مع الشهيد الصدر فقيهاً

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

لقد تميزت مدرسة الشهيد الصدر (قده) الفكرية بطابع الشمول فلم تقتصر على مجال من مجالات الفكر والمعرفة فقد طرق الإمام الشهيد (قده) اكثر أبواب الفكر ودون استئذان مقتحماً أبوابها وهو ما زال في عنفوان شبابه ولولا أن أدركته الشهادة وخطفته يد المنون لما ترك مجالاً إلا وتناوله قلمه الشريف ليترك أثره فيه، فكان السيد الشهيد (قده) فيلسوفاً وعالماً بالاقتصاد والمنطق والتاريخ والتفسير واللغة والرجال. .

وكان علمه في هذه المجالات على تعددها على سبيل التخصص فكان مرجعاً في كل هذه المجالات وهذا ما يقل نظيره فقد برز الكثير من العلماء وذاعت شهرتهم إلا أن تخصصهم في هذه المجالات التي اشتهروا بها كان على حساب المجالات الآخرى أما شهيدنا الصدر (قده) فانه اشتهر صيته في مجالات متعددة رغم وعورة مسالك هذه العلوم والمعارف التي عرف بها فكان ذا نظرية في الاقتصاد والفلسفة وذا رأى في علم الرجال والتاريخ واللغة وذا مدرسة مستقلة متميزة في المنطق والأصول ولكنه كان قبل ذلك كله فقيهاً من أكابر الفقهاء ومرجعاً من أعاظم المراجع قل نظيره وندر مثيله.

وقد عرف نظره الثاقب وغوره البعيد ورأيه السديد في مسائل الفقه ومواضيعه منذ صباه حتى إذا حضر بحث السيد الخوئي فكان أبرز تلامذته أصغرهم سناً واوفرهم حظاً في الفقه ومسائله فقضى ثلاث عشرة سنة في ملازمة السيد الخوئي وهم في أشد الخصومة الفكرية إبراماً ونقضاً.

وفي سنة (1381هـ) شرع السيد الصدر (قده) بإلقاء أبحاثه العالية في الفقه وحضر لديه الكثير من العلماء والفقهاء واستمرت بحوثه لما يقرب من العشرين عاماً إلى قبيل استشهاده. وكانت بحوثه الفقهية من أروع البحوث كما اعترفت بذلك أعلام الفقه يقول السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي[1]: ((إنني أتحرج في الحديث عن هذه الشخصية ـ شخصية السيد الصدر ـ المثلى خصوصا وان ذلك يحتاج إلى معرفة دقيقة بكل الظروف التي أحاطت بها إلا أنني اكتفي بإيراد بعض النقاط عن هذه الشخصية ذات الأبعاد المتعددة، ومنها عنصر الأصالة الاجتهادية التي قل نظيرها[2])).

ثم يلقي السيد الأردبيلي نظره إجمالية على الموقع المتميز لشخصية السيد الشهيد (قده) في مسيرة الفقه وحركته المتطورة فيقول (( … فالشيخ الطوسي مثلاً ذو مدرسة فكرية كادت تسد على الآخرين باب الاجتهاد نتيجة عظمتها . . . وهكذا حتى جاء آية الله البروجردي فأعطى الفقه دفعه جديدة، ولا شك أن هناك نقصاً في الدراسات الفقهية ذلك هو ((الخلأ الفقهي)) في مجال العلاقات الاجتماعية العامة، فهناك الكثير من المسائل التي لم يبحث فيها الفقهاء، وكان السيد الصدر أحد النوابغ الفريدة التي تحدثت في هذا المجال[3] ))

والحقيقة أن مدرسة الشهيد الصدر (قده) الفقهية وإنجازاتها العلمية وما حققته لجدير بالدراسة والتحقيق وهو أمر موكول للعلماء والفقهاء بالخصوص من عاش على موائد مدرسة الشهيد (قده) العلمية او من عاصرها وشهد مكاسبها وإنجازاتها العظيمة.

كتب السيد الحائري عن إنجاز مكاسب مدرسة أستاذه في حقل الدراسات الفقهية قائلاً ((وفي علم الفقه ترى إبداعاته (قده) لا تقل عن إبداعاته في علم الأصول، وقد طبع من أبحاثه الفقهية أربعة مجلدات باسم((بحوث في شرح العروة الوثقى)) فيها من التحقيقات الرشيقة التي لم يسبقه بها أحد ما لا يحصى وأشير هنا كمثال إلى بحثين من أبحاثه التي ينبهر بها الفقيه الألمعي.

