لقاء مع الشيخ علي أكبر برهان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، اليوم هو السبت ـ 17 شوال ـ سنة 1402 هجرية الموافق للسابع من شهر آب سنة 1982 ميلادية، لقاؤنا مع سماحة الشيخ علي أكبر برهان.

س: شيخنا، كيف كانت بدايات معرفتكم بالشهيد الصدر؟

بسم الله الرحمن الرحيم، بدايات معرفتي لسماحة الشهيد الإمام الصدر، هي بداية دخولي الحوزة العلمية في النجف الأشرف، كنت أسمع هنا وهناك ومن لفيف من الطلاب أن شخصاً يدعى السيد محمد باقر الصدر، وكان في ريعان شبابه، مجتهداً كنت أسمع عن اجتهاده ونبوغه، هذا السماع من هنا وهناك، وكان يحفزني للقائه، إلى أن تمّ أول لقاء في جلسة في وادي السلام بمناسبة تشيیع زوجة الشيخ إبراهيم الأنصاري من تلامذة السيد؛ لكن بجلسة مختصرة ولقاء عابر، إلا أن هذه الروحية وهذه الرؤية اكتسبتها من تلك الجلسة، فاشتد اهتمامي بالسيد وصرت أكتسب منه ومن معنوياته، من درسه ومن علمه، ومن نبوغه، من أخلاقياته إلى أن أكملت دراسة السطح، وكان يعرف حين كنت أدرس السطوح العالية في الكفاية، كان معروفاً أن درس سماحة السيد على مستوى عالٍ بحيث لا يمكن للإنسان المبتدئ أن يحضر أبحاث الخارج وأن يحضر بحث السيد، فلا بد من ممارسة درس الخارج عند بعض الأساتذة، وعندما يحصل على مقدار من الإعداد ومقدار من المعلومات من بحث الخارج حينذاك يستطيع أن يجيء ويستفيد من درس السيد، وإلا فمن غير الممكن أن يستفيد من درس السيد، هذا الشيء كان معروفاً؛ ولذلك أنا كنت أحضر أبحاث الخارج، مدة كنت أحضر أبحاث الخارج وبحث السيد الخوئي بحث دقيق وبالمدرّسين المعروفين آنذاك إلى أن تمكنت من استيعاب درس السيد، أي ما يقرب من سنتين كنت أحضر بحث السيد ولكن من دون استيعاب.

س: في أي سنة كان هذا؟

سنة 1385 هـ تقريباً أو 1384هـ، حضرت بحث السيد فرأيت الفارق الكبير بين مستوى بحث السيد وبقية الأبحاث الموجودة في الحوزة، وهذا الأمر من السهولة  للإنسان إذا كان عنده مستوى من العلوم ومستوى من معرفة الأبحاث الخارجية، من السهولة أن يدرك الفارق الكبير بين الغزارة العلمية الموجودة في بحث السيد وبقية الأبحاث، وكانت بداية حضوري في بحث السيد عند مبحث (الأقل والأكثر) وأول ما حضرت بحث السيد، كنت على موعد أن أحضر اليوم المقرر إلّا أني نسيت فمضيت إلى السيد كاظم الحائري وأخذت تقريراً منه فهو قرّر لي بحث الأمس؛ لأني ما كنت حاضراً ونسيت، لعلّه صارت عندي موانع وأمر ما، في اليوم الثاني رحت للسيد كاظم الحائري وقرّر لي البحث وأنا كتبت البحث وأعطيته للسيد الحائري والسيد الحائري بدوره عرفني بالسيد.

