الموقف المعرفي الجديد
عالج فلاسفة اليونان وحكماء المسلمين الذين سيطروا على التفكير العقلي في الاسلام “مشكلة الاستقراء” بروح واحدة، كما عالجها حكماء اوروبا المحدثون على الاغلب بروح اخرى، ورغم تعدد الوان المعالجة والمحاولة ظلت نتيجة الدليل الاستقرائي احتمالية لا تتعدى الظن الى اليقين! حتى ورود “الصدر” هذا الميدان. لقد صدر الشهيد الصدر من هذا الميدان، خالصا الى عقم معالجة الارسطيين والتجريبيين معا لمشكلة الاستقراء، ثم اعلن نهاية عهده الاحتمالي، مدللا على يقينية الاستقراء.
لكن موضوع بحثنا ينصب على “المعرفة البشرية”، ولا يستقل في معالجة الدليل الاستقرائي منطقيا ورياضيا وفلسفيا.
من هنا، فليس بوسعنا ان نعرض بالتحليل ل”الاسس المنطقية للاستقراء” بوصفه دراسة شاملة، انما يعنينا من هذه الدراسة موقفها من المعرفة البشرية. لذا يتعين علينا بدءا ان نستل نظرية الشهيد الصدر في المعرفة من خلال كتابه ”الاسس المنطقية للاستقراء” استلالا، من دون ان نخرج عن خطة بحثنا، ومن دون ان نستلها موجزين ايجازا لا يفي بغرض البحث.
وينبغي ان ننوه بان الموقف المعرفي الجديد الذي طرحه الشهيد الصدر ينصب اساسا على المعرفة في طورها التصديقي، حيث تناول الدليل، وليس لهذا الطرح علاقة بالمعرفة التصورية.
اسس المدرسة العقلية في المعرفة البشرية يحسن بنا، قبل ان نعرض قصة المعرفة البشرية في ضوء “الاسس المنطقية للاستقراء”، ان نعرض النتائج والافكار التيانتهت اليها، وتبنتها المدرسة العقلية في قضايا المعرفة البشرية، حيث نسجل من خلال ذلك ما انتهى اليه “اصول الفلسفة” و”فلسفتنا” من اسس في هذا المجال:المعرفة البشرية معرفة واقعية، تكشف عن واقع موضوعي بفضل المبادى الاولية التي يتوفر عليها العقل البشري قبل التجربة، وان هذه المبادى الاولية اليقينية هي التي تمنح استدلالات العقل البشري اليقين، وبذلك تبتدى المعرفة منالكل، “وهو عبارة عن هذه المبادى الكلية العامة”، ومندون ان تنتهي المعرفة الى هذه المبادى لتستنبط بفضلها نتائجها لا يمكن الوقوف على صحتها والتيقن بها…
وهذه المعارف الاولية تنقسم الى قسمين رئيسين: احدهما ما هو شرط لكل معرفة بشرية، وهو مبدا الهوية الذاتية.والاخر ما هو شرط للحصول على بعض المعارف البشرية، كمبدا العلية، واستحالة ان يكون الاتفاق دائميا.
قصة “المعرفة البشرية”، في “الاسس المنطقية”، تبتدى من”مشكلة الاستقراء”، فهناك فجوة بين المفردات المستقراة، وبين الحكم العام، الذي يؤول اليه الاستقراء.
وقد حاولت مدارس المنطق المختلفة معالجة هذه الفجوة، تحت العنوان المتقدم: “مشكلة الاستقراء”.
كيف صح الانتقال من المفردات المحدودة في الاستقراء الناقص الى قاعدة وحكم شامل، يصدق على الواقع المستقرا، كما يصدق على ما عداه من مفردات لم تستقرا وهي قائمة، او انها ستقوم؟
لقد حدا هذا الاشكال بالمنطق الارسطي، بل بالمدرسة العقلية في المعرفة بعامة، الى البحث عن قاعدة حل، تعالج في ضوئها المشكلة. وقد اتت المدرسة العقلية على حل ينسجم مع مبادئها المعرفية التي تقدم استعراضها فانقذت الدليل الاستقرائي بسلاحها العتيد “المبادى الاولية”. وقالت: ان الاستقراء المنتج ليس انتقالا من الجزء الى الكل، لكي تطرح مشكلة الطفرة الاستقرائية، بل يعود في جوهره الى قياس منطقي، تتمثل كبراه في القاعدة العقلية الاولية:
“استحالة ان يكون الاتفاق دائميا”.