أحدهما: بحثه الرائع في تحقيق نكات قاعدة الطهارة الوارد في المجلد الثاني من البحوث المشتمل على عمق وشمول لا تراهما في أبحاث أخرى عن تلك القاعدة.

والثاني: بحثه القيم في مسألة اعتصام ماء البئر عن كيفية التخلص عن الروايات الدالة على الانفعال وهو وارد ـ أيضاً ـ في المجلد الثاني من البحوث حيث ساق البحث بأسلوب فائق لم أره لدى باحثي هذه المسألة قبله.

ولم يوفق (قده) لكتابة الكثير عن الفقه المستدل ما عدا المجلدات الأربعة في الطهارة وما درسه عن الفقه المستدل اكثر مما كتبه وقد درس قسماً من أبحاث الخمس وغير ذلك.

والذي كان يصبو إليه ـ رحمه الله ـ هو تطوير بحث الفقه من عدة جوانب وفق لبعضها بمقدار ما كتب او درس، ولم يوفق للبعض الآخر، وتلك الجوانب هي ما يلي:

1ـ تعميق دراسته بنحو لم يسبق له مثيل وقد وفق لذلك بمقدار ما كتب او درس.

2ـ تبديل النزعة الفردية والنظرة الموضعية إلى النظرة الاجتماعية والنظرة العالمية في البحوث التي تتطلب ذلك. وهاتان النظرتان او النزعتان لهما الأثر البالغ في كيفية فهم القضايا الفقهية فمثلاً: أخبار التقية والجهاد تفهم بأحدى النظرتين بشكل يمكن وبالنظرة الآخرى بشكل آخر. وأدلة حرمة الربا قد تفهم بأحدى النظرتين بشكل يمكن معه تحليل نتيجة الربا ببعض الحيل وتفهم بالنظرة الآخرى بالشكل الذي لا يؤدي إلى هذه النتيجة وما إلى ذلك من الأمثلة الواسعة في الفقه.

3ـ توسيع أفق البحث الفقهي لشتى أبواب الحياة بالشكل المنسجم مع متطلبات اليوم وبأسلوب يتجلى به أن الفقه يعالج كل مناحي الحياة ويواكب الوضع البشري الفردي والاجتماعي حتى النهاية وبشكل يتضح أن البحث الفقهي متحرك يواكب حركة الحياة. وقد شرع ـ رحمه الله ـ لتجسيد هذا الجانب في رسالته العملية المسماة (الفتاوى الواضحة) إلا أن استشهاده قد حال بينه وبين إكمال الكتاب.

4ـ تطوير منهجة عرض المسائل وتبويبها بالشكل المنعكس في مقدمة ((الفتاوى الواضحة))

5ـ وكان ـ رحمه الله ـ عازماً على أن يبحث فقه المعاملات بشكل مقارن بين فقه الإسلام والفقه الوضعي، كي يتجلى أن الفقه الإسلامي هو الجدير بإدارة الحياة وإسعادها دون غيره، وقد حالت جريمة البعث الكبرى بينه وبين إتحافنا بهذا البحث القيم[4])) انتهى.

نظرة في كتاب ((الفتاوى الواضحة))

النظر في كتاب ((الفتاوى الواضحة)) يستدعيه الكشف عن معاناة السيد الشهيد (قده) في عملية استنزال الفقه من برجه العاجي الذي يحتكره البعض إلى الحياة الاجتماعية وتطويعه ليكون في متناول الجميع.

وكذلك يكشف عن الجهود الجبارة التي بذلها الشهيد الصدر (قده) في عملية تجديد هذا النحو من كتابة الفقه المسمى: ((الرسالة العملية)).

فالرسالة العملية لم تكن معروفة قبل منتصف القرن العاشر الهجري وإنما كان الشيخ البهائي العاملي المتولد سنة (953) هـ (اول من كتب رسالة عملية فقهية غير استدلالية وهي دورة كاملة من الفقه عرفت باسم ((الجامع العباسي)) نسبة إلى الشاه عباس الصفوي[5]) وكان قد كتبها للشاه عباس الصوفي باللغة الفارسية، ودرج العلماء والفقهاء من بعده على كتابة فتاواهم بشكل تعليقات وحواش على ((الجامع العباسي)) ثم ظهرت عدة رسائل فقهية باللغة العربية واكتفى الفقهاء بالتعليق عليها أيضاً دون إدخال التغيير في منهاجيتها وتبويبها مما جعل الرسائل العملية أمراً روتينياً لا يغني عن جوع ولا يشبع حاجة المسلمين في البحث عن الأحكام الشرعية التي في الكثير من الأحيان غير مذكورة في هذه الرسائل العملية.

