… إنّ الاعتبار الثالث من اعتبارات الإمام الحسن هو اعتباره بوصفه أميناً على الكتلة التي وضع بذورَها النبيُّ ونمّاها الإمامُ علي. هذه الكتلة التي تمثّل الجزء الواعي من الامّة الإسلاميّة التي تسمّى اليوم بـ (الشيعة)، والتي كان من المفروض أن تكون طليعة الامّة الإسلاميّة على مرّ التاريخ، تحمل إلى الأجيال الإسلام بكامل صيغته ومضمونه..
وفي هذا المجال كان يبدو أنّ هناك أيضاً فرقاً كبيراً بين الإمام الحسن والإمام الحسين.. وحاصل هذا الفرق: أنّ الإمام الحسن كان يستقطب كلّ هذه الكتلة، بينما الإمام الحسين لم يكن يستقطب كلّ هذه الكتلة، الإمام الحسن كان يحارب وهو رئيس دولة، كان يحارب وهذه الكتلة داخلة ضمن إطار دولته، ولم يكن من المعقول أن يحارب رئيسُ دولةٍ وأن يواصل الحرب إلّا بأن تستنفد هذه الحرب كلّ قواه وكلَّ طاقاته، وكلَّ رصيده الشعبي الموجود في الدولة حتّى يخرّ صريعاً..
بينما الإمام الحسين اخذ في معزلٍ، اخذ واستشهد معه صفوةٌ من خيرة خلق الله، إلّا أنّ هذه الصفوة لم تكن تستوعب كلّ القواعد الشعبيّة الواعية. ولهذا عقيب شهادته بدأت ثورة التوّابين، ثمّ بدأت الثورات تترى من قبل اناسٍ كان يتزعّمهم عددٌ كبيرٌ من الشيعة الواعين والمؤمنين بأهداف الحسين.
أئمة أهل البيت عليهم السلام ودورهم في تحصين الرسالة الإسلامية، ص ٤٢٩ – ٤٣٢ بتصرف يسیر.