الثلاثاء 14 شهر رمضان 1402
6 تموز 1982
مقابلة مع السيد محمد باقر الحكيم
س: سيدنا، كيف كانت بدايات معرفتكم بالشهيد الصدر؟
بسم الله الرحمن الرحيم… الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين…
الواقع أن هناك فاصلاً زمنياً كبيراً بين هذا الحديث وبين الأحداث التي نتحدث عنها في الماضي على اعتبار أنّ هذا الفاصل الزمني كان مملوءاً بالمشاكل والقضايا الصعبة، وبذلك فإن الاعتماد على الذاكرة لا يمكن أن يكون دقيقاً، وأحاول أن أتذكر بعض القضايا بطريقة أو بأخرى واذكرها بما تبقى فهنا، أتذكر أن تعرفي على السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان بسبب أحد لأشخاص من طلاب العلوم الدينية الذي كان يتصل بالسيد الشهيد الصدر ذكره أمامي بالمدح والثناء، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب العلمي للسيد الشهيد رضوان الله عليه، وكنت حينذاك أدرس كفاية الأصول وهذا السبب اهتممت بالحضور عند السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه.
س: في أي سنة؟
في سنة 1376 هجرية على ما أتذكر اهممت بالحضور عند السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه حضور التجربة بالشخص الذي يريد أن يجرب (بالدرس) وكنت أدرس كفاية الأصول عند بعض العلماء في النجف الأشرف وأحببت أن أتعرف على السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه عن طريق حضور نفس الموضوع عنده حيث كان يدرس حينذاك كفاية الأصول لبعض الطلبة بمسجد الهندي، وعندما أخذت أحضر درس السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه وجدت هذا الدرس على أقل تقدير قضية كانت تنسجم مع ذوقي في طريقة التدريس ومع طموحاتي العلمية في فهمي لكفاية الأصول فهماً معمقاً، وقد لاحظت عدة خصائص في طريقة تدريس السيد الشهيد الصدر، الخصيصة الأولى كان يلقي الدرس عن ظهر غيب من أوله إلى آخره، ثم بعد ذلك يقرأ عبارة الأصول ويطبقها على الموضوع الذي ألقاه، ولم يكن يتبع الطريقة المتعارفة وهي قراءة النص قطعة قطعة لتفسير النص الكامل، بل كان يتحدث عن الموضوع ثم يقرأ العبارة، وبعد ذلك يطبق العبارة.
والخصيصة الثانية التي لاحظتها حين ذاك هي أنه كان ذا منهجة في الموضوع الذي كان يلقيه فيقدم بعض الخصوصيات ويؤخر بعض الخصوصيات التي يشير إليها صاحب الكفاية من أجل أن يصبح الموضوع منهجاً ذا مقدمات ونتائج ودليل حسب ما يفهمه السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه من مبادئ صاحب الكفاية رضوان الله عليه وحسب ما يذكره هو أيضاً في الكفاية.
الخصيصة الثالثة التي كنت ألاحظها في تدريس السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه هي أنه كان يتمثل روح صاحب الكفاية فكأن هذا المطلب الذي يبينه كأنه مطلبه وليس مطلب عالم آخر، ويحاول أن يبين هذا المطلب بكل الأساليب والوجوه الفنية التي يمكن أن تبين لدعم مطلب صاحب الكفاية رضوان الله عليه، وطبعاً باعتبار المستوى التدريسي كان مستوى السطح والبيان للموضوع الذي يتعرض إليه الكتاب دون الدخول في مناقشة مع هذا الموضوع، ويحاول أن يصور الموضوع بأفضل ما يمكن تصويره، ويستدل أيضاً عليه بأفضل ما يمكن أن يستدل عليه، علماً بأن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان أكثر المطالب التي يبينها صاحب الكفاية لم يكن يؤمن بها من الناحية العلمية، إلا أنه كان يرى أن مسؤولية تدريس الكتاب تفرض أن يبين هذا الموضوع الذي تعرض إليه الكتاب وكأنه صاحب هذا الموضوع.
