معالم التجديد في فكر السيد الصدر

نزيه الحسن

١_ نبذة عن حياته

هو حسين العلماء وعالم الحسينيين، ثورة الفكر الإسلامي المعاصر التي ما يزال وضيئاً نورها ينتشر ويمتد، أبوجعفر محمدباقر بن السيد حيدر بن السيد إسماعيل الصدر، مولده ونشأته واستشهاده في العراق، ويعود في أصله إلى قرية (معركة) في عامل، الجبل الذي (يحبنا ونحبه).[1]

ولد في الكاظمية ۔ العراق في 25 ذي القعدة عام 1353هـ / 2 آذار 1935م.

وهاجر إلى النجف لطلب العلم عام 1365هـ.

1_ 1_ تحصيله العلمي

أنهى تحصيلاته الأصولية عام 1378هـ.

أتم تحصيلاته الفقهية عام 1379هـ.

مدة تحصيلاته العلمية كاملة حوالي سبع عشرة أو ثماني عشرة سنة[2]، وكان يستثمر منها كل يوم ست عشرة ساعة للتحصيل العلمي.

بدأ بتدريس الأصول عام 1378هـ. وأنهى الدورة الأولى عام 1391هـ.

بدأ بتدريس الفقه عام 1381هـ.

1_ 2_ أساتذته

تتلمذ على يد:

۔ العلامة السيد محمدرضا آل ياسين (خاله) المتوفى عام 1370هـ.

۔ العلامة السيد أبي القاسم الخوئي.

1_ 3_ استشهاده

قضى شهيداً في نهاية فترة اعتقاله الرابع[3]، وتم دفنه في النجف، في 23 جمادى الأولى 1400هـ / 8_9 نيسان 1979م.

2_ تأليفه

2_ 1_ المطبوعة

  1. فدك في التاريخ، طبع سنة 1374هـ.
  2. غاية الفكر في علم الأصول، طبع منها جزء واحد سنة 1374هـ.
  3. فلسفتنا، طبع سنة 1379هـ / 1960م.
  4. اقتصادنا، طبع في مجلدين سنة 1381هـ.
  5. المعالم الجديدة للأصول، طبعت لكلية أصول الدين سنة 1385هـ.
  6. الأسس المنطقية للاستقراء، طبع سنة 1391هـ.
  7. البنك اللاربوي في الإسلام، طبع قبل الأسس المنطقية للاستقراء.
  8. المدرسة الإسلامية، طبع سنة 1393هـ / 1973م.
  9. بحوث في شرح العروة الوثقى، ألّف منها أربعة أجزاء، وكان تاريخ الطبعة الأولى لأول جزء منها سنة 1391هـ.
  10. دروس في علم الأصول، في ثلاث حلقات، والحلقة الثالثة منها في مجلدين، طبعت سنة 1397هـ / 1977م.
  11. بحث حول المهدي(ع)، وهو مقدمة لموسوعة عن المهدي كتبها السيد محمدالصدر، طبع سنة 1397هـ / 1977م.
  12. بحث حول الولاية، وهو مقدمة لكتاب (تاريخ الشيعة الإمامية وأسلافهم) للدكتور عبدالله فياض، طبع سنة 1397هـ / 1977م.
  13. الإسلام يقود الحياة، ألّف منه ست حلقات. طبع سنة 1399هـ / 1979م.
  14. بحث في المرجعية الصالحة والمرجعية الموضوعية.
  15. الفتاوى الواضحة، الطبعة الثانية مضافاً إليها:

۔ المقدمة: موجز في أصول الدين (المرسل، الرسول، الرسالة).

۔ والخاتمة: نظرة عامة في العبادات.

طبع عام 1397هـ / 1977م.

  1. مقالات متفرقة في افتتاحيات مجلة الأضواء تحت عنوان (رسالتنا) وقد صدرت في كتيّب مستقل يحمل الاسم نفسه.
  2. أهل البيت؛ تنوّع أدوار ووحدة هدف، وهو ثلاث عشرة محاضرة ألقيت في تفسير مواقف أئمة أهل البيت(ع).
  3. المدرسة القرآنية، وقد طبع هذا الكتاب بعد تفريغه من أشرطة تسجيل صوتية قُيدت بها أربع عشرة محاضرة، الأخيرة منها وعظية، بينما تدور الثلاث عشرة الأولى حول:
  4. التفسير الموضوعي والتفسير التجزيئي في القرآن الكريم.
  5. السنن التاريخية في القرآن الكريم.
  6. عناصر المجتمع في القرآن الكريم.

وهي تغطّي المرحلة من يوم الثلاثاء 17 جمادى الأولى 1399هـ/1979م. إلى يوم الأربعاء 5 رجب 1399هـ / 1979م. طبعت ثانية عام 1401هـ / 1981م.

2_ 2_ غير المطبوعة (المخطوطة)

  1. تعليق على رسالة عملية للسيد محسن الحكيم المسماة بـ(منهاج الصالحين).
  2. تعليق على صلاة الجمعة من الشرائع.
  3. تعليق على رسالة عملية للسيد محمدرضا آل ياسين المسماة بـ(بلغة الراغبين) علّق عليها وهو في السابعة عشرة من عمره، وفي هذا العمر كتب فدك (فدك في التاريخ).
  4. تعليق على (مناسك الحج) لأستاذه العلامة السيد الخوئي.
  5. موجز في أعمال الحج.

2_ 3_ المفقودة

  1. كتاب فلسفي معمّق ومقارن بين آراء الفلاسفة القدامى والفلاسفة الجُدد.
  2. بحث في تحليل الذهن البشري، لكنه لم يتمّه.

وقد كتبها الصدر مرتين: مرة بمداد العالم النحرير، ومرة بدم الشهيد البار.

3_ منهجه

تتألف السمات العامة (للمنهج الصدري) مما يلي:

  1. الوضوح المنهجي
  2. التتبع المنهجي
  3. اليقظة المنهجية
  4. رسم المعالم المنهجية
  5. الموضوعية
  6. التمييز المنهجي
  7. الالتزام المنهجي

وتحوي كل واحدة معه هذه السمات العامة، سمات جزئيةً تنضوي تحتها لتكوّن هذه السمات الجزئية ما يشبه أوجهاً في موشور السمة الواحدة، لتأخذ كل واحدة من السمات العامة مكانها في (هرم) الصدر البحثي.[4]

4_ أسلوبه

ونميّز فيه ناحيتين:

أ ۔ الشكل: كان أسلوبه سهل المتناول، حتى عندما كان يتناول أعوص المسائل وأشدّها تعقيداً. فهو يبدأ في كل موضوع من المفاهيم البسيطة نحو الصعبة فالأصعب، وبذا يساعده أسلوبه هذا على الوصول إلى القارئ العادي، والمتخصص على السواء.

ب ۔ المضمون: امتاز السيد الصدر من غيره من مفكّري المسلمين، أنه انتقل بالفكر الإسلامي من موقع دفاعي إلى موقع هجومي يطرح نفسه فكراً مستقلاً بين التيارين الرئيسيين اللذين كانا يسيطران على الساحة الفكرية العالمية آنئذ، وهما الفكر الرأسمالي، والفكر الماركسي.

