السيد محمد باقر الصدر في المكتبة الاسلامية مراجعة في أهم ما صدر حوله من اعمال بعد استشهاده

إطلالة على مدرسة الشهيد الصدر الفلسفية

سرمد الطائي[1]

الابداع في جوهره طرح يتميز بجدة استثنائية، وجهد ينتفض على الواقع الرتيب، فيغوص في عمق اشكالياته، ليعيد صياغة الأسس التي تعتمد في تقديم حلول لتلك الاشكاليات، وبالتالي يعيد انتاج اساليب معالجة الموضوع، عبر ما يقدمه من بدائل، لتكوّن بمجموعها الذات التي تضطلع بمشروع التغيير.

وعلاوة على ضرورة توافر هكذا كفاءة في المبدع، فان ثمة شرطاً آخر لابد من احرازه لضمان نجاح الممارسة الابداعية وتواصلها وديمومتها، وهو الحجم الكافي من الجرأة والشجاعة على كسر صنم التقليدية المريض (ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم)[2]، واستبداله بما يناسب حاجات الحركة المعقدة للمجتمع، أو بعض سياقاتها الحساسة.

وفي ضوء هذا لنا ان نلتمس المبدعين في منحنيات خارطة التأريخ وانشعاباتها، ولنا أن ننعى على ظروف ذلك التأريخ، وحدود الجغرافيا، وأطر الأثنية والمذهبية والطائفية الضيقة.. كم أقصت وغيّبت من اشخاص تجلّى فيهم الابداع بعفويته وقوته، وهدوئه المهيب وعنفوانه التغييري، الذي يمنح الحضارة روحاً تتجدد، وضميراً يحرص على مراجعة السرى، ولا اقول المسير، وسط ظلام الجهل وسطوة التخلف واستبداد الانسان، بين مناوئ يعتنق شريعة الجور، وقريب لا يجد غضاضة في «الغبطة»، التي سرعان ما تستحيل، تحت ضغط (المبررات) الى حسد سافر، (تشرعنه) و (تجوّزه) ثم تجده (لازماً).. تقتضيه المصلحة (العامة!)، وتستوفى ببركته مصالح العباد والبلاد.

وهل للمرء ان يسهب هنا ويطنب، وهل له أن يتردد باستعارة المثل العتيق.. ما يوم حليمة بسر؟! أم له حينئذ أن يتساءل حول حشد من (المبدعين)، لم يجد لاضافاتهم (الجليلة) أثراً، إلاّ في مهارة استثمروها لتجيير تحولات لاسهم لهم في صنعها، وانتهازية تسللوا عبرها الى حيث يمكن مصادرة جهود الآخرين والسطو على نضال الفكر ونضال الأمم، وزيف اتاح لهم ابتداع انماط جديدة من الديماغوجيا والتزوير، جعلت من خوائهم مثالاً للبصيرة، ومن عيِّهم ايقاع ريادة تخشع لذكره الأجيال، ومن إفسادهم خدمات للأمة ودعماً لمسيرها الحضاري!

ولعل المرء يجد ان نفض يديه من صخب هذه التساؤلات أحجى، ويرى عزاءه في تصفح الأوراق المنسية أو التي تكاد تنسى، بل تلك التي يتربص بها الكثيرون تقادم الزمن، لتصفر وتتآكل، ثم تذروها الرياح.

ليس من غرور الذات القومية أو الدينية ولا المذهبية، أن نتغنى بالسيد محمد باقر الصدر الذي «وجدت الأنا هويتها في كتبه: فلسفتنا، واقتصادنا، من اجل التركيز على خصوصيتها في مواجهة الآخر» كما عبّر حنفي[3]، ثم ليس من الخيلاء الفارغ والنفخ في الشخوص والأعمال لتهويلها وتضخيمها، أن نزهو بـ «فلسفتنا» التي يعتقد د . أكرم زعيتر «ان المادية الديالكتيكية لم تجابه بمناقشات فلسفية واعية.. ولم تقرع بردود علمية من قبل كتّاب العرب المتفلسفين كما جوبهت وكما قرعت بهذا الكتاب، وانه لم ينازلها منازل عربي أو مسلم عنيد.. مثل محمد باقر الصدر»[4]، أو (اقتصادنا) الذي يقول عنه خبير بقوانين الشرق الأوسط بعد عقدين من رحيل مؤلفه تقريباً: «لا تزال دراسة «اقتصادنا» متميزة في الاتقان والعمق، ففي العالم الاسلامي. وبالرغم من اتباع المصارف الأسلامية النمط الحديث منذ اواخر السبعينات في الشرق الأوسط ومناطق اخرى، لم تنشر الى الآن، بحسب علمي، اي كتابات تضاهي اسهام الصدر في الموضوع»[5]، أو الأسس المنطقية للاستقراء، التي جعلت فيلسوفاً ينتمي مدرسياً الى الاتجاه البوبري والنقدية المحدثة في اوربا يتحدث عن الصدر فيضعه في مصاف كبار فلاسفة اوربا نظير لابلاس وكينز وراسل وغيرهم[6].وأيضاً، فليس استذكار اعمال الصدر والحديث عنها بكاء على الأطلال، نترجم به جموح شاعرية لذات ظلت جراحها تُنكأ بلا شفقة، بل انه دعوة لتمثل الابداع وفرز معاييره كي لا يتيه من بدأ الطريق في مسارات الحاضر التي لم تعد تنتج إلاّ المكرور، لتقولب به المتغير وتلبسه سيماء مرحلة لم يرد لها ابداً ان تكون قدر الانسانية الحتمي، انه تضرع للعقل الصارم الذي تبنى ما تبنى يوماً وراح يهرطق الصور التي لم يألفها للأشياء، نعم تضرع للعقل لكي يجرد حقائقه عن شيء من تعاليها، فينصت لمفردات الواقع الأخرى، ثم يقيس ليحاكم، مذعناً لحقيقة ان الرهان على أمان تزوره في الحقل، لن يصمد امام حسابات ستفاجئه في البيدر، فتُهلك احلامُ الأوصياء، احلامَ الموصى عليهم، ونظل ندفع ضرائب الآخرين!

ليس من الغريب ان يتجاهل الآخرون شخصية الصدر العلمية، ولكن الغريب ان نجد انفسنا نحن نتجاهل ونجفو، ولربما نبدي الاعجاب، أو نمتدح بصوت هامس مثلاً، لكننا لم نعتزم يوماً استلهام (الصدر ـ المنهج)، والسير في طريق ستؤدي الى استكمال مشاريع الصدر المتوقفة،
كل هذه السنين العجاف التي اعقبت عطاءه.

اما اذا نسينا الصدر الفيلسوف والقانوني والمفسّر، والصدر الانسان، فماذا عن الصدر الفقيه والأصولي؟ ، حيث اننا نجد الاتجاهات في حقل اصول الفقه، التي اعقبت مدرسة الشيخ المجدد الأنصاري، مازالت تتحرك في افقه وتوظف ادواته وتستخدم لغته في التفكير، بينما اخذ السيد محمد باقر الصدر حيزاً مستقلاً في الميدان، وراح يوظّف ادوات جديدة، ويمنح لغة التفكير افقاً ذا مدى اوسع، ومحتوى منهجياً تأصيلياً، راح يخرج بنتائج تعين على بناء نظرية تخرج الفقه عن طابعه الفتوائي، فاذا كانت اوساطنا العلمية قاصرة حتى الآن في معظم سياقاتها العامة وجاهزيتها عن ملاحقة حشد الأفكار التأسيسية التي طرحها الصدر، كمنهج ـ نفتقر اليه ـ ايما افتقار، في عالم لم ينظم افكاره ناظم متسق بعد، في فلسفة العلم ومناهج المعرفة البشرية، وفي قوننة الفقه وتقديم المذهب الاقتصادي المتماسك باستخراجه من تضاعيف مادة خام من الفتاوى والآراء الفقهية، التي باعدتها مراكمات التأريخ المرّ عن واقعها وموضوعها، فيما يشبه باجراء جراحة قيصرية، وفي تجسير العلاقة بين العقيدة ـ في صياغتها الكلامية ـ ، والمعترك الاجتماعي الانساني لأجل تحويلها من قضايا تجريدية افرزها احتدام الجدل الكلامي العتيد، الى معطيات اجتماعية تمنح حركة المجتمع قيمتها الخاصة المشبعة بروح الاسلام.. و ..، اقول اذا عجز درسنا التقليدي عن ملاحقة ذلك المنهج الحديث والمتحرك في مساحات لم نألفها بالمستوى اللازم، فان هذا المبرر يتلاشى حين نتحدث عن مدرسة الصدر في اصول الفقه الذي يحظى بالقسط الأوفر من اهتماماتنا التقليدية، مما يجعل من الصعب تفسير الجفاء الذي تقابل به نظريات الصدر الاصولية. والتي يعتبر الكثير منها تحدياً حقيقياً للمنهج الأصولي الراهن.

لقد أجمع دارسو الصدر وناقدوه وقارئو تركته العلمية على انها تتعرض للجفاء المستمر والغريب، فلماذا هذا الاجماع على حصول الحيف، والنكوص شبه التام عن مواصلة شوط بدأه الصدر بالابداع، وترك لنا دور النقد المعطاء وتقديم البديل الملائم للحاجات المتجددة بالروح والمنطلق ونوع الهم الرسالي، الذي تعلمناه منه أو هكذا يفترض، وفي اعتقادنا ان الجهود العلمية ستظل في معظمها شارحة للصدر، بعيدة عن ممارسة النقد لتراثه الذي علّمنا ان الفكر لا يصلحه سوى النقد والتقويم الدائم، واتصور ان جيل النقاد لن يولد إلاّ بعد طروء تغييرات جذرية في نمط تعاملنا مع الفكر. كقيمة حياتية، ونوع وعينا للشريعة ككيان حي يضفي على الحياة سماته الخاصة، واجراء تعديلات في لون رؤيتنا للعالم، الحضارة، الآخر، والتحديات التي لن تمهلنا كثيراً للتفكير في خوض النزال، نعم، ان جيلاً ناقداً ومضيفاً لن يرى النور مالم يتزود بذلك النمط من الوعي الذي انطلق منه محمد باقر الصدر، ليواجه اشكاليات العصر ـ الذي تغير اليوم كثيراً بعد رحيل الصدر ـ بواقعية وموضوعية، دون أن يربكه ضعفنا الفعلي أو يصيبه بالغرور ألق مجد قديم، يدفعه الى اختزال الحلول ببضعة خطب تلهب العاطفة وقد تميت العقل، فتعبئ الأمة ولا تضع بين يديها سلاح المواجهة.

وعذراً  لو بان من الحديث شيء من التبخيسية غير المقصودة حيال الجهود الكثيرة التي بذلت باخلاص من اجل محمد باقر الصدر.

سنعرض في ما يلي لأهم ما كتب بالعربية عن الأمام الشهيد الصدر، وفق تسلسله التأريخي بدءاً من مطلع الثمانينات وحتى آخر ما بلغنا من كتب حوله، وسنكتفي بتوصيف الأغلب، بينما نقف مع بعض الأعمال وقفات قد تطول قليلاً، ونشير الى ان عملنا السريع هذا اخذ بنظر الاعتبار الأعمال المستقلة مع الاقرار بأن هناك المئات من الدراسات والمقالات المبثوثة في الدوريات الثقافية والفكرية والصحف المتنوعة، مما كتب حول الشهيد الصدر، وفيه الكثير من القيّم والمهم، ولعل بعض الأعمال المستقلة غابت عنا او منعنا قدر من العجلة عن ذكرها قصوراً او تقصيراً، يكون عذراً حيال أصحابها وما حملته من افكار ودعوات سامية لترويج فكر الصدر.

1ـ الشاهد الشهيد، ع . نجف، اصدارات جماعة العلماء المجاهدين في العراق، د. ت.

مع انه لم يثبت تأريخ الصدور في هذا الكتاب، إلاّ أن من الواضح كونه قد صدر بعيد الذكرى الأولى لرحيل الامام الشهيد، سيما وان المؤلف ذكر في نهاية الكتاب انه فرغ من تأليفه بتاريخ 5 / نيسان / 1981.

يتحدث هذا الكتاب وبشكل موجز، مركّز، ودقيق، عن اهم محطات الحياة القصيرة والمثيرة للشهيد الصدر، ابتداءً من ولادته في الكاظمية ووفاة والده المبكرة، ثم انتقاله الى النجف وبدء مرحلة البناء الفكري والعلمي التي مرّت بها شخصيته، ليذكر اساتذته في الفقه والأصول والفلسفة، ثم شروع السيد الصدر في القاء الدروس العليا فقهاً واصولاً، وباكورة نتاجاته العلمية في اصول الفقه والتأريخ السياسي الاسلامي.