س: هل هو الذي عرفك على السيد؟

أجل، عرفنا معرفة كاملة، قال أنه من الأشخاص الجيدين، على كل حال عرفني على السيد فحضرت بحث السيد إلى الأخير فداومت، وأذكر حين كنت أحضر أبحاث السيد كان يهتم بتلامذته، وكان يهتم بالحوزة العلمية اهتماماً بالغاً، ولا يقبل أن يكون وضع الحوزة بهذا الشكل الذي كان موجوداً، ويجب أن يهتم الطالب ببقية العلوم الإسلامية، وأذكر أنه يختص بتلامذته في موعد من أيام الوفيات لبحث سيرة الأئمة عليهم السلام، وكان يمتلئ المكان المُعدّ وهو مقبرة آل ياسين بالحضور.

س: كل الأبحاث عن دور الأئمة عليهم السلام كان يلقيها في مقبرة آل ياسين؟

نعم، في أيام وفيات الأئمة كانت مقبرة آل ياسين مكاناً لإلقاء محاضراته، وكان يهتم بهذا الموضوع للبحث عن سيرة الأئمة عليهم السلام، وكنت أحضر من جملة الحاضرين، وكان له الأثر الكبير في نفوس الطلاب الحاضرين هناك، وهذه بادرة كبيرة في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فان أستاذاً بالحوزة في النجف في مرحلة بحث الخارج يدرّس الخارج، ثم في أيام الوفيات يجيء يبحث تاريخ وسيرة أهل البيت عليهم السلام، هذه بادرة من بوادر السيد في وسط الحوزة، ومن اللازم أن يتعرف الإنسان الشيعي على أئمته وحياة أئمته؛ لأننا نريد أن نقتدي بسيرة الأئمة عليهم السلام ولذلك يجب معرفة سيرة أهل البيت، وكان هذا الجانب مهماً في حياة السيد، ومن جملة ابتكارات السيد في الحوزة.

س: شيخنا، هل لكم أن تحدثونا عن جلسة الأربعاء وقد علمنا أن السيد كان يحضر في بيتكم لإلقاء هذه الجلسة في بعض الأسابيع؟

نعم، هذه ناحية وناحية أخرى أن السيد الشهيد كان يهتم للرفقاء وأنه ينمي الأصدقاء، وكان عنده جلسة في بيت السيد الأشكوري في ليالي الأربعاء وليالي الخميس، وكان يجلس في بيت السيد الأشكوري يجيء هناك، وكانت جلسات وحلقات والأخوة كلهم يحضرون وتطرح أسئلة في مختلف العلوم والشيء الذي أنا أتذكره وكان مناسباً أنني سألته عن موقفنا من إسرائيل؛ لأنه كانت مسألة في ذلك الوقت أن إسرائيل حكومة غاصبة ومعتدية على المسلمين لمدة أسابيع في هذا الموضوع موضوع موقفنا من إسرائيل وماذا نصنع مع هذه الحكومات، وأخذ يشرح عن تأريخ العراق، فهذا يدل أن السيد كان يهتم بالقضية العراقية وأن القضية العراقية هي أهم من كل شيء أو أنها طريق إلى قضية فلسطين وقضية القدس، كان سؤالي عن إسرائيل، فأخذ السيد يبيّن تأريخ العراق وقضايا العراق، أنه كيف استحلوا الحكم وكيف جاءوا إليه مع أن زمام المبادرة والثورة كلها كانت بيد العلماء وبيد المراجع فكيف جاء الاستعمار ودخل العراق، أخذ يشرح عن تأريخ العراق، مع الأسف الشديد أنه ما استمرت هذه الجلسة.

س: من الذي بادر بعقدها، السيد أم أحد الطلبة؟

السيد الأشكوري على ما ببالي.

س: أهو كان المقترح؟

أي نعم، السيد الأشكوري.

س: هل كانت محاضراته تُسجّل وتُكتب؟

لا، ربما بعض الطلبة كان يكتب ذلك.

س: هل كتبتم إلى حد الآن شيئاً؟

لا.

