حسن التل
<وَعَدَ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ كَمَا اِسْتَخْلَفَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اَلَّذِي اِرْتَضىٰ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاٰ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْفٰاسِقُونَ >[1]
المقدمة
في الوقت الذي قرر فيه القرآن الكريم أن النصر الإلهي محتوم للذين يلتزمون أمر الله التزام فكر يعي الحياة بأبعادها المختلفة والتزام سلوك يتقيد بتكاليف الرسالة، فإن واقع الحال لهذه الأمة في هذه المرحلة الزمنية يؤكد نقض ذلك رغم كثرة الحركات وتعدد الأسماء، الأمر الذي يثير الشبهات بسبب ما تعاني منه الأمة الإسلامية من إحباط وفشل يشهد عليه واقع الحال باستثناءات محدودة، وتأتي قدرة القلة من حملة الدعوة الإسلامية على التصدي للبغي وفضح النقائض، لتكون دليلاً وشاهداً على قدرة هذا الدين على عدم التسليم للواقع الذي يعاني من الظلم والفقر والتفكك، مما أوصل المسلمين إلى هذا الحال من الوهن الذي يترجم حالهم ترجمة صريحة واضحة.
فالمسلمون اليوم أشلاء ممزّقة وأرض الإسلام بما فيها من خيرات مستباحة لأعدائها ومحرّمة على أهلها، وقد جاء ذلك جزاءً وفاقاً لهذا التردّي الذي وصلت إليه أحوال المسلمين، من اختلاف التصور والمناجزة التي أفقدتهم القدرة على التحرك القادر على لمّ الشمل وحشد القوة وتوجيهها الوجهة التي يريدها لهم القرآن الكريم.
وإن كان الزمن على امتداده وكثرة تناقضاته لم يخل من شاهد على الواقع لتتأكد حقيقة هذا الدين الذي هو دين البشرية كلها ووسيلة الهداية الوحيدة للمسلمين وللناس كافة <وَ لَقَدْ كَتَبْنٰا فِي اَلزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ اَلذِّكْرِ أَنَّ اَلْأَرْضَ يَرِثُهٰا عِبٰادِيَ اَلصّٰالِحُونَ * إِنَّ فِي هٰذٰا لَبَلاٰغاً لِقَوْمٍ عٰابِدِينَ * وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ * قُلْ إِنَّمٰا يُوحىٰ إِلَيَّ أَنَّمٰا إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ>.[2]
فقد أثبتت الأحداث على امتداد التاريخ بروزَ شخصيات قادرة على وعي حقائق الإسلام والالتزام بها ودفع تكاليفها، وإن كان المقام هنا لا يساعدنا على استعراض الشخصيات التي وعت حقائق الإسلام والتزمت بقيمه ودفعت ثمن ذلك دماً طهوراً شكّل إضاءة مستمرة لهذه الحقيقة، وقد كان الشهيد الصدر من أبرز الفرسان الذين خاضوا معركة الإسلام فكراً وسلوكاً، وقدّم فداء ذلك استعلاءً على الدنيا بكل ما فيها من بهارج وآثر ببساطة متواضعة لله.
لقد بدأ معركته من الداخل فكشف العيوب والعثرات التي علقت بالكيان الإسلامي ممثّلة بوعّاظ السلاطين، الذين آثروا إرضاء الحكّام على مصلحة الدعوة، وقد تمدّد هذا الفساد حتى شمل المؤسسة الدينية الرسمية بأشكالها المختلفة.
لذلك بدأ الشهيد معركته مع الفساد الداخلي، حيث كشف العيوب التي رانت على الكثير من العلماء، فأعاد للقيم الإسلامية منهجها الصحيح من حيث الالتزام بأهداف الرسالة والوقوف إلى جانب النصوص كما فهمها الرسول- وعاشتها نخبة الصحابة.
فأول ما أكد عليه الشهيد المرتكزات الأساسية في المنهج الإسلامي، وقد برزت هذه الحقيقة في شخصية الإمام الصدر التي اجتمعت فيها أبعاد الدعوة الحركية والقيادية والفكرية، فكانت حياته نموذجاً متميز الخصائص والسمات، فلم يكتف بأسلوب الدفاع لحفظ الإسلام، فتجاوز السيد الصدر أسلوب الدفاع إلى المواجهة محدثاً بذلك نقلة نوعية أخرجت النشاط الإسلامي من خندق الدفاع إلى ساحة المواجهة، فأعطى للإسلام صورة التحدي وخط الانطلاق نحو الاتجاهات المضادة، بحيث أصبح واضحاً انعكاس الأسلوب على يدي الشهيد الصدر، فالإسلام أصبح هو الذي يتحدى، وخصومه هم الذين يبحثون عن خنادق الدفاع والاحتماء من صولاته الفكرية المكتسحة، فعادت الثقة بالنفس إلى أبناء الإسلام، وطرح الفكر الإسلامي بصورته المتحدية والمؤثرة في الأوساط الثقافية والاجتماعية كما يقول حسين بركة الشامي في كتاب (محمد باقر الصدر دراسات في حياته وفكره).