الخصيصة الرابعة وهي خصيصة مهمة تدخل في جانب تربية الطالب وهي أنه عندما يشير إلى إشكال على صاحب الكفاية، والطالب عادة ليس لديه تلك القدرة على بيان إشكال على صاحب الكفاية ببيان فني مواز للبيان الفني الذي يبينه الأستاذ الشارح لمطلب صاحب الكفاية، وإنما تعترض في ذهنه بعض الإشكالات وتترك في ذهنه بعض الإشكالات؛ ولكن بشكل بدائي وليس بشكل ناضج، هنا يأتي دور الأستاذ، أستاذنا يساعد الطالب في إنضاج الإشكال، فإذا كان الإشكال له وجه فني ويمكن أن يعرف به، يتصدى هنا السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه لبيان الوجه الفني وإشكال الطالب الذي كان يبديه وهو شيء غير ناضج وشيء بدائي وسطحي، ثم إذا كان هذا الإشكال إشكالاً صحيحاً – أي روح الإشكال وأصل الإشكال الذي يبينه الطالب – يبينه إشكال صحيح وارد، وإذا كان إشكالاً غير صحيح فالسيد الصدر بعد أن يبين الوجه الفني للإشكال أيضاً يبين المناقشة في ذلك الإشكال؛ لذلك يحرك في الطالب روح التفكر والتأمل، ويعلمه أيضاً طريقة ذكر الإشكال وتصور الإشكال أو الملاحظات التي تكون لديه على المطالب العلمية، وهذا على خلاف ما شاهدته من بعض الأساتذة العاديين الذين كانوا يتخذون موقف الدفاع عن المطلب الذي يبينونه ويربكون التلميذ في بعض الأحيان بالجواب على اعتبار أن الأستاذ أقدر من التلميذ على الحديث وعلى دفع الإشكال فقد يذكر الإشكال عقلياً أو يشير إلى جانب من الجوانب فينغلق الحديث على التلميذ على اعتبار عدم استيعاب التلميذ بكل جوانب الموضوع فالسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان يساعد التلميذ على الإشكال فيما إذا كان الإشكال له وجه فني – على اعتبار درايته وإحاطته بعلم الأصول – كان يعرف بأن الإشكال إشكال له وجه فني يبين الوجه الفني للإشكال، يعني يصور الإشكال وبعد ذلك إما أن يقبل الإشكال إذا كان إشكالاً صحيحاً أو يدفعه إذا كان غير صحيح بوجه فني، وهذه الملاحظة أيضاً خصوصية رابعة أدركتها من خلال طريقته التي كان يتعامل معها في البحث.
والخصوصية الخامسة التي أعجبتني عند السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه منذ ذلك الوقت هي أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه لم يكن يتخذ موقف السكوت على التلميذ فهو يجيب التلميذ بمقدار ما يسكته ويحركه من دون أن يهتم في أن التلميذ هل اقتنع بالجواب أم لم يقتنع، بل كان الشهيد الصدر رضوان الله عليه يتعامل مع التلميذ من موقع محاولة إقناع هذا التلميذ بالجواب الذي يذكره، فهناك فرق كبير جداً يقع بتربية الأفراد والطلاب بين موقف الأستاذ الذي يريد أن يسكت الطالب بطريقة ما وان لا يسكته بأمره بالسكوت، بل يسكته بالمناقشة العلمية وبين طريقة الأستاذ الذي يريد أن يقنع الطالب بالموضوع الذي يذكره، فالأستاذ على اعتبار قدرته العلمية بطبيعة الحال قادر على أن يسكت الطالب؛ لكن يبقى الطالب يشعر بأن كان انتهاء الجواب غير كاف في إقناعه، أما عندما يتصدى الأستاذ لإقناع الطالب هنا يحتاج أولاً إلى جهد من الأستاذ يبذله من أجل تحصيل هذا الإقناع، وأيضاً يربي الطلاب على الأساليب العلمية التي توصل الطالب إلى الإقناع، هذه خصوصية خامسة لاحظتها في تدريس السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بالإضافة إلى القدرة العلمية المتميزة في فهم نقاط وخصوصيات كفاية الأصول وهو كتاب مغلق يكتفي في كثير من الأحيان بالإشارة إلى بعض المطالب، ويحتاج شرح كفاية الأصول إلى أستاذ متمرس ودقيق في فهم تلك الإشارات، وإلى شرح ذلك الجانب المختصر من الكتاب، هذه يمكن أن تكون الخصوصية الخامسة التي أدركتها.
