س: ما هو دور الشهيد الصدر في تعبئة الحركة الإسلامية التي كانت في عهده؟
بسم الله الرحمن الرحيم … الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الواضح أن الحوزة العلمية في النجف الأشرف كانت تمثل إحدى الحوزات الرئيسية في العالم الشيعي الإسلامي بل كانت تعتبر الحوزة الرئيسية الأولى وقد نمت هذه الحوزة بشكل واضح في أيام مرجعية السيد الحكيم رضوان الله عليه وأخذت تشكل تهديداً حقيقياً للأنظمة الكافرة المرتبطة بالاستعمار في ذلك الوقت ومن هنا نجد أن الاستعمار البريطاني على الحوزة العلمية في النجف الأشرف وجاء بنظام حزب البعث الكافر من أجل ضرب هذه الحوزة تفتيت فلولها ومن هنا نلاحظ أن من إجراءات حزب البعث الكافر التي اتخذها تجاه الحوزة العلمية في النجف الأشرف هو تهجير الآلاف من طلاب العلوم الدينية من العلماء الكبار بدعوى أن هؤلاء غير عراقيين وتهجير المئات من الإيرانيين والباكستانيين والهنود وغيرهم ممن ينتمون إلى البلاد العربية, ثم بعد ذلك عمل النظام البعثي الكافر على محاربة طلاب العلوم الدينية من البلاد العربية كاللبنانيين وأبناء الجزيرة العربية والبحرين والكويت وغيرهم من طلاب العلوم الدينية من العرب وهجر الكثير منهم, ثم عمل على اعتقال آخرين وتعذيبهم من أجل زرع الخوف في نفوسهم ومحاربة الكثير من المؤسسات العلمية في النجف الأشرف, ثم عمد بعد ذلك إلى شن حملات الاعتقال الموسمية تجاه طلاب العلوم الدينية والعلماء في النجف الأشرف وقد تعرض السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه إلى الاعتقال في بعض الحملات التي مارسها البعث الكافر وكانت حصيلة هذه الإجراءات التي مارسها ضد الحوزة العلمية في النجف الأشرف هو أن تصبح الكثير من المدارس في النجف الأشرف خاوية من الطلاب بل أغلقت بعض هذه المدارس بشكل كامل وتشرد المئات من طلاب العلوم الدينية من العراقيين إلى خارج العراق ويسكن الكثير منهم في مدينة قم من أجل مواصلة دراستهم كما يعمل بعضهم ضمن التحرك الإسلامي والثورة الإسلامية في مناطق مختلفة من الجمهورية الإسلامية, والحوزة العلمية في النجف الأشرف من بعد هذا الاضطراب الذي تعرضت له لم يبق منها إلا اسمها تقريباً وإلا مجموعة من الأشخاص الذين يقومون بتدريس بعض العلوم الدينية في النجف الأشرف.