صحيح أن الرجل تعرّض إلى مواجع كثيرة، كان استشهاده على الصورة المعروفة قمّة هذه المواجع، ولكن الصحيح كذلك أنه هزّ واقع العمل الإسلامي هزّة عنيفة أخرجته من أطر الدفاع إلى دوائر التحدي حتى أصبح الإسلام اليوم أمل المستضعفين والمقهورين والمظلومين، كل ذلك بفضل الدماء الطاهرة والجهود العظيمة التي قام بها روّاد العمل الإسلامي في العصر الحديث: الإمام الخميني وحسن البنّا ومحمد باقر الصدر وسيد قطب وقافلة الشهداء الطويلة الطويلة، التي ما زالت تسقي هذا الدين بدمها الطهور، تضرب وجوه الظلمة بكلماتها ويضربها الطغاة بسيوفهم حتى يلتقي الطرفان بين يدي الله <وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ اَللّٰهَ غٰافِلاً عَمّٰا يَعْمَلُ اَلظّٰالِمُونَ إِنَّمٰا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصٰارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لاٰ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَوٰاءٌ>.[3]
الشهيد والثورة
يمكن القول إن موقف السيد الشهيد محمد باقر الصدر! الداعم للثورة الإسلامية في إيران قبل وبعد انتصارها والداعم للإمام الراحل السيد روح الله الخميني! سواء إبّان وجوده في النجف الأشرف في العراق أو بعد مغادرته النجف وحتى انتصار الثورة الإسلامية.. إن هذا الموقف الذي وقفه الشهيد الصدر هو أحد أكبر الأسباب التي أدت إلى استشهاده في ظروف غاية في الخطورة كان الإمام الصدر يقدّرها ويعرف مؤديات تفاصيلها تماماً، غير أن توطين نفسه للشهادة بإخلاص كبير وتسليم إلى الله تعالى وانقياد كلي إلى أوامره جل وعلا _ وما وعد الشهداء من كرامة في الدنيا وفي الآخرة _ هيأ عنده استعداداً منقطع النظير لتحدي السلطة بكل قوتها وعنفها ولمقاومة ترهيبها وترغيبها، متخطياً الصعاب التي لا يتخطاها عادة إلا من ذاب في الله ونذر نفسه في سبيله وعاش لأجل الإسلام ومبادئه وإقامة حكمه على الأرض. وهو ما كان الشهيد الصدر يمثّله بحق، فنال الشهادة وأصبح دمه منذ استشهاده إدانة يومية للطغاة ومشعلاً يضيء درب الجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة لا إله إلا الله في الأرض.
وقد تمثّل موقف الشهيد الصدر الداعم للثورة الإسلامية في عدة اتجاهات تصبّ كلها في مجرى واحد هو العمل على إقامة الحكم الإسلامي حتى لو كان في إيران وليس في العراق، فلقد كانت أُمنية الصدر أن تقوم دولة إسلامية عادلة بقيادة مرجعية صالحة رشيدة موضوعية، وهو ما حدث في إيران، فكان الشهيد الصدر أبرز من وقف موقف الذائب في الثورة الإسلامية في إيران والذائب في مرجعية الإمام الخميني الراحل، كما سيتبين أثناء البحث.
ويبرز موقف الشهيد الصدر من الثورة الإسلامية في إيران في اتجاهات ثلاثة:
الأول: دعمه لمرجعية الإمام الخميني
الثاني: دعمه لكفاح الشعب الإيراني المسلم
الثالث: دور فكره في الثورة الإسلامية في إيران
وسنعرض لكل واحد من هذه الاتجاهات مع التفاصيل الضرورية المتعلقة بكل منها.
أولاً: دعم الشهيد الصدر لمرجعية الإمام الخميني
كانت تربط الإمام الخميني والشهيد الصدر” علاقة قوية، هي علاقة العالم بالعالم والثوري بالثوري والمجاهد بالمجاهد، فلم يكن خافياً موقف الإمام الخميني من الشاه ودوره الكبير في الجهاد ضد نظامه الفاسد، كما لم تكن مرجعيته الكبيرة بين المرجعيات الأخرى غائبة أو تستظل بظلالها، كذلك لم يكن الشهيد الصدر بعيداً عن نظر الإمام الخميني وإعجابه به بوصفه مفكراً إسلامياً لامعاً وعبقرياً من عباقرة العصر في كل ما كتب وأنتج من العلوم والمعارف، بل إن بينه وبين الشهيد مرتضى المطهري شبهاً كبيراً، وكان المطهري _ وهو أحد تلاميذ الإمام الخميني وكان كابنه _ عبقرياً آخر من عباقرة هذا العصر علماً ومعرفة وثورية وانقياداً مطلقاً إلى الله تعالى، حتى نال درجة الشهادة بعد انتصار الثورة بشهرين تقريباً، فكما كان الإمام الخميني يحب تلميذه البار المطهري كان يحب الشهيد الصدر ويقدّره، لما عرف فيه من نبوغ وتعال عن الذاتية ودعم كبير للتوجهات الثورية لإقامة حكم الإسلام، وهو ما كان الإمام الخميني يسير في الاتجاه نفسه بغية تحقيقه.
