مقابلة مع الشيخ الناصري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله الميامين بمناسبة أسبوع المرجع الشهيد الصدر رضوان الله عليه، يجري قسم الإعلام في المجلس الشيعي الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، محاورة مع مجموعة من تلامذة ومعارف الشهيد الصدر ليبينوا للجماهير المسلمة، الدور الجهادي والعلمي والسياسي الذي تصدى له السيد الشهيد لإنضاج الحركة الإسلامية في العراق والعالم وتهيئتها لمجابهة المخططات المعادية للإسلام والمسلمين، والآن نلتقي فضيلة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد باقر الناصري ليجيب على الأسئلة الآتية:

س1: هل لكم ذكريات خاصة مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه تفضلوا بذكر بعض جوانب علاقتكم مع الشهيد قدس سره؟

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. نرحب بكم ونحيي ذكرى شهيدنا الراحل فيلسوف الأمّة الإسلامية ومرجعها الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر أعلى الله مقامه في الذكرى الثالثة للجريمة الشنعاء لاغتيال إمامنا وقائدنا ومفكّر أمّتنا، والأمّة مدعوة جميعاً للوفاء لهذا المفكر والثائر والمرجع، وعلى هذا الأساس برزت فكرة إحياء أسبوع الشهيد الصدر، وجماعة العلماء المجاهدين في العراق أيضاً أعلنت عن دعوتها لإحياء هذا الأسبوع.

أما عن تشرّفي بخدمة أستاذنا وباني مجد ثورتنا في العراق، الإمام الراحل، فقد عرفت السيد الشهيد الصدر في أواخر عام 1958م، حيث كنت أسمع عن شاب عالم فاضل غيور يتصدى للأمور الكبيرة؛ ولكن لم أتشرف بخدمته قبل ذلك التاريخ، وفي أواخر عام 1958 م وأوائل عام 1959م أي أعقاب المد الفوضوي في العراق، انبعثت جماعة العلماء المجاهدين في العراق، وكان سيدنا الشهيد الراحل محور هذه الجماعة رغم أنه كان أصغر العلماء العاملين سنّاً إلّا أنه كان محط آمال وثقة كل العلماء آنذاك، وقد ساهم أعلى الله مقامه في بناء جماعة العلماء وفي مجلة الأضواء الإسلامية التي كان يحرر أكثر افتتاحياتها المعروفة برسالتنا، وعشنا مع السيد الشهيد الصدر في أروقة جماعة العلماء وفي أجواء نشراتها وفي أجواء مجلتها الأضواء الإسلامية، وفي أجواء المهرجانات والاحتفالات التي أقيمت في عام (59) وفي عام (60) وفي عام (61) واستمرت هذه الاحتفالات التي كانت تعبيراً عن صحوة إسلامية بوجه الإلحاد والفساد وللوقوف بوجه الاستعمار وعملائه في المنطقة وللأخذ بيد الأمّة الإسلامية نحو المكانة اللائقة بها في قيادة ركب الحياة.

كان السيد الشهيد الصدر أعلى الله مقامه محور جماعة العلماء، ومحور إدارة مجلة الأضواء ومحور رعاية الحركة الإسلامية، وللحقيقة وللتاريخ كان سيدنا الأستاذ السيد الصدر فريداً في ما قدم وفريداً في ما طرح، فقد تشرفت بالحضور بخدمته إلى فترة قصيرة خلال الدرس، كما صحبته طيلة هذه المدة المباركة في العمل الإسلامي، وفي التفكير ببناء المرجعية الرشيدة، وفي العمل على جعل الوكلاء عن المرجعية بالمستوى اللائق من الفهم والوعي وإدراك المهام واختيار العناصر الفاضلة واستبعاد الجهلة واستبعاد غير الأكفاء ، وكانت لي خدمة وتشرّف بصحبة سيدنا الإمام الشهيد الصدر، ولم أفارقه طيلة هذه المدة المباركة، منذ نهاية عام (58 م ) إلى يوم 7/6/ 1979 أي اليوم الحادي عشر على ما أظن من شهر رجب خلال انتفاضة أيام رجب المباركة وخلال تقاطر الوفود على إمامنا الشهيد، إذ كنت معه إلى ذلك اليوم حيث غادرت العراق بظروف قاهرة لم أستطع البقاء معها وبمشورته أعلى الله مقامه لي ولكثير من تلامذته ومريديه لمغادرة العراق، والعمل للقضية من مناطق أخرى وأسأل الله أن يحييني ما بقيت على خط هذا الثائر العظيم والمفكر الكبير، ويوفقنا والأمّة الإسلامية للانتفاع من دمه الزكي والأخذ بثأره والسير بهديه إن شاء الله.