والخصوصية السادسة التي أدركتها للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه من خلال دراستي ومن خال حضوري التجريبي لتدريسه الكفاية بحيث بقيت مستمراً على الحضور عند السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه وعلى الحضور لدي أستاذي السابق حيث وجدت أنه من غير المناسب أن أقطع أستاذي السابق مع العلم بأنه أيضاً كان أستاذاً جيداً قديراً، ولكن المستوى الذي أدركته من السيد الشهيد الصدر والمميزات التي أشرت إليها لم تكن متوفرة في ذلك الأستاذ فوجدت أن من المناسب أن أستمع إلى الأستاذ السابق وأن لا أفرط أيضاً في بحث السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه وأيضاً استمررت على الحضور عند السيد الشهيد الصدر، وكان ذلك في الجزء الأول من الكفاية في الأصول، وعندما انتهى الجزء الأول من كفاية الأصول وصار البناء أن أدرس الجزء الثاني من كفاية الأصول حينئذ انتقلت في الدراسة للسيد الشهيد رضوان الله عليه، ودرست عنده الجزء الثاني من كفاية الأصول من أوله إلى آخره، وبدت من خلال ذلك المعرفة الأكثر وتحولت هذه الدراسة عند السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه من مجرد تلميذ يحضر عند السيد الشهيد الصدر إلى تلميذ صديق قد نما عنصر الصداقة على اعتبار المعاملة الحديثة والحبيبة التي كان يتعامل بها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه مع طلابه وأيضاً في الجانب الاجتماعي الذي لم ينفصل عن الجانب العلمي الذي أدى إلى إيجاد روح الصداقة أيضاً بيني وبينه، ولعله كان أحد عناصر الصداقة هو ما كان يتوسم السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في هذا التلميذ بعض المعاني التي كان يصرّح فيها كثيراً مثلاً في كلمته أو في رسائله أو في مجالات أخرى في ذلك الوقت.
س: هل كانت هذه الدورة هي الدورة الأولى عند السيد الشهيد الصدر؟
لا أظنها الدورة الأولى بمعنى من المعاني، وقد تكون هي الدورة الأولى أيضاً في معنى آخر، السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان يدرّس كفاية الأصول قبل الدورة التي حضرتها؛ ولكن أدركت من خلا حضوري أو أتذكر هكذا أنه كان تدريسه السابق تدريساً متقطعاً ليس متصلاً ومتواصلاً ومستمراً، ولعلها كانت هذه هي الدورة الأولى المتواصلة المستمرة.
س: من كان يحضر معكم في الدورة في بحث السيد؟
كان يحضر مجموعة من الطلاب أتذكر منهم الآن السيد نوري الدين الأشكوري في بعض المراحل، والشيخ عباس الأخلاقي والشيخ عبد العالي المظفر والسيد فخر الدين أبو الحسن وآخرون وشخص اسمه الشيخ نعمة الصغير يحضر في بعض الأحيان وكان يحضر السيد طالب الرفاعي.