فهو لم يكتفِ برد الهجمات والاتهامات التي كان يكيلها أعداء الإسلام له بشكل سلبي ۔السلب هنا بالمعنى المنطقي۔ بإظهار أن الإسلام ليس كذا وليس كذا؛ بل إنه طرح الفكر الإسلامي بديلاً حضارياً متميّزاً، بعد أن بيّن معالمه.. متخذاً من هذه المعالم نقاط انطلاق في هجوماته على الفكر المعادي، في خضم الصراع الفكري الذي كان يستعر أواره ولا يزال، وهذه هي الناحية الايجابية، والإيجاب هنا بمعناه المنطقي.

5_ نقاط التجديد في فكره

إن الناظر في (التراث الصدري) ليجد نفسه أمام طود علمي أشم، هو (في كل فن آية) وهذا ليس على صعيد الإحاطة (الجمعية) بهاتيك الفنون، وإنما على صعيد الإنشاء فيها والابتكار، الذي تناول حقولاً معرفية شتى، سواء على المستوى المذهبي (الفقهي)، أو الإسلامي، أو العالمي عموماً.

وتماشياً مع (المنهج الصدري) فإنني سأتكلم عن نقاط التجديد في فكره، لا وفق سمتها الفكرية العقدية (الأيديولوجية)، بل وفق مواضيع، تاركاً للقارئ بعدها أن يصنّف هذه النقطة، مذهبياً أو إسلامياً أو عالمياً.

5_ 1_ الاقتصاد

5_ 1_ 1_ التفرقة بين علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي

فرّق الصدر بين علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي كما يلي:

علم الاقتصاد: هو علم قوانين الإنتاج.

المذهب الاقتصادي: هو فن توزيع الثروة.

وكل بحث يتعلق بالإنتاج وتحسينه وإيجاد وسائله وتحسينها هو من علم الاقتصاد، وكل بحث يبيّن الثروة وتملّكها والتصرف فيها فهو بحث مذهبي، ومن النظام الاقتصادي وليس من علم الاقتصاد ولا يرتبط به، وإنما يرتبط بإحدى وجهات النظر في الحياة التي تتبناها المذاهب المختلفة من رأسمالية، واشتراكية، وإسلام.[5]

وبكلام آخر:

المذهب الاقتصادي: يشمل كل قاعدة أساسية في الحياة الاقتصادية، تتصل بفكرة (العدالة الاجتماعية).

وعلم الاقتصاد: يشمل كل نظرية تفسّر واقعاً من الحياة الاقتصادية بصورة منفصلة عن فكرة مسبقة أو مثل أعلى للعدالة.

ففكرة العدالة هي الحد الفاصل بين المذهب والعلم، والعلامة الفارقة التي تُميّز بها الأفكار المذهبية من النظرات العلمية؛ لأن فكرة العدالة نفسها ليست علمية، ولا أمراً قابلاً للقياس والملاحظة أو خاضعاً للتجربة بالوسائل العلمية (التجريبية)، وإنما العدالة تقدير وتقويم خلقي.

فأنت حين تريد أن تعرف مدى العدالة في نظام الملكية الخاصة، أو تصدر حكماً على نظام الفائدة التي تقوم على أساسه المصارف بأنه نظام عادل أو ظالم.. لا تلجأ إلى نفس الأساليب والمقاييس العلمية التي تستخدمها حينما تريد قياس حرارة الجو أو درجة الغليان في مائع معين؛ لأن الحرارة والتبخّر ظاهرتان طبيعيتان يمكن إخضاعهما للحس العلمي (التجريبي).

وأما العدالة فتلجأ في تقديرها إلى قيم خلقية ومثل عليا، خارجة عن حدود القياس المادي).[6]

5_ 1_ 2_ الإنتاج والتوزيع، مذاهب البحث فيهما اقتصادياً، والتقدم بتقسيم جديد

إن هناك من يعدّ المذهب مقتصراً على توزيع الثروة فحسب، فلا علاقة للمذهب بالإنتاج؛ لأن عملية إنتاج الحنطة أو النسيج مثلاً، تتحكم فيها القوانين العلمية، ومستوى المعرفة البشرية بعناصر الإنتاج وخصائصها وقواها، ولا تختلف عملية إنتاج الحنطة أو النسيج باختلاف طبيعة المذهب الاقتصادي.

فعلم الاقتصاد: هو علم قوانين الإنتاج، والمذهب الاقتصادي: هو فن توزيع الثروة، وكل بحث يتعلق بالإنتاج وتحسينه وإيجاد وسائله فهو من علم الاقتصاد، وذو صفة عالمية لا تتفاوت فيه الأمم تبعاً لاختلاف مبادئها ومفاهيمها الاجتماعية، ولا يختص به مبدأ دون مبدأ.

وكل بحث يبين الثروة وتملّكها والتصرف فيها، فهو بحث مذهبي، ومن النظام الاقتصادي وليس من علم الاقتصاد ولا يرتبط به، وإنما يرتبط بإحدى وجهات النظر في الحياة التي تتبناها المذاهب المختلفة من رأسمالية واشتراكية وإسلام.[7]

هذه هي النظرة العامة التي يصححها الصدر كما يلي:

وهذا الفصل بين العلم والمذهب ۔علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي۔ على أساس اختلاف المجال الذي يمارسه أحدهما عن مجال الآخر ينطوي على خطأ كبير؛ لأنه يؤدي إلى اعتبار الصفة المذهبية والصفة العلمية، نتيجتين لنوعية المجال المدروس: فإذا كان البحث في الإنتاج فهو بحث علمي، وإذا كان في التوزيع فهو بحث مذهبي. مع أن العلم والمذهب مختلفان في: طريقة البحث وأهدافه، لا في موضوعه ومجالاته.

فالبحث المذهبي يظلّ مذهبياً ومحافظاً على طابعه ما دام يلتزم طريقه وأهدافه الخاصة ولو تناول الإنتاج نفسه، كما أن البحث العلمي لا يفقد طبيعته العلمية إذا تكلّم عن التوزيع ودرسه بالطريقة والأهداف التي تتناسب مع العلم.[8]

5_ 1_ 3_ اكتشاف المذهب الاقتصادي الإسلامي

لقد كان الصدر سبّاقاً إلى عملية اكتشاف المذهب الاقتصادي الإسلامي، والتي هي عكس عملية التكوين التي نراها في المذاهب الاقتصادية الأخرى، ففي هذه الأخيرة تنطلق الأحكام المدنية من تصور واضح منذ البدء وفاقاً للأرضية المذهبية لهذا المذهب أو ذاك، حاملة معها إشعاع المذهب عليها بما يحقق بقاءها في انسجام وتوافق بين بعضها بعضاً من جهة، وبين الأصل المذهبي الذي انطلقت منه من جهة أخرى. فتكون العلاقة بينهما أن النظام المدني يكوّن طابقاً أعلى يقوم على طابق أسبق منه في البناء الاقتصادي الذي يمنحه المذهب اسمه.

أما في عملية الاكتشاف (في إلاسلام) فتغدو المسألة أعقد من هذا بكثير لينعكس الوضع في صيرورة البحث متّجهاً من الأحكام الفقهية التي تشكّل القانون المدني (والمالي منه)، والتي تحمل في ثناياها إشعاعات المذهب الذي يكوّن طابقاً أسبق منها، غير منظّر بوضوح كما هي الحال في عملية التكوين في المذاهب الاقتصادية غير الإسلامية.

وعناصر عملية الاكتشاف الذي مارسه الصدر، كما يلخّصها هو لنا:

  1. الأحكام الفقهية الإسلامية، وهي القانون التشريعي.
  2. والمفاهيم التي تشكّل جزءاً مهماً من الثقافة الإسلامية، وهي مجموعة الآراء التي تفسّر واقعاً كونياً أو اجتماعياً أو تشريعياً.
  3. عملية التركيب بين الأحكام في إطار المفاهيم.
  4. ذاتية الباحث واجتهاده من خلال التصاقه المباشر بالنص.

