الخصائص العامة لمنهج الشهيد الصدر(رضي الله عنه) في دراسة المسائل الاعتقادية

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

«مسألة الإمام المهدي نموذجاً»

أُلقي مشروع هذا البحث في الندوة العلمية الثانية لدراسة فكر الشهيد الصدر (رضي الله عنه) الجلسة الاولى الصباحية التي أُقيمت في مركز دراسات تاريخ العراق الحديث ـ قم المقدسة ـ 22 ذو القعدة ـ 1415 هـ.

مقدمة:

الامام الشهيد الصدر (رضي الله عنه) كان فقيهاً فذّاً، ومُجدداً بكل مافي الكلمة من معنى. بل هو مصداق للحديث المشهور: «إنَّ اللّه يبعثُ لهذه الامة على رأس كلّ مائة من يجدد لها دينها..»[1]

إن التجديد الذي نهض به الشهيد الصدر (رضي الله عنه) لم يقتصر على مجال واحد من علوم الشريعة الاسلامية، كما أنَّ مشروعه النهضوي المبارك لم يمس جانباً واحداً فحسب، كما كان الامر بالنسبة لمن سبقه من المصلحين والمفكرين، وإذا اقتصرنا في الحديث على الجانب الفكري «العقائد وعلم الكلام» لمواجهة التيارات الفكرية والفلسفية الالحادية والغازية، فإننا لم نجد سوى محاولة ليست عميقة بالمستوى المطلوب للسيد جمال الدين في كتابه (الردّ على الدهريين)، يتبعه تلميذه الشيخ محمد عبده في كتابه (التوحيد) يليهما الشيخ محمد رشيد رضا في (الوحي المحمدي). ثم يطالعنا الفيلسوف اقبال في (تجديد الفكر الديني)، والمودودي في (المصطلحات الاربعة) ثم الشهيد سيد قطب في (التصور الاسلامي) وهؤلاء الذين ذكرناهم ـ باعتزاز ـ لم تكن اطروحاتهم ذات بُعد شمولي ومتكامل، ولم يكن تصديهم للفكر المضادقويّاً رادعاً، إذ لم تتيسر لهم ادوات المواجهة الشاملة. هذا في جانب، وفي جانب آخر كانت محاولات الشيخ كاشف الغطاء والمظفر والبلاغي والطباطبائي والمطهري هي الاخرى على رغم أهميتها وجدواها في أوساط الخاصة، إلاّ أنها لم تكتسب قدرة المواجهة القوية للتيارات الفكرية والفلسفية المناوئة بالاخص على مستوى المنهج والاطروحة. إلاّ انه مع كل ذلك كانت لتلك المحاولات الدور المهم في بلورة الوعي الشمولي لدى الشهيد الصدر (رضي الله عنه) ووضعت بيده أدوات مهمة استطاع بعبقريته الفذة أن يطورها وان يفيد منها في المواجهة الشاملة والعنيدة للفكر الغربي واشكالاته. ومن هنا وجدنا عند الشهيد الصدر (رضي الله عنه) المعالجات الجادة لأخطر الاشكالات المثارة ضد الفكر الديني، ثم وجدناه في عين الوقت يثير اشكالات متينة لم يقوَ دعاة الفكر المناوىء على مواجهتها. والأهم من كلِّ ذلك اننا وجدنا منهجاً علمياً رصيناً، وطرحاً فذّاً، وخطاباً جديداً في عرض الفكر الديني والعقائدي وفي المعالجات التي يقدمها.

ومن هنا رأيت ان أعرض للسمات والخصائص العامة لمنهج الشهيد الصدر (رضي الله عنه) في دراسة العقائد والفكر، وذلك في المبحث الأول ثم أعرض نموذجاً تطبيقياً لهذا المنهج في دراسته (بحث حول المهدي). لكونها من المسائل الاعتقادية المهمة التي درسها السيد الشهيد الصدر (رضي الله عنه) وفق المنهج الخاص.

المبحث الأول الخصائص العامة للمنهج العام

مدخل:

لعل من نافلة القول تحديد المراد بالمنهج، إذ صارت له شهرته وشيوعه لدى الاوساط العلمية[2]. ومن هنا يمكن ان نتساءل عن خصائص وسمات المنهج الذي أتبعه الشهيد الصدر (رضي الله عنه) في دراساته ومعالجاته لمسائل الفكر والعقيدة. ولعل الانسب هنا قبل أن نعرض لتلك الخصائص أن نعرّف بايجاز شديد بأهم دراساته وانجازاته في هذا المجال سواء منها ماكان في نطاق الاسلام والفكر الديني بوجه عام أم ماكان متعلقاً بمدرسة ومذهب أهل البيت (عليهم السلام) خاصةً. وأهم تلك الدراسات هي:

أولاً:

الموجز في أصول الدين أو (المُرسل والرسول والرسالة)، وهي دراسة علمية اعتمدت منطق الدليل الاستقرائي الذي أصّله في دراسته الفذة «منطق الاستقراء» وقد جعل دراسته تلك مقدمة للرسالة العملية «الفتاوى الواضحة».

ثانياً:

فلسفتنا. وقد عرض فيه للفكر الفلسفي المادي وناقش اسسه الفلسفية، ثم بيّن صحة وجدوى الدليل العقلي وسلامة المنهج الذي يقوم عليه الاعتقاد الديني بقوله: «ان الاسلوب الذي تتخذه المدرسة الالهية للاستدلال على مفهومها الالهي هو نفس الاسلوب الذي تثبت به علمياً جميع الحقائق والقوانين العلمية»[3].

ثالثاً:

الاسس المنطقية للاستقراء: وهي «دراسة جديدة للاستقراء تستهدف اكتشاف الاساس المنطقي المشترك للعلوم الطبيعية وللايمان باللّه..»[4].

ويقول عنها الشهيد أيضاً.. «إن هذه الدراسة الشاملة التي قمنا بها كشفت عن الاسس المنطقية للاستدلال الاستقرائي الذي يضمُّ كلَّ ألوان الاستدلال العلمي على أساس الملاحظة والتجربة..»[5].

رابعاً:

ثبوت النص القرآني وسلامته: وهو بحث علمي طريف في اثبات سلامة النص القرآني من التحريف والزيادة والنقيصة، وذلك استناداً الى دليل اصطلح عليه (طبيعة الاشياء). وسنعرض له لاحقاً.

والبحث موجود ضمن كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم.

خامساً:

بحث حول المهدي (عج): وهذه الدراسة انطوت على معالجة مسألة الامام المهدي المنتظر، وهي قضية اعتقادية اسلامية بدليل ماكتب عنها مما بلغ العشرات من الكتب والدراسات من قبل علماء الاسلام قديماً وحديثاً كما تضمنت نظرات علمية وفلسفية تتعلق بالدليل الاستقرائي وغيره مما تثبت به العقائد والآراء الرئيسية.

اما في نطاق المذهب فإنَّ ابرز دراستين قام بهما الشهيد الصدر (رضي الله عنه)هما:

أولاً:

نشأة التشيع والشيعة أو بحث حول الولاية. وهو يعالج مسألة الامامة وفق المنهج العلمي الحديث وباسلوب جديد. وقد صدرت هذه الدراسة محققةً بقلمنا، نشرها مركز الغدير للدراسات الاسلامية / قم / 1414 هـ.

ثانياً:

فدك في التاريخ: وهذه الدراسة وان تناولت مسألة تاريخية، إلاّ أنَّ الشهيد الصدر عرضَ لها استناداً الى منهج البحث التاريخي الحديث من خلال الوثائق والمستندات التاريخية  هذا فضلاً عن أنها تضمنت تحليلات ومناقشات عميقة لجوانب من مسألة الامامة. وربما يقع في نطاق الدراسات الفكرية والعقيدة لملابسة في المقام دراسته الموسومة بـ «نظرة عامة في العبادات» بلحاظ ماعنونه ضمن البحث بقوله: «الحاجة الى الارتباط بالمطلق».

تلك هي أهم البحوث والدراسات التي تناولها الامام الشهيد الصدر، بعضها على نحو الاجمال والايجاز، والاخرى كانت رصينة وذات اصالة وابداع. وفي كل ذلك كان له منهجه الخاص الذي سنحاول تلمس خصائصه وسماته وعناصره.