وتطرق المؤلف الى ظاهرة رفع شعار السير على خط الامام الصدر، مشيراً الى انه لا يرى مصاديق عملية تتناسب في حجمها وذلك الادعاء الضخم، لذلك فقد حاول القاء الضوء على منهج الشهيد الحركي من خلال دراسته لمحورين، حركة السيد الشهيد وصراعه من اجل بناء الموقف الاسلامي، واطروحة الشهيد في مسيرة الحركة الاسلامية الايمانية، ومن خلال ذلك يتعرض لنشاط الشهيد الفكري في مرحلة النضج ونتاجاته العلمية القيّمة التي اعانته في ادارة الأزمة الآيديولوجية بجدارة في منتصف هذا القرن، وتصورات الشهيد عن طبيعة العمل الاسلامي والمرجعية الرشيدة وفهمه القرآني للتأريخ والسنن الالهيّة التي تحكمه، ثم شكل الدولة والقيادة الاسلامية في رؤية الامام الشهيد.

2ـ الشهيد الصدر رائد الثورة الاسلامية في العراق، غالب حسن، طهران، وزارة الارشاد الاسلامي، 1401 هـ.

تولى هذا الكتاب تغطية المعالم الرئيسية من حياة الامام الشهيد، مضافاً الى وقفات متأنية مع بعض فقرات تلك السيرة المباركة، فتناول الحياة الشخصية، ثم العطاء الفكري والخلفية العلمية وتطلعه الرسالي المبكّر ومؤلفاته وما امتازت به كالعمق والشمولية والغزارة والعالمية، علاوة على الطابع الحركي والحيوية والتجديد، كما ابرز دور الامام الشهيد في بعث اليقظة الاسلامية المعاصرة، بالاشارة الى بداية تحركه السياسي والضغوطات الاجتماعية التي سعت الى عزله عن الحركة الاسلامية، وكيفية مواجهته تلك المصاعب، كما خصص فصلاً عن مشروع المرجعية الرشيدة كما يراها الشهيد، وما تميزت به مرجعيته من عناصر فاعلة استوعبت هموم الأمة، ومثلت طموحاتها واهدافها، ومن خلال المواقف الحركية الرئيسية للامام الشهيد. يدرس المؤلف طبيعة علاقته بحزب البعث، الى ان قام بتفجير الثورة الاسلامية في العراق.

3ـ الشهيد الصدر الفيلسوف الفقيه، عبد الحسين البقال، طهران، وزارة الارشاد الاسلامي، 1401 هـ.

سعى عبد الحسين البقال الى عرض ما افاده من هذا العيلم العظيم، عبر قراءة جملة من نتاجاته، فقام بتسليط الضوء على الطرح الفلسفي الذي قدمه الشهيد الصدر، فتنقل من البدايات الى توظيف الشهيد نبوغه الفلسفي في كتابة الدراسات المهمة المواكبة للاشكاليات الفلسفية المعاصرة، كما يتناول دور الشهيد في تطوير علم الأصول وتصوراته عن واقع الأداء العلمي لهذا الحقل، والمنهج الأصولي الموفق الذي طرحه ليدرس في الحوزات العلمية، كما تطرق المؤلف الى اسهام الشهيد في علم الفقه في ضوء المنهج الحديث الذي قدمه وما انطوى عليه كتاب «اقتصادنا» من اهمية، ولم يفت المؤلف الاشارة الى بعض محبي الصدر من الشهداء، وبنبرة تعكس حرارة السياق التأبيني واللغة الخاشعة التي طغت على الكتاب كله .. «وجاء رجل يسعى.. ونادى آخر محب.. كفاك حديثاً.. امايجدر بك وانت الذي يزعم الوفاء للصدر.. ان تعرج على محبي الصدر، ممن قضى نحبه؟. مالك نسيت ذلك المجاهد، رفيق الدرب ابا عصام؟ . غير أني وأبي عصام تحيرت، ترى: ماذا اقول عن دوره هنا وبهذه المناسبة؟ .. اقول عنه : جندي مجهول، يكفي هذا.. غير أن محدثي اجابني عاتباً: الم يكن الشهيد الصاحب صاحباً؟ وبقية تلامذة الصدر الأجلاء، وراء الكثير الكثير من الخدمات الاسلامية، والتشجيع على تأليف تلكم الحجج الصدرية، وطبعها ونشرها، والدعوة والدعاية للدين من خلاله وخلالها؟، قلت ذلكم حق وأيم الحق».[7]

4ـ استشهاد الامام محمد باقر الصدر من منظور حضاري، د.فخري مشكور، (من اصدارات حزب الدعوة الاسلامية في العراق ـ مكتب لبنان الاعلامي)، 1981م.

جاء هذا الكتاب كدراسة تحليلية لشهادة الامام محمد باقر الصدر. ومحاولة للاسهام في القاء الضوء على بعض جوانب عظمته الفذة وموقعه الفريد من السياق التأريخي للصراع الحضاري بين الاسلام والاستعمار، حيث انطلق التحليل من اعتبار شهادة الامام ظاهرة حضارية لها دلالاتها الخاصة، رافضاً ادراجه في سياق الأحداث السياسية، أو اعتبارها اجراء محلياً مرتبطاً بالعراق وحكومة البعث.

وتناولت الدراسة بالتحليل مفهوم الاستعمار ومراحله التأريخية والطبيعية المكونة للاستعمار الحديث، لتحدد المخطط الاستعماري لمحاربة الاسلام والمفاجآت التي اربكته كالثورة الاسلامية في ايران، ثم ردود فعل المستعمرين والاستراتيجيات التي رسموها في ضوء المتغير الموضوعي وعلاقة النظام العراقي بالاستعمار العالمي، من اجل التمهيد ضمن عمل الدراسة لابراز دور الامام الصدر في مجابهة تلك التحديات لتخلص الى ان الصدر قائد تجربة حضارية قبل كل شيء، ولذا فهو يمثل قيمة حضارية تظل تعطي للتجربة عمقها وبعدها الحضاري، وقد احتوى الكتاب على ملحق تضمن نصوصاً فكرية كتبها الامام الصدر في (صوت الدعوة)، النشرة المركزية لحزب الدعوة الاسلامية.

5ـ خـط المرجعية في فكر الشهيد الصدر، صدر الدين القبانجي، اللجنة المشرفة على تكريم الذكرى الثانية لاستشهاد آية الله السيد محمد باقر الصدر، 1982م.

يسعى هذا الكتاب الى بلورة وايضاح (خط المرجعية) لقناعته بأن هذا المفهوم لم يستوفِ حقه من الشرح والبيان، وان الأمة لا تحمل غير صورة مبهمة عنه، كما انه يسعى الى مناقشة الرؤية التي تفترض (الخط الحزبي) مبايناً للخط المرجعي واطروحة العمل مستقلة عنه في كيفية توجيه الأمة وقيادتها سياسياً ودينياً، موظفاً، في نقاط البحث هذه افكار الامام الشهيد حول العمل المرجعي والتنظيمي وهيكل الدولة الاسلامية ورؤيته حول الفكر السياسي الاسلامي ككل.

6ـ الفكر السياسي عند الامام الشهيد، صدر الدين القبانجي، منشورات المكتب الاعلامي لجماعة العلماء المجاهدين في العراق.

يقوم هذا الكتاب بدراسة الفكر السياسي للشهيد الصدر، عبر تناول تصوراته التي ضمّنها عدة بحوث مقتضبة كتبها آخر حياته، وانطوت على اهمية بالغة، ايام المضايقات البعثية وتصاعد المواجهة بين الأمة والطاغية، مما كان مقرراً ان يستوعبه الشهيد بالتنظير والشرح في كتاب «مجتمعنا» على غرار طبيعة بحثه في «فلسفتنا» و «اقتصادنا».

ومما يتناوله المؤلف هنا، نشأة الدولة تأريخياً كما في تصورات الامام الشهيد، وضرورة الدولة حضارياً، ومسؤولياتها وصلاحياتها، وعلاقتها بالأمة الى غير ذلك من المحاور.

7ـ ماذا جاء حول كتاب فلسفتنا، حيدر آل حيدر، قم، مكتب الاعلام الاسلامي، 1403 هـ

نشرت مجلة الغد في عددها الرابع عشر، آذار، 1983، مقالاً تحت عنوان «ملاحظات حول كتاب فلسفتنا للشهيد الصدر» كتبه ماجد رحيم، وهي مجلة يصدرها الشيوعيون العراقيون في المنفى، وقد كانت مجلة «الثقافة» العراقية قد سبقت «الغد» بنشر مقال لمهدي النجار، تناول فيه كتاب فلسفتنا بالنقد والتشويه، ويلاحظ وجود اختلاف أساسي في اخلاقية كلا المقالين[8]. وبادر السيد عمار ابو رغيف، الذي نشر ردوده باسم مستعار، وهو أحد تلامذة الشهيد الصدر، بادر الى مناقشة الأفكار التي حملتها مقالة السيد ماجد رحيم، متوخياً «ادامة الحوار من اجل الكشف عن الحقيقة.. وتقدير جهد ـ والكلام لأبي رغيف ـ لمسنا فيه روح طلب الحقيقة، وإلاّ ففي متابعة جادة ومتدبرة لكتاب فلسفتنا ما يغنينا عن الدفاع عنها»[9].

وقد احتوى الكتاب علاوة على، الحوار الشيق، مع افكار رحيم، ملحقاً كتبه المؤلف تحت عنوان: اطلالة على مدرسة الشهيد الفلسفية. اطل من خلالها بايجاز على اهم المعالم الشاخصة لمدرسة الأمام الشهيد الفلسفية، فتطرق اولاً الى بدايات الشهيد مع الفلسفة والعناصر الأولية التي ساهمت في تكوين رؤيته الفلسفية، كتراث ارسطو «الذي بقي في هذا الوسط العلمي الذي نشأ فيه الصدر» عملاقاً بمنطقه وقياسه وتفسيره لأساس المعرفة البشرية. والمعروف ان السيد الصدر بدأ حياته مع التأليف في كتاب ناقش المنطق الأرسطي خلاله ولم ير هذا الكتاب النور. ويبدو من هذا ان الشهيد ابتدأ حياته مبكراً مع ارسطو. «وكانت بدايته ايذاناً بنزال طويل مع شيخ المناطقة[10]»، فثار على ارسطو في بيئة تقدس نظرية القياس الأرسطية، وهضم قمة الانتاج الغربي واقفاً على نقاط الضعف في تفكير اساتذة المنطق الحديث امثال راسل وكينز، وأعطى للبشرية طرازاً جديداً في التفكير، قال وهو يؤدي مضمون دراسته في عصر العلم: «أما ان يقبل العلم، ويقبل اساسه المنطقي والذي هو أساس الايمان، واما ان يرفض العلم والايمان»[11]. ويتحدث المؤلف عن آخر الأعمال الفلسفية للشهيد قائلاً «عكف السيد الشهيد في أخريات ايامه على كتابة بحث مفصّل ومنهجي لدراسة العقيدة الاسلامية، وللسيد رأي في المنهج الكلامي قال لي رحمه الله يوماً: ان لدي اشكالاً اساسياً على التفكير الكلامي بأسره.. ويلوح لي ان المعلم الشهيد اراد لعلم الكلام روحاً ومنهجاً، روحه المعاصرة والرسالية، ومنهجه البحث الموضوعي الحر بعيداً عن العقم الجدلي..»[12].

8ـ الشهيد الصدر..فضائله وشمائله، السيد فاضل النوري، قم، مكتب السيد محمود الهاشمي. 1984 م.

سلط هذا الكتاب ـ في سبك ادبي متواصل ـ الضوء على الخصال التي كانت معالم شاخصة في سيرة الامام الشهيد، كعبادته، اخلاقه، زهده، تواضعه وعلمه، وطبيعة حمله لهموم المؤسسة الدينية وحجم المسؤولية التي كان يستشعرها، لينتهي بتوصيف ظروف الحصار والشهادة.

9ـ الأسس المنطقية للاستقراء ـ بحث وتعليق، يحيى محمد، قم 1985م.

حاول ان يضطلع هذا الكتاب بدور كبير كان مؤلفه يدرك ضرورته، ويشخّص غيابه عن الساحة الفكرية، وهو التعاطي النقدي مع التركة العلمية الغنية للامام الشهيد، معتبراً ذلك تواصلاً حقيقياً مع الجهود التي بذلها السيد الصدر، وتفعيلاً لرؤاه العلمية ومتابعة لشوطه «واليوم.. طالما نتساءل: لماذا لا نجد من يتحمل مسؤولية اكمال المرحلة التأريخية التي بدأها الشهيد الصدر في ثورته الفكرية المباركة؟ الا يحمل هذا العظيم مدرسة فكرية تمتاز بروحها الخاصة ومنهجها السليم؟، اليس يكفي ما ضاع منا قديماً، ذلك الذخر الثمين الذي اهدته الينا عبقرية ابن خلدون؟! فالذي نخشاه اليوم ان تتخذ تلك المدرسة «مدرسة الصدر» مساراً من الأجترار حين يصبح المثل الأعلى متمثلاً بمجرد التقليد المدفوع بالرغبة اللاشعورية.. فليس هذا هو مطلوب روح التفكير الذي انتجته تلك النفس الزكية عليها منا ابلغ السلام..»[13].

وقدم المؤلف تمهيداً لدراسته عالج فيه ظاهرة تهذيب الأفكار ومهمة المنهج النقدي، والمشكلة الاجتماعية في النقد، عارضاً تصوره عن النقد الذاتي.