ونظراً لخطورة النقطة الأخيرة، يضع الصدر ضوابط لها، ويحدد أهم منابع خطرها في:

أ ۔ تبرير الواقع.

ب ۔ دمج النص في إطار خاص.

ج ۔ تجريد الدليل الشرعي من ظروفه وشروطه.

د ۔ اتخاذ موقف معين بصورة مسبقة تجاه النص.[9]

5_ 1_ 4_ دور النقد بين الإسلام والرأسمالية

دور النقد الأصيل هو دور المقياس العام للقيمة، والأداة العامة في التداول. ولكن النقد بعد ذلك لم يقتصر على أداء دوره وممارسة وظيفته في التغلب على صعوبات المقايضة ومشاكلها، بل استخدم للقيام بدور آخر طارئ لا يمتّ إلى التغلب على تلك الصعاب والمشاكل بصلة، وهو دور الاكتناز (بما يثيره من مشاكل).

وقد ظلّت الرأسمالية ردحاً من الزمن لا تدرك حقيقة هذه المشاكل التي تنجم عن دور الاكتناز الذي يمارسه النقد؛ انسياقاً منها مع نظرية التصريف التي تقول: إن الشخص عندما يريد بيع سلعة معينة لا يرغب في النقود ذاتها، بل للحصول على سلعة أخرى تشبع حاجاته، وهذا يعني أن إنتاج أية سلعة يخلق طلباً مماثلاً على سلعة أخرى فيتساوى العرض والطلب دائماً.

فالنظرية تفترض أن بائع السلعة يستهدف دائماً من ذلك الحصول على سلعة أخرى، مع أن هذا الافتراض إنما يصح في عصر المقايضة الذي تزدوج فيه عملية الشراء وعملية البيع، ولا يصدق على عصر النقد الذي يتيح للتاجر أن يبيع السلعة بقصد الحصول على المزيد من النقد وادّخاره واكتنازه؛ لأجل توظيفه بعد ذلك في عمليات القرض بفائدة.

وفي ضوء هذه المعلومات عن النقود ودورها الأصيل ودورها الطارئ ونتائجهما، نستطيع أن ندرك الاختلاف الجوهري بين الإسلام والرأسمالية.

فبينما تقرّ الرأسمالية استعمال النقد أداة للاكتناز وتشجّع عليه بتشريع نظام الفائدة، يحاربه الإسلام بفرض ضريبة على النقد المكتنز، ويحث على إنفاق المال في المجالات الاستهلاكية والإنتاجية.[10]

5_ 1_ 5_ إلغاء العنصر الربوي من الفائدة في البنك اللاربوي الإسلامي

قلنا في الفقرة السابقة: إن الإسلام يحارب الاكتناز وما يؤدي إليه، وهو الفائدة التي تمنحها البنوك الرأسمالية الربوية زبائنها.

ولطالما كان الوضع الاقتصادي الراهن يقتضي وجود بنوك في أي منظومة اجتماعية، ومن ضمنها المنظومة الإسلامية، فإن ذلك يتطلب وجود بنك إسلامي لاربوي، بما يطرحه من إشكالات فيما بينه وبين نظيره في الرأسمالية.

فما هو موقف البنك اللاربوي من الفائدة الرأسمالية؟

يقول الصدر محللاً:

وأما موقف البنك اللاربوي من الفائدة التي تتقاضاها البنوك الربوية على قروض عملائها منها، فيمكن توضيحه على أساس تحليل العناصر التي تتكوّن منها الفائدة من وجهة نظر الاقتصاد الرأسمالي.. فإن الاقتصاديين الرأسماليين يقدّرون عادة أن الفائدة تتكوّن من عناصر ثلاثة:

الأول: مبلغ يفترض في كل فائدة لأجل التعويض عن الديون الميتة، فإن البنك يقدّر ۔ على أساس إحصاءات سابقة ۔ أن نسبة معينة من الديون تظل دون وفاء، فيعوّض عنها بذلك.

الثاني: مبلغ يفترض تغطية لنفقات البنوك التي يستهلكها دفع أجور الموظفين ونحو ذلك.

الثالث: الربح الخالص لرأس المال.

أما العنصر الأول: فقد يستغني عنه البنك اللاربوي بتوسيع نطاق الائتمان العيني والتقليل من الائتمان الشخصي، وعدم قبوله خارج الحدود التي تتوفر فيها الثقة الكاملة الكفيلة بعدم ضياع الدَين.

وإذا لم يكن الاستغناء عنه بذلك وكان لابد من إبقاء الديون الميتة في حساب البنك اللاربوي بوصفها أمراً واقعاً لا محالة رغم كل المحاولات والجهود، فبالإمكان الاستفادة من فكرة التأمين على الديون والقروض؛ لأن شركات التأمين كما تؤمّن على الأموال العينية كذلك قد تؤمن على الأموال المقترضة.

وأما العنصر الثاني: فيمكن للبنك المطالبة به وتخريجه فقهياً يقوم على أساس الأمر شرعاً بكتابة الدَين، وبإمكان الكاتب أن يأخذ أجرة على الكتابة؛ لأنها عمل محترم، فله أن يمتنع عن الكتابة مجّاناً.

كما أن بإمكان الدائن أن يمتنع من تحمّل هذه الأجرة، فيتحملها المدين توصلاً إلى القرض، وعلى هذا فيصح للبنك أن يشترط في إقراضه عميله دفع أجرة معقولة (أجرة المثل) في مقابل تسجيل الدَين وضبط حساب العميل.

ولا يُدخل البنك اللاربوي في كلفة القرض ۔التي يطالب المدين بأجرها۔ كلفةَ الحصول على الودائع التي تدخلها البنوك الربوية في حساب الكلفة، وتريد بها الفوائد التي تدفعها للمودِعين وما شابه.

وأما العنصر الثالث: من الفائدة ۔الذي يمثّل الربح الخالص لرأس المال الربوي۔ فيلغى إلغاءً تاماً في تعامل البنك اللاربوي مع المقترضين.

ولكن يمكن للبنك اللاربوي أن ينتهج سياسة خاصة بصدد ما يلغيه ويتعفف عنه من عناصر الفائدة؛ أي العنصر الأول والعنصر الثالث.

وتقوم هذه السياسة على أساس أن البنك يشترط على كل مقترض أن يقرضه لدى الوفاء مقداراً يساوي مجموع العنصرين اللذين ألغاهما من الفائدة بأجل يمتد إلى خمس سنوات مثلاً، وليس في ذلك أي مانع شرعي؛ لأنه ليس من الربا.

ويمكن إنجاز الشرط بصورة يصبح فيها ملزماً للمشترط عليه، وبذلك يحصل البنك على كمية مساوية لما ألغاه من عناصر الفائدة الربوية، ولكنه لا يعدّ نفسه مالكاً لها دون مقابل؛ وإنما هو مدين بها لعملائه، غير أنه دَين لا يطالب به إلى أجل طويل.