س: هل كان يطلب كتابة الدرس؟
أي طبعاً، كان يطلب كتابة الدرس، وكان أيضاً يراجع هذه الكتابة عندما تعرض عليه يذكر ملاحظاته عن هذه الكتابة، ويحث التلميذ على أمرين على الكتابة والمباحثة في الدرس ووراء هذه الكتابة، والمباحثة شيء مهم جداً في تطوير الطالب، والطريقة التي أشرت إليها هي تدريسه وكانت تساعد إلى حد كبير على الكتابة فإنني كنت أتذكر أني أكتب الدرس دون الرجوع إلى الكفاية مطلقاً، أكتبه من أوله إلى آخره دون الحاجة إلى أن أفتح كتاب الكفاية أو أراجع الكتاب.
س: عندما حضرتم درس السيد، ماذا كان يعرف في الأوساط العلمية عن السيد الصدر عند ذلك؟
لم يكن في ذلك الوقت السيد الصدر معروفاً عند الأوساط العلمية إلا بقدر أنه أحد الشباب، شباب أهل العلم الفضلاء الذين تطوروا في الجانب العلمي قبل أوان المتعارف لطلاب العلوم الدينية، وعلى أقل تقدير فيما كان ينعكس عليه، وقد تكون أشياء يعرفها أصدقاؤه المقربون، الأشخاص الذين كانوا قد اتصلوا به وارتبطوا به بشكل عام في الأوساط الحوزوية وفي الأوساط النجفية كانت معروفة هي أنه كان تطوره العلمي تطوراً أكثر من التطور الطبيعي.
س: سيدنا ماذا تعرفون عن طفولة السيد الصدر، هل حدّثكم بشيء عنها؟
السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان يتحدث كثيراً عن بعض الأدوار التاريخية التي مر بها والموارد المختلفة من المعاناة التي مر بها، خصوصاً في دور الطفولة؛ ولكن لم يبق من هذه الأحاديث إلا أشياء جزئية. أحاديث يتذكر بعضها، بل كان يذكر أن شخصاً في دور الطفولة كان يرعاه دوره دور الخادم الصديق، كان السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يحبه حباً شديداً كحب الأبوين لأبيه مع غض النظر عن خصوصيات أب السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه أي باعتبار أن السيد حيدر كانت فيه خصوصيات كثيرة من الناحية العلمية وانه من عائلة كريمة، فإن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان يحب هذا الإنسان يحبه حباً كثيراً وذلك الإنسان يبدو أنه كان يرعى السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه ويرعاه رعاية كثيرة، أنا الآن لا أتذكر اسمه وكان يذكره.
س: أهو عبد الحسن؟
نعم، عبد الحسن كان يذكره السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه ويتحدث عنه كما يتحدث عن أب ذي عطف ومحبة ورأفة وكان لا يرى طريقاً لتعويض عبد الحسن هذه المحبة إلا أن يذكره بالخير ويقوم ببعض الأعمال العبادية نيابة عن عبد الحسن، خصوصاً الزيارة كان يزور لعبد الحسن لعله كلما يدخل الحرم الشريف يسلم على الإمام نيابة عن عبد الحسن، وأتذكر هذا الشيء كان يحبه كثيراً ويذكر مثلاً بعض المعالم لعبد الحسن في بعض الأحيان، لا أتذكر هذه المعالم كان يتحدث عن عواطف عبد الحسن تجاهه واهتمام عبد الحسن لتحقيق رغبات الشهيد السيد الصدر رغباته الطفولية كأي إنسان صغير، بحيث كان يبين بعض الخصوصيات والفضائل كان يذكرها. مسألة مشاركته في بعض الأعمال الأدبية وهو طفل في بعض الاحتفالات في المدرسة كان يشير إلى أنه يشارك في بعض الأعمال الأدبية.
