ليس بجديد أن نتحدث عن عبقرية الشهيد الصدر (رض) وشخصيته الفكرية الفذة. فلقد أصبح اسم هذا المعلم الإسلامي للإنسانية المعاصرة قريناً لكل معاني العظمة والنبوغ والعبقرية إضافة لما اقترن به اسمه من معاني العطاء السخي والخلق الرفيع والشجاعة النادرة. فاصبح بفضل هذه المعاني السامية فوق كل تعريف.
وإذا كان العبقري هو الذي يعكس المطالب الاجتماعية ذات الأهمية الحيوية على حد بعض التعريفات[1]. باعتباره الكفوء الوحيد الذي تجود به الأرحام ليقدم للإنسانية من الحلول والمعالجات ما يعجز عن تقديمه المستوى الاعتيادي منها لمشاكلها غير الاعتيادية. فهو إنسان غير اعتيادي خلق ليحل المشاكل غير الاعتيادية للإنسانية. إذا كان هذا هو العبقري. فإن السيد الشهيد لم يكن عبقرياً اعتيادياً. لأنه لم يستوعب ويعي ويعكس المطالب الاجتماعية ذات الأهمية الحيوية فحسب. وإنما أبدع في عرض الحلول الناجحة لتلك المطالب أيضاً.
فلقد شغلت المسألة الاجتماعية حيزاً كبيراً – في فكر الشهيد الصدر. بوصفها المسألة التي تفتح على الإنسان أبواباً عديدة من الآلام والجراحات. وألواناً متعددة ومعقدة من الحلول والمعالجات التي تأخذ شكل النظريات والمذاهب والاتجاهات. وبوصفها المسألة التي تمس الحياة الإنسانية ومصيرها مساً صميمياً مباشراً فأبدع في استيعابها وعرضها ومعالجتها إبداعاً قل نظيره. كما سنرى.
مفهوم المشكلة الاجتماعية التي يعالجها الشهيد الصدر
تطلق لفظة ((مشكلة اجتماعية)) ويقصد بها معاني مختلفة. فتفشي الظلم في المجتمع يمثل مشكلة اجتماعية. وكذلك بالنسبة إلى الانحلال الخلقي وانهيار القيم المعنوية وانتشار الجهل وغير ذلك من الحالات السلبية التي يعاني منها المجتمع. فكل منها يمثل مشكلة اجتماعية. غير إن السيد الشهيد عندما يطلق هذه اللفظة في مصنفاته لا يقصد أياً من هذه المعاني الجزئية. وإنما يقصد بها معنى آخر اشمل وأعمق. وهو المعنى الذي يتناول العوامل التي تكدر صفو الحياة الاجتماعية للإنسان وتجعلها مليئة بالإشراك والعقبات. والأخرى التي تنفي جو الحياة الاجتماعية وتجعله رحباً خالياً من الأكدار والتعاسة. أي المعنى الذي يتناول الكيفية التي يجب أن يبني عليها المجتمع الإنساني ليكون مجتمعاً سعيداً. وهو ما يعبر عنه السيد الشهيد بمشكلة النظام الاجتماعي الأصلح. لأن المشكلة الاجتماعية الأصيلة للإنسانية على مر التأريخ لا تتمثل بالظلم بما هو ظلم ولا بالانحلال الخلقي بما هو انحلال خلقي ولا بأمثال ذلك مما يمثل معاني جزئية مفردة. وإنما المشكلة هي مشكلة النظام الاجتماعي – بما هو نظام كلي شامل للحياة الإنسانية – الذي يفرز هذه المعاني ويزود بها الساحة الاجتماعية فتكون مليئة بالظلم والانحلال.. الخ.
فقبل أن نعالج الظلم يجب أن نسأل كيف ولد الظلم؟ وقبل أن نعالج التخلف يجب أن نسأل كيف ولد التخلف؟
والإجابة على هذين السؤالين لابد أن نشير إلى النظام الاجتماعي الذي يسير حياة المجتمع اقتصادياً وسياسياً وقضائياً وثقافياً وعسكرياً. باعتباره المسؤول الأول عن الظلم الذي نشأ في أحشاءه والتخلف الذي ترعرع في أحضانه. فظهور مثل هذه الحالات السلبية ناتج طبيعي عما يعتري النظام الاجتماعي من نواقص وانحرافات ولا يمكن القضاء عليها دون تصحيح النظام الاجتماعي وتخليصه من تلك النواقص والانحرافات. أو الاستعاضة عنه بنظام اجتماعي آخر يقود إلى العدالة والتقدم والحرية ويرى السيد الشهيد ((رض))، إن هذه المشكلة تمثل عقدة المشاكل التي عانت وتعاني منها الإنسانية ماضياً وحاضراً. وهي المشكلة العالمية التي تملأ فكر الإنسانية وتدفع بها من قريب أو بعيد لتخوض ميادين الصراع السياسي والفكري والاقتصادي والعسكري بهدف البحث عن ناظم اجتماعي أصلح لدى أحد طرفي الصراع والرغبة في الحفاظ على النظام الاجتماعي القائم لدى الطرف المقابل، وما هذه الحروب والنزاعات والتيارات المتصارعة والأحزاب المتضاربة إلا أشكال متعددة وجدت بسبب مباشر أو غير مباشر من تلك المشكلة.