وهذا يتيح للبنك اللاربوي أن يودع تلك الكمية في البنوك التي يسوّغ لنفسه أخذ الفائدة منها ويتقاضى الفوائد عليها[11] من تلك البنوك طيلة خمس سنوات مثلاً، وكلما حلّ الأجل المحدّد سحبه وأعاده إلى العميل الذي أخذه منه وفاء لدَينه.. وبهذا الأسلوب يتفادى البنك الرزق المحرّم المتمثل في امتلاك الفوائد الربوية أرباحاً لرأس المال، ويوفّر له شيئاً من الأرباح ويمكنه من الإيداع لدى جملة من البنوك الأخرى، الأمر الذي يحرص عليه البنك عادة.

كما أن هذا الأسلوب لن يرهق المقترضين الذين ألفوا التعامل مع البنوك الربوية، فإن دفع مقدار الفائدة هو الشيء المفروض في الواقع المعاش، بل إنهم سوف يُتاح لهم أن يسترجعوا ما دفعوه باسم قروض حين حلول الأجل.[12]

5_ 2_ فلسفة التاريخ

وفي هذا الحقل نرى إنجازات الصدر المتمثلة بالمفاهيم التالية:

5_ 2_ 1_ خصائص السنة التاريخية وأشكالها في القرآن الكريم

للسنة التاريخية ثلاث خصائص هي:

أ ۔ الاطراد[13]: أي أنها قانون موضوعي لا يتخلف في حالات سير الطبيعة سيراً عادياً.

ب ۔ الربانية[14]: فهي ذات طابع غيبي مرتبط بالله تعالى، وكونها كذلك لا ينفي عنها موضوعيتها، ولكن هذا الطابع يربطها بالنظرة الإيمانية.

ج ۔ حرية الإنسان واختياره[15]: ضمن مفهوم ربانية هذه السنّة، وكونه هذه الحرية لا تصطدم بإرادة الله من جهة، وغير بديل لها من جهة ثانية.

ولهذه السنة التاريخية أشكال ثلاثة أيضاً هي:

الأول ۔ القضية الشرطية[16]: التي تربط ما بين حادثتين اجتماعيتين. ولم يتكلم القرآن عن هذا الشكل من السنة التاريخية بالربط بين الحادثتين وجوداً وعدماً، وإنما تكلم عن حدوث الثانية متى ما حدثت الأولى.

الثاني ۔ القضية الفعلية الناجزة الوجودية المحققة:[17]

وهذا الشكل يقوم حداً وسطاً بين إهدار اختيار الإنسان وبين إبطال حريته، إذا ما أخذ الشكل الأول بالاهتمام، في أن الشرط فيه (هو إرادة الإنسان واختياره).

الثالث ۔ المصاغة على صورة اتجاه طبيعي في حركة التاريخ لا على صورة قانون حدّي صارم،[18] وهي قابلة للتحدي من قبل الإنسان ۔ بما تمتلك من مرونة ۔ ولو لشوط قصير، وليس كذلك القانون الحدّي الصارم (العلمي التجريبي).

ومن هذا القبيل، فالدين سنة التاريخ، ولكنه قد يطاع وقد يعصى.

5_ 2_ 2_ مفهوم المركّب الحضاري للأمة

والمركب الحضاري لأمة هو وجهة نظر معينة تميز هذه الأمة، تجاه الكون والحياة وفلسفة خاصة تصوغ على أساسها معالم حضارتها ونهضتها وتنظيمها الاجتماعي.

وعوامل هذا المركب عند إنسان العالم الإسلامي هي:

أ ۔ النظرة إلى السماء: (اتصال ما بينه وبين ربه) ونتائجها الإيجابية.

ب ۔ التحديد الداخلي والرقابة الغيبية.

ج ۔ الإحساس بالجماعة ۔ وهي هنا أمته الإسلامية ۔ والارتباط بها.

يقابلها عند الأوربي:

أ ۔ نظرة إلى الأرض دوماً (عقيدة ومبادئ).

ب ۔ استقلاليته الفردية ومركزية ذاته (فكرة الحرية بمفهومها الغربي).

ج ۔ فكرة الصراع.[19]

5_ 2_ 3_ دور العوامل والمؤثرات في الرسالة الإسلامية

إن الرسالة الإسلامية السمحة تقوم في أساس تفسيرها على الوحي.

(ولا يعني تفسير الرسالة على أساس الوحي والإمداد من السماء، بدلاً عن العوامل والظروف المحسوسة، إلغاء هذه العوامل والظروف عن التأثير نهائياً، بل إنها مؤثرة وفقاً للسنن الكونية والاجتماعية العامة، ولكن تأثيرها إنما هو في سير الأحداث، ومدى ما ينجم عنها من مؤثرات لصالح نجاح الرسالة أو لإعاقتها عن النجاح.

فالرسالة ۔محتوىً۔ حقيقة ربانية فوق الشروط والظروف المادية.

ولكنها بعد أن تحوّلت إلى حركة، إلى عمل متواصل في سبيل التغيير، يصبح بالإمكان ربطها بظروفها وما تكتنفها من ملابسات وأحاسيس).

فشعور الإنسان العربي بالتمزق والضياع، وشعور البائس الكادح في المجتمع العربي بالظلم والتعسف من قبل المرابين المستغلّين، والشعور القبلي إن بين قبائل قريش أو بين عرب جنوب الجزيرة تجاه شمالها، وظروف العالم المتداعي، وأحوال الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية على المسرح الدولي وقتئذ واشتغالهما بنفسيهما، كل ذلك ساعد على إنجاح الرسالة، ولكنه إنما يفسّر الأحداث، ولا يفسّر الرسالة نفسها.[20]

5_ 2_ 4_ جدل الإنسان

ويعدّ هذا المفهوم فتحاً رائعاً في فلسفة التاريخ العامة من جهة، وفي تطوير هذا المفهوم (مفهوم الجدل) ليصبح مفهوماً إسلامياً من جهة أخرى.

وجدل الإنسان من الوجهة الإسلامية، أو الجدل الإسلامي، كما يعرّفه الصدر:

هو الجدل المخبوء في محتوى الإنسان الداخلي، ذلك هو التناقض الرئيسي الذي يفرز دائماً وأبداً صيغاً متعددة من التناقض.[21]

وإذا ما أردنا أن نحلّل هذا الجدل لنرى ملامحه وتميزه عن الجدل الطبقي الماركسي، وجدنا فيه الميزات التالية:

أ ۔ النقيضان لا يزولان، بل لابد من غلبة أحدهما على الآخر في مسيرة الظاهرة المطّردة (الخير والشر) تطبيقاً لسنة التدافع الكونية: <وَلَوْلاٰ دَفْعُ اللهِ النّٰاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوٰامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوٰاتٌ وَمَساجِدُ..>.[22]

ب ۔ الجدل الإسلامي يتناول المفهوم الكوني كله، وليس فقط الظاهرة الإنسانية (لا شيء خيرٌ في ذاته، ولا شيء شرٌ في ذاته).

ج ۔ يرتكز الجدل الإنساني في الإسلام على الإنسان كله لا على الناحية الاقتصادية وحسب.

د ۔ ليس الصراع هو محرّك الجدل الإسلامي، بتغليب أحد الطرفين على الآخر مرحلياً، وإفنائهما معاً أخيراً، بل سبب وجود الطرفين هو التوازن لا التناقض، إذا ما كانت النسبة بينهما في مستواها السوي.

هـ ۔ يطال الجدل الإسلامي أشواق الإنسان الروحية، ولا يقف عنه الجانب المادي منه.

و ۔ إن الجدل الماركسي المادي يقضي على نفسه حينما لا يضع للتناقض حداً، ويأتي في ذلك بتساؤل مُلحّ ينتج عنه: ما هو النقيض للمجتمع الشيوعي النهائي؟

بينما يضع الجدل الإسلامي حلّاً لهذا، بتدخل ذات فاعلة، هي الله(عز)؛ لإيقاف هذا الاصطراع بين الخير والشر، لتنهيه لصالح الخير في نهاية المطاف.