س: هل كانت تُعقد مرتين، في بيوت أخرى، أي في بيت الأشكوري وغيره؟

كان اللقاء مستمراً في بيت السيد الأشكوري على هذه الجلسة الخاصة، وهناك جلسات كانت خاصة بالأُخوة خلال بعض الفترات وكانت هذه تعقد في بيتنا، وكان السيد كثيراً ما يجيء إلى بيتنا وهناك تُعقد جلسات أحياناً عصر الأربعاء وأحياناً في أوقات أخرى ويأتي الأصدقاء إلى الجلسة.

س: هل هذه الجلسة كانت تُعقد في كل بيت؟

نعم، تلك الجلسة لها تأريخ خاص وانتهت بمجيء أشخاص غير لائقين للجلسة.

س: هل تذكرون بعض أسماء الذين كانوا يحضرون؟

نعم، بعض الأسماء أذكرها، في عصر الأربعاء أي ليلة الخميس، الأخوان كلهم كانوا يحضرون، أنا والسيد نوري الأشكوري والسيد كاظم الحائري والسيد محمود الهاشمي والسيد عبد الهادي الشاهرودي والمرحوم السيد عبد الغني الأردبيلي، واذكر بالمناسبة انه كانت تعزية أيضاً، السيد الحلو كان يعقد مجلساً مستمراً للتعزية وكان السيد شاباً من بيت الحلو والسيد كان يحضر وتطرح أسئلة وأجوبة وكان يحضر الشيخ محمد الأصفهاني والشيخ مرتضى شريعتي كان يحضر أيضاً.

س: هل الشيخ مرتضى كان من تلاميذه أم لا؟

أي، كان يحضر هذه الجلسات؛ ولكن هو من تلاميذه بالمعنى الأخص، فما كان يحضر هذه الجلسات.

س: شيخنا، هل تعرفون شيئاً عن طفولة السيد وعن صباه وعن بداية دراساته، هل كان حدّثكم بشيء عن ذلك؟

أنا سألته مرة عن تاريخ الولادة فقال في سنة (1351هـ) سألته عن تاريخ الاجتهاد أنه متى استغنى عن التقليد، قال أنا قلدت ثلاث سنوات، ولعله كان مقلداً للشيخ محمد رضا آل ياسين، ثلاث سنوات فقط كان يعمل برأي غيره ثم استقل برأيه في حياته، والشيء المهم أنه كان يهتم كثيراً بتلامذته، يهتم اهتماماً بالغاً فيهم مثل الأب بالنسبة إلى ابنه.

س: كيف كان اهتمامه بهم؟

كان يهتم أنا لم أر مثل هذا في أي أستاذ وفي أي شخص مثل هذا الاهتمام البالغ.

س: كيف كان الاهتمام؟

يهتم بالسؤال عنه إذا غاب فيسأل عنه أين هو رائح أهو رائح إلى سفر أو هو قادم فيزوره ويتفقده، مثلاً إضافة إلى كل هذا التفقد والمحبة التي كانت عنده، له محبة خاصة بالنسبة إلى تلامذته محبة شديدة، مثلاً في فترة غاب بعض الأصدقاء أو بعض التلامذة فالسيد كان مهتماً ومتأذياً بحيث ليس له استعداد أن يدرس، وكان هذا شيئاً غريباً لم أرَ أنا بالتاريخ هذا المستوى ولذلك فأغلب تلامذة السيد بقوا على هذه العاطفة وعلى الاستمرارية مع أنه من غير المتعارف أن احداً إذا حضر بحث الأستاذ يبقى متعلقاً به، لا يوجد هكذا شيء لأنه معروف في الأوساط العلمية في الحوزة العلمية أن الطالب يجيء ويحضر بحث أستاذ ما ويستفيد من عنده وبعدئذ ينتهي كل شيء، أما أنه يبقى يتعلّق به تعلّقاً وعطفاً وحناناً، أنه تعلّق خاص، مثلاً أنا ما كنت أهتم أن أمضي يوم الخميس لبيت والدي مثلاً لعله كان عنده تعزية ولكن كنت مقيداً أن أمضي لبيت السيد، وكذلك بعض الأُخوة مثلاً السيد عبد الهادي الشاهرودي هناك عنده تزاحم بين بحث والده وبحث السيد الصدر، مع هذا التزاحم ومع هذا الإصرار الذي كان من ذاك الجانب، فإنه رفض كل هذه التعليقات الأبوية وقدم هذا الجانب، جانب السيد هذا يدل على وجود تعلّق خاص، تعلّق شديد بين السيد وبين تلامذته، هذه الناحية مهمة جداً، أي ناحية العطف والتعلق، هذه ناحية ممتازة عند السيد وتلامذته وأعتقد أن السبب في ذلك هو أن الأخلاقية الخاصة التي يمتاز بها السيد هي أخلاقية الـ(ولي).