وكان السيد الشهيد (قده) في اول أمره قد كتب تعليقه على ((منهاج الصالحين)) للمرحوم السيد محسن الحكيم.

كتب السيد الحائري عن تلك الفترة التي كتب بها السيد الشهيد (قده) تعليقته هذه يقول: «ومن طرائف الأمور أن الأستاذ الشهيد ـ رحمه الله ـ مضت عليه برهة من الزمان كان له مقلدون كثيرون في شتى المدن العراقية، ولعله في خارج العراق أيضاً وكان يمتنع عن طبع رسالة عملية لأنه كان شاباً آنذاك، ولعل قسماً من المجتمع لم يكن يستسيغ طبع رسالة عملية لعالم شاب مع وجود مراجع كبار متقدمين في السن، فكان بعض مقلديه يضطرون إلى استنساخ تعليقته على جزء الأول من منهاج الصالحين بخط اليد، وما زلت أنا محتفظاً في مكتبتي بنسخة منها استنسختها بيدي»[6].

ولما ترشح الشهيد الصدر «قده» للمرجعية وظهرت مرجعيته طبع رسالته العملية على شكل تعليقة على «منهاج الصالحين» كما هو المتعارف لدى المراجع إلا أنه بقي غير مقتنع بجدوى هذا النمط من الرسائل العملية إذ يقول «وحينما صدرت تعليقتنا على منهاج الصالحين أحسست إحساساً واضحاً من خلال مراجعات القارئين وأسئلة السائلين بما كنت على إيمان به من ضرورة الأخذ بالملاحظتين السابقتين ـ سيأتي بيانها في محله ـ في وضع رسالة عملية تتقيد بمنهج سليم في العرض من الناحية الفنية وتلتزم بلغة مبسطة حديثة وتبدأ في العرض من الصفر وتحاول ان تعرض الأحكام من خلال صورة حية وتطبيقات منتزعة من واقع الحياة وتتجه إلى بيان الحكم الشرعي  لما يستجد من وقائع»[7].

فكان الشهيد الصدر يراقب عن كثب المستوى الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية ومدى ما تحتاجه، ومن خلال متابعته المستمرة وشعوره الدؤوب بالمسؤولية الملقاة على عاتقه كان يؤمن بضرورة التعبير ورفض الأطر القديمة، او إصلاحها إذا كانت قابلة لذلك والابتعاد عن النظرة الاستصحابية في تحليل الظواهر الاجتماعية، فما كان مستساغاً قبل قرون لم يعد اليوم كذلك ولا ضرورة لاستصحابه ما دامت هناك المبررات التي تؤكد عدم فاعليته.

ومع قيام المبررات التي تدعو للتغيير قام السيد الشهيد «قده» بوضع الأساس الجديد في كتابه الرسائل العملية الجديدة التي ستكون بمثابة الحجر الأساس الجديد في عملية التغيير في المستقبل. أما المبررات التي دعت السيد الشهيد «ره» لكتابة فتاواه بالأسلوب الجديد فانه كتب يقول: (وقد قامت الرسائل العملية بدور مهم وجليل في هذا المجال ولكن على الرغم مما تمتاز به عادة من الدقة في التعبير والإيجاز في العبارة توجد فيها على الأغلب ملاحظتان تستدعيان التغيير والتطوير.

الملاحظة الأولى: إن هذه الرسائل تخلو غالباً من المنهجية الفنية في تقسيم الأحكام وعرضها وتصنيف المسائل الفقهية على الأبواب المختلفة. ومن نتائج ذلك حصل ما يلي:

اولاً: إن كثيراً من الأحكام أعطيت ضمن صور جزئية محدودة تبعاً للأبواب ولم تعط لها صيغة عامة يمكن للمقلد أن يستفيد منها في نطاق واسع.

ثانياً: إن عدداً من الأحكام دس دساً في أبواب أجنبية عنه لأدنى مناسبة حرصاً على نفس التقسيم التقليدي للأبواب الفقهية.

