الصدر كان كلمة

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

* الكلمة الحية لا تموت

* ولادة الكلمة

* فلسفتنا هي فلسفتك

* عجبا للرصاص

* مرثية الجراح:

الاولى

الثانية

حسن عبد الحميد السنيد

«جواد جميل»

* مواليد سوق الشيوخ ـ العراق 1953م.

* شاعر عراقي يعيش في المهجر.

* حصل على شهادة البكالورويس في الهندسة المدنية عام 1976م.

* نشر قصائده الاولى في بداية السبعينات في الصحف والمجلات العراقية: الطليعة الأدبية، المرفأ – الرابطة الادبية.

* عضو اتحاد الادباء العرب.

* صدرت له عدة مجاميع شعرية منها:

– نشيد الثورة (قصائد للاطفال).

– صدى الرفض والمشنقة.

– اشياء حذفتها الرقابة.

– يسألونك عن الحجارة.

– للثوار فقط

– شظايا البحر.. حكايا المنف.

– الحسين لغة ثانية.

* يرأس حاليا مؤسسة الهدى لثقافة الناشئين التي تصدر عنها: مجلة الهدى للطفل المسلم باللغتين العربية والانجليزية.

الصدر كان كلمة

حسن عبد الحميد السنيد

الكلمة الحية لا تموت

يموت الناس وتموت معهم كلماتهم

وقليلون اولئك الذين يجعلون الكلمة تتحرك في اطار الروح.. حتى اذا انفلتت الروح عن قيود الجسد، انطلقت الكلمة لتعبر الكيان الترابي الى ما وراء الاحساس..

قليلون اولئك الذين يجعلون للكلمات اجنحة مثنى ورباع، لتحلق في عوالم الدهشة جاعلةً من المألوف اليومي شيئاً يشبه المعجزة…

أوليست الكلمة هي صورة الاحساس؟ اوليس الاحساس هو صورة الروح؟ أوليس الروح هي صورة الله في الجسد.

***

لم يعد الموت يشوه وجه الكلمة لانها تقفز فجاةً الى خارج دائرة الاحتضار

انها لا تشعر بالانهيار مطلقاً.. لا تخضع لجلاّد ولاتركع لصنم ولا تعطي الا ذاتها لانها تحمل بين طياتها عالماً احمر يشبه لون الدم الى حدًّ كبير!

والاحمر هو ثوبها الابدي الذي اذا خلعته لحظة، أهملها التأريخ وافترسها الزمن

واذكر صبرك

فتخشع كل جذوع النخيل

واذكر فجرك

فيبهت لون الأصيل

وأذكر قبرك

فيخطف بين عيوني نسرٌ قتيل!

الكلمات الحّية كالاشجار.. تنمو ببطىء.. وبطريقة تبدو كأنها لا ارادية، لكنها تفاجىء الجميع دائماً، بأنها أقوى من الجفاف والخصب معاً!

***

الابداع بيت الكلمة.. تأوي اليه لتمسح تراب التقليد والرتابة.. فهي لا تؤمن مطلقاً بالنوافذ الموصدة.. لانها تختنق.. وتختنق.. وتبقى مخنوقة.. بلا موت!

انها تفقد قابليتها على الصراخ.. وهو الفعل الوحيد الذي تحترفه الكلمة في عصور الصمت.. ولانها تكره المحاكات، فهي تتمنى الاختناق على أن تبقى

في قفص ببغاء يحترف التقليد!

***

يوم كانت شفرة السيف أمة

كنت تبكي لليالينا العجاف المظلمة

لم تكن نسراً

فكيف اجتزت حلّ الكلمة

لست «ابراهيم»

كيف انفجرت رؤياك خنجر؟

لست «موسى»

كيف اضحى تحت اقدامك،

ملح البحر سكّر؟!

ولادة الكلمة

مثلما تولد الاطفال وهي تصرخ.. تولد الكلمة وهي تصرخ ايضاً

الفرق هو انهم يسكتون عندما يتدوّقون طعم اللبن لأول مرّة،

أمنا الكلمة فانها تظل متوترةً.. مشدودة الى لحظة من لحظات الألم وعندما تتذوّق المرارة تكبر.. وتكبر وتبلغ سنّ الرشد بلا حاجة الى شيء من الطفولة المدلّلة.. وعندها تكون قادرةً على العطاء والموت معاً!

