إنّ القرآن بتنزيله تدريجاً كان إمداداً معنوياً مستمراً للنبي صلى الله عليه و آله كما قال اللَّه تعالى: «وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا» [الفرقان: ٣٢].
فإنّ الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك نزول الملك إليه وتجدد العهد به وتقوية أمله في النصر، واستهانته بما يستجد ويتعاقب من محن ومشاكل.
ولهذا نجد أنّ القرآن ينزل مسلياً للنبي مرة بعد مرة مهوناً عليه الشدائد كلما وقع في محنة، يأمره تارة بالصبر أمراً صريحاً، فيقول: «وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا» [المزمل: ١٠] وينهاه تارة أخرى عن الحزن كما في قوله: «وَ لا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً …» [يونس:٦٥]
المدرسة القرآنية، ص ٢٢٣.