ثالثاً: إن جملة من الأحكام لم تذكر نهائياً لأنها لم تجد لها مجالاً ضمن التقسيم التقليدي.

رابعاً: أنه لم يبدأ في كل مجال بالأحكام العامة ثم التفاصيل ولم تربط كل مجموعة من التساؤلات بالمحور المتين لها ولم تعط المسائل التفريعية والتطبيقية بوصفها أمثلة صريحة لقضايا اعم منها لكي يستطيع المقلد أن يعرف الأشباه والنظائر.

خامساً: افترض في كثير من الأحيان وجود صورة مسبقة عن العبادة او الحكم الشرعي ولم يبدأ العرض من الصفر اعتماداً على تلك الصورة المسبقة.

سادساً: انطمست المعالم العامة للأحكام عن طريق نثرها بصورة غير منتظمة وضاعت على المكلف فرصة استخلاص المبادئ العامة منها.

الملاحظة الثانية: إن الرسائل العملية لم تعد تدريجياً بوضعها التاريخي المألوف كافية لأداء مهمتها بسبب تطور اللغة والحياة، ذلك أن الرسالة العملية تعبر عن أحكام شرعية لوقائع من الحياة والأحكام الشرعية بصيغها العامة وان كانت ثابتة، ولكن أساليب التعبير تختلف من عصر إلى آخر ووقائع الحياة تتجدد وتتغير، وهذا التطور الشامل في مناهج التعبير ووقائع الحياة يفرض وجوده على الرسائل العملية بشكل آخر.

فاللغة المستعملة تأريخاً في الرسائل العملية كانت تتفق مع ظروف الأمة السابقة إذ كان قراء الرسالة مقصورين غالباً على علماء البلدان وطلبة العلوم المتفقهين لأن الكثرة الكاثرة من أبناء الأمة لم تكن متعلمة، وأما اليوم فقد اصبح عدد كبير من أبناء الأمة قادراً على أن يقرأ ويفهم ما يقرأ إذا كتب بلغة عصره وفقاً لأساليب التعبير الحديث فكان لا بد للمجتهد المرجع أن يضع رسالته العملية للمقلدين وفقاً لذلك.

والمصطلحات الفقهية التي تعتمد عليها الرسائل العملية غالباً للتعبير عن المقصود وقد كان من مبرراتها تاريخياً اقتراب الناس سابقاً من تلك المصطلحات في ثقافتهم، بينما ابتعد الناس عنها اليوم وتضاءلت معلوماتهم الفقهية حتى أصبحت تلك المصطلحات على الأغلب غريبة تماماً.

وعرض الأحكام من خلال صور عاشها فقهاؤنا في الماضي كان أمراً معقولاً فمن الطبيعي أن تعرض أحكام الإجارة مثلاً من خلال استئجار دابة للسفر ولكن اذا تغيرت تلك الصور فينبغي أن يكون العرض لنفس تلك الأحكام من خلال الصور الجديدة ويكون ذلك اكثر صلاحية لتوضيح المقصود للمقلد المعاصر[8].» انتهى فالإمام الشهيد «قده» لم يلعن الماضي ولم يتبرأ منه بل اعترف بجلالة الرسائل العملية القديمة ودورها في تبليغ الأحكام الشرعية ومدى جدارة الفقهاء الذين كتبوها لأنهم كانوا يتكلمون ويكتبون بلغة أبناء عصرهم، فهم اجتماعيون بقدر تعاملهم مع المجتمع.

ولكن مع جلالة هذه الرسائل العملية فإنها غير مقبولة اليوم لعدم تناسبها وانسجامها مع المستوى الثقافي والفقهي لأبناء هذا العصر وذلك ليس لأنها تتكلم معهم بلغة أجدادهم الماضين وتعبيراتهم بل لأنها أصبحت غير قادرة على تلبية نداءاتهم لمعرفة الحكم الشرعي وذلك لضياع قسم كبير من الأحكام الشرعية التي لم يكن من الضرورة ذكرها في الماضي فجرى العلماء اليوم على عدم ذكرها او ذكرها في أبواب مختلفة مع حاجة المجتمع إليها كما هو في الملاحظة الأولى اليوم ذكرها الشهيد الصدر«قده».

وهذا هو الخلل الذي يبدو ذاتياً كما هو الحال في الملاحظة الأولى والثانية لأنه قائم في ذات هذه الرسائل العملية. ولكن هناك عنصراً موضوعياً هو الآخر كان مبرراً للتغيير ألا وهو التطور والحداثة في الحياة.