س: من خلال موقع الشهيد الصدر فما كان أثره في الحوزة العلمية؟
لقد عمل السيد الصدر رضوان الله عليه منذ بداية نشوئه العلمي والفكري على التأثير في الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي المثقفين من العراقيين وغيرهم وقد وضع لذلك مجموعة من الخطط… بعض هذه الخطط فيما يتعلق بالحوزة العلمية والإشراف على تنظيم الدراسة العلمية في النجف الأشرف وإدخال بعض المواد الدراسية الإسلامية من أجل تطوير الوضع العلمي والثقافي لطلاب العلوم الدينية في النجف الأشرف وكانت مدرسة العلوم الدينية التي أسسها سماحة المرحوم آية الله العظمى السيد الحكيم رضوان الله عليه كانت هذه المدرسة تحت إشراف السيد الشهيد الصدر وتخطيطه وإشراف طلابه رضوان الله عليهم وكان هو وراء فكرة هذه المدرسة وقد تمكن هذه المدرسة بأن تخرج عدداً كبيراً من الطلاب كان لهم الدور الكبير في الحركة الإسلامية في العراق, كما أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه توجه إلى تأليف مجموعة من الكتب الدراسية من أجل تسهيل تناول طلاب العلوم الدينية لعلوم الفقه والأصول أيضاً عمد السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه إلى محاولة تنظيم الوضع الحياتي لطلاب العلوم الدينية في النجف الأشرف وحاول أن يؤمن الغذاء لهؤلاء الطلاب داخلياً كما عمل على تأمين السكن لهؤلاء الطلاب وكانت توجهاته المرجعية هو تنظيم المرجعية الدينية إلى مرجعية موضوعية بالشكل الذي بدأت تأخذ به الحوزة العلمية في قم بعد انتصار الثورة ـ الإسلامية في إيران وأما بالنسبة إلى المثقفين العراقيين فقد عمد السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه على مدّ الجسور بين الحوزة العلمية في النجف الأشرف وبين هؤلاء المثقفين وذلك بتأليف سلسلة من الكتب الإسلامية التي تتناول الإسلام ومفاهيم الإسلام بأسلوب حديث يتمكن هؤلاء المثقفون من فهمه بشكل كامل وتشكل هذه الكتب الخلفية لهؤلاء المثقفين كما أن تأليفاته في علم الأصول والفقه التي كتبت بأسلوب واضح وسهل وكان لهذه التأليفات اثر في هؤلاء المثقفين حيث تمكن بعض هؤلاء المثقفين من الاطلاع على الفقه والأصول من خلال هذه التأليفات بالإضافة إلى ذلك كان السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يعقد الندوات الأسبوعية في بيته من أجل الإجابة على كل الأسئلة التي تتعلق بالإسلام من قبل هؤلاء المثقفين وتمكن من خلال هذا العمل الرسالي أن يربي عدداً كبيراً من المثقفين المتدينين في العراق بل وفي خارج العراق بالإضافة إلى تربية مجموعة من التلاميذ والطلاب الذين كان لهم دور كبير في تربية المثقفين في أماكن أخرى من العراق.
السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يمكن أن يعتبر من خلال جهوده العلمية والثقافية سواء في الحوزة العلمية أو في أوساط المثقفين العراقيين وغير العراقيين, يمكن أن يعتبر رائد تطوير الحوزة العلمية في النجف الأشرف ورائد مد الجسور بين الحوزة وبين المثقفين في العراق.
س: يرجى بيان الابتكارات التي قدمها الشهيد الصدر؟
لقد كان للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه ابتكارات عظيمة في الفقه والأصول وقد كانت القواعد التي اكتشفها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه من خلال أبحاثه الفقهية والأصولية تربو على سبعين قاعدة يمكن التعرف عليها من خلال مطالعة كتبه الفقهية والأصولية ولكن في هذا الصدد يمكن أن نشير إلى بعض المعالم التي تمثل وتوضح هذه الابتكارات التي قام بها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في مجال الفقه والأصول… المعلم الأول من هذه المعالم هو أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان يتميز بالقدرة على إقامة الدليل على التصور العرفي لمدلول الحكم الشرعي والنص الشرعي وهذا مما كان يتميز به السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه فقد وقع الكثير من فقهاءنا رضوان الله عليهم وقعت في بعض التصورات البعيدة عن الفهم العرفي نتيجة لانسياقهم مع الدليل بشكل غير دقيق أما السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه فقد تمكن من أن يجمع في دراساته الفقهية والأصولية بين عنصر