وهكذا فالمفهوم الذي يطرحه السيد الشهيد للمشكلة الاجتماعية مفهوم عام وشامل يستوعب آلام الإنسانية كلها ويركز على الأبعاد الجوهرية لها. وهذا هو شأن عظماء التأريخ وديدن المصلحين العالميين.
الحلول كما يعرضها الشهيد الصَدر
لقد استطاع السيد الشهيد أن يطرح أمام الإنسانية حلولاً جديدة لمشكلتها الاجتماعية واستطاع أيضاً أن يصيغ هذه الحلول بصياغات مذهبية خاصة. وقد يقال أن السيد الشهيد قد استلهم أفكاره وحلوله من الإسلام وهو ما تعرفه هو ما تعرفه الإنسانية من قبل. وهذا قول صحيح، لكن الإسلام لم يكن ليستطيع أن يقول كلمته أمام التحديات الفكرية التي تواجهه لولا الصياغات الفكرية المنسجمة مع روح العصر التي أبدعها مفكرون إسلاميون كثيرون وعلى رأسهم السيد الشهيد.
والموضوع الذي بين يدينا يقدم مثالاً على ذلك فلقد عرضت الماركسية والاشتراكية والرأسمالية نفسها كحلول حاسمة لما يعتري الحياة الإنسانية من مشاكل وعقبات ولم يكن الإسلام معروفاً قبل تلك الصياغات لعقيدة تستطيع أن تقدم للإنسانية أنظمة خاصة في مجلات الحياة المختلفة، وأن تدخل معترك الصراع الفكري مع المدارس الحديثة فضلاً عن أن تضاهي هذه المدارس وتتقدم عليها. اللهم إلا أفكار عامة ورؤى لم تتبلور بشكل مذهبي بعد.
وجاء السيد الصَدر ليستوعب القضية ويدرك مسئوليته كمفكر إسلامي في زحمة الصراع الفكري بين الإسلام والمدارس الغربية. فأقتحم الساحة ليبلّغ كلمة الإسلام بالطريقة التي تفهمها الإنسانية المعاصرة عارضاً الحل الإسلامي لمشكلتها الاجتماعية بثلاثة صور:
الصورة التي يطرحها في ((المدرسة الإسلامية)).
الصورة التي يطرحها في ((فلسفتنا))
الصورة التي يطرحها في ((اقتصادنا))
وسنتناول هذه الصور الثلاث على التوالي:
الصورة الأولى:
يتناول كتاب المدرسة الاجتماعية الذي وضعه السيد الشهيد كمدخل يستعين به الناشئة على مطالعة اقتصادنا.
موضوع المشكلة الاجتماعية تحت عنوان ((الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية)). متخذاً من السؤال التالي محوراً له:
ما هو النظام الأصلح؟
ولدى الإجابة على هذا السؤال يعرض السيد الشهيد دراستين الأولى يناقش فيها مدى قدرة الإنسان على توفير نظام أصلح ومدى قدرته على تطبيق مثل هذا النظام.
وفي الثانية يستعرض الأنظمة الاجتماعية التي تطرح نفسها في الميدان الاجتماعي بوصف أن كلاً منها هو النظام الأصلح كالنظام الديمقراطي، والنظام الديمقراطي، والنظام الاشتراكي، والنظام الماركسي والنظام الإسلامي.
في الدراسة الأولى يطرح رأيين معاصرين ويناقشهما وهما:
رأي المدرسة الماركسية:
حيث ترى أن الإنسان وبإمكاناته الذاتية قادر على توفير وتطبيق النظام الأصلح. وتؤكد ذلك من خلال ما تذهب إليه في المادية التأريخية حينما ترى أن للتأريخ مساراً غائياً ينتقل فيه باستمرار نحو الأصلح، فالبشرية في تقدم مستمر وانتقال دائمي من الخطأ إلى الصواب ومن الصواب إلى الأصوب.
وهذا التحول المستمر يجري حسب سنة التطور الماضية في الكون كله والتي يحركها بشكل أساس الصراع المستمر بين الأضداد. فكل شيء في الكون يحتوي على نقضيه في داخله وهذا النقيض في صراع مستمر مع نقيضه مما يولد شيء جديد أفضل وأقوى من الاثنين ثم يتولد نقيض ليتصارع معه وهكذا.
وتطبيقاً لهذه القاعدة على المجتمع رأت الماركسية أنه – أي المجتمع – لا يمكن أن يخلو عن صراع الأضداد. وبالتالي فإن كل ما يحصل له من تطورات لابد وأن يكون وليداً لذلك الصراع.