س: هل تذكرون بعض الحيثيات عن السيد؟

الشيء الذي أتذكره بالنسبة إلى تأليف كتاب فلسفتنا، فقد طُبِع في وقت كان الزخم الشيوعي موجوداً في العراق، هذا الزخم الكبير والأفكار الإلحادية والماركسية كانت رائجة في وسط الشباب فلا توجد عادة إسلامية ولا ظاهرة إسلامية في وسط الشباب أصلاً، فأول شخص بدأ بتكوين روح إسلامية في وسط الشباب والاهتمام بالشباب العراقيين وإيجاد هذا الروح هو السيد الصدر لا غير، إذا حدثك شخص بهذا الموضوع كذب، فالسيد هو الذي أسس هذه الروح الإسلامية في وسط الشباب على سيل الإلحاد وسيل الكفر المنتشر، سيل الكفر الجارف، سيل الأفكار الماركسية، وفي أيام عبد الكريم قاسم كان الجو جو الكفر والإلحاد بحيث قرّر الشيوعيون أنهم يجعلون مثلا صورة السيد الحكيم قدس سره على رأس حمار، هكذا الجو صار، فمن الذي بدا بمقابلة هذا الزخم، مقابلة هذا السيل؟! الذي وقف هو السيد الصدر رحمة الله عليه وبدأ بكتابته بفكره وأسس كتاب فلسفتنا، وكتاب فلسفتنا في ذلك الوقت يعتبر أكبر جهاد لذلك إذا قلنا مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء في ذاك التأريخ صادق، أي أن كتاب السيد وقلمه في ذاك التاريخ أفضل من دم الشهيد فهو وجّه وكوّن اتجاهاً للشباب ليتجهوا نحو الإسلام، وكان له صيت أي لكتاب فلسفتنا، وصارت تعليقات من قبل المفكّرين.

س: هل تذكرون بعض التعليقات؟

نعم، تعليق كبير.

س: هل الصحافة كتبت عنه؟

لاأدري.

س: من خلال حضوركم للدرس في بحث السيد مدة (7) سنوات، هل كان هناك أثناء حضوركم للدرس ما يستحق الذكر مثلاً؟ أكان حصل شيء من السيد، أو من تلاميذه، أو بعض النكات العلمية وغيرها من الحوادث؟

أنا أتذكر حوادث سياسية يوم كانت قضية السيد الحكيم وذهابه إلى بغداد وقيام السلطة بمعارضة السيد الحكيم وأعلنت عن ذاك العداء المشؤوم لعلماء الدين والحوزة العلمية في النجف الأشرف وأشاعت تلك الكلمة اللئيمة أن مهدي الحكيم جاسوس، ذاك الوقت كان السيد أيضاً هدفاً وكان مراقباً إلى أن ذهب السيد إلى سوريا وإلى لبنان وبقي مدة ثم رجع إلى أن هدأت الأوضاع، هذه ظاهرة كانت مشهودة أي أن السيد الصدر كان وسط المعارضة، هو الذي كان يحفّز الشباب أو كان مثلاً يلتقي حاشية الحكيم ويوصل الأخبار مثلاً ويوجه الأوضاع الموجودة.

