توزع على:

أـ استيعاب التراث ونقده وتقويمه واستخلاص عناصره الحية وتوظيفها في بناء اسس نظرية تلبي حاجات المجتمع الاسلامي.

ب ـ دراسة الآراء والنظريات التي تنتمي الى بيئات فكرية اخرى، لاكتشاف نقاط ضعفها وموارد تهافتها، ليثبت بذلك عدم جدارة هذا الفكر، ولاسيما الغربي، ليحل محل الفكر الاسلامي.

هـ ـ تقديم رؤية اسلامية ذات جذور قرآنية تعيد بناء العقل الاسلامي وفق اسس فكرية متقنة، فترك للمكتبة الاسلامية تراثاً فكرياً يمثل احد مراحل تطور العقل التنظيري لدى علماء مدرسة اهل البيت (ع) في حوزة النجف الاشرف . فقد كتب الشهيد الصدر دراسة نقدية لمنطق ارسطو في وقت مبكر من عمره ثم تلتها دراسة في التاريخ السياسي حول «فدك» ثم ألّف كتاب : فلسفتنا، اقتصادنا، البنك اللاربوي في الاسلام، الاسس المنطقية للاستقراء، المدرسة القرآنية، سلسلة كتاب الاسلام يقود الحياة، الفتاوى الواضحة، اضافة الى تقريرات ابحاثه في الفقه والاصول، وما كتبه من دراسات وابحاث، وما القاه من محاضرات.

وعلى الصعيد الحركي اهتم الشهيد الصدر بتنمية الوعي واحداث يقظة تغلغلت في اعماق الامة عبر تنظيم حركي ساهم في تأسيسه، وسهر على حمايته وغذاه بمنظومة فكرية  ومفاهيمية انتجت فيما بعد تياراً جارفاً من الوعي اقتطف الاجيال المثقفة والجامعية قبل الاوساط الشعبية، فكان تحد صعب كلف السلطات الحاكمة في العراق غالياً.

واما على مستوى المرجعية الدينية، فقد قدم محمد باقر الصدر اطروحة نظرية حول «المرجعية الصالحة او الرشيدة» كان يطمح لتطبيقها بغية انتشال المرجعية الدينية من الطابع الشخصي وتحويلها الى مؤسسة ترعى شؤونها الادارية والمالية والتبليغية، وتعمل ضمن ضوابط وموازين تؤكد صدقيتها في الوسط الاجتماعي، وتنهى حالة الفوضى والتلاعب والاستئثار بالاموال والامكانيات، وفق مقاييس لاتنتمي الى الشريعة الاسلامية وتجافي تعاليم القرآن والسنة الشريفة، وتكرس الطبقية والفوارق الاجتماعية، كل ذلك باسم المرجعية، بينما هي عملية سطو سافرة وممارسات قد لايعلم عنها المرجع شيئاً، لان سعة اعماله وكثافة نشاطاته ربما لاتسمح له بالتدخل المباشر، او ربما لا يعي حجم السلبيات التي تفرزها. اما الشهيد الصدر فكان يعي دور المرجعية ويشخص ثغراتها الادارية والمالية والسياسية وانما طرح مشروعه الجديد من داخل فضائه الاجتماعي واستجابة لحاجات الامة، غير ان يد الغدر الأثيمة اختطفته قبل ان يجسّد طموحه في تجربة واقعية، تنتقل بالمرجعية من دائرة الفرد الى مؤسسة ذات مرافق وأجهزة علمية وتخطيطية وادارية ومالية، طبقاً لما تتطلبه المتغيرات الحياتية، يتعاقب عليها المراجع، ولا تنتهي بغياب المرجع الفرد.

هذه الاطلالة المكثفة وفرت علينا، اختبار صدقية رهان الامة على السيد محمد باقر الصدر، فالامة لم تحظ بمرجع يختزن قدراً كبيراً من الوعي والهم الرسالي الا مع الميرزا محمد حسن الشيرازي، والشيخ محمد كاظم الخراساني، والشيخ مهدي الخالصي، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والامام الخميني، فيما اعتادت الامة الا ترى المراجع الآخرين الا وقت الازمات السياسية، حيث تتصدى المرجعية الدينية لمقاومة الاستعمار والاستبداد، لكنها لم تعايش مرجعاً يخطط وقت الرخاء لمستقبل افضل ويساهم مباشرة في انجاح المشاريع التغييرية.

ثمة صدقية اخرى عمقت الصلة بالسيد الشهيد وهي الصدق السلوكي في التعامل مع المبادئ والقيم، فهو لم يدخر وسعاً من اجل الاسلام، ولم يؤجل المعركة مع الظالمين الى «مابعد الظهور»، مادام القائد هو المسؤول عن صناعة ظروف الثورة، بل ويفرض تلك الظروف على خصمه، ويتحمل تبعات متبنياته الفكرية والسياسية، ولا يتقمص الفرص، كما يفعل ذوي النزعة الانانية، ولا يستطيع احد ان ينتزعه من الموقع الذي اختاره، وتبقى قيم القرابة والولاء والدم والعنصر عنده عاجزة عن تغيير قناعاته وترتيب الاولويات القائمة على اسس اسلامية وانسانية.

بقي ان نذكر ان الشهيد الصدر مشروع قابل للتكرر متى توافرت له اسبابه ومتى تسلّح عالم الدين المتصدي بدرجة كافية من الوعي يستطيع ان يلج فيها المرحلة، وتتمكن الامة ان تكون تياراً ضاغطاً يساهم في انتاج رجل المرحلة، فلابد ان تتوافر الامة بدورها بوعي تميز به المرجعية الصالحة للعصر عن المرجعية التي تعيش في اعماق التاريخ، ويبقى دور المثقف الاسلامي ضخ الامة بمفاهيم اسلامية تركز وعي الامة وتضعها امام مسؤولياتها التاريخية والدينية، اما اذا اهمل المثقف دوره فستحتضن الامة الاطروحات غير الرشيدة، وتنفذ من خلال المناطق الهشة في شخصيتها مشاريع التخلف الحضاري.

ماجد الغرباوي