وعليه تكون تلك التطورات هي الصورة المثلى التي يمكن أن يكون عليها ذلك المجتمع ولا يمكن أن تفترض له صورة أخرى لأنها ستكون صورة رجعية خارجة عن المسيرة التقدمية للتأريخ. وبناءاً على هذا التفسير اعتبرت الماركسية أن الطبقات المتفاوتة اقتصادياً في المجتمع هي التي تمثل الأضداد المتصارعة داخل المجتمع، ففي المجتمع الرأسمالي هناك الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة وهناك الصراع الدائب بينهما مما أفرز لنا النظام الاشتراكي. ولذلك فهو النظام الأفضل الذي يمكن أ، يخلف النظام الرأسمالي الديمقراطي. وينتهي هذا الرأي إلى القول بأن الإنسان قادر على توفير النظام الأصلح. وإنَّ الصراع الطبقي كفيل بذلك وأن الضمان الأكيد لصلاحية هذا النظام يأتي من خلال توافقه مع وسائل الإنتاج ومع مسيرة التأريخ التي هي مسيرة تقدمية بشكل حلمي.
وفي مناقشته لهذا الرأي اعتمد السيد الشهيد على ثلاث نقاط هي:
1- إنَّ هذا الرأي يستند إلى مفاهيم المادية التأريخية. فإذا ما انهارت هذه المفاهيم فلا محيص من انهياره حينئذ. ولأجل ذلك ارجع السيد الشهيد القارئ إلى كتاب ((اقتصادنا)).
أن الحم على النظام الاشتراكي بالصلاح اعتماداً على القول بأنه النظام المستوحى من وسائل الإنتاج المعاصرة حكم مردود تأريخياً. لأن التأريخ القديم يشهد ظهور أفكار اشتراكية وقيادات سياسية تتبنى هذه الأفكار وتدعو لها كبعض الأسر التي حكمت الصين عام ((140- 178ق.م)) والتي طبقت أفكاراً اشتراكية كثيرة كما يطبقها الإنسان السوفياتي الآن مع بعض الفروق. كما أن إفلاطون كان يؤمن بالشيوعية وكان يرى مدينته الفاضلة يجب أن تقوم على أساس شيوعي. فهل كان في ذلك التأريخ وسائل الإنتاج الحديثة بحيث أوحت لهم بالأفكار الاشتراكية.
إنَّ الضمان الماركسي لصلاحية النظام الاجتماعي ليس ضماناً حقيقياً لأنه لا توجد حتمية تفرض على التأريخ أن يسير في اتجاه تقدمي ليكون كل ما يفرضه التأريخ في مسيرته من أنظمة واتجاهات صاحاً بشكل حتمي كما تفترض الماركسية. ها هي النازية والفاشية تعتبران حركتين أحدث من الاشتراكية. فهل للماركسية أن تؤمن بهما كحركتين تقدميتين.
رأي المدرسة التجريبية:
ونأتي إلى المدرسة التجريبية للتعرف على رأيها فالمسألة الاجتماعية – في هذا الرأي – لا يمكن أن تجد لها حلولاً أفضل مما تحصل عليه من التجارب البشرية سواءً منها الماضية أو المعاصرة.
فكل اتجاه أو مذهب أو فكرة أو رأي أثبتت التجربة الاجتماعية سلامته وصلاحه فهو صالح فهو صالح وإلا فهو فاسد. فالصحيح من الأنظمة الاجتماعية هو ما أثبتته التجربة الاجتماعية.
وقد يبدو هذا الرأي لأول وهلة منطقياً وسليماً ولكننا إذا ما أخضعناه لنظرة خاصة فسنجد أنه رأي قد استُلهم من جو خاص وأستعير من ميدان غريب جداً عن الميدان الاجتماعي فلقد كان للتجربة دوراً جباراً في تحقيق الإنجازات العلمية والتقنية التي وصل إليها الإنسان الحديث وكانت بمثابة المحكمة العادلة التي لها القول الفصل في حل النزاعات والمجادلات العلمية. ولما كانت النهضة الأوروبية الحديثة قد قامت على أساس العلم فلقد اتجه الإنسان الأوروبي الحديث إلى تجميد التجربة وإعلاء شأنها ومع مرور الزمن وتقدم العلوم أخذ إيمانه بالتجربة يشتد ويقوى حتى انتهى به التطرف حينما نقل دور التجربة من ميدانها الطبيعي المتمثل بالمادة إلى ميادين أخرى غير مادية كالمجتمع.
فصار يؤمن بأن للتجربة قدرة كافية على إعطاء هذا القول في المسألة الطبيعية فنشأت المدرسة التجريبية وأدلت بدلوها في جوانب متعددة من المسألة الاجتماعية حتى صارت فلسفة قائمة بذاتها.
