الشهيد الصدر (رض) حاول في توجهاته في الحقول العملية المختلفة ان يصنع امة من الناس بدرجة عالية من الوعي والثقة بالنفس تستطيع ان تقنع العالم بأنّ الاسلام لم يعد كما صوّره اعداؤه دين عبادة طقوسية ونمطاً عقائدياً معيناً من التفكير، انما هو دين يجمع بين المعتقد والعمل يستطيع انقاذ المجتمع البشري من التيه والتعاسة ويضعه على طريق الحرية الحقيقية وينهي ـ والى الابد ـ التسلط الداخلي والاستكبار الخارجي، ويضع عنه الاغلال التي قيدوه بها ويوصله بالتالي الى الرحمة الحقيقية والعدل الحقيقي. ولذلك اكد (رض) على الصفات الشامخة للدين الحنيف في اعتماده على العقل والبرهان والاستدلال الصحيح وأهمية الشخصية الانسانية وقابليتها للتكامل والنمو والابداع، وانّ الاسلام هو دين العلم والعمل والكدح، دين الجهاد والاصلاح والكفاح ضد الفساد، وهو دين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، دين العزّة ورفض الذلّة، دين الالتزام والمسؤولية.. وقد عرض شهيدنا الغالي (رض) النظرية الاسلامية الشاملة ذات الابعاد الحياتية المتعددة عرضاً متيناً وقوياً مقارناً بما انتجته العقول الغربية والشرقية من نظريات بما وفر للفرد المسلم وجوده وثقته بنفسه بعد ان كان يشعر بالدونية تجاه ابداعات المدارس المادية وسيطرتها السياسية على العالم، فشق له طريق تحرير نفسه من الداخل ليكون مقتدراً على الجهاد لتحرير امته من دنس المترفين والمستغلين.
انّ طريقة عرض الشهيد الصدر (رض) للفكر الاسلامي بأسلوب متميز من جهة وتبنيه مفهوم التغيير الانقلابي لشخصية المسلم من جهة اخرى ووضعه على طريق التحرير الحقيقي انتجت جيلاً مؤمناً من الناس همّهم خوض الجهاد ضد كل الوان الطغيان بالفكر والسلاح تحقيقاً لارادة خالق الكون على الارض في تحكيم سننه ونظامه، كما الغت وبشكل واضح روح الانهزامية التي لازمت ابناء الامة الاسلامية تجاه نتاجات الحضارات العالمية فترة غير قليلة من الزمن وبالنتيجة اصبح المسلم ـ اليوم ـ في طريق التزامه بدينه وسيره نحو ربّه لا يحتاج الى التقاط وانتقاء احكام ومتبنيات غريبة من هنا وهناك، لأنّ ما في دين الله يكفي حاجاته ومستجدات عصره بعد ان اصبح على يقين انّ ربّه قد احاط بكل شيء علما وانّ البشر مهما بلغوا في تقدمهم العلمي غير قادرين على ادراك العلم المطلق الذي هو من اختصاص الخالق وحده.
عدنان حسن