وفي دراسة جوانب من اطروحة الشهيد في الأسس المنطقية للاستقراء، يخلص المؤلف الى «ان المذهب الذاتي (مذهب الشهيد في تفسير المعرفة البشرية) قد أصاب حين اعتبر المبادئ المحسوسة والمجربة والحدسية والمتواترة، من القضايا المستنتجة بطريقة الاستقراء، ولكنه لم يفلح في اثبات المبادئ الضرورية، وكذا وجود الواقع الموضوعي، بالدليل الاستقرائي، وعلى أي حال فان ذلك يكفي بأن يتم للمذهب الذاتي ما أراده من القضاء على شكل النمو المعرفي للمنطق الأرسطي، الذي حاول ان يؤسس بناءه الفوقي بصيغ حتمية لزومية.. وبالتالي فقد قامت لهذا المذهب ذريعة، تصلح لأن يستند اليها في تكوين بنيان المعرفة من جديد، فحتى لو أخطأ (المذهب الذاتي) في تفاصيل معيّنة، ومهما فشل في كسب بعض النتائج الفرعية..، فانه مع ذلك يظل محافظاً على امساكه بخيوط المنهج الشامخ.. وهو منهج الاستقراء القائم على اساس حقائق الاحتمالات، التي ننهل منها اغلب معارفنا من دون ان نشعر عادة»[14].

وهذه الدراسة في حد علمنا اول ما كتب بالعربية عن اطروحة الأسس ـ وما أقل ما كتب بعد كل هذه السنوات الطويلة ـ كما ان الكتاب هو الجزء الأول، حسب ما ثبت على جلده، ولا ندري لماذا تأخر صدور الأجزاء التي تناقش جوانب الأطروحة الاخرى، اسوة بباقي كتب الأستاذ يحيى محمد التي صدرت بعد ذلك.

10ـ الأسس المنطقية للاستقراء في ضوء دراسة الدكتور سروش، السيد عمار أبو رغيف، قم، مجمع الفكر الاسلامي، 1409هـ.

كتب الدكتور عبد الكريم سروش مقالاً في مجلة «نشر دانش» الصادرة بطهران، تناول فيه كتاب «الاسس المنطقية للاستقراء» «للامام الشهيد»، بالعرض والتحليل والتقديم، ويبدو أنه سبق في مبادرته هذه الاستاذ يحيى محمد، اذ كتبها في حدود سنة 1983، وعاد لينشرها في كتابه «تفرج صنع» بعد بضعة سنين.

والدكتور سروش باحث درس فلسفة العلم في الغرب المعاصر، وتعلّم في جامعات انجلترا، واستلهم معطيات احدث مدارس فلسفة العلم، فهو يحمل في جعبته تراث المدرسة الوضعية، الذي اخضعه استاذه للنقد، فيما يسمى بالبوبرية أو المدرسة النقدية المحدثة، وذلك دون ان ينغلق على تراثه الشرقي ثقافياً، الايراني منه او الاسلامي[15].

وكان لابد ان يتلقى بحث سروش الجاد ـ الذي تناول مفردة اساسية في مكونات التراث المهم للشهيد الصدر ـ تلقيا نقدياً يتعاطى معه وينفتح على افقه، ليجيب على العديد من المؤاخذات العلمية التي تضمنها، وكان المتصدي لذلك هذه المرّة نفس صاحب الرد على مقالة «ماجد عبد الرحيم» المتقدم، وهو السيد عمار ابو رغيف، فقام بترجمة دراسة سروش، وأردفها بتقويم رصين استغرق ثمانين صفحة من الكتاب. في جو حوار هادف وخطاب ملتزم، بعيداً عن ضوضاء الجدل والمراء. يقول الدكتور سروش; «يشتمل كتاب الأسس المنطقية ـ على ابدع ـ ابتكارات الشهيد الصدر، وهو من احلى ثمار ذهن الشهيد ـ الذهن الوقاد الباحث والمبدع، ويمكن القول بجرأة، ان هذا الكتاب اول كتاب في تأريخ الثقافة الاسلامية، حرره فقيه مسلم، متناولاً فيه احدى اهم مشكلات فلسفة العلم والمنهج المصيرية، مع وضوح وبصيرة وشمول في عرض ونقد نظريات حكماء الغرب والشرق، ومع ذلك فهذا الكتاب من اكثر دراسات هذا الراحل العظيم خفاء وغربة»[16]، وبعد أن يتحدث سروش عن تطور الوعي الفلسفي والمعرفي عند الشهيد الصدر والنقلة التي تلاحظ بين فلسفتنا في الستينات والأسس في السبعينات التي اصبح فيها على حد تعبيره فيلسوفاً مبدعاً وصاحب مدرسة، يقرر: حقاً ان كتاب الأسس المنطقية للاستقراء يستحق الثناء والتقدير، فهو كتاب تحقيقي وعلمي، لفقيه فيلسوف اثبت عمق بصيرته ودقة فكره في ميدان قضايا الفلسفة الحديثة، ويشتمل الكتاب على ابتكارات وابداعات تليق لطرحها على مستوى النوادي العلمية العالمية»، ويضيف، بلغّة مثيرة تعكس مدى سطوة الصدر على سروش وحجم اعجابه به «ان هجمات الشهيد الصدر على اغوال نظير لابلاس وكينز وراسل وفي قضية غاية في التعقيد والدقة، اثبت شجاعته الفكرية واقتداره العلمي، ووضعته في مصاف هؤلاء المفكرين، بل انه تقدم عليهم..» ولكن «من الواضح ان ليس هناك مانع من نقد النقاد لهذا الكتاب رغم كل ماله من جودة وقيمة عالية»[17].

اما السيد ابو رغيف فهو يبتدئ «تقويمه» لدراسة سروش بتوجيه الشكر له لما قدمه من خدمة ـ كما يقول ـ و«بالثناء على ألمعية الكاتب، وشجاعته في الحوار والنقد، خصوصاً ترجمته السليمة الى حد ممتاز لاغلب مانقله من نصوص «الاسس المنطقية»، حيث ندر ان ركب المترجمون الناقدون سبيل الامانة في عرض النصوص وترجمتها»[18].

وهكذا يشرع ابو رغيف في تناول تفصيلي لانطباعات سروش وملاحظاته، مستفيداً من مؤهلاته العلمية وادواته البحثية.

11ـ مباحث الأصول، ج 1 ق 2، السيد كاظم الحائري، قم مكتب الاعلام الاسلامي، 1407 هـ.

هذا الكتاب يشكل جزءاً من الدروس العليا في اصول الفقه التي كان يلقيها الشهيد الصدر على تلامذته، وعادة ما يقوم الطلبة المهتمون بالحرص على تقرير المباحث وتحريرها فيما اصطلح عليه بالتقريرات، إلاّ ان معدّها السيد كاظم الحائري لم يشأ تقديمها الى الباحثين دون ان يضمّن مقدمتها مادة غنية في التعريف بالامام الشهيد تقع في 170 صفحة تقريباً، وهي في حدود تتبعنا اول ما كتب عن الشهيد الصدر بهذا الحجم والاستيعاب والشمول، ودرجة الوثاقة، كونها انبثقت عن معايشة مديدة من التلميذ لأستاذه الشهيد، وان كانت الدراسات التي تلته بعد عدة سنين قد اتسمت بشمولية اكثر، وهو قد اصبح حينذاك من اهم المراجع المكتوبة للدراسات التي تتناول جوانب سيرة الشهيد الصدر.

وتضمنت مقدمة مباحث الأصول تسليطاً للضوء على معظم الجوانب المهمة من حياة الشهيد، مثل نسبه وحياته الشخصية، بعض الذكريات، المشاريع الاصلاحية التي رعاها الشهيد مثل مدرسة العلوم الاسلامية، جماعة العلماء في النجف الأشرف، كلية اصول الدين، وقد تطرق الى استراتيجية العمل السياسي عند الشهيد وتأسيسه حزب الدعوة واطروحة المرجعية الرشيدة، والحوزة العلمية وغير ذلك من التفاصيل الشيقة.

12ـ منطق الاستقراء، السيد عمار ابو رغيف، قم ـ مجمع الفكر الاسلامي، 1410هـ.

لقد سد هذا الكتاب فراغاً مهماً في المكتبة الاسلامية وملأ حيزاً شاغراً في المشهد العلمي، ولكنه رغم ذلك، اطروحة لم تكتمل، ولم نر اجزاءها الاخرى بعد عقد كامل من صدورها، كما لم تبادر دراسة اخرى للاضطلاع بمهمتها.

تناولت هذه الدراسة قضية الاستقراء ومعالجة مشكلاته في تاريخ الفكر الفلسفي، منذ أرسطو وانتهاء بالراهن من الرؤى المعرفية في هذا المجال، والاطار الذي تعالج من خلاله مشاكل الاستقراء في منظور معاصر، يعرضها المؤلف في اطار تأريخي مقرون بشيء من التحليل.

جاء كتاب السيد ابو رغيف هذا بعد اتمامه لمناقشة دراسة الدكتور عبد الكريم سروش المذكورة آنفاً حول اطروحة الامام الشهيد في المذهب الذاتي للمعرفة، حيث تبلورت لدى أبو رغيف قناعة بأن العثرات التي يمنى بها دارسو كتاب الشهيد «الأسس المنطقية للاستقراء» تعود في الدرجة الأولى الى قصور في الفهم، بمعنى ان الاعتراضات التصديقية التي تسجل غالباً، ترجع اساساً الى فقدان التصور السليم بشأن اطروحة الأسس، فحاول المؤلف تجلية ما يلفه الغموض من افكار استاذه الشهيد ليعمم امكانية الافادة من هذا الأثر الحيوي حسب تعبيره، وهو يهدف فيما يهدف الى اعادة تظهير كتاب «الأسس» وكسر الطوق، الذي يحلو للبعض ان يقيدوا به هذا الكتاب، ذلك ان تعميم الثقافة التي يبشر بها هذا الكتاب اصبح واجباً فكرياً اكيداً» كما يشير المؤلف الى ان جزءاً من اهمية اطروحة الشهيد هو ادخاله وتوظيفه لنظرية الاستقراء وتفسير الدليل الاستقرائي في علوم الشريعة وعلى نطاق واسع في اصول الفقه والممارسة الاستنباطية وعلوم الحديث والرجال، بالدرجة التي اضحت مواقع كبريات البحث الاصولي ترتهن اساساً بالموقف المختار في نظرية الاحتمال، وليس امام ـ المجتهد بحق ـ اي حق في اهمال ما طرحه الصدر، حيث اما ان يجتهد في اتخاذ موقف محدد مما طرحه الصدر، فيحصل على كبريات البحث الاصولي على اساس اجتهاد وبصيرة واما ان يقلد ويتبنى رأياً لأحد الباحثين دون معاناة وتحقيق» ومآله تحول الاجتهاد الى تقليد في الرأي.

ثم يتناول دراسة نظرية الاحتمال ـ بلغة تعليمية ـ مضيفاً اليها مبدأ الاحتمال العكسي، ليقوم بطرح النظرية التي يعتمدها هو «التفسير الاجمالي للاحتمال» لينتقل بعد ذلك الى دراسة النظرية بعيداً عن لغة التعليم فيستوعب بحثه اساسها  النظري وقواعدها المدرسية، مضافاً الى اعقد مسائل البحث كمعادلات برنولي وقوانين لابلاس، والأمر المهم الذي ينجزه البحث رفع الابهام الذي وقع فيه بعض دارسي «الأسس المنطقية» حيث تصوروا ان الشهيد اخفق في عرض نظرية برنولي، فيحاول من خلال نقل نصوص نظريته التي قارنها المصنّف بالنص الانجليزي، رفع ذلك الابهام، مستعيناً ببراهين «تشييف» وبعض الرؤى المعاصرة الاخرى.

كما سعى الباحث الى اختبار قدرة نظرية الاحتمال الاجمالي على معالجة اشكالية الاستقراء. ثم تناول دراسة المواقف التجريبية الخالصة من الاحتمال في اطار مدرسة الرياضيات الكلاسيكية فيعرض لـ «لابلاس» ويناقش بعض ما طرح عن الموضوع في الساحة العربية نظير ما قدمته دراسات د . زكي نجيب محمود، وبحوثه التوفيقية.

يؤكد السيد ابو رغيف انه ضد تحريم نقد فكر الشهيد الصدر، وضد المحاولات التي تسعى الى منع ذلك وافقاد اي جهد نقدي لتلك التركة مشروعيته، ولكنه يقول انه مع ذلك استبعد النقد في دراسته هذه لاعتقاده بأن اطروحة الأسس لم تهضم بعد وان النقد مرحلة لاحقة ينبغي ان تأتي بشكل منهجي يحقق اغراض الدارس النقدية.

إلاّ انه ـ رغم تحاشيه النقد ـ مارس نقوداً رئيسية لأطروحة الأسس مع حرصه الكامل على عدم الايحاء بذلك مما لا يلتفت اليه سوى المتابع لكلمات الشهيد الصدر بتأن وتمعن ومما صادفنا حول ذلك، الاستغراب الذي سجله ابو رغيف بشأن قول «بعض الباحثين ان ارسطو يعني «في احد نصوص التحليلات الأولى» ان المقدمات والمبادئ الاولية «للقياس» تؤخذ عن طريق الاستقراء التام[19]!» ولكن استغراب ابو رغيف في الحقيقة انما هو استغراب مما قاله الشهيد الصدر عن فكرة ارسطو ذاتها[20].