س2: لقد كان للشهيد الصدر مواقف رسالية من الثورة الإسلامية في إيران، ما هو أثر تلك المواقف على توعية الجماهير وفتح أذهانها على تلك الثورة المباركة المظفرة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، السيد الشهيد الصدر ليس بعيداً عن الثورة الإسلامية العالمية وعن الثورة الإسلامية في إيران، وكان على اتصال دائم، وهناك رسائل وبرقيات وبيانات تثبت اهتمام السيد الشهيد الصدر بالثورة الإسلامية في إيران وكان على اتصال بقائدها المفدى إمامنا القائد الخميني حفظه الله يوم كان في النجف الأشرف، وحين غادر الإمام إلى باريس كان سيدنا الشهيد الصدر على اتصال بالقائد المفدى وعلى اتصال بحوادث الثورة وإصدر البيانات المعروفة، ثم لما عاد قائدنا المفدى الإمام الخميني إلى أرض الإسلام إلى أرض إيران كان السيد الشهيد أعلى الله مقامه يعيش هاجس الثورة في كل لحظة ويشدّ الأمّة الإسلامية في العراق وخارجه إلى الالتفاف حول الثورة وإنجاحها، وقد نجحت بحمد الله، واصدر عبر ذلك بيانات يعرفها كافة من عرف الشهيد الصدر ومن عاش حوادث الثورة الإسلامية. كما برزت أمور كان فيها الشعب العراقي المسلم يحتاج إلى توعية حول الثورة الإسلامية حيث تحرك الاستعمار وعملاؤه لتضليل الأمّة وللتعتيم على الثورة الإسلامية ولوصفها بأنها ثورة إيرانية، وثورة وطنية أو تحرك محلي إلا أن بيانات سيدنا الشهيد الصدر وتوجيهاته ودعوته للجماهير العراقية ساهمت في تصحيح وإزاحة الشبهة وطرح المفهوم الناصع والصورة الناصعة للثورة الإسلامية المباركة في إيران، وقد شدّ الحركة الإسلامية في العراق التي كانت هي من صنع ومن تفكير إمامنا الشهيد الصدر وهي بعض عطائه، شدّها إلى الثورة الإسلامية ودعاها إلى التظاهر ودعاها إلى إعلان التأييد ودعاها إلى إعلان المبايعة للإمام القائد، وقال قولته المشهورة (ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام) وقد جسّد هذا الشعار أعلى الله مقامه.

وهناك أرقام أخرى تؤيد مدى اهتمام الإمام الشهيد الصدر بالثورة الإسلامية، برزت هناك فتنة في عربستان (خوزستان) في المنطقة الناطقة بالعربية من أرض الجمهورية الإسلامية في إيران، استفاد أعداء الإسلام وأعداء الثورة من هذه المنطقة وأشاعوا فيها مفاهيم وتكتّلوا فيها، وأرادوا أن يُحدثوا فتنة وانشقاقاً وانفصالاً، وكان موقف السيد الشهيد الصدر أعلى الله مقامه واضحاً وصريحاً في خطابه لأبناء الأمّة من الناطقين بالعربية ولدعوتهم للالتفاف حول قيادة الإمام، وقد ساهمت في تفويت الفرصة على المستعمرين وعلى أعوانه في إنضاج هذه الفتنة.

