الشهيد الصدر يمهد الطريق لتأسيس علم كلام جديد سامي البدري

[lwptoc]

الشهيد الصدر يمهد الطريق لتأسيس علم كلام جديد

السيد سامي البدري

يضطلع علم الكلام في الإسلام والمسيحية واليهودية بمهمة الدفاع عن العقائد ومواجهة الشبهات المثارة من الخصوم من مواقع مختلفة.

وتشكل مسألة الأيمان بوجود الخالق ووحدته المسألة الأساسية المشتركة لدى علماء الكلام المسلمين والنصارى واليهود على اختلاف فرقهم ومذاهبهم

اقدم ما واجهته مسألة الايمان باللّه هو شبهات السفسطائيين في بلاد الغرب في القرن الخامس قبل الميلاد.

كما ان احدث ما واجهته هو شبهات التجريبيين في الغرب ايضاً وشبهات الماركسيين المنبعثة منها اساساً.

وقدر لمحاولة سقراط في مواجهة شبهات السفسطائيين ان تنجح وتسود من بعده قرابة الفين واربعمئة سنة تقريباً وذلك لانها مسَّت المنهج الذي قامت عليه شبهاتهم.

ويُقدَّر لمحاولة الشيهد الصدر في مواجهة شبهات التجريبيين حول وجود اللّه تعالى ان تسود الى ما شاء اللّه للسبب نفسه، حيث مسَّ الشهيد الصدر المنهج الذي قامت عليه شبهاتهم وهو ما يميز محاولته من بين محاولات الموحدين من المسلمين واليهود والنصارى.

اتسمت محاولة سقراط في مواجهة المنطق السفسطائي بالايجابية حين انفتحت على التراث المنطقي السفسطائي وميزت صحيحه عن خطئِهِ وتنبت الصحيح واعتمدته في مواجهة الخطإ والانحراف.

وأفرزت محاولته الايجابية تلك ما عرف (بالمنطق الارسطي).

انفتح علماء الكلام من اليهود والنصارى والمسلمين تباعاً على المنطق الارسطي وأفادوا منه في مهمتهم وقدر له ان يكتسي حلته الزاهية على يد علماء مسلمين أمثال الفارابي وابن سينا (ولم يكونوا علماء كلام).

كذلك كانت محاولة الشهيد الصدر قد اتَّسمت بالايجابية حين انفتح رضوان اللّه عليه على (المنهج التجريبي) التي شيدَّه التجريبيون وميز صحيحه عن خطئه ثم انطلق من الصحيح لتطويره ثم مواجهة الخطإ والانحراف على أساسه، وافرزت محاولته الايجابية هذه منهجاً جديداً في الاستدلال سمَّاه رحمة اللّه بـ(المنطق الذاتي) كانت بعض ثماره المهمة هي اقامة الدليل التجريبي على وجود اللّه تعالى وهو دليل علمي يبتني على نفس الأسس المنطقية التي يقوم عليها كل دليل يعتمد على الحس والتجربة.

وجعل هذا المنطق الإنسان التجريبي بين أمرين: أما أن يرفض الاستدلال العلمي و(التجريبي) ككل وإما ان يقبله ويعطي للاستدلال الاستقرائي على اثبات الصانع نفس القيمة التي يمنحها للاستدلال العلمي والتجريبي).

وليس هدفي من الحديث هو الدخول في تفاصيل هذه المحاولة ولا عرض أسسها العامة. بل ما أهدف إليه هو الاشارة الى أثر هذه المحاولة على علم الكلام ليس الأسس المنطقية ص 507 .

لدى المسلمين حسب بل لدى النصارى واليهود بصفتهم معينين جميعاً بكل شبهة حول وجود اللّه تعالى قبل أي مسألة اخرى ولا شك ان الاهتمام بحلول الشبهات أو بالمنهج الذي تقوم عليه تلك الحلول يتناسب طردياً مع انتشار تلك الشبهات أو انتشار المنهج الذي تقوم عليه.

ولا شك ايضاً أن الالحاد العالمي المعاصر الذي تعاني منه المجتمعات الغربية وكذلك بعض الجماعات اليهودية والاسلامية هو الحاد تجريبي مبني على شبهات اثارها التجريبيون في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

وفي ضوء ذلك تأتي اهمية محاولة الشهيد الصدر في تشييد الدليل التجريبي على وجود اللّه على يديه. لقد فتح رحمة اللّه بذلك الباب على مصراعيه لتأسيس علم كلام جديد في أخطر مسألة من مسائله.

ان من حق الشهيد الصدر على تلامذته ومريديه واصدقائه ان يعرَّفوا بمحاولته الرائدة تلك عبر مؤتمرات اللقاء بين الاسلام والمسيحية واليهودية في مواجهة الإلحاد الذي يكمن خلف كل ظواهر الفساد الاخلاقي الذي يئن منه الغرب المسيحي قبل غيره.

وان يعملوا على ترجمة أثريه النفيسين في هذه المحاولة (الاسس المنطقية للاستقراء والمرسل الرسول الرسالة) إلى كل اللغات العالمية.

قبل ذلك من حق الشهيد الصدر على الحوزات العلمية التي بذل الشهيد الصدر طاقاته من أجل النهوض بها ان تنفتح على محاولته وكتابيه هذين دراسة ونقداً وتطويراً ليربوا عليها الطالب المبتدئ ويشيب عليها الطالب المتقدم، ومن ثم لترى محاولات الكتابة الكلامية في ضوء منهج الاستدلال الذي شيده((لا زال الواقع القائم للحوزات العلمية بعيداً عن محاولة الشهيد الصدر الرائدة في علم الكلام.

ولا زال كثير من طلبة الحوزة من مختلف المستويات يجهلون اهميتها.)).