عزفٌ منفرد على حد السيف

نجاح السراج

فالليل الاحمق

لن يُعلِن نصراً بعدَ سجونه

فوقَ نهار نكلاً طمست فيه حروفه

بل تمضي نحو النوم صفوفه

ثمّ يثور فلا أنعاسُ الليل

تلوحُ بثغر حتوفه

فالفكرُ نهارٌ ابديٌّ

والصدرُ شموسٌ بسقوفه

*     *     *

تلك الكفُّ المجذومه

تَمسَحُ رأسَ الطفلِ ظلالا خضراء

كي تُقْطِرَ آلافَ الايتام

من ذبح الآباء

ونحنُ سُكارى

بين طقوس الموتِ ملأنا

كأسَ الذلِّ خنوعاً

للدجّالِ الآكلِ أكبادَ الضوء

الغارسِ أنيابَ الكبت

في قلب الرأي

في الوجدان الابتر

في سوح الوطنِ المشنوقِ

على أخشاب المخبر

فالصدرُ أستُلَّ، وصار ذبيحاً

عجباً

الارضُ بكلِّ تخومِ مسالكها

احتجَّتْ

مدَّتْ ريحاً وغبارا

فوقَ السقفِ البغدادي

ونحنُ حيارى

نعشَقُ ظلَّ الحرف،

ولانعرف ان الحرف المحفور على

خشب السرّ غدا مائدةً للارضه

أنّ الليل بنى اشرعةً

تلعَقُ عُري الاقمارِ وتحقر أرضه

*     *     *

فبرغمِ الكذب المنسوجِ

على أفواه الإعلام

رغمَ الخُدَعِ المخفيّةِ

باللون الابيض

والصيحاتِ الكبرى

فوق الاحواض الدمويه

باسم الحريّه

المنحوتِةِ من دونِ رئه

في سوح الإعدام

رغمَ الثغر الباسم

حيثُ يمدُّ الدنيا

بحمامات وهميّه

وبخلف لسانِه

يذبحُ ألفَ حمامه

حيّه

حينَ الكرسيُّ المستوردُ

تهتزُّ قوائمهُ البعثيه

مازال الصدرُ الثائرُ للدينِ

يمزِّقُ أثوابَ النهج الهمجي

ويذيبُ السكينَ المسمومه

في كبد ثوري

والقيدَ السالخَ للجلد الملصقَ

بعد الاغماءِ على جدران التحقيق

ويرسمُ للفجر تراتيلَ النصرِ

المعقودِ على شفتي دجله

مازال يزفُّ لبغدادَ عروسَ البشرى

أما نحنُ

بعكّاز الخوف نقومُ ونعثر

ان السوطَ لسانٌ مثقوبُ يغرَقُ بالنزف

ولن يُروى

أن الصمت مسيرٌ سالب

أن الصمت إلهٌ كاذب

رفضٌ معناهُ ان نرضى

صوتٌ ثوريٌ

نام على تابوت التسويف وقبله

كان الصدرُ

يحملُ نخلاً فوق سماد الروح

ويبني حرف اللّه عن

وَرَقِ الليل مآذن

نمتهن الدفىء

كان يمدّ يديه الى

رمل النهر ويرفعُ رأس

القِربه

كانتْ مثقلةً بالحرِّ

وبهم القتله

زيفِ الكتبه

كلُّ حروف الصمت هون تجهلُ

معنى العدمِ

حين الصدرُ هوى

للدين بلا رقبه

*     *     *

من فاه بأن الذئب

الجائع يحجب صوته

قد يُمسك نحره

لكنهُ لن يقدرَ

ان يشنَقَ

فكره

يانفسي المكبوتة طوفي

فوقَ بلادي

وخذي أشواقي المحبوسةَ

في جوف عظامي

المبتلْةَ من جرحي

من بصمة قيد مطبوعه

في حبلي السري

من ثورة مخضي

نحوَ جياع للقتل

تَرقُبُني

شدّيها صُرةَ ثكلى فارغةً

لاتملكُ حرفاً أو خبزا

شدّيها

كظفيرة بنت ضاعتْ

تبحثُ عن مأوى

في بلد صار غَمامه

ثم ضَعيها

فوقَ ترابي

فوقَ السعفِ الذارفِ دمعَ الارضِ

فهناك الصدرُ ينام

بالقبر المجهول

بلحيتهِ البيضاءِ المحروقه

بالجسمِ المكحولِ بفوهةِ نارِ المكواة

دون عِمامه

أو كَفَن

أو أيِّ علامه

بالجرحِ الراعفِ تحتَ الارض

ينهدُ كنهر

يروي كلَّ الذراتِ المنسيّه

بجذورِ الزرع

يسقيها بعزوم تمتهنُ

الرفضَ شعارا

فجذورُ النخلِ بأرضِ بلادي

تعرفُ قبره

شَربَتْ منه دماء

حتى صارتْ ترفعُ ذكره

قدّامَ الخوفِ القاطعِ أوتارَ

البؤبؤ للشعب

كي تلتئما

قدّامَ الهولِ الجاثِمِ

فوقَ صدور حُرَّه

كي ينهزما

قدّام الحبلِ المعقودِ

على أعناق

لبستْ من أصفاد الكفر دما

كي ينصرما

فمآذِنُنا المهجوره

في واد

أو سهل

أو قصبه

وقفَ الليلُ عواصمَ

يَشْطُبُ منها صوتَ بلال

يبني الصمت عليها هضبه

فهنا

ضرّ الصمتُ بكفّ الصدر فتيلا

من عينه هما زيتُ الفجرِ

فشعَّ اصيلا

فهنا

أعطى الصدرُ الثوّارَ شعارا

أوقدَ حَطَبَه

مهما طال الصمتُ فلن يملكَ يوماً رقبه

جاءوا به

في ساعة وحشية

عنوانهُ العراق

واسمه العراق

وقبرهُ مدامع العراق

جاءوا به

نزيفهُ الولاده

نزيفه يؤتم الفرات بالشهادة

ممزَّقاً من صخمة السياط

وثوبَهُ يطلّ للبلاد

سحر اية القيادة

جاءوا به

مُعقب العينين

وعينُهُ كواحةِ الصحاري

تصارعُ الرمال

تصارعُ المُحال

بظلها ؟؟ المراي

جاءوا به

وروحه تختزن القضية

تسيرُ في عروقه

حروفُها

لن تَبلُغَ اللسان

لن تكشف الخليّه

جاءوا به

وجلدوا منتفخٌ من حامض الحضاره

مقيَّد اليدين من قَفاه

ورجلُهُ بعظمها المهشم

تخطُّ من ورائهِ ارثناه

في آخرِ احتضاره