ولقد كان للشهيد الصدر مواقف مشرّفة في دعم مرجعية الإمام الخميني قبل انتصار الثورة الإسلامية وبعده إلى حين استشهاده! وهو مصرّ على دعمه للإمام ولثورته الإسلامية ولدولته الإسلامية المباركة التي كان يعدّها الشهيد الصدر هدفاً وغاية، وبعد أن تحققت فلم يعد يهمه شيء ووطّن نفسه على الشهادة وهو مطمئن إلى أن الإسلام عاد إلى الحياة السياسية قوياً، وليس مهماً أين يكون، في إيران أو في العراق أو في أي مكان إسلامي، وفي ذلك ما فيه من انتصار على الذاتية وذوبان في الهدف الكبير الذي طالما عبّر عنه السيد الشهيد في بياناته وخطاباته وتصريحاته أنه مستعد لأن يكون جندياً ينفّذ أوامر الإمام الخميني، وهو خلق العلماء الذي يندر أن يبرز على هذا المستوى الإنساني الكبير.
ولعل في ما يرويه سماحة السيد كاظم الحائري، وهو من تلاميذ الشهيد المقرّبين في القصة التالية، خير دليل على دعم السيد الشهيد لمرجعية الإمام الخميني في وقت مبكر جداً.
فلقد أراد السيد الشهيد أن يضع خطة للفداء والتضحية والاستشهاد يقوم بها هو على رأس طلابه، أملاً بأن تُحدث هذه الواقعة هزّة في المجتمع بعد أن تتناثر دماؤهم في الصحن الحيدري في النجف، يقول السيد الشهيد لتلميذه السيد كاظم الحائري:
والخطة التي أرى ضرورة تطبيقها اليوم هي أن أجمع ثلة من طلابي ومن صفوة أصحابي الذين يؤمنون بما أقول ويستعدون للفداء، ونذهب جميعاً إلى الصحن الشريف متحالفين فيما بيننا على أن لا نخرج من الصحن أحياء، وأنا أقوم خطيباً بينهم ضد الحكم القائم وتدعمني الثلة الطيبة الملتفّة من حولي، ونثور بوجه الظلم والطغيان، فسيجابهنا جمع من الزمرة الطاغية ونحن نعارضهم _ ولعله قال: ونحمل السلاح _ إلى أن يضطروا إلى قتلنا جميعاً في الصحن الشريف، وسأستثني ثلة من أصحابي عن الاشتراك في هذه المعركة كي يبقوا أحياء من بعدي، ويستثمروا الجو الذي سيحصل نتيجة لهذه التضحية والفداء.
قال): إن هذا العمل مشروط في رأيي بشرطين:
الشرط الأول: أن يوجد في الحوزة العلمية مستوى من التقبل لعمل من هذا القبيل، أما لو أطبقت الحوزة العلمية على بطلان هذا العمل، وكونه عملاً جنونياً أو مخالفاً لتقية واجبة فسوف يفقد هذا العمل أثره في نفوس الأمة ولا يؤتي ثماره المطلوبة.
الشرط الثاني: أن يوافق أحد المراجع الكبار مسبقاً على هذا العمل، كي يكتسب العمل في ذهن الأمة الشرعية الكاملة.
ويروي السيد الحائري أن الشرط الأول لم يتهيأ حسب ما رواه الشيخ محمد مهدي الآصفي للسيد الشهيد، وكان الآصفي مرسلاً من قبله إلى الحوزة.
يقول الحائرى:
وأما الشرط الثاني فرأى أستاذنا الشهيد) أن المرجع الوحيد الذي يترقب بشأنه أن يوافق على فكرة من هذا القبيل هو الإمام الخميني الذي كان يعيش وقتئذ في النجف الأشرف، فلا يصح أن يكون هذا العمل من دون استشارته، فذهب هو! إلى بيت السيد الإمام الخميني فبدا على وجه الإمام الخميني التألم وأجاب عن السؤال بكلمة لا أدري، وكانت هذه الكلمة تعني أن السيد الإمام الخميني كان يحتمل أن تكون الخسارة التي ستوجه إلى الأمة من جراء فقد هذا الوجود العظيم أكبر مما قد يترتب على هذا العمل من الفائدة.