ثم يقول ابو رغيف «وعلى اساس من هذا الفهم الخاطئ للنص الأرسطي يسجل الأعتراض الرئيسي الذي استهدف البناء المنطقي الأرسطي برمته، فقالوا: ان ارسطو.. وثق بالاستقراء الكامل، واتخذ منه الأساس لكل الأقيسة والبراهين، لأن كل البراهين تستمد من المقدمات الاولية وهذه المقدمات تثبت بالاستقراء»[21].

ولكن هذا الفهم الذي يعتقد أبو رغيف عدم صحته هو التفسير الذي قدمه الشهيد الصدر لعملية الادراك التصديقي والصياغة البرهانية كما يقتضيها مذهب ارسطو حسب تصوره[22] الذي يلوح بجلاء من تفاصيل الجدل الساخن الذي زخرت به المقدمة المهمة لأطروحة الشهيد في الاسس المنطقية للاستقراء.

13ـ الامام الشهيد محمد باقر الصدر، دراسة في سيرته ومنهجه، محمد الحسيني، بيروت، دار الفرات، 1989 م.

هذه الدراسة المهمة الأولى التي صدرت عن سيرة الامام الشهيد، بذل فيها المؤلف جهداً وتتبعاً يستحق الملاحظة في جمع المعلومات والوثائق المهمة، مع مناقشات متعددة وحساسة لبعض ما قيل في تأريخ سيرة الشهيد وافكاره وتوجهاته ورؤاه، وهو من المراجع المهمة في الكتابة عن الشهيد كما يلاحظ، يقول المؤلف «.. لست اول من كتب في حياة السيد الصدر.. اما كتابي هذا فلا أدعي انه أكملها بيد انه من اكثرها شمولاً واستيعاباً لحياة السيد الصدر، وقد حاولت ان لا ادع جانباً من جوانب حياته بالقدر الذي تطيقه صفحات الكتاب وخطة البحث ومنهجيته»[23].

وقد استوعب الكتاب الحياة الشخصية بما في ذلك ترجمة بعض اساتذته، ثم حياته العلمية، وحياته السياسية، والجهادية، وهو فصل من فصول الكتاب المهمة، كما تضمّن عدة ملاحق متنوعة اشتملت، فيما اشتملت عليه، على «الأسس الاسلامية» التي كتبها الشهيد بقلمه في حدود عام 1960م ـ 1381 هـ ، حول مسائل الفكر السياسي والدولة الاسلامية وأسس مشروعيتها ومبادئها، وتقع هذه الأسس في ثلاثين صفحة، وهي تسعة اسس يقال انها من اصل ثلاثين اساساً بقلم السيد الشهيد، تؤرخ لمرحلة مهمة من المراحل التي مرّ بها الفكر السياسي للشهيد والحركة الاسلامية في العراق المعاصر[24].

يقول الشهيد السيد مهدي الحكيم عن هذه الأسس «كنا في الحلقات ـ حلقات التنظيم التي تمارس التوعية السياسية لأعضائهاـ نتحدث في الأسس التي كتبها السيد الشهيد الصدر، ثم نشرح الأساس، والواقع ان السيد الشهيد طرح اطروحة من اروع ما يكون، وفي وقتها لم نكن نتصور انها بهذا الشكل من الروعة، فهي تحتوي على تصورات لدولة فيها رقابة شعبية، ولكل مرحلة من مراحل السلطة التنفيذية، وهنالك مجلس شورى محلي، الى جانب هذه الرقابة»..[25]

14ـ حياة الشهيد الصدر..مع تعريف مختصر بكتابه «دروس في علم الأصول»، علي أكبر الحائري، منشور ضمن كتاب: السيد محمد باقرالصدر، دروس في علم الأصول، ج 1 ، قم، مجمع الفكر الاسلامي، 1312 هـ.

هذا النتاج هو الآخر لأحد تلامذة الامام الشهيد، ممن بذلوا جهوداً مشكورة في تظهير افكاره في اصول الفقه وترويج دراسة المناهج العلمية الرصينة التي اعدها، وهو يشتغل على افكار الشهيد الأصولية ويمارس تدريس كتابه الأنموذج «دروس في علم الاصول» بحلقاته الثلاث منذ عشرين عاماً في الحوزة العلمية سواء في النجف أو قم، كما تظهر له بين الفينة والاخرى دراسات في الدوريات التخصصية يعرض فيها افكار الشهيد الأصولية ويخضعها للدراسة المقارنة، وقد تولى اعباء تحقيق «دروس في علم الأصول» حتى الجزء الثاني، وهو يقول في هذا الصدد: «احسست بالحاجة الى تحقيق هذا الكتاب ضمن مراجعتي الاولى له في النجف الأشرف» واشتد احساسي بذلك ضمن تدريسي له سواء في النجف.. او في قم ، حيث وجدته في مراجعتي الاولى مليئاً بالأخطاء المطبعية التي يختل المعنى ببعضها، فبدأت بتصحيحه تحت اشراف شخص المؤلف.. حتى قال لي بنص الكلمة: «انت احييت هذا الكتاب»[26]، وقد شمل عمله تصحيح الأخطاء، وتخريج المصادر، واعادة صياغة وتنظيم بعض العناوين، واضافات توضيحية وهوامش تعليق علمي مفيدة، لحظ فيها المواطن التي يحفها الغموض بالنسبة للدارسين من خلال معايشته لهم كأستاذ للمادة.

واشتملت مقدمة التحقيق هذه على استعراض سريع لحياة الامام الشهيد وعرض لسيرته الفكرية والخصوصيات التي توفر عليها جهده العلمي، كما قام باحصاء المصطلحات الحديثة التي استخدمها الشهيد الصدر في اصول الفقه نظير العناصر المشتركة، الحفظ التشريعي، القطع الموضوعي قبالة القطع الذاتي، تنوين التنكير وتنوين التمكين التي يعتقد المؤلف ان الشهيد يستخدمها كاصطلاح خاص به يختلف عن مدلولها الفني في النحو، وغير ذلك.

15 ـ ملف خاص، مجلة الفكر الجديد، لندن، دار الاسلام للدراسات والنشر، العدد السادس، تموز 1993م.

اهتمت هذه المجلة منذ صدورها بأفكار الأمام الشهيد اهتماماً ملحوظاً، باعتبار ان افكاره احتلت موقعاً متميزاً كمرجعية فكرية اطرت توجهات مختلفة على الساحة الفكرية الاسلامية، وقد خصصت المجلة عددها السادس بالكامل «تقريباً» لدراسة السيرة الشخصية والسياسية والفكرية للشهيد الصدر، ادراكاً منها للحيف الذي يلحق هذا الفكر، اذ «رغم مرور ثلاث عشرة سنة على استشهاده، لا تزال نتاجاته العملاقة ونظرياته الرائدة بحاجة الى استيعاب ودراسة، ليس من اجل الوفاء فحسب، بل انها حاجة علمية قائمة بذاتها.. ان السيد الشهيد الصدر بدأ يتحول الى مناسبة حزينة نعيشها، .. وفي ذلك خسارة جسيمة نصنعها بأنفسنا وباختيارنا المجرد. وفي هذا العدد ملف تمهيدي عن الامام الصدر على امل انجاز مشروع آخر مستقل، وفيه الدعوة مفتوحة للكتاب والباحثين..»[27]. وهذا ما وفت به دار الاسلام عبر كتابين مهمين اصدرتهما حول الشهيد الصدر سنعرض لهما فيما يأتي.

تضمن الملف الخاص العناوين التالية وعلى مدى (300) صفحة تقريباً:

– تطور نظرية المعرفة عند الامام الشهيد الصدر ـ حسن جابر النوري.

– الامام الصدر، نموذج قراءة في مشروعه التأسيسي ـ عبد الحق مصطفى.

– القيادة في فكر الشهيد الصدر ـ عادل الربيعي.

– مشاريع متوقفة من تراث الامام الشهيد الصدر ـ جعفر عبد الرزاق.

– الامام الشهيد ما قبل الخطاب ـ غالب حسن.

– نظرية الدولة عند الامام الشهيد الصدر ـ عقيل سعيد.

– النقد الابداعي في اعمال السيد الصدر ـ محمد عبد الجبار.

– تأثير العوامل الدولية على قرار اعدام السيد الصدر ـ ياسين مجيد.

– نحو قراءة جديدة لفكر الشهيد الصدر ـ محمد الطيار.

– مدخل منهجي لأطروحة الأسس المنطقية للاستقراء ـ عبد الجبار الرفاعي.

– الامام الصدر تأملات في فكره وسيرته ـ د . ابراهيم الأشقر.

ـ الامام الشهيد محمد باقر الصدر، مراجعة لما كتب عنه باللغة الانجليزية ـ د. عبد الرحيم حسن.

16 ـ نشأة التشيع والشيعة للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر تحقيق وتعليق: د. عبد الجبار شرارة قم، مركز الغدير للدراسات الاسلامية 1993 م.

يمثل هذا العمل تحقيقاً ممتازاً وعلمياً قام به الباحث الدكتور الشيخ عبد الجبار شرارة لدراسة هامة كتبها الامام الشهيد كتصدير لكتاب «تاريخ الامامية واسلافهم من الشيعة»

للدكتور عبد الله فياض ، الذي صدرت طبعته الاولى في بغداد، عام 1970، ثم نشر التصدير على شكل كتاب مستقل، في القاهرة، عام 1977، باشراف السيد طالب الرفاعي، وفي العام نفسه تولت دار التعارف في بيروت نشره مستقلاً كذلك، لكنه لم يحظ بالتحقيق والاخراج المناسبين  اللذين ينسجمان وأهميته، حتى عام 1993، حينما صدر بطبعة انيقة وجهد تحقيقي ملحوظ من قبل د . شرارة ، الذي لم يكتف بذلك وانما اضاف اليه تعليقات توضيحية ساهمت في ابراز جوانب البحث المهمة وعناصر القدرة الموضوعية التي انطوى عليها. ليلحقه بدراسة موجزة نسبياً تكفلت بالقاء المزيد من الضوء على حيثيات القضية المبحوثة، والملحق تحت عنوان «الاعداد التربوي والفكري لولاية علي (ع) وخلافته» وهو يقع في حدود (40) صفحة.

17 ـ الامام الشهيد محمد باقر الصدر، (ندوة فكرية)، قم، مركز دراسات تاريخ العراق الحديث، 1415 هـ، هذا الكتيب عبارة عن تقديم موجز عن وقائع الندوة التي نظمها مركز دراسات تاريخ العراق الحديث لدراسة فكر الشهيد الصدر، وذلك في الفترة، من 20 ـ 21 ذي القعدة، 1415، حيث شارك في هذه الندوة عدد من الوجوه العلمائية والشخصيات الثقافية البارزة، وجاءت البحوث كالتالي:

ـ اكتشاف المنهج عند الامام الشهيد الصدر، محمد هادي.

ـ معالم مدرسة الشهيد الصدر، عبد الأمير علي خان.

ـ منهج الشهيد الصدر في دراسة القرآن الكريم، صائب عبد الحميد.

ـ منهج الشهيد الصدر في دراسة المسائل الاعتقادية، د. عبد الجبار شرارة.

ـ الخصائص التربوية لمنهجية الشهيد الصدر، علي الأديب.

ـ خواطر في معالم التغيير الاجتماعي عند الشهيد الصدر، د. مصطفى الأنصاري.

ـ مرتكزات التصور حول الدولة الاسلامية عند الشهيد الصدر، عقيل سعيد.

ـ نقاط حول المسيرة الأدبية عند الشهيدة بنت الهدى، عبد المجيد فرج الله.

ـ الشهيد الصدر يمهد الطريق لتأسيس علم كلام جديد، سامي البدري.

ـ حول جدلية الخط، البطل، ومستلزمات التصحيح، عبد الكريم آل نجف.

ـ منهج الشهيد الصدر في الكتابة، نماذج تطبيقية، عبد الحليم الزهيري.

ـ منهج الشهيد الصدر في تناول سنن التاريخ، عبد الله الفريجي.

ـ ملامح شخصية الشهيد الصدر تتجلى في منهجيته، علي علي خان.

ـ المنهج في تقنين الشريعة الاسلامية عند الشهيد الصدر، محمد جواد الطريحي.

18ـ الامام الشهيد محمد باقر الصدر رائد حركة التغيير في العراق، عز الدين سليم، المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، 1416 هـ، انصب جهد الكاتب في هذه الدراسة على تفحص مكونات المشروع الريادي للتغيير الذي حمل اعباءه الامام الشهيد في فترة مهمة من تاريخ العراق المعاصر، فتناول الكاتب البلورة التي قدمها الشهيد للتغيير من خلال تحديد لأبعاده ومساحته، وشروط النهضة التغييرية ومستلزمات نجاحها عند الشهيد، وظاهرة التجديد والمعاصرة في فكر الشهيد، اضافة الى معالم الدور الثقافي والسياسي الذي اضطلع به وتصوره عن السنن التأريخية التي تخضع لها مسيرة الحضارة.