س: في أي سنة شيخنا تركتم الدرس بسبب التسفير؟

أتذكر أني ذهبت إلى وداعه من جملة الأشخاص الذين قرروا المجيء إلى إيران فذهبت إلى وداعه، لكن كانت لحظات حاسمة جداً بحيث أريد أن أترك السيد مع ذلك التعلق الذي ذكرته سابقاً، أجيء بهذا الشكل وأريد أن أودع السيد، ولا أعلم متى سأرجع متى سألتقيه ثانية.

 س: ألم تُسفّروا بل أنتم سافرتم؟

لا، بل تسفير فقد أعلنوا أنه كل أجنبي وعلى كافة الأخوة الإيرانيين أن يغادروا العراق خلال ستة أيام، والمراجع لم يكونوا مهتمين بالقضية ثم نحن مضينا لوداع السيد وكان السيد حسين الصدر أيضاً، كان جالساً في المجلس ولكنها لحظات هيهات أنا أنساها، حيث أخذت دموعي تنزل وأريد أن أودع السيد إلى أن ودعني السيد وخرجت.

هل تتذكرون بعض عباراته في تلك اللحظات؟

السيد كان يقول أنه انتم يجب أن تصمموا على الرجوع، إلى كل من يذهب إلى إيران، كان يقول يجب أن يكون بناؤه أنه يرجع في أقرب فرصة، وكان يؤكد أن هذه (محنة) الإنسان يلزم عليه إلا يكون في بيت الأحزان بهذا الشكل يجلس في بيت الأحزان ويبكي، بهذه الأشياء كان يسلّي الجالسين على كل حال.

س: شيخنا، هناك موضوع جداً مهم وهو قضية من هو أستاذ السيد الصدر؟ فهناك أكثر من شخص من العلماء قال بأنه السيد محمد الروحاني من أساتذة السيد الصدر، وقسم كبير من الناس يقولون لا؟

يريد أن يكسب شيئاً ما!

س: السيد محمد؟

أي نعم، السيد محمد الروحاني من وراء شخصية الصدر، فعلى أساس أن السيد الصدر دارس عند السيد الروحاني مثلاً دراسة بعض السطوح، مثلاً قد يكون درس المكاسب لا أكثر، كان يحضر كبقية أساتذته في السطوح وكان يحضر عنده أخوه السيد إسماعيل الصدر رحمة الله عليه عند السيد محمد الروحاني مثلاً يحضران البحث، أنا لم أعرف شخصاً يدعي أنه أنا والسيد الصدر حضرنا بحث السيد الروحاني في الخارج، فبحث الخارج لا يكون لتلميذ واحد فقط، وإنما بحث الخارج يقع ضمن جماعة، فليشهد غيره، أين الذين تتلمذوا في هذا البحث مع السيد الشهيد؟ سوى أنه الشخص الوحيد وهو السيد الروحاني الذي يقول أنه تتلمذ عندي، كان لا بد أن يصبح مشهوراً عند أكثر من شخص بحيث يرون أنه حاضر بحث السيد الروحاني، فإذا كان حاضراً فإنما يكون في السطوح وحده يروح ويحضر بحث السطوح (هذا الشيء ممكن).

س: بالنسبة للسيد أنتم هل سألتموه السؤال هذا أو لا؟

لا أتذكر؛ ولكن أحتمل أنه هناك سؤال، والسيد محمد قال أن بحث المكاسب في السطوح درسناه إياه وهو لم يحضر بحث الخارج عند أي أحد إلا عند خاله الشيخ محمد رضا آل ياسين، أكثر شيء أنه كان عند ذلك الشيخ محمد رضا آل ياسين، ومن بعد هناك ما توفي الشيخ محمد رضا آل ياسين حضر بحث السيد الخوئي.