قديماً قيل: الكلمة هي صورة اللفظ

واليوم كثيراً ما يقال: ان اللفظ هو صوت الكلمة

وكان هو يقول: ان الكلمة جثة المعنى.. اذا كان المعنى لا حياة!!

***

وكان يقول ايضاً: باستطاعة الكلمة ان تتحوّل الى شيء عظيم، وبامكان العظيم ان يتحول الى كلمة.. الم يكن «عيسى» كلمة؟.. كلمة الله التي تحي الموتى.. وتبرىء الاكمة والابرص.. هكذا كنت تقول ثم تبتسم

***

لحكاياك وجوه كوجوه الانبياء

ولعينيك عنادٌ: قادمٌ من كربلاء

لم تكن خارج هذا الكون،

او شيئاً خرافياً،

ولكن كنت ما يشبه أسرار السماء

***

الثابت كان هو.. والمتغيّر كانت الاشياء

ثباته ليس كالصخر.. ولا كالذبحر.. ولا.. ولا كان يشبه الشمس

الى حد كبير

فهي ثابتةً متغيّرة، تصنع عند شروقها الصباح، وتصنع عند مغيبها الاصيل.. بالروعة الصباح الملفّع بعباءة الاصيل!

هكذا.. كان معطاءً حدّ الفناء.. واهباً حدّ التلاشي والذوبان

وعندما كانت الكلمة تطرق ابواب عقله، فانه يفتح لها عاطفته، لتتطّهر من حمأة القاميس والتفعيلات وقواعد النحو والفلسفة.. و.. و

وتعود روحاً لا شكل لها.. تتمظهر في كل شيء ترغب أن تكونه، وهذا هو التحّول الذي يراد لها!

***

الجميع كانوا يعتقدون انه خرج من المألوف.. اللهّم الا القليل.

والمألوف يعني فيما يعني، الجمود والقدم.. كيف يتعامل الكبير جداً

بالكلمات اليومية البسيطة؟ هذا أمرٌ مذهل! كانوا هكذا يقولون ويومها كانت الكلمة تورق وتبرعم وتثمر بين يديك الهادئتين ياشلالا من الهدوء والوقار..

***

ولهذا سافرت خلفك كل الكلمات

وأنا، يقتلني الصمتُ..

وتحييني مرايا الذكريات

كلما حاولت ان اكتب شعراً،

يغرق الدمع، حروفي المتعبات

كلما حاولت ان أشد لحناً.

خشع اللحنُ.. ومات!!

***

ذات يوم قلت لنا: الكلمة الخائفة لا تغادر فم قائلها الا قتلتهُ! وكنا جينها نتلّفت متسائلين عن سرّ هذا التناقض!

كيف يستطيع الضعيف ان يقتل؟

كنت تبتسم بابوّتك المعهودة وتتمتم:

الانسان اضعف بكثير من الكلمة الضعيفة!!

***

لم نكن نفهم فلسفتك.. لا لانك غامض.. بل لاننا بسطاء، ولم لم نكن كذلك، لما عشقتنا، فانت عاشق البساطة والعفوية.. لم تعرف كلماتك الغل والحقد والحسد والرياء.. عفواً لا اريد ان استقصي كل الخطايا.. لانك كنت تعشق حتى الخاطئين، فربما عاودوا المسير في دروب النور.. ونحن لم نكن نفهم فلسفتك.

***

ياواهب الدم طعم دفء

والنجميات ارتعاشه

هبني ولوموتاً..

لتصلبني على جنحي فراشه

هبني ولو وجع الجحيم،

ولو ثياباً من رماد،

أرفو عليها من جراحاتي

بخيط من عناد!

***

والصخر يعرفُ

أن قسوته تموت على حدودك

فيرفّ فيه الف عصفور،

لينهب مكن خلودك،

أبداً على كتفيك يكبر يومنا،

ويصير عمرا

ونسير خلف خطاك مسحورين

من ضيفة.. لاخرى!