خصائص المنهج العام:

لعل من المناسب التذكير بان المنهج التكاملي الذي كان سائداً في الدراسات الدينية، وهو منهج يقوم على العقل والنقل معاً، كما يصطلحون[6] كانت معالمه محددة وواضحة، وان الشهيد الصدر قد التزم به في كثير من دراساته الاسلامية ومنذ وقت مبكر، إلاّ أنه لم يكتفِ بذلك بل توسّل بالمنهج العلمي الحديث، وأفاد من أدوات البحث العلمي ومن مناهجه ومعطياته على مختلف الأصعدة. وقد أكسبَ ذلك جميع دراساته الوضوح والرصانة فضلاً عن العمق والاصالة. ومن هنا أيضاً ولما تميزت به كتابات الشهيد من ابداع وتجديد أصبحت لها (المرجعية) في نطاق الفكر الاسلامي[7]، كما انتزعت الاحترام والتقدير والاقرار بقيمتها العلمية وأصالتها من قبل العلماء والمفكرين على اختلاف اتجاهاتهم وأذواقهم. لذلك علينا ان نتلمس أهم تلك الخصائص والسمات في منهجه الذي حقق به مثل ذلك الانجاز، وهي كما نراها من خلال الدراسة والنظر والتأمل في كتبه ومؤلفاته وبحوثه كما يأتي:

أولاً:

ارتسام المنهج العلمي الحديث، والافادة من المنهج التجريبي في حقل الدراسات الانسانية. فاذا كانت الخطوات المهمة في المنهج العلمي تبدأ بتحديد المشكل ثم بطرح الافتراضات المتصورة ثم اختبارها في ضوء المنطق وحقائق العلم والتاريخ وصولاً الى الافتراض المقبول، ثم تعزيزه بالشواهد واقامة البرهان عليه. فاننا نجد ذلك واضحاً في دراسة «بحث حول الولاية» أو «نشأة التشيع والشيعة». إذ هو يعالج ويناقش مسألة (الامامة والخلافة) بهذا الاسلوب، فهو بعد ان يمهد بمقدمة اساسية ـ ومسلمة ـ وهي ان الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) كان يشغله ويهمه مستقبل الاسلام والدعوة الاسلامية، كما كان يهمه جداً مستقبل الامة المسلمة ورعاية امورها، وهذا هو المعروف من سيرته، يقول: «وفي هذا الضوء يمكننا ان نلاحظ ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان أمامه ثلاثة طرق بالامكان انتهاجها تجاه مستقبل الدعوة: أولهما الطريق السلبي، وثانيهما الطريق الايجابي ممثلاً بالشورى، وثالثهما التعيين[8] وبعد ان يحدد هذه الافتراضات يبدأ باختبار كل فرض على حدة في ضوء المنطق والشواهد التاريخية وحركة الواقع الموضوعي ومعطياته. ثم ينتهي بعد ذلك الى الافتراض المقبول ويعززه بالادلة والشواهد.

ثانياً:

التزام الموضوعية والاسلوب العلمي سواء في عرض رأي الخصم أو أدلته بكل دقة وأمانة، واستناداً الى المصادر المعتمدة، قبل ان يبادر الى الكشف عن التهافت والخلل فيها.

لاحظ مثلاً دراسته للفكر الفلسفي الغربي وللمادية الديالكتيكية في كتابه الشهير «فلسفتنا». فهو يعرض لذلك الفكر بكل دقة وأمانة وبأحسن مايكون عليه عندهم ثم يبدأ بعد ذلك بالمناقشة التي تأتي جادة وعلمية ورصينة، وبما لايدع للخصم فرصة المناورة والهروب.

ولاحظ أيضاً دراسته «فدك في التاريخ» فقد نقل الاقوال والآراء بكل أمانة ودقة، وناقشها بكل قوة معتمداً الحجج والادلة التي يُقرّ بها القوم أنفسهم.

ثالثاً:

الافادة من المعطيات والانجازات العلمية وتوظيفها بطريقة صحيحة وحذرة لخدمة الاطروحة الاسلامية. والامام الشهيد (رضي الله عنه) هنا لم ينبهر بمطلق المعطيات لحركة النهضة العلمية، وبما جاءت به من نظريات بعضها لم يدم طويلاً حتى سقط أمام حركة التقدم العلمي المضطرد. وللأسف نشير هنا الى ان طائفة من المفكرين المسلمين والمفسرين أُخذوا بحالة الانبهار، ووقعوا ضحيةً عندما حاولوا توظيف مثل تلك النظريات لخدمة الفكر الديني حيث ترتبت اشكالات خطيرة على مسلكهم[9] ذلك.

لقد كان الشهيد الصدر يتعامل بحذر بالغ مع النظريات العلمية وانجازات الحضارة والعلم، فلايستأنس إلاّ بما تحوّل الى يقين علمي أو مايشبه اليقين.

ويمكن هنامراجعة بحثه الموسوم: «بحث حول المهدي» كنموذج للافادة الواعية من الانجازات العلمية في الحقول المختلفة.

رابعاً:

الافادة من الانجازات في حقول المعرفة المتنوعه، وفي حقل الدراسات الانسانية، ومنها ماوصل اليه تطور الدرس الفلسفي، وعدم الركون الى انجازات الفلسفة الاسلامية فحسب على رغم أهميتها، كما في الحكمة المتعالية[10].

لقد وجدنا الشهيد الصدر يهضم الدرس الفلسفي الحديث، هذا الدرس الذي أفادَ كثيراً من انجازات ومعطيات الكشوف والدراسات العلمية بما في ذلك مجال علم الاجتماع وعلم النفس ومدارسه الحديثه، ولم يكتفِ باستيعاب ذلك بل استطاع توظيفه في مناقشاته وتحليلاته وفي هجومه المضاد على الفكر الغربي.ويمكن لقارىء «فلسفتنا» أن يكتشف ذلك بسهولة ويُسر.

وإذا كانت تلك أهم الخصائص العامة لمنهجه العام على صعيد الدراسات الاسلامية، فانه يمكن ان نلفت النظر الى أمرين مهمين قبل ان نتحول بالحديث الى سمات منهجه في نطاق الدراسات ذات الطابع المذهبي بالخصوص.

الأمر الاول:

استخدامه الدليل العلمي الاستقرائي ـ كما أطلق عليه ـ على نطاق واسع بعد ان أثبت وبرهن من خلال دراسته الجادة الرائدة «الاسس المنطقية للاستقراء» صحة وسلامة هذا الدليل وجدواه في أثبات مدعياته الدينية على حدٍّ سواء كما في اثبات الحقائق العلمية الطبيعية، بل وأثبت فشل أي دليل آخر في اعطاء نفس القيمة العلمية. وقد كان ادخال هذا النوع من الاستدلال بصورته التي انتهى اليها في بحثه المذكور تجديداً وابتكاراً لم يُسبق اليه.

وقد استخدم هذا النوع من الاستدلال في اثبات مسألة الالوهية وغيرها. كما في دراسته موجز اصول الدين أو المُرسل، الرسول الرسالة[11].

الأمر الثاني:

طرح دليل (منطق الاشياء) كمسلك جديد في اثبات بعض المطالب المهمة التي لها علاقة بأساس الشريعة الاسلامية والمصدر الاول فيها «وهو القرآن الكريم».

ويريد الشهيد الصدر (بمنطق الاشياء) هنا: «مجموع الظروف والخصائص الموضوعية والذاتية التي عاشها النبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمون والقرآن أيضاً، أو اختصوا بها مما يجعلنا نقتنع بضرورة قيام النبي (صلى الله عليه وآله) بجمع القرآن في عهده…»[12].

وهو بهذا المسلك يثبت سلامة النص القرآني وعدم وقوع التحريف فيه مطلقاً.

وتجد هذا مفصلاً ومبسوطاً في كتاب «علوم القرآن» للسيد محمد باقر الحكيم، وهي محاضرات كان قد أفادها من تقريرات وبحوث استاذه الشهيد الصدر (رضي الله عنه).

الخصائص والسمات المنهجية في بحث المسائل المذهبية:

ونعرض هنا لخصائص منهجه عندما يعرض لمسائل الاعتقاد في نطاق المذهب:

ويمكننا هنا أن نتلمس مايأتي:

أولاً:

الانطلاق من الافق الاسلامي العام سواء في الطرح أو المعالجة، وأعني بذلك مما يقتضيه منطق الاسلام العام وروحه العامة، وذوقه الخاص:

ففي معالجته لمسألة الامامة والخلافة لاينطلق من متبنيات مذهبية محددة، أو من النصوص المتسالم عليها في الوسط المذهبي، بل نجده يطرح افتراضات يقتضيها منطق الاسلام[13]، وتستلزمها المقاصد الكلية للشرع الشريف ثم يجري المناقشة والترجيح والموازنة على هذا الاساس.

ثانياً:

المعالجة الموضوعية لأخطر المسائل المذهبية:

إنَّ الالتزام بالموضوعية في الدراسات المذهبية أمرٌ في غاية الصعوبة، وهذا الامر وان ادعاه كثيرون أو صرحوا به مراراً إلاّ انه سرعان ماينأون عنه، ويخرجون عن الالتزام به حتى يصل الامر الى التقولات والتخرصات، وتحميل هذا المذهب أو ذاك المفكر ماليس له أصل ولا اعتبار، ويصل الامر الى الأسوأ أحياناً عندما تُلصق التهم بلا أدنى حرج. ومن الملاحظ في مثل هذه الدراسات أحياناً أيضاً اثارة الشُبه والتقولات على أساس (لازم القول)[14] لاصريحه. وهذا مانشأت عنه، للاسف، اتهامات متبادلة لا أساس لها وسوء فهم فاحش. ومما يؤسف له حقاً أن يصل الامر عند بعض الكتّاب المحدثين الى عدم الامانة[15] في النقل أو تحريف النص المنقول أو اقتطاعه من سياقه. والأعجب الأغرب انهم لايحيلون الى المصادر المعتمدة لدى الشيعة مثلاً عندما يكون الحديث عنهم، بل ينقلون عن كتب الملل والنحل التي دوّنت في عصر كانت الاتهامات والتشنيعات تكال فيه جزافاً. ومن المفارقات الاخرى التي يجدها كل متتبع لهذا النوع من الدراسات ذات السمة المذهبية الاحالة الى بعض الكتب الروائية دون الاخذ بنظر الاعتبار المنهج الروائي المعتمد (3). أو تجريد الرواية من القرائن الحافة بها مما قد يستظهر منها مفهوم آخر. والملاحظ أنَّ هناك القليل جداً من الباحثين ممن سلم من هذه الآفات. والتزم الامانة والدقة والموضوعية إنَّ الذي يرجع الى ماكتبه الشهيد الصدر (رضي الله عنه) يجد التزاماً صارماً بالموضوعية، وامانة قلَّ مثيلهما، واحالة صحيحة الى المصادر والمظان المعتمدة، ودقة متناهية في عرض الرأي بأشد مايحرص عليه الآخر، ولقد أُتيح لي، من خلال تحقيق بعض دراساته في هذا المجال أنْ أتحققَ من ذلك بنفسي، فما وجدتُ قولاً أو رأياً ينسبه الى مذهب أو الى أحد إلاّ وعثرتُ عليه بنصّه، وفي الاصول المعتمدة والمعتبرة لديهم.