من هنا بدا “الاسس المنطقية للاستقراء” صراعه مع المدرسة العقلية، التي تبنى “الصدر” مبادئها كاملة في “فلسفتنا”.
لاحظ “الاسس المنطقية” ان القاعدة التي استشفع بها المنطق الارسطي في معالجة مشكلة الاستقراء ليست قاعدة قبلية، بل هي بدورها قاعدة استقرائية، يصح الركون اليها بعد التجربة، ولا يمكن الاعتماد عليها، من دون استقراء وتجربة، ومن ثم لا يصح استخدامها اداة لاثبات حقانية الدليل الاستقرائي.
وبذلك يطيح “الاسس المنطقية” بحجرة من البناء الذيشيدته المدرسة العقلية، والذي اسس عليه الشهيد الصدر في فلسفتنا. وهل يعني هذا ان الشهيد الصدر اضحى تجريبيا برفضه لاساس من اسس المنطق الارسطي؟
ان المخاض الفكري الذي مر به الشهيد الصدر، في عقده الرابع، وفي كتاب “الاسس المنطقية” بالذات، لا يجيز هذا التعجل في الاستفهام او الحكم. فالبناء المعرفي الذي اختاره الشهيد الصدر جديد على المدرسة العقلية، كما هو جديد على التجريبيين، وهو اعمق كثيرا من العجالة في الاحكام، ويستدعي صبر الباحثين، بغية ان يتم فهمه واستيعابه!
ان “مشكلة الاستقراء”، لا تنتهي بالاستعانة بالمبدا العقلي المتقدم فحسب، فالمبدا العقلي المتقدم يعالج صوريا مشكلة الطفرة، فيضع الاستقراء في قالب قياس منطقي مضمون النتائج في ضوء معالجة المنطق الارسطي، ولكنتبقى هناك مشكلتان لا بد من تجاوزهما قبل ذلك: اننا حينما نلاحظ ان الحديد يتمدد كلما سلطنا عليه الحرارة نستنتج ان الحرارة سبب لتمدد الحديد، ولكي ننتقل الىالقاعدة: “كل حديد يتمدد بالحرارة”، علينا اولا: ان نثبت ان التمدد بوصفه حادثا بحاجة الى علة، والا فمن الممكن ان يكون تمدد الحديد حادثا بلا سبب، ولا علاقة للحرارة بتمدده سوى الاتفاق المطلق.
وعلينا ثانيا: ان نتاكد من استبعاد امكان تسلط الحرارة على الحديد، من دون ان يتمدد في بعض الحالات.
ثم تطرح، بعد ذلك، المشكلة الثالثة، وهي: من قال لكم ان اقتران التمدد بتسلط الحرارة على الحديد ليس امرا اتفاقيا، لاعلاقة له بكون الحرارة سببا لتمدد الحديد؟
عالج العقليون المشكلتين: الاولى والثانية على اساس مبدا العلية، ثم وضعوا الاستقراء في قالب القياس بمعالجة المشكلة الثالثة، كما اشرنا.
اما المدرسة التجريبية فازمتها مع المشكلات الثلاث ازمة حادة، اذ انها رفضت كل معرفة قبل التجربة والاستقراء، فانى لها من معالجة “مشكلة الاستقراء” بعد ذلك؟
لقد اتى التجريبيون على معالجة مشكلة الاستقراء، وتنوعت حلولهم، تبعا لتطور المدرسة التجريبية، وقد جاءت جميعهذه المعالجات من دون ان تقر بمبدا العلية في تفسيره العقلي.
فالعقليون يرون “العلية” علاقة بين مفاهيم وفئات وليستعلاقة بين مفردات، وهي علاقة الضرورة، ولا يرى التجريبيون “السببية” الا علاقة مطردة بين الافراد. بل تتجه المدرسة العقلية الى اعتبار “مبدا العلية” معرفة عقلية اولية سابقة على التجربة والاستقراء.