كان يذكر أيضاً انصرافه إلى طلب العلوم الدينية والجو العائلي بالمعنى العام والجو العائلي بالمعنى الخاص، كان يرى أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه ينبغي له أن يسلك الطرق الأخرى أو الطريق الآخر في تحصيل العلم ومن ثمَّ تحصيل الموقع الاجتماعي المعين باعتبار بلوغه وذكائه، وكانت العائلة ترى بأن هذه الطرق الأخرى تفيده أكثر وهي الطرق التي سلكها أولاد خاله مثل عز الدين آل ياسين وجعفر آل ياسين وغيرهم سلكوا طرقاً أخرى وحصلوا على شهادات عالية أكاديمية وتسلموا بعض المناصب على اعتبار أن العائلة لها علاقات وصلات ببعض الأجهزة الحاكمة في ذلك الوقت، وعلى اعتبار كون السيد محمد الصدر في أجهزة الدولة وآخرين أيضاً بعضهم تسلموا مناصب قضائية وبعضهم تسلموا مناصب أخرى وكانوا يتوسمون بأن إذا سلك ذلك الطريق لكان يؤمن من الجانب العلمي الحديث ويكون النابغ في هذا الموضوع، وأيضاً يمكن أن يؤمن له الجانب الحياتي والمعيشي على اعتبار أن العوائل كانت تعيش حالة من الفقر فترة من الزمن فقراً شديداً والجو العائلي كان يتوجه هذا الاتجاه، السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه حدثني أنه منذ الطفولة كان يتجه ليسلك طريق الآباء والأجداد طريق العلوم الدينية ويرتبط بخط المرجعية، ولم يذكر أن هناك شخصاً وقف إلى جانبه في هذا الموضوع غير والدته على ما أتذكر ـ منَّ الله عليها بالصبر ـ هي عانت الكثير من مداراتهم ورعايتهم. كان يذكر أن هذا الشيء حدث في الطفولة، ولا أتذكر الآن شيئاً آخر عن الطفولة بالمعنى الخاص لها.
س: هل درس السيد الدراسة الاعتيادية في الكاظمية قبل أن يأتي إلى النجف؟
لا، لا أتذكر وكان يتحدث عن ذلك فأنا لا أتذكر ولا يوجد في ذهني أي خصوصية.
س: ماذا تعرفون عن أسرة آل الصدر، وعن أسرة الشهيد الصدر، مثلاً عن زوجته وعن والدته وعن والده، إلخ؟
السيد محمد باقر هو ابن السيد حيدر ابن السيد إسماعيل الصدر، السيد إسماعيل الصدر رضوان الله عليه شخص جاء مع أمه إلى النجف الأشرف وهو صغير السن (9ـ 10) سنوات وكان يتيماً، عاش فترة من الزمن في النجف وبعد ذلك انتقل إلى سامراء مع أستاذه المرحوم الميرزا حسن الشيرازي حيث كان يعتبر أحد المراجع ولم تكن له مرجعية بالمعنى الشامل؛ ولكن كان من الأشخاص المرشحين للمرجعية والمشار إليه بالبنان من طلاب المرحوم الميرزا حسن الشيرازي، بعد ذلك سكن السيد إسماعيل الصدر في كربلاء فترة، وكان يقيم صلاة الجماعة وهو إنسان ينظر إليه في كربلاء بمعايير المرجعية والرجوع له على أنه لم يكن من المراجع، بل يعد أحدهم. السيد إسماعيل كان له أولاد أربعة، كان السيد إسماعيل له علاقة وصلة ومحبة وصداقة وطيدة جداً مع الشيخ محمد حسن آل ياسين، فزوج المرحوم السيد إسماعيل أولاده الأربعة من بنات الشيخ محمد حسن آل ياسين أي أن الأولاد الأربعة تزوجوا الأخوات الأربع، وكانوا منسجمين مع زوجاتهم إلا المرجوم صدر الدين الصدر فإنه لم ينسجم مع زوجته بنت آل ياسين وعدم الانسجام أدى إلى أن يهاجر السيد صدر الدين الصدر من الكاظمية إلى إيران على اعتبار أن العلاقة والمحبة الموجودة بين المرحوم السيد إسماعيل والشيخ محمد حسن آل ياسين علاقة وطيدة، والابن لم ينسجم مع البنت، وهنا عندما صار بناؤه أن يترك البنت وجد أن بقاءه هذا شيء غير ممكن باعتبار وجود هذه المحبة فيما بينهم وهاجر السيد صدر الدين الصدر إلى إيران وتزوج بنت المرحوم السيد آغا حسين القمي الذي هو أحد المراجع الكبار. والمرحوم السيد حيدر رضوان الله عليه الذي هو أبو السيد محمد باقر الصدر كان معروفاً بالفضل والعلم والذكاء، درس في الكاظمية ودرس في النجف أيضاً.