ثالثاً:

الابتعاد عن المماحكات الكلامية أو المغالطات والجدل لمجرد افحام الخصم.

إنَّ الشهيد الصدر (رضي الله عنه) يرى أنه أمام مسؤولية شرعية، تتمثل في هداية الآخر وتبصيره بمواطن الخلل والانحراف أو الخطأ والعناد، وليس غرضه وهدفه من كتاباته وأبحاثه افحام الخصوم واظهار ماوقعوا فيه من تهافت ـ كما يلجأ الى ذلك بعض المؤلفين والكتاب. ومن هنا نجده حريصاً كلَّ الحرص على تحشيد الادلة ووسائل الاقناع، والاستناد الى متبنيات الخصم نفسه أحياناً لاثبات المدّعى بما في ذلك مايعتمده من مصادر أو روايات وأسانيد.

راجع في ذلك دراسته (نشأة التشيع والشيعة).

رابعاً:

استخدام لغة خطاب جديد واستدلالات جديدة، والابتعاد عن الحجج والمقولات التي ظلّ يلوكها المتكلمون طيلة قرون والتي كانوا قد واجهوا بها خصومهم في تلك المرحلة التاريخية.

إنَّ الاشكالات المعاصرة تقتضي لغة خطاب معاصر يعتمد المنطق العلمي، ذلك أننا نواجه اليوم مذاهب هدامّة وتشكيكية تخاطب العقل المسلم، وتثير أمامه عشرات الاشكالات وفق أساليب حديثة، ومنهج جديد، فهناك كتابات المستشرقين المعاصرين، وأصحاب الفلسفات المعاصرة كإلحادية ماركس ووجودية سارتر (وغثيانه) ومقولات فرويد وعدمية نيكاييف وكامو وتشكيكات آرگون والجابري وحامد أبو زيد وأمثالهم، وهناك دعاة الفكر العلماني وغيرهم كثير. فليس ازاء ذلك كله أن نواجه القوم بمنطق (الباب الحادي عشر)[16] و (المقاصد)[17]و (المواقف)[18] فهي ان صلحت في زمانها فليس لها اليوم قدرة على المواجهة الشاملة.

ومن هنا كان تصدي الشهيد الصدر (رضي الله عنه) في دراساته العميقة وفي مناقشاته الرصينة وفي الاسلوب الجديد، بادرة شجاعة وخلاقة في عملية المواجهة الفكرية الشاملة.

والخلاصة: إنَّ المنهج الذي اتبعه الامام الشهيد الصدر (رضي الله عنه) قد أنجز من خلالهِ تقديم الاطروحة الفكرية الاسلامية والمذهبية باسلوب علمي رصين، ناقش الآخرين مناقشة موضوعية جادة، وبرهن على صحة مدعياته بأدلة متينة، واستدلالات مبتكرة حتى أينعت الثمار ظفراً في مواجهة الفكر المضاد، وتعميقاً وترسيخاً للاصالة في نفوس أبناء الاسلام وتقوية لاواصر الوحدة والاخوة بينهم. وقد فتحَ البابَ عريضاً أمام الباحثين وطلاب الحق والحقيقة ليسلكوا الطريق الصحيح، ويسهموا في المنازلة العلمية والفكرية المحتدمة بلا هوادة.

وننتقل الآن الى المبحث الثاني حيث نعرض نموذجاً تطبيقياً لمنهجه الذي أوضحناه وذلك من خلال دراسته الموسومه بـ (بحث حول المهدي).

المبحث الثاني

مسألة الإمام المهدي (عج)

ـ نموذجاً تطبيقياً ـ

الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر قضية أساسية في عقيدة المسلمين وقد شغلتهم وماتزال مُنْذُ بشّرَ الرسولُ الاعظم خاتم الانبياء والمرسلين نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) به، وأكدّ ظهورهَ في آخر الزمان في أحاديث جمة، وفي موارد ومناسبات لاتحصى كثرة بلغت حدّ التواتر، فصارَ الاعتقاد به من ضروريات الاسلام. ومع ذلك كلّه فقد نجَمَ في القرون الماضية وفي قرننا الحالي من أنكر وشكك فيه إمّا تأثراً بمناهج مادية أو بسبب عصبية، مذهبية أو لجهل بما أودع في الصحاح والمسانيد والسنن من مئات الروايات[19] عن طريقِ الفريقين السنة والشيعة، ولقد ألّف العلماء المتقدمون والمتأخرون عشرات الكتب كما كُتبت فصول أو دراسات تضمنت أدلةً معتبرة واحتجاجات سليمة وقوية على وجود المهدي وصدق القضية بما لاينبغي معه ان يرتاب فيه مسلم صحيح العقيدة يؤمن بما يُخبرُ به الرسول (صلى الله عليه وآله).

ولقد بلَغَ من رسوخ هذه العقيدة في الامة المسلمة أن استغلها بعض الادعياء وادعوا المهدوية[20]، ولكن سرعان ماانكشفوا وافتضحوا، كما افتضح ادعياء النبوة، وبقيت هذه العقيدة صافية راسخة لدى المسلمين.

والأمر المثير للعجب أن يتصدى بعضُ أدعياء العلم[21] والمعرفة قديماً وحديثاً للتشكيك والتشويش على الامة المسلمة، لالشيء إلاّ بسبب قصور فهمهم عن ادراك اسرار هذه العقيدة ومقاصدها السامية، أو بسبب غرض آخر. والغريب أنهم يتوسلون بنفس الذرائع، ويتعللون بنفس التعلات[22] التي توسّل بها منكرو ماجاء من أنباء الغيب التي احتواها القرآن الكريم أو نطق بها الرسول الكريم نبينا محمد (صلى الله عليه وآله).

إنَّ قراءةً متأنيةً لما أثارة المشككون من اشكالات، ومايطرحونه هذه الايام[23] من تشويشات ـ وهو لايختلف عمّا طرحه الخصوم من قبلِهم ـ ستوقفنا على سذاجة تفكيرهم وسُقم واختلال مناهجهم في التعامل مع هذه القضية الخطيرة.

ومن هنا كان تصدي الامام الشهيد الصدر (رضي الله عنه) لها بالبحث والدراسة وفق منهج علمي جديد، يعتمد النقل الصحيح، والدليل العقلي السليم ويناقش القضية مناقشةً هادئة رصينة متعرضاً لكل الاشكالات المثارة في المقام. والواقع اننا ازاء ماأثاره الخصوم قديماً وحديثاً، لم نجد، في حدود تتبعنا القاصر ـ مَنْ درسَها وناقشها بمثل هذا المنهج والاسلوب الذي اتبعه الامام الشهيد الصدر (رضي الله عنه)، كما سيتضح للقارىء العزيز.

ولعل من المناسب في هذه المقدمة ان نتعرف على جملة حقائق أو ملاحظات يمكن ان تشكل مدخلاً مناسباً لبحث السيد الشهيد (رضي الله عنه) الذي وُفقنا، والحمد للّه الى تحقيقه تحقيقاً علمياً حديثاً.

ويتضمن المدخل الإلمام بالامور الآتية والتنبيه اليها:

أولاً: منهج المشككين قديماً وحديثاً.

ثانياً: منهج العلماء المسلمين في المعالجة.

ثالثاً: منهج الشهيد الصدر (رضي الله عنه) في المعالجة.

هذه أهم الامور والمطالب التي سنذكرها في هذا المدخل.

أولاً: منهج المشككين:

ينطلق المنكرون للامام المهدي المنتظر من دوافع ومنطلقات لاتنسجم أصلاً ولا تتوائم مع منهج الاسلام العام في طرح العقائد والدعوة الى الايمان بها. فمنهج الاسلام في العقائد يقوم على العقل والمنطق والفطرة، كما يقوم في جانب مهم منه على ضرورة الايمان بالغيب. وتتكرر الدعوة قرأنياً[24] ونبوياً[25] وبصور متنوعة وعديدة على الايمان بالغيب وعلى أنه جزء لايتجزأ من العقيدة. وأنَّ هذا الغيب سواء تعقّله الانسان وأدرك جوانبه، أو لم يستطع ادراك شيء منه، وخفيت عليه اسراره فإنه مأمور بالايمان، غير معذور بالانكار، بلحاظ أنَّ مثل هذا الايمان هو من لوازم الاعتقاد باللّه تعالى، وبصدق سفرائه وأنبيائه الذين يُنبئون ويُخبرون بما يُوحى اليهم[26]، كما هو الامر في الايمان بالملائكة وبالجن وبعذاب القبر وبسؤال منكر ونكير وبالبرزخ[27] وبغير ذلك من المغيبات التي جاء بها القرآن الكريم أو نطق بها الرسول الامين ونقلها الينا الثقات المؤتمنون. واذن فكل تشكيك بشأنها ـ أي قضية المهدي ـ إنما يتعلق بأصل التصديق بالغيب، والكلام فيه يرجع الى هذا الاصل.