***

فلسفتنا هي فلسفتك

فلسفتنا.. هي فلسفتك

وكما كتب آخرون قبلك.. «قصائدي» لرامبو.. «كفاحي» لهتلر

«مذكراتي» لروبسبير.. وغيرهم من الذين يضيفون «الياء» كان بامكانك ان تكتب «فلسفتي».. الا انك اكبر بكثير من الياء»،

انت ضمير المتكلمين جميعاً انت «نا»!!

لهذا قلت (فلسفتنا) و(اقتصادنا) و(رسالتنا) و(مجتمعنا).. وهل صنعها احدً غيرك عبر تأريخ البشرية.. انا اقول: لا!

***

لانك الكائن الذي لم تحاصره الابعاد الثلاثة.. تداخلت مع البعد الرابع!

فاختصرت زمن المسافات الطويلة الممتدّة بين فناء الطين.. وخلود الروح!

نبوءاتك كثيرة.. كان اخرعا انهيار الماركسية، تلك الفكرة التي احتّلت العقل قرناً او يزيد..

كنت تقول لو سلمنا ان الماركسية ايّديولوجية لها قيمتها كنظرية اقتصادية.. الا اننا نتوقع انحسارها في المجال الاجتماعي كاخلاق تصلح لبناء الانسان..

نعم ايها العظيم.. فلقد انهار الانسان في الاتحاد السوفياتي

قبل انهاير «الروبل» وقبل انفجار «مجمع چيرنوبل» وقبل انهدام «جدار برلين» أو اعدم «چاوچيسكو»..

ورغم وضوح المستقبل لديك.. فقد كنت تحاور بموضوعية غريبة!

جعلت من كلماتك مشاريع حرّية.. وموانىء تفتح ذرايعها للضائعين من ابناء جلدتك

***

للصحراء شيءٌ من هيبتك.. وللسنابل شيءٌ من تواضعك.. وللماء شيءٌ من شفافيتك.. وللبحر شيءٌ من رفضك.. ولهذا قتلوك!

***

عجباً لمن قتلك!. كيف تجّرأ ان يرى جراحك؟

أقسم انه كان معصوب العينين!

***

وحده الليل كان يلملم أطراف عباءتك.. اما النهار فقد حمل شمسه الصدئة وسبقك الى المقرة!

نعم.. أردت ان تغّير حركة التأريخ.. أردت ان تعيد تشكيل الاشياء..

أردت وأردت.. ولكن انّى لفراشة بيضاء اقتلاع الاشواك من اغصان الورد..

انه القدر!

***

الدموع في مأتمك لم تعد سوى قطرات من الماء والملح.. والبكاء في فجيعتك لم يكن سوى حشرجات مبحوحة.. والحزن عليك لم يبق منه الا الهزيمة، لا لانك الفيلسوف العظيم.. والاقتصادي المبدع.. والمؤرخ الفذّ.. والفقيه الثائر وانما لانّك الحب!..

فعجباً للرصاص الذي لامس قلبك، كيف لم يتحوّل الى ورد؟

سلامٌ عليك..

ايها العظيم..

مرثية الجراح

لم يزل جرح الامام الشهيد الصدر يهز ضمير الشعر

قبل ان يهز اوتاره

ولم يزل يتفجر بركان غضب

وثورة وعطاء

حيث تتحول أحزان المحنة والمأساة

الى واحة خضراء… ودماء الشهداء الى بحيرة زرقاء

وهاتان القصيدتان… نغمتان رافضتان

من انشودة واحدة

انشق عنهما وتر «جواد جميل»

وهو يعزف لحن الجرح العراقي الخالد.