الفهم العرفي وبين عنصر الدليل الشرعي الذي يقيمه على هذا الفهم العرفي. والمعلم الثاني الذي يمثل الابتكار في جهود السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه الفقهية والأصولية وأنه تمكن من استنباط مجموعة من النظريات الإسلامية الشاملة من خلال مراجعته لمفردات هذه النظريات في مختلف المجالات الفقهية والأصولية ويمكن أن نتعرف على هذه الحقيقة عند قراءتنا لنظريات السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في علم الاقتصاد عندما استنبط هذه النظريات من مفردات الفقه في مجالات مختلفة من كتب الفقه بحيث جمع هذه المفردات وكون منها نظرية شاملة يمكن أن يعتمد عليها الاقتصاد الإسلامي وكما يمكن أن نتعرف على هذا الاتجاه في جهود السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه مما صنعه في البنك اللاربوي حيث تمكن من أن يفتح آفاقاً فقهية وعلمية واقتصادية تجاه التعامل في البنوك بشكل لا يعتمد على الربا وإنما يعتمد على النظرية الإسلامية الصحيحة. ومن المعالم التي يمكن أن نشير إليها بهذا الصدد أي بصدد الابتكارات في بحوثه الفقهية والأصولية للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه هو أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان يهتم بالمدلول الاجتماعي للنص فالنص الفقهي لا يأخذه بشكل مفصل عن الظروف التي جاء بها النص وعن العلاقات الاجتماعية التي كانت قائمة عند ورود هذا النص, فالنص ينظر إليه من خلال الظروف الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية التي كانت قائمة بالمجتمع بحيث يشكل ذلك مدلولاً اجتماعياً للنص قد يختلف هذا المدلول الذي نتعرف عليه من النص عند دراسة النص بشكل تجريدي ومنفصل عن الظروف الاجتماعية. ومن جملة المعالم التي يمكن أن نشير إليها بهذا الصدد هو النظرة الشمولية التي كان يتمتع بها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في دراساته الفقهية والأصولية فلم يكن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه ينظر إلى النص الفقهي نظرة تجزيئة بحيث يحصر هذا النص في زاوية معينة وإنما ينظر إلى النص الفقهي نظرة شمولية بحيث يحاول أن يربط بين هذا النص وبين كل النصوص الأخرى التي يمكن أن تلقي الضوء على تلك الزوايا وبحيث تكون هناك نظرة شمولية للمجتمع ككل لا على أساس أن هذا النص يتناول جانباً معيناً من هذا المجتمع ولعل من أهم الابتكارات التي يمكن أن نتعرف عليها من خلال جهود السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه الفقهية والأصولية هو اعتماده على دليل حساب الاحتمالات الذي قد تكون نتائجه تختلف في بعض الأحيان عن النتائج التي يتوصل إليها الفقهاء عندما يعتمدون على الأسلوب التقليدي لإقامة الاستنباط وقد وضع حساب الاحتمالات التي يعتبرها أحد الأدلة الرئيسية في استنباط الحكم الشرعي وضع كتاباً من أجل إقامة الدليل على صحة الاستناد إلى هذا الحساب في الأسس المنطقية للاستقراء.
س: ما هي الآثار العلمية للشهيد الصدر؟ يرجى توضيح القيمة العلمية والمكانة العلمية لها…
السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كانت له نتاجات علمية عديدة فكرية في مختلف العلوم الإسلامية سواء في الفقه أو الأصول أو الفلسفة أو الاقتصاد أو ـ علم الاجتماع وقد تميزت كل هذه الآثار بالأصالة والدقة وبالابتكار على ما يمكن التعرف عليه عند قراءة كل هذه النتاجات العلمية التي أنتجها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه ومن هنا يمكن أن نقول بأن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان يمثل مرحلة تاريخية لعلم الفقه والأصول والفلسفة والعلوم الإسلامية الأخرى التي تناولها وقد وضع السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه النظرية الإسلامية في علم الاقتصاد كما تمكن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه من أن يضع المعالم الأولية للنظرية الإسلامية في علم الاجتماع وذلك في مجموعة من الدراسات التي قام بها كما أيضاً أشرت سابقاً إلى أنّه وضع مجموعة من القواعد والقوانين التي اكتشفها واستنبطها في علم الأصول والفقه مما لم يكتشفه أحد قبله من علماء الفقه والأصول.