ومن هنا حاول المنكرون لعقيدة المهدي ان يهربوا، وينأوا بأنفسهم عن طائلة هذا الامر ولوازم ذلك الاعتقاد، فلجأوا الى التشكيك بالاخبار الواردة بشأن المهدي، أو تضعيف الأسانيد[28] والروايات، وعندما اصطدموا بعدم امكانية ردّ تلك الروايات أو تضعيفها، لكثرتها، وتعدد طرقها وصحة اسانيدها كما أثبتها أهل الفن[29]، لجأوا مرةً اخرى اما الى احاطة امر المهدي بالاساطير التي اخترعوها كاختراعهم مسألة السرداب[30] التي لاأصل لها عند المعتقدين به[31]، أو الى انكار ولادته[32] الميمونة باغراء ذوي المطامع[33] أو الطموح السياسي والاجتماعي لتبني هذا الانكار والافادة منه، الى غير ذلك من التعلقات الواهنة التي تسقط لدى عرضها على الحقائق الوفيرة، فضلاً عن مقتضيات الاحاديث الصريحة الصحيحة.

وبالجملة فان منهج المشككين لم يخرج عن مثل تلك المنطلقات والتوهمات أو المغالطات المنكرة فضلاً عن تعارضه مع الاصول المعتبرة الدينية والروائية. وكما يتضح في البحث.

ثانياً: منهج العلماء السابقين في المعالجة:

اعتمد العلماء المتقدمون[34] والمتأخرون[35] في مناقشاتهم لدعاوى المنكرين على الادلة النقلية غالباً، فأثبتوا صحة أحاديث المهدي[36]، وتعدد طرق الرواية وكثرة الرواة من الصحابة[37]والتابعين وتابعي التابعين من سائر الفرق والمذاهب بل واثبتوا تواتر احاديث المهدي[38] ليقطعوا الطريق والعذر على المتشككين والمتأولين، كما فعل الشوكاني في رسالته المسماة بـ «التوضيح في تواتر ماجاء في الاحاديث في المهدي والدجال والمسيح». وقد تصدى العلماء أيضاً الى ماتعلق به الخصوم من دعاوى، وما أثاروه من اشكالات وطعون في الروايات واجابوا[39] عن ذلك بجوابات سديدة ومتينة، ولعل من أهم هذه الدراسات الحديثة على مافيها من زلات واشتباهات ـ هي دراسة عبد المحسن العباد[40] وهو استاذ جامعي ومن علماء أهل السنة اذ عرض فيها بالتفصيل لذكر اسماء الصحابة الذين رَووا أحاديث المهدي عن رسول (صلى الله عليه وآله) وأحصى منهم ستةً وعشرين صحابياً[41]، ثم ذكر أسماء الائمة الذين خرجّوا أحاديث المهدي، وأحصى منهم ـ أي من أئمة الحديث ـ ثمانيةً وثلاثين[42]، ثم أوردَ بعد ذلك اسماء العلماء الذين افردوا مسألة المهدي بالتأليف، وذكر عشرةً منهم، ثم ذكر بعض الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي[43]، ثم انتقل الى ذكر ماوردَ في الصحيحين مماله تعلق بالمهدي[44]، ثم انتقل الى ذكر بعض الاحاديث في غير الصحيحين من السنن والمسانيد[45]، ثم ذكر بعض العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي واعتقدوا موجبها[46]، ثم تعرض بالمناقشة القوية للمنكرين[47] لاحاديث المهدي أو المترددين في شأنه، وذكر منهم ابن خلدون، وسجّل عليه ملاحظات وايرادات أظهرَ فيها تهافته وعدم تبصره بالامور ونقل عن الشيخ المحقق أحمد شاكر الذي حقق مسند الامام أحمد وخرّج أحاديثه: قولَه عن ابن خلدون رادّاً عليه تشكيكاته:

«أما ابن خلدون فقد قفا ماليس له به علم واقتحم قحماً لم يكن من رجالها، وانه تهافت تهافتاً عجيباً في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي وغلط أغلاطاً واضحة..»[48] وانتهى آخر الامر الى أنَّ المهدي حقيقة ثابتة لاتقبل شك. والدراسة الثانية كانت للباحث والمحقق ثامر العميدي الذي جرى على منهج العلماء الاجلاء من الامامية الذين عالجوا هذه المسألة، وأشبعوها بحثاً واستقصاءً، واستطاع هذا الباحث الفاضل أن يُلخصّ تلك المطالب، ويستوفي تلك المضامين ويستوعبها، ويضفي على ذلك كله من بيانه وتحقيقاته، ويخرجه على منهج علمي رصين، وقد استغرقت هذه الدراسة الصفحات من 169 الى 611 من كتابه القيّم «دفاع عن الكافي» الذي نشره مركز الغدير للدراسات الاسلامية ـ 1995 م ومن أهم الامور التي عرض لها وهي من جملة تحقيقاته تحليل فكرة الاعتقاد بالمهدي[49]، ومناقشاته لتضعيفات ابن خلدون[50] ونقله أكثر من ثمان وخمسين[51] شهادة وتصريح بصحة أحاديث المهدي أو تواترها، ثم مناقشته لمن أنكر ولادة المهدي، وايراده أدلةً وافية متينة واعترافات من أهل السنة بدءاً من القرن الرابع الهجري وحتى قرننا الحالي بولادة الامام المهدي ووجوده الشريف[52] وأخيراً مناقشته الطريفه لفرية السرداب[53] وغيرها.

لقد أوردت هاتين الدراستين بصفتهما نموذجين حديثين للدراسات التي التزمت بمسلك العلماء المتقدمين والافادة منهم واتباع منهجهم، وإلاّ فهناك عشرات الدراسات لافاضل العلماء والمحققين ممن بَرَعَ في مناقشة تلك القضية [54]

ثالثاً: منهج الشهيد الصدر (رضي الله عنه):

لم ينطلق الشهيد الصدر في بحثه (قضية المهدي) من بديهيات ومقدمات مسلّم بها عند الاطراف، ولم يعتمد تتّبع القضية في كتب التفسير والرواية، أو مناقشة ماورد بشأنها من أسانيد، وانما سلك مسلكاً آخر، فبدأ بطرح الاثارات حول القضية وعرض التساؤلات والاشكالات المنتزعة مما قيل ويقال حول القضية، ثم بدأ بالمناقشة العميقة والدقيقة معتمداً الدليل العقلي، ومستنداً الى معطيات العلم والحضارة المعاصرة، ونعرض معالم هذا المنهج كما يأتي:

أولاً: لقد مهّد السيد الشهيد لبحثه باعطاء تصور واضح لفكرة المهدي[55]، في جذورها، الممتدة الى التراث الديني والانساني ثم انتقل الى تأصيلها في الفكر الاسلامي ثم عرضها في التصور الاسلامي على انها ليست مجرد فكرة وأمل يداعب الشعور، ويجد عنده الانسان المسلم استراحةً تخلصه من حالة التوتر النفسي عندما تشتد وتتعاظم المحنة ـ كما هو زعم بعض الباحثين ـ وانما (المهدي) يتجسد في انسان معين[56] حيّ يعيش مع الناس ويشاركهم همومهم وآلامهم، ويترقب مثلهم اليوم الموعود.

ثانياً: إنّ هناك صعوبة في استيعاب هذا التصور الاصيل فقد أثار اشكالات وتساؤلات هي في عقول الناس، وفي حواراتهم المعلنة أو الحبيسة، ومن هنا بدأ الشهيد الصدر (رضي الله عنه) يطرح هذه التساؤلات والاثارات بكل صراحة ووضوح ثم يشرع في معالجتها باسلوبه الخاص. وذلك ليضع القضية في محلها الطبيعي ضمن اطار العقيدة الاسلامية التي تقوم أساساً على العقلانية والواقعية والبرهان.

والتساؤل الاول الذي يطرحه السيد الشهيد هو:

«إذا كان المهدي يُعبر عن انسان حيّ عاصرَ كلّ تلك الاجيال المتعاقبة منذ أكثر من عشرة قرون، وسيظل يعاصرُ امتداداتها، فكيف تأتى له هذا العمر الطويل ؟! وكيف نجا من القوانين الطبيعية التي تحتم مروره بمرحلة الشيخوخة والهرم ؟!»[57] ثم أخذ ينتقل من سؤال الى سؤال ومن إثارة الى إثارة بترتيب منطقي يمهد الجواب السابق للاحق، وتترابط المضامين والمباحث ترابطاً منهجياً مُحكماً. وبالنسبة الى السؤال الاول أعادَ طرحه كالآتي: هل بالامكان أن يعيش الانسان قروناً متطاولة، كما هو المفترض في المهدي الذي طوى من العمر أكثر من ألف ومئة وأربعين سنة [58]؟ وهذه الصياغة للسؤال لاتختلف بشيء عن السابق، وتمهيداً للجواب أعطى ايضاحاً لانواع الامكان المتصورة أو المعروفة وهي الامكان العملي، والامكان العلمي والامكان المنطقي أو الفلسفي، وبعد أن بيّن المقصود بها خلص الى القول «انَّ امتداد عمر الانسان آلاف السنين ممكن منطقياً أي ليس مستحيلاً من وجهة نظر عقلية تجريبية، وإنَّ الامكان العملي بالنسبة الى نوع الانسان ليس مُتاحاً الآن، والتجربة المعاصرة لاتساعد عليه.

أما الامكان العلمي فلا يُوجد مايبرر رفض ذلك من الناحية النظرية، لأنَّ التجارب آخذه بالازديادِ لتحويل الامكان العلمي الى امكان عملي، وهي سائرة بهذا الاتجاه من زاوية محاولاتها لتعطيل قانون الشيخوخة. وفي ضوء هذا لايبقى مبرر منطقي للاستغراب والانكار اللهم إلاّ من جهة أن يسبق (المهدي) العلم نفسه فيتحول الامكان النظري الى امكان عملي في شخصه قبل ان يصلَ العلمُ في تطوره الى مستوى القدرة الفعلية. وهذا أيضاً لايوجد مبرر عقلائي لاستبعاده وانكاره; اذ هو نظير من يسبق العلم في أكتشاف دواء السرطان أو غيره مثلاً».