ولقد ركز السيد الشهيد في رده على هذه المدرسة على هذا الجانب أعني التمييز بين الميدان الطبيعي والميدان الاجتماعي معتبراً أن معطيات التجربة في الميدان الطبيعي معطيات مضمونة الصدق والصحة على خلاف معطياتها في الميدان الاجتماعي. لأن الفرق بين الميدانين هو ذاته الفرق بين المادة التي تخضع صاغرة للتجربة وتمكن الإنسان من نفسها ليتمكن من تسخيرها لصالحه.وبين النفس الإنسانية التي تتعالى على التجربة وعلى المادة. هذا إذا كان فرداً وأما إذا كان هناك مجتمع بشري يتقوم بهذه النفس فإن طريق التجربة سيكون أعقد وأصعب بكثير. وبعد أن يجمع الفروق بين الميدانين في أربعة نقاط ينتقل السيد الشهيد إلى تقويم الحضارة الغربية المعاصرة وهل أنها كانت تناج للتجربة أن أنها وليدة مبادئ عقلية أولية كالحرية والمساواة وحقوق الإنسان. وكيف أن النظام الاجتماعي الأوروبي كان وليداً لفلسفات معينة نشأت أو تبلورت في مطلع النهضة الأوروبية الحديثة بينما سارت التجربة بالعلم في خط آخر، وإن آمنا بأن هناك درجات من التعاون والتلاقي بين الخطين خط العلم وخط الفلسفة.
والرأي الصحيح الذي يتبناه الإسلام ويبلوره السيد الشهيد بشكل منهجي في هذه المسألة هو أنَّ الإنسان عاجز عن توفير النظام الاجتماعي الصالح ، ولذلك فقد تكفل الوحي الإلهي بتوفيره وضمن إمكانيات تنفيذه وإنجاحه وذلك عبر الرسالات السماوية التي ختمت برسالة الرسول الأعظم محمد بن عبد الله (ص). وهذا ما يطرحه السيد الشهيد في الدراسة الثانية التي ستمر علينا ضمن استعراضنا للصورة الثانية.
الصورة الثانية:
ذكرنا أن كتاب المدرسة الإسلامية يحتوي على دراستين في مضمار المسألة الاجتماعية. وقد تعرضنا للدراسة الأولى في الصورة الأولى.
أما الدراسة الثانية فأنها مشتركة بين المدرسة الإسلامية وكتاب فلسفتنا وقد ذكرها في الكتابين باختلاف يسير جداً.
أما الدراسة الثانية فأنها مشتركة بين المدرسة الإسلامية وكتاب فلسفتنا وقد ذكرها في الكتابين باختلاف يسير جداً. ولقد استطاع السيد الشهيد أن يوصل القارئ في هذه الدراسة إلى نفس النتيجة التي أوصله إليها من خلال الدراسة الأولى ولكن بطريق مختلف.
ففي الدراسة الأولى نهج السيد الشهيد نهجاً نظرياً بحتاً في مناقشته للآراء المضادة المطروحة في الميدان الاجتماعي ، بينما كان منهجه في الدراسة المطروحة في فلسفتنا والمدرسة الإسلامية منهجاً واقعياً إلى حد ما أي أنه أثبت من خلال الواقع العملي فساد الأنظمة الاجتماعية الثلاث الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية. أما الإسلام فقد أثبت صلاحيته لتنظيم الحياة الاجتماعية إثباتاً نظرياً باعتباره مقصي عن واقع الحياة المعاصرة وسنمر على هذه الأنظمة الأربعة كما يطرحه السيد الشهيد وحسبما يسمح لنا المجال.
أولاً – النظام الرأسمالي:
في استعراضه لواقع هذا النظام يوضح السيد الشهيد في البدء الخط الفكري والمبادئ الأساسية التي يرتكز عليها هذا النظام كالحريات الأربع[2] وكيف تتبلور فكرياً من خلال الواقع الاجتماعي ثم يمر بالاتجاه المادي لدى الرأسمالية فيركز على نقطة جوهرية في نقده للنظام الديمقراطي. وهي أن هذا النظام تبنى موقفاً مادياً صرفاً تجاه المسألة الاجتماعية ولكنه لم يعط لهذا الموقف تعليلاً فلسفياً يربط بين التصور الرأسمالي للمسألة الاجتماعية وبين المسألة الواقعية للحياة والوجود أي أن الاتجاه المادي للرأسمالية لم يقم على أساس قاعدة فلسفية تشرح وجهة نظر خاصة بالكون والوجود بحيث تبرر للرأسمالية ماديتها في الميادين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وهذا الفصل بين المسألة الاجتماعية والمسألة الواقعية – إن كان غير مقصود – فهو ناتج من قلة أناة وتعبير عن الارتجال والضعف في الفكر الرأسمالي لأن المسألة الاجتماعية لا يمكن دراستها منفصلة عن المسألة الواقعية للحياة ولا يمكن الوصول إلى فهم عميق لهذه المسألة إلا إذا وجد لهذا الفهم قاعدة مركزية تشرح الحياة وواقعها وحدودها فتكون المنطلق في تحليل وعلاج الجوانب المختلفة للحياة الواقعية.