س: ما هو موقف الشهيد السياسي في المجتمعين العراقي والعربي؟
السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بالإضافة إلى تحركه العلمي واحتمالاته في تنظيم هذا الجانب في الحوزة العلمية في النجف الأشرف… كان له اهتمام متزايد بالجانب السياسي للحوزة العلمية في النجف الأشرف وكذلك في المجال الذي كانت تتفاعل معه هذه الحوزة العلمية في النجف الأشرف ويمكن أن نعرف السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بأنه كان رائد الحركة الإسلامية في العراق وفي بغض المناطق الأخرى التي كانت تتفاعل مع العراق كما أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يمكن أن يعتبر أيضاً رائد الثورة الإسلامية في العراق ومن المعالم الأساسية التي وضعها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في التحرك السياسي للحوزة العلمية وفي المناطق التي كانت تتفاعل مع هذه الحوزة العلمية هو أنه يعتبر واضع الأسس الفكرية لهذا التحرك السياسي كما أنه هو الشخص الذي حدد المعالم الرئيسية لطريق هذا التحرك في مجموعة من الكتابات التي سجلها سواء في كتبه أو في المجلات التي كانت تنشر له .. ومن جملة هذه المعالم هو أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه وضع بشكل واضح الأساس للتحرك المرجعي السياسي وعندما أقول أنه وضع ذلك لا لأنه هو الشخص الوحيد الذي تحرك من هذا المنطلق وإنما تمكن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه من أن يحدد معالم هذا التحرك الذي يعتبر تحرك كل العلماء السابقين ويعتبر تحرك الأئمة سلام الله عليهم وتحرك الأنبياء السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه حدد معالم هذا التحرك وخصوصاً في الأيام الأخيرة وقد كان انسجام السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه مع تحرك السيد الإمام الخميني في إيران الثورة هذا الانسجام يمثل حقيقة معلماً من معالم التحرك المرجعي يمكن أن نتعرف على وجهة نظر السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في المحافل السياسية وتوجهاته السياسية من خلال الأطروحة التي قدمها في دستور لجمهورية الإسلامية في بداية المشروع.. هذا المشروع الذي إذا أردنا أن نقارنه بالقانون الأساسي الذي وضع للجمهورية الإسلامية من قبل مجلس الخبراء للجمهورية الإسلامية نجد هناك تشابهاً كبيراً بين المشروع الذي وضعه ر وبين ما أخذ به مجلس الخبراء في القانون الإسلامي للجمهورية الإسلامية الأمر الذي يشير إلى أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان قد حدد معالم التحرك المرجعي الذي يقوده في هذا العصر السيد الإمام الخميني حفظ الله تعالى, وكذلك انسجامه الكامل مع قيادة السيد الإمام الخميني وتحمله لأعباء هذا الانسجام الأمر الذي أدى إلى استشهاده ويمثل هذا التوجه في تحركه وفي تحديده لمعالم هذا التحرك أيضاً.