وقد حاول بعض الفلاسفة العقليين اقامة الدليل على “العلية” بوصفها علاقة الضرورة بين الاشياء.
وعند هذه المحاولة، بدا الشهيد الصدر جولته الثانية مع المدرسة العقلية، حيث لم يكتم رفضه لدليلي “الاسفار”و”اصول الفلسفة” على فكرة الضرورة التي يتضمنها مبدا العلية في تفسيره العقلي، مشيرا الى ان الدليل الاستقرائي في ضوء الاسس والتفسير الذي طرحه له لا يحتاج الى اخذ مبدا العلية مصادرة، لا في تفسيره العقلي، ولا في تفسيره التجريبي، الذي اعتمده جون ستيوارت مل. واخيرا، وقف عند الاتجاه الاحتمالي في معالجة “مشكلة الاستقراء”، الذي اقام معالجته على اساس حساب الاحتمال.مشيرا الى عجز هذا الاتجاه ايضا عن الافادة السليمة من مبادى الرياضيات، التي سيعتمدها بدوره في معالجة مشكلة الاستقراء. ثم اتى حساب الاحتمالات، فثبت ما تعارف عليه الباحثون الغربيون من بديهيات لهذا الحساب، مدللا على عدم وفائها للسير بالدليل الاستقرائي باتجاه التصديق الاحتمالي بنتائجه، مضيفا بديهيات اخرى تعاضد البديهيات السالفة، لكي يقوم الاستقراء على سوقه. ثم امسك حساب الاحتمال ببديهياته التي اكتشفت له. ووفق التفسير الذي طرحه له، ليتخذ منه اداة في معالجة ”مشكلة الاستقراء”.
وقد انتهى الى ان الدليل الاستقرائي، اعتمادا على اساسه الرياضي، يمكن ان يبلغ بالحكم العام الى درجة تصديقية احتمالية عالية. وحتى هذه المرحلة من البحث دلل “الاسس المنطقية للاستقراء” على ان الدليل الاستقرائي يعتمد بديهيات قبلية هي:
ا بديهيات حساب الاحتمال.
ب الايمان القبلي بمبدا استحالة اجتماع النقيضين.
مضافا الى ذلك احتمال صحة المبدا العقلي في تفسير “العلية” وفقدان المسوغ القبلي لرفض ذلك المبدا.
واثبت ان مبدا استحالة التناقض، الذي تعده المدرسة العقلية الشرط الاساس لكل معرفة بشرية، شرط ضروري قبلي، لكي ينمو العلم بنتيجة الاستقراء والتجربة. والا فلا امكان مع
الايمان بامكان اجتماع النقيضين لاي نمو في حساب احتمالات القضية المستقراة.
كما ان الموقف السلبي المسبق من التفسير العقلي للسببية يفضي الى تعطيل الدليل الاستقرائي عن نموه الاحتمالي، وبذلك سجل اول انتصار للمدرسة العقلية واول دفاع عنها بسلاح المذهب التجريبي نفسه.
كما اثبت، ايضا، ان احتمال مبدا العلية، في تفسيره العقلي، ينمو في كل تجربة واستقراء بالدرجة التي تنمو فيها القضية المستقراة، ومن ثم يمثل اعلى درجات التصديق الاحتمالية، التي تتمتع بها التجارب البشرية المجمع على صحتها. وبعد ان انتقل، في مرحلة لاحقة، بالدليل الاستقرائي من مرحلته الاحتمالية الى مرحلة اليقين من خلال دراسة علمية مجهدة اتى على تحليل الموقف من المعرفة البشرية في ضوء ما سماه “المذهب الذاتي” مقابل المذهبين: التجريبي والعقلي. المعرفة البشرية في ضوء المذهب الذاتي تجدر الاشارة، مرة اخرى، الى اننا نعرض النتائج التي آل اليها بحث “الاسس المنطقية للاستقراء” من دون ان نباشر الحديث عن هذا البحث العلمي، تاركين المجال امام من اراد، قناعة او تقويما لهذه النتائج، لكي يعود الى قراءة كتاب “الاسس المنطقية” عله يتفاهم مع هذه الدراسة، ويطلع على الاساس الذي انطلقت في ضوئه النتائج التي نعرضها، فيقيم قناعته على بينة، او يرفض بدليل!