يقول المؤلف: اذا كانت الامة الاسلامية لم يتيسر لها بعد ان تفهم هذا الرجل العملاق في فكره وعطائه وخصبه .. فان الصدر سيتحول الى قضية ومنبع تنهل منه الأجيال، وتستلهم منه الأصالة والوضوح والقوة والشموخ. وأحسب ان شهادة محمد باقر الصدر ومظلوميته، ومالاقى من العنت في سبيل الله، ستعجّل في تحويله الى قضية اسلامية تتحرك بمساحة خارطة العالم الاسلامي كله!! كما ان محمد باقر الصدر سيتحول الى «ثأر تأريخي» تحمله اجيال الأمة. ويبدو أن توّابي هذا العصر سيحملون راية المختار الثقفي كي لا تتكرر سلبيات «عين الوردة» من جديد، ولكي لا يكون الزحف من اجل التكفير عن ذنب يؤنب ضمائر الرجال فقط، وانما من اجل ان تتحقق اهداف الشهيد وتطهر أرض العراق.. وتقوم دولة القرآن»[28].

19ـ فكر الامام الشهيد محمد باقر الصدر، قراءات في الأبعاد التأسيسية، ملف خاص اعدته مجلة قضايا اسلامية، العدد الثالث ، 1996.

يعد هذا الملف الضخم بمحتواه الجاد والمركّز، من الجهود التي تتمتع بأهمية خاصة بين ما كتب عن الامام الشهيد، سيما وان اكثر من خمسة عشر كاتباً باحثاً معظمهم من اصحاب الاختصاص في الفكر الاسلامي، ساهموا في انتاجه وبواقع ثمانية عشر عنواناً، استوعبت معظم الهيكل التأسيسي في فكر الامام الشهيد.

وبالرغم من صدور بعض الأعمال الجادة التي تناولت بعض افكار الامام، إلاّ أن المجلة ظلت تعتقد انه وبعد مضي اكثر من عقد ونصف (آنئذ) على استشهاد الامام، لايكاد المرء يعثر على دراسات جادة لقراءة افكاره وتظهير الأبعاد التأسيسية فيها والتعريف بها في مراكز البحوث والدراسات الاسلامية في العالم خارج نطاق المبادرات الفردية المحدودة، واكتفي باختزال الشهيد عند الكثير من مريديه بعدد من المهرجانات الخطابية، والشعارات والمقالات التبجيلية، مما حجب الوجه الآخر له الذي يمثل المفكر المنظر المبدع، كما انه لم تنجز اعمال فكرية لدى الاسلاميين العراقيين تواصل مشروعه الواسع وتستجيب للمتطلبات الفكرية المتجددة في الواقع الاسلامي. لذا يلزم ان يتم الالمام بمعالم ومرتكزات مدرسة الشهيد بالمستوى المناسب.

من هنا استبعدت المجلة لغة المهرجان الانشائية الأدبية وراحت بملفها المليء بالعناوين المهمة والمحتوى الجديد في غالبه، تتابع ما تفتق عنه ذهن الصدر عبر مراحل مختلفة عن عمره العلمي والفكري.

وجاءت الدراسات كالتالي:

ـ منهج التأصيل النظري في فكر الشهيد الصدر، عبد الجبار الرفاعي.

ـ التأسيس في فكر الشهيد الصدر، عمار ابو رغيف.

ـ منهج الشهيد الصدر في دراسة المسائل الاعتقادية، عبد الجبار شرارة.

ـ المنهج الموضوعي: اشارة مقارنة بين درّاز والصدر ومكارم شيرازي، جواد علي.

سنن التاريخ نموذجاً للتفسير الموضوعي عند الشهيد الصدر; قراءة من منظور علم الاجتماع، عبد الاله مسلم.

ـ الجديد في علمي الدراية والرجال عند الشهيد الصدر، ثامر هاشم حبيب العميدي.

العقل العملي في فكر الشهيد الصدر ـ عمار ابو رغيف.

ـ مرتكزات اساسية في الفكر الاصولي عند الشهيد الصدر، كمال الحيدري.

النظرية السياسية عند الشهيد الصدر، محمد باقر الحكيم.

دور فكر الشهيد الصدر في الثورة الاسلامية في ايران، محمد حسين جمشيدي.

ـ مرتكزات التصور حول الدولة عند الشهيد الصدر، عقيل سعيد.

ـ مدخل للفكر الاقتصادي عند الشهيد الصدر، محمد الحسيني.

اسئلة الذكرى والواقع الفكري الراهن، خالد توفيق.

الشهيد الصدر وتحديد مفارقات التجربتين النبوية والبشرية، كامل الهاشمي.

ـ الفقيه المثقف: الشهيد الصدر نموذجاً، برير العبادي.

ـ الشهيد الصدر، شهادات من عالم آخر، خالد توفيق.

ـ المدلول الاجتماعي لأصول الدين في فكر الشهيد الصدر، عبد الجبار الرفاعي.

ـ فلسفة الدين من منظور الشهيد الصدر، محمد أمين احمدي.

كما تضمّن الملف نشر عدد من رسائل الشهيد غير المنشورة التي بعثها الى تلامذته ورفاقه في مناسبات مختلفة حول موضوعات سياسية أو علمية أو اجتماعية وغير ذلك، وتعكس تلك الرسائل حجم الهموم الرسالية التي كانت تتملك الصدر وتمثل له دافعاً للعطاء ومبرراً للتضحية وأملاً في حلكة الدرب المليء بالمشاق.

20 ـ محمد باقر الصدر، دراسات في حياته وفكره، نخبة من الباحثين، لندن، دار الاسلام، 1996 م.

هذا الكتاب هو الآخر يمثل احد الأعمال المهمة التي صدرت في التسعينات حول الامام الشهيد، على شكل محاور بحثية جادة وخطاب معاصر يتوفر على عناصر تماسكه ويستخدم الأدوات العلمية المنهجية في قراءة تراث الشهيد. والكتاب هو باكورة الانتاج الثقافي لمؤسسة دار الاسلام في لندن التي خصصت كتابها السنوي الأول عن حياة الامام الشهيد ومدرسته الفكرية، وشارك فيه نخبة من الكتّاب المهتمين بشخصية الشهيد، وتضمن الموضوعات التالية:

ـ اشكالية المنهج في دراسة شخصية الامام الصدر، حسين بركة الشامي.

ـ الامام الصدر ، سيرة ذاتية، محمد الحسيني.

ـ آفاق المعاصرة في فكر الامام الصدر، محمد حسن الأمين.

ـ منهج التأصيل النظري في فكر الامام الصدر، عبد الجبار الرفاعي.

ـ منهج البحث العلمي عند الامام الصدر، ابراهيم الموسوي.

ـ فلسفة التاريخ من خلال كتابات الامام الصدر، ونقد نهاية التاريخ، د. محمد عبد اللاوي.

ـ من الفكر الفلسفي عند الامام الصدر، غالب حسن الشابندر.

ـ الامام الصدر، قراءة في مشروعه التأسيسي، عبد الحق مصطفى،

ـ منهج الامام الصدر في تفسير القرآن الكريم، صائب عبد الحميد.

ـ الامام الصدر وتفسير القرآن، د. شمران العجلي.

ـ Politicallife of Sadrn الحياة السياسية للامام الصدر، علي محمد جعفر ملا أصغر، ودراسته هذه عن الشهيد جزء من دراسة موسعة بالانجليزية كانت ماثلة للطبع حين صدور كتاب دار الاسلام عام 1996م.

ـ الامام الصدر ودوره في الصراع السياسي في العراق، سامي العسكري.

ـ الامام الصدر في الحركة السياسية والدولة الاسلامية، د . طالب عزيز الحمداني.

ـ الامام الصدر وصدام، الانسانية في مواجهة الهمجية، نبيل عبد الهادي.

ـ الصدر كان كلمة، حسن عبد الحميد السُنيد (جواد جميل).

ـ كشاف ما كتب عن الامام الصدر باللغة العربية، عادل الربيعي.

كما تضمن الكتاب عرضاً لبعض الوثائق المهمة المتعلقة بحياة الامام الشهيد العلمية والسياسية.

21ـ الشهيد الصدر، سنوات المحنة وايام الحصار، الشيخ محمد رضا النعماني، قم، 1996 م.

يعتبر هذا الكتاب الذي يعرض السيرة الذاتية الكاملة للامام الشهيد، من اهم ما كتب في هذا المجال، اذ ان كاتبه الشيخ النعماني، قد رافق الشهيد الصدر مرافقة ملازم له فترة مديدة استمرت حتى آخر يوم من حياة الشهيد في النجف الأشرف، وهو يعتبر المصدر الوحيد الذي نقل تفاصيل ايام الاحتجاز والاقامة الجبرية الطويلة التي استمرت تسعة أشهر، وهو مذكرات قيّمة كتبت بشكل واع وكشفت عن الكثير من الخفايا والأسرار التي لولا نجاة مؤلف الكتاب من بطش طاغية بغداد لضاعت ولفّها النسيان.

ان عام 1997، شهد صدور أهم ما كتب عن الشهيد سيرة وفكراً ، حجماً ومحتوى حتى الآن، وهو يستحق ان نطلق عليه عام الشهيد الصدر، كما ان هذه الأعمال التي صدرت في سنة واحدة تكشف عن توافر جاهزية علمية لابأس بها لتنظيم ملتقى علمي وفكري كبير يتناسب وحجم شخصية الشهيد.

يقول الشيخ النعماني: في ذلك الجو المظلم المكفهر «ايام الاحتجاز الأخيرة».. فكرت ان اطلب منه «أي الشهيد».. ان يكتب ترجمة لحياته.. ولا أنسى عصر ذلك اليوم وقد جلسنا معاً على سطح الدار، وقبة حرم امير المؤمنين (ع) تلوّح امامنا، وقد أدينا الزيارة والسلام وكانت هذه عادته في كل يوم، عندها جمعت قواي، وشددت همّتي، وتجرأت الى حد كبير، فطلبت من سماحته ان يحقق هذه الأمنية… تردد (رض) في القبول بهذه الفكرة وقال: ان دمي هو الذي سيترجمني، فأنا لا اريد إلاّ خدمة الاسلام، وهو اليوم بحاجة الى دمي اكثر من حاجته الى ترجمتي، اما انت «النعماني» فقد عشت معي طويلاً، وشاركتني محنتي، وعشت مراحل صراعي مع الظالمين، فعرفت الكثير من تلك الجوانب، فان كتب الله تعالى لك السلامة فاكتب ماقد رأيته او سمعته..»[29].

22ـ موجز في اصول الدين ـ المرسِل، الرسول، الرسالة، الامام الشهيد الصدر السيد محمد باقر الصدر، تحقيق وتعليق: عبد الجبار الرفاعي، قم، حبيب للنشر، 1417 هـ، تمتاز الدراسة الموجزة التي جعلها الامام الشهيد مقدمة عقائدية كلامية لكتابه «الفتاوى الواضحة» بأهمية خاصة كونه الانتاج الكلامي الوحيد الذي تركه الشهيد الصدر مماطبق فيه بشكل منهجي معطيات المذهب الذاتي في المعرفة ودليل الاستقراء، من بين دراساته وبحوثه الكلامية. ومع ذلك فانها بقيت دون تحقيق يليق بمضمونها ردحاً من الزمن لا يعدّ قليلاً وفق مقياس أعمار الكتب المنهجية والنفسية في عالم اليوم، وقد تصدى لذلك فيما بعد الشيخ عبد الجبار الرفاعي، وهو من المهتمين بمجمل تركة الامام الشهيد، فأخرج الكتاب بتحقيق رصين تولى ضبط نص الكتاب واعتماد علامات الترقيم الحديثة في تقطيع النص، وتخريج النصوص، علاوة على كتابة هوامش توضيحية كثيرة جرى انتقاء بعضها من مؤلفات الشهيد الصدر الأخرى، لأن الشهيد غالباً ما يذكر في هذا البحث اشارات لمسائل وافكار مهمة محيلاً بذلك على ما فصله في مؤلفاته الأخرى، كما ضم المحقق الى الكتاب ملاحق ثلاثة كل منها يمثل موضوعاً طرقه السيد الشهيد في مناسبات متعددة، ويقع في الصميم من الأبحاث الكلامية وهي، التغيير والتجديد في النبوة، وهي محاضرة القاها الشهيد الصدر على طلابه في النجف الاشرف، والوحي وهي أيضاً محاضرة القاها على طلبته، و «نظرة عامة في العبادات» الذي هو فصل كتبه الشهيد كخاتمة لرسالته العملية «الفتاوى الواضحة» تحدّث فيه عن فلسفة، العبادة ومضمونها الاجتماعي وبعدها الغيبي وتتعلق بالبعد الاجتماعي للعقيدة بشكل مباشر.