وبهذا وذاك تبيّن أن الشرطين مفقودان، فعدل أستاذنا الشهيد) عن فكرته، وكان تاريخ هذه القصة بحدود عام 1390ق أو 1391ق ولعل التاريخ الصحيح هو سنة 1394ق.[4]
إن توجه السيد الشهيد إلى بيت الإمام الخميني للحصول على موافقة على فكرة الفداء لم يكن فقط من باب الخط الثوري للإمام الخميني، وإنما كان أيضاً لما يرى فيه من مرجعية لو حصل ووافق على الفكرة لكان لها رد فعل كبير الأثر في الناس. ومن هنا ندرك مدى ما للإمام الخميني من مكانة عند السيد الشهيد وهي مكانة خارج إطار الأمور الشخصية والعواطف والمجاملات، بل متأتية من مسيرة الرجل ودوره المرجعي والثوري سواء داخل إيران أو خارجها، ورجل مثل السيد الشهيد لم يكن ليقصد الإمام الخميني للحصول على موافقته على الفكرة لولا أن الإمام الخميني أهل لذلك الموقف من جوانب كثيرة وأسباب موضوعية.
ولقد كان الشهيد في خطه الجهادي مستعداً للتنازل عن وجوده الاعتباري وللذوبان في أي مرجعية صالحة تخدم الإسلام، وكان في كل مرة يشير إلى الإمام الخميني كمثال بارز للمرجعية التي ينبغي الذوبان فيها، فلقد خاطب مرة خاصة طلابه في اجتماع خاص بهم قائلاً:
يجب عليكم أن لا تتعاملوا مع هذه المرجعية _ وقصد مرجعيته _ بروح عاطفية وشخصية، وأن لا تجعلوا ارتباطكم بي حاجزاً عن الموضوعية، بل يجب أن يكون المقياس هو مصلحة الإسلام، فأي مرجعية أخرى استطاعت أن تخدم الإسلام وتحقق له أهدافه يجب أن تقفوا معها وتدافعوا عنها وتذوبوا فيها، فلو أن مرجعية السيد الخميني مثلاً حققت ذلك فلا يجوز أن يحول ارتباطكم بي عن الذوبان في مرجعية.[5]
وحسب الشيخ محمدرضا النعماني فإن كلام السيد الشهيد أعلاه كان قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران بعشر سنوات تقريباً.[6]
إن تأكيد السيد الشهيد على مرجعية الإمام الخميني وضرورة الذوبان فيها في وقت مبكر ليعبّر عن أهمية هذه المرجعية في خدمة الإسلام، ويعبّر عن صواب نظر السيد الشهيد وتقديره لهذه المرجعية الكبيرة.
ويذكر الشيخ النعماني من صور الدعم التي قدّمها السيد الشهيد للإمام الخميني أن السيد الشهيد ذهب إلى بيت الإمام لزيارته وتوديعه بعد أن علم أن الإمام الخميني قرّر مغادرة العراق، ورغم أن هذا التوديع لم يتمّ حيث كان الإمام قد غادر النجف في ساعة مبكرة من صباح ذلك اليوم، فإن السيد الشهيد رحمه الله قد دخل المنزل وجلس مع بعض من كان فيه من المرتبطين بالسيد الإمام رحمه الله مظهراً لهم التأييد والمساندة، رغم تطويق قوات الأمن للمنزل ومراقبة من يتردد عليه. وهذا الموقف اعتبرته السلطة من المواقف التي أدانت بها السيد الشهيد! في الاعتقال الذي تعرّض له في انتفاضة رجب. وكان قد عطّل أبحاثه في ذلك اليوم وقال: (إن رحيل السيد الخميني من النجف خسارة كبيرة).[7]
إن من قدّر له أن يعيش تلك الفترة في العراق أو يتابع الأمور _ حتى لو كان خارج العراق _ يدرك مدى الشجاعة التي يمتلكها السيد الشهيد وهو يزور مرجعاً مثل الإمام الخميني كان يمثّل للسلطة في العراق كما يمثل للسلطة في إيران خطراً لا ينبغي التهاون معه، ولذلك فإن السيد الشهيد قد واجه عنتاً كبيراً من رجال الأمن في العراق بسبب زيارته لمنزل الإمام الخميني، التي تعني بوضوح تأييداً له ودعماً له وتحدياً للسلطة وخروجاً على المألوف.
ولقد ظلت هذه الزيارة _ بالإضافة إلى مواقف دعم السيد الشهيد للإمام الخميني بصورة عامة _ سيفاً يشهره رجال الأمن والسلطة في العراق بوجه السيد الشهيد حتى استشهاده.
ويورد الشيخ النعماني ما كتبه السيد الشهيد بخطه الشريف في الرسالة التي وجّهها إلى طلابه في إيران في أوائل انتصار الثورة الإسلامية، وفيها عبر كبيرة وتجارب عظيمة لكل من أراد التصدي للعمل الحركي، بل ولكل مسلم مهما كان موقعه ومكانته.