ما المانع من ان نضع نتائج “الاسس المنطقية” في الاطار الذي رسمه الشهيد “مطهري” لبحث المعرفة البشرية في مشكلاتها الثلاث، والذي طرحته موسوعة الدكتور بدوي ايضا، عسى ان يسهم هذا الوضع في انسجام مرحلتي المقارنة في بحثنا القائم؟ 1 قيمة المعرفة تكشف المعارف البشرية عن الواقع الخارجي، وتتطابق مع هذا الواقع، وهذه ليست النتيجة الجديدة التي اتى بها كتاب”الاسس المنطقية للاستقراء”، بل هي ما ادعته المدرسة العقلية عينه، وهي الاتجاه الذي تبناه كتاب “اصول الفلسفة”وكتاب “فلسفتنا”، كما لا تتعارض مع الموقف المبدئي الذي تتبناه جميع الاتجاهات الواقعية في تفسير قيمة المعرفة البشرية، بما فيها المادية الجدلية. انما الجديد في “الاسس المنطقية” هو انه اكتشف سبيلا مبتكرا لاثبات موضوعية المعرفة البشرية، والتدليل على الواقع الخارجي، كما استخدم السبيل نفسه في اثبات التطابق والتماثل بين محتوى المعرفة والواقع.
وكان سبيل “الاسس المنطقية” الى ذلك هو الدليل الاستقرائي نفسه.
وقد عجزت المدارس الواقعية، كالماركسية، عن اقامة الدليل على واقعيتها، ولم نجد، في حدود تتبعنا، في ادبيات الفكر الماركسي، الا محاولة كتبها بعض المفكرين السوفييت على هامش بعض بحوثهم.
وقد قال الشهيد الصدر عن المشروع الذي طرحه لاثبات موضوعية الواقع والمعرفة انه اول محاولة في تاريخ الفكر البشري، حيث ان مشروعه جديد غاية الجدة. والا فاننا وجدنا في فكر “صدر المتالهين” ما يدلل على ان “الشيرازي” استدل على موضوعية المعرفة البشرية، وواقعية المدرك بالدليل الاستقرائي نفسه، حيث يقول: “فالحواس او النفس الحساسة، بما هي حساسة، ليس لها علم بان للمحسوس وجودا في الخارج، انما ذلك مما يعرف بطريق التجربة”((105)). ويقول ايضا: “اذا حملت شيئا ثقيلا فانما تحس بالثقل وتنفعل عن الثقل فقط، واما ان هذه الكيفية قد حصلت بسبب جسم ثقيل في الخارج، فذلك ليس ادراكه بالحس، ولا بالنفس في ذاتها، بل بضرب من التجربة” ((106)). وقد قلنا فيدراستنا عنالادراك: ان بذور المحاولة العملاقة التي دبجها “الاسس المنطقية” ، موجودة في كلمات “صدر الدين الشيرازي “واستشهدنا بالنص المتقدم، غير ان السيد الشهيد كما اشرنا آنفا لم يرتض هذا الاستشهاد، واعترض بقوله لي: “انهم يعنون من التجربة معنى آخر…” وسواء اكانت لهذه المحاولة بذور في عمق تاريخ الفكر الفلسفي الاسلامي ام لم تكن لها، فهي محاولة في غاية الابتكار والخطورة، حيث اعتمدت تفسيرا صدريا للدليل الاستقرائي، وحيث انها تناولت اخطر قضايا الفكر البشري والمعرفة البشرية.
