يا ابن حزن الفرات

كنتَ فرداً وما شكوتَ انفرادا***يا غريباً مدَّ الجراحَ بلادا

عاقداً صوتَك المهيبَ جناحاً***فوق ضوضاءِ خطوِنا يتهادى

رائداً ما كذبتَ قومَك لكنْ***كان فينا من لا يريُد ارتيادا

فإذا نحن بين هذا وهذا***قِسَمٌ ليس تستطيع اتحادا

والرشادُ الذي إليه دُعينا***قد ضللناه حين زدنا رشادا

رُحْ إلى موتِك العظيمِ شهيداً***ليس فينا من يبتغي استشهادا

غير إنّا لمّا افتضحنا عرينا***فلبسنا عليك ثوباً حِدادا

مُدَّ كفَّيكَ للربيع نجادا***وامنح الشمسَ روحَك الوقّادا

واكتمل فوق دارة الأفق جرحاً***نُسِجَت حوله النجومُ ضمادا

واشتمل بردة الحتوف أمانا***من حياة في غيِّها تتمادى

أنت والموت صاحبان استزادا***بوح قلبيهما هوىً وودادا

وأرادا على الزمان خلوداً***أبدياً فكان كيف أرادا

ياابن حزن الفرات ياألف وعد***رَدَّ فينا أحزاننا واستعادا

أتعبتنا أهواؤنا ، والليالي***مَسَخَتْ جمرَنا الغَضوبَ رمادا

فإذا نحن والخطوبُ جميعٌ***حولَنا ، ننتمي اليك فرادى

أيها الواهبُ المسيرةَ حشداً***من جراحاته استزِدْها احتشادا

والتمس للدم المدوّي فضاءاً***يَسَعُ الكونَ والفضاء امتدادا

إنّ سبعاً سرنا بهنّ عجافاً***بعد عينيك زدن سبعاً حصادا

لم نزل وانتفاضة الأمس فينا***صبيةٌ تُشمِخُ الأنوفَ عناداً

فاذا ما الرصاص أبطأ شوطاً***قبل أن يوصل الهوى بغدادا

شدّنا للمشانق الغرّ دربٌ***فحملنا ضلوعنا أعوادا

الشاعر السيد محيي الدين الجابري