وهنا مقاطع من تلك الرسائل البليغة التي يعجز القلم عن التعليق عليها، وهي بذاتها قطع استوفت شروط الوصول إلى متلقّيها على اختلاف أشخاصهم:
إن الواجب على كل واحد منكم وعلى كل فرد قدّر له حظه السعيد أن يعيش في كنف هذه التجربة الإسلامية الرائدة أن يبذل كل طاقاته وكل ما لديه من إمكانات وخدمات، ويضع ذلك كله في خدمة التجربة، فلا توقّف في البذل والبناء يشاد لأجل الإسلام، ولا حد للبذل والقضية ترتفع رايتها بقوة الإسلام.
ويجب أن يكون واضحاً أن مرجعية السيد الخميني _ التي جسّدت آمال الإسلام في إيران اليوم _ لابد من الالتفاف حولها والإخلاص لها وحماية مصالحها والذوبان في وجودها العظيم بقدر ذوبانها في هدفها العظيم.
ويقول!:
لو أن السيد الخميني أمرني أن أسكن في قرية من قرى إيران أخدم فيها الإسلام لما ترددت في ذلك. إن السيد الخميني حقّق ما كنت أسعى إلى تحقيقه..[8]
لقد كان لهذا الدعم المطلق للإمام الخميني من قبل الشهيد الصدر دور كبير في دفع الوعي الثوري لدى الملايين من المتطلعين إلى الثورة الإسلامية سواء داخل العراق أو خارجه وفي إيران تحديداً، نظراً لقوة حضور السيد الشهيد بوصفه مرجعاً كبيراً ومفكراً عملاقاً وثورياً يتحدى الإرهاب السلطوي، إلى أن دفع ثمن موقفه العظيم هذا باستشهاده! وهو مقبل على الشهادة غير مدبر، خاصة بعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، وهو ما كان الشهيد الصدر يتطلع إليه.
ثانياً: دعم الشهيد الصدر لكفاح الشعب الإيراني المسلم
أبرزنا بعضاً من الصور الرائعة التي تتجلى فيها مواقف السيد الشهيد الداعمة لمرجعية الإمام الخميني في معظم أطوار مسيرته الجهادية، وننتقل هنا إلى مواقف السيد الشهيد الداعمة لكفاح الشعب الإيراني المسلم، سواء كان ذلك الدعم قبل انتصار الثورة الإسلامية أو بعده، ويمكن القول: إن السيد الشهيد هو المرجع الوحيد الذي وقف مؤيداً وداعماً لتلك الثورة بشكل واضح ومباشر متحدياً السلطة في العراق على خطورة ذلك التحدي، وهو ما أدى فعلاً إلى استشهاده!.
إن جهود السيد الشهيد في مجملها كانت ترمي إلى أن ينتصر الإسلام ويقيم حكومته، فالإسلام (دين الاستقلال والحرية، والصراع ضد الظلم والاستكبار، والسعي نحو العدل والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا ريب في أن تنفيذ هذه البرامج يحتاج إلى حكومة إسلامية قوية..).[9]
ومن الطبيعي أن بوادر الثورة الإسلامية في إيران كانت تلوح وكانت الظروف كلها تشير إلى قرب انطلاقها، والسيد الشهيد الذي كان بؤرة العمل الجهادي التغييري في العراق لم تكن تختلف عنده المسألة في أي من بلاد الإسلام تقوم الثورة، وكان يتوقع قيامها في العراق أو في إيران، وكان موقفه معلناً صريحاً في حال قيامها في كلا البلدين أو في واحد منهما، وحين قامت الثورة الإسلامية في إيران وأعلن صراحة دعمه لها بكل وسيلة، قيل له بأن لا يندفع وأن يتريث خوفاً على حياته وعلى مرجعيته ولكنه كان يقول:
إن هؤلاء الذين يطلبون مني أن أتريث وأن أتخذ موقفاً من الثورة الإسلامية لا يثير السلطة الحاكمة في العراق حفاظاً على حياتي ومرجعيتي لا يعرفون من الأمور إلا ظواهرها. إن الواجب على هذه المرجعية وعلى النجف كلها أن تتخذ الموقف المناسب والمطلوب تجاه الثورة الإسلامية في إيران، ما هو هدف المرجعيات على طول التاريخ؟ أليس هو إقامة حكم اللهÅ على الأرض؟ وها هي مرجعية الإمام الخميني قد حققت ذلك فهل من المنطقي أن أقف موقف المتفرج ولا أتخذ الموقف الصحيح والمناسب حتى لو كلّفني ذلك حياتي وكل ما أملك؟[10]
هكذا كان تصميم السيد الشهيد على دعم ثورة الشعب الإيراني المسلم ودعم قيادته ومرجعيته الرشيدة الموضوعية، فلقد كان! مؤمناً بأن النصر لابد وأن يكون حليف المجاهدين المتفانين في الذود عن وجودهم وكرامتهم وإنسانيتهم المضحّين من أجل إعلاء كلمة الإسلام.