ز ۔ مظاهر الصراع الإنساني فرداً وجماعة هي تجليات لأسماء الله تعالى، الذي خلق الإنسان خليفة له.

5_ 3_ المنطق

استطاع الصدر بإضافة بدهيتين، التقدم بنظرية جديدة في الاحتمال؛ ليقيم بذلك الاستقراء على أسسه المنطقية المتمثلة في نظرية الاحتمال الرياضية، وليسدّ ۔من ثم۔ الثغرة التي تسمّى منطقياً بـ(ثغرة الاستقراء) أو (قفزة الاستقراء) التي لم يفلح في تجاوزها أحد من المناطقة قبله، وليصلح نظريته المعرفة البشرية على أساس من نظريته الاحتمالية الجديدة (النظرية الصدرية) التي بسطها بسطاً وافياً في سفره المعرفي الرفيع (الأسس المنطقية للاستقراء)[23].

هاتان البدهيتان هما:

١. العلم الإجمالي.

٢. الحكومة.

وهما في أصلهما مقولتان خاصتان بعلم أصول الفقه، وفق مذهب أهل البيت(ع) واللتان نعرّفهما نحن هنا ۔متمشّين مع الناحية المنطقية التي وضعتا في سياقها۔ بما يلي:

العلم الإجمالي: هو علم بالتشكيك على مجموعة معينة إزاء أخرى، لتأليف قضية يكون عنصر المجموعة الثانية مصداقاً محتملاً لمفهوم العلم الإجمالي.

الحكومة: العدول عن أحد الدليلين متساويي الحجية ظاهرياً إلى الآخر لنكتة رجّحت هذا العدول.[24]

وقد كان لهاتين المقولتين شأن خطير في تأسيس (النظرية الصدرية للاحتمال) سواء أعلى المستوى المعرفي الإبستمولوجي أم على المستوى العملي الإمبريقي من حيث النتائج.

5_ 4_ العقائد

5_ 4_ 1_ مفهوم كون وجود آدم في الجنة بديلاً من مرحلة التربية

فقد كفل الباري سبحانه لآدم ۔الذي قدّر له أن يكون ممثّل الإنسانية الأول۔ في جُنينته الأرضية التي خلقه الله فيها، أن تكون دار حضانة له ولزوجه، توفّرت فيها كل وسائل الاستقرار، وكفل الله لهما كل الحاجات، وذلك في كونها ۔أي الجنينة۔ توفّر الجانب الإيجابي في التربية، أما الجانب السلبي من هذه التربية، فقد كان إثر الهزّة الروحية التي اجتاحت كيان آدم، حينما ارتكب معصيته، ليخلص منها إلى الحس بالمسؤولية عما يقترف.

والحس بالمسؤولية هو أقصى ما تطمح أن تغرسه أي مدرسة للتربية في نفس إنسانها، وإن كان هذا الحس في مسألة آدم مختلفاً لظرفه الاستثنائي (دون وجود أب وعائلة له تحتضنه منذ ولادته إلى اكتمال نشأته)، لكن تجربته في الجنة، التي كان فيها المربّي هو الله(عز)، وصلت بآدم ۔في جوهرها۔ إلى هدف التربية بشكل عام.

وذلك كله تمهيداً لدور الخلافة التي سيقوم بها آدم على الأرض بتكريم من الباري تعالى.[25]

5_ 4_ 2_ إضافة مبحث جديد إلى علم الكلام

وهذا المبحث هو الاستقراء، في دلالته على وجود الباري تعالى، ونبوة الرسول الأعظم(ص)، ففي حين كان يسود ساحة البرهنة على وجود الله تعالى دليلان هما ما يعرفان اصطلاحاً بـ(دليل الحدوث) و(دليل النظام والاختراع)، أضاف الصدر طريقاً آخر هو الدليل الاستقرائي.

ويتلخص دليل الحدوث بما يلي:

إن العالم ۔بما فيه۔ مؤلف من جواهر وأعراض.

والأعراض متلازمة مع الجواهر، وهي ۔الأعراض۔ متغيرة، وكل متغير حادث، إذن العالم حادث، ولما كان لابد لكل حادث من محدث، فهذا المحدث هو (الله)(عز).

أما دليل النظام والاختراع فخلاصته:

الكون منظّم، ولا يكون النظام دون علم، ولا يكون العلم دون حياة، ولا تقوم الحياة بنفسها (بما هي صفة) فلابد لها من ذات حية تقوم بها، وهذه الذات الحية هي (الله) سبحانه.

ودليل الصدر الاستقرائي الذي طبّقه على كل من العالم الطبيعي ووجود الباري تعالى[26] ونبوة الرسول الأعظم(ص) يضعه وفق خطوات خمس هي:

١. الخطوة الأولى: الملاحظة.

٢. الخطوة الثانية: الفرضية (التفسير المقترح).

٣. الخطوة الثالثة: دراسة نسب احتمال فرضيتنا والفرضية المعاكسة لها.

۴. الخطوة الرابعة: ترجيح صدق فرضيتنا.

۵. الخطوة الخامسة: ربط هذا الترجيح ۔الذي وصلنا إليه في الخطوة الرابعة۔ بضآلة الاحتمال ۔في الخطوة الثالثة۔ لاستنتاج اليقين.

5_ 5_ تفسير القرآن الكريم

5_ 5_ 1_ فكرة التفسير الموضوعي

تقوم فكرة الدراسة الموضوعية في القرآن الكريم، على طرح موضوع (من موضوعات الحياة العقائدية أو الاجتماعية أو الكونية، وتتجه إلى درسه وتقييمه من زاوية قرآنية، للخروج بنظرية قرآنية بصدده). وتتلخص هذه الطريقة في تفسير القرآن بإقامة حوارٍ عناصره هي:

  1. النص القرآني.
  2. الموضوع المطروح، والمراد النظر فيه، أياً كان عقيدياً أو اجتماعياً أو فكرياً، مُضاءً بتجارب الفكر الإنساني، وطروحات التطبيق التاريخي من إجابات ونقط فراغ.
  3. المحاور.

وذلك بغية تكوين نتائج ترتبط دائماً بتيّار التجربة البشرية؛ لأنها تمثّل المعالم والاتجاهات القرآنية لتحديد النظرية الإسلامية بشأن موضوع من مواضيع الحياة.

وتشكّل هذه الطريقة أسلوباً مقابلاً للتفسير التجزئيي، الذي يأخذ النص القرآني دون أي افتراضات أو طروحات مسبقة، محاولاً تحديد المدلول القرآني على ضوء ما يسعفه به اللفظ من القرائن المتصلة والمنفصلة.

فيكون النص هنا ۔في الطريقة التجزيئية۔ بمثابة المتحدث، والمفسر هو المصغي، الذي يكون دوره سلبياً.[27]

5_ 5_ 2_ معنى جديد للتأويل

ونرى هذا المعنى إضافة بارزة لما قال به المفسرون قبله.

ونحن إذا لاحظنا كلمة التأويل وموارد استعمالاتها في القرآن، نجد لها معنىً آخر لا يتفق مع ذلك المعنى الاصطلاحي الذي يجعلها بمعنى التفسير ولا يميزها عنه إلا في الحدود والتفصيلات، فلكي نفهم كلمة التأويل يجب أن نتناول ۔إضافة إلى معناها الاصطلاحي۔ معناها الذي جاءت به في القرآن الكريم.