س: هناك مسألة ثانية شيخنا، وهي أن قضية حدثت عندما جاء كما يعبّر الرفقاء إلى إيران (كذا) فهناك يوجد شيء أي توجد حلقة مفقودة ماذا كان؟ هل هناك خلاف بين السيد وبين الموجودين في قم؟ أكان بعض هذا، وهل يمكن أن هذا الشيء يقال؟

الشيء المهم أنه عندما هاجرنا إلى إيران وكما أسلفت لشدة تعلق السيد بتلامذته وبأبنائه البررة حسب تعبير السيد، كان يهتم كثيراً حتى ونحن في الخارج نحن لسنا بقربه لكوننا مسافرين وقادمين إلى إيران، مع ذلك كان يهتم مع أننا في الخارج، أحياناً كان يبعث إلينا المال فما هذا التعلق؟ هذا يدل على الوفاء، مثلاً كان يبعث إلينا أشرطة الدرس حتى لا نضيع هنا ضياعاً علمياً، أحياناً مثلاً يبعث الأصدقاء ويجيؤون هنا مثلاً يأتون بنظريات السيد عن الحوادث السياسية مثلاً، فينقلون وجهة نظره إلى هنا، وهذا من أمارات اهتمام السيد بتلاميذه.

س: تعني كان اتصال بشكل دائم بين النجف الأشرف وقم المقدسة؟

نعم، اتصال مستمر، كان يهتم حتى مثلاً أن السيد الأشكوري على أن يعقد مجلساً للتعزية مثلاً في بعض مكاتيبه ويجمع الأصدقاء لتبقى هذه المجموعة على انسجامها، وعلى ذلك الخط لئلا يضيعوا ولئلا يتفرقوا، وكان السيد الأشكوري قد جلس مجلساً ليلياً ويتكون المجلس من عدة أشخاص، وكان السيد يبعث إلينا أيضاً أشرطة الدرس والمحاضرات في الفقه والأًصول، وكان يبعثها هنا وكل ليلة نحضر ونستمع الأشرطة ثم كنا نتباحث، نأخذ الدرس ونتباحث، بعدئذٍ تحوّل الدرس إلى دفاتر، كان يبعث ملازم كان يبعثها إلينا عدة دفاتر ولعلها خمسة دفاتر بعثها السيد.

س: عند من هي موجودة؟

لا أدري، لعلّها عند الشاهرودي.

س: والأشرطة عند من؟

لا أدري، ربما عند السيد الأشكوري، كنا نقرأ الدفاتر ونتباحث بها أنا والسيد الحائري والسيد الأشكوري، فالمهم هكذا كان وهذه الناحية كانت موجودة لشدة تعلق السيد بتلامذته وحتى مع وجودهم في الخارج كان يهتم بهم، ومن خصائص السيد أنّه كان يستشير، هذه على الرغم من أنّها نقطة قوة في تأريخ السيد لأنّه يهتم بتلامذته اهتماماً بالغاً يعتبرهم الأبناء يعتبرهم هكذا، كان يهتم بهم وهو يستشيرهم مع أنّها نقطة قوة لكنها في بعض الأحيان تُعدّ نقطة ضعف في نظري أنا، فإذا أنت تستشريهم مثلاً فهؤلاء ليسوا كلّهم على فكر واحد فأحياناً تكون أفكار مختلفة وأنت لا تستطيع أن تحصل على فكرة واحدة ولذلك كانت تحدث اختلافات أحياناً، هو كان مثلاً يتصور رأياً ولكن الإخوان هنا كان عندهم رأي آخر؛ ولكن مع ذلك كان يتنازل لرأي أبنائه ورأي تلامذته، هذا الاختلاف إلى هذا المستوى كان إلى أن صار الخلاف في موضوع الثورة، فالسيد كان رأيه أنّه يتدخل ويعطي رأياً في الثورة الإسلامية في إيران.

