الإمام الشّهيد الصّدر.. تبني الاطروحات الحركية للتغيير…. ومخاضات التجديد

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

من الصّعب، فهم وادراك الظّروف الدّينية والسّياسية والإجتماعية لمجتمع معين، من دون الرّجوع إلى الخلفية التاريخية الّتي أوجدت تلك الظّروف.

فقد بدأت في العراق في مطلع القرن العشرين، نهضة سياسية كان لمراجع الدّين والعلماء والشّخصيات الرّسالية الدّور الأكبر في نشرها وترشيدها، وتوعية الأمة عليها، وكانت هذه التعبئة السّياسية والجهادية بقيادة المرجع الدّيني الميرزا محمد تقي الشّيرازي في سامراء، والشّيخ محمد مهدي الخالصي في الكاظمية، والسّيد محمد سعيد الحبوبي في النجف.

وتم تشكيل جمعية النهضة الإسلامية عام 1917 الّتي ضمت السّيد محمد بحر العلوم والشّيخ محمد جواد الجزائري، وهي تولت تفجير ثورة النجف عام 1918 وتأسس حزب النجف السري في تموز عام 1918 وضم الشّيخ عبد الكريم الجزائري والشّيخ محمد جواد الجزائري والشّيخ حسين الحلي وغيرهم.

وتشكلت الجمعية الإسلامية في كربلاء في تشرين الأول من عام 1918 وضمت الشّيخ محمد رضا نجل الميرزا الشّيرازي، والسّيد هبة الدّين الشّهرستاني والسّيد حسين القزويني وغيرهم، كما تأسست الجمعية الإسلامية في الكاظمية على يد السّيد ابو القاسم الكاشاني، والهيئة العلمية في النجف وهي تجمع إسلامي سياسي في النجف اسسها شيخ الشّريعة الاصفهاني في اواخر عام 1918.

وتأسست جمعية حرس الاستقلال في شباط 1919، وكان من أبرز أعضائها الشّيخ محمد باقر الشّبيبي والسّيد محمد الصّدر وجعفر أبو التمن.

وحظيت هذه التشكيلات على دعم المرجعية الدّينية وتأييدها، الامر الّذي حول القيادة المرجعية إلى قيادة ميدانية ترعى الاحزاب والتنظيمات والجماهير وتقوم بمواكبة الأحداث السّياسية اليومية في العراق والدّول الإسلامية والعالم بأجمعه.

وقد برز هذا التنسيق بين المرجعية من جهة وبين التنظيمات السّياسية من جهة اخرى واضحاً، بعد ان بايعت الجماهير المسلمة وعلماؤها والتنظيمات الميرزا الشّيرازي قائداً لثورة العشرين في 15 شعبان عام 1388. وخاضت المعارك، وضحت بنفسها، لنصرة الإسلام والوطن، وكان لهذا التلاحم الاثر الكبير في نجاح ثورة العشرين في أيامها الاولى، وتهديدها للوجود البريطاني في العراق.

ولم يُثن المرجعية من استمرار نهجها العدائي للإحتلال البريطاني للعراق واستمرت في مخططها للتصدي للمشاريع البريطانية، فقد احتجت على عقد معاهدة عام 1922 بين الحكومة العراقية والبريطانية، وتصدت لمشروع انتخابات المجلس التأسيسي، فاصدرت الفتاوى بتحريم الاشتراك في الانتخابات. فعلى اثر ذلك، قام عبد المحسن السّعدون، رئيس الوزراء، وبأيعاز من الحاكم البريطاني بتسفير الميرزا الشّيرازي مع عدد كبير من مراجع الدّين والعلماء إلى ايران في حزيران عام 1923.

ولم يسمح للعلماء بالرجوع إلى العراق، إلاّ بعد توقيع تعهد خطي إلى الملك فيصل بعدم التدخل في الامور السّياسية (عبد الرّزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ج 1، ص 134) بينما رفض الشّيخ مهدي الخالصي توقيع مثل هذا التعهد.

وحدثت الانتكاسة في العمل السّياسي بعد هذا التعهد، وعزلت المرجعية الدّينية وعلماء الدّين عن الاحداث السّياسية في العراق، وبالتالي غاب التأثير العلمائي على القرار السّياسي للسلطة، وغاب دور العلماء في تحريك السّاحة الجماهيرية ضد السّلطة، وانحصر دور العلماء في الفتاوي الدّينية وشؤون التدريس في الحوزة العلمية، وابتعدوا عن السّياسية وشؤونها في المجتمع.