إنَّ هذا السبق ـ كما يقول السيد الشهيد ـ في الاطروحة الاسلامية عموماً ـ التي صممت قضية المهدي ـ قد وقع وحصل في أكثر من مفردة وعنوان، وقد سجّل القرآن الكريم نظائر ذلك حين أورد وأشار الى حقائق علمية تتعلق بالكون والطبيعة وجاء العلم فأزاح الستار عنها أخيراً، والاكثر صراحةً ان القرآن قد دوّن أمثال ذلك كما في مسألة عمر النبي نوح (عليه السلام) قال تعالى (ولبث فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاماً)[59] ثم ينتقل السيد الشهيد الى افتراض آخر ينشأ عن السابق وهو:

ماذا لو افترضنا أن قانون الشيخوخة قانون صارم، وأنَّ اطالة العمر أكثر من الحد الطبيعي والمعتاد خلاف القوانين الطبيعية التي دلّنا عليه الاستقراء؟!

وجوابه انه حينئذ يكون من قبيل المعجزة، وهي ليست حالة فريدة في تاريخ الانبياء والمرسلين، والامر بالنسبة للمسلم الذي يستمدُ عقيدته من القرآن والسنة المشرفة ليس أمراً منكراً، إذ هو يجد أن القانون الذي هو أكثر صرامة قد عُطّل، كما حدث بالنسبة الى النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) في نجاته من النار العظيمة بعد ان ألقي فيها[60]

ثم يبين السيد الشهيد بعد ذلك أن مسألة المعجزة بمفهومها الديني قد أصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومةً بدرجة أكبر مما كانت عليه. وشرع في تقديم المعالجة الفلسفية المتينة ومستنداً أيضاً الى النظريات الفلسفية الحديثه.

2ـ ينتقل السيد الشهيد الى سؤال آخر وهو: لماذا كل هذا الحرص على اطالة عمر المهدي الى هذا الحدّ، فتعطل القوانين لاجله ؟! ولماذا لانقبل الافتراض الآخر الذي يقول إنَّ قيادة البشرية في اليوم الموعود يمكن أن تترك لشخص آخر يتمخض عنه المستقبل وتنضجه ارهاصات ذلك اليوم؟ ويعيد صياغة السؤال كالآتي:

ماهي فائدة هذه الغيبة الطويلة، وماهو المبرر لها؟! ويعقب هنا قائلاً، إنَّ الناس لايريدون أن يسمعوا جواباً غيبياً أي أنهم يطالبون بتفسير اجتماعي للموقف على ضوء الحقائق المحسوسة لعملية التغيير الكبرى نفسها.

وللاجابة عن هذا السؤال، يتقدم السيد الشهيد وهو متسلح بالمعرفة بقوانين الاجتماع، وبمتطلبات التغيير الاجتماعي وقوانينه فيبدأ بطرح سؤال يمهد به للاجابة، وهو:

هل يمكن ان نعتبر هذا العمر الطويل للقائد المدّخر عاملاً من عوامل نجاحه في عملية التغيير المرتقب؟ ثم يجيب بالايجاب، ويقدم أدلةً تستندُ الى فهم عميق لحركة التاريخ، ومستلزمات التغيير الحضاري الشامل، وأثر الحضارات التي ينشأ الانسان في ظلها على مستوى تفكيره ورؤاه ودوره الحضاري، ثم يكيّف المسألة في ضوء رسالة الاسلام والنقلة الحضارية التي يريدها:

وهكذا يحوّل السيد الشهيد البحث الى دراسة اجتماعية تعتمد المقولات والمفاهيم الاجتماعية، فضلاً عن تأصيل مفاهيم ونظرات اجتماعية مهمة.

3ـ ينتقل الشهيد الصدر (رضي الله عنه) بعد ذلك الى معالجة قضية أكبر ترتبط بقضية المهدي وهي (الامامة المبكرة) أو (كيفية اعداد القائد الرسالي). في نظرية الامامة عند الشيعة الاثنى عشرية، فيذكر انَّ هذه الظاهرة (الامامة المبكرة) عاشتها الامة فعلاً[61] وقد بلغت ذروتها في الامام المهدي والامام الجواد من قَبلهِ.

وهذه الظاهرة ـ كما نقول ـ تشكل مدلولاً حسيّاً عملياً عاشه المسلمون ووعوه في تجربتهم مع الامام بشكل وآخر، ولايمكن ان نُطالب باثبات لظاهرة من الظواهر هي أوضح وأقوى من تجربة أمّة»[62].

ويورد السيد الشهيد كثيراً من الحقائق التاريخية التي تُؤكد هذه الظاهرة ثم يخلصُ الى القول: إنها في ضوء ذلك كانت ظاهرةً واقعية وليست وهماً أو مجرد أفتراض، وأنَّ لها أمثلةً في القرآن الكريم، كما هو الامر بالنسبة الى النبي يحيى (عليه السلام)، أي في قوله تعالى ( وآتيناه الحكم صبياً)[63] وهذا مالايسعُ مسلمٌ انكاره.

4ـ وينتقل السيد الشهيد الى البحث الروائي والى ماردّده وأثاره المشككون والخصوم قديماً وحديثاً بقولهم:

«كيف نؤمنُ فعلاً بوجود المهدي؟ وهل تكفي بضع روايات تنقلُ في بطون الكتب عن الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) للاقتناع الكامل بالامام الثاني عشر على الرغم مما في هذا الافتراض من غرابة وخروج عن المألوف؟ وكيف نثبتُ للمهدي وجوداً تأريخياً حقاً وأنه ليس مجرد افتراض توفرت ظروف نفسية لتثبيته؟!

هكذا يطرح السيد الشهيد هذا السؤال بكل تفرعاته الممكنة والمنتزع بعضها مما أثاره ويثيرهُ بعض المتأثرين بمناهج الغرب في دراسة تاريخنا الاسلامي وقضايانا الاسلامية مثل أحمد أمين في دراسته «المهدي والمهدوية» ومن سلك هذا المسلك من الخصوم[64].

ويتصدى السيد الشهيد للاجابة عن هذا السؤال متسلحاً ومتوسلاً بمنطق العقل والدليل العقلي وعندما يعرض الدليل الروائي أيضاً في المقام نجده يعرضه مدعوماً بالوثائق والواقع والتجربة، ولنسمعه يقول:

«إنَّ فكرة المهدي بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم الى الافضل قد جاءت في أحاديث الرسول الاعظم عموماً، وفي روايات أئمة أهل البيت خصوصاً، وأكدت في نصوص كثيرة بدرجة لايمكن أن يرقى اليها الشك، وقد أحصي أربعمائة حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) من طرق اخواننا أهل السنة[65]، كما أحصي مجموع الاخبار الواردة في الامام المهدي من طرق الشيعة والسنة فكانت أكثر من (ستة آلاف رواية)[66] ، وهذا ـ كما يقول السيد الشهيد ـ رقمٌ احصائي كبير لايتوفر نظيره في كثير من قضايا الاسلام البديهية التي لايشك فيها مسلمٌ عادةً.

       ثالثاً: يتخذ مسلكاً جديداً في الاستدلال على (الخصوصية المذهبية) أي مسألة تجسيد الفكرة (فكرة المهدي) في انسان معّين هو الامام الثاني عشر، مستفيداً من الروايات والبحث الروائي، ومُوظفاً ذلك بصورة مبدعة في اثبات (المهدي)، فيطرح أولاً المبررات التي يراها كافية للاقتناع ويلخصها في دليلين احدهما أطلق عليه (الدليل الاسلامي) والآخر العلمي. ثم قال: فبالدليل الاسلامي نثبت وجود القائد المنتظر، وبالدليل العلمي نبرهن على أنَّ المهدي ليس مجرد اسطورة وافتراض بل هو حقيقة ثبتَ وجودها بالتجربة التاريخية.

ويشرع بتقديم الدليل الاسلامي فيراهُ متمثلاً بمئات الروايات الواردة عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله)، والائمة من أهل البيت (عليهم السلام) والتي تدلُّ على تعيين المهدي وكونه من أهل البيت[67]، ومن وُلد فاطمة[68] ومن ذرية الحسين (عليه السلام)[69] وأنه التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)[70] وأنَّ الخلفاء أثنا عشر[71]، فإنَّ هذه الروايات تحدد تلك الفكرة العامة وتشخصها في الامام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

قال: وهي روايات بلغت درجةً كبيرةً من الكثرة والانتشار، كما وَرَدَ عن طرقنا على الرغم من تحفظ الائمة (عليهم السلام) واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام وقايةً للخلف الصالح من الاغتيال..»[72].