وإن كان مقصوداً فهو ينطوي على خداع وتضليل ذلك لأن تجميد البحث في المسألة الواقعية للحياة ودراسة المسألة الاجتماعية بمعزل عنها وعلى أساس الاتجاه المادي لا نجد إلا الخداع أساساً له إذ كيف تتبنى الرأسمالية الاتجاه المادي وهي لم تناقش بعد مسألة الكون والوجود؟
وهل الاتجاه المادي يعبر عن حقيقة أذعنت لها المدارس الفلسفية أجمعت عليها بحيث أصبح الأخذ بها لا يحتاج إلى أخذ ورد؟
أم أن المسألة كيفيّة ومزاجية؟ ترى ماذا لو أثبت العقل ببراهينه عدم واقعية الاتجاه المادي وأقام الدليل على فكرة الإيمان بالله وفكرة الوحي والرسالة السماوية الصادرة عنه.
هل يبقى للرأسمالية أساس تستند عليه؟
وكيف سيكون ردَّها؟
ثم ينتقل السيد الشهيد بعد ذلك إلى موضوع آخر هو الأخلاق في المجتمع الرأسمالي. فقد كان من جراء الاتجاه المادي أن أُقصيت الأخلاق من الحساب ولم تلحظ إلا الدوافع المادية أما المثل والقيم المعنوية فلم يعد لها وجود.
وقد يدافع أنصار الديمقراطية الرأسمالية عن هذا الواقع قائلين أن الدوافع المادية ذاتها كفيلة بتحقيق نفس النتائج المتوخاة من الأخلاق والقيم الروحية فالذي يشيّد مؤسسة اجتماعية مفيدة للمجتمع بدوافع روحية سيشيدها أيضاً بدوافع مادية كالربا، مثلاً، فالتأكيد على هذا الدافع وتنميته اجتماعياً سيضمن لنا نفس النتائج التي تحققها الأخلاق والقيم الروحية.
ويصف السيد الشهيد هذا الدفاع بأنه أقرب إلى الخيال منه إلى الاستدلال لأن إطلاق الدوافع المادية لفرد وحمايتها من خلال الحريات المتاحة له سوف يقضي على مصلحة اجتماعية. إذ لا يمكن لهذه المصلحة أن تتعايش مع دوافع مادية أطلق لها العنان لتلتهم كل ما هو أمامها ، وحتى الربا الذي تعتبره الرأسمالية دافعاً مادياً قائماً بذاته بالنسبة للفرد الذي يحيى في مجتمع رأسمالي وإنما هو وسيلة يهدف من ورائها تحقيق مصلحة فردية كبيرة كالشهرة والجاه الضروريين للوصول إلى مطامع سياسية أو اقتصادية معينة وهكذا فالمؤسسة الاجتماعية التي يقدمها الفرد الرأسمالي بدافع الربا لا تحقق مصلحة اجتماعية و إنما هي ثمن يدفعه ذلك الفرد لتحقيق مصلحة أكبر.
وهكذا الفرد الرأسمالي دائماً يفكر بأفضل أسلوب يحقق له أكبر مصلحة ممكنة بأقل ثمن ممكن يقدمه للمجتمع.لذا فقد كان هذا الدفاع نظرياً ولم تلتزم به الأنظمة الديمقراطية عملياً حيث تعالت الأصوات مؤكدة على ضرورة الإيمان بالقيم الروحية وتنميتها في المجتمع، وعلى أهمية هذه القيم لحماية المصالح الاجتماعية.
وينهي السيد الشهيد استعراضه لواقع النظام الرأسمالي مشيراً إلى المآسي التي أدى إليها هذا النظام ويمكن إجمالها بالنقاط التالية:
إنَّ تحكّم الأكثرية بالأقلية يفضي إلى ضياع حقوق الأقلية علماً أنها قد تكون من الحجم بحيث تقارب النصف بالنسبة إلى مجموع الشعب.
بل أن النظام الديمقراطي الرأسمالي أدى عملياً إلى تحكّم الأقلية بالأكثرية فقد تكونت طبقة رأسمالية احتكرت الثروة لها وتضاءلت الطبقة الوسطى حتى اندمجت بالطبقة المستضعفة فانقسمت الأمة إلى فئة قليلة في قمة الثراء وأكثرية واسعة تعيش الاستضعاف.
إنَّ الطبقة الرأسمالية بحكم ما لديها من الثروة استطاعت أن تحتكر أكبر قدر ممكن من الحقوق السياسية على حساب الأكثرية الواسعة التي أصبحت تساق من خلال ألوان الدعاية و وسائل شراء الأصوات وهكذا ظل مبدأ المساواة في الحقوق السياسية بين أفراد الأمة نظرياً بحتاً.