ولم تشهد السّاحة السّياسية العراقية دوراً لعلماء الدّين بعدئذ إلاّ في مواقف الشّيخ محمد حسين كاشف الغطاء في أحداث العراق خلال الفترة 1933 – 1935، وتأييد بعض مراجع الدّين لحركة رشيد عالي الكيلاني ضد الإحتلال البريطاني في معركة مايس بين القوات العراقية والبريطانية عام 1941.

بين قرار تجميد الدّور السّياسي للعلماء في عام 1924 وتاريخ التحرك السّياسي للشهيد الصّدر عام 1957، 31 عاماً من الجمود السّياسي للمرجعية والحوزة، وظهور جيل جديد من طلبة العلوم الدّينية الّذين منعوا من الخوض في الاحاديث السّياسية فضلاً عن التحرك السّياسي. فمنذ هجرة الإمام الشّهيد من الكاظمية إلى النجف الاشرف في عام 1375 هـ وهو ابن(12) عاماً، وجد أجواء الحوزة العلمية بعيدة كل البعد عن العمل السّياسي، حيث نقل السّيد كاظم الحائري عن وصف الشّهيد للأمة فقال: (انني اتصوّر ان الأمة مبتلاة اليوم بالمرض الّذي كانت مبتلاة به في زمن الحسين (عليه السلام))، وهو مرض فقدان الارادة الّتي بها يجب ان تصول وتجاهد في سبيل الله، إلى ان تسقط هذه الزّمرة الكافرة عن منصب الحكم، وترفع الأمة كابوس هذا الظّلم عن نفسها) (مباحث الاصول، السّيد كاظم الحائري، ج 1، ص 49). ولذلك ابتدأ الامام الشّهيد التخطيط لكسر حاجز الخوف في العمل السّياسي، وفي ايجاد الاعمال الحركية التالية الّتي أراد منها النهوض بالأمة والمرجعية الدّينية والحوزة العلمية لممارسة دورها السّياسي في توعية الأمة والعمل، للقضاء على الطّاغوت.

1- تأسيس حزب الدّعوة الاسلامية:

أسس الإمام الشّهيد الصّدر مع مجموعة من علماء الدّين والرّساليين، حزب الدّعوة الأسلامية في 17 ربيع الاول 1377 هـ و كان عمره 24 عاماً، ووصف الشّهيد اسم الحزب بما يلي: (ان اسم «الدّعوة الإسلامية» هو الاسم الطّبيعي لعملنا، والتعبير الشّرعي عن واجبنا في دعوة الناس إلى الإسلام، ولا مانع ان نعبر عن أنفسنا بالحزب والحركة والتنظيم، فنحن حزب الله، وأنصار الله، وأنصار الإسلام، ونحن حركة في المجتمع وتنظيم في العمل، وفي كل الحالات نحن دعاة إلى الاسلام، وعملنا دعوة إلى الاسلام. والشّكل التنظيمي الّذي اخترناه في دعوتنا، هو تطوير للشكل الشّائع في التنظيمات المعاصرة مع ملاحظة ما تقتضيه مصلحة الدّعوة إلى الاسلام. وسبب اختيارنا له يعود إلى مشروعيته اولاً، وفائدته ثانياً) (نشرة داخلية لحزب الدّعوة الاسلامية صدرت عام 1394 هـ).

وقد تناول السّيد الشّهيد أسلوب الدّعوة إلى الاسلام، وقال انها يجب ان تكون انقلابية (ان قضية الإسلام في مثل هذه الظّروف ليست قضية اصلاح بل قضية انقلاب)، وان «المعركة الرّئيسية الّتي يخوضها الإسلام اليوم مع أعدائها انما تستهدف قبل كل شيء استرداد القاعدة للإسلام، وجعل العقيدة الاسلامية في موضعها الرّئيسي من حياة الأمة، والقضاء على الواقع الفاسد والكيان القائم برمته»، (نشرة داخلية لحزب الدّعوة الاسلامية).