كما صدّر محقق الكتاب دراسة تعرّف بمنهج الشهيد الصدر في دراسة وتدوين اصول الدين تقع في (90) صفحة، جاءت كبحث شيق حاول وضع الشهيد في الموقع المناسب ضمن سياق الحديث في البحث الكلامي الاسلامي، الذي برز فيه الأفغاني وعبده واقبال وغيرهم.

23ـ الشهيد الصدر بين أزمة التأريخ وذمة المؤرخين، مختار الأسدي، قم، 1997 م.

صدر هذا الكتاب في وقت اشتدت فيه الحاجة الى ممارسة النقد لما يكتب عن سيرة الامام الشهيد وتأريخ الحركة الاسلامية في العراق المعاصر، فبالرغم من غزارة النتاجات التي عالجت هذا الموضوع فان الدراسات النقدية المنهجية غابت بشكل تكاد تكون تامة إلاّ اشارة هنا وكلمة
هناك مما تجاوز الخطوط العتيدة للرقابة، رسمية كانت أو اجتماعية بأشكال شتى.

وجاء هذا الكتاب ليستهدف البدء بهذه المهمة الشاقة، منطلقاً من عدة مؤهلات تخول المؤلف الاضطلاع بذلك، فهو قد مارس العمل الصحفي في اروقة مكاتب الاعلام الاسلامي لفترات مديدة واكب من خلالها مراحل حساسة مرت بها الحالة الاسلامية العراقية، إلاّ ان ممارسة هذا اللون من التعاطي النقدي يظل برغم كل هذه المؤهلات (سيراً على الألغام!).

ان الكتاب يمثل قراءة متأنية تستنطق كلمات ومواقف وآلاماً مختارة من حياة الامام الشهيد استطاع المؤلف بذكاء ان يلاقح بينها وبين مفردات واقع معقّد ومتأزم في اطار صراع شامل ومرير يخوضه الاسلاميون في العراق مع نظام بغداد الأكثر عتوّاً في التاريخ المعاصر، ليحاول طرح مستويات متعددة وجريئة من التقييم.

ويلاحظ ان لغة الكتاب الصحفية اللاذعة تختزن ركاماً من المعاناة راح يشف عنها الكتاب منذ سطوره الأولى، حيث جاء في الاهداء، «الى روح السيد الشهيد الصدر.. الى كافة تلامذته ومريديه» الذين ادركوا خطورة الثالوث القذر، بأبعاده الثلاثة السيئة الصيت.. الاستبداد والترف وتسطيح الوعي.. الى كافة عشاقه ومحبيه، ممن لم يركنوا الى الدنيا وواصلوا طريقه، طريق الشهادة، ولم يستدرجوا بعد الى الدعة والاستقرار وراحة البال…

الى جميع من حمل امانة صحبة السيد الشهيد ووفى له، وأيقن ان ليس جميع الصحابة عدولاً، وان فيهم من زاغ وانحرف، ومنهم من بدل بعده تبديلاً.. الى كل مؤرخ صادق جريء…».

والمؤلف يؤكد في مقدمته على ضرورة توافر الصراحة في كتابة التاريخ وينتقد بشدة سياسات تكميم الأفواه تحت ذرائع مداراة الواقع وتحاشي الاثارة ودرء الفتنة والحرص على الوحدة والمصلحة، فيقرر: امام كل هذا او غيره، وجدنا أنفسنا ملزمين بالتنقيب عن هذه العبارة التائهة أو تلك الفكرة السائحة او هذا الألم المدفون في محاضرة، أو ذلك التبرم الجريح في كراس، لعلنا نكشف بعض معالم مدرسة الرجل التي غيبها الضعف المذكور، او سيادة مدرسة الرأي الواحد. او طغيان سيف الارهاب الفكري، ـ في ساحتنا الخاصة ـ او اجتهاد من يرون ان اعمارهم ستطول وان الكشف لازال مبكراً، او اعتقاد غيرهم ممن يتوارون خلف حجة الظرف العصيب طلباً للعافية ويتمترسون خلف ذريعة الظروف الحساسة ايثاراً للدعة وراحة البال»[30].

لقد كان هذا الكتاب بداية سلسلة من الدراسات النقدية التي انجزها المؤلف فيما بعد تتعلق بهذا المجال نظير، الاختلاف والنقد.. الحريات والحقوق بين سلطة الفقهاء وفقه السلاطين، مقالات عكس التيار حول الترف والاستبداد، الصدر الثاني الشاهد والشهيد، وغيرها.

24 ـ الفكر الجديد، ملف خاص عن الامام الشهيد، العدد السابع عشر، نيسان 1998، لندن، دار الاسلام.

عاودت المجلة في عددها هذا تأكيد ضرورة الاهتمام بالدراسات الخاصة بالامام الشهيد الصدر، والتعامل معه كظاهرة صحية ممتدة في تأريخ الأمة الحديث، وهي اذ قدمت عدداً من الدراسات القيّمة، كررت الدعوة الى تقديم دراسات علمية جديدة في نفس المحور آخذة بنظر الاعتبار ضرورة ان يقوم الباحثون بعد هضم تراث الصدر باستكمال مشاريعه الفكرية التي ضلّت امانة في اعناق الباحثين والمفكرين، وقد ضم العدد الذي يقع في (464) صفحة عناوين كثيرة تتعلق بالشهيد امتدت على اكثر من مئة وخمسين صفحة، وجاءت كالتالي:

ـ مدارس التغيير والصحوة الاسلامية، محمد باقر الناصري.

ـ التجديد والزمن، رؤية الشهيد الصدر لمؤثرات التجديد، حسين الشامي.

ـ اركان التجديد في فكر الشهيد الصدر، مال الله العطية.

ـ الابداع الحركي عند الشهيد الصدر، صادق الركابي.

ـ خصائص النص في فكر الشهيد الصدر، د . عبد الزهرة البندر.

ـ معالم فلسفة جديدة في كتابات الشهيد الصدر، د . محمد عبد اللاوي.

ـ التنمية الاقتصادية بين التأمين والخصخصة، د . كمال البصري.

ـ الامام الشهيد الصدر ، تبني الاطروحات الحركية للتغيير ومخاضات التجديد، د . وليد الحلي.

ـ من ملامح التجديد والاحياء في فكر الشهيد الصدر، محمد علي الناصري.

ـ نظرية الخصائص الانسانية في فكر الامام الشهيد الصدر، د . حازم الحسيني.

ـ الصدر قائداً وفيلسوفاً، د . عدنان فاضل .

ـ الشهيد الصدر ومشروعه الثقافي في اطاره الفقهي مقارناً بالسيد فضل الله، محمد الحسيني.

25ـ الاجتهاد والتجديد، ابراهيم العبادي، الأصدار الثاني من سلسلة قضايا اسلامية معاصرة، قم، 1998.

تهدف هذه الدراسة الى عرض مناهج الاجتهاد وبيان معالم التجديد داخل الحوزات العلمية، في اطار ما طرحه وأرسى اسسه الامام الخميني والشهيد مرتضى مطهري والامام الشهيد الصدر، ولقد تولت هذه الدراسة رصد تجربة التجديد في الحوزة العلمية خلال نصف القرن الأخير، وهي الحقبة التي تعالت فيها صيحات التجديد داخل الحوزة وخارجها، وقد مهد الباحث لدراسته بمدخل اطل فيه على تاريخ المنحى الاجتهادي في الاسلام ببعديه المعرفي والمنهجي، ليخصص بعد ذلك ثلاثة فصول يبحث في الأول مواصفات الاجتهاد المعاصر عند الامام الخميني، وفي الثاني رؤية الشهيد مطهري النقدية لواقع الاجتهاد، ليخصص الفصل الثالث الذي استأثر في دراسته بحيز خاص بالشهيد الصدر ومشكلات الاجتهاد وآفاقه المستقبلية، كما طرحتها بحوثه في المنهج الفقهي، حيث تناول المؤلف وعلى مدى اكثر من خمسين صفحة اشكاليات الاجتهاد في رؤية الامام الشهيد، ليخص مساحة مهمة من بحثه لمسألة مهمة عنونها بـ «الشهيد الصدر: الفقيه المثقف» يحدد من خلالها مفهوم المثقف وضرورة الثقافة للفقيه، وآثارها وتفاعلاتها في الاطار المعرفي والاجتماعي، ثم موقع الشهيد الصدر من ذلك كله، الى غير ذلك من الاثارات المهمة التي قدمها الباحث.

يقول المؤلف: لقد اردنا من الحديث عن فقيه مثقف من خلال نموذج فذ كالشهيد الصدر، الالماع الى ضرورة ممارسة الفقيه والمثقف لأدواره ومسؤولياته من موقع الاسلام في الواقع الحضاري والثقافي القائم.. وفي ضوء ذلك لا عجب ان يحتل الشهيد الصدر المكان الأول في مطالعات الشباب الاسلامي التونسي ـ كمثال ـ من بين احد عشر مفكراً ومثقفاً، يقول الدكتور عبد الباقي الهرماسي : ومن الكتّاب الذين هم اكثر رواجاً لدى الاسلاميين… في هذا الشأن، نجد محمد باقر الصدر وسيد قطب وعلي شريعتي.. فبالنسبة الى الطلبة الذين يبحثون عن قيادة ايديولوجية، فانهم يجدون مبتغاهم في محمد باقر الصدر وعلي شريعتي اللذين يرشدان الى المنهج الذي ينبغي انتهاجه في مواجهة التيارات الكبرى للفكر المعاصر…»[31].

26ـ منهج الشهيد الصدر في تجديد الفكر الاسلامي، عبد الجبار الرفاعي، الاصدار الاول من سلسلة رواد الاصلاح، مؤسسة التوحيد للنشر الثقافي قم، ط2، 1998 م.

جاء مشروع «سلسلة رواد الاصلاح»، ليلبي ضرورة حقيقية تتمثل بالمبادرة للعب دور جاد في الكشف عن مساحة واسعة غطتها جهود المصلحين والفكر الاصلاحي في عالمنا الاسلامي، تلك الجهود التي ظلت تتوارى سنين طويلة بفعل الاقصاء الطائفي والسياسي المستمر لها، وقد خطط لهذه السلسلة ان تتناول موضوعاتها على مستوى اصلاح الفكر، اصلاح الحوزات والمعاهد الدينية، واصلاح الشعائر وجهود الاصلاح الاجتماعي.

وكتاب «منهج الشهيد الصدر..» هو الأول من اصدارات هذه السلسلة، لمؤلفه الشيخ عبد الجبار الرفاعي «الذي ساعده اطّلاعه المبكر على مساحة واسعة من فكر السيد الشهيد، وتدريسه المتكرر لأغلب كتبه، اضافة الى ما يتمتع به من خلفية فكرية وثقافية ووعي متميز، على تقديم دراسة ناضجة اعتبرها مدخلاً اولياً للتعريف بفكر الشهيد الصدر، واسهامه في تطوير حركة الفكر الاسلامي»[32].

ركّز الكتاب اهتمامه، كما يشير العنوان، على السيرة الفكرية للامام الشهيد، ليلقي الضوء على جوانب اساسية منها عبر ثلاثة فصول، تناول في الأول معالم مدرسة الصدر، بينما تولى الثاني تحديد منهج التأصيل النظري عند الشهيد والأدوات البحثية التي فعّلها او ادخلها بجهد ابداعي، في اطار العمل الفكري والعلمي، والأفق الخصب الذي تنقل فيه من الواقع الى فقه النص وتركيب النظرية، وبعد ايضاح اطار المنهج العام عند الامام الشهيد، يعرج المؤلف على الاشارة الى بعض نتائجه مثل، تمكن الشهيد عبر منهجه هذا من بلورة المركب النظري الاسلامي في كل حقل فكري بحثه، وما حققه الشهيد بتغلبه على النزعة اللاتاريخية في الخطاب السلفي، وما اشاعته من مناخ كان له الأثر الكبير في تعطيل حركة تطور الفكر الاسلامي. اما الفصل الثالث فقد اهتم بدور الشهيد الصدر في تجديد علم الكلام، حيث يستغرق المؤلف في التقاط الاضافات العلمية والمنهجية التي منحها الشهيد لهذا الحقل المحوري في علوم الدين، فيعالجها عبر مسائل واشكاليات عديدة تناولها تحت عناوين مختلفة… في وظيفة علم اصول الدين، قصور علم الكلام القديم، مرجعية توحيد الفطرة، اقتران الايمان بالعمل الصالح، الوظيفة الاجتماعية للتوحيد عند رواد التوحيد والاصلاح، الشهيد ينتقل بالفكر الاسلامي الى آفاق جديدة، اثر الشهيد في اعادة بناء علم اصول الدين، وغيرها.

ومن الملاحظات المهمة التي يسجلها المؤلف. بعد عرضه جملة من خصائص المنهج التأصيلي للشهيد، ان الصدر «اول فقيه من فقهاء مدرسة اهل البيت (ع) يتخطى الفهم الحرفي للنصوص، وينتقل الى تقنين المنحى المقاصدي واستجلاء روح الشريعة، فتدشنت على يديه مرحلة مثلت ولادة جديدة للفقه الذي يستجيب لمتطلبات العصر، لأن صياغة النظريات والبنى التحتية للأحكام، واضاءة الطريق نحو فهم مقاصدي للنصوص يجسد روح الشريعة، هما الدعامتان اللازمتان لتأسيس منهج فقهي يستوعب مستجدات الحياة»[33].