ويتحدث الشهيد الصدر عن الشعب الإيراني _ في الرسالة التي بعث بها إلى الإمام الخميني وهو في باريس قبل انتصار الثورة الإسلامية _ بالقول:
فإننا في النجف الأشرف إذ نعيش مع الشعب الإيراني بكل قلوبنا ونشاركه آلامه وآماله، نؤمن أن تاريخ هذا الشعب العظيم أثبت أنه كان ولا يزال شعباً أبياً شجاعاً وقادراً على التضحية والصمود من أجل القضية التي يؤمن بها ويجد فيها هدفه وكرامته.. .
ولم يعبّر شعب عن حريته النضالية تعبيراً أوضح وأجلى مما عبّر به الشعب الإيراني المسلم عن هويته الإسلامية في كل ما خاضه من معارك شريفة كانت التعبئة لكل واحد منا تتسم باسم الإسلام، ولئن كان الشعب الإيراني قد عبّر عن هويته النضالية الأصيلة باستمرار فإن نهضته النضالية المعاصرة لهي التعبير الأروع عن تلك الهوية النضالية المؤمنة التي عبّر بها الشعب الإيراني عن نفسه ولا يزال، وهي من أعظم ذخائر الإسلام وطاقاته التي يملكها في التاريخ الإسلامي الحديث..[11]
ويذكر الشيخ النعماني بعضاً من مواقف السيد الشهيد بعد انتصار الثورة الإسلامية ومنها:
1 _ قام! بعد أن بلغه نبأ انتصارها بإعلان التعطيل لدروسه ابتهاجاً وفرحاً بذلك الحدث التاريخي العظيم، وتحدّث في البحث الذي أعلن فيه التعطيل عن ضرورة دعمها وإسنادها ووجوب الوقوف معها في السراء والضراء.
2 _ وأراد! أن يحرّك الساحة باتجاه إيجاد تأييد شعبي عام وشامل، فدعا بعض أنصاره إلى تنظيم تظاهرة شعبية لتأييد الثورة الإسلامية في إيران وإظهار الابتهاج بانتصارها، فهرع الشباب المؤمن فخرجوا بتظاهرة من جامع الخضراء بعد صلاتي المغرب والعشاء رفع المتظاهرون فيها صور الشهيد والسيد الإمام” وهي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل ذلك في العراق.
3 _ وكتب! رسالة إلى طلابه الذين هاجروا إلى الجمهورية الإسلامية في إيران دعاهم فيها إلى بذل كل الطاقات والإمكانات لخدمة الثورة، وأكد لهم فيها ضرورة الالتفاف حول مرجعية السيد الخميني) والعمل على إسنادها ودعمها).[12] وقد أوردنا مقاطع منها.
4 _ وفي الفترة التي عمل فيها أعداء الثورة الإسلامية في إيران على إثارة القلاقل والفتن وتحريض عرب إيران على التمرد والعصيان وجّه! رسالة إليهم دعاهم فيها إلى نبذ الفكر الجاهلي والقومي وطلب منهم الالتفاف حول قيادة الإمام الخميني.[13]
5 _ ومن أهم صور الدعم والإسناد للثورة الإسلامية في إيران كتابة حلقات (الإسلام يقود الحياة) وكان سبب تأليفه أنه رحمه الله رأى أن بعض القوى التي برزت على الساحة الإسلامية في إيران بعد انتصار الثورة كانت تشكّل خطراً كبيراً على الثورة وقال في تلك الفترة: (لأجل تجاوز هذا الخطر يجب أن تطرح رسالة الإمام [توضيح المسائل] كشعار يرفعه كل إيراني ويطالب بتطبيقها).[14]
ثالثاً: دور فكر الشهيد الصدر في الثورة الإسلامية في إيران
لا تسع هذه الوجيزة استعراض جميع صور دعم السيد الشهيد للثورة الإسلامية في إيران، ولكن لا يمكن إغفال دور وفكر (مؤلفات السيد الشهيد) في الثورة الإسلامية فرغم (الدور البارز للشهيد الصدر) على المستويين المباشر والعملي في الثورة الإسلامية الإيرانية والتنظير لها بحيث لقّبوه بـ(رفيق الإمام الخميني) و(عرّاب الثورة الإسلامية في إيران) و(خميني العراق) و..، والثورة الإسلامية في إيران مدينة للتعاون والانسجام الفكري بين هذين القائدين، لكن هذه الأمور لم تكن فقط نتيجة لعمل الشهيد الصدر وأتباعه تجاه الثورة الإسلامية في إيران، بل هي نتيجة لمؤلفاته وأفكاره وبياناته).[15]
ويستعرض محمدحسين جمشيدي بإيجاز بعضاً من مؤلفات الشهيد الصدر وأثرها في تنمية الوعي الثوري والفكري بين أبناء الشعب الإيراني المسلم، ولاسيما في صفوف طلبة العلم والجامعيين، وينقل جمشيدي عن شائول نجاش قوله: (من جملة الكتب التي كان لها نفوذها الخاص كتاب اقتصادنا تأليف السيد محمد باقر الصدر.. وكان تأثير الصدر في إيران كبيراً جداً، وكان كتابه مرجعاً للعلماء الإيرانيين الذين كانوا يبحثون عن مسوّغ لتقييد الملكية الخاصة وتدخّل الدولة في الاقتصاد).[16] هذا بالنسبة لكتاب (اقتصادنا).