ان تأسيس حزب اسلامي في اجواء المدن المقدسة كربلاء والنجف، في تلك الفترة، يعد امراً خطيراً وغير مألوف، لعدة اسباب أهمها، هيمنة الخط العلمائي الدّاعي إلى عدم القيام بأي عمل سياسي حتّى ظهور الإمام محمد المهدي الحجة (عليه السلام)، وان أي عمل في غيبته (عليه السلام)، كان يعد خروجاً عن المألوف، ويستحق اللعنة، وأخذ الشّهيد يحث العلماء والرّساليين للانضمام للحزب الاسلامي ويناقش معهم كل الاشكالات والافتراءات الّتي كانت تدور في أوساط الحوزة… وقد تحمل الشّهيد الكثير في دعوته للعمل الحزبي، ونعت بمختلف النعوت الّتي توصف دائماً للاعداء، ولكنه تحمل كل شيء، وبقي يدافع عن الحزب ويذود عنه في فترات حياته، أثناء اعتقاله، أثناء استشهاد مجموعة كبيرة من طلبته، وحتّى في فترة احتجازه، فقد طلب منه في جملة ما طلب منه ان يصدر فتوى يحرم الانتماء إلى حزب الدّعوة الاسلامية فرفض رفضاً قاطعاً، وقبل ان يستشهد أوصى ما نصه (أوصيكم بالدعوة «خيراً» فأنها أمل الامة)….

علاقة الشّهيد بالدعوة، لم تكن حالة فريدة، شهدتها المدن المقدسة في العراق، فحسب، وانما، كانت حالة متميزة غيرت مجرى الاحداث السّياسية في العراق…. إذ اعاد حالة ارتباط الحوزة بالعمل السّياسي من جديد من جهة وبين المرجعية وجماهير الأمة من جهة اخرى، فكانت الدّعوة ولا زالت الجسر القوي والحي والنابض والنشط بين المرجعية والجماهير وبالعكس، الامر الّذي هدد نظام حزب البعث الّذي اصدر قراره المرقم 431 في 31/3/80 بأعدام كل أعضاء حزب الدّعوة وبأثر رجعي، وقد نفذ هذا القرار اولاً بـ(96) مجاهد في 17/3/80 (بأثر رجعي) ثم نفذ في أعدام المرجع الشّهيد الصّدر (قدس سره) في 8/4/1980.

2- تأسيس جماعة العلماء في النجف:

تمكن الشّهيد الصّدر من أقناع خاله الشّيخ مرتضى آل ياسين وليقوم بدوره بأقناع المرجع الدّيني السّيد محسن الحكيم ومجموعة من المراجع وعلماء الدّين، في تأسيس جماعة العلماء عام 1958 (أو 1959)… وقد تشكلت الجماعة فعلاً، واختارت السّيد محسن الحكيم مشرفاً لها، والشّيخ مرتضى آل ياسين معتمداً لها والسّيد محمد تقي بحر العلوم ممثل اللجنة التنفيذية.

ولم يكن الشّهيد الصّدر عضواً في الجماعة لصغر عمره، ولكنه كان لولب حركتها واعتمد على قيادات حزب الدّعوة الاسلامية وكوادره في انجاح التجربة وديمومتها لبعض الوقت، ومارس الشّهيد مهمة كتابة المنشورات الصّادرة من الجماعة والّتي بدورها تذاع في الرّاديو وتوزع على المدن والقرى عبر الوكلاء والزّوار للمدن المقدسة، كما كان يقوم بكتابة افتتاحية مجلة الاضواء (رسالتنا)، وتأسيس مثل هذه التنظيم في الحوزة العلمية في النجف هو أمر جديد، لم تتعود عليه الاوساط العلمية في المدن المقدسة، ولذلك تعرضت الجماعة لعدة حملات مضادة، وكان الشّهيد المدافع والمحامي الميداني للجماعة، ولو قدّر لمثل هذه الجماعة استمرارية العمل لتغيرت كل المعادلات السّياسية في العراق.