وقد جاءت كلمة التأويل في سبع سور من القرآن الكريم:

إحداها سورة آل عمران، ففيها قوله تعالى: <هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتٰابَ مِنْهُ آيٰاتٌ مُحْكَمٰاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتٰابِ وَأُخَرُ مُتَشٰابِهٰاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مٰا تَشٰابَهَ مِنْهُ ابْتِغٰاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغٰاءَ تَأْوِيلِهِ>.

والأخرى سورة النساء، ففيها قوله تعالى: <يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً>.

والثالثة سورة الأعراف، ففيها قوله تعالى: <وَلَقَدْ جِئْنٰاهُمْ بِكِتٰابٍ فَصَّلْنٰاهُ عَلىٰ عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جٰاءَتْ رُسُلُ رَبِّنٰا بِالْحَقِّ>.

والرابعة سورة يونس، جاء فيها قوله: <بَلْ كَذَّبُوا بِمٰا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمّٰا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كٰانَ عٰاقِبَةُ الظّٰالِمِينَ>.

والخامسة سورة يوسف، جاء فيها قوله: <وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحٰادِيثِ>.

والسادسة والسابعة سورتا الإسراء والكهف، إذ جاءت فيهما كلمة التأويل على هذا المنوال أيضاً..[28]

وملاحظة ما عدا الأولى من الآيات ۔التي جاءت فيها كلمة التأويل۔ تدل على أنها كانت تستعمل في القرآن الكريم بمعنىً آخر غير التفسير، ولا نملك دليلاً على أنها استعملت بمعنى التفسير في مورد ما من القرآن.

والمعنى الذي يناسب تلك الآيات هو أن يكون المراد بتأويل الشيء، ما يؤول إليه، ولهذا أضيف التأويل إلى الردّ إلى الله والرسول تارة، وإلى الكتاب أخرى، وإلى الرؤيا، وإلى الوزن بالقسطاس المستقيم.

وهذا نفسه هو المراد ۔في أكبر الظن۔ من كلمة التأويل في الآية الأولى التي أضيف فيها التأويل إلى الآيات المتشابهة في قوله تعالى: <فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مٰا تَشٰابَهَ مِنْهُ اِبْتِغٰاءَ الْفِتْنَةِ وَ اِبْتِغٰاءَ تَأْوِيلِهِ وَ مٰا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ>. [29]

فتأويل الآيات المتشابهة ليس بمعنى بيان مدلولها وتفسير معانيها اللغوية، بل هو ما تؤول إليه تلك المعاني؛ لأن كل معنىً عام حين يريد العقل أن يحدّده ويجسّده ويصوّره في صورة معينة، فهذه الصورة المعينة هي تأويل ذلك المعنى العام.[30]

5_ 6_ أصول الفقه

تشمل إنجازات الصدر في أصول الفقه ثلاثة حقول:

5_ 6_ 1_ تاريخ هذا العلم

يقسّم أصوليُّنا العصورَ التي مرّ بها علم الأصول إلى:

الأول ۔ العصر التمهيدي: وهو عصر وضع البذور الأساسية لعلم الأصول، و يبدأ هذا العصر بابن عقيل وابن الجنيد، وينتهي بظهور الشيخ [الطوسي(ره)].[31]

الثاني ۔ عصر العلم: وهو العصر الذي اختمرت فيه تلك البذور وأثمرت، وتحدّدت معالم الفكر الأصولي، وانعكست على مجالات البحث الفقهي في نطاق واسع. ورائد هذا العصر هو الشيخ الطوسي، ومن رجالاته الكبار ابن إدريس والمحقق الحلي، والعلامة والشهيد الأول، وغيرهم من النوابغ.

الثالث ۔ عصر الكمال العلمي: وهو العصر الذي افتتحته في تاريخ العلم المدرسة الجديدة التي ظهرت في أواخر القرن الثاني عشر، على يد الأستاذ الوحيد البهبهاني، وبدأت تبنّي عصره الثالث بما قدّمته من جهود متضافرة في الميدانين الأصولي والفقهي).[32]

5_ 6_ 2_ مباحثه (مواضيعه)

وهي على ثلاثة أقسام: القسم الأول منها: ما هو جديد من إنشائه، ولم يبحث من قبل:

مثل (ما جاء به من البحث الرائع لسيرة العقلاء وسيرة المتشرعة، فقد تكرّر لدى أصحابنا المتأخرين ۔رضوان الله عليهم۔ التمسك بالسيرة لإثبات حكم ما، ولكن لم يسبق أحد أستاذنا(ره) فيما أعلم [والكلام للسيد الحائري] في بحثه للسيرة وإبراز أسس كشفها، والقوانين التي تتحكم فيها، والنكات التي ينبغي الاستدلال بها على أساسها).

ومثل (بحثه القيّم عما أسماه بنظرية التعويض، وهو وإن كان أقرب إلى فن البحوث الرجالية منه إلى الأصول، ولكنه قد بحثه بالمناسبة، ضمن مباحث حجية خبر الواحد، ووضّح فيه كيف أننا نعوّض ۔أحياناً۔ المقطع السندي المشتمل على الضعف البارز في سند الحديث، بمقطع آخر غير بارز لدى الناظر بالنظرة الأولية.

وهذا الأمر ۔ وإن وجدت بذوره لدى من تقدّم على الأستاذ(ره) ولكن لم أرَ أحداً قبله يتعرض لهذه الفكرة على مستوى البحث، ويدقّق في أسس هذا التعويض وأقسامه).[33]

القسم الثاني: ما كان مغايراً لما اختاره الأعلام من قَبله: ومن هذا القسم (بحثه البديع في حجية القطع الذي ثبت أن رأس الخيط في البحث، إنما هو مولوية المولى وحدودها، وانحدر من هذا المبدأ إلى الآثار التي تترتب على ذلك. وانتهى إلى إبطال ما بنى عليه المحققون جيلاً بعد جيل، من قاعدة قبح العقاب بلا بيان. وآمن بمنجزية الاحتمال، وأن البراءة التي نؤمن بها هي البراءة الشرعية، أما البراءة العقلية فلا. ومن هذا القبيل: إبطاله حكومة الأصول بعضها على بعض حينما تكون متوافقة في النتيجة، كحكومة استصحاب الطهارة على قاعدة الطهارة، أو الأصل السببي على الأصل المسببي الموافق له. وكذلك إبطاله حكومة الأمارة على الأصل لدى توافقها في النتيجة. ومنه ۔أيضاً۔ إبطاله ما اشتهر من جريان أصالة الطهارة في ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة.. ومنه ۔أيضاً۔ بحثه البديع في الوضع، وإبرازه نظرية القرن الأكيد).[34]

القسم الثالث: ما كان معدّلاً ومصححاً لمن قبله. وفي هذا نذكر (بحثه الرائع عن حقيقة المعاني الحرفية، حيث يوافق فيه على أصل ما اختاره المحققون المتأخرون، من كون المعاني الحرفية هي المعاني النسبية والمغايرة هويةً المعاني الاسمية، ولكن مع إدخال تعديل وإصلاح جوهريين..

ومن هذا القبيل بحثه الذي لم يسبق له نظير عن الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية، حيث اختار نفس ما أثبته المحققون من إمكانية الجمع بينهما، وعدم التنافي والتعارض فيما بينهما، ولكن مع التعديل الجوهري لطريقة الاستدلال وكيفية الجمع.

