هذا المجلّد يشتمل على ثلاثة كتب من آثاره القيّمة، وهي:
أوّلاً: (فدك في التاريخ) وهو من أروع وأعمق ما كتب في دراسة قضيّة (فدك) التي تعدّ إحدى القضايا الساخنة في التاريخ الإسلامي التي ألقت بظلالها القاتمة علی المستقبل. ولقد شقّ الكاتب طريقه وسط تلك الضبابيّة بعد أن أبان معالم المنهج العلمي للبحث التاريخي وحدّد دائرة المسؤوليّة لكلّ من يتصدّى لذلك، وكان موفّقاً للغاية في معالجته هذه.
وممّا يثير مكامن الإعجاب أنّ السيّد الشهيد كان قد أعدّ هذه الدراسة وهو في اواسط العقد الثاني من عمره الشريف، إذ طبع هذا الكتاب لأوّل مرّة عام 1374هـ وعمره وقتئذٍ واحد وعشرون عاماً، وقد صرّح في مقدّمته أنّه ظلّ مخطوطاً عنده لعدّة سنين وقد ذكر لبعض تلامذته أنه ألّف هذا الكتاب في مرحلة الصبا[1].
وعلی الرغم من أن هذا الكتاب كان قد ألّفه السيد الشهيد في سنين مبكرة من حياته العلمية إلا أن ما جاء فيه من دراسات تاريخية وفقهية وفلسفية دقیقة وعمیقة شاهدٌ واضحٌ علی نبوغه وعبقريته المبكرة.
ثانياً: (بحث حول الولاية) الذي كتبه السيد الشهيد كمقدّمة لكتاب (تاريخ الشيعة الإماميّة وأسلافهم) للدكتور عبد الله فيّاض(1335- 14٠4ھ) وقد طبع مستقلاً مرّات عديدة وتحت عناوين مختلفة، لكنّنا اخترنا هذا العنوان لتصريح السيّد الشهيد به في رسائل مختلفة يذكر فيها هذا الكتاب. وهنا تجدر الإشارة الی أن هذا الكتاب وبعد أن ترجم الی الفارسية وجّهت إليه إنتقادات من قبل بعض المفكرين فردّ عليها السيد المؤلف في الطبعات اللاحقة للكتاب وأضاف الإجابات كفصول ومقاطع من دون الإشارة الی أنها ردود. وقد أخذت لجنة التحقيق بعين الاعتبار تلك الإضافات وأدرجتها ضمن الکتاب.
ثالثاً: (بحث حول المهدي عليه السلام) كتبه السيّد الشهيد مقدّمةً لكتاب (موسوعة الإمام المهدي عليه السلام) للشهيد السعيد آية الله السيّد محمّد الصدر. وقد طبع بعد ذلك بصورة مستقلّة. ولم يشذّ هذا التأليف عن سائر كتب الشهيد، فهو على صغر حجمه قد تضمّن الإجابة المنطقيّة الكافية على أهمّ ما تواجهه فكرة وجود الإمام المهدي عليه السلام من أسئلة وإبهامات.
انظر نص الكتاب هنا
[1]. يظهر من بحوث قام بها بعض المحققين في سيرة الشهيد الصدر أنه ألّف هذا الكتاب حوالي سنة ١٣66ھ وهو في الثالثة عشرة من عمره الشريف وكان الکتاب في الأصل مجموعة من مذکرات یهیئها السید الشهيد للمحاضرة في مجالس التعزية و-کما يذکر في المقدمة-قد هذّبها ورتّبها على فصول اجتمع منها كتيّب صغير وكان في نيّته الاحتفاظ به كمذکّر عند الحاجة، فبقي عنده سنين مذكّراً ومؤرّخاً لحياته الفكريّة في الشهر الذي تمخّض عنه إلی أن طلب منه الشيخ محمّد كاظم الكتبي تقديمه إليه ليتولّی طبعه فأجابه إلی ذلك و نزل على رغبته تقديراً لأياديه البيضاء على المكتبة العربيّة والإسلاميّة. و یبدو أنه أعاد النظر إلی الكتاب قبيل عرضه للطبع وأضاف إليه بعض المقاطع أو العبارات لتنسجم مع الجو العلمي للعالم الإسلامي. انظر: محمد باقر الصدر، السيرة و المسيرة في حقائق و وثائق، ج1، ص155_١6٠.