وعن (الإسلام يقود الحياة) وغيره يقول جمشيدي:
فكتاب الإسلام يقود الحياة وكذلك التفسير الموضوعي والرسائل والبرقيات ما هي إلا مساعٍ لوضع أساس فلسفي فقهي للثورة الإسلامية في إيران، ويشتمل كتاب الإسلام يقود الحياة على ستة أجزاء:
أ _ لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في إيران، وهذا الكتاب في حقيقته مسودّة لدستور الجمهورية الإسلامية في إيران كتبه لكي تستفيد منه القيادة في وضعها للدستور الإسلامي، وقد أرسله إلى الإمام الخميني بواسطة تلميذه البارز السيد محمود الهاشمي، وبعد ذلك كتب بحثاً مشابهاً كان جواب سؤال طرحه عليه جماعة من علماء لبنان حول الحركة الإسلامية.. .
ب _ صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي، ويتضمن الخطوط العامة للاقتصاد الإسلامي، وفيما يتعلق بالشعب الإيراني والثورة الإسلامية يقول فيه: وبعد فإني أشعر باعتزاز كبير يغمر نفسي وأنا أتحدث إلى هذا الشعب العظيم، إلى هذا الشعب الإيراني المسلم الذي كتب بجهاده ودمه وبطولته الفريدة تاريخ الإسلام من جديد، وقدّم إلى العالم تجسيداً حياً ناطقاً لأيام الإسلام الأولى بكل ما زخرت به من ملاحم الشجاعة والايمان.
ج _ خطوط تفصيلية عن اقتصاد المجتمع الإسلامي
د _ خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء
هـ _ منابع القدرة في الدولة الإسلامية
و _ الأسس العامة للبنك في المجتمع الإسلامي.[17]
الصدر والمطهري والثورة الإسلامية
ولا شك في أن المفكر الإسلامي الكبير السيد الشهيد الصدر يلتقي في مجمل طروحاته الفكرية التغييرية مع مفكر إسلامي كبير أيضاً هو الشهيد مرتضى المطهري، الذي كان له _ هو الآخر وبدرجة كبيرة ومباشرة _ دور عظيم فكرياً وجهادياً في إنجاح الثورة الإسلامية في إيران، نظراً لما قدّمه من فكر رسالي تغييري أحدث هزّات هائلة في عملية الوعي الثوري للشعب الإيراني المسلم.
وقد يكون من الظلم للشهيدين السعيدين هنا أن نجري بينهما مقارنة في المجال الضيق من هذا البحث، إلا أننا نلتمس سبيلاً إلى شيء من تلك المقارنة موجهاً في مدى تأثير فكر كل من الشهيدين في الثورة الإسلامية من خلال استلهام الشعب الإيراني الواعي لفكري الشهيدين، لاسيما وأنهما عاصرا معاً كل في موقعه الجغرافي والعلمي أحداث ما قبل انتصار الثورة الإسلامية وقليلاً من أحداث ما بعد الانتصار.
ولعل من الضروري الإشارة أولاً إلى أن السيد الشهيد الصدر كان هو الوحيد في النجف، الذي تحدى السلطة وأقام مجلس فاتحة على روح الشهيد المطهري، وحينها جاءته مجموعة من قبل النظام العراقي وقالوا له: إن المطهري رجل إيراني ونحن عرب، فأجابهم الصدر: (لا أهتم بما تؤمنون به ولا أقبل القومية والحدود بين الشعوب، هذا موقفي ولن أتنازل عنه).[18]
لقد وقف كلا المفكرين موقفاً مشرّفاً في دعم الثورة الإسلامية ودعم قائدها الإمام الخميني، فالشهيد الصدر (تحرك بإرادة كبيرة ومثابرة عجيبة لتدوين مجموعة من الدراسات العميقة التي جاءت دواءً للمعضلات المغلقة، ولكي يوفّر للمجتمع الإسلامي الرؤية التي يقوم على أساسها.. .
والشهيد المطهري حمل هو الآخر ما يملكه واضعاً إياه على كفّيه وقد قدّمه إلى الشعب الإيراني. لقد كان يؤمن أن الجمهورية الإسلامية هي الأطروحة التي تحقق له أهدافه، لذلك بذل جهوداً كبيرة في طريق صوغ المباني الإسلامية لهذه الحركة العظيمة وعرضها، لقد وظّف رصيده العلمي العظيم في سبيل بيان أهداف الثورة الإسلامية وبرامجها، وقد واجه من خلال هذا الموقف المحسوب الأفكار المنحرفة والباطلة واستبسل في تثبيت حاكمية القيم الإسلامية الأصيلة.