إنَّ سيطرة الاتجاه المادي في النظام الديمقراطي الرأسمالي أدى إلى بروز ظاهرة الاستعمار السياسي والاقتصادي والفكري وهذه من أفضح حلقات المأساة التي أنتجها هذا النظام للمجتمع البشري.
ثانياً – النظام الاشتراكي والشيوعي:
في البدء يعطي السيد الشهيد نبذة فكرية مختصرة عن الاشتراكية العلمية وكيفية ظهورها والأسس الفلسفية لها وكذلك امتدادها في مجالات الحياة المختلفة كالتأريخ والاجتماع والاقتصاد والسياسة ثم يشير إلى الخطوط الاقتصادية الرئيسية للاقتصاد الشيوعي وهي:
إلغاء الملكية الخاصة إلغاءً تاماً وتمليك الثروة للمجتمع ممثلاً بالدولة باعتبارها الوكيل الشرعي عنه ، ويندرج التأميم ضمن هذا الخط.
توزيع الثروة حسب قاعدة من كلٍ حسب قدرته ولكلٍ حسب حاجته.
تسيير العملية الاقتصادية من خلال منهاج اقتصادي ترسمه الدولة لئلا يمنى المجتمع بنفس الأزمات التي ظهرت في المجتمع الرأسمالي حينما أطلقت الحريات بغير تحديد ثم يباشر السيد الشهيد نقده لهذا النظام فيبدأ بالإشارة إلى انحراف الشيوعية عملياً عن تلك المبادئ فحينما قبّض أقطاب الشيوعية على مقاليد الحكم عجزوا عن تطبيق الشيوعية الرئيسية. مما أدى بهم إلى الزعم بأن تطبيق الشيوعية يستدعي تخليص المجتمع أولاً من قيام مرحلة انتقالية ما بين الرأسمالية والشيوعية من أجل إماتة النوازع والأفكار والاتجاهات التي اكتسبها المجتمع من الرأسمالية وإحياء العقلية الجماعية فيه بدل العقلية الفردية.
وقالوا أن النظام الملائم للمرحلة الانتقالية هو النظام الاشتراكي الذي يمثل صيغة معدّلة عن النظام الشيوعي. فقد استبدلت في هذا النظام فكرة إلغاء الملكية الخاصة بفكرة تأميم الصناعات الثقيلة والتجارة الخارجية والداخلية مع فسح المجال أمام ملكية الصناعات والتجارات الصغيرة ملكيةً خاصة. كما تخلوا عن قانون التوزيع الشيوعي القائل: ((من كل حسب قدرته ولكلٍ حسب حاجته)) ، وأحلوا محله قانون آخر يسمح بالفوارق بين الأجور ، وهو قانون: ((من كلٍ حسب قدرته ولكلٍ حسب عمله)) ، معتذرين عن ذلك بأنها فوارق مؤقتة سوف تزول حينما يقضى على العقلية الرأسمالية وينشأ الإنسان الجديد الذي يبحث عن مصالح المجتمع قبل مصالحه الشخصية ، كما أن المعاملات الربوية لم تحرّم فعلاً في النظام السوفيتي مع أنها من الركائز الأساسية في الاقتصاد الرأسمالي.
ولم يكن هذا الانحراف عن العملية الشيوعية ناتجاً عن تقصير أو قصور في القادة الشيوعيين وإنما هو نتيجة طبيعية للفجوة الكبيرة الفاصلة بين الرؤية الشيوعية للحياة الإنسانية وبين الواقع الطبيعي لهذه الحياة. فلقد كانت رؤية متطرفة تبلورت كرد فعل عنيف على واقع الرأسمالية المتطرف في المادية حيث اعتبرت الملكية الخاصة سبباً رئيسياً في الفضائح الناجمة عن الرأسمالية وتبنت على أساس ذلك مبدأ الملكية المشاعيّة وحرّمت الملكية الخاصة. ومن هنا اخذ السيد الشهيد على الشيوعية أنها بهذا العلاج ستخلق مضاعفات طبيعية تجعل ثمنه باهضاً وطريقة تنفيذه شاقة ، منها القضاء على الحريات الفردية والاتجاه في الحياة السياسية نحو ديكتاتورية مطلقة – ثم أن الملكية الخاصة ليست هي السبب في فضائح الرأسمالية وإنما السبب يكمن في العقلية المادية المتطرفة التي تكتنف المجتمع الرأسمالي. هذا أولاً ، وثانياً أن الملكية الخاصة تمثل نزعة أصيلة من نزعات الإنسان. وبالتالي فإن القضاء عليها واستبدالها بالملكية العامة أمر متعذر فلا يمكن التفكير فيه كحل وكعلاج لمشاكل الرأسمالية و واقع التجربة الشيوعية يؤيد ذلك فهل تخلّى القادة الشيوعيون – حيثما هناك تجربة شيوعية – عن ملكياتهم الخاصة أم أنهم تحولّوا على طبقة جديدة سيطرت على الملكية العامة باسم ديكتاتورية البروليتاريا ؟ !!