إنَّ الروايات الكثيرة جداً التي تشكل رقماً احصائياً كبيراً ـ أي بلوغها حدّ التواتر كما حكى غير واحد من العلماء ـ يرى السيد الشهيد أن الاساس في قبولها ليس مجرد الكثرة العددية على الرغم من أنه قد استقّرَّ في الاوساط العلمية الروائية اعتبار مثل هذه الكثرة بل هناك اضافة الى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها، فالحديث الشريف عن الائمة أو الخلفاء أو الامراء بعده (صلى الله عليه وآله)، وأنهم اثنا عشر اماماً أو خليفةً أو أميراً على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة، قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت اكثر من مائتين وسبعين[73] رواية مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنة بما في ذلك البخاري[74] ومسلم[75] والترمذي[76] وأبي داود[77] ومسند أحمد[78] ومستدرك الحاكم[79] على الصحيحين، وقد لاحظ الشهيد الصدر (رضي الله عنه)هنا أن البخاري (المولود 194 هـ، والمتوفى 256)، الذي نقل الحديث كان معاصراً للامام الجواد والامامين الهادي والعسكري وفي ذلك مغزىً كبير لانه يبرهن على أنَّ الحديث قد سُجّل عن النبي (صلى الله عليه وآله) قبلَ أن يتحقق مضمونه، وهذا يعني ان نقل الحديث لم يكن متأثراً بالواقع الامامي الاثنى عشري أو يكون انعكاساً له، لأنَّ الروايات المزيفة التي تنسب الى النبي وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً لاتسبق في ظهورها وتسجيلها كتب الحديث[80]، ولقد جاء الواقع الامامي الاثنا عشري ابتداءً بالامام علي وانتهاءً بالمهدي ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف.

هذا هو الدليل الاسلامي ـ كما اصطلح عليه السيد الشهيد ـ أي الدليل الروائي في اثبات المهدي. أما الدليل الآخر الذي أصطلح عليه بالعلمي والذي يسوقه السيد الشهيد لاثبات الوجود التاريخي للمهدي، وانه انسان بعينه وُلد وعاش واتصل بقواعده الشعبية وبخاصته، فإنَّ هذا الدليل يتكون كما يرى السيد الشهيد من التجربة التي عاشتها امة من الناس فترةً امتدت سبعين سنة تقريباً وهي فترة الغيبة الصغرى»[81]ويعطي السيد الشهيد هنا فكرةً عن هذه الغيبة، ويفلسفها، مبيناً دور القائد المهدي، ودور سفرائه الاربعة، وماصدر عنه من (توقيعات) أي رسائل واجابات كلها جرت على أسلوب واحد، وبخط واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة النواب الاربعة[82] المختلفين اسلوباً وسليقةً وذوقاً وخطّاً وبياناً، ومثل هذا كاشف بالضرورة عن وجود (الرجل) لانه قد ثبت واستقر في الاوساط الادبية وبما لايقبل الشك أن: الاسلوب هو الرجل، وكلُّ الدارسين والمتذوقين للادب يدركون هذه الحقيقة بوضوح.

وبعد هذه القرينة والشواهد القوية على وجود الامام المهدي كما يؤكدها السيد الشهيد يتجه الى منطق الاستقراء ونظرية الاحتمال لتعزيز ذلك فيقول: «لقد قيل قديماً إنَّ حبل الكذب قصير، ومنطق الحياة يثبت ان من المستحيل عملياً بحسب حساب الاحتمالات أن تعيش اكذوبة بهذا الشكل، وكل هذه المدة، وضمن كل تلك العلاقات والاخذ والعطاء ثم تكسب ثقة جميع من حولها»[83].

وهكذا يخلص السيد الشهيد الى القول اخيراً: «إنَّ ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن أنَّ تعتبر بمثابة تجربة علمية لاثبات مالها من واقع موضوعي والتسليم بالامام القائد، بولادته وبحياته، وبغيبته وباعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لاحد»[84] أي حتى يأذن اللّه تعالى له بالظهور لتأدية دوره ووظيفته التغييرية الكبرى.

فيملأ الارض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئِت ظلماً وجوراً، كما بشّر بذلك خاتم الانبياء والمرسلين نبينا محمد (صلى الله عليه وآله).

واخيراً واستكمالاً للبحث، وربما يثير بعضهم سؤالاً حول المنهج الذي اتبعه الامام الشهيد ـ كما حددناه، وكما هو في واقعهِ، والسؤال هو:

لماذا لم يسلك السيد الشهيد منهج المتقدمين في البحث الروائي، ويضفي عليه من ابداعاته والتفاتاته مايزيل الشكوك والتقولات التي تثار حول اسانيد الروايات، وتضعيف بعضهم لها؟

وفي الجواب عن ذلك نسجل الملاحظات الآتية:

أولاً: لقد ذكر السيد الشهيد أن هناك عدداً هائلاً من الروايات بلغت رقماً احصائياً لم يتوفر لاية قضية مشابهة من قضايا الاسلام. بل إنَّ بعضهم حكى التواتر فيها، وعليه فلا يسعُ مسلمٌ انكار ذلك أو عدم الاعتقاد بموجبه اللهم إلاّ لجهة اخرى، وليس هي إلاّ جهة تعقل المسألة، وقد حظيت باهتمامه وبالتركيز عليها.

ثانياً: إنَّ اكثر المنكرين المعاصرين إنما أنكروها من زواية عدم تعقل الفكرة أو تشخيصها وتجسيدها في إنسان وُلد قبل قرون، وما يزال ذا وجود حيٍّ حقيقي. ومن هنا اتجه السيد الشهيد بلحاظ أن القضية في حقيقتها اسلامية وليست مذهبية فحسب، الى (عقلنتها) من جميع جهاتها أوما يلابسها، تصوراً وقبولاً وواقعاً.

ثالثاً: إنَّ شأن الايمان بالمهدي شأن الايمان بمطلق ماورد من المغيبات مما ثبت عن طريق الرواية كسؤال منكر ونكير في القبر ونحو ذلك مما لم يرد في البخاري ومسلم[85]، ومع ذلك فإنَّ أحداً من أبناء الاسلام لايسعه انكاره.

رابعاً: إنَّ الاختلاف بين المتعبدين بحجية الخبر الصحيح والايمان بموجبه، وعدم جواز تكذيبه، إنما كان في مصداق القضية المتجسد في انسان لافي أصل قضية المهدي، وهو مما احتاج الى تقديم المبررات المنطقية والعلمية لقبوله.

خامساً: إنَّ الذين أنكروا أو شككوا بالروايات الواردة في المهدي، وحاولوا تضعيفها ليسوا من أهل الفن والعلم بالرواية وبالاسانيد[86] ولذلك فليس مايدعو الى اتعاب النفس معهم كثيراً، بل لابدّ من الاتجاه الى تثبيت العقيدة في نفوس المؤمنين وذلك (بعقلنتها) وتوظيفها لاصلاح شأنهم وشؤونهم. ولقد تعامل السيد الشهيد مع قضية المهدي على انها تجربة امة، وقضية امة وكحقيقة ثابتة تاريخية تعيشها الامة شعوراً وأملاً وترقباً وانتظاراً ايجابياً فاعلاً ومؤثراً في حياة الامة وجهادها المستمر بلا هوادة في مواجهة الظلم والظالمين والطغاة والجبارين، هذا فضلاً عن أنَّ العلماء المتقدمين والمتأخرين قد أشبعوا هذا الموضوع بحثاً وتحقيقاً وناقشوا مناقشات وافية شافية كلَّ الطعون والاقوال والتضعيفات المزعومة، وقد أشرنا الى ذلك في المقدمة.

سادساً: إنَّ من التهافت، والخطل في الرأي بالنسبة الى من يؤمن بموجب الخبر الصحيح، ويوجبُ تصديقه لمجرد وروده في البخاري حتى لو كان مصادماً لبعض الحقائق الطبيعية أو منافياً للعقل أو للذوق[87] إذ يوجب تأويله حينئذ[88]، ثم عندما تصل النوبة الى مسألة (المهدي المنتظر) على تعدد طرقه، وصحة أسانيده في السنن والمسانيد، وعلى شرط البخاري ومسلم، نراه يتوقف أو يتحفظ أو يتردد. وليس لديه حجة إلاّ أنَّ المسألة ـ حسب تصوره القاصر ـ من معتقدات الشيعة[89]. مع أنها كما ثبتَ عقيدة السلف والخلف من جمهور الامة على امتداد القرون كما نبّه الى ذلك الشيخ منصور علي ناصف في غاية المأمول على التاج الجامع للاصول في الجزء الخامس وفي الصفحة ثلاثمائة واحدى وستين.

سابعاً: إنَّ بحث السيد الشهيد (رضي الله عنه) هو مقدمة لموسوعة ضخمة تتناول بالبحث الروائي مسألة المهدي.

والسيد الشهيد (رضي الله عنه) عبّر عن أمله وثقته بالمؤلف[90] وبأنه أوفى المسألة حقّها وممن جميع جوانبها، ولذا فلا مبرر للبحث الروائي هنا.

ونصل أخيراً الى خاتمة المطاف حيث تكتمل لدينا الصورة عن المنهج الفذّ التي اتبعه السيد الشهيد في دراسة (عقيدة المهدي)، وهي نموذج عرضناه تفصيلاً لنؤكد من خلاله خصائص منهج الشهيد الصدر في دراسة المسائل الاعتقادية.

والحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على رسوله الأمين وآله الميامين.

الدكتور عبد الجبار شرارة

ربيع الثاني / 1416 هـ

قم المقدسة

[1] راجع الرواية في صحيح سنن المصطفى / لابي داود ـ جـ2 ـ ص 209. دار الكتاب العربي ـ بيروت.

[2] راجع أصول البحث / الدكتور عبد الهادي الفضلي / ص 13.

[3] فلسفتنا / محمد باقر الصدر (رضي الله عنه) / ص 200، دار الفكر ـ طـ3 ـ 1970 م.

[4] الاسس المنطقية للاستقراء / غلاف الكتاب تعريفاً به، نقلاً عن يحيى محمد ـ ص 81 بحث وتعليق.

[5] المصدر نفسه – ص 79.

[6] أصول البحث ـ السابق.