س: ما هو أثر الثورة الإسلامية على الحركة الإسلامية في العراق وما هو موقف الشهيد الصدر منها؟
لقد كان السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يحظى بمرتبة عظيمة من القبول في أوساط المثقفين الإسلاميين في العالم الإسلامي ككل سواء كان في العالم الشيعي العالم العربي بل في كل العالم الإسلامي ويشهد ذلك الاتصالات التي كانت تجري بين السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه وبين أطراف وأنحاء مختلفة من العالم الإسلامي وكذلك الدعوات التي وجهت للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في حضور مؤتمرات إسلامية ثقافية وسياسية مختلفة أو إرسال مندوبين له إلى هذه المؤتمرات وقد كان السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يعتبر علماً من أعلام الإسلام في هذه المرحلة التاريخية من مراحل تحرك الأمة الإسلامية وارتباط السيد الشهيد رضوان الله عليه في الثورة الإسلامية في إيران كان ارتباطاً وثيقاً وقد كان تجاوب السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه مع الثورة الإسلامية في إيران كان تجاوبه منذ بداية هذه الثورة ونحن نتذكر في الأيام الأولى للثورة وعندما كان السيد الإمام الخميني حفظه الله تعالى في إيران وقبل اعتقاله من قبل الشاه ونفيه إلى الخارج كان السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يتعاطف مع هذه الثورة تعاطفاً كبيراً وكان ينعكس تعاطفه هذا على طلابه وتلامذته باعتبار أن تصوراته عن الوضع في إيران كانت متشابهة إلى حد كبير مع تصورات السيد الإمام الخميني حفظه الله تعالى وقد ازداد هذا التعاطف عمقاً وازداد هذا التعاطف وضوحاً للأيام الأخيرة من تحرك الثورة الإسلامية في إيران وقبل تحقق الانتصار النهائي لها لإسقاط نظام الشاه حيث اهتم السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في روابط بالسيد الإمام الخميني وإظهار تعاطفه مع تحرك الثورة الإسلامية وإصداره البيانات المنسجمة مع هذا التحرك ثم بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران تأكد السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بضرورة أن يقوم بتحرك مماثل في العراق وان يكون هذا التحرك تحركاً منسجماً تماماً مع تحرك الثورة الإسلامية في إيران ومن هنا أعلن انسجامه مع قيادة الإمام الخميني وكما ذكرت أنه تجمل أعباء هذا الإعلان الأمر الذي أدى به إلى الاستشهادها بعد ذلك حيث أنه كان من جملة المؤاخذات الرئيسية التي كان يؤاخذه بها النظام الكافر في بغداد هو أنه لماذا تؤيد السيد الإمام الخميني وتقف من الثورة الإسلامية في إيران هذا الموقف المساند وقد كان جواب السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه تجاه هذا الموضوع جواباً قاطعاً حيث ذكر أن موقفه من السيد الإمام الخميني يمثل الموقف من المرجع الديني العالمي ومن القائد الإسلامي العالمي وأن موقفه هذا ليس موقفاً سياسياً محضاً وإنما هو موقف سياسي ديني باعتبار أن السيد الإمام الخميني حفظه الله تعالى لم يكن رئيس دولة فحسب وإنما كان قائداً لثورة إسلامية وأن تأييده إنما هو تأييد لهذا الإنسان باعتبار هذا المركز الإسلامي العام, وأدى هذا الموقف الصامد للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه موقف انسجامه مع الثورة الإسلامية إلى الاستشهاد بعد ذلك على أيدي البعثيين الكفرة.
س: هل لديكم من الخواطر غير ما ذكرتموه آنفاً؟
الخاطرة أو الخواطر التي يمكن أن تذكر بالنسبة إلى السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كثيرة باعتبار أن الحياة التي قضيتها مع السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كانت حياة طويلة ومختلفة الأشكال والألوان من الحياة الشخصية المحضة .. من الحياة العلمية إلى الحياة الجهادية والسياسية فمظاهر الحياة تتصف بألوان متعددة ومختلفة وبهذا الصدد قد يكون من المستحسن أن نشير إلى بعض هذه الخواطر, الخاطرة الأولى التي يمكن أن يشار إليها وتمثل جانباً من شخصية السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه هو اعتماد السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بالرغم من ظروفه العلمية اعتماده في الجانب المعيشي على الذات فالسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بالرغم أنه كان يعيش إلى جوار خاله الذي كان يعتبر من مراجع الإسلام وكان السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يتيماً فاقداً لأبيه ويعيش مع أخيه الأكبر ومع أمه بالرغم من أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه كان هذا هو وضعه مع ذلك لم يكن يفكر أن يعتمد بحياته المعيشية على شخص آخر بل كان يباشر بنفسه توفير الأسباب المعيشية الشخصية لحياته دون أن يطلع على ذلك حتى أقرب الناس إليه حتى أخوه لم يكن على اطلاع على هذه الحقيقة كما حدثني بذلك رضوان الله عليه الأمر الذي يدل على عصامية عظيمة للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في هذا المجال ويدل على قدرة عظيمة أنه يوفر الجانب العلمي لحياته كما وفر الجانب الحياتي والمعيشي بالنسبة له, ومن جملة الخواطر التي يمكن أن تذكر بهذا الصدد هي الشجاعة العظيمة التي كان يتمثل بها السيد الشهيد الصدر الشجاعة ذات الخلفية الأخلاقية حيث أتذكر أنه بعد قيام البعثيين في العراق باتهام نجل سماحة آية الله العظمى المرحوم اليد الحكيم رضوان الله عليه بتهمة التجسس بقصد ضرب المرجعية الدينية أتذكر أن السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بادر بالمجيء من النجف الأشرف إلى بغداد وكان أول الأشخاص الذين وصلوا إلى بيت السيد الحكيم في بغداد حيث كان السيد الحكيم حينذاك في بغداد وعرض علينا جميعاً أن يقوم بتقديم مذكرة احتجاجية لحكومة البعث على أن توقع هذه المذكرة بالأسماء وعلى أن يكون هو أخد هؤلاء الموقعين وذلك لموجهة حكومة البعث بشكل واضح وصريح وتحمل المسؤولية الأخلاقية لهذا الموضوع حيث أنه كان يرى أنه لا ينبغي أن يترك السيد الحكيم رضوان الله عليه وحده في الميدان وقد كان السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه يدرك أن القيام بمثل هذا العمل قد يؤدي به إلى الموت مع ذلك كان يصر على القيام بهذا العمل شعوراً منه بواجبه الأخلاقي والأمر الذي يدل على شجاعة عظيمة كان يتمتع بها السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه, ومن جملة هذه الخواطر التي يمكن أن تكتب بهذا الصدد هو تصميمه على الشهادة وعلى الموت في سبيل الله سبحانه وتعالى من جملة الخواطر التي يمكن أن تذكر بهذا الصدد هو تصميم السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في أيامه الأخيرة على الشهادة والموت في سبيل الله مع وجود خيار آخر له قدمه البعثيون الكفرة حيث كانوا يحاولون أن يستميلوه بمحاولات معينة حيث عرضوا على السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه أن يروجوا له كمرجع عام للعراق ويضعوا تحت يديه كل الإمكانات الإعلامية والتبليغية على أن يترك موقفه السياسي الصامد الذي وقفه وبالرغم من هذه العروض التي قدمها البعثيون للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه واصل جهاده السياسي وكان يدرك أن مواصلة هذا الجهاد السياسي وكان يدرك أن مواصلة هذا الجهاد السياسي نتيجته الموت كما حدثنا بذلك في الأيام الأخيرة حيث كتب في أحد رسائله عبر الوثائق أنه يدرك أن هذه الأيام تمثل أيامه الأخيرة وأنه صمم على أن يستقبل الشهادة وان يصمد حتى النفس الأخير وأن لا يركن إلى البعثيين مهما كلفه ذلك من ثمن.. هذا الموقف لعله يعتبر من أعظم المواقف التي تمر في تجربة الإنسان فالإنسان قد يتعرض للشهادة ولكن لا يكون له خيار إلا خيار الشهادة أما عندما يكون للإنسان خياران أحدهما الدنيا بعرضها العريض والآخر الشهادة ثم يختار الشهادة فذا يدل على شهامة عظيمة وعلى تقوى وورع عظيمين وعلى خلق عظيم لا يؤتيه الله سبحانه وتعالى إلا الأفذاذ من خلقه .. وسلام عليه يوم ولد وسلام عليه يوم استشهد وسلام عليه يوم يبعث في أعلى عليين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.