27 ـ بيم موج، المشهد الثقافي في ايران، مخاوف وآمال، د. محمد خاتمي، ترجمة: منير مسعودي، بيروت، دار الجديد، 1998 م.

هذا الكتاب حصيلة محاضرات خمس القاها السيد محمد خاتمي في الجامعة، اربعة منها في جامعة طهران، والاخرى في جامعة العلامة الطباطبائي، بين الأعوام 1986ـ1991، ويقوم الكتاب بطرح اسئلة متعددة تهدف الى اثارة الاهتمام بمسائل العصر الأساسية والجوهرية يمنح الاسئلة الجادة المطروحة انسجاماً اكبر، ويوجهها الوجهة الأفضل، وهو يحاول ذلك عبر مرور سريع ومركز على تجارب كل من الامام الخميني، والشهيد مطهري، والشهيد الصدر، حيث يخصص له فصلاً مستقلاً بعنوان «الشهيد الصدر: ادراك العصر والهم الديني».

بعد أن يرسم خاتمي صورة المشهد الذي استقبلنا فيه الحضارة الوافدة من الغرب، وانقسام المسلمين الى ثلاث فرق حيالها، يحدد.. ان الاولى لهثت وراء الحلول المستوردة تلك. بينما انكفأت الاخرى على نفسها، ورفضت كل ما يحمل رائحة الأجانب وتعامت عن الحقائق فأنكرت عملياً حقيقة الغرب، واختارت الثالثة ان تكون مواجهتها للآخر نابعة من قناعة وموقف استقلالي عبر رؤية عميقة وشاملة تستند الى الاسلام الأصيل، يقول السيد خاتمي: ولا غرو، فمن بين اساطين هذه الفئة المنافحة عن الاسلام الأصيل.. تطالعتنا وجوه عظيمة كالشهيد السيد محمد باقر الصدر.. ان جهاد هؤلاء العظماء في ميدان الفكر قد فتح الابواب، ومايزال لمرحلة جديدة في تاريخ الفكر الاسلامي وتاريخ جهاده، ويقول في موطن آخر، «الشهيد الصدر مجتهد مجاهد، وفقيه مقتدر. وشخصية نابغة في الفلسفة وعلم الكلام والمعارف الاسلامية، ومن ابرز الدلائل على جهوده الفكرية والاجتماعية، محاولاته تقديم الاسلام باسلوب علمي ومنطقي، وهو عندي المدرسة المثلى مقابل المذاهب الفكرية الحديثة المعروفة..»[34] وحينما يتحدث خاتمي عن «اقتصادنا» يورد كلمة الامام الشهيد حول الجهد الذي بذله في تقديم تلك الدراسة الضخمة، حيث قال في مقدمتها: «يجب ان ينظر الى هذا الكتاب على انه لبنة اولى في ذلك الصرح الاسلامي» وهو(رض) يأمل أن يكون جهده مصدر دراسات اكثر توفيقاً على طريق استيعاب المذهب الاقتصادي في الاسلام، ويعلق خاتمي قائلاً: «والعصر الحاضر في انتظار اجابة جديرة لائقة، لهذه الدعوة المقدسة، ولكن الجهود في هذا المجال لن تحقق هدفها المنشود مالم يتبلور تيار عميق وأساسي في ميادين الفكر وفي الحوزات والجامعات، تيار ينطلق نحو الآفاق التي فتحها امامنا هؤلاء العظام»[35].

28 ـ تجديد الفقه الأسلامي: محمد باقر الصدر بين النجف وشيعة العالم، شبلي الملاط، ترجمة: غسان غصن، دار النهار للنشر، بيروت 1998، يمثل هذا الكتاب سيرة فكرية للامام الشهيد، ويتناول مساهماته في تجديد الفقه الاسلامي سيما في المواضيع الدستورية، والاقتصادية والمصرفية، ملاحظاً موقع هذه الأفكار في العالم الاسلامي وتأثيرها على تيارات الفكر، وبالأخص على تجربة الجمهورية الاسلامية في ايران، وبعبارة المؤرخ البرت حوراني: «لقد أثبت هذا البحث بشكل واف صدارة محمد باقر الصدر كعالم مهم ليس فقط في العراق، ولكن أيضاً في العالم الشيعي، بل في العالم الاسلامي بأسره»[36]، كما حاز الكتاب على جائزة جمعية الدراسات الشرق اوسطية في امريكا لأفضل مؤلف اكاديمي لعامي 1993 ـ 1994.

وشبلي الملاط محام مسيحي من الطائفة المارونية في لبنان، واستاذ في كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف، التحق بها بعد تدريسه القانون والفقه الاسلامي في جامعات لندن، حيث كان مديراً لمعهد الفقه الاسلامي وقوانين الشرق الاوسط، وله اكثر من اثني عشر كتاباً في هذا الحقل.وكتابه هذا اطروحة دكتوراه اتمها سنة 1989، ونشر الكتاب بالانجليزية عام 1993، ويذكر المؤلف انه اخذ منه عشر سنين من البحث والاعداد[37].

(نيلسون مانديلا العراق):

في مقدمته الطويلة نسبياً، يتضح اهتمام الملاط الكبير بالأزمة العراقية وتعقيداتها، ذلك ان الشهيد الصدر قد فتح له باباً واسعاً جعله يلاحق الشهيد السيد مهدي الحكيم، والسيد محمد بحر العلوم والكاتب محمد عبد الجبار وليث كبة وآخرين، يستجلي من معلوماتهم شخصية الصدر وواقع النجف والحوزة وطبيعة الصراع مع السلطة الى غير ذلك من القضايا، التي جعلته يتكلم بتأثر بالغ.. يقول، بعد حديث عن مجمل الواقع العراقي من خلال محمد باقر الصدر والحركة الاسلامية في العراق وتداعيات حرب الخليج وانتفاضة شعبان آذار 1991.

«ولست ادري، هل ان طائر المغيب، وهو طائر الغيب الذي يمثل، في سجل هيغل المرادف، بشرى فلسفة جديدة تحل على الانسانية عند الغسق، وهل ان سياق التأريخ.. عشرين سنة بعد وفاة الصدر، ليس نوعاً من حط الفلسفة، ولو وصلت متأخرة، على حكم المدينة الافلاطونية، .. حسرة مع محمد باقر الصدر، كما في تأسف ادوارد موتيمر على ضياع نيلسون مانديلا العراق[38].

ولست ادري ما ستؤول اليه الفاجعة العراقية المستمرة، لكنه مهما حدث، فلن يرى الكثيرون من رفاق الدرب ـ ومن اقربهم الى ذكرى الفؤاد، هاني الفكيكي، بلند الحيدري، وحسين الصدر، وسليم فخري، ومصطفى جمال الدين ـ عراقاً أرحم لأهلهم وشعبهم يكون ثمرة جهودهم وتضحياتهم، والدهر قد غيبهم في لجة الموت عن سواحل المرتجى»[39].

محمد باقر الصدر والنهضة النجفية

يقول الملاط: ان النهضة النجفية كانت ظاهرة فكرية انطلقت في المقام الأول على ايدي فقهاء، وتمحورت حول الفقه الاسلامي. وهذا البعد المجهول في ثنايا الشرق الاوسط المضطربة، هو موضوع هذا الكتاب… لقد كانت (الشيعية الدولية) محور الاهتمام في التجدد الثقافي وتطوير النظام، وهي نفسها وليدة شبكات النجف ونسيجها الفكري، ففي تلك المدينة، بالذات، ولد محمد باقر الصدر.. مؤسس نظام دستوري واقتصادي جديد». ومع تأثر الملاط الشديد بالامام الصدر، إلاّ انه يبقى يتحدث بلغة اكاديمية محايدة ويمارس نقوداً تبدو مثيرة احياناً، فحينما يأتي على ذكر التراث العقلي للشهيد الصدر ومحاولاته في الأسس المنطقية للاستقراء، يخرج بنتيجة مغايرة لمستوى التقييم الذي قدّمه اصحاب الاختصاص الاكاديميون بشأنها، يقول:

«.. وكان التخوّض في المنطق، ان في الأسس المنطقية، او في مساهمات اخرى أضيق نطاقاً، الانجاز الاقل نجاحاً للمنهج المنشود، لأن الصدر لم يكن مهيأً على نحو جيد للخوض في مثل هذا الفرع الملغّز من فروع المعرفة، ومع ذلك لابد من التنويه بأن الوفرة في المصطلحات التقنية التي اوردها بالعربية عمل جدير فعلاً بالاعجاب، خاصة لأنها في حقل مازالت حتى مصطلحاته الأدبية في طور الأعداد»[40].

وهناك نقود كثيرة يوجهها للشهيد الصدر في حقل الاقتصاد والدستور والفكر السياسي، لكنها حملت اخلاقية عالية وموضوعية جيدة، ومع ذلك فهي بحاجة الى نقد وتقييم ـ اضافة الى بعض الأخطاء التاريخية التي تشاهد هنا وهناك والتحليلات التي تظل مفتقرة الى المراجعة ـ ، وهو من منطلق الموضوعية ينعى على بعض محاولات نقد التراث الاقتصادي الذي تركه الصدر الشهيد، عدم حيادها وموضوعيتها، فيتناول كتاب «الاقتصاد الاسلامي بين فقه الشيعة وفقه اهل السنة : قراءة نقدية في كتاب اقتصادنا» من تأليف يوسف كمال، وأبو المجد حرك[41]، هذا الكتاب الذي يخلص الى ان كل اخطاء «اقتصادنا» تعود الى تأثير الفكر الشيعي على الصدر،(!)، الأمر الذي جعل اطروحته شيعية لا اسلامية، ويرفض المؤلفان تقديم الصدر لمفاهيم تشريعية كمنطقة الفراغ التشريعي التي يقول (حرك) ان الصدر اخترعها بشكل خطير، الى آخر الاتهامات التي تكون محصلتها اسف الكتاب الشديد على ما تركه «اقتصادنا من اثر كبير في الفكر الاقتصادي الاسلامي ـ بعد نقل نماذج من التأثير ذاك ـ لأن (اقتصادنا) راح ينزع العقل المسلم من جذوره ويسلّمه الى متاهات لا ضابط لها. لهذا يلزم قراءته وتحليله ونقده بطريقة تحرر العقل المسلم من أسار هذا الكتاب الخطير، الذي يتلقاه المسلم اليوم بالثقة دون تمحيص»[42].

وبعيداً عما يمكن ان يسجله المرء في حوار نقدي جاد مع آراء (حرك، وكمال)، فان الملاط يرد بقوة فيقرر:

«ان اقتصادنا فريد بغياب اي نعرة طائفية شيعية ظاهرة من تحليله ومصادره، واذا كانت الكتابات الدستورية للصدر وعملية تطبيقها على مؤسسات الثورة الايرانية متأثرة الى حد بعيد بتراث شيعي صرف.. فان قراءة اقتصادنا، في المغايرة، توحي بأن الأسس العلمية المعتمدة للأبحاث في مسائل الاقتصاد تجاوزت الأعراف الشيعية، فقد استعان الصدر، دون تحفظ او قيود، بمراجع شيعية وسنية، ومن الصعب ايجاد اشارة تنم خصيصاً عن انحيازات طائفية حتى ولو أن الاشارات الى الفقهاء الشيعة هي الأكثر والابرز اجمالاً في الكتاب… ان عدم وجود التشيع في اقتصادنا يفسر اهتمام الصدر بما هو ابعد من الحدود الضيقة للعالم الشيعي، وثمة آثار من نظريات «اقتصادنا» في كتابات حديثة العهد ظهرت في اجزاء متباعدة جغرافياً من العالم العربي وفي اوساط مختلفة ومتنوعة مثل المحكمة الدستورية العليا بمصر والحركات الاسلامية المتطرفة في كل من تونس والجزائر، لكن من الممكن ان جو الطائفية المتزايدة الذي وسم النصف الثاني من الثمانينات، سوف يعرّض للشبهات حتى الأخلص نية والأنبل هدفاً بين الكتابات في هذا المجال»[43].

ويواصل الملاط بشغف واضح وانهماك عرضه للأفكار الاقتصادية التي جاء بها الصدر، معرباً عن تأثره الكبير واعجابه:

«كان (اي الشهيد الصدر) الباحث الاسلامي الوحيد، القادر على اعداد نص شامل، بامكانه الاعتماد على الكتابات الاقتصادية في الرسائل البحثية الفقهية والكلاسيكية، وكذلك على مصادر التعاليم الماركسية والرأسمالية المتوافرة بالعربية، والقادر على تسلق ذلك الهرم من القيود والكوابح..»[44].