الأولى

عطاشى الجرح نرتشف الرمالا*** ونخفي تحت أضلعنا النصالا

ونعبرٌ موتنا حلماً.. جريئاً*** طوى بجناحه حلماً.. محالا

ونولدٌ مرةً أخرى كأنا*** دفنّا في التراب لنا خيالا

يشيبُ الجمرُ في دمنا ويأبى***  رمادُ قلوبنا الا اشتعالا

مسافاتٌ تطاردنا.. وتحبو*** مشوّهة ً فنسحرها جمالا

نسافر في الجفاف المرّ خصباً*** ونطلع منه ورداً… او ظلاظلا

تعاندنا المرافىء.. عاقرات*** فنرحلُ خلف أشرعة حبالى

الى ضفة تعانقنا بكاءً*** ونلمحُ بين ادمعها.. سؤالا

من الآتون؟.. ثمّ يضج صوتٌ*** على أدراج حيرتنا.. تعالى

قفوا.. ماذا حملتم؟ أي نعش*** مشت فيه الرؤى سرعى عجالى؟

هل أختطف الربيع؟ وهل تشظت؟*** مواسمهُ شريدات.. ثكالى؟

قفوا هذا زمان الصمت شدّت*** شرايين الحياة لنا.. حبالا

وحسب دموعنا انّا بكينا*** من اختصر الرجولة والرجالا

***

رحيلك أم شافٌ مطفئاتٌ*** لوى الزمنُ ابتسامتها اغتيالا

فكان اليأس اكبرنا رجاءً*** وكان الصمتُ افصحنا مقالا

سألنا الشمس أين مضى؟ فراحت*** تغيبُ أسى… ومالت حيثُ مالا

ويغرينا مدارُ النجم أنّا*** وجدنا فيه منك خطىً طوالا

أأنت رحلت امس أم أن جيلا*** من الابطال قد شدّ الرحالا

وماذا خلف ليلك غير افق*** ضبابي.. طلعت به هلالا

وغير شواىء للملح صلّت*** على شفتيك فانسابت زلالا

وما نسي «الفرات» ظلالا كفّ*** تعلمُ غصبة الموج الدلالا

ولا عرف «العراق» سواك وجهاً*** يقاسمه التوهّج.. والجلالا

ولكن كان موتك الف مرة*** تقدس حزنه عن أن يقالا

***

رويدك لم يزل في القلب نبضٌ*** يهزّ على ارتجافته الجبالا

حملت به المنى وجعاً وسيفاً*** واتعبت التمرّد.. والنضالا

وفاجئت انكسارتنا.. وأفقاً*** رأينا خلفه السحب الثقالا

بأنّا حالمون على سراب*** بأحداق.. ترى الرمد اكتحالا

وان خيولنا الشقراء شدّت*** أعنّتها على أيدي الكسالى

وقلت لخوفنا سيّان، مالت*** لنا سلماً.. أم اقتحمت قتالا

يذوب الغدر في دمها وفيّاً*** وتحلمُ ان تذوب به احتيالا

وقلت بأن ارضاً سال فيها*** دوم الشهداء.. صرحٌ لن يطالا

حرامٌ أن تمدّ بها أكفٌ*** اليكفّ ترى دمنا حلالا

وكيف نخادع الزيتون أنّا*** كسرنا عنه قيداً واعتقالا

ولم تبرق بجنتهم جحيماً*** ولم تمطر بلوعتهم صلالا

وسرت بها على وهج المنايا*** تجنّبها المتاهة.. والضلالا

لتكتشف الخلود لها طريقاً*** وغيرك راح يكتشفُ الزوالا

***

لظىًورؤاك تفتح جانحيها*** لتحتضن الا سنّة.. والنبالا

تشدّ جراحنا.. وتلمّ نزفاً*** تدّفق من طفولتنا.. وسالا

وخلف عيوننا يبكي «عراقٌ»*** صحا ليلُ العذاب به.. وطالا

تحزّ بعنقه السكينُ صمتاً*** وينشدُ غنوة الموت ارتجالا

ذئاب الجوع تنهشهُ اشتهاءً*** وقاتله يهدهده افتعالا

يساقيه كؤوس النار، حتى*** اذا جنّ اللظى.. خاف النزالا

وسلّم سيفهُ الخشبي ذلا*** وقبّل نعل سيداه امتثالا

وعاد وليس في شدقيه الا*** حكاياتٌ قد ارتجفت هزالا

هزائم أمة سخرت بأمس*** وزالت كي يجيء غدٌ.. فزالا!