3- اطروحة المرجعية الصّالحة والرّشيدة:

قدم الشّهيد اطروحة المرجعية الموضوعية بهدف تحويل العمل المرجعي الى مؤسسة تستفيد من تجارب المرجعيات السّابقة، و (تتطلب وجود قاعدة قد آمنت بشكل وآخر بهذه الأهداف في داخل الحوزة وفي الامة، واعدادها فكرياً وروحياً للمساهمة في خدمة الاسلام، وبناء المرجعية الصّالحة). ولتحقيق الاسلوب الجديد في تطوير المرجعية وواقعها العملي، فقد كتب الشّهيد أسس بنائها من:

اولاً: ايجاد جهاز عملي تخطيطي وتنفيذي يقوم على أساس الكفاءة والتخصص، وتقسيم العمل، واستيعاب كل مجالات العمل المرجعي الرّشيد في ضوء الاهداف المحددة. ويقوم هذا الجهاز بالعمل بدلاً من الحاشية الّتي تعبر عن جهاز عفوي مرتجل يتكون من اشخاص جمعتهم الصّدف والظّروف الطّبيعية لتغطية الحاجات الآنية بذهنية تجزيئية، وبدون أهداف محددة واضحة، ويشتمل هذا الجهاز على لجان متعددة، تتكامل وتنمو بالتدريج الى ان تستوعب كل امكانات العمل المرجعي.

ثانياً: ايجاد امتداد أُفقي حقيقي للمرجعية يجعل منها محوراً قوياً، تنصب فيه قوى كل ممثلي المرجعية والمنتسبين إليها في العالم.

ثالثاً: امتداداً زمنياً للمرجعية الصّالحة لا تتسع له حياة الفرد الواحد. فلابد من ضمان نسبي لتلك المرجعية في الإنسان الصّالح المؤمن بأهداف المرجعية الصّالحة، لئلا ينتكس العمل بانتقال المرجعية الى من لا يؤمن بأهدافها الواعية..

ويؤكد الشّهيد في اطروحته، استمرار العمل المرجعي من خلال مؤسسة المرجعية وليس من خلال المرجع نفسه.. فواقع الحوزة هو انّه اذا مات المرجع الدّيني، تعطل جهازه المرجعي، اما اذا مات المرجع وهو ضمن المؤسسة المرجعية، فأن الجهاز المرجعي، يقوم بدوره من دون توقف لحين ترشيح المرجع الجديد. ويضيف الشّهيد هذه الحالة بأن (شخص المرجع هو العنصر الّذي يموت، واما الموضوع فهو ثابت، ويكون ضماناً نسبياً الى درجة معقولة بترشيح المرجع الصّالح في حالة خلوّ المركز، وللمجلس والجهاز بحكم ممارسته للعمل المرجعي، ونفوذه وصلاته وثقة الأمة به القدرة دائماً على اسناد مرشحه، وكسب ثقة الأمة الى جانبه). واراد الشّهيد بهذه الاطروحة ان ينقذ الحوزة من الحالة الّتي تعتمد عليها ففي تبديل المرجع وحاشيته ونظامه مع موته.. اذ قلما تجد جهاز مرجع ينتقل الى جهاز مرجع أخر. هذه الاطروحة الجديدة في أجواء الحوزات العلمية لم تلق الاستجابة الكافية، وكان الشّهيد يحس بعدم قدرة الحوزة على استيعاب اطروحاته، وكان يشعر وهو بكامل الثقة والوعي في إمكانية تطبيق اطروحاته، وكان يعيش في زمان سبق فيه من عاشره في مسائل الوعي الحركي والتنظيمي للحوزة. وكان يعيش المستقبل في نظرة واقعية، لا زالت تنتظر من ينهض بها وينهض بالنظام المرجعي الى امام.

4- القيادة النائبة:

لما تجلت معالم اصرار حزب البعث على أعدام الشّهيد الصّدر، خطط الإمام لمشروع (القيادة النائبة) لتقوم بدوره في مهمة التصدي للطاغوت واستمرار الثورة ضد صدام ونظامه في حالة بقائه حياً أو بعد استشهاده.. وبذلك أراد ان يقضي على تخطيط البعث بالقضاء على التحرك الإسلامي في العراق من خلال قتل قيادته.. وكان الشّهيد يعلم، ان وجود القيادة الفاعلة في الميدان مهم جداً لاستمرار الثورة وحصولها على النتائج الايجابية، وان بأمكانها استثمار دم الشّهيد الصّدر في حالة شهادته، وبقاء الشّعلة موقودة لحين الاقتصاص من القتلة، وتحكيم العدل الإلهي في العراق..

وقد صمم الشّهيد جهاز القيادة النائبة على انّه يتكون من قيادة علمائية رباعية ابتداءً واعطى لها صلاحيات اضافة اشخاص معها في القيادة من خلال مجموعة من الاسماء الّتي وضعها ووصفت بأنها أكثر من عشرة اسماء، وخطط الشّهيد في تحصيل الدّعم الكافي لهذه القيادة من الإمام الخميني، والدّعم الجماهيري عبر تسجيل بيان بصوته موجه الى الشّعب العراقي يدعوه الى الالتفاف حول القيادة النائبة واطاعتها واسنادها في تحقيق الأهداف العليا كما انّه خطط للخروج بنفسه الى صحن الإمام علي (عليه السلام) في النجف الاشرف في الوقت الّذي يكون فيه الصّحن مملوءاً بالناس ليلقي خطاباً على المصلين ويعلن عن القيادة النائبة ويطلب من العراقيين اسنادهم والسّير على خطاهم.. وحتى ان الإمام كان يتمنى ان يموت شهيداً مضرجاً بدمه وأمام الجماهير وفي الصّحن الشّريف على ان يقتل أو يعدم في السّر.

وانجز الامام الشّهيد مشروعه التخطيطي، واختار الاربعة اسماء من العلماء العراقيين البارزين والمعروفين في السّاحة العراقية، وكان ثلاثة من العلماء في خارج العراق وقتئذ، اما الرّابع فقد كان في النجف الاشرف ورفض الاشتراك في القيادة النائبة لسبب عدم ترشيحه لرئاسة القيادة، مما جعل الإمام الشّهيد يحزن ويتأذي كثيراً لذلك.. وذكر الشّيخ محمد رضا النعماني الّذي كان مرافقاً للإمام الشّهيد أثناء فترة احتجاجه وعاش مخاضات القيادة النائبة (في صفحة 310 من كتابه الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار) ما نصه (وفشل مشروع القيادة النائبة، واصابت السّيد الشّهيد خيبة امل قاتلة، وهم دائم، فتدهورت صحته، واصيب بانهيار صحي، وضعف بدني، حتى كان لا يقوى على صعود السّلم إلاّ بالاستعانة بي، وظهرت على وجهه علامات وحالات لا أعرف كيف أُعبر عنها).

والحقيقة ان الإمام الشّهيد، كان يبني المستقبل في اطروحاته، ويخطط لاجيال قادمة، وان فشل مثل هذه الاطروحة، بأعتبار خيبة أمل كبيرة له، اذ انّه من خلال تركيبة الاطروحة توقع نجاحها وحصولها على التأييد الكافي لديمومتها..

ومن خلال استعراض المحاور الاربعة الّتي عمل الشّهيد الصّدر على ايجادها أو جدد أو حسن اطروحتها في أجواء النجف، نجده اخترق اضخم تجمع مضاد للعمل السّياسي في الحوزة العلمية، واستطاع بأعتماده على الله وقدراته ان ينجز التغيير السّياسي الصّعب، ولا زال لهذا التغيير العديد من العوائق ينبغي دراسة مسبباتها والتغلب عليها، ومن عوامل النهوض بالتغيير الّذي عمل له الشّهيد الصّدر ما يلي:

1- اتباع منهج الشّهيد في رعاية العمل الحركي الإسلامي، والتصدي لدعمه في كل ميادين الدّعم.

2- العمل على اصلاح وتغيير العوامل الّتي حالت دون تقدم مشروع الشّهيد في الوسط الإسلامي.

3- دعوة العلماء لاثراء اطروحة المرجع الشّهيد (المرجعية الرّشيدة)، ومحاولة التغلب على الظّروف الّتي حالت دون انجازها في الوقت الحاضر.

4- العمل الدّؤوب لكي تكون الأمة في خندق المسؤولية، والعمل للتغيير الإسلامي بعد ما أكد عليه الإمام الشّهيد بدمه الطّاهر، وتقدمه إلى خندق الجهاد والتضحية بنفسه وموقعه من أجل عزة الإسلام والمسلمين فكان حقاً مجدداً في حقول شتى، واعطى كل كيانه لانجاح مشاريعه الحركية، وبهذا اعطى مثلاً اعلى للشخصية المرجعية الحركية الواعية المغيرة لواقعها.

د. وليد الحلي