ويظل الملاط يكرر اعجابه بالدراسات الاقتصادية للامام الشهيد:

«تتسم كتابات محمد باقر الصدر في الاقتصاد والحقل المصرفي بأهمية بارزة. فقبالة خلفية كلاسيكية لم يكن فيها وجود لعلم الاقتصاد. وعالم اسلامي لم يخرج مع حلول عام 1960 بأي فكرة متساوقة متماسكة في هذا المجال، أعد الصدر كتابين جديدين ومطوّلين عن الموضوع هما اقتصادنا والبنك اللاربوي في الاسلام»[45]، لذا فهو يعتبر كتابات الشهيد هذه قد تجاوزت كل ما قدمه مفكرون كبار كطالقاني وعلال الفاسي وسيد قطب وغيرهم[46]. وهو يذهب اكثر من ذلك في نبوءة قد تبدو متشائمة ليقول:

«من المحتمل ان يظل الشرع الاسلامي محروماً من مرجع في رفعة منزلته «الشهيد الصدر»، لاحداث اثر في المنهج التقليدي، واعادة تكييفه، ان تمهره في القانون لم يقتصر على اعادة تنظيم علمي الاصول والفقه، اذ تظهر قدرته التجديدية والاستحداثية على اشدها في مجالين.. هما حقل الاقتصاد والدستور…»[47].

الامام الصدر والدستور الاسلامي الايراني

بعد تأكيده اثر الامام الخميني في صياغة النظام الاسلامي في ايران يقول الملاط:

«إلاّ ان ثمة مساهمة اكثر اهمية في هذا المضمار، قدمت مباشرة قبل الثورة الايرانية، وكانت متطابقة مع بعض المقترحات، الاكثر تفصيلاً.. والتي يجدها المرء في الدستور الايراني، وحظيت هذه المساهمة، التي قدمها محمد باقر الصدر، بمزيد من التقدير في الغرب خلال الأعوام الأخيرة، بوصفها عملاً بارزاً أسهم الى حد كبير في قيام نظام حكم اسلامي «دستوري»»[48].

ويمضي في تأكيد هذا التأثير الذي يعتقده وبشكل تفصيلي ومقارن مع فقرات الدستور الايراني[49]. وليس تصور الملاط هذا فريداً بين الآراء التي تحدثت عن مدرسة الصدر الفكرية اذ هناك باحث ايراني راح يؤكد تأثيرها على صياغة الدستور الايراني، حتى وصف بالافراط في ذلك[50].

ساتورن اله التأريخ في خاتمة الكتاب، يطغى الايقاع ذاته الذي ختم به الملاط مقدمته للطيعة العربية وعرضنا له آنفاً.. المداليل المحمّلة بالأسى والنبرة الانفعالية التي تسعى للمحافظة على هدوئها وهي مع ذلك تبدو رغماً عنها كايقاع جنائزي مهيب : «لقد فقد تجديد الفقه الاسلامي في شخص محمد باقر الصدر، مفكره الأكثر ألمعيّة وتألقاً، وطويت باعدام الصدر في الثامن من نيسان 1980، صفحة في حياة العراق الفكرية».

«كان رفاق درب .. للصدر ، مؤمنين كل الايمان بأن تفسيرهم للشريعة سوف يؤدي، بحسب ما قاله الصدر، الى الباس الأرض اطار السماء، لكن اله التاريخ ساتورن، كما في لوحة غويا، التهم ابناءه، وكان الصدر قد حذّر في اول منشوراته، فدك في التأريخ، من ان الكلمات ستكون جنود الثورة، إلاّ ان الثورة خذلته، مثلما خذلت الحسين في كربلاء»[51].

29ـ معالم الفكر الأصولي الجديد: دراسة لمعالم الفكر الأصولي للامام الشهيد الصدر مقارنةً بمدرسة الشيخ الأنصاري الأصولية، لندن، محسن الأراكي، Extra Book للنشر، 1999م.

هذه الدراسة هي الاولى ضمن سلسلة «دراسات في علم الاصول» التي بدأت تصدر في لندن، وتتولى هذه الدراسة اجراء عرض مقارن بين مدرستين بارزتين في حقل اصول الفقه في عهده المتأخر، شكلت كل منهما تحولاً في طريقة التفكير والمنهج الاصولي، الاولى هي مدرسة الشيخ مرتضى الأنصاري (1864)، والثانية هي مدرسة الامام الشهيد الصدر التي برزت بعد قرن من وفاة الشيخ الأعظم الأنصاري، ابرز المؤلف من خلالها العناصر الابداعية التي كونت منهج كلا المدرستين ومدى ما اضافتا الى افق الاستنباط الفقهي كما ذهبتا الى مديات واسعة انتشلت الدرس الاصولي من واقعه المربك الى حد كبير، والذي راح يبدي عجزاً عن تقديم الأداء العلمي المواكب لرهانات العصر، وهو في اثناء ذلك يوسع بحثه احياناً ليشمل المقارنة بمدارس اخرى كمدرسة الوحيد البهبهاني. يركّز المؤلف على ركائز الابداع وخصائص المنهج الاصولي للشهيد الصدر التي جعلت منه مدرسة مستقلة بلون معالجاتها واصطلاحاتها ولغتها في التفكير، فيتطرق الى نتائج منهج المنطق الذاتي القائم على حساب الاحتمال في بحثه الاصولي، ونظرية (السلطنة) الفلسفية، وما استحدثه من مقولات اخرى نظير، الواقع الأعم، القرن الأكيد، النسبة التحليلية في المعنى الحرفي. حق الطاعة، ونظرية التزاحم الحفظي، ليتناول البحث المقارن الصرف فيدرس المبادئ الأربعة التي قامت عليها مدرسة الأنصاري في ضوء ما قدمته آراء الصدر، وهو يقرر: «… ان تحديد الصورة الكاملة لما انجزته هذه المدرسة في مجال الفكر الأصولي بحاجة الى دراسات مفصّلة مقارنة وشاملة ليتضح بالتفصيل عظمة الجهد الذي بذلته هذه المدرسة وقيمة الثروة الفكرية العظيمة التي قدمتها في مجال الدراسات الاصولية، غير ان مقارنة مدرسة الشهيد بمدرسة الشيخ الأنصاري في صورتها العامة.. تعين الباحث في تحديد الخط العام الذي استحدثته مدرسة الشهيد الصدر في البحث الأصولي، وتشير الى الفارق الهائل بين الانجاز الجديد في هذه المدرسة، وما سبقها من الفكر الاصولي المعتمد على مبادئ مدرسة الشيخ الأنصاري…»[52].

ان هذه الدراسة ومثيلاتها تشجع على التفاؤل بأن يوماً سيأتي ليستثمر فيه الطرح الاصولي للشهيد في مئات حلقات الدرس المكتظة بالطلبة في قم والنجف.. وغيرهما، ولكن هل سيتأخر هذا اليوم الى الحد الذي يوحّد فيه القدر بين الصدر وابن خلدون مثلاً؟!.. اذا ما وسعنا طموحنا ليتجاوز شرح النظرية وعرضها الى تقويمها والافادة منها في تقديم الجديد وتوظيفها في البحث الفقهي الذي طرحت من اجله.

30ـ فلسفة دراسات في المدرسة الفكرية للامام الشهيد محمد باقر الصدر، د. محمد عبد اللاوي مؤسسة دار الاسلام، لندن، 1999م.

مؤلف الكتاب من مواليد الجزائر 1939، خريج السوربون ويحمل دكتوراه دولة في الفلسفة، ويعمل استاذاً محاضراً في جامعة وهران، كما يرأس وحدة البحث والمجلس العلمي بمعهد الفلسفة في الجزائر، وهو من الباحثين المهتمين بسيرة الامام الشهيد الفكرية وله عدة دراسات في هذا المجال منها دراسته التي ساهم بها في كتاب «الامام الشهيد الصدر.. سيرته وفكره» لنخبة من الباحثين، لندن 1996، وقد تقدم ذكره.

وفي كتابه الاخير هذا قدم دراسة موسعة امتدت على خمسة فصول وكانت، بالترتيب، التالي:

ـ معالم فلسفة جديدة في كتابات الصدر.

ـ الابعاد الفلسفية للفكر الاجتماعي والسياسي عند الصدر.

ـ الطرح الفلسفي للعبادات عند الامام الشهيد.

ـ الاخلاق والدين.

ـ فلسفة التأريخ من خلال كتابات الامام الصدر ونقد نهاية التأريخ.

والكتاب يعبر عن نتاج مهم من افضل ما كتب عن الشهيد الصدر، اذ حاول مؤلفه (وهو متخصص: اكاديمي في الفلسفة) استيعاب الكثير من أفكار الشهيد الصدر ونظرياته، وقراءتها بأدوات ومنهج فلسفي معمق.

[1] كاتب اسلامي من العراق

[2] سورة الاعراف،الآية 157.

[3] حنفي، د. حسن، مقدمة في علم الاستغراب، بيروت، 1992، ص 535.

[4] وذلك في صحيفة الحياة البيروتية، العدد: 4294، 23/4/1960، نقلاً عن الحسيني، محمد، الامام الشهيد محمد باقر الصدر، بيروت، دار الفرات، 1989، ص132.

[5] الملاط، شبلي، تجديد الفقه الاسلامي، ترجمة غسان غصن، بيروت، دار النهار، 1998، ص 148.

[6] لاحظ، ابو رغيف، السيد عمار، الأسس المنطقية للاستقراء في ضوء دراسة الدكتور سروش، قم، مجمع الفكر الاسلامي، 1409، ص 63.

[7] الفيلسوف الفقيه..، ص 68، وفيمايأتي لن نقوم بتكرار تفاصيل الأحالة التي نثبّتها في المتن.

[8] آل حيدر، حيدر، ص 3.

[9] المصدر نفسه، ص 4.

[10] المصدر نفسه، ص 45.

[11] المصدر نفسه، ص 47.

[12] المصدر نفسه 48.

[13] محمد، يحيى..، ص 16.

[14] المصدر نفسه، ص 251.

[15] ابو رغيف، عمار،.. درس التجديد، قضايا اسلامية، ع5، 1997، ص 159.

[16] الأسس المنطقية في ضوء دراسة الدكتور سروش، ص 15.

[17] المصدر نفسه، ص 63 ـ 68 .

[18] المصدر نفسه، ص 87.

[19] منطق الاستقراء..، ص 31.

[20] انظر، الصدر، السيد محمد باقر، الأسس المنطقية للاستقراء، بيروت، دار التعارف، ط4 ـ 1982 ص 15 ـ 16.

[21] ابو رغيف، المصدر نفسه، ص 31.

[22] لاحظ، الصدر، الأسس المنطقية، مصدر سابق، ص 16.

[23] الحسيني، محمد، ص 15.

[24] لاحظ بهذا الشأن، التحرك الاسلامي في العراق، من مذكرات العلامة الشهيد السيد مهدي الحكيم، مركز شهداء آل الحكيم للدراسات التاريخية والسياسية، د. ت. ص 42، وايضاً، الشامي، حسين بركة، المرجعية الدينية..، لندن، دار الاسلام، 1999، ص 129.

[25] التحرك الاسلامي في العراق، مصدر سابق، ص 142.

[26] دروس في علم الاصول، ح 1، ص 95.

[27] الفكر الجديد، ع 6 . ص 3.

[28] سليم، عز الدين.. ص 9.

[29] النعماني، ص 15 ـ 16.

[30] الأسدي، مختار، ص 16.

[31] العبادي، ص 124، وكلمة الهرماسي ينقلها عن كتابه، الاسلام الاحتجاجي في تونس، الحركات الاسلامية المعاصرة في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية. ط 2، بيروت، ص 257.

[32] الرفاعي..، من مقدمة الشيخ ماجد الغرباوي، ص 8.

[33] المصدر نفسه، ص 103.

[34] بيم موج..، ص 92 ـ 93.

[35] المصدر نفسه، ، ص 105.

[36] لاحظ كلمة الناشر

[37] الملاط، تجديد الفقه الاسلامي، مصدر سابق، من مقدمة الترجمة العربية، ص 28.

[38] في مقاله في الفايننشال تايمز اللندنية، 12/ 3/1997.

[39] الملاط، تجديد الفقه الاسلامي، مصدر سابق، من مقدمة الترجمة العربية، ص 29.

[40] المصدر نفسه،، ص 16.

[41] صدر عن دار الصحوة بالقاهرة، 1987.

[42] قراءة نقدية في كتاب اقتصادنا، ص 127 من حديث يوسف كمال.

[43] الملاط، تجديد الفقه الاسلامي، مصدر سابق، من مقدمة الترجمة العربية، ص 194. وقد خصص الملاط فصلاً عن «اقتصادنا في الاداب الاقتصادية» ص 188.

[44] المصدر نفسه، ص 247.

[45] المصدر نفسه، ص 147.

[46] لاحظ فصل «اقتصادنا في الآداب الاقتصادية» ص 188 فما بعد.

[47] الملاط، ص 20.

[48] المصدر نفسه، ص 37.

[49] لاحظ فقرة «مسودة الدستور الايراني»، ص 94 فما بعد.

[50] انظر، جمشيدي، حسين، دور فكر الشهيد الصدر في الثورة الاسلامية في ايران، قضايا اسلامية، العدد الثالث. 1996، ص 258، ولاحظ بشأن الوصف بالافراطية، نفس المصدر، ص 474.

[51] الملاط، تجديد الفقه الاسلامي، مصدر سابق، من مقدمة الترجمة العربية، ص 251.

[52] معالم الفكر الأصولي..، ص 59.