س: بالنسبة للسيد قبل أن يتدخل في الثورة هناك أشياء قبلها، وهذه من خلال المراسلات كثيرة لذلك يمكن أن نفهمها؟

قضية الدكتور علي شريعتي مثلاً.

س: السيد ما كان رأيه؟

رأي السيد كان، أنّه كان عنده تعليق كتاب.

س: شريعتي عنده تعليق حول بحث الولاية ثم السيد علّق عليه.

أحسنتم نعم هو ذا رد على هذا التعليق الذي كان السيد رأيه أن تُنشر هذه التعليقة في ذلك الوقت، الأصدقاء هنا كان يقولون لا، لا تناسب، وهذه الخلافات مثلاً كانت موجودة إلى أن حدثت الثورة.

س: هناك خلاف في قضية أخرى إذا أمكن أن نشير إلى هذه القضايا، فهناك حلقة مفقودة حتى نرى هل هناك تحتها طائل من ذكرها فنشير لها أما إذا كانت مناسبة فتذكر وهي أن السيد واجه هذه الفكرة فكرة الحزب مواجهتين مواجهة سلبية ومواجهة إيجابية، المواجهة الإيجابية حيث نشرت المرجعية الموضوعية وبدا تلاميذه يقرؤونها والمواجهة السلبية عندما كانت الفتوى، ما أدري أترى أثرت على الرفقاء أم لا حسب تعبير السيد، أم ليس هذا؟

لا، هنا لم يصير شيء أو حدث مهم وإن كان السيد الحائري كان مخالفاً لهذه الفتوى أو كان يبدي خلافها بين الأصدقاء أنه لا داعي لهذا الأمر.

س: أي كان له وجهة نظر؟

نعم، كان السيد كاظم الحائري مخالفاً لهذه الفتوى.

س: والسيد الأشكوري؟

السيد الأشكوري ما كان هنا، بل كان في قزوين، على كل هذا الشيء الذي كان موجوداً،  أن السيد الصدر كان يستشير ، فكان مثلاً هو وأصدقاؤه، مثلاً الأصدقاء كان عندهم رأي ثم كانوا يستشيرون هنا وهناك يكون رأي آخر.

س: يصير تعارض؟

نعم، يحدث تعارض فكانت تتحول إلى خلافات.

س: فيصير تساقط ! إلى أن بدأت الثورة؟

إلى أن بدأت الثورة الإسلامية في إيران، السيد كان أيضاً قراره يعطي رأياً، والجماعة هنا ما كانوا موافقين على ذلك.

س: تعني الجميع؟

لا، السيد الحائري.

س: الحائري ومرتضى العسكري؟

ما أدري السيد العسكري ربما، أنا ما عندي رأي بالنسبة للسيد العسكري في هذا الموضوع؛ ولكننا حين كنا نجتمع السيد الحائري كان رأيه أنه، ولكن هذا ليس صحيحاً أن ينشر لا، حتى تفهم التأريخ، السيد كان بناؤه أن يصرّ، كان أنه يبدي رأيه وكان عنده أطروحة عن قيام الثورة الإسلامية في إيران في منشور والمنشور مهم.

س: هل ترى أن السيد أيّد الثورة؟

نعم، وكان يقال أننا لم نفهم السياسة لأنه مثلاً هنا يقولون نحن غير فاهمين السياسة، هنا الحاضر يرى ما لا يرى الغائب، هذه الحكايات كانت تروح للسيد أنه الحاضر يرى ما لا يرى الغائب، والسيد كان يقول أنا هنا، أنا متصل بالمعارضة الإيرانية، أقطاب المعارضة يفدون ويجيئون إلى السيد وكانوا على اتصال به فكان رأيه أن يؤيد لكن الجماعة أخّروه وسوّفوا الموضوع إلى أن راح السيد الخميني إلى باريس ثم بعث المنشور إل هناك إلى باريس.