ثالثاً – النظام الإسلامي:
في خاتمة مطافه حول النظام الاجتماعي المعاصر يصل السيد الشهيد إلى النظام الإسلامي فيستعرضه من خلال نقاط ثلاث:
التشخيص الإسلامي للمشكلة الاجتماعية.
العلاج الإسلامي لها.
((رسالة الدين))
في النقطة الأولى يشير السيد الشهيد إلى أن الإسلام لا يرى في الملكية الخاصة سبباَ للمشكلة الاجتماعية كما تقرر الماركسية وإنما يعتبر السبب كامناً في العقلية المادية التي يعيشها الإنسان أحياناً. فالتفسير المادي المحدود للحياة هو الذي أدى بالرأسمالية إلى ما انتهت إليه بعد أن التقى هذا التفسير بغريزة هي من أعم الغرائز الإنسانية ألا وهي غريزة حب الذات. فنتيجة لهذه الرؤية المادية للحياة وتلك الغريزة العامة الجامحة انطلق المجتمع الرأسمالي باحثاً عن هدفه الأوحد في الحياة ألا وهو اللذة والمنفعة والربح بأكبر قدر ممكن ولاهثاً خلف أفضل الوسائل التي تتيح له هذه المعاني وتبعد عنه كل ما من شأنه الخسارة ولو كانت قليلة واضعاً كافة المثل والقيم المعنوية تحت قدميه. وهكذا نشأت فكرة الصراع في العقلية الأوروبية وأصبح الإنسان الأوروبي يرى في حياته ميداناً واسعاً للصراع مع كل من يدور من حوله حرصاً على أن لا يفوته شيء من حقه في اللذة والربح أو يكون نصيب الآخرين من ذلك أكبر من نصيبه وكان الاستعمار هو التعبير البارز عن هذه الفكرة.
وفي ضوء هذا التحليل الإسلامي للمشكلة الاجتماعية يقرر الإسلام علاجه لها. وهو إنهاء المفهوم المادي للحياة وإبداله بمفهوم إلهي يثبت القيم المعنوية كمحور له ويجعل القيم المادية متحركة حوله. فحيث لا سبيل لإزالة غريزة حب الذات لأنه يستلزم تغير خلق الإنسان فلا مناص من إيجاد مفهوم يغير من اتجاه هذه الغريزة ويحولها من غريزة تدفع بالإنسان إلى الصراع مع الآخرين لتوسيع دائرة حقه من اللذة والمنفعة على حساب حق الآخرين منهما إلى غريزة تحث الإنسان إلى الاجتماع مع أخيه الإنسان والتعاون معه والرأفة به والمحافظة على حقوقه. وليس ذلك إلا المفهوم الإلهي. ثم ينتقل السيد الشهيد إلى النقطة الثالثة ، وهي التي يعبر عنها برسالة الدين. فللدين رسالته الكبرى في حل المشكلة الاجتماعية المعاصرة، فهو وحده القادر على تقديم المفهوم الإلهي للحياة والكون وهو القادر على تركيز هذا المفهوم في ذهنية الإنسان ومن ثمَّ تربيته عليه.
وهكذا نجد أن الرسالة التي يقدمها الدين ليست هي أحكام الحلال والحرام بما هي تشريع لما هو حلال وما هو حرام. وإنما هي النظرة الخلقية للحياة ولذا فالمجتمع الذي لا تحيا في أعماقه هذه النظرة لا يمكن أن تسعفه القوانين الإسلامية المحددة في مجالات السياسة، والقضاء والاقتصاد والاجتماع وليس في ذلك تقليل من شأن هذه الأحكام فهي ضرورية لتنظيم الحياة الاجتماعية ولكننا نقول أن هذه الأحكام تفقد قيمتها بالنسبة إلى الحياة عندما لا يعيش الإنسان النظرة الخلقية للحياة.
الصورة الثالثة:
وهي الصورة التي يطرحها السيد الشهيد في كتاب اقتصادنا – القسم الأول – تحت عنوان {الإطار العام للاقتصاد الإسلامي}، وفيها يعالج نفس المشكلة ويصل إلى نفس النتيجة ولكن بأسلوب مختلف.
فيتحدث في البدء عن الإطار الديني للاقتصاد الإسلامي ويؤكد على أهميته، لا أهمية أحكام الاقتصاد الإسلامي فقط بما هي أحكام – في تحقيق النجاح للنظام الإسلامي بل يعتبر الضمان الأساس لتوفير المصالح الاجتماعية الحقيقية للإنسان.
ويباشر السيد الشهيد بحثه هنا بتقسيم مصالح الإنسان في الحياة إلى نوعين:
أولاً – مصالح طبيعية وهي التي يبتغيها الإنسان من الطبيعة.
ثانياً – مصالح اجتماعية وهي التي يبتغيها الإنسان من النظام الاجتماعي ولكي يوفر هذا الإنسان لنفسه كلا النوعين ينبغي عليه تحقيق شرطين أساسين هما:
إدراك تلك المصالح وسبل تحقيقها.