لقد كان هذان العظيمان يعتقدان أن الحركة الفكرية ستبقى عقيمة من دون سند يمثّله لها الجهاد الأكبر والحركة المعنوية العميقة والتحول الروحي العظيم).[19]
ومن سعادة المفكرين المجاهدين أنهما نالا الشهادة خاتمة لنهجهما الرسالي المخلص وثمناً لمواقفهما العظيمة في الثورة الإسلامية في إيران. الشهيد الصدر دفع الثمن بسبب موقف السلطة في العراق منه ومن الثورة الإسلامية معاً، والشهيد المطهري دفع الثمن بسبب كشفه الانحرافات والأباطيل وتأكيده على الروح الإسلامية الأصيلة وثمناً لمسيرته الجهادية والفكرية التي ما توقّف عطاؤها حتى انتصار الثورة؛ ولذلك لم يمهله الظالمون الجناة فأردوه قتيلاً مضمّخاً بعطر الشهادة بعد شهرين من انتصار الثورة.
الإمام الخميني يصدر بياناً عن استشهاد الصدر
وكما أصدر الإمام الخميني! بياناً في اليوم التالي لشهادة المفكر العظيم مرتضى المطهري واصفاً إياه من جملة ما وصفه قائلاً: (وإني وإن خسرت ابناً عزيزاً كان كبضعة مني، ولكني أفتخر بأن كان في الإسلام وسيكون مثل هذا الابن المجاهد)[20] فإنه! أصدر بيانه التاريخي باستشهاد الإمام الصدر وأخته العلوية بنت الهدى ومما جاء في البيان:
تبيّن _ ببالغ الأسف _ .. أن المرحوم آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر وشقيقته المكرمة المظلومة _ والتي كانت من أساتذة العلم والأخلاق ومفاخر العلم والأدب _ قد نالا درجة الشهادة الرفيعة على أيدي النظام العراقي.. وذلك بصورة مفجعة فلا عجب لشهادة هؤلاء العظام الذين أمضوا عمراً من الجهاد في سبيل الأهداف الإسلامية على أيدي أشخاص جناة قضوا حياتهم بامتصاص الدماء والظلم، وإنما العجب هو أن يموت مجاهدو طريق الحق في الفراش دون أن يلطّخ الجناة أيديهم الخبيثة بدمائهم.[21]
وهكذا يقدّم الإمام الخميني وفاءً بوفاء، ويضرب المثل الأعلى للمرجعية الصالحة التي لا تتنكر لمواقف المجاهدين الداعمين لتلك المرجعية وللثورة الإسلامية العظيمة خاصة وللإسلام عامة.
[1]. النور: 55.
[2]. الأنبياء: 105_108.
[3]. إبراهيم: 42_43.
[4]. الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار، الشيخ محمدرضا النعماني، الطبعة الثانية 1997_1417، ص134، وما بعدها نقلاً عن السيد كاظم الحائري (مباحث الأصول، ج1، ص49).
[5]. م. ن، ص163.
[6]. م. ن.
[7]. م. ن، ص163 _ 250.
[8]. م. ن، ص163 _ 164.
[9]. حجة الإسلام والمسلمين إبراهيم أميني، (الدين والسياسة)، مجلة التوحيد الإسلامية الفكرية، العدد الرابع، السنة الأولى، رمضان _ شوال 1403، ص124.
[10]. سنوات المحنة وأيام الحصار، ص248.
[11]. م. ن، ص251 وما بعدها.
[12]. م. ن، ص258.
[13]. م. ن.
[14]. م. ن، ص256 وما بعدها، وفي كتاب الشيخ النعماني صور رائعة لدعم السيد الشهيد للثورة الإسلامية ولقائدها ينبغي الرجوع إليها على إيجازها.
[15]. محمدحسين جمشيدي، (دور فكر الشهيد الصدر في الثورة الإسلامية في إيران)، مجلة قضايا إسلامية، العدد الثالث، 1417ق / 1996م، ص270، ترجمة علاء الرضائي، وضم هذا العدد من المجلة ملفاً خاصاً بفكر السيد الشهيد الصدر يجدر العودة إليه.
[16]. م. ن، ص271 _ 272 مع تفصيلات أخرى مهمة.
[17]. م. ن.
[18]. م. ن، ص273، نقلاً عن ع. عصياني، (آية الله الشهيد الصدر انطلاقة نداء في الأمة الإسلامية في العراق)، صحيفة كيهان، 8 نيسان 1982، العدد 11547، ص10.
[19]. خالد توفيق، (أسئلة الذكرى والواقع الفكري الراهن)، مجلة قضايا إسلامية، ص407.
[20]. من بيان الإمام الخميني عن استشهاد الشيخ مرتضى المطهري.
[21]. من بيان الإمام الخميني عن استشهاد الإمام السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية بنت الهدى.