وهذه الثنائية بين العبادة ونشاطات الحياة المختلفة تشلّ العبادة وتعطّل دورها التربويّ البنّاء في تطوير دوافع الإنسان وجعلها موضوعية، وتمكينه من أن يتجاوز ذاته ومصالحه الضيّقة في مختلف مجالات العمل. والله سبحانه وتعالى لم يركّز على أن يُعبَد من أجل تكريس ذاته- وهو الغني عن عباده- لكي يكتفي منهم بعبادة من هذا القبيل، ولم ينصب نفسه هدفاً وغايةً للمسيرة الإنسانية لكي يُطأطئ الإنسان رأسه بين يديه في مجال عبادته وكفى، وإنما أراد بهذه العبادة أن يبني الإنسان الصالح القادر على أن يتجاوز ذاته ويساهم في المسيرة بدور أكبر، ولا يتمّ التحقيق الأمثل لذلك إلا إذا امتدّت روح العبادة تدريجاً إلى نشاطات الحياة الأخرى.
الفتاوى الواضحة، ص ٧٧۳.