س: هاجر إلى النجف فترة من الزمن؟
نعم، ثم رجع إلى الكاظمية. وهو رجل علم في الكاظمية من الناحية العلمية وإن كان أخوه المرحوم السيد مهدي الصدر يعتبر عالم الكاظمية من الناحية الاجتماعية، وأيضاً من الفضلاء من العلماء المعروفين والمراجع وأيضاً هو معروف من العلماء، والخصوصيات التي كان يذكرها المرحوم السيد الصدر رضوان الله عليه في هذا الموضوع هو أن المحبة التي كانت موجودة بين الأخوة الأربعة إلى درجة كبيرة وان تركة المرحوم السيد إسماعيل الصدر والأوقاف التي كانت بيد المرحوم السيد مهدي الصدر أخو السيد إسماعيل الأكبر والأخوة الصغار لم يتكلموا مع أخيهم في أي شأن من شؤون هذه التركة وتقسيم هذه التركة، وكيفية التعامل معها أو شأن من شؤون الأوقاف التي كانت بيد المرحوم السيد إسماعيل الصدر، كلها تركت إلى السيد مهدي، تركت لا بعنوان التنازل وإنما بعنوان المحبة في ما بينهم والسيد مهدي كان يدير هذه الأمور، ولما توفي السيد مهدي لم يذكر السيد مهدي تفاصيل هذه التركة، فاكتفى كل واحد من الأخوة في البيت الذي يسكنه على الحال الذي هو عليه في البيت، سواء كان كبيراً أو صغيراً والباقي أصبح متحولاً إلى أولاد السيد مهدي الصدر، من هنا كان حدث الفارق في النتيجة بين ورثة المرحوم السيد جواد الصدر والمرحوم السيد حيدر الصدر، وأيضاً كانت بالنسبة إلى المرحوم السيد صدر الدين الصدر وبتركة المرحوم السيد إسماعيل وبين أولاد السيد مهدي الصدر بالنسبة إلى تركة السيد إسماعيل على اعتبار ما نذكره من الخصوصيات والعلاقات والمحبة.
وهذه الأسرة أعني أسرة الصدر أصلها من لبنان ترتبط بأسرة شرف الدين، هاجر فرع منها إلى إيران وسكنوا في أصفهان، وأصلهم من الأسر العلمية المعروفة، وهذه الأسرة سابقاً كانت من كبريات الأسر العلمية في إيران، وكانت تسكن في طريق أصفهان، وما زال قسم من هذه العائلة يسكن في أصفهان، وهاجر المرحوم السيد إسماعيل طفلاً يتيماً كان من زوجة أخرى لأبيه، وكذلك انقطع المرحوم السيد إسماعيل عن وضع عائلته في أصفهان وعن تلك العائلة وإن هاجر بعد ذلك السيد أبو الحسن الصدر ابن المرحوم مهدي الصدر هاجر إلى أصفهان وسكن أصفهان إلى أن توفي هناك أصفهان. وهذه الأسرة تختلف طبعاً عن الأسرة المرحوم السيد حسن الصدر صاحب كتاب (تأسيس الشيعة في الإسلام) وإن كانت الأسرة ترتبط بهذه الأسرة بالأصل…