[و].. من أبحاثه البديعة أيضاً، أبحاثه عن الترتب، وعن التزاحم، و عن قاعدة لا ضرر التي تعارف البحث عنها في الأصول رغم أنها قاعدة فقهية).[35]

5_ 6_ 3_ مناهجه

كان السائد في الحوزات العلمية قبل الصدر، أن كتب الأصول المعتمدة لمرحلة (السطح) التمهيدية هي: (المعالم[36] والقوانين[37] والرسائل[38] والكفاية[39]).[40]

وقد طوّر الصدر مناهج هذا العلم، بترتيب بحوث الأصول، بحيث تصبح متدرجة من الأسهل فالأصعب؛ وذلك بغية تهيئة طالب العلم لمرحلة (الخارج) وهي المرحلة العليا من الدراسة في الحوزة، مدفوعاً إلى ذلك بالمبررات التالية:

المبرر الأول: (أن هذه الكتب الأربعة تمثّل مراحل مختلفة من الفكر الأصولي) بعيدة عما استجد من متطلبات يفرضها العصر على هذا الفكر. [41]

المبرر الثاني: (أن الكتب الأربعة السالفة الذكر) لا تصلح أن تكون كتباً دراسية (على جلالة قدرها العلمي؛ لأنها أُلّفت للعلماء والناجزين لا للمبتدئين والسائرين).[42]

المبرر الثالث: أن المقدار الذي ينبغي أن يعطى في مرحلة (السطح) يجب أن يحدّد وفقاً للغرض من هذه المرحلة، وهو (تكوين ثقافة عامة عن علم الأصول لمن يريد الاقتصار على هذه المرحلة، وإعداد الراغب للانتقال إلى مرحلة الخارج).[43]

المبرر الرابع: (أن الطريقة المتّبعة في تحرير المسائل، وتحديد كل مسألة بعنوان من العناوين الموروثة تاريخياً في علم الأصول، لم يعد تعبيراً صحيحاً).[44] إزاء ما استجدّ في هذا العلم من مباحث وقضايا عملية تنتظر كلمته فيها.

ولهذا كله أنجز الصدر كتابه (دروس في علم الأصول) مصداقاً لما توخّاه وذهب إليه، والذي يبرز فيه ممثلاً لعصر رابع في هذا العلم كما يقول السيد الحائري).[45]

6_ مكانته الفكرية

يعدّ الصدر أقوى حجة في وجه متهمي الفكر الإسلامي والعربي ۔والشرقي عموماً۔ بالجمود، فهو صاحب مذهب فلسفي متكامل سماه (المذهب الذاتي في المعرفة)، في عصر ران فيه الكسل الفلسفي على العالم الإسلامي.

وفكر الصدر هو الفكر الإسلامي المعاصر في قمّة شموخه، والصدر غُرّة وضّاءة في جبين الفكر الإسلامي على مر العصور.

ويمثل عطاؤه الفكري في مجموعه دائرة معارف مستقلة.

والذي أعطى الاستقلالية المميزة لفكر الصدر، هو أن مصادر ثقافته التكوينية (بناءه المعرفي)، لم يَشُبها أي من العناصر الدخيلة على الفكر الإسلامي، بمعنى أنه هضم التراث الإسلامي بعلومه المتنوعة، والتقى مع الفكر العالمي بعد أن صَلُب عوده في محك النقد الفكري.

فلم تستطع أية فكرة غير إسلامية، لا أن تتحطم على صخرة أساسه المكين وحسب، بل وأن تجد ما يقابلها ۔عنده۔ بديلاً.

فقد كان يمسك العلوم والمعارف الإسلامية بيد، والمنجزات العلمية الحضارية العصرية بيد أخرى.

وإلى جانب أبحاثه العلمية التي كان ينشئها، كان ينشئ رجالاً رساليين ما زالوا يحملون لواءه، ويمتدّون بمدرسته على صفحة الكون.

رحم الله الصدر..

فهو لم يعش حياته بطولها ولا بعرضها، بل عاشها عمقاً معنوياً وثراء روحياً.

سلام على الصدر بين العلماء، وسلام عليه بين الشهداء، وسلام عليه في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

دمشق: 21 شوال 1411هـ.

6 أيار 1991م

[1]. هذه المعلومات في ترجمته تعتمد بشكل رئيسي على: مباحث الأصول، السيد كاظم الحسيني الحائري، ج 1، ق2، مطبعة مركز النشر، مكتب الإعلام الإسلامي، قم، ربيع الأول عام 1407هـ.

[2]. م. ن، ص 44.

[3]. أما الثلاثة الأولى فهي على التوالي (1392، 1397، 1399هـ).

[4]. أما سماته الخاصة فهي: أ۔ التكامل؛ ب۔ الأصالة؛ ج۔ الخُلق العلمي؛ د۔ مَلَكة النقد والتحقيق. وقد فرغنا من استنتاج منهجه في دراسة وافية مستقلة، انظر: محمدباقر الصدر دراسة في المنهج، نزيه الحسن، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت، الطبعة الأولى، 1410هـ / 1990م.

[5]. اقتصادنا، محمدباقر الصدر، ص 379، بتصرف طفيف، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة السادسة عشرة، 1402هـ / 1982م.

[6]. م. ن، ص381.

[7]. م. ن، ص 379. هذا الشاهد سبق ذكره في الفقرة السابقة وفي الحاشية رقم (1)، ص 5. لكنني ذكرته هنا لأن التصحيح الذي يأتي به الصدر عليه، يقتضي ذكره، فلم أشأ انتزاعه من السياق.

[8]. م. ن، ص 379. والناظر إلى هذا الشاهد وما سبقه يقع في إشكال أن هناك تبايناً واضحاً فيما بينهما. ولكن هذا الإشكال يزول إذا علمنا أن الصدر يتكلم وفق مستويين مختلفين؛ المستوى العام، والمستوى المتخصص. كما هي قاعدة نحوية مثلاً تورد الكلام عليها في المستوى العام، ولا تورد أي استثناء لها، بينما تأخذ استثناءاتها بعين النظر عندما يكون الكلام على صعيد المتخصصين. وفي الحالين يكون الكلام علمياً رغم اختلاف المستوى.

[9]. م. ن، ص 388 ۔ 421.

[10]. م. ن، ص660 ۔ 661.

[11]. أجدني مضطراً هنا إلى التذكير أن أطروحة (البنك اللاربوي) التي يقدّمها الصدر، وهذا البنك يعيش في ظروف غير إسلامية، فمع تعامله مع البنوك غير الإسلامية يجوز له أخذ الفائدة منها ۔وقد ذكر الصدر السند الفقهي لذلك خلال أطروحته۔ رغم عدم تعامله مع الذين يعيشون جوّاً إسلامياً، كما ذكر ذلك في مقدمته للأطروحة. ويكفي أن نورد تعليقاً بسيطاً في المقام هو: أن الفوائد المستحقة على الأموال التي تعدّ ثمناً لثروات الأمة، المباعة كالبترول، في بعض الأقطار الإسلامية والمودعة في البنوك غير الإسلامية، تذهب إلى أعداء الأمة سلاحاً ومساعدات تهدّد وجود الأمة وكيانها، وذلك بحجة (إعلامية) مفادها أن المتسلطين على هذه الثروات لا يريدون أخذ هذه الفوائد، استرضاءً لشعوبهم المستضعفة.