س: ما نُشر؟

لم ينشر.

س: عندكم أنتم من هذه النسخة من المنشور؟

لا أدري، لا أنا ما عندي.

س: هو ماذا كان يطلب فيه؟

المنشور تأييد للمعارضة، وآخر شيء فيه أنه كان يفتي السيد أن كل من يستشهد، وكل من يُقتل في المعارضة الإيرانية وكان بأمر من المراجع فهو شهيد هذا آخر شيء.

س: يرمز به أو لا؟

لا بل ما كان يبيّن السيد يبيّن شفهياً.

س: تحريراً غير موجود هذا؟

لا.

حسناً هل تذكرون بعض الشيء، أو هل لديكم من جواب لسؤالنا عن هذا الموضوع؟

نعم، أخيراً السيد دخل بالمعارضة، هو نفسه صمم أنه يدخل مع المعارضة، ويؤيد المعارضة الإيرانية، ويؤيد الثورة، وترك هذا القيل والقال، والسؤال عن هذا وذاك استقل، وهذه الفكرة كانت هي الصحيحة فالسيد مرجع وصاحب رأي، هو يستقيل برأي ويُصمّم فاستقل برأيه دون أن يستشير، هو أيّد الثورة الإسلامية في إيران وأعطى فتوى، ومن ثمّ أيّد الثورة، على كل حال، لم يسكت وأخيراً أيضاً شكّل مجلس فاتحة بوفاة الشيخ مطهري.

س: ماذا كان أصداؤها في إيران حينئذ؟! لها أصداء أم لا؟

الشيء الذي حدث في إيران أنّ السيد أبرق برقية.

س: أي سيد؟

السيد الصدر أبرق برقية للسيد الخميني؛ ولكن البرقية كانت من السيد الهاشمي، إذ بعث السيد الهاشمي برقية بمناسبة تعزية الخميني باستشهاده ـ الشهيد مطهري ـ فبعث للسيد الخميني، والسيد الصدر أيّد وقال؛ نِعمَ ما صنعت،

س: أنا عندي رسائل خطية، يخوّل السيد فيها، السيد الهاشمي أنه مُفوّض من قبلي في إرسال أي برقية تراها مناسبة؟

رسالة خطية؟ نعم رسالة ولكن السيد قال؛ نِعمَ ما صنعت، وهذا هو معنى الوجود الثاني أو هو معنى الاستمرارية إلى أن استشهد في سبيل الثورة الإسلامية رحمة الله عليه.

س: هل لديكم شيأً آخر تذكرونه عن السيد في النجف عندما جئتم هنا وبعض القضايا وبعض الشخصيات التي كانت هنا متعلقة بالسيد، مثْل مَنْ، إجمالاً بحيث كل ما في ذهنكم من أشياء هل لديكم شيء أو لا؟

السيد صادق اللواساني رحنا مرة مع السيد إليه.

س: أي سيد؟

السيد صادق اللواساني هذا في طهران.

س: من راح إليه؟

أنا والسيد الصدر رحنا إلى زيارته ليس هنا في إيران، بل في العراق، حيث كان قادماً إلى العراق، ذهبنا إلى زيارته وهذا السيد كان شبيهاً بالسيد الخميني، وكان ملازماً للسيد الخميني أيضاً، وكان الوكيل المطلق للسيد الخميني في إيران، وكان قد جاء إلى العراق من أجل أمر لا أدري ما هو؛ ولكن كان الشائع في الأوساط السياسية، مسألة أنه جاء يعيد السيد الخميني ويرجعه إلى إيران، رحنا زرناه أنا والسيد اللواساني والشيء الذي أذكره من السيد اللواساني أن اللواساني قال: (من إرادتمند اين خانواداه هستم).

س: يعني ما قصده؟

يعني أنا محب مخلص لهذا البيت وهذه العائلة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.