كما أن سيدنا الشهيد أعلى الله مقامه ساهم في إخماد فتنة الناطقين باللغة الكردية من المناطق الإسلامية في إيران، حيث أراد الاستعمار وأعوانه أن يستفيدوا من أبناء هذه المنطقة أيضاً فكان عبر بياناته وتوجيهاته حافزاً ومعيناً على إخماد هذه الفتن واستقرار الأمن، ثم كان لإمامنا الشهيد الصدر اهتمامات حتى في مفردات الساحة الإيرانية الإسلامية حينما طرح الدستور الإسلامي للتصويت، وكانت هناك محاولات لحرف الثورة ولإبعاد وصفها بالإسلامية ولإبعاد صورة الجمهورية الإسلامية، وكان للسيد الشهيد بيان مطول إلى الشعب المسلم في إيران بيّن فيه الحيثيات التي تلزم الشعب باختيار الجمهورية الإسلامية وببيعة الإمام القائد وبالالتفاف حول الجمهورية الإسلامية، نسأل الله أن يجعلنا ممن يفي بهذا الموقف العظيم للإمام الشهيد الراحل السيد الصدر أعلى الله مقامه.

س3: ما هو دور الشهيد الصدر قدس سره في إنضاج الحركة الإسلامية في العراق؟

نعم، لعلّي أشرت في السؤال السابق إلى أن الأمّة كانت تعيش صحوة إسلامية إلا أنها كانت تفتقد أموراً منها التنظيم والتنسيق في الأعمال، فإن الأمّة خسرت منذ حرب الشعيبة وفي ثورة العشرين وفي الثورات والانتفاضات الأخرى خسرت كثيراً من المواقع بسبب عدم وجود حركة إسلامية واعية تستقطب العمل وتأخذ زمام المبادرة، وبهذا كانت الأمّة في أواخر الأربعينات تتجه إلى ضرورة وجود حركة إسلامية واعية، وكان شهيدنا الصدر مظهراً من المظاهر لتلك الصحوة وذلك الاتجاه السليم، وقد تبنّى فكرة الحركة الإسلامية وأكد ضرورتها وسعى لبنائها، واستجاب لتوجيهاتها جملة من علماء المناطق في العراق وفي لبنان وفي إيران وفي بلدان الخليج من أبناء الأمّة من المرتبطين بمرجعية النجف وبعلماء النجف، كما أن هذه الطليعة الواعية من أبناء الأمّة في العراق من المفكرين والأساتذة والطلاب والطبقات الأخرى من أبناء الأمّة الإسلامية كانت تشعر بضرورة وجود الحركة الإسلامية وبضرورة التنظيم لمجابهة الاستعمار وحيله، وكما يقال لا ينتشر الهدى إلا من حيث انتشر الضلال، ولما كان أعداء الإسلام يتخذون من الصيغ الجماعية ومن الأعمال الحركية وسيلة لتثبيت أفكارهم وفلسفاتهم كان الحري بالإسلاميين وبالعلماء أن يستعينوا بالوسائل التي لا تخالف الشرع، وقد سعى سيدنا في تثبيت هذا المفهوم وزرْعه في أوساط الأمّة، فانبعثت حركة إسلامية واعية مفكّرة كان نتاجها بمختلف الأوساط، واستجاب جملة من العلماء ومن وكلاء السيد الصدر أعلى الله مقامه، وقد أحصي على ما بلغني أن مائة عالم في العراق من وكلاء المناطق والعلماء الهامين هم كانوا من أعضاء الحركة الإسلامية ومن المرتبطين بمرجعية الإمام الشهيد الصدر أعلى الله مقامه، هؤلاء كلهم كانوا يؤمنون بأفكار الشهيد الصدر التي كانت تتبنى الحركة الإسلامية، وبرزت ثمار هذه الحركة طيلة العشرين عاماً التي تلت ذلك التحرك، يعني من أواخر 59 إلى 79 عاشت الأمّة وعرفت الشباب الواعي والمثقف والجامعي والطبقات الواعية من الكسبة ومن الفلاحين ومن العمال وانصهروا في الحركة الإسلامية مما أقلق الاستعمار وأعوانه، وأكثر من وجود الانقلابات كله لأجل الوقوف في وجه الحركة الإسلامية الواعية في العراق، لهذا فأنا أشهد وكل أبناء الأمّة المخلصين يشهدون أن الإمام الشهيد الراحل السيد الصدر أعلى الله مقامه عاش هاجس ضرورة الحركة الإسلامية وتدرك هذا وتعي فضل وأبوّة وتأسيس الشهيد الصدر لحركتها المباركة.