[7] صدرت الكثير من الدراسات في حقل الفلسفة والاقتصاد فيها إحالات الى كتب السيد الشهيد في هذين المجالين. راجع مثلاً: الاقتصاد السياسي / الدكتور مرعشلي / ص 2، كتاب جامعي / الجامعة اللبنانية.

[8] نشأة التشيع والشيعة ـ تحقيق الدكتور عبد الجبار شرارة ـ ص 22 اصدار مركز الغدير للدراسات الاسلامية ـ قم ـ 1414 هـ.

[9] راجع مثلاً ماذهب اليه الشيخ محمد عبده من تفسير متأثراً بالنظريات العلمية، وراجع تفسير الجواهر ـ للشيخ طنطاوي جوهري، وراجع ماكتبه الدكتور مصطفى محمود في كتابه نحو فهم عصري للقرآن.

[10] الحكمة المتعالية ـ أو الاسفار التي تضمنت النظريات الفلسفية للملا صدرا.

[11] موجز أصول الدين ـ حققه مؤخراً الشيخ عبد الجبار الرفاعي يُنتظر نشره

[12] علوم القرآن ـ السيد محمد باقر الحكيم ـ ص 9 ومابعدها ـ نشر المجمع العلمي الاسلامي ـ طهران.

[13] راجع نشأة التشيع والشيعة ـ ص 22 ومابعدها

[14] لازم القول: يقصد به مايستلزمه وليس صريحه.

[15] راجع مثلاً: مناهج الاجتهاد في الاسلام ـ الدكتور محمد سلام مدكور نشر جامعة الكويت. وراجع أيضاً تدوين السنة / ابراهيم فوزي / نشر مؤسسة رياض الريس.

هذا فضلاً عن عشرات الكتب التي كتبت وشوّهت الفكر الشيعي بصورة مقصودة ـ راجع كتابات الدكتور أحمد أمين في فجر الاسلام، وراجع نظرية الامامة / الدكتور أحمد محمود صبحي طبع دار المعارف / مصر.

[16] المنهج الروائي أقصد به أن يُلاحظ المنهج الذي اتبعه صاحب الكتاب في جمعه وتبويبه للروايات، كما فعل الكليني في وضعه باب النوادر في الكافي للتنبيه على أنَّ الروايات في هذا الباب ليست بمستوى الروايات الواردة في الابواب الاخرى.

[17] كتاب في علم الكلام. يُدرس في الحوزة من تأليف العلاّمة الحلي.

[18] المقاصد وشروحه للتفتازاني ـ كتاب في علم الكلام على مذهب أهل السنة.

[19] المواقف للآيجي ـ وهو كتاب في علم الكلام على مذهب أهل السنة.

[20] راجع: المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والامامية / الشيخ نجم الدين العسكري نشر مؤسسة الامام المهدي / 1402 هـ. وفيه أكثر من أربعمائة حديث من كتب أهل السنة. وراجع، منتخب الاثر في الإمام الثاني عشر (عليه السلام) / العلاّمة الشيخ لطف اللّه الصافي وفيه مامجموعه (6000) ستة آلاف حديث عن طريق الفريقين.

[21] حاول الدكتور أحمد أمين ان يجعل من ادعاء المهدوية سبباً للطعن على فكرة المهدي وأصالتها، ولكن العكس هو الصحيح فالادعاء يدلُّ على أنَّ المدعين يستغلون حقيقية موضوعية أو اعتقاد راسخ عند الناس، ثم لو صحَّ أنَّ الادعاء مُبطل للدعوى ولاصل القضية معاً، فلازم ذلك ابطال النبوات لكثرة المدعين بها، وراجع بحث: «نقد الحديث بين الاجتهاد والتقليد / نظرة جديدة الى أحاديث عقيدة المهدي / السيد محمد رضا الجلالي / مجلة تراثنا / العددان 32 / 33 السنة الثامنة / 1413 هـ اصدار مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).

[22] المشككون والمشوشون على الاسلام والمسلمين كثيرون قديماً وحديثاً، وفي عصرنا الحديث ظهر المستشرقون وتلامذتهم من أمثال گولدزيهر وفلهاوزن، وفان فلوتن ومكدونالد، وبرنارد لويس ومونتغمري وات وماسنيون وغيرهم ممن تبعهم من تلامذتهم من أبناء الاسلام، وسار على منهجهم في اثارة الشبهات والتشكيك بعقائد الاسلام ومقولاته وفي القرآن الكريم والسنة المطهرة، ثم سلك هذا المسلك الوهابية، ومن سائر في ركابهم من أبناء الشيعة والسنة في التشكيك بعقيدة المهدي المنتظر، وليس لدى جميع هؤلاء مايدعم انكارهم من الادلة والمستمسكات الموثوقة، بل الدليل قائم على خلاف مذاهبهم والبرهان ساطع وقاطع على صحة العقيدة في المهدي ـ لثبوت التواتر كما حكاه غير واحد، ومنهم البرزنجي في الاشاعة لاشراط الساعة، والشوكاني في التوضيح. كما سيأتي.

[23] كما في انكارهم الاسراء والمعراج عندما حدثهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) به وقصّه القرآن الكريم بعد ذلك.راجع: تفسير ابن كثير ج3 / ص 9 ومابعدها تفسير أول سورة الاسراء.

[24] كما في مزاعم وادعاءات السائح، والقصيمي، وغيرهم من المشوشين، وهم عن العلم بعيدون، وبمعرفة علم الحديث روايةً ودرايةً أبعد مايكونون، وبحقائق التاريخ ووثائقه، على أتمّ الجهل أو العناد، ولكن لاغراءات الوهابية وتلويحاتها، جاذبية خاصة.راجع مناقشة السائح وأمثاله في نقد الحديث السيد محمدرضا الجلالي المنشور في مجلة تراثنا اصدار مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) المصدر السابق.

[25] في القرآن الكريم عشرات الآيات التي تتحدث عن الغيب والدعوة الى الايمان به، والمدحة عليه كما في قوله تعالى: ( الم ذلك الكتاب لاريب فيه هدىً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب) البقرة ـ 3. راجع المعجم المفهرس لالفاظ القرآن مادة غيبَ وراجع التفاسير، ومنها تفسير ابن كثير / المجلد الاول/ في تفسير أول سورة البقرة.

[26] راجع (كتاب الفتن وعلامات الساعة) في الصحاح والمسانيد والسنن، راجع مثلاً: التاج الجامع للاصول في أحاديث الرسول / الشيخ منصور علي ناصف ج5 / ص 300 ومابعدها.

[27] كما هي الاشارة اليه في قوله تعالى ( تلك من أنباء الغيب نوحيها اليك ) هود ـ 49.

[28] راجع: التاج الجامع للاصول ج1 / ص 25.

[29] راجع محاولة ابن خلدون في مقدمته. في موضوع المهدي.وراجع: السائح علي حسين استاذ كلية الدعوة الاسلامية في ليبيا، في بحثه «تراثنا وميزان النقد» تعرض فيه لموضوع المهدي المنتظر المصدر السابق.راجع: مناقشته في بحث السيد الجلالي المنشور في مجلة تراثنا / المصدر السابق.

[30] راجع: دفاع عن الكافي / ثامر هاشم العميدي ج1 / ص 203، ومابعدها فقد أوردَ احتجاج المقلدين لرأي ابن خلدون، وناقشهم كما ناقش تضعيفات ابن خلدون مناقشة علمية متينة أبان فيها تهافتهم وعدم تبصرهم ومعرفتهم بفن الرواية واصول الدراية.

[31] اكذوبة السرداب كما ألصقها خصوم الشيعة ناقشها الشيخ العلامة الاميني مناقشة وافية أبان تخبط الخصوم والاساطير التي نسجوها تارةً في موقع السرداب، إذ اختلفوا فيه اختلافاً مضحكاً، وتارةً اخرى في مواقف الشيعة وطقوسهم المزعومة حول السرداب.

[32] الغدير ج3 / ص 308، 309. وراجع ماأورده العميدي في المصدر السابق من مناقشات متينة لهذه الفرية / دفاع عن الكافي ج1 / ص 593

[33] راجع: دفاع عن الكافي / السابق / أوردَ شهادات واعترافات واثباتات وافية عن علماء أهل السنة من القرن الرابع الهجري الى القرن الحادي عشر في اثبات ولادة الامام المهدي واستمرار حياته ووجوده الشريف.

[34] راجع: الارشاد / الشيخ المفيد / ص 345، وراجع أيضاً سيرة الائمة الاثنى عشر / الحسني ج2 / ص 534 الى ص 538 في قضية جعفر الكذاب.

[35] إنَّ الذين كتبوا في قضية المهدي كثيرون جداً، قديماً وحديثاً، ومنهم من أفرده بكتاب مستقل ومنهم من كتب فصلاً أو فصولاً، وقد أحصى عبد المحسن العباد في بحثه المنشور في مجلة الجامعة الاسلامية الصادرة بالمدينة المنورة / العدد الثالث / السنة الاولى / 1969 م أحصى أكثر من عشرة مؤلفين من أجلاء علماء أهل السنة منهم. الحافظ أبو نعيم والسيوطي الشافعي، والحافظ ابن كثير، وعلي المتقي الهندي صاحب كنز العمال، وابن حجر المكي في مؤلفه: «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر» ومرعي بن يوسف الحنبلي ت 1033 هـ، ومؤلفه سماه فؤائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر، ذكره السفاريني في لوامع الانوار البهية، ومنهم القاضي محمد بن علي الشوكاني ت 1250 هـ الذي سمى مؤلفه: «التوضيح في تواتر ماجاء في المهدي المنتظر والدجال المسيح» الى غيرهم هذا عند السنة أما عند الشيعة فهناك عشرات الكتب والرسائل التي كتبت ونشرت قديماً وحديثاً منها أخيراً: منتخب الاثر / للشيخ الصافي، والزام الناصب في ظهور الحجة الغائب والمهدي الموعود المنتظر عند أهل السنة والامامية / للشيخ نجم الدين العسكري، والإمام المهدي / علي محمد علي دخيل / طبعة بيروت، وهو جليل ومهم جداً.