وهذا العنصر كان مبرراً أيضاً للسيد الشهيد «قده» في مشروعه التغييري إذ كتب يقول «والوقائع المتزايدة والمتجددة باستمرار بحاجة إلى تعيين الحكم الشرعي ولئن كانت الرسائل العملية تاريخياً تفي بأحكام ما عاصرته من وقائع فهي اليوم بحاجة إلى أن تبدأ وتدريجياً باستيعاب غيرها مما تجدد في حياة الإنسان.

والأحكام الشرعية على الرغم من كونها ثابتة قد يختلف تطبيقها تبعاً للظروف من عصر إلى عصر فلا بد لرسالة عملية تعاصر تغيراً كبيراً في كثير من الظروف أن تأخذ هذا التغيير بعين الاعتبار في تشخيص الحكم الشرعي فمثلاً الشرط الضمني ـ على حد تعبير الفقهاء ـ واجب ونافذ وهو كل شرط عليه العرف العام وان لم يصرح به العقد ولكن نوع هذه الشروط لما كان العرف هو الذي يحددها ـ تختلف فقد يكون شيء ما شرطاً ضمنياً مع العقد في عصر دون عصر»[9].

هذه المبررات دعت الشهيد الصدر «قده» إلى كتابة رسالته العملية الجديدة «الفتاوى الواضحة» وقد عمد إلى تقسيم الأحكام الشرعية إلى أربعه أقسام:

الأول: العبادات والثاني: في الأموال ويشتمل على الأموال العامة والأموال الخاصة والثالث: السلوك الخاص والرابع: السلوك العام.

ففي القسم الأول جعل كتاب الطهارة والصوم والاعتكاف والحج والعمرة والكفارات وفي القسم الثاني بحث الأموال بقسميها العامة وتشمل الزكاة والخمس ـ وقد اعتاد الفقهاء في رسائلهم على ذكرها في العبادات ـ ولكن السيد ذكرها لأن الجانب المالي أبرز فيهما من الجانب العبادي. وكذلك يدخل في ضمن هذا القسم بحث الخراج والأنفال وغيرها من الأموال المخصصة للمصلحة العامة.

وجعل في هذا القسم الأموال الخاصة أي ما كان للأفراد فبحث في الأسباب الشرعية للتملك او كسب الحق ويدخل في ضمن هذا أحكام الأحياء والحيازة والصيد والتبعية والميراث والضمانات والغرامات بما في ذلك عقود الضمان والحوالة والقروض والتأمين وغير ذلك.

وجعل في باب آخر في أحكام التصرف في المال فشمل كتاب البيع والصلح والشركة والوقف والوصية وغير ذلك من المعاملات والتصرفات.

أما القسم الثالث أي السلوك الخاص ويقصد به ما لا يتعلق مباشرة بالمال ولا يدخل في عبادة الإنسان لربه. وأحكامه على نوعين: الأولى: ما يرتبط بتنظيم علاقات الرجل مع المرأة ويدخل فيه النكاح والطلاق والخلع والمباراة والظهار والايلاء وغير ذلك.

والثاني: ما يرتبط بتنظيم السلوك الخاص في غير ذلك المجال ويدخل فيه أحكام الأطعمة والأشربة والملابس والمساكن  وآداب المعاشرة وأحكام النذر واليمين والعهد والصيد والذباحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أما القسم الرابع: وهو السلوك العام ويريد به سلوك ولي الأمر في مجالات الحكم والقضاء والحرب ومختلف العلاقات الدولية ويدخل في ذلك أحكام الولاية العامة والقضاء والشهادات والحدود والجهاد…

السيد محمد الحسيني

[1] السيد عبد الكريم الأردبيلي أحد الفقهاء إيران وهو اليوم رئيس المحكمة العليا في إيران التي تعتبر أعلى منصب قضائي.

[2] جريدة الجهاد ص4 العدد 283/ 7/ شعبان /1407هـ.

[3] جريدة الجهاد العدد /283/.

[4] مقدمة مباحث الأصول ص61.

[5] الإسلام وإيران لمؤلفة الشيخ الشهيد مرتضى مطهري، ترجمه محمد هادي اليوسفي ص96 ج1.

[6] مقدمة المباحث ص68.

[7] الفتاوى الواضحة ص97.

[8] الفتاوى والواضحة ص95، ص96.

[9] الفتاوى الواضحة ص97.