س4: فضيلة الشيخ، هناك سؤال آخر، ما هو مستوى التأثير الذي تركه الشهيد الصدر على الحركة الإسلامية العالمية؟

الحركة الإسلامية العالمية مُدينة للإمام الشهيد الصدر عبر تحرّكه الفكري؛ لأن الأمّة الإسلامية عاشت عزلة وقد سُلّط عليها أضواء لعزلها عن عقيدتها وعن فكرها، وعاشت غربة وسُلّطت عليها الفلسفات المادية الإلحادية والرأسمالية الفاسدة الغربية، وعاش كثير من أبناء المسلمين وسط الأجواء البعيدة، وكانت تطلّعات واستغاثات أبناء الأمّة الإسلامية – في العراق وخارجه عالمياً – إلى مفكرين ينهضون بعبء عرض الفكر الإسلامي بما يردّ الشُبه ويحقق الطموح العالمي للحركة الإسلامية، وكان السيد الشهيد الصدر موفقاً كل التوفيق في حمل هذه الأعباء عبر ما كتبه وما خطب به وما سجّله وما اقترحه.

وأهم أطروحاته المباركة هي الأطروحة الفلسفية التي طرح فيها أفكار الإسلام عبر كتبه ومحاضراته وله في مجال الفكر الإسلامي وما رفد به الحركة الإسلامية وأغناها وجعلها تقف على قدميها في مواجهة الكفر والإلحاد من كتبه المباركة كـ (فلسفتنا) و(اقتصادنا) و(البنك اللاربوي) وله في علوم القرآن وله في علوم التاريخ وفي كافة ميادين الفكر الإسلامي مما أسهم مساهمة كبيرة لا يمكن لمنصف في مجالات الحركة الإسلامية العالمية أن ينكر دور الإمام الشهيد الصدر في رفد الحركة، ونلمس ذلك بها من خلال تصدّي المفكرين الإسلاميين لترجمة آثار الشهيد الصدر كما تُرجمت آثاره باللغة الإنكليزية والأوردية والتركية والفارسية، كلها كانت أرقاماً تؤكد اهتمام الحركة الإسلامية من فكر الشهيد الصدر، واهتمام الشهيد الصدر بالحركة الإسلامية والأطروحة الشاملة التي وضعها السيد الشهيد الصدر.

كما أن الخسارة الكبرى التي انعكست على الحركة الإسلامية بفقد إمامنا الشهيد الصدر أعلى الله مقامه وما برز من خلال البيانات والإدانات والمظاهرات في كافة أنحاء العالم الإسلامي لجريمة اغتيال سيدنا الإمام الشهيد الصدر كانت أيضاً دليلاً واضحاً على تأثّر الحركة الإسلامية بفكر الشهيد الصدر وإيمانها به قائداً ومفكراً وشعورها بدوره العظيم؛ ولهذا نحن نوجّه نداءنا عبركم إلى الحركة الإسلامية العالمية في كل مكان وإلى المسلمين في كل مكان أن يعلنوا شجبهم واستنكارهم للحكم الذي أجهز على المفكر الكبير وعلى شهداء الأمّة في العراق وأن يضعوا يدهم بيد الشعب المسلم المجاهد في العراق لإقامة حكم الله في عراقنا المسلم الجريح الذي هو قاعدة من قواعد الإسلام والتي يمكن أن ينبعث منها ضوء الإسلام ويعمّ إن شاء الله بقاع الدنيا.

كما أننا لم ولن ننسى دور الثورة الإسلامية المباركة في إيران وقائدها المفدى إمامنا الخميني في تكريم سيدنا الشهيد الصدر وفي إظهار ظلامته وفي الدعوة إلى إحياء ذكراه وللانتفاع من علمه، ونسأل الله أن ينفعنا ببركة دمه الطاهر ويوفقنا للأخذ بثأره وثأر المظلومة الشهيدة العالمة أخته بنت الهدى، وثأر شهدائنا ومن شهداء الحركة الإسلامية في العراق وشهداء أمتنا على جبهة الحقّ ضد الباطل، ونسأل الله التوفيق والنصر العاجل إن شاء الله وقيام الحكم تحت راية إمامنا راية ولاية الفقيه المتجسدة اليوم بإمامنا وقائدنا الإمام الخميني حفظه الله وأبقاه وصان دولة الإسلام والسلام.