[36] نفس المصدر

[37] أثبت صحة أحاديث المهدي أجلاء العلماء المحققين من طرق أهل السنة ومن طرق الشيعة.راجع: عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر / الشيخ عبد المحسن العباد مجلة الجامعة الاسلامية / المصدر السابق.

[38] نقل الشيخ العباد أن رواة حديث المهدي من الصحابة ستة وعشرون راوياً أما الائمة الذين خرجوا الاحاديث والآثار الواردة في المهدي فيبلغ عددهم ثمانية وثلاثين، ذكر أسماءهم وفي مقدمتهم أبو داود في سننه والترمذي في جامعة، والنسائي، وأحمد في مسنده، وأبو بكر بن شيبة في المصنف، والحافظ أبو نعيم في الحلية وفي كتاب المهدي، والطبراني في الكبير والاوسط، وابن عساكر في تاريخه، وأبو يعلى الموصلي في مسنده وابن جرير في تهذيب الآثار، والبيهقي في دلائله وابن سعد في الطبقات وغيرهم. ونريد أن نسأل (أحمد أمين ومن عَزَفَ على نغمته، هنا: هل أنَّ مثل هؤلاء الائمة من علماء الحديث والرواة المعتبرين الذين تلقتهم الامة بالقبول، واعتمدت عليهم فيما نقلوه من صحيح الآثار أو صححوه، كلهم يتواطؤن على نقل (اسطورة)؟ وكيف يعقل ان تهتم الامة، وأجلة العلماء والمحققين وأصحاب الصحاح والمسانيد (باسطورة) الى هذا الحدّ؟! ولماذا هذه الجرأة المنافية لابسط قواعد الذوق والمنطق والعلم والاخلاق، أوليس تَدلُّ مثل هذه التشويشات على ركوب الهوى أو الانسياق واللهاث وراء تلويحات الوهابية (ورنين اغراءاتها).

[39] تواتر أحاديث المهدي نقلها غير واحد من علماء أهل السنة، منهم الشوكاني ت 1250 هـ في التوضيح في تواتر ماجاء في «المهدي والدجال والمسيح» ومنهم البرزنجي في «الاشاعة لاشراط الساعة»، ثم ذكر الشيخ عبد المحسن العباد في بحثه المنشور في مجلة الجامعة الاسلامية، آخرين منهم: الحافظ الآبري السجري ت 363 هـ، والشيخ محمد السفاريني ت 1188 في كتابه لوامع الانوار البهية، ومنهم الشيخ صديق حسن القنوچي ت 1307 هـ، ومن المتأخرين الذين حكوا تواتر احاديث المهدي الشيخ محمد بن جعفر الكتاني ت 1345 هـ في كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر.

[40] راجع الاجوبة عن طعونهم في دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي

[41] تقدمت الاشارة الى عنوان البحث والمجلة ـ وهي مجلة الجامعة الاسلامية ـ الصادرة في المدينة المنورة.

[42] أشير الى ذلك في الهامش 38، وراجع لبحث الشيخ العباد

[43] المصدر السابق.

[44] اشير الى ذلك في الهامش 39.

[45] بحث الشيخ العباد / مجلة الجامعة الاسلامية / السابق.

[46] بحث الشيخ العباد / مجلة الجامعة الاسلامية / السابق

[47] المصدر نفسه.

[48] المصدر نفسه.

[49] المصدر نفسه.

[50] دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي / ص 171 ومابعدها

[51] المصدر نفسه ج1 / ص 205

[52] المصدر نفسه ج1 / 343..

[53] المصدر نفسه ج1 / 535.

[54] المصدر نفسه ج1 / ص 593

[55] راجع بحث حول المهدي / ص 7 ـ 8، طبعة دار التعارف / بيروت.

[56] المصدر السابق / ص 9.

[57] المصدر السابق / 12.

[58] هذا التاريخ اشارة الى الفترة من ولادة الامام المهدي (عج) الى تاريخ كتابة البحث وانجازه في سنة 1397هـ.

[59] سورة العنكبوت / 14

[60] اشارة الى قوله تعالى (قلنا يانارُ كوني برداً وسلاماً على ابراهيم) سورة الانبياء / 69.

[61] راجع: الارشاد / الشيخ المفيد / ص 319 ومابعدها.وراجع: الصواعق المحرقة / لابن حجر / ص 223 / 224.

[62] راجع: الصواعق المحرقة / السابق.

[63] سورة مريم: آية 12.

[64] أشرنا الى طائفة منهم في الهامش رقم 22، 24.

[65] راجع: المهدي الموعود المنتظر / الشيخ نجم الدين العسكري

[66] راجع: منتخب الاثر / الشيخ لطف اللّه الصافي.

[67] أخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه ونعيم ابن حماد في الفتن عن علي قال قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) «المهدي منّا أهل البيت يُصلحه اللّه في ليلة..».راجع: الحاوي للفتاوي / السيوطي، وراجع سنن ابن ماجة ج2 / ص 519.

[68] أخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن أم سلمة سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: المهدي من عترتي من وُلد فاطمة..راجع صحيح سنن المصطفى ج2 / ص 208.وصحيح سنن ابن ماجه ج / ص 519.

[69] أخرج الطبراني في الكبير وأبو نعيم عن علي الهلالي أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة «والذي بعثني بالحق نبياً إنَّ منهما ـ يعني من الحسن والحسين ـ مهدي هذه الاّمة، اذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظافرت الفتن وتقطعت السبل، واغار بعضهم على بعض فلا كبير رحمُ صغيراً، ولا صغير يوقّرُ كبيراً بعث اللّه عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوباً غُلُفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان، كما قمتُ في أول الزمان، ويملأ الارض عدلاً كما ملئت جوراً..».راجع الحاوي للفتاوي / السيوطي / ج2 / الفتاوي الحديثية الادب والرقائق (أخبار المهدي).ولاحظ النكتة والسرّ اللطيف المكنون في هذا الخبر، فإنَّ المهدي يتسلسل من ذرية الباقر (عليه السلام) والباقر أبوه علي بن الحسين، وأمه فاطمة بنت الامام الحسن الزكي (عليهم السلام).

[70] حيث ثبت أنه من وُلد الحسين (عليه السلام) فيكون التاسع بالضرورة.ولحديث: «إنَّ هذا الامر لاينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة..».

[71] صحيح مسلم ج2 / كتاب الامارة وهذا نصّ حديث نبوي تعددت طرقه وكثرت أسانيده في الصحاح والمسانيد والسنن وان اختلف متنه قليلاً. راجع الحديث في صحيح البخاري ج9 / ص 101 طبعة دار احياء التراث العربي ـ بيروت ـ كتاب الاحكام، باب الاستخلاف.

[72] راجع الغيبة الكبرى / محمد الصدر ص 272 ومابعدها.

[73] راجع التاج الجامع للاصول ج3 / ص40 قال رواه الشيخان والترمذي وراجع في تحقيق الحديث وطرقه واسانيده الامام المهدي (عليه السلام) / علي محمد علي دخيل.

[74] صحيح البخاري ج9 / ص 101 السابق

[75] التاج الجامع للاصول ج3 / ص40 قال رواه الشيخان والترمذي.

[76] التاج الجامع للاصول ج3 / ص40 قال رواه الشيخان والترمذي.

[77] قال في غاية المأمول على التاج الجامع للاصول ج3 / ص 40 رواه ابو داود في كتاب المهدي، وراجع صحيح سنن أبي داود ج2 / ص 207.

[78] مسند الامام أحمد ج5 / ص 93.

[79] المستدرك على الصحيحين ج3/ ص 618.

[80] بمعنى أنَّ الاحاديث الموضوعة عادةً تدّسُ في الاحاديث بعد تحقق الموضوع خارجاً، للايهام بأنه صحيح.

[81] راجع الغيبة الصغرى / محمد الصدر

[82] راجع المصدر السابق.

[83] إنه من غير المعقول تماماً أن تعيش اسطورة أو أكذوبة فترة طويلة تحظى فيها بالثقة وتكون محوراً لاهتمام الامة وقبولها، وتدخل في عقيدتها، وتحرص عليها حرصاً بالغاً لايضارع.

[84] هذا ماعليه اعتقاد الامامية، ومقتضى توقيع الامام الثاني عشر باعلانه الغيبة الكبرى

[85] راجع بحث الشيخ عبد المحسن العباد المنشور في مجلة الجامعة الاسلامية الصادرة بالمدينة المنورة / سنة 1969 م.

[86] راجع البحث السابق للشيخ العباد، وراجع دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي.

[87] وردت مجموعة من الاحاديث والروايات مما يتنافى مع العقل والذوق في البخاري، ولكنها أخضعت للتأويل.راجع: أضواء على السنة المحمدية / الشيخ محمود أبو ريّة.وراجع: دراسات في البخاري والكافي / هاشم معروف الحسني.

[88] راجع: تأويل مختلف الحديث / لابن تيمية 276 هـ / طبعة القاهرة / 1326 هـ.

[89] راجع مانقله الشيخ عبد المحسن العباد في بحثه المذكور سابقاً.

[90] اشارة الى المؤلف السيد محمد الصدر صاحب موسوعة الامام المهدي