إنّ مجتمع الفراعنة على مرّ التاريخ، مجتمع ممزّق مشتّت الفرعونية على مرّ التاريخ، حينما تتحكم في علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان تستهدف تمزيق طاقات المجتمع، تشتيت فئاته، بعثرة إمكانياته، ومن الواضح أنّه في تشتيتٍ وبعثرةٍ وتفتيتٍ وتجزئةٍ من هذا القبيل لا يمكن لأفراد المجتمع أن يحشّدوا قواهم الحقيقية، وأن يجنّدوا كل بذور إبداعهم لكي تنمو نمواً طبيعياً في مجال التفاعل مع الطبيعة والسيطرة على الطبيعة.
وهذا هو الفرق بين المثل العليا المنخفضة الفرعونية وبين المثل الأعلى الحق، مثل التوحيد [للَّه] سبحانه وتعالى، فإنّ المثل الأعلى يوحّد الجامعة البشرية ويلغي كل الفوارق والحدود باعتبار شمولية هذا المثل الأعلى، باعتبار شموليته فهو يستوعب كل الحدود وكل الفوارق، يهضم كل الاختلافات، يصهر البشرية كلها في وحدة متكافئة، لا يوجد ما يميز بعضها عن بعض، لا من دم ولا من جنس ولا من قومية ولا من حدود جغرافية أو طبقية.
المثل الأعلى بشموليته يوحّد البشرية، ولكن المُثُل العليا المنخفضة تجزّئ البشرية وتشتّت البشرية. انظروا إلى المثل الأعلى كيف يقول: «إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ» [الأنبياء: ٩٢].
هذا هو منطق شمولية المثل الأعلى التي لا تعترف بحدٍّ وبحاجز في داخل هذه الأسرة البشرية. انظروا، استمعوا إلى المثل المنخفض، إلى مجتمع الظلم وآلهة مجتمع الظلم كيف يقولون؟ أو كيف يتحدث عنهم القرآن الكريم:
«إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً» [القصص: ٤]
المدرسة القرآنية، ص ۱۷٥.