س5: فضيلة الشيخ هل لكم أن تحدثونا عن دور الشهيد الصدر قدس سره في بناء المرجعية الرشيدة وما هو دوره في تطوير الحوزة العلمية في النجف الأشرف؟

كان للشهيد الصدر عطاء للأمّة في مجالات متعددة وإحدى هذه المجالات هو مجال الحوزة العلمية، وكانت هناك إشكالات بعضها جوهرية، وبعضها شكلية؛ ولكنها كانت ضرورية خاصة وأن الحركة الإسلامية تتجه إلى قيادة العلماء وتثق كثيراً بالحوزة العلمية؛ لهذا اتجه شهيدنا الراحل لإصلاح وضع الحوزة على مختلف الأصعدة، على الصعيد العلمي كانت له آراء مهمة جداً، وألّف كتاباً في الأصول وفي تفسير القرآن وفي العلوم الفلسفية، وحثّ الحوزة العلمية على تبني طريقة عملية تفي بحاجة الأمّة دون أن تستهلك عمر الطالب.

كما أن للسيد الشهيد الصدر أعلى الله مقامه طموحات في تقويم المرجعية التي هي كانت جزءاً لا يتجزأ من حياة الحوزة العلمية، وهناك تداخل كبير بين حياة الحوزة العلمية والهيئة العلمية، وبين حياة المرجعية وطريقة تعاملها، وقد خطا خطوات مباركة في بناء المرجعية الرشيدة التي تعتمد على الفكر الجماعي وعلى المجالس الاستشارية وتستبعد العمل الفردي وتجعل المرجع يعيش آمال وآلام الأمّة عبر قنوات استشارية في المجالات العلمية وفي المجالات السياسية وفي المجالات الاجتماعية، وكانت خطوات من الشهيد الصدر أحدثت دوياً في الأوساط واستجابة رائعة من الأمّة التي كانت تعاني من تلك الثغرات القائمة في حياة المرجعية.

كما أن عمل المرجعية فيما يتعلق بين المرجعية وبين الأمّة كان يحتاج إلى تطوير وإلى تقويم وإلى إصلاح وقد سعى سيدنا الشهيد الصدر أعلى الله مقامه إلى إنجاز كثير من هذه الطموحات عبر بناء جهاز من العلماء الشباب الذين يتجهون إلى المناطق المختلفة في مواسم دورية أو بصورة دائمة، وقد أعد أطروحات لخارج العراق أيضاً لمناطق تواجد المؤمنين الذين يرتبطون بالمرجعية في النجف الأشرف ، وسعى إلى أن تستوعب الحوزة العلمية والهيئة العلمية طاقات شابة متنورة تحمل درجات علمية تتجه لحمل العلوم من الفقه والأصول وعلوم القرآن وما يحتاجه المبلغون حتى يكونوا دعاة وحمَلة للفكر الإسلامي بما يتناسب والعصر المعاش؛ لهذا فالحوزة العلمية والمرجعية مدينة لأفكار وتوجهات الشهيد الصدر وإن كانت لم تتح الفرص للشهيد لتطبيق كل برامجه، إلا أن الأمّة ستبقى تذكر، والثُلّة الصالحة من تلامذته ومريديه وحمَلة أفكاره سيبقون سائرين إن شاء الله على هذا النهج المبارك، ونأمل من الله أن تتاح فرص لتلامذة وميريدي وحملة أفكار الشهيد الصدر والحركة الإسلامية في العراق والحركة الإسلامية في العالم أن تتاح لها فرصة تطبيق ما لم يتمكن سيدنا الشهيد الصدر أو ما ضاق الوقت عن تطبيقه من برامجه وأفكاره فإن الأمّة محتاجة كل الاحتياج إلى تلك التصريحات وإلى تلك الأطروحات المباركة، نسأل الله أن ينفعنا بها ويجعلنا ممن يعملون على تثبيتها وإحيائها وإنجازها.

في آخر لقائنا نشكر فضيلة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد باقر الناصري على إجاباته وتوضيحاته ونسأله تعالى أن يوفقه لخير الإسلام والمسلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…