وكانت تمنحٌ الزمن امتداداً*** وكانت تملأ الدنيا فعالا

وما قالت لي التأريخ الا*** أطلّ وراءها قدرُ.. وقالا!

***

الثانية

من دم مطفأ يجيء النهارُ*** فاحتضار البركان ومضٌ ونارُ

وبحضن الجراح يحتبيء الطوفان طفلا.. ويولدُ الاعصارُ

فهي بوّابة التمرّد… تقتات الشظايا لتاهطل الامطارُ

وهي صمتٌ… يهزّ أعماقه الرعدٌ… وتدوي بضفّتيه البحارُ

ليس موتاً هذي الدماءُ… فللجرح غموضٌ.. تلفّهُ الاسرارُ

يتبع الخصبُ خطوه أينما مرّ… وتمشي وراءه الانهارُ

كيف صارت للملح رائحةُ الورد المندّى فاخضرّ حتى الغبار؟

كيف رنّت معزوفةُ الوجع المرّ… وجنّت بلحنها القيثارُ؟

فاذا اليأسُ رغبةٌ، وآنيهارُ الروح رفضٌ… وخوفنا اصرارُ

ها هو الجرحُ يفتحُ الزمن المغلق فينا، فتسقطُ الاسوارُ

***

حملت لونك المرافىء والموجُ.. فأنت الشراعُ والبحّارُ

وارتوت دفئك الينابيعُ… واشتاقك رملٌ معذّبٌ وقفارُ

وارتديت الربيع فاستغفر الماءُ ابتهالا.. وصلّت الاشجارُ

ورمت عندك القافلُ أجراساً… وألقت اتعابها الاسفارُ

انت فاجئت موتنا فأفقنا*** بعد أن شدّ نبضنا الاحتضارُ

خذ حكاياتنا المدّماة في لحظة حبّ تفدى لها الاعمارُ

سترانا نطوي على القيد اضلاعاً… برتها زنزانةٌ وجدارُ

يا دم «الصدر»… يالظى الزمن الآخر… انت المدى وانت المسارُ

اكتشف صبحنا فكلّ مساء*** يصلبُ الانبياءُ والثوّارُ

***

للشوارع الغريق نرفو أمانينا وقد أطفأ العيون الدوارُ

ونسمّي الرماد ماةً ليصحو*** نورسٌ متعبٌ وأرضٌ بوارُ

ونقولُ: السماءُ أبعادنا الاخرى اذا ضاق في التراب المدارُ

آن للجرح أن يرى في طقوس الموت دمعاً هدوءه تيّارُ

آن… لكن وراء احداقنا يرقدُ ذلٌ مشوّهٌ وانكسار

والشافُ الخرساءُ ان عزفت لحن التحدّي… تهشّم المزمارُ!

***

في خيام الضباب عريُ الصحارى*** ولنا في الضباب أهلٌ ودارُ

ولنا في مواسم القحط ناعورةُ ماء، وصبيةٌ، وجرارُ

ولنا في مقابر الشمس أشلاءُ خيول لم يلوهنّ العثارُ

فلماذا يضيع لونُ القناديل ويخفي الاشياء وحلٌ وقارُ؟

ولماذا يسافرُ البحرُ عنّا*** ويلمّ الشواطىء المحّار؟

نحن حلمُ الارض الجريحة يطويه ضياعٌ وغربةٌ وانتظارُ

تحتسي صوته الرياحُ… ويبببنيه فضاءٌ ممزقٌ… منهارُ

طعنته المنى… فما زال شلواً*** وعلى وجهه يسيلُ العارُ

عمرهُ رحلةٌ مع الموت تحدوه دروبٌ مخبولةٌ وانتحارُ

نحن حلمُ الفراغ… قافلةٌ حيرى تخافُ السرى… وخطوٌ معارُ

فتدفّق يا رفضُ بين الشرايين… لتهوي في روحنا الاحجارُ

وتسلّل كالضوء تورق حناناً*** نافذاتٌ مسمورةٌ وحصارُ

******

حسن عبد الحميد السنيد