حضور الدافع الذاتي للسعي من أجلها.
بعد ذلك يتقل إلى ملاحظة مدى توفر هذين الشرطين عندما يتوجه الإنسان لتحقيق كلا النوعين من مصالحه فيبدأ بالمصالح الطبيعية ويبحث مدى توفر الشرطين في تحرك الإنسان نحوهما ثم يستنتج ((إن الإنسان ركب تركيباً نفسياً وفكرياً خاصاً يجعله قادراً على توفير المصالح الطبيعية وتكميل هذه الناحية عبر تجربته للحياة والطبيعة))[3].
بعد ذلك ينتقل إلى المصالح الاجتماعية، فيرى ((أن الإنسان لا يستطيع أن يدرك التنظيم الاجتماعي الذي يكفل له كل مصالحه الاجتماعية وينسجم مع طبيعته وتركيبه العام لأنه أعجز ما يكون عن استيعاب الموقف الاجتماعي بكل خصائصه))[4]، ومن هنا قام الدليل على ((حاجة الإنسانية إلى الرسل والأنبياء، بوصفهم قادرين على طريق الوحي على تحديد المصالح الحقيقية للإنسان))[5].
ولكنه يستدرك قائلاً:
((غير أن المشكلة في رأينا تبدو بصورة أكثر وضوحاً حين ندرس الشرط الثاني فإن النقطة الأساسية في المشكلة ليست هي كيف يدرك الإنسان المصالح الاجتماعية؟ بل إن المشكلة الأساسية كيف يندفع هذا الإنسان إلى تحقيقها وتنظيم المجتمع بالشكل الذي يضمنها؟ ومثار المشكلة هو أن المصلحة الاجتماعية لا تتفق في أكثر الأحايين مع الدافع الذاتي… فإن الدافع الذاتي الذي كان يضمن اندفاع الإنسان نحو المصالح الطبيعية للإنسانية لا يقف نفسه من مصالحها الاجتماعية))[6]. فالمشكلة إذن تكمن في التناقض القائم بين المصالح الاجتماعية والدوافع الذاتية ، وليتذكر القارئ أن هذه النقطة بالذات قد بحثها السيد الشهيد في مناقشته للمدرسة التجريبية في كتابه ((المدرسة الإسلامية)) ولكن بأسلوب مختلف.
ثم يطرح السيد الشهيد على البحث السؤال التالي:
هل للعلم أن يحل المشكلة وفقاً لمنهاجه الخاصة أم لا؟
ويجيب السيد الشهيد على ذلك بالنفي رادّاً بذلك على من يتصور أن العلم الذي خطى تلك الخطوات الجبارة لا تعجزه هذه المشكلة. وهو تصور ينم عن الجهل بوظيفة العلم.
فالعلم يكشف عن الواقع كما هو ويميط اللثام عن قوانين الكون والمادة ليستعين بذلك الإنسان على قضاء حاجاته المادية ولكنه عاجز عن البحث فيما ينبغي أن يكون. فعلم الاقتصاد مثلاً قادر على تقديم صورة عن القوانين الاقتصادية التي تسيّر العملية الاقتصادية في مجتمع من المجتمعات وهل أنها قوانين ناجحة أو فاشلة؟ ولكنه لا يستطيع أن يقدم العلاجات والحلول المطلوبة لمشاكل المجتمعات الرأسمالية أو النامية مثلاً، الذي يقدم ذلك أنما هو الفكر الاقتصادي أو المذهب الاقتصادي.
بعد ذلك يمر ناجحة بالماركسية وهل أنها قادرة على تقديم الحل لتلك المشكلة؟ مذكراً بالنتائج التي تمخض عنها بحثه في بداية الكتاب – أعني اقتصادنا – حول المادية التأريخية وكيف أنها قد انهارت أمام نقده الموضوعي ولذلك فهي عاجزة عن تقديم مثل هذا الحل وينتهي به المطاف أخيراً إلى النظام الإسلامي الذي يقدم الإطار الديني للحياة الإنسانية فينقذها من وحدة المفهوم المادي الذي تقدمه أوروبا للحياة والكون. كما مرَّ بنا سابقاً في الصورة الثانية.
تلك هي صورة من صور العبقرية الفذة لإمامنا الشهيد السيد الصدر حيث استطاع أن يعالج مشكلة من أعمق مشاكل الإنسانية المعاصرة بشكل مستوعب ومتجدد.
عبد الكريم سلمان
[1] مذاهب ومصطلحات فلسفية – محمد جواد مغنية / ص 218.
[2] في النظام الرأسمالي أربع حريات ، وهي: الحرية الفكرية ، الحرية الدينية ، الحرية السياسية ، الحرية الاقتصادية.
[3] اقتصادنا ط 13 / ص 319.
[4] ن. م.س
[5] ن. م.س / ص 320.
[6] ن. م.س / ص 322.