2 مصدر المعرفة : قلنا ان “الاسس المنطقية للاستقراء” لم يتعرض للمعرفة التصورية في عرض دراسته، ويبدو لي ان ما تبناه الشهيد الصدر، في “فلسفتنا”، من موقف ازاء مصدر التصور البشري، لم يعرض عليه لاحقا اي تغيير اساسي. اذن ينصب البحث هنا على مصدر المعرفة التصديقية. يمكن ان نلخص موقف “الاسس المنطقية” من هذه المشكلة في النقاط الاتية:
أ. ان المعرفة البشرية تبتدى من معارف قبلية، تسبق التجربة والاستقراء، ويعتمدها الاستقراء، وهي عبارة عن بديهيات حساب الاحتمال، ومبدا استحالة التناقض. ومن دون الانطلاق من هذه البديهيات تفقد التجربة والاستقراء مسوغهما على ارض المعرفة.
ب. ان المعرفة البشرية، في سيرها التكاملي، لا تتوقف على ما سوى المصادرتين السابقتين بديهيات حساب الاحتمال، مبدا استحالة اجتماع النقيضين من مبادى قبلية.
ج. ان جملة من القضايا التي عدها الاتجاه العقلي مبادى عقلية قبلية، هي في واقعها مبادى وقواعد مستدلة في ضوء الدليل الاستقرائي.
د. ان جميع المبادى التي عدها الاتجاه العقلي في المعرفة مبادى اولية قبلية، يمكن اثباتها بالدليل الاستقرائي، سواء كانت قبلية في واقعها ام لم تكن.
ه. ان المعرفة البشرية لا يتحتم ان تسير من الكل الى الجزء، بل يعتمد نمو المعرفة في الاعم الاغلب السير من الجزء الى الكل، وتكتسب اليقين على اساسها بلوغها اعلى درجات التصديق الاحتمالية، وفي ضوء طبيعة تركيب الذهن البشري الاعتيادي.
ومن هنا لا يتحتم ان يكون نمو المعرفة قائما على اساس التلازم الموضوعي بين المعرفة المقدمة والمعرفة النتيجة.
3 حدود المعرفة : في ضوء قياس قدرة المدرسة التجريبية على تفسير قضايا المعرفة البشرية المختلفة، وفي ضوء تقويمه لمعنى القضية في ما سماه “المنطق الوضعي” ((107))، احكم الاساس الذي انطلقت منه “فلسفتنا” في الاعتراف بجدارة العمل الفلسفي خارج اطار التجربة والمعطيات الحسية، وبذلك اباح عمل الميتافيزيقيا، واحتفظ للفلسفة بكيانها، ولكن على اساس المنطلقات التي تتبناها المدرسة العقلية. غير ان في كتاب “الاسس المنطقية” شيئا جديدا، حيث انه استخدم الدليل الاستقرائي وسيلة اثبات في اخطر قضايا الميتافيزيقيا (وجود اللّه). ودل على ان الدليل الاستقرائي، الذي يمثل المسوغ المنطقي لجميع قضايا العلوم، يثبت ”وجود اللّه” بالطريقة التي يثبت بها تلك القضايا. وبذلك اعار المدرسة العقلية سلاح خصمها اللدود (التجريبيون) فتاكد ان المعرفة العلمية بمعناها الاشمل لا تنحصر في اطار المعطى الحسي، بل تتجاوز هذا الاطار، وتستحق قضايا الميتافيزيقيا الحياة.
كلمات تنبى بتحول كبير :
ويخيل الي ان يد القدر لو لم تعالج المعلم الشهيد بالقتل لكان منه الجديد في هذا المضمار: “حقل نظرية الوجود وابحاث الميتافيزيقيا في الفلسفة الاسلامية”. فقد كان يتحفظ على كثير من آراء السلف، ورغم تحفظه العام تسربت، على لسانه الكريم، اسرار تطلقها كلمات موجزة، اصغى اليها بعض المقربين من طلابه، تنبى بتحول كبير سيطرا على نظرية الوجود، وابحاث الميتافيزيقيا، وقد كان السيد الشهيد في خيفة وتردد، وهو على اعتاب طرح هذا التحول. ولعل العقل لم يبلغ الرشد الكافي لقبول تلك الافكار، فقدر رب العقل لتلك الافكار ان تلحق في عالمه، وبقيت نفوس مخلصة تتوق اليها، عسى ان يحدث اللّه بعد ذلك امرا!
السيد عمار ابو رغيف