[12]. البنك اللاربوي في الإسلام، محمدباقر الصدر، ص68 ۔ 70، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثامنة، عام 1403هـ / 1983م.

[13]. المدرسة القرآنية، السنن التاريخية في القرآن الكريم، محمدباقر الصدر، ص 75 ۔ 77، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثانية، عام 1401هـ / 1981م.

[14]. م. ن، ص 77 ۔ 83.

[15]. م. ن، ص 83 ۔ 88.

[16]. م. ن، ص 101 ۔ 102.

[17]. م. ن، ص 106 ۔ 110.

[18]. م. ن، ص 111 ۔ 121.

[19]. م. ن، ص 14.

[20]. موجز في أصول الدين، محمدباقر الصدر، ص 81 ۔ 82، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، طبعة عام 1401هـ / 1981م.

[21]. المدرسة القرآنية، ص211 ۔ 220.

[22]. الحج: 40

[23]. الحسن، نزيه، مساهمة في فهم أعمق لفكر الصدر، مجلة التوحيد الطهرانية، العدد الرابع والأربعون، السنة الثامنة، جمادى الأولى _ جمادى الثانية، 1410هـ / كانون الأول 1989 _ كانون الثاني 1990م، ص 106 ۔ 109.

[24]. توخّيت في هذين التعريفين ۔رغم وفائهما بالناحية المنطقية۔ الناحية الوظيفية التي يقومان بها في (نظرية الصدر المعرفية).

[25]. الإسلام يقود الحياة، السيد محمدباقر الصدر، ص 151 ۔ 153، وزارة الإرشاد الإسلامي، الجمهورية الإسلامية في إيران، دون ذكر تاريخ الطبع ومكانه.

[26]. موجز في أصول الدين، محمدباقر الصدر، ص24 ۔ 46؛ الأسس المنطقية للاستقراء، السيد محمدباقر الصدر، دارالتعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الرابعة، 1402هـ / 1982م. والكتاب كله مكرّس للدليل الاستقرائي بصورة رياضية معقدة، تُصلح فيه نظرية المعرفة، من خلال إعادة القيمة المنطقية لهذا الدليل، وربطه في نهاية المطاف بوجود الباري تعالى. وقد قمت بتلخيص هذا الكتاب، انظر: الحسن، نزيه: مدخل إلى نظرية المعرفة الإسلامية المعاصرة، موجز الأسس المنطقية للاستقراء، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى، 1400هـ / 1980م.

[27]. المدرسة القرآنية، التفسير الموضوعي والتفسير التجزيئي للقرآن الكريم، محمدباقر الصدر، ص19 ۔ 21. هذا وقد تابعت استكمال المنهج الموضوعي للصدر في التفسير، في محاولة إضافة عناصر أخرى للحوار الذي اقترحه. هي: السنة المطهّرة والنماذج التاريخية. راجع: الحسن، نزيه؛ الحج.. وطواف الفكر، مجلة التوحيد الطهرانية، العدد السابع والأربعون، السنة الثامنة، ذوالقعدة _ ذوالحجة، 1410هـ / حزيران _ تموز 1990م، ص108 ۔ 123.

[28]. آيتا الإسراء والكهف ۔واللتان لم يذكرهما الصدر۔ هما على التوالي: <وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذٰا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطٰاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً>. الإسراء: 35. <قٰالَ هٰذٰا فِرٰاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مٰا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً> الكهف: 78. أما الخمس السابقات فقد خرّجها الصدر على الترتيب كما يلي: (آل عمران: 7)، (النساء: 59)، (الأعراف: 52-53)، (يونس: 39)، (يوسف: 6). ويلاحظ هنا أن الصدر يطبّق طريقة التفسير الموضوعي، رغم أن هذا البحث (التأويل) سابق تاريخياً على أطروحة (التفسير الموضوعي).

[29]. آل عمران: 7.

[30]. علوم القرآن، محاضرات ألقاها بكلية أصول الدين في بغداد، السيد محمدباقر الحكيم، ص 76 ۔ 78، منشورات المجمع العلمي الإسلامي، مطبعة الاتحاد، طهران، 1403هـ. وللتوسع في ذلك راجع: مباحث الحجج والأصول العملية، السيد محمود الهاشمي، ص 280 _ 283، المجمع العلمي للشهيد الصدر، طبعة مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأولى، 1405هـ ، الجزء الأول، الحجج والأمارات.

[31]. إضافة [الطوسي(ره)] من السيد الحائري في مباحث الأصول، ص 58، وليس في طبعة المعالم التي نقلت منها ذكر لاسم الشيخ.

[32]. المعالم الجديدة للأصول، السيد محمدباقر الصدر، ص 87 _ 88، دارالتعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثالثة، 1401هـ / 1981م.

[33]. مباحث الأصول، ص59.

[34]. م. ن، ص 59 ۔ 60.

[35]. م. ن، ص 60.

[36]. معالم الأصول: مقدمة أصولية لكتاب (معالم الدين) للشيخ حسن بن الشهيد الثاني، ولما انحازت عنه ]عن الكتاب] سميت بـ (معالم الأصول) وعليه حواش كثيرة. [و] (معالم الدين في ملاذ المجتهدين) في الفقه للشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن ابن زيد الدين الشهيد الثاني، المتوفى سنة إحدى عشر وألف [1011هـ]، خرج منه بعد مقدمته المتداولة في الأصول المذكورة آنفاً بعنوان (معالم الأصول) شطراً من كتاب الطهارة، ولم يتم، بل انتهى إلى أول الوضوء وآداب الخضاب. وفرغ من مقدمته في مسلخ ليلة الأحد، الثانية من ربيع الثاني 994). الذريعة إلى تصانيف الشيعة، الشيخ آقا بزرك الطهراني، ج 21، ص 198، دارالأضواء، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403هـ / 1983م، رقم المادة (4593) و(4595) على الترتيب.

[37]. القوانين المحكمة في الأصول، المحقق القمي الميرزا أبي القاسم الجيلاني، م 1213، فرغ منه في 1205.

م. ن، ج17، ص202، رقم المادة (1081).

[38]. فرائد الأصول: المشهور بالرسائل، للشيخ المرتضى الأنصاري، م1281، وهو مشهور متداول لم يكتب مثله في الأواخر والأوائل.

محتوٍ على خمس رسائل في: القطع، والظن، والبراءة، والاستصحاب، والتعادل. أسس في هذه المباحث تأسيساً نسخ به الأصول الكربلائية، فصارت كسراب بقيعة، ونسج على منواله المتأخرون حتى صار الفخر في فهم مراده، وكتب كلٌ شرحاً أو حاشية عليه، بقدر ما غمر فيه فكره ودرى.

م. ن، ج16، ص132، رقم المادة (293).

[39]. كفاية الأصول، الشيخ المولى محمدكاظم الخراساني، المتوفى 1329، في جزأين: أحدهما: مباحث الألفاظ، والآخر: الأدلة العقلية،

طبع مكرراً، وعليه شروح وحواشٍ كثيرة لتلاميذه، وقد طبع بعضها).

م. ن، ج18، ص88، رقم المادة (810).

[40]. دروس في علم الأصول، السيد محمدباقر الصدر، ج 1، ص 9، دار الكتاب اللبناني، مكتبة المدرسة، بيروت، الطبعة الثانية، 1406هـ / 1986م.

[41]. م. ن، ص 10 ۔ 11.

[42]. م. ن، ص 13.

[43]. م. ن، ص 17.

[44]. م. ن، ص 18.

[45]. مباحث الأصول، ص56.