أمّا الأنبياء والسائرون في موكب التّحرير الّذي قاده هؤلاء الأنبياء والأمناء من خلفائهم وقواعدهم فقد آمنوا بهذه السيادة لله تعالى وحرّروا بها أنفسهم والإنسانيّة من ألوهيّة الإنسان بكلّ أشكالها المزوّرة على مرّ التاريخ لأنهم أعطوا لهذه الحقيقة مدلولها الموضوعيّ المحدّد المتمثّل في الشريعة النازلة بالو...
المثل الأعلی والهدف الأول
ولم يقتصر الإسلام على شجب أهداف الجاهلية وقيمها عن الحياة، بل وضع بدلًا عنها الهدف الذي يجب أن تسير في اتّجاهه. قال سبحانه وتعالى: «تَبَارَكَ الّذي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ* الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُو...
مصدر السلطات جميعاً
إنّ اللَّه سبحانه وتعالى هو مصدر السلطات جميعاً. وهذه الحقيقة الكبرى تعتبر أعظم ثورةٍ شنّها الأنبياء ومارسوها في معركتهم من أجل تحرير الإنسان من عبودية الإنسان. وتعني هذه الحقيقة أنّ الإنسان حرّ، ولا سيادة لإنسانٍ آخر أو لطبقةٍ أو لأيِّ مجموعةٍ بشريةٍ عليه، وإنّما السيادة للَّه وحده، وبهذا يوضع حدّ...
كان يعيش بكلّ وجوده حالة الاتّصال باللَّه
لا تقولوا بأنّ الناس يسخطون لأن الناس على دين ملوكهم؛ لأنّ الملوك وقتئذٍ ماذا كان موقفهم من عليّ بن الحسين؟ هل كان هشام بن عبد الملك أو كان عبد الملك نفسه مع عليّ بن الحسين؟! أكان يحمل مفهوماً صحيحاً أو يبشّر بمفهوم صحيح عن عليّ بن الحسين؟! لكنّ الناس أنفسهم كانوا مجذوبين إلى الإمام […...
الحریة؛ حق ومسؤولیة
والحرّية في مفاهيم الحضارة الرأسمالية حقّ طبيعيّ للإنسان، وللإنسان أن يتنازل عن حقِّه متى شاء، وليست كذلك في مفهومها الإسلامي؛ لأنّ الحرّية في الإسلام ترتبط ارتباطاً أساسياً بالعبودية للَّه، فلا يسمح الإسلام للإنسان أن يستذلّ ويستكين ويتنازل عن حرّيته، «لا تكن عبداً لغيرك وقد خلقك اللَّه حرّاً». فال...
من شريكٍ إلی أداة..
بنفس الدرجة التي إستطاعت النظرة إلى الأرض لدى الإنسان الأوروبّي أن تفجِّر طاقاته في البناء، أدّت أيضاً إلى ألوان التنافس المحموم على الأرض وخيراتها، ونشأت أشكال من إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان؛ لأنّ تعلّق هذا الكائن بالأرض وثرواتها جعله يضحِّي بأخيه ويحوّله من شريكٍ إلى أداة. الإسلام يقود الحياة، ...
النظرة الإسلامية إلى الدنيا..
لكلّ إنسانٍ يؤمن بالنظرة الإسلامية إلى الدنيا ويجسِّدها في سلوكه أن يأخذ من الدنيا ويستمتع بالحلال من طيّباتها بقدر حاجته؛ لأنّ الدنيا وضعت في الأساس لسدّ الحاجة لا للإكتناز والتكاثر، وما دامت لا تشكِّل للإنسان هدفه وإنّما تجدِّد قدرته باستمرارٍ على مواصلة الكدح في طريقه إلى ربّه وتحقيق هدفه، فمن ال...
التغییر في شکل الرعایة..
كان بالإمكان أن يستنتج من جعل اللّه خليفةً على الأرض أنه يجعل الكائن الحر المختار، الذي بإمكانه أن يصلح في الأرض وبإمكانه أن يفسد أيضاً، وبإرادته واختياره يحدِّد ما يحقِّقه من هذه الإمكانات: «إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً» [الإنسان: ٣]. وأكبر